دراسات سياسيةدراسات قانونية

محددات إصدار قرارات مجلس الأمن الدولي تجاه إسرائيل وفلسطين خلال الفترة 1990 – 2018

المؤلفون مصطفى أحمد ؛ سيد أبو ضيف ؛ إيمان نور الدين ، مجلة السياسة والاقتصاد، المقالة 6، المجلد 11، العدد (10) أبریل 2021، الربيع 2021، الصفحة 1-23  

1- قسم العلوم السياسية، کلية السياسة والاقتصاد، جامعة السويس

2- قسم العلوم السياسية – کلية السياسة والاقتصاد – جامعة السويس

المستخلص

يتسم دور مجلس الأمن الدولي بالضعف العام في معالجته للقضايا الناشئة عن النزاع ما بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، يعتبر هذا الضعف انعکاسًا لسياسة الولايات المتحدة الأمريکية والمبنية على إقصاء المجتمع الدولي من التدخل في ذلک النزاع؛ تقوم الولايات المتحدة الأمريکية بإضعاف دور مجلس الأمن بشکل أساسي عن طريق منعه من إصدار قرارات متعلقة بالنزاع. ومع تعدد محاولات الولايات المتحدة لمنع المجلس من إصدار قراراته، إلا أن مجلس الأمن تمکن بالفعل من إصدار عدد من القرارات التي هدفت لعلاج مسائل مرتبطة بالنزاع. قامت الورقة على تحليل القرارات التي أصدرها المجلس، بهدف الوصول إلى المحددات التي أثرت في عملية الإصدار، ما يساعد مستقبلا في زيادة دقة التنبؤ والقدرة على التأثير في قرارات المجلس. توصلت الورقة إلى ثلاثة محددات رئيسة أثرت على قرارات المجلس، وهي: التطور في وعي المجتمع الدولي، فإشراک المجتمع الدولي بدور متواضع في البداية أدى إلى نتائج متواضعة شجعت المجلس على إشراکه بشکل متزايد وبالتالي إضعاف سياسة الإقصاء التي تتبعها الولايات المتحدة؛ ولاية الرئيس الأمريکي، يزداد هامش حرية مجلس الأمن في معالجته للنزاع خلال نهاية فترة الولاية الثانية للرئيس الأمريکي، ما يجعلها فترة مناسبة للجهود الدبلوماسية المعارضة للسياسات الأمريکية الداعمة لإسرائيل؛ إنشاء السلطة الفلسطينية، أثرت نشأة السلطة الفلسطينية على قرارات المجلس والذي تحولت نظرته من أن إسرائيل صاحبة الالتزام الأکبر في حل هذا النزاع إلى أن إسرائيل تتقارب مسئولياتها والتزاماتها مع تلک التي يحملها إلى السلطة الفلسطينية.

تمهید:

 تتعدد مخرجات مجلس الأمن، ما بین بیانات رئاسیة Presidential statements، وبیانات صحفیة Press statements، وتقاریر Reports، ومقررات Decisions، وثائق قرارات أو قرارات Resolutions، کل من تلک المخرجات له قیمته السیاسیة وخصائصه التی تتناسب مع الحالة التی یعالجها المجلس.

 تعتبر قرارات Resolutions المجلس من أهم تلک المخرجات؛ لما لها من الطابع الملزم وفقًا للمادة (25) من میثاق الأمم المتحدة، حیث تعهدت الدول الأعضاء بقبول وتنفیذ تلک القرارات.

 اتسمت تلک القرارات المتعلقة بالنزاع ما بین إسرائیل والفلسطینیین بالضعف العام، تجسد هذا الضعف فی شقین: الأول وهو الخاص بإصدار تلک القرارات، إما بسبب إصدار قرارات ضعیفة الجوهر لا تستطیع علاج المسألة المعروضة أما المجلس، وإما بعدم قدرة المجلس على إصدار أی قرار من الأساس؛ والشق الثانی وهو الخاص بإنفاذ تلک القرارات.

 ترکز الورقة على الشق الأول الخاص بإصدار تلک القرارات، باعتبارها نقطة انطلاق المجتمع الدولی فی حل النزاع ما بین الطرفین؛ وذلک عن طریق بحث المحددات السیاسیة التی أدت إلى إصدار المجلس للقرارات خلال فترة الدراسة (1990-2018).

 وبرغم هذا الضعف، فالواقع یشیر إلى أن مجلس الأمن قد تمکن من إصدار تسعة عشر (19) وثیقة قرار Resolutions، ضمّن فیهم عدد من القرارات المهمة وجوهریة؛ بالتالی فالکشف عن المحددات وراء إصدار تلک القرارات یساعد الباحث وصانع القرار فی فهم متى یمکن للمجلس إصدار قرار خاص بالنزاع بین الطرفین، وکذلک متى وکیف یمکن تعزیز مضمون تلک القرارات.

وتُبنى الورقة على التساؤلات التالیة:

1- کیف یمکن تحلیل قرارات مجلس الأمن الدولی تجاه النزاع الإسرائیلی الفلسطینی؟

2- إلى أی مدى أثر تطور وعی المجتمع الدولی على زیادة الاهتمام بدوره تجاه النزاع؟

3- إلى أی مدى تؤثر فترة ولایة الرئیس الأمریکی على قدرة مجلس الأمن فی عملیة إصدار القرار؟

4- إلى أی مدى أثرت نشأة السلطة الفلسطینیة على طبیعیة الالتزامات التی یحملها المجلس على أطراف النزاع؟

المنهجیة:

وللإجابة على التساؤلات السابقة، تقوم الورقة باستقراء الأدبیات المتعلقة بتحلیل قرارات مجلس الأمن للخروج بأسلوب مناسب لتحلیل القرارات الخاصة بإسرائیل وفلسطین؛ وباستعمال أسلوبی تحلیل المضمون والتحلیل الکمی تقوم الورقة بدراسة تلک القرارات بهدف الخروج بمحددات عملیة الإصدار.

تقسیمات الورقة:

 تنقسم الورقة إلى ثلاثة أجزاء رئیسیة، وهی:

أولا: الإطار النظری لتحلیل قرارات مجلس الأمن الدولی، وتنقسم إلى (التعریف بماهیة قرارات مجلس الأمن الدولی، وکیفیة تحلیل تلک القرارات).

ثانیًا: قرارات مجلس الأمن الخاصة بإسرائیل وفلسطین، وتنقسم إلى (تحلیل القرارات الخاصة بإسرائیل وفلسطین، وسمات القرارات الخاصة بهما).

ثالثًا: محددات قرارات مجلس الأمن الدولی الخاصة بإسرائیل وفلسطین، وتنقسم إلى (تطور وعی المجتمع الدولی، فترة ولایة الرئیس الأمریکی، ونشأة السلطة الفلسطینیة).

أولاً: الإطار النظری لتحلیل قرارات مجلس الأمن الدولی

ماهیة قرارات مجلس الأمن الدولی:

تعرف معظم الأدبیات مفهوم قرارات مجلس الأمن، بالاعتماد على التعریف الرسمی للأمم المتحدة، باعتبارها التعبیر الرسمی عن إرادة المجلس، والتی تتکون من قسمین: الأول، دیباجة تعرض الاعتبارات التی یتم على أساسها اتخاذ القرار. ومنطوق والذی ینص على الرأی والإجراء المقرر اتخاذه.

والتعریف السابق برغم کونه التعریف الرسمی، إلا أنه لا یتناول سوى الجانب المتعلق بالوثیقة التی یخرج فیها، کما فی الشکل رقم (1).

غیر أنه فی الواقع، تختلف العدید من الدراسات أثناء معالجتها لمفهوم قرارات مجلس الأمن، فهناک دراسات تعالج مفهوم قرار المجلس بما یتفق مع المفهوم الرسمی له، ذلک أنها تعنی أساسًا بالوثیقة التی أصدرها المجلس.

وهناک دراسات أخرى عالجت مفهوم قرار مجلس الأمن على أنه تلک الفقرة أو الإجراء الموجود فی منطوق الوثیقة.

یرجع الاختلاف فی معالجة الدراسات لمفهوم قرار مجلس الأمن، فی جانب منه إلى التداخل والتشابک ما بین مفاهیم (قرار Resolution، وفقرة Paragraph، وإجراء Procedure)، والذی یوضحه الشکل رقم (2).

فالإجراء هو جزء من الفقرة، والفقرة هی جزء من القرار؛ وعلى ذلک، فالدراسات التی تتناول القرار بوصفه وثیقة القرار Resolution، هی دراسات فی أغلبها تبحث فی مبادئ وقواعد القانون الدولی العام، أما الدراسات التی تعالج القرارات بصفتها فقرات أو إجراءات هی دراسات تبحث فی مواضیع خاصة بوظائف مجلس الأمن السیاسیة مثل عملیات حفظ السلام أو الجزاءات؛ والورقة تعالج مفهوم قرار مجلس الأمن باعتباره جزء من فقرات وثائق القرار Resolution.

ب-کیفیة تحلیل قرارات مجلس الأمن الدولی:

 هناک ثلاثة آثار إلزامیة لقرارات مجلس الأمن، الأول وهو الأثر الجوهری Substantive effect، ویُقصد به أن القرار قد یحمل المخاطب به التزامات Obligations أو یمنحه حق Right أو صلاحیة Power، الثانی وهو الأثر السببی Causative effect وهو ما یحدد به المجلس حقائق Facts معینة أو وضع قانونی معین Legal situation کالتصریح أو الإعلان بانتهاک دولة ما للقانون الدولی، والثالث وهو الأثر الشکل Modal effect وهو تحدید کیفیة ووقت تنفیذ القرار.

 وبالنسبة للقرارات ذات الأثر الجوهری، فإنها دائمًا ما تکون موجهة لفاعل Actor معین، مثل أجهزة الأمم المختلفة کالأمین العام والجمعیة العامة، أو تکون موجهة إلى أحد الجماعات أو الأفراد بأسمائهم، أو قد تکون موجهة إلى دول ومنظمات دولیة.

 مما سبق، ستقوم الورقة بتحلیل قرارات المجلس من خلال تقسیمها إلى خمسة مستویات، الأربعة الأولى ذوات الأثر الجوهری، وهی:

1-قرارات موجهة إلى أحد أجهزة منظمة الأمم المتحدة: ویُخاطب فیها مجلس الأمن أحد الأجهزة الرئیسیة فی الأمم، کالأمانة العامة ممثلة فی الأمین العام.

2-قرارات موجهة إلى إسرائیل: ویُخاطب فیها مجلس الأمن إسرائیل، وقد فرقت الورقة بین تلک القرارات التی صدرت مخاطبة إسرائیل وبین القرارات التی صدرت مخاطبة الفلسطینیین؛ فهناک قرار یصدر للطرفین معًا، مثل الدعوة لاحترام قرارات المجلس، أو لدعم حل معین للنزاع، هذا النوع من القرارات یشیر إلى معاملة المجلس للطرفین على قدم المساواة وعلى أنهما متساویان فی الالتزامات؛ هناک قرارات أخرى تصدر لطرف واحد، مثل الدعوة إلى انسحاب القوات أو دعوة طرف واحد لاحترام قرارات المجلس. والتمییز بین تلک الحالات من شأنه المساعدة فی تحلیل الاتساق والاختلاف بین المحددات الخاصة بکل من القرارات الصادرة بشأن الدولتین.

3-قرارات موجهة إلى الفلسطینیین: وهی فی أغلبها قرارات صدرت موجهة إلى السلطة الفلسطینیة Palestinian authority.

4-قرارات موجهة للمجتمع الدولی: سواء کانت القرارات موجهة إلى دول أو منظمات دولیة، وغالبًا ما تعد مثل تلک القرارات مؤشرًا على إنفاذ المجلس لجزاءات عسکریة کتشکیل الحملات العسکریة للتدخل فی النزاع وتوجیهها، وجزاءات غیر عسکریة کتوجیه المجتمع الدولی لقطع أو الحد من العلاقات الاقتصادیة أو السیاسی؛ وقد تکون القرارات مؤشرًا على تدهور الحالة الإنسانیة فیوجه المجلس المجتمع الدولی للتدخل والمساعدة فی المسألة محل النظر.

تبقى القرارات ذات الأثر السببی أو الأثر الشکلی، وستعالجها الورقة باعتبارها المستوى الخامس، وهو مستوى القرارات غیر ذات الأثر الجوهری، باعتبار أنها لا تحمل أی طرف التزام أو تمنحه حقوق وصلاحیات.

ثانیًا: قرارات مجلس الأمن الخاصة بإسرائیل وفلسطین

أ-تحلیل قرارات مجلس الأمن الخاصة بإسرائیل وفلسطین:

 أصدر مجلس الأمن تسعة عشر (19) وثیقة قرار Resolutions خلال فترة الدراسة (1990-2018) تتعلق بالنزاع ما بین إسرائیل وفلسطین، وهو عدد قلیل مقارنة بوثائق القرارات التی صدرت بخصوص النزاع ما بین إسرائیل وسوریا (58) وثیقة قرار، وبخصوص النزاع ما بین إسرائیل ولبنان (48) وثیقة قرار، بالرغم من محوریة النزاع ما بین إسرائیل وفلسطین مقارنة بالحالتین الآخرتین.

 حوت التسعة عشر وثیقة قرار مائة وست (106) فقرة، تضمنت تلک الفقرات مائة وثلاثة وأربعین (143) قرارًا، یمثلهم الجدول رقم (1):

الجدول رقم (1)

جدول یوضح القرارات التی أصدرها مجلس الأمن بخصوص الحالة ما بین إسرائیل والفلسطینیین وفقًا للمستویات الخمسة خلال أعوام الدراسة:

المستوى عدد القرارات

الأول القرارات الموجهة إلى أجهزة الأمم المتحدة 11

الثانی القرارات الموجهة إلى إسرائیل 36

الثالث القرارات الموجهة إلى الأطراف الأخرى 22

الرابع القرارات الموجهة إلى المجتمع الدولی 15

الخامس القرارات غیر ذات الطابع الجوهری 59

المجموع 143

*تم إعداد الجدول من واقع قرارات مجلس الأمن الدولی.

 یوضح الشکل السابق عدد القرارات التی أصدرها مجلس الأمن وفقًا للمستویات الخمسة بخصوص الحالة ما بین إسرائیل وفلسطین خلال أعوام الدراسة؛ وتعتبر الزیادة فی عدد قرارات مجلس الأمن غیر ذات الطابع الجوهری مؤشرًا على ضعف أو عجز مجلس الأمن فی المساهمة بقرارات جوهریة تشکل أساسًا لحل الصراع، فهذا المستوى من القرارات لا یحمل سوى تصریحًا وإیضاحًا فقط دونما توجیه خطاب المجلس لأحد الفاعلین محملاً إیاهم التزامات معینة تلزم لحل النزاع.

 أما مستوى القرارات الموجهة إلى إسرائیل، وهو الذی یلی القرارات غیر ذات الطابع الجوهری من حیث العدد، فقد أصدر فیه المجلس أربعة مجموعات من القرارات، وهی:

1-أن تفی الحکومة الإسرائیلیة بالتزاماتها تجاه الشعب الفلسطینی بوصفها سلطة احتلال:

وجه مجلس الأمن لإسرائیل طلبه بأن تفی بالتزاماتها کسلطة احتلال إحدى عشر (11) مرة. وبالنسبة للحالة بین إسرائیل وفلسطین، فقد أطر مجلس الأمن التزامات إسرائیل معتمدًا على اتفاقیة جینیف الرابعة لعام 1949 المتعلقة بحمایة المدنیین وقت الحرب، وذلک فی ثلاثة محاور رئیسیة:

المحور الأول، الالتزام بحمایة سلامة المدنیین الفلسطینیین، من العنف الموجه إلیهم من قبل القوات الإسرائیلیة، وذلک کما فی وثیقة قراره 1073 لعام 1996.

أو حمایتهم من العنف الموجه إلیهم من قبل المستوطنین الإسرائیلیین، وذلک کما فی وثیقة قراره 904 لعام 1994.

أما المحور الثانی، فهو یتعلق بالبعد الدیموغرافی الفلسطینی، وحمایة ترکیبته فی الإقلیم الفلسطینی، إما بسبب الأنشطة الاستیطانیة الإسرائیلیة التی تکثف من الوجود الإسرائیلی فی الإقلیم الفلسطینی المحتل وتغییر ملامحه بهدف تغییر واقع الإقلیم من کون قاطنیه فلسطینیین إلى مستوطنین إسرائیلیین، وذلک کما فی وثیقة قراره 2334 لعام 2016.

أو بسبب السلوک الإسرائیلی بإبعاد الفلسطینیین خارج الإقلیم الفلسطینی، ما یؤثر بطبیعة الحال على الترکیبة الدیموغرافیة فی الإقلیم، کما فی وثیقة قراره رقم 694 لعام 1991.

والمحور الثالث، ویشمل جمیع محاور الاتفاقیة، بطلب المجلس من إسرائیل الالتزام والتقید التام باتفاقیة جینیف بشکل عام، کما فی وثیقة قراره رقم 681 لعام 1990.

ودائمًا ترفض إسرائیل قبول سریان هذه الاتفاقیة على الإقلیم المحتل، باعتبار أن هذا الإقلیم لیس محتلاً وإنما متنازع علیه، وبالتالی فإسرائیل لیست سلطة احتلال ولیست ملتزمة بهذه الالتزامات تجاه الإقلیم، الأمر الذی تبرر به إسرائیل جمیع أنشطتها التی تنطوی على خرق الاتفاقیة، الأمر الذی یدفع مجلس الأمن عند طلبه من إسرائیل الالتزام بالاتفاقیة أن یضیف علیه نصه بحثها على قبول سریان الاتفاقیة على الإقلیم المحتل، کما هو موضع بالقرار أعلاه.

2- قرار مجلس الأمن بفرض تدابیر مؤقتة:

 أصدر مجلس الأمن عددًا من أربعة عشر (14) قرارًا تحمل تدابیر مؤقتة، یدعو فیها إسرائیل -وفی بعضهم اشتراکًا مع الفلسطینیین- إلى الالتزام بها، للحفاظ على الوضع القائم دونما زیادة فی تدهوره.

 قد تتمثل تلک التدابیر فی الطلب من الطرفین أو أحدهما إنهاء أعمال العنف کوقف إطلاق النار کما فی وثیقة القرار رقم 1402 لعام 2002.

 وقد تتمثل فی الطلب من الطرفین أو أحدهما التراجع عن إجراءات سلبیة تم اتخاذها وأدت إلى تفاقم الوضع وتصاعد التوتر کما فی وثیقة القرار رقم 1073 لعام 1996.

3- أن تلتزم الحکومة الإسرائیلیة بتنفیذ قرارات مجلس الأمن:

 وجه مجلس الأمن قراره إلى إسرائیل بأن تلتزم بتنفیذ قرارات مجلس الأمن مرتین، وذلک کنتیجة للرفض الصریح من إسرائیل بتنفیذ القرار السابق للمجلس بشکل صریح ومعلن، دون المماطلة أو تفسیره بشکل مختلف، فی وثیقتی القرار رقم 673 لعام 1990، و1403 لعام 2002.

4- أن تستأنف إسرائیل مفاوضاتها وأن تدعم السلام مع الفلسطینیین:

 وجه مجلس الأمن قراره إلى إسرائیل بأن تستأنف مفاوضات السلام مع السلطة الفلسطینیة تسع مرات خلال فترة الدراسة، بدایة من عام 1996، بعد تأسیس السلطة الفلسطینیة، وبطبیعة الحال فقد تم إصدار تلک القرارات موجهة إلى إسرائیل وإلى الفلسطینیین معًا.

 مستوى القرارات التی وجهت إلى الفلسطینیین:

 هناک خمسة وثلاثین (35) قرار من أصل ستة وثلاثین (36)، وجهت إلى الفلسطینیین بالاشتراک مع الإسرائیلیین، وهی استئناف المفاوضات (تسع قرارات)، الالتزام بقرارات مجلس الأمن (قرار واحد)، التدابیر المؤقتة (إحدى عشر قرار).

یبقى قرار خص به المجلس السلطة الفلسطینیة دون إسرائیل، وهو أن تقوم السلطة الفلسطینیة بتقدیم مرتکبی الأعمال الإرهابیة إلى العدالة، فی وثیقة القرار رقم 1435 لعام 2002، وذلک فی سبیل تحمیل السلطة الفلسطینیة بمسئولیاتها باعتبارها حکومة مؤقتة.

یلی المستوى الخاص بالقرارات الموجهة إلى المجتمع الدولی مستویی القرارات الموجهة إلى الإسرائیلیین والفلسطینیین:

وجه مجلس الأمن خمسة عشر (15) قرار إلى المجتمع الدولی متعلقین بالنزاع الإسرائیلی-الفلسطینی، مقسمین إلى أربعة مجموعات من القرارات، وهی:

1- الطلب إلى الأطراف المتعاقدة السامیة فی اتفاقیة جینیف الرابعة المتعلقة بحمایة المدنیین وقت الحرب أن تکفل احترام إسرائیل لالتزاماتها:

 کنتیجة لرفض إسرائیل قرارات مجلس الأمن المتعلقة بوقف أنشطتها المتعلقة بالتغییرات الدیموغرافیة کإبعاد الفلسطینیین خارج الأقالیم الفلسطینیة والالتزام بمسئولیاتها بوصفها سلطة احتلال عام 1990، ورفضها من حیث المبدأ اعتبار الأراضی الفلسطینیة محتلة؛ وجه مجلس الأمن للمجتمع الدولی فی وثیقة قراره رقم 681 لعام 1990، أن تجتمع الأطراف السامیة فی اتفاقیة جینیف الرابعة، حتى تقرر کیف یمکن لها أن تکفل تقید إسرائیل لتلک الاتفاقیة.

 فمجلس الأمن لم یحدد وسیلة معینة یقید من خلالها إسرائیل إلى تلک الاتفاقیة، وإنما قرر أن یترک تحدید تلک الوسیلة إلى أطراف المعاهدة، ولم یُصدر هذا القرار سوى مرة واحدة فقط.

2-حث مجلس الأمن المجتمع الدولی على تقدیم المساعدة الإنسانیة للشعب الفلسطینی:

طلب مجلس الأمن من المجتمع الدولی أن یقدم المساعدات الإنسانیة للفلسطینیین أربع (4) مرات خلال أعوام الدراسة، إما عن بشکل مباشر، کما فی وثیقة قراره رقم 1544 لعام 2004، بأن یمدوا الفلسطینیین بالمساعدات العاجلة.

وإما بشکل غیر مباشر کما فی وثیقة قراره رقم 1860 لعام 2009، بأن یقدموا تلک المساعدات إلى وکالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغیل اللاجئین الفلسطینیین فی الشرق الأدنى UNRWA.

3-حث مجلس الأمن المجتمع الدولی على المساعدة فی عملیة السلام بین الطرفین:

وجه مجلس الأمن قراره بطلب تدخل المجتمع الدولی ودعمه فی الجهود المختلفة للسلام بین الطرفین تسع (9) مرات، وبصیغ مختلفة، کما فی وثیقة قراره Resolution رقم 904 لعام 1994.

والمساعدة فی عملیة السلام بین الطرفین -باعتباره القرار الأکثر إصدارًا فی المستوى الخاص بالقرارات الموجهة إلى المجتمع الدولی- هی حدود دور المجتمع الدولی الذی رسمه لتدخل المجتمع الدولی فی حل الأزمة.

4-الطلب إلى الدول أن تفرق فی معاملاتها ما بین إقلیم دولة إسرائیل والأراضی المحتلة:

أصدر مجلس الأمن کنتیجة لرفض إسرائیل وقف الأنشطة الاستیطانیة، فضلاً عن إعلانها ضم بعض الأقالیم التی یراها مجلس الأمن أقالیم محتلة ولا یجوز ضمها لأنها أراضی تم اکتسابها بالحرب، قرار یوجه به سلوک المجتمع الدولی، تجاه دولة إسرائیل، فی وثیقة القرار رقم 2334 لعام 2016.

وتعتبر القرارات التی وجهت إلى أجهزة المنظمة هی الأقل:

فقد أصدر مجلس الأمن إحدى عشر (11) قرار إلى الأمین العام، فی دلالة على أن المجلس لا یرى أن حل الأزمة بین الطرفین یمکن أن یکون فی إطار منظمة الأمم المتحدة.

انتظمت القرارات الإحدى عشر فی ثلاثة مجموعات من القرارات، وهی:

1-الطلب من الأمین العام أن یقدم تقریر لمجلس الأمن عن الحالة:

طلب مجلس الأمن من الأمین العام أن یقدم تقریرًا له عن الحالة ما بین إسرائیل وفلسطین، حتى یبقیه على علم بها، تسع مرات من اثنا عشر قرارًا وجهها للأمین العام، بنسبة 82% من مجموع القرارات التی وجهت إلیه.

تهدف تلک التقاریر إلى متابعة التطور على الحالة فقط، بالتالی فلم یرى مجلس الأمن دورًا للأمین العام والمنظمة فی أغلب القرارات التی أصدرها إلا کأداة لجمع المعلومات فقط.

2-الطلب من الأمین العام أن یُنظر فی إیفاد ممثل له فی المنطقة:

قامت الحکومة الإسرائیلیة فی دیسمبر 1992 باتخاذ قرار إبعاد 418 فلسطینی إلى لبنان، الأمر الذی دفع مجلس الأمن إلى إصدار قراره إلى الأمین العام بأن یقوم بإیفاد ممثل إلى المنطقة حتى یتابع مع الحکومة الإسرائیلیة ما یتعلق بتعلق بتلک المسألة.

3-الطلب من الأمین العام أن یتعاون مع المجتمع الدولی وخصوصًا لجنة الصلیب الأحمر الدولیة:

بعد أحداث مذبحة الأقصى الأولى 1990 1990 Temple Mount riots، وبعد رفض إسرائیل وثائق القرارات رقم 672، و673 لعام 1990، کما تم الإشارة إلیهما، وکذلک مخالفة إسرائیل للاتفاقیة جینیف الرابعة، ورفضها انطباقها على الأراضی الفلسطینیة المحتلة بعد عام 1967، اقترح الأمین العام فی تقریره ضرورة أن یحث المجتمع الدولی إسرائیل الالتزام بتطبیق الاتفاقیة على الأراضی الفلسطینیة.

فأصدر مجلس الأمن قراره أن یتعاون مع اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر فی وثیقة قراره رقم 681 لعام 1990.

وقد خص مجلس الأمن اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر International committee of the red cross ICRC بالذکر لأن عملها قائم على جمیع اتفاقیات جینیف، وفکرة الأمین العام المعرب عنها هی دعوة الأطراف السامیة الموقعة على الاتفاقیة -باعتبار أنها الضامن على احترام احکام هذه الاتفاقیة- لاتخاذ تدابیر إضافیة لحمایة الشعب الفلسطینی، فضلاً عن اقناع إسرائیل بان تقبل انطباق احکام هذه الاتفاقیة على الأراضی المحتلة.

ب-سمات عملیة إصدار القرارات الخاصة بإسرائیل وفلسطین:

اتسمت عملیة إصدار القرارات بخصوص الحالة بسمتین رئیسیتین:

1- موسمیة القرارات: یرجع عدد وثائق القرارات القلیل بخصوص الحالة بین إسرائیل وفلسطین، مقارنة بالحالة بین إسرائیل وسوریا أو لبنان، أن مجلس الأمن یجتمع ویصدر قرارات بشکل دوری بخصوص إسرائیل مع سوریا أو لبنان وإن لم یکن هناک طارئ، حتى أنه لم یخل عام من أعوام الدراسة لم یصدر المجلس فیه قرار بشأن إسرائیل مع سوریا أو لبنان.

أما الحالة بین إسرائیل وفلسطین، فقد مرت سبع عشرة (17) سنة خلال فترة الدراسة لم یُصدر مجلس الأمن فیهن قرار؛ وفی الأعوام الباقیة، أصدر مجلس الأمن قراراته نتیجة لطارئ تمثل فی تصاعد أعمال العنف کمحدد أساسی بجانب محددات أخرى مختلفة.

2-محاولة إقصاء المنظمة من حل النزاع الإسرائیلی-الفلسطینی: دائمًا ما تقوم الولایات المتحدة الأمریکیة بإقصاء المحاولات الدولیة لحل النزاع سواء فی إطار الأمم المتحدة أو حتى خارجها بوسائل مختلفة، ما دامت لا تتفق مع سیاستها الداعمة لإسرائیل Pro-Israel Policy؛ وبخصوص قرارات مجلس الأمن، تمارس الولایات المتحدة حق النقض Veto، لمنع المجلس من إصدار قرارات لا تتناسب مع سیاستها الداعمة لإسرائیل.

 والسبب وراء ذلک وفقًا للرئیس الأسبق جورج بوش الابن فی تقریره عن استراتیجیة الامن الوطنی للولایات المتحدة، أن السلام الدائم فی المنطقة لن یتم إلا إذا تم حل المشاکل بین الإسرائیلیین والفلسطینیین بشکل ثنائی وانهاء الصراع بینهما بنفسیهما.

ثالثًا: محددات القرارات الخاصة بإسرائیل وفلسطین

أ-وعی المجتمع الدولی وعملیة إصدار قرارات مجلس الأمن:

 رأت إسرائیل أن الطریقة الأنسب لتحقیق السلام بینها وبین العرب، هی عن طریق عقد مفاوضات واتفاقات ثنائیة مع کل دول على حدة، مع تدخل محدود للأطراف الدولیة، ما شکل أساسًا لسیاسة الولایات المتحدة فی منع المجتمع الدولی وخصوصًا مجلس الأمن من التدخل فی هذا المسألة.

ولکن مع تراکم الخبرات المتعلقة بحل النزاع العربی الإسرائیلی، نما لدى المجتمع الدولی وعی مفاده أن جمیع النجاحات وإن کانت متواضعة فیما یتعلق بحل النزاع العربی الإسرائیلی منذ اتفاقیة السلام بین مصر وإسرائیل لم تکن إلا بسبب جهود الوساطة، وأن تفاوض الأطراف العربیة والإسرائیلیة بشکل ثنائی دون وساطة لم تصل إلى أی حل مقارنة بالحلول التی مورست فیها جهود دولیة للوساطة بینهم. خصوصًا فیما یتعلق بمسار أوسلو ونشأته وإن لم یُشارک فی نشأته قوة عظمى کالولایات المتحدة، إلا أن ممارسة النرویج للوساطة بین الطرفین کان الأساس الذی ساعد على بروز واحدة من أهم الاتفاقات التاریخیة بین العرب وإسرائیل.

انعکس هذا الوعی لدى المجتمع الدولی على المستوى الخاص بقرارات مجلس الأمن الموجهة إلى المجتمع الدولی، کما یوضحه الشکل رقم (3):

الشکل (3)

یوضح الشکل السابق عدد القرارات الموجهة إلى المجتمع الدولی فی کل وثیقة قرار أصدرها المجلس بخصوص النزاع، ورغم أن الاتجاه العام هو عدم إصدار قرارات تخاطب المجتمع الدولی فی محاولة لإقصائه، فباستثناء وثیقة القرار رقم 681 لعام 1990، التی طلب فیها أن تقوم الأطراف السامیة المتعاقدة باتفاقیة جینیف بکفالة تقید إسرائیل لها، لم یصدر مجلس الأمن حتى عام 1994 أی قرار موجه للمجتمع الدولی.

ومع بدایة بروز مسار أوسلو وتقارب الطرفین عام 1994، بدأ مجلس الأمن بتوجیه قرارات محدود إلى المجتمع الدولی للتدخل فی وثیقة القرار 904 لعام 1994 وما تلاها، وبرغم محدودیة الدور، فی مجرد تسهیل عملیة السلام أو تقدیم مساعدات إنسانیة، إلا أنه فی زیادة کما یوضحه الشکل.

بالتالی فالتدخل المتواضع للمجتمع الدولی والذی قد یفرز عن نجاحات متواضعة یقنع المجتمع الدولی، ویساعد مجلس الأمن فی التخلص من القید المفروض علیه بإقصاء المجتمع الدولی، لیزید من دوره شیئًا فشیئًا؛ ما قد ینتج عنه تدخل أکثر جوهریة فی المستقبل.

ب-فترة ولایة رئیس الولایات المتحدة وعملیة إصدار قرارات مجلس الأمن:

 مرت فترة الرئیس الأمریکی السابق باراک أوباما Barack Obama، باعتباره الرئیس الوحید الذی منع مجلس الأمن من إصدار أی قرار متعلق بإسرائیل وفلسطین طوال السنوات الثمان التی تقلد فیها رئاسة الدولة؛ ومع ذلک فی دیسمبر 2016 مرر وثیقة القرار رقم 2334، والتی احتفل بها المجتمع الدولی واعترضت علیها إسرائیل وهاجمتها.

 وبمراجعة قرارات مجلس الأمن، یُلاحظ أن تلک القرارات تزداد بشکل کبیر جدا فی السنة الأخیرة من ولایة الرئیس الأمریکی بغض النظر عن انتمائه الحزبی، أو مدى دعمه لإسرائیل، یوضح ذلک الشکل رقم (4):

شکل (4)

 یوضح الشکل السابق وثائق القرارات التی صدرت فی کل عام، باعتبارها مؤشر على إجمالی عدد القرارات التی یمکن للمجلس إصدارها، وتعبر الدوائر على الشکل عن أعلى عدد من الفقرات تمکن المجلس من إصدارها، تلک الدوائر الثلاث التی صدرت فی عام (2016، وعام 2009، وعام 2000) الأعوام الأخیرة من فترة الرؤساء باراک أوباما وجورج بوش الابن وبیل کلینتون، حتى أن الفترة الأخیرة للرئیس بوش الابن لم تشهد مجرد الفقرات العشرة فی ینایر من عام 2009، بل شملت سبعة عشر قرار إذا اضفنا إلیهم القرارات السبعة من دیسمبر عام 2008؛ یختلف عن الثلاث الرئیس جورج بوش الاب صاحب فترة الولایة الواحدة، والتی کان العام الأخیر له فیها ستة عشر فقرة، ثمانیة فی وثیقة واحدة ووثیقتی قرار ذوات أربعة فقرات، وللرئیس بوش الاب خصوصیة فی علاقته مع إسرائیل والتی تمتاز فی معظم أحوالها بالتوتر، خلافًا لما کان علیه الرؤساء الثلاثة الآخرین.

 إذاً فالفترة الأخیرة من ولایة الرئیس الأمریکی، هی فترة یزداد فیها هامش الحریة لمجلس الأمن فی إصدار قرارات تستطیع فیها معالجة مسائل أکثر مما یمکنه معالجتها فی باقی فترة الولایة.

جـ-نشأة السلطة الفلسطینیة وعملیة إصدار قرارات مجلس الأمن:

 کنتیجة لاتفاق الطرفین (الحکومة الإسرائیلیة، ومنظمة التحریر الفلسطینیة)، على عقد أول انتخابات لإدارة فلسطینیة فی الإقلیم المحتل فی عام 1996. ورغم محدودیة ولایة تلک الإدارة Administration، والتی عُرفت فیما بعد بالسلطة الفلسطینیة Palestinian Authority (PA)، فهی لم تکن حکومة Government بشکلها الصحیح وإنما کانت شبه حکومة Quasi-Government، لمحدودیة المناطق التی تخضع لها والسلطة التی تمارسها على تلک المناطق، فضلا عن وضع فلسطین التی لم تکن دولة بالمعنى المتعارف علیه. إلا أن تلک الانتخابات کان لها أثر سیاسی کبیر، فهی تعتبر الخطوة الأولى فی إنشاء کیان إداری وسیاسی للإقلیم الفلسطینی. والتی ترتب علیها فیما بعد تطورات على الوضع الدولی لفلسطین کمنحها صفة المراقب فی الأمم المتحدة عام 1998.

من أهم التطورات المترتبة على ظهور السلطة الفلسطینیة PA، أن بدأ مجلس الأمن فی توجیه قراراته لها بالتزامن مع قراراته الموجهة إلى إسرائیل، بمعنى أن تلک القرارات التی کان یوجهها المجلس إلى وجهها فی معظمها إلى السلطة الفلسطینیة بالمثل، والشکل رقم (5) یوضح مقارنة ما بین القرارات التی وجهها المجلس إلى الطرفین خلال فترة الدراسة:

 کما یوضح الشکل السابق، فحتى عام 1994 لم یوجه مجلس الأمن أی قرار خاص بالأطراف الفلسطینیة، ما یعنی أنه لم یکن یرى أن الطرفین على نفس القدر من المسئولیة والالتزام، بل لم یکن هناک أی التزام على الأطراف الفلسطینیة.

 ومع ظهور مسار أوسلو وجه مجلس الأمن قرار واحد إلى الفلسطینیین مقارنة بقرارین إلى إسرائیل، ومع الوقت بدأ مجلس الأمن فی إصدار قرارات إلى الطرفین تکاد تکون منطبقة، لا تقل فیها فلسطین عن إسرائیل إلا بهامش بسیط.

 الأمر الذی یوحی أن الطرفین على نفس القدر من الالتزام، أو أن الطرفین لهما سلطات متقاربة بنفس تقارب القرارات الموجهة إلى کل منهما؛ ولکن فی الحقیقة أن القرارات التی وجهها المجلس إلى إسرائیل والفلسطینیین کانت قرارات ضعیفة تحثهم على التفاوض ووقف العنف دونما تقدیم حل یتقید به الأطراف.

 وحتى تلک القرارات الضعیفة لم تکن متکافئة، فالعنف وإن کان فعل مشترک یقوم به الطرفین، إلا أن تفاوت سلطات وقدرات کل طرف تحتم على المجلس ألا یوازن فیما یوجهه إلیهما من التزامات، فهو إما یوجه التزامات ضعیفة یمکن للطرف الضعیف کما القوی أن تحملها، وإما یوجه التزامات قویة یمکن لطرف دون الأخر تحملها، وهی فی کلتا الحالتین نظرة غیر سلیمة.

الخاتمة:

 حددت الدراسة خمسة مستویات لتحلیل قرارات مجلس الأمن الدولی اعتمادًا على طبیعة المخاطَب والأثر الالزامی للقرار، والتی کانت من أبرز نتائجها أن مجلس الأمن یستبعد المنظمة من المساهمة فی حل النزاع بین الطرفین، وأن قرارات مجلس الأمن الموجهة إلى إسرائیل وفلسطین لا تتناسب مع قدرات وصلاحیات کل منهما فضلا عن ضعف مضمونها، کذلک فهناک تزاید لإشراک المجتمع الدولی المحدود فی تسویة النزاع، وعمومًا فقرارات مجلس الأمن تتسم بالضعف العام بالنظر إلى عدد القرارات فی المستوى غیر ذات الطابع الجوهری.

 توصلت الدراسة إلى ثلاثة محددات رئیسیة لعملیة إصدار القرار، الأول وهو تطور وعی المجتمع الدولی لدوره فی الوصول لتسویات ما ساهم فی زیادة لدوره فی قرارات المجلس؛ الثانی وهو فترة ولایة الرئیس الأمریکی، حیث یزداد هامش حریة المجلس فی عملیة الإصدار خلال نهایة الفترة الثانیة له؛ الثالث وهو نشأة السلطة الفلسطینیة التی أثرت على رؤیة المجلس لمسئولیة الطرفین الإسرائیلی والفلسطینی فی تسویة النزاع، والتی تساوت تقریبًا رغم اختلاف القدرات والصلاحیات لکل منهما، ولم تتجاوز تلک المسئولیات الحث على التفاوض أو وقف أعمال العنف.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى