أخبار ومعلومات

لهذه الأسباب لن تنخفض أسعار الأضحية واللحوم

بقلم زهرالدين سماتي – جريدة الخبر

تشير آخر المعطيات المتوفرة حول الثروة الحيوانية أن الجزائر تملك ما مقداره 28 مليون رأس غنم ومليون رأس أبقار و400 ألف رأس إبل، لكن الإقبال على شراء الأضاحي يبقى ضعيفا هذا العام بسبب ارتفاع الأسعار نسبيا وهذا من شأنه أن يسجل تراجعا في المبيعات بسبب عدم إقبال الناس عليها.

يظهر جليا أن أزمة فيروس كورونا ألقت بظلالها على موسم الأضاحي بالرغم من أن ما تملكه الجزائر من ثروة حيوانية، يسد احتياجات المواطنين من اللحوم الحمراء اليومية والمناسباتية، لكن يبقى من الصعب جدا تفسير هذه المفارقة الكبرى : لماذا كلما زادت الثروة الحيوانية وإنتاج اللحوم الحمراء كلما زادت الأسعار وأثقلت كاهل المستهلك الجزائري؟ تنتج الجزائر أزيد من 5.3 مليون طن من اللحوم الحمراء لكن هذا لم يمنع ارتفاع أسعارها الجنوني خلال شهر رمضان الفارط وكلنا يتذكر وزير التجارة كمال رزيق عندما خرج عن صمته وهاجم مربي الماشية، بالقول على صفحته الرسمية في فايسبوك “سؤال محير.. أين 28 مليون رأس من الغنم التي تكلم عنها الموالون ومهنيو هذه الشعبة وأين وعودكم لي بأنكم ستبيعون هذه السنة بأسعار معقولة ؟” ويجب الأخذ بعين الاعتبار تدهور القدرة الشرائية للجزائريين وزادت جائحة كورونا من حدتها.

كان من  المفروض أن يؤدي إغلاق أسواق المواشي وحظر حفلات الزفاف وتجنب مراسم الجنازات وإغلاق المطاعم بسبب الجائحة إلى زيادة أعداد الأغنام حيث يفترض أن عددها يساوي أو يفوق 30 مليون رأسا لكن هذه المعطيات لم ولن تكون في صالح المستهلك بسبب غلاء أسعار الأعلاف وغياب المراعي واندثار مهنة الرعاة، وقلة المذابح العمومية مع كثرة الوسطاء “البزنانسية” الذين يأخذون هوامش ربح تفوق تلك التي يتقاضاها المربون.

وحسب دراسة قام بها المعهد التقني لتربية الحيوانات، فإن التنظيم الحالي لقطاع اللحوم الحمراء، لن يخفض الأسعار أبدا إلى ما دون 1200 دينار لكل كيلوغرام. في هذا السياق ومن أجل خفض أسعار اللحوم الحمراء في التجزئة بشكل طفيف، يقترح المعهد إمكانية تنظيم القطاع عموديا للقضاء على الوسطاء والعمل مباشرة في شكل مثلث (مربي – مسلخ – بائع تجزئة) لخفض الأسعار في مراحل مختلفة. وعندما نتمعن بدقة للتكلفة العالية للأعلاف المستوردة باعتبارها العنصر الذي يحتل الحصة الأكبر في هيكل تكلفة الإنتاج، نصل إلى نتيجة صادمة وهي أننا في الحقيقة نستهلك لحما مستوردا منتوجا محليا وهو يذكرنا بطريقة صناعة تركيب السيارات أو كما كان يطلق عليها “صناعة نفخ العجلات”، فإنتاج اللحوم يعتبر عملية استيراد متخفية أو متنكرة والنتيجة أن سعر اللحوم الحمراء أو كباش العيد لا تعرف أي انخفاض بل بالعكس تسجل باستمرار منحنى تصاعديا.

ونفس الشيء ينطبق على شعبة إنتاج اللحوم البيضاء حيث تبلغ فاتورة استيراد أعلاف الدواجن 1.2 مليار دولار سنويا لما يفوق 5 ملايين طن من مادتي الذرة ومستخلصات السوجا. ويجب أن لا ننسى تكلفة استيراد الأدوية واللقاحات البيطرية.

وبالتالي الرهان على زيادة الثروة الحيوانية دون الأخذ بعين الاعتبار تكلفة تغذيتها ودوائها مع إعادة النظر في طرق التسويق للتخلص من الوسطاء الطفيليين، لن يغير شيئا من واقع استهلاك اللحوم في الجزائر، ألم نلاحظ كيف يقوم الصيادون بإتلاف السردين عندما يعودون من البحر بكميات كبيرة للحفاظ على مستوى معين للأسعار حتى هاجر السردين مائدة الجزائريين رغم أنه يصنف كسمك تستهلكه جل الطبقات الشعبية لاسيما الميسورة منها ! فمثل هذه السلوكيات هي التي تتحكم في العرض وليس الطلب كما تتحدث عنه النظريات الاقتصادية. وإلا كيف نفسر أن اللحوم الطازجة التي تستورد تباع بنصف سعر اللحوم المحلية رغم تكلفة النقل ورسوم وضرائب الاستيراد؟

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى