دراسات أوروبية-أورومتوسطيةدراسات استراتيجية

لماذا أطلقت إيطاليا استراتيجية جديدة في “منطقة المتوسط”؟

أعلن الجيش الإيطالي في التاسع عشر من أغسطس 2022، إطلاق استراتيجية جديدة في منطقة البحر المتوسط، تحت اسم عملية “البحر الأبيض المتوسط الآمن”،؛ وذلك في امتداد لعملية سابقة أطلقها في مارس 2015 تحت مسمى “البحر الآمن”، في تحركات جديدة من قبل روما لتعزيز حضورها في جنوب أوروبا وشمال أفريقيا، خاصة مع زيادة حدة التهديدات الروسية وتصاعد أزمة الطاقة التي من المرجح أن تستمر لفترة طويلة بسبب الصراع بين روسيا والغرب منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022.

أبعاد الاستراتيجية

أعلنت رئاسة هيئة أركان الجيش الإيطالي إطلاق استراتيجية “المتوسط الآمن” التي تعتبر تحديثاً لعملية “البحر الآمن” وفق توجيهات وزير الدفاع “لورينزو جويريني” بشأن “استراتيجية الأمن والدفاع لمنطقة البحر الأبيض المتوسط” الصادرة عنه في مايو 2022. وتضمنت استراتيجية “المتوسط الآمن” تأكيد عدد من المحاور الرئيسية المتمثلة فيما يأتي:

1) توسيع الوجود العسكري الإيطالي في البحر المتوسط: تضمنت الاستراتيجية الإيطالية بنوداً متعلقة بتوسيع عملية المراقبة البحرية على المستويات الاستراتيجية والتشغيلية والتكتيكية من قبل الجيش الإيطالي، وتوسيع منطقة العمليات لتصل إلى مليوني كيلومتر مربع، بدلاً من 160 ألف كيلومتر مربع لتشمل معظم المساحات البحرية الدولية لحوض البحر المتوسط، ونشر تشكيل عسكري بحري يشمل نحو 6 سفن وغواصات حربية، بدعم من الطائرات العضوية للوحدات البحرية وطائرات البحرية والقوات الجوية البرية.

2) الدخول في شراكات متعددة: أشارت الاستراتيجية إلى ضرورة تعزيز التعاون مع حلف شمال الأطلسي “ناتو” والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والتحالفات التي قد تنضم إليها إيطاليا في مناطق بالمتوسط أو مناطق أخرى، والمساهمة مع القوات البحرية الحليفة من أجل أمن واستقرار المنطقة بأكملها.

3) أولوية حماية المصالح الإيطالية: أكدت الاستراتيجية الجديدة مركزية حماية المصالح الوطنية الإيطالية، وعلى رأسها حقول النفط والغاز الحالية وحقول أخرى مرتقب الكشف عنها، والدفاع عن خطوط الاتصال البحري، والسيطرة على نطاق تحت الماء، وحماية الأنشطة الاقتصادية ذات الأهمية في أعالي البحار. وكذلك حماية الأساطيل الوطنية والسفن التجارية وسفن صيد الأسماك، وسفن حكومية أخرى، في إشارة إلى سفن التنقيب عن الغاز والنفط بالمنطقة.

وبالنظر إلى استراتيجية الأمن والدفاع لمنطقة البحر المتوسط، التي قدمها “لورينزو جويريني” في مايو الماضي، يتبين أن عملية “المتوسط الآمن” امتداد وتنفيذ فعلي لها؛ فالاستراتيجية الأم حددت مسار عمل القوات المسلحة الإيطالية في حوض المتوسط برمته. واعتبر “جويريني” في استراتيجيته الجديدة أن “البحر الأبيض المتوسط ​​الموسع” يمثل مصلحة استراتيجية وطنية ذات أولوية؛ حيث تنعكس التوترات الدولية المرتبطة به على أوروبا ولا سيما إيطاليا؛ ولهذا نصت الاستراتيجية الجديدة على ضرورة تنظيم جميع القدرات المشتركة مع تحقيق التوازن بين الوجود المستمر وسرعة التدخل لمنع الأزمات وتجنب أي تصعيد في حوض المتوسط وضمان استقراره.

رؤية وزير الدفاع الأشمل نصت أيضاً على تنويع مصادر إمدادات الطاقة ومواجهة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على التجارة العالمية والمواد الغذائية، كما هدفت بشكل عام إلى ضمان الاستقلال الذاتي الاستراتيجي لإيطاليا؛ لذا ستكون عملية “المتوسط الآمن”  تنفيذاً فعلياً لرؤية وزير الدفاع رغم أنها ستواجه تحديات وعقبات عدة مستقبلاً.

التوسع الإيطالي

حمل التوسع الإيطالي في منطقة المتوسط عدة مؤشرات توضح هذا التوجه الذي بدأ بشكل واضح منذ عام 2011 في ليبيا، وسرع من هذه المساعي الحرب الروسية الأوكرانية مؤخراً التي أكدت جدية تهديدات موسكو لأوروبا في عدة مناطق وعلى رأسها البحر المتوسط، وتمثلت أبرز مؤشرات الحضور الإيطالي بالمنطقة في:

1- الحضور الإيطالي المتعدد في الساحة الليبية: أعلنت إيطاليا في سبتمبر 2016 رسميّاً إرسال قوات عسكرية محدودة إلى مدينة “مصراتة” الليبية تحت ستار حماية مستشفى ميداني إيطالي، إلا أن تقارير عدة أكدت أن قواتها شاركت في تدريب جماعات مسلحة تابعة لحكومة الوفاق السابقة الموالية لها، وما زالت قواتها موجودة هناك، وبجانب ذلك فهي تقدم دعماً لقوات خفر السواحل الليبية في طرابلس من أجل منع تدفقات المهاجرين إلى إيطاليا.

وبخلاف حضورها العسكري، تحظى روما بحضور اقتصادي قوي، فقد زادت الصادرات الإيطالية إلى ليبيا بنسبة 40.54%، في أول 11 شهراً من عام 2021 مقارنة بالعام السابق بقيمة 1.10 مليار يورو، فيما زادت الواردات الإيطالية من ليبيا بنسبة 285.39% بقيمة 4.94 مليار يورو، ومعظمها منتجات نفطية وشحنات من الغاز، ليصل حجم التجارة بين البلدين إلى نحو 6 مليارات يورو بالفترة ذاتها، بزيادة 192.37% مقارنة بعام 2020.

وسياسياً ولتعزيز حضورها في ليبيا، تعمل روما على خلق شبكة تحالفات مع الدول المتدخلة هناك، وعلى رأسها تركيا، وهو ما دفعها إلى الخلاف مع فرنسا في هذا الملف، إلا أن الحرب الروسية الأوكرانية بدأت توجِد نوعاً من التقارب بين باريس وروما مجدداً. واتضح ذلك في لقاء عُقد يونيو الماضي بين رئيس الوزراء الإيطالي “ماريو دراجي” والرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون”، في باريس، كما شهد الشهر ذاته مباحثات بين وزيري دفاع البلدين لدعم التعاون العسكري، في المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية كمنطقة الساحل الأفريقي.

2- قيادة عملية إيريني لمكافحة الهجرة وتهريب الأسلحة: دعمت روما إطلاق عملية “إيريني” للقوة البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي في 31 مارس 2020 بهدف فرض حظر الأمم المتحدة على توريد الأسلحة إلى ليبيا، وتولت قيادة العملية روما، لتحل محل العملية “صوفيا”، وهي عملية عسكرية أطلقها الاتحاد الأوروبي في أبريل 2015 هدفت إلى تحييد طرق تهريب اللاجئين في البحر المتوسط.

وحتى اليوم لا تزال “إيريني” التي تشارك فيها 24 دولة أوروبية، تمارس عملها في سواحل ليبيا رغم التشكيك في أهدافها، فما زالت عمليات تهريب السلاح مستمرة إلى ليبيا وخرقت العديد من الدول حظر السلاح المفروض، لكن روما تهدف من وراء العملية إلى ضمان دور قوي لها في ليبيا، ومن ثم توظيف قيادتها للعملية في دعم هذا التوجه.

وفي نهاية أبريل الماضي أكد الجنرال الإيطالي الأدميرال “ستيفانو توركيتو” قائد إيريني أن حظر الأسلحة هو مهمة العملية الأساسية، لكن المهام الأخرى لا تقل أهمية؛ وذلك لتأثيرها على الأمن البحري لوسط البحر المتوسط وعلى أمن ليبيا واستقرار منطقة الساحل الأفريقي، معتبراً أنها جزء من النهج الأوروبي الذي يتضمن الجهد السياسي والعسكري والاقتصادي لتحقيق الاستقرار في ليبيا. وتحظى إيريني بوجود كبير في ليبيا، فبحسب “توركيتو” تراقب العملية 16 ميناء ومحطة نفطية و25 مطاراً ومهابط طائرات في ليبيا، وهو ما يمنح روما اطلاعاً كبيراّ على ما يجري في هذا البلد سواء بفضل قيادتها للعملية أو مشاركتها فيها.

3- حضور اقتصادي قوي عبر “دبلوماسية الطاقة”: تمثل ذلك في اكتشافات وأعمال شركة “إيني” الإيطالية في مصر واليونان وقبرص وإسرائيل وكذلك باقي دول المتوسط.ومؤخراً، أعلنت شركة “إيني” في 22 أغسطس 2022، عن اكتشاف مهم للغاز في بئر “كرونوس -1″، على بعد 160 كيلومتراً من ساحل قبرص، وعلى عمق يصل إلى 2287 متراً تحت سطح البحر، فيما تُشير التقديرات الأولية إلى وجود نحو 2.5 تريليون قدم مكعب من الغاز، مع احتمالات لوجد اكتشافات أخرى واعدة.

وفي 25 يوليو 2022، أعلنت شركتا “إيني” و”سوناطراك” الجزائرية، عن اكتشافات جديدة في حوض شمال بركين في الصحراء الجزائرية، لتضاف إلى قائمة الاكتشافات والأعمال التي تشارك فيها إيني في الجزائر منذ عام 1981. وفي الشهر ذاته وقعت شركة “إيني” مع “سوناطراك” و”أوكسيدنتال” و”توتال” عقداً ضخماً بشأن حوض بركين، سيسمح بتعزيز الاستثمارات مع زيادة احتياطيات النفط والغاز في الحقول وإطالة أمد الإنتاج لمدة 25 عاماً أخرى. كذلك تعمل إيطاليا على إقامة شراكات سياسية وتفاهمات واسعة مع هذه الدول لتكون داعمة لها؛ ليس فقط في ملف الطاقة، ولكن لدعم دورها حتى تكون حارس بوابة أوروبا الجنوبية والمعبر الرئيسي لإمدادات الطاقة؛ ما يمنحها نفوذاً قويّاً داخل الاتحاد الأوروبي.

4- تكثيف التعاون مع الجزائر في مجال الغاز: في السابع عشر من يوليو 2022، أجرى رئيس الوزراء الإيطالي “ماريو دراجي” زيارة مهمة إلى الجزائر التقى خلالها الرئيس “عبدالمجيد تبون”؛ حيث وقع الجانبان اتفاقاً لتزويد إيطاليا بكميات ضخمة من الغاز بقيمة 4 مليارات دولار. جاءت زيارة “دراجي” إلى الجزائر لدعم أمن الطاقة لإيطاليا، والتغلب على أزمة الطاقة بسبب نقص الإمدادات الروسية وسعي روما للتحرر من هيمنة الغاز الروسي. وبشكل عام، تسعى إيطاليا للتعاون مع الجزائر ليس في ملف الطاقة فقط وإنما في ملفات أخرى مثل منطقة الساحل وكذلك الوضع في ليبيا، فموقف البلدين متشابه بشأن ما يجري في ليبيا؛ حيث تسعى روما للتعاون مع الجزائر باعتبارها بوابة جنوب المتوسط، بخلاف الملف الأبرز وهو الطاقة، فالجزائر العاشرة عالميّاً على مستوى إنتاج الغاز بقيمة 85 مليار متر مكعب سنويّاً وباحتياطيات تصل إلى 2300 مليار متر مكعب.

5- تعزيز القوة البحرية الإيطالية في منطقة المتوسط: نتيجة لتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، أعلنت الحكومة الإيطالية في مارس 2022 زيادة الإنفاق العسكري الإيطالي بنسبة 2% من الناتج المحلي، بحيث ترتفع نفقات القوات المسلحة الإيطالية إلى نحو 40 مليار يورو سنوياً بدلاً من 25 مليار يورو. وبحسب خطط وزير الدفاع سيذهب جزء كبير من هذه الميزانية للقوة البحرية والحضور في منطقة المتوسط، فقد أكد رئيس الأركان الإيطالي الأدميرال “جوزيبي كافو دراجوني” في 22 أغسطس 2022، أنهم سيواجهون تهديدات جدية في البحر الأبيض المتوسط تحت الماء، مُشيراً إلى أن لديهم برنامجاً لبناء أربع غواصات وفرقاطتين من طراز فريم، فيما سيتم العمل على توفير طائرات لديها القدرة على اكتشاف الغواصات، بجانب توفير ناقلات استراتيجية للتدخلات في الخارج.

وسبق أن أكد وزير الدفاع الإيطالي لورينزو جويريني، في نوفمبر 2021، أن روما تُدرك أهمية البحر المتوسط للتوازنات الجيوسياسية في المنطقة؛ ولهذا ستشارك القوات البحرية في تحديث استراتيجيتي الدفاع والأمن القومي، وسيكون أيضاً لها دور رئيسي في ترسيم الحدود البحرية وتنفيذ المنطقة الاقتصادية الخاصة الإيطالية.

أهداف روما

تأتي المساعي الإيطالية لتوسيع وجودها في منطقة المتوسط، لتحقيق أهداف عدة يأتي في مقدمتها:

1- تأمين إمدادات الطاقة من شمال إفريقيا: تسببت الحرب الروسية الأوكرانية في ضرر كبير للدول الأوروبية ومن بينها إيطاليا فيما يتعلق بملف الطاقة وخاصة الغاز؛ الأمر الذي دفع روما إلى توفير إمدادات آمنة والدخول في شراكات طويلة الأجل لتحقيق هذا الهدف. ترغب إيطاليا أيضاً في تأمين طرق الغاز؛ حيث تسيطر على إمدادات غاز جنوب المتوسط القادمة من دول شمال إفريقيا مثل خط الأنابيب القادم من ليبيا وترانسميد القادم من الجزائر عبر تونس، والآن تعمل على الشراكة في خط “إيست ميد” لنقل الغاز الذي سيشمل دول شرق المتوسط وتحديداً مصر وقبرص واليونان وإسرائيل، كما ترغب في أن تكون بوابة أوروبا لنقل غاز المتوسط إليهم لحل أزمة الطاقة.

2- منع تدفقات الهجرة غير النظامية لأراضيها: تعمل إيطاليا، سواء بشكل منفرد أو من خلال الاتفاقيات الثنائية والتعاون الجماعي، على منع وصول المهاجرين لأراضيها، في ظل وجود تيار داخلي معادٍ للمهاجرين بخلاف الضغوط الاقتصادية والأمنية التي تعاني منها روما بسبب تدفقات اللاجئين والمهاجرين غير النظاميين إليها.ولتحقيق هذا الهدف، قدمت روما مساعدات متنوعة سواء كانت مالية أو لوجستية أو تدريباً لخفر السواحل الليبي رغم الانتقادات الموجهة لها في هذا الشأن، كما خلقت تعاوناً مع دول شمال أفريقيا وتحديداً مصر وتونس للتعاون معها في هذا الملف.

كذلك تمارس روما ضغوطاً على أوروبا لدعمها في هذا الملف؛ لتحملها العبء الأكبر أمام موجات المهاجرين؛ ففي يناير 2022 هدد وزير الخارجية الإيطالي “لويجي دي مايو”، بأن روما ستتعاون مع الدول الأكثر تعاطفاً مع قضايا الهجرة غير الشرعية، إذا لم يتوصل الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق حول هذا الأمر. وبالفعل، توصل وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي في يونيو 2022 إلى اتفاق سياسي بشأن قضية الهجرة واللجوء بعد قرابة عامين من المفاوضات.

3- مجابهة تنامي النفوذ الروسي في “المتوسط”: تعمل موسكو على زيادة حضورها في منطقة المتوسط؛ وذلك من خلال حضورها البحري لأول مرة عبر سوريا وإقامة قواعد عسكرية بحرية هناك؛ ما منحها وصولاً للمياه الدافئة عبر أوروبا. ولم تكتف موسكو بذلك، بل سعت لتعزيز حضورها في ليبيا؛ الأمر الذي أقلق أوروبا برمتها وكذلك إيطاليا. وعبر عن هذه المخاوف رئيس الأركان الإيطالي “جوزيبي كافو دراجوني” في 22 أغسطس 2022، متوقعاً زيادة الوجود الروسي بالمنطقة.

وجاء ذلك بعد توقيع الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” في 30 يوليو الماضي وثيقة اعتبر فيها أن البحر المتوسط منطقة استراتيجية بالنسبة إلى موسكو وستعمل على وجود قوة بحرية مستقرة بهذه المياه لتكون إحدى ساحات مواجهة حلف الناتو. ورداً على ذلك، أكد “دراجوني” أن الروس سيكونون حازمين في الشرق الأوسط وأفريقيا، فهم يريدون إنشاء قاعدة بحرية في السودان، والوجود في ليبيا والجزائر ومصر، لهذا ستعمل روما على الاستعداد لهذه المواجهة.

4- دعم الحضور الإقليمي لإيطاليا في منطقة المتوسط: فشلت إيطاليا في تحقيق أهدافها في ليبيا منذ عام 2011، بعد سقوط نظام “معمر القذافي”، فهي تعتبر ليبيا امتداداً حيويّاً لها وبوابتها الجنوبية، بخلاف توفير إمدادات النفط والغاز منها، ودخلت في خلافات مع فرنسا في هذا الملف؛ ما جعلها أقرب إلى تركيا من باريس. والآن تحاول إيطاليا التنسيق مع فرنسا بشأن ليبيا بجانب ملفات أخرى، سواء في تونس أو الجزائر مع خلق شراكات قوية مع مصر وقبرص واليونان وإسرائيل؛ حيث تسعى روما لتقديم نفسها كقوة مؤثرة في الاتحاد الأوروبي، وخاصة بجنوب المتوسط بعد خروج المملكة المتحدة من التكتل الأوروبي.

وتعمل على تعزيز هذه المكانة عبر شبكة تحالفات وعلاقات مع دول شرق المتوسط وشمال أفريقيا، خاصة عبر “دبلوماسية الطاقة” وصفقات التسلح بشكل خاص؛ ففي يونيو الماضي تم الكشف عن استعداد الحكومة الإيطالية للموافقة قريباً على صفقة عسكرية ضخمة مع مصر تتضمن فرقاطات من طراز فريم بيرجاميني و20 لنش صواريخ و24 مقاتلة من طراز يوروفايتر تايفون، و24 طائرة إيرماكي إم-346 للقتال الخفيف وقمر استطلاع في صفقة تبلغ أكثر من 10 مليارات يورو.

عقبات متعددة

ختاماً.. تعتبر “عملية المتوسط الآمن” التي أعلن عنها الجيش الإيطالي مجرد خطة ضمن رؤية إيطالية أوسع لمستقبل وحضور روما؛ ليس في منطقة المتوسط فقط وإنما أوروبا بشكل عام وتقديم نفسها كقوة أوروبية يُعتد بها بجانب العمل على مواجهة تهديدات روسيا المتصاعدة لها سواء فيما يتعلق بأمن الطاقة أو تهديد نفوذها ومصالحها في بعض دول شمال أفريقيا.

إلا أن رؤية إيطاليا لمنطقة المتوسط ستصطدم بعدة معوقات حتى مع شركائها مثل فرنسا التي تختلف مع روما في عدة ملفات ومنها ليبيا ومناطق أخرى، وهي الخلافات التي قلت حدتها بسبب الحرب الروسية الأوكرانية التي مثلت تهديداً لأوروبا بأكملها، كذلك في حال تراجع الدعم أو التفاهم الأوروبي مع روما ستتأثر خططها كثيراً سواء فيما يتعلق بالمتوسط أو رؤيتها لجنوب أوروبا وشمال أفريقيا.

بجانب ذلك، ستواجه تحركات إيطاليا في المتوسط منافسة من قبل روسيا التي تعمل الآن على تعزيز حضورها بالمتوسط. كذلك، على روما التوافق وتعزيز علاقتها بشكل أكبر مع دول شمال أفريقيا وكذلك منطقة شرق المتوسط. وهذه تزاحمها فيها موسكو وقوى أخرى أيضاً ستعرقل تحركات روما.

إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى