دراسات سياسية

مدخل إلي الرأي العام

المحتويات

  • مفهوم الرأي العام.
  • نشأة الرأي العام وتطوره.
  • وظائف الرأي العام.
  • مظاهر الرأي العام.
  • خصائص الرأي العام

مفهوم الرأي العام

الرأي العام اصطلاح شائع على ألسنة الكتاب والباحثين وكثيراً ما يذكره الساسة والصحفيون، ويرد في المناقشات البرلمانية بل إنه يدور على الألسنة في حياتنا اليومية وأحاديثنا.

المفهوم اللغوي لكلمتي: الرأي – العام.

يتكون مصطلح الرأي العام من كلمتين هما: – الرأي – العام.

وكلمة الرأي لغة كما جاء في المعجم الوسيط تعني: الاعتقاد والعقل والتدبر والنظر والتأمل. أما كلمة العام: فتقال للعام من كل أمر كما جاء في القاموس المحيط، اسم جمع للعامة، وهي خلافة الخاصة. وعلى هذا فإن وصف الرأي بأنه عام يشير إلى الشمول الناشئ عن وجود الجماعة من الناس الذين يتعلق بهم الرأي العام.

المعنى الاصطلاحي:

كلمة رأي تعني الاعتقاد أو الاقتناع بوجهة نظر يؤمن الفرد بصحتها وإمكانية تحقيقها، إلا أن هذا الاعتقاد أو الاقتناع لا يصل في صحته أو إمكانيات تحقيقه إلى مرتبة الحقيقة أو اليقين. وكلمة رأي قد تفهم في معنيين: معنى واسع باعتباره اعتقاداً أو اقتناعاً لدى الفرد، ومعنى ضيق حيث يشار إلى الرأي كأساس منطقي وحجة لقرار يصدره خبير متخصص أو قاضي.

أما كلمة عام فتعني كما يقول “بلومر”: جماعة من عامة الشعب. وتشير هذه الكلمة إلى قاسم مشترك بين أعضاء الجماعة لمصلحة أو مسألة تثير اهتمامهم أو إلى موقف مشترك بينهم – أو نسبة مؤثرة منهم – يتصف بالعلانية.

أما الرأي الشخصي: –

يحدث عندما يعبر الفرد عن وجهة نظره في موضوع معين. ويكونه الفرد لنفسه بعد تفكير في الموضوع، ويجاهر به الناس دون أن يخشى من ذلك شيئاً.

نشأة الرأي العام وتطوره:

إن مصطلح الرأي العام الذي لم يتداول إلا في العصر الحديث وبصفة خاصة منذ الثورة الفرنسية، لا يعني أن هذا المصطلح لم يرتبط بحياة الناس إلا في حقبها المتأخرة.

الرأي العام في المجتمعات البدائية: 

في هذه المجتمعات أدرك الإنسان قيمة الرأي العام واستخدم قوته لتحقيق مآربه وابتدع أساليب مختلفة مثل السحر للتأثير العام في الجماهير.

 الرأي العام في العصر اليوناني: 

قد لعب الرأي العام دوراً كبيرا في الحضارة اليونانية، فقد كانت دولة المدينة تستمد سلطتها من رضاء المحكومين. وبذلك انفتح المجال أمام تبادل الآراء والنظرة العقلانية، وعكست المناقشات العامة التي كانت تدور حول حق المشاركة في الحياة السياسية وفي الهيئات التمثيلية، أمثال المؤتمر العام، ومجلس الخمسمائة، بوادر بروز الرأي العام وشكلت كتابات كل من أفلاطون وأرسطو بداية متواضعة لدراسة ظاهرة الرأي العام، خاصة أن كتاباتهما أكدت على ضرورة أن تقوم الدولة على مبدأ الديمقراطية وأن يعلى مشاركة الشعب بالسلطة وخضوعه للقانون.

الرأي العام في العصر الروماني

مع ظهور الامبراطورية الرومانية برز ما سمى آنذاك، بصوت الشعب أو صوت الجماهير. وتكلموا عن الآراء الشائعة بين الناس. وظهر ناقلوا الأخبار المحترفون، وكانت الكلمة تنقل من خلال الاتصال الشخصي، وعبر شبكة الطرق التي بناها الرومان، لتربط بين أطراف امبراطوريتهم المترامية، وأقامت على هذه الطرق مراكز لا يفصل بين الواحد والآخر منها أكثر من مئة ميل روماني، وكل منها مزود بالجياد، بحيث يمكن للكلمة والخبر أبلغ الأثر في تشكيل الرأي العام الروماني. وكان للمفكرين والخطباء أمثال “شيشرون” وأخيه ” كونتيوس” دوراً كبيراً في تكوين الرأي العام، وقد كتب هذا الأخير بالذات رسالة كاملة عن الدعاية وفنونها. هذا بالإضافة إلى الفنون والنشرات الإخبارية ذات التأثير القوي الفعال على العقول والأخيلة وأنماط السلوك.

الرأي العام في العصور الوسطى

كان للرأي العام في عصور النهضة الإسلامية دوراً فعالاً في مختلف جوانب الحياة الإسلامية، فقد اهتم الإسلام بالحريات. حرية الرأي والعقيدة والحرية الشخصية وحيرة التملك والتنقل ووضع أصولاً عامة للحكم منها مبدأ الشورى. ووضع الضوابط لممارسة هذه الحريات وحدود للحكم وللمحكومين، وأقر حق الشعب في مقاومة طغيان الحكام. فالخليفة مقيد باتباع أحكام القرآن والسنة وإجماع الصحابة، فإذا خرج عليها وجبت معصيته. وقد أدرك الخلفاء أهمية الرأي العام فكانوا يهتمون بمعرفة آراء الرعية واتجاهات الرأي العام منها، وقد استفاد نظام الحكم في الإسلام من تجارب الأمم والحضارات السابقة عليه. وقد كان المعنى الديمقراطي مألوفاً ومتميزاً مع طبيعة الحياة العربية. وتأكد من خلال المفاهيم الإنسانية التي أوفى بها الإسلام نصونه مما يجعلنا أميل إلى الحكم بأن الراي العام في صدر الإسلام كان يقوم على أسس صحيحة في جملتها، وإن لم يكن قد صار إلى ذلك التعقد الذي نراه في العصور الحديثة.

في العصر الحديث

عقب القرن الخامس عشر وعصر النهضة، اخترع “جوتنيرج” آلة الطباعة، وانتشرت الفلسفة والعلوم، وبدأ الباحثون يهتمون بدراسة العلوم الإنسانية، وشملت أوربا حركة فكرية قوية في كافة المجالات. وظهرت الدولة القومية، وأتيح للعامة قدر أكبر من المعرفة والإلمام بالقراءة والكتابة وظهرت الصحف، مما أتاح للكلمة المكتوبة دوراً أكبر في التأثير في الراي العام، والذي تعمق بالتطورات التي أدخلت على آلات الطباعة كما تقدمت وسائل المواصلات تقدما كبيراً.

وظائف الرأي العام:

يقصد بكلمة وظيفة في الرياضيات وعلم الاقتصاد العلاقة بين متغيرين أو أكثر، أما في علم السياسة فإنها تستخدم لتشير على قصد أو هدف أو برنامج معين، وفي هذا المعنى فإن الوظيفة هي غرض يقصد الفاعل أو مجموعة الفاعلين إليه. ويسعى إلى إنجاز بعض المسائل من خلاله، سواء تم إنجاز هذه النتائج بالفعل أم لا.

وظائف الرأي العام في المجال السياسي: 

يعد الرأي العام أحد القوى السياسية الفعالة داخل الوجود السياسي، في تحديد طبيعة الأوضاع المرتبطة بالتعامل بين الحكام والمحكوم. وفي إطار هذا التعامل يمارس الرأي العام مجموعة من الوظائف السياسية وأهمها ما يلي:

أولا: تحديد طبيعة الممارسات السياسية:

ويمثل دور الرأي العام هنا في مجموعة من الوظائف هي:

التأثير على القرار السياسي: 

تعتبر سلطة الشعب في الدول الديمقراطية أعلى السلطات فيها، ولذلك فإنه من المفترض أن القرارات الهامة في الدولة يجب أن تنبني على الرأي العام، بمعنى أنه من اللازم أن يعكس نشاط الحكومة اليومي بطريقة أو بأخرى هذا الرأي.

التأثير على الانتخابات:

تسمح عمليات الانتخابات والتصويت وبخاصة في الدول الديمقراطية، باختيار القيادات السياسية وتشكيل السياسة القومية في شكلها النهائي. والزعماء السياسيون هم زعماء في إطار الحدود التي يرسمها ويتقبلها الرأي العام. ويمارسون السلطة في إطار الحدود التي يرسمها ويتقبلها الرأي العام.

الرأي العام أحد العوامل المؤثرة على الحكم:

يفترض في المسؤولون في أي حكومة أنهم يمثلون الشعب تمثيلاً صحيحاً وأنهم يعكسون الرأي العام، ولعل هذا يبرر الوعود التي يقدمها السياسيون للجماهير أثناء الانتخابات، والكلمات البراقة والخدمات الشفهية. ويفسر لنا أيضا أن كثيرا من الحكومات الديمقراطية عندما تضع سياستها وتمارس أعمالها فهي تمارسها على هدي اتجاهات الرأي العام وفي ظل الديمقراطية التي تعمل من خلالها من أجل جماهير الشعب.

ثانيا: المتابعة السياسية:

لا تقتصر مهمة الرأي العام على الانتخابات فقط، وإنما تمتد لتشمل جوانب أخرى في الممارسة السياسية، مثل:

مناقشة الحكام واستجوابه وتقديم النصيحة للحكام، وتذخر التجربة الديمقراطية بالأمثلة الحية لهذين الجانبين.

ثالثا: إنجاح خطط الدولة: 

يعمل الرأي العام على إنجاح خطط الدولة في التنمية الشاملة، كما يقوم بدور في إحباطها إذا لم تتمكن الدولة من إقناع الراي العام بتوجهاتها. ولهذا تسعى الحكومات بأساليب مختلفة إلى دعوة الناس إلى المشاركة والمساهمة في وضع هذه الخطط وفي تنفيذها. ولهذا فإن نجاح الدول في تحقيق التنمية الشاملة يعتمد اعتماداً كبيراً على قدرتها على خلق رأي عام مساهم ومشارك ومتفهم.

رابعا: تحديد ملامح السياسة الخارجية:

للرأي العام دور هام في تحديد ملامح السياسة الخارجية، كما تقول الدكتورة شاهيناز طلعت وباحثون أخرون، فعلى الرغم من أن الرأي العام قد يبقى في الظل فيما يتعلق بتكوين السياسة الخارجية إلا أنه يمارس بعض الضغوط فيها حتى في ظل الدولة الدكتاتورية. فالجهة التي تضع السياسة الخارجية لابد، وإلى حدود معينة، أن تأخذ في اعتبارها وهي تضع تلك السياسة رغبة الشعب أو على أقل تقدير ما يمكن أن يتقبله.

خامساً: مساندة الأفكار السياسية:  

للرأي العام أهمية بالغة في مساندة الأفكار الاجتماعية والسياسية. بل يمكن القول إن نجاح أي فكرة أو اتجاه سياسي أو اجتماعي يتوقف على مدى ميول الرأي العام لهذه الفكرة أو هذا الاتجاه.

سادسا: التحديث السياسي:

التحديث السياسي ينطوي على معنى التنمية السياسية، أو بمعنى أخر ينطوي على فكرة بناء وتطوير الهيكل المؤسسي والأبنية اللازمة والقادرة على استيعاب التقاليد الجديدة التي تخلقها حركة التغيير الاجتماعي.

سابعاً: الحفاظ على الروح المعنوية:

الروح المعنوية العالية ما هي إلا اهتمام أفراد الجماعة وحماستهم لهذا الرأي العام القوي.. فالرأي المحبب إلى النفوس الذي يعتنقه أفراد أي جماعة عن القيم السائدة هو الذي يخلق الروح المعنوية العالية. ولذلك فإن الجماعة التي ينقسم فيها الرأي ويسودها الخلاف وينقسم فيها المجتمع إلى طبقات متقارنة وتغلب فيها المصالح الخاصة على المصالح العامة تنخفض فيها الروح المعنوية. إن تأييد الرأي العام أمر أساسي إذا أريد أن يكون هناك روح معنوية عالية.

ثامناً: إصدار القوانين والتصديق عليها:

الرأي العام هو النسيج الذي تصنع منه القوانين في المجتمعات الديمقراطية، فليست القوانين إلا تعبيراً عن رغبات الرأي العام وضمانا للنظم الاجتماعية والمثل الأخلاقية التي يؤمن بها الجميع ويسعون إلى تحقيقها. وينوب عنهم في صياغة هذه القوانين مباشرة من الرأي العام.. فعندما يُصدر الرأي العام مشكلة معينة ويصل إلى حل “يكون رأي”.. يكون بمثابة قرار يمكن أن يصاغ في شكل قانون.

مظاهر الرأي العام

نعني بمظاهر الرأي العام أنماط السلوك التي يستخدمها الجمهور في التعبير عن وجهات نظرهم واتجاهاتهم نحو القضايا والمشاكل التي تمس مصالهم وتتعلق باهتماماتهم.

مظاهر التعبير عن الرأي العام إلى قسمين:

          أولا: المظاهر الإيجابية:

وتمثل في:

  1. الثورات.
  2. المظاهرات العامة.
  3. اختلاق الشائعات.
  4. الندوات والاجتماعات واللقاءات العامة.
  5. استخدام أجهزة الإعلام للتعبير عن الراي العام.
  6. الانتخابات.
  7. برقيات ورسائل التأييد والمعارضة.

ثانيا: المظاهر السلبية للرأي العام:

وتتمثل في:

  1. المقاطعة.
  2. السلبية والاستهتار.
  3. الإضراب عن العمل والاعتصام.

خصائص الرأي العام

أولا: الخصائص العامة:

يتفق عدد كبير من الباحثين بشأن عدداً من الملاحظات الأساسية عند تحديد خصائص الرأي العام من أهمها:

  • إن الرأي العام يمثل ظاهرة معنوية ويجب الاعتراف به وبدوره وتأثيره في المجتمع.
  • يأخذ الرأي لعام شكل عملية متتالية المراحل تتضمن التفاعلات المختلفة وملابسات تكوين الرأي والتعبير عنه.. وهذه العميلة بمراحلها المتتالية تتم في إطار المجتمع بظروفه المختلفة.
  • لا يترتب على مخالفة الرأي العام جزاءات قاسية كفقدان العضوية في المجتمع، لأن الرأي العام هو رأي الأغلبية فقط، ولهذا فإنه توجد أقلية دائما لا تتبنى وجهة نظر الأغلبية.
  • للراي العام تأثيراً كبيراً على صناعة القرار. وهو ما يعطيه أهمية مغزى حقيقيا.. ولهذا فإن دراسة الرأي العام دون تتبع مسار تأثيراته على الحياة السياسية تعد مبتورة أو ناقصة تفتقر إلى مقومات الاكتمال والفهم الصحيح.

ثانيا: الخصائص في ضوء مناخ تكوين هذا الرأي:

وتتمثل فيما يلي:

  • الاتجاه: بمعنى تحديد درجة موافقة الفرد أو معارضته أو إعلان مواقفه بشأن أحد الحلول البديلة المتاحة لحل المسألة المثارة.
  • المجال: بمعنى اتساع أو ضيق المسائل المثارة أي نطاق وحجم الرأي العام.
  • القوة: أي مدى ارتباط الرأي بعواطف وانفعالات الجماهير، أي مدى الاهتمام.
  • العمق: أي مدى رسوخ الراي لدى الفرد وما يمثله هذا الرأي يمن قيم ومشاعر لديه.
  • التركيز: أي مدى اعتماده على الاتجاهات والموافقة الغالبية القوية لدى الجماعات المكونة للرأي العام.
  • الثبات: بمعنى مدى ثبات الرأي العام نسبيا بالنسبة لنقطة ما.
  • المضمون: لتديد مدى قيام الرأي العام على معرفة حقيقته بالموضوعات والقضايا المثارة.

ثالثا: خصائص تتعلق بسلوكيات الرأي العام:

عزى تحديد هذه الخصائص إلى الباحث الأمريكي “كانتريل” والتي توصل إليها من خلال دراسته لمعنويات المدنيين في الولايات المتحدة الأمريكية أثناء الحرب الثانية وأهمها:

  1. إن الرأي العام شديد الحساسية بالنسبة للحوادث الهامة.
  2. إن الأحداث الاستثنائية قد تحول الرأي العام النقيض إلى النقيض بصفة مؤقتة، كما قد تحوله من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، حتى تتضح الأمور أمام جماهير. ذلك لأن الرأي لا يصبح مستقرا حتى ينظر الناس إلى الأحداث بشي من التعقل.
  3. إن الرأي العام يتأثر بالأحداث أكثر من تأثره بالأقوال إلا إذا تم تفسير هذه الأقوال على أنها أحداث.
  4. تصبح التصريحات الشفهية، وبيان طرق العمل، بالغة الأهمية عندما يكون الرأي العام غير متبلور، وعندما يكون الجمهور قابلاً للاستهواء، باحثاً عن بعض التفسير من مصدر موثوق به.
  5. الرأي العام بصفة عامة لا يتوقع الحوادث الطارئة مقدما، ولكنه يستجيب لها فقط من خلال رد الفعل.
  6. لا يبقى الرأي العام منفعلاً لمدة طويلة إلا إذا شعر الناس أن المسألة تتعلق بمصالحهم الذاتية بشكل واضح جدا.
  7. عندما تثار المصلحة الذاتية يحتمل أن يتقدم الرأي العام في المجتمع الديمقراطي السياسية الرسمية ويسبقها.
  8. إن الحقيقة الواقعية تميل إلى جذب الرأي العام في صفها بالرضا والقبول عندما يكون الرأي العام غير متبلور تبلورا كاملا.

خصائص أخري:

  1. يصبح إبان الأزمات شديدي الحساسية بالنسبة لكفاية زعمائهم.
  2. الناس أقل معارضة ي تقبل القرارات الخطيرة التي يتخذها زعماؤهم إذا كانوا يشعرون أنهم ساهمة معهم وشاركوهم في اتخاذ هذه القرارات.
  3. يبدي الناس آراء أكثر ويتمكنون من تكوين آراء بسهولة أكثر بالنسبة للأهداف في حالة اختيار الطرق المؤدية لتحقيق الأهداف.
  4. الرأي العام – شأنه في ذلك شأن الرأي الفردي – قد تلونهُ الرغبة أو الهوى.
  5. إذا تم تزويد الناس في المجتمع الديمقراطي بالمعلومات الصحيحة وفرص التعليم والوقوف دائما على الحقائق، فإن الرأي العام يصبح أكثر تعقلاً وصلابة.

التغيرات التي قامت نتيجة للرأي العام:
– تغيرات في الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية
– تقدم العلم والتكنولوجيا
– قيام النظم الديمو قراطية
– التوسع في حق الانتخاب وانتشار التعليم

 العوامل التي ساعدت على زيادة نفوذ الرأي العام
– قيام المدن والتجمعات – انتشار التعليم
– قيام الثورة الصناعية – ظاهرة الصالونات
– الحروب الدولية – النشاط الدعائي والتقدم العلمي
– تقدم الاتصال – قيام النظم الديموقراطية

تحول الراي العام إلي قوى سياسية

هناك العددي من العوامل التي أدت إلى أن يتحول الرأي العام في العصر الحديث إلى قوة سياسية قادرة على الفعل في والتأثير في المجال العام. ويمكن استخلاص ذلك من خلال الوقوف على عدد من العناصر منها:

أ/ مقومات الرأي العام.

ب/ العلاقة بين السلطة والأفراد.

ج/ العوامل الوسيطة التى تحرك الرأي العام “دور وسائل الاتصال الجماهيري”.

د/ محفزات الرأي العام.

مقومات الـــــــــرأي العــــــــــام:

أولاً: العادات والتقاليد والقيم المتوارثة (ليست رأيا عاما لكن تؤثر عليه)

تعكس طبيعة النظام الاجتماعي السائد في مجتمع من المجتمعات، فالتقاليد لدى هذه المجتمعات هي خير الزاد ويقع الأفراد فريسة لها. وتتميز الشعوب وخاصة ذات التاريخ العريق باحترامها لتلك العادات والتقاليد وتعلقاً بها. وغالباً ما تكون هذه العادات والتقاليد عصية على التغيير أو على تقبل التغيير، وتتقبل الشعوب عادة معتقداتها المتوارثة بخيرها وشرها على أساس أنها حقائق بديهيات لا تقبل الجدل أو إبداء الرأي. وقد تشمل هذه المعتقدات نواحي أخلاقية اجتماعية كانت مثار جدل في أزمة سابقة ثم انتهت إلى الصورة التي تقبلها الجميع، ويعتبر التراث الحضاري والثقافي لكل أمة من أهم العوامل التي تؤثر في تكوين الرأي وتشكيلة، بينما تتحمل أجهزة الإعلام المسؤولية عن دحض هذه العادات والتقاليد أو ترسيخها.

ثانياً: الدين:

يعتبر الدين بالنسبة للجماهير “الشعب” من المسلمات التي لا تقبل الجدل، وتعود جذور الدور المؤثر والفاعل للدين إلى قرون طويلة سابقة فلقد لعبت الكنيسة دوراً أساسيا في حياة الكثير من الشعوب وفي مختلف البلاد التي انتشرت فيها المسيحية، ولعب الإسلام دوراً بارزاً في حياة الشعوب التي اعتنقته منذ فجر الدعوة الإسلامية. ويعد الدين أحد مقومات النظام الثقافي، فالدين من العناصر الحضارية الراسخة التي تقبل أساسياتها الجدل وجوهر الدين يبقى ثابتاً لا يتزعزع. ويعد الدين عنصراً أساسياً من عناصر تكوين الرأي العام ويشكل مصدراً من مصادر الرأي العام.

ثالثاً: التربية والتعليم

تسهم المؤسسات التعليمية في تكوين الرأي العام، من حيث مضمون المعرفة، وتؤثر في اتجاهه وقوته، حيث تؤثر في سلوك الأفراد وآرائهم واتجاهاتهم، إلى جانب مهامهم الأساسية في إكسابهم القدر الكافي من المعلومات العامة والمتخصصة.

رابعاً: النظام السياسي السائد داخل الدولة:

يؤثر شكل النظام السائد في الدولة في تحديد العلاقة بين الجمهور والقادة السياسيين، فالنظم السياسية المفتوحة أكثر تقبلا للرأي العام، ويكون صانع السياسات فيها أكثر حرصاً على قياس الرأي العام والاستجابة لرغباته. بينما في النظم السياسية المغلقة يمثل الرأي العام رد فعل للسلطة التي غالبا ما تواجهه بالتجاهل أو القمع أو التبرير لمواقفها من خلال آلة إعلامية ودعائية كبيرة.

1 ـ النظم الديمقراطية:

حيث تسود حرية الفكر والاعتقاد وإبداء الرأي المخالف علانية بالنسبة للمسائل العامة دون خوف، وتعتبر الحياة الحزبية ضرورة من ضرورات الحياة السياسية، فالحياة الحزبية تتميز بالحرية والانفتاح تعتبر ظاهرة صحية للنظام السياسي، وتسعى الحكومات الديمقراطية إلى التأثير في الرأي العام طمعاً في الحصول على تأييد الغالبية الشعبية وتلجأ إلى عدة وسائل لتحقيق ذلك من أهمها:

  • العمل على تنمية وزيادة الوعي السياسي لدى الجماهير (يعتمد على درجة الثقافة والتعليم التي وصل إليها أفراد الشعب).
  • ضرورة عرض الحقائق كاملة على الرأي العام (يساهم في القضاء على الشائعات وعدم ظهور تقلبات مفاجئة في اتجاهات الرأي العام).
  • استخدام وسائل الإعلام في التأثير على الرأي العام (استخدام وسائل الإعلام في شرح سياستها ومحاولة صياغة الرأي العام وتوجيهه الوجهة التي تتفق مع الصالح العام).
  • الاهتمام باستطلاع الرأي العام (دراسة اتجاهات الرأي العام ورسم السياسات المناسبة لمواجهتها).
  • توفير الحرية للتنظيمات السياسية الشعبية (يتسم بالعمق والاستنارة والعقلانية والثبات النسبي والظهور والوضوح والتعبير السلمي عن نفسه).

2ـ النظم غير الديمقراطية:

هي النظم التسلطية التي تقوم فيها السلطة الحاكمة بالتسلط والسيطرة على أفراد الشعب وتتحكم في آرائهم وتحد من حقوقهم وحرياتهم. ومن أمثلتها نظم الحكم الشيوعية والنازية والفاشية وعدد من دول العالم الثالث المختلفة التي تدعى تطبيق الحكم الديمقراطي وهي في الواقع بعيده كل البعد عنه للضغط والتسلط. فالنظم الديكتاتورية تضع القيود على الحرية الفردية والجماعية وتفرض الرقابة على وسائل الإعلام وفي الغالب تمتلك الدولة نفسها هذه الوسائل وتحظر تملكها على الأفراد والجماعات والهيئات، وتقوم بدعاية قوية لا تتورع فيها عن استخدام الأساليب المنافية للأخلاق كالكذب والخـــــــــــداع والتضليل والتهويل فضلاً عن حجب الحقائـــق عن الشعب.

وتكون النتيجة هي خلق رأي عام “مصطنع”. من أهم سماته في النظم غير الديمقراطية وجود رأي كامن غير ظاهر سطحي وغير عميق، وينعدم التعاطف والتضامن والثقة والفهم بين الحكومة والشعب. والأوضاع السياسية القائمة داخل الدولة تؤثر في تكوين الرأي العام بها، ومن ثم نري الاستبداد بالرأي والاستعلاء على الجماهير واحتقارها وإشاعــــــــة التعسف والإرهاب، فإن هذا يــــــــــؤدي حتما إلى سلبية الرأي العام في الدولة إذ يحل محله (الخوف العام) أو (السخط العام).

خامساً: الزعامة

يرتبط موضوع الزعامة بتكوين الرأي العام ارتباطاً عضوياً وثيقاً، باعتباره عنصراً رئيسي بالغ الأهمية يلعب دوراً خطيراً في تشكيل الرأي العام وفي التأثير على اتجاهاته، والزعامة: هي قيادة الجماهير والتأثير في معتقداتها وتشكيل آرائها بطريقة تحقق الأهداف المرجوة، والزعيم الحقيقي هو الذي تتمثل وتتركز فيه آمال الشعب وأحلامه وتطلعاته والذي يستمد قواته من إدراكه لرغبات شعبه ومطالبة واحتياجاته والزعيم كما عرفه اليندمان هو الشخص الذي يتقبل الناس آراءه وحكمه ويتأثرون به.

وعادة ما تكون أفكار الزعيم تحوي كل ما يحقق لأمته الخير وما يقوي الروح المعنوية ويدفع بالعجلة الاقتصادية والاجتماعية إلى التقدم.

الزعيم الناجح هو الذي يتميز بالقدرة على استكشاف اتجاهات الرأي العام والتعبير عن هذه الاتجاهات.

تنقسم الزعامة إلى ثلاثة أنواع تبعاً لطبيعة الرسالة التي يؤديها الزعيم:

الزعامة الدينية

هي زعامة روحية خالصة يعبر الأنبياء والرسل أروع مثال لها، وتستوجب رسالتهم مخاطبة العقول وتدعو إلى المحبة والإخاء والمساواة والعدل والرحمة والحرية. ويمتاز الزعماء الدينيون بقوة المنطق والأخلاق الحميدة والبلاغة الشديدة والصفاء الذهني وسمو الروح والبعد عن المطامع الشخصية والإغراض الدنيوية، وبالتالي يكون تأثيرهم على الجماهير تأثيراً بالغاً، ويتحد من خلفهم الرأي العام، يطيع تعاليمهم ويعمل بها وينشرها بين الجماهير.

الزعامة الاجتماعية:

تظهر في أوقات الشدائد ومن أمثلتها الحقوق المدنية والإصلاح والعدالة.

الزعامة السياسية:

وتنقسم إلى نوعين:

  • الأول: القائد الطاغية: يصل إلى الحكم في أوقات الأزمات العنيفة يشيع اليأس، ويتحين الفرصة لكي يتقدم هذا القائد الانتهازي إلى الأمة، ويستولي على قيادتها بالأماني والوعود المعسولة التي يوزعها بلا حساب مستغلاً الحالة النفسية والعقلية للجماهير.
  • الثاني: الزعيم: لا يدعي العصمة ولا استلهام الوحي، يؤمن بالعلم والتجربة والخطأ، ويستفيد من الأخطاء التي كشفت عنها التجربة، ويضع دائماً نصب عينية أن الشعب هو الزعيم الحقيقي وأن زعامته ليست تفويض من الشعب.

سادساً: المناخ الاقتصادي:

يؤثر الوضع الاقتصادي للدولة في الرأي العام تبعاً لتأثيره في المصلحة الخاصة بالأفراد. يرجع الفكر الماركسي تأثير الرأي العام بالعوامل الاقتصادية أو البناء التحتي. ومن ثم فالجماهير التي تمثل الطبقة الفقيرة من العمال لا تستطيع البحث عن المعلومة والتحقق منها، ومنشغلة طوال الوقت بالتكدس في المصانع ويصعب عليها أن تصل إلى الحقيقة التي تحتكرها البرجوازية. ويعللون ذلك بعدم الوعي أو الوعي الزائف الذى تصنعه الطبقة الحاكمة لخداع الشعوب.

أما الفكر الرأس مالي يحاول أن يقلل من الدور الذي يلعبه العامل الاقتصادي بالنسبة للرأي العام، لدرجة أن البعض يعتبره دور ثانوي في كثير من الأحيان، ويحاول بطريقة أو أخرى إثبات ضعف وتيرة.

المصدر الأصلي: منتدى الباحثيين السياسيين العرب

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى