نظرية العلاقات الدولية

مدخل لدراسة العلاقات الدولية

Table of Contents

  مقدمة العلاقات الدولية

تتميز حركة المجتمع الدولي بكونها دائمة، متسارعة ومستمرة باستمرار،حيث بتواجد الدول توجد حاجتها إلى بعضها البعض، هذه الحركة تتجاذبها مجموعة من التناقضات تنعكس إما سلبا أو إيجابا على طبيعة المجتمع الدولي، الذي تجري فيه سلسلة من الأحداث المتتابعة، تنشأ وتزدهراو تسوء، وقد تتدهور وتضمحل وتفنى، لذلك كانت دراسة الدول لا تخرج عن تتبع هذه الأحداث والظواهر الدولية بكل تمظهراتها ومشاكلها وسياساتها، فهي تجسيد للواقع الدولي و مجال للبحث في القضايا الدولية.

والمجتمعات البشرية مثلها مثل الأفراد لا يمكنها أن تعيش منعزلة عن بعضها البعض، حيث كل مجتمع منها لا يمكنه أن يوفر متطلبات حياة الأفراد فيه بنفسه، فكان لا بد من الاتصال المباشر، من أجل التعاون بين بني البشر، هذا التعاون الذي يؤدي إلى تواصل الحياة البشرية، واستمرارها، ومن ثم تقدمها وتطويرها.

إن حاجة المجتمعات البشرية لبعضها بعض ولدت بينها شبكة من السلوك والتصرفات أو المعاملات التي هي بمثابة حقوق وواجبات ينبغي حفظها لأصحابها، وبذلها لمستحقيها.
ومن المعلوم أن البشر مفطورون على حب السيادة والتملك، وأن طباعهم في الغالب لو لم تهذب فإنها تميل إلى العدوانية والشر.
من أجل ذلك كله كان لابد من تنظيم العلاقات بين المجتمعات البشرية، على اعتبار أن كل مجتمع هو كيان مستقل بحد ذاته، له حقوقه المترتبة على تعامل الآخرين معه، وعليه واجباته تجاه هؤلاء الآخرين، من هنا بدأت فكرة العلاقات الدولية بين التجمعات البشرية، وسادت بين البشر منذ القدم مجموعة من العادات والأعراف التي تضبط هذا المجال، والتي كانت لها مكانتها بين الشعوب المختلفة، واحترامها عند كثير من الأمم.

مفهوم العلاقات الدولية

مع أن العلاقات الدولية قائمة منذ أبعد العصور، إلا أنها لم تتبلور كعلم في العلوم الاجتماعية إلا حديثا ، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية في طليعة الدول التي أقبلت على هذا العلم بعد الحرب العالمية الأولى ، وعهدت بتدريسه في جامعاتها بعد تخليها عن عزلتها الدولية و توجهها نحو الاهتمام بالشؤون الدولية، مما حتم عليها معرفة كيفية التعامل مع الغير ، من ذلك دراسة الأسس التي تقوم عليها العلاقات الدولية.
بعد ذلك اهتمت الجامعات الأوروبية بهذا العلم و دراسته تحت أسماء مختلفة، كالشؤون الدولية أو السياسة الخارجية أو المنظمات الدولية و غيرها، غير أن تدريس هذه المادة من قبل أساتذة غير متخصصين أدى إلى التشعب في مضمونها.

تعريف العلاقات الدولية

هي مجموع العلاقات الاقتصادية والسياسية والإيديولوجية والقانونية والدبلوماسية ما بين الدول ، أو ما بين الدول والمنظمات الدولية والقوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية الموجودة على الساحة الدولية ، أي مجموع العلاقات ما بين الشعوب بالمعنى العريض لهذه الكلمة . تكثفت التعاريف حول مفهوم العلاقات الدولية، حيث هناك من يرى أن السياسة الخارجية مظهر من مظاهرها ، عن طريق العلاقات السياسية للدولة مع دولة أخرى، ورأى بعضهم ان العلاقات الدولية هي تلك القوى الأساسية الأكثر تأثيرا في السياسة الخارجية، اما البعض الاخر فعرف العلاقات الدولية بأنها مجموعة من الأنشطة المختلفة كالاتصالات الدولية والتبادل التجاري و المباريات الرياضية .
إن دول العالم لا يمكنها أن تعيش في عزلة عن بعضها البعض، و كل دولة لا بد أن تكون لها حركة فاعلة في المجتمع الدولي، وهذه الحركة إما أن تكون في اتجاه السلم وإما أن تكون في اتجاه الحرب، وعليه لا بد أن تكون بين الدول مجموعة من الأفعال و ردود الأفعال في مجال السلم وما يمثله من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وغيرها، ومجال الحرب و ما يمثله من الجوانب التي تتعلق بإعلان الحرب، وحقوق الأسرى، وحقوق المدنيين وقت الحرب وغير ذلك، من هنا نستطيع أن نقول أن العلاقات الدولية هي مجموع السلوكات والتصرفات المتبادلة بين دولة وغيرها من الدول والجماعات وفقا لأحكام القانون والأعراف.

السياسة الدولية

السياسة الدولية هو نشاط وتفاعل الدول في المضمار الدولي ، و العلاقات الدولية هي نظام الروابط الواقعية ما بين الدول كنتيجة لنشاطاتها ، فالسياسة الدولية تعتبر عنصرا فعالا ومهما التشكيل وتفعيل العلاقات الدولية ، هذه العلاقات تتبدل باستمرار تحت تأثیر و ضغط السياسة الدولية وتؤثر في الوقت نفسه على مضمونها وصفاتها .

الترابط بين السياسية الداخلية والخارجية

تعتبر مشكلة الترابط والتفاعل بين السياسية الداخلية والخارجية من أكثر المشكلات تعقيدا التي كانت وما تزال مادة الجدال والنقاش في العديد من الاتجاهات النظرية في علم السياسية الدولية مثل الماركسية والواقعية الجديدة ، فمؤيدو الواقعية الجديدة يعتبرون أن السياسة الداخلية والخارجية لهما جوهر واحد ، لكن في الوقت نفسه تبقى هناك مجالات عديدة ومبدئية لنشاط الدول أما حسب الماركسية فالسياسة الخارجية هي انعكاس للطبقية و العلاقات الاقتصادية في المجتمع . نستنتج إذن أن :
1) شرح حتمية علاقة السياسية الداخلية والخارجية عديمة الجدوى.
2) في الظروف المعاصرة أصبح هناك تلاصق بين السياستين.
3) زيادة عدد الأشخاص الفاعلين خارج نطاق السيادة الوطنية لا يعني أن السياسة الداخلية فقدت
او ستفقد دورها ، بل تبقى السياسة الداخلية والخارجية مترابطتان ولكل منهما شكله.
4) صعوبة الوضع السياسي من أهم مصادر ظهور ممثلين متنوعين جدد العصابات مما يعقد
شرح العلاقات الدولية.

 مادة العلاقات الدولية

هل العلاقات الدولية جزء من العلوم السياسية أم أنها علم مستقل ؟
 العلاقات الدولية نواتها التفاعل السياسي هذا يعني أنها جزء من علم السياسة ، بشرط أن يكون
المقصود بكلمة السياسة هو السياسة الدولية.
 مادة علم السياسة تختص بالسياسة الداخلية فقط ، بينما العلاقات الدولية تختص بالسياسة
الخارجية.
 يوجد تداخل كبير بين السياسة الداخلية والخارجية من وجهة منظمة اليونسكو أن مادة العلاقات الدولية تشمل خمس مواد فرعية متصلة في ما بينها اتصالا وثيقا :
1) السياسة الدولية : وتتناول السياسية الخارجية للدول.
2) التنظيم الدولي : ويشمل دراسة أهم المنظمات الدولية.
3) القانون الدولي : يتناول دراسة القواعد القانونية التي تنظم علاقة الدول بعضها ببعض.
4) السياسة الخارجية.
5) الأمن الوطني.

أسباب دراسة العلاقات الدولية

1) تمثل العلاقات الدولية جزء من جهد الإنسان في سبيل فهم ذاته.
2) تستطيع دراسة العلاقات الدولية أن تقدم حلولا ناجعة لمشاكل السياسات الخارجية.
3) العلاقات الدولية تلعب دورا تعليميا في استيعاب المفاهيم والفرضيات.
4) العلاقات الدولية تمكن أي طالب من تحليل وتطوير الآراء السياسية.

العلاقات الدولية والتاريخ الدبلوماسي

 –التاريخ الدبلوماسي يرتكز على عرض تطور الحوادث والمفاوضات ، بينما تتناول العلاقات الدولية أسباب تلك الحوادث وتدرس العوامل المؤثرة في صنعها.
 التاريخ الدبلوماسي تنحصر مهمته في الزمان في تسجيل الحوادث ، بينما العلاقات الدولية تهتم
بالتكهن بالمستقبل من خلال معرفة الماضي والحاضر.
 التاريخ الدبلوماسي يساعد مادة العلاقات الدولية ، ويكون ضروريا لها لما يقدمه من معلومات فالتاريخ الدبلوماسي يعرف حوادث الواقع والعلاقات الدولية تفسر تلك الحوادث.

الفصل الأول : الملامح الرئيسية للمجتمع الدولي المعاصر وطبيعته

طبيعة وخصائص المجتمع الدولي

للحديث عن طبيعة المجتمع الدولي يتطلب الأمر جمع المعلومات وتصنيف المعطيات واستعمال آليات ووسائل كفيلة بإعطاء نظرة موضوعية حول الموضوع ، والحقيقة أن المجتمع الدولي يتميز بمجموعة من الخصائص عن المجتمعات الوطنية ، وتتغير مراكز القوة فيه ، ونجد هنا مدرستين متضادتين في تحديد طبيعة المجتمع الدولي ، المدرسة المثالية والمدرسة الواقعية.

المدرسة المثالية

ينطلق أصحاب المنهج المثالي في دراسة العلاقات الدولية من مقدمات عقائدية و ميتافيزقية و اخلاقية للانتهاء بالتحليل الفلسفي، هذه المدرسة قديمة قدم العلاقات الدولية، فمنذ فجر العصور الحديثة و الفلاسفة المثاليون يتناولون هذه العلاقات في ضوء القيم المثالية، و يعتبرون الضمير الانساني هو الحكم الأعلى في ضبط العلاقات، لكن المثالية لم تتبلور كمدرسة لها مفكريها إلا بعد الحرب العالمية الأولى، حيث وقف المثاليون موقف الرفض من مجموعة المبادئ السائدة في العلاقات الدولية، مثل مبدأ توازن القوى و مبدأ استخدام القوة و التقسيم المجحف للعالم خلال الحرب، و طرحوا مبادئ مقابلة تمثلت في الحقوق و الالتزامات القانونية الدولية كتب كوندور كت أساسيات المثالية للعلاقات الدولية في عام 1795 فقال بأن :
 الأساس الفلسفي : تعود جذور المدرسة المثالية إلى الفلسفة القديمة التي سعت إلى إقامة الحياة
الفاضلة والمدينة الفاضلة في المجتمع الإنساني.
الرأي العام والحكومة العالمية : ركزت المدرسة المثالية على دور الضمير الإنسان أو الضمير العالمي في ضبط العلاقات الدولية بواسطة وضع معايير أخلاقية.
المدافعون عن القانون الدولي : استند بعض المثالين إلى دور القانون الدولي في ضبط الاتصال
بين الدول وتأمين المصالحة المشتركة.
انطلقت هذه المدرسة من المبدأ القائل بميل الإنسان الفطري نحو الخير ، فهي تمثل تيار المتفائلين الذي يقول بأن المجتمع الدولي يتصف بالنظام ، بل هو جماعة بالمعنى الدقيق ، أي مجموعة من العناصر التي يسودها التضامن ، هؤلاء يؤمنون بوجود تنظیم دولي وبناء هيكلي للمجتمع الدولي ، ويقولون بوجود مصالح مشتركة ومتبادلة بين الدول ، ومن أبرز مناصري هذا الاتجاه فقهاء القانون الدولي والكثير من الفلاسفة وعلماء الاجتماع والسياسة.

الانتقادات الموجهة إلى المدرسة المثالية :

 مثل هذا النظام يمكن أن يظهر للوجود فقط في حالة أن المجتمع الدولي يتبع المبادئ الأخلاقية
في العلاقات المتبادلة بين الدول بدلا من استخدام القوة وهذا الشرط غير ممكن التطبيق.
 لإنزال مثل هذا النظام إلى الواقع لا بد من القضاء المبرم على النظم الشمولية بأي وسيلة
واستبدالها بالنظم الديمقراطية.
 لنجاح هذه الفكرة يجب إنشاء حكومة عالمية.
كانت القضية السياسية و الأخلاقية الاساسية التي وجهتها المدرسة المثالية هي “قضية الفجوة” القائمة في العلاقة الدولية بين الواقع المتمثل بالحرب العالمية الأولى و بين الطموح في بناء عالم أفضل، لكن هذه النظرية المثالية لم تصمد كثيرا أمام تحديات الواقع الدولي و تطور أحداثه، فإذا كانت قد انطلقت من مسلمات اخلاقية و قانونية و عقلانية و اعتمدت على الرأي العام في فهم مسار العلاقات الدولية، فإنها كانت عاجزة عن فهم الأسباب التي تدفع الدول لنهج سلوكات عدوانية هكذا ساعد فشل المدرسة المثالية على نشوء المدرسة الواقعية التي جاءت لتدرس ما هو قائم في العلاقات الدولية لا دراسة ما يجب أن تكون عليه العلاقات.

المدرسة الواقعية

أدت الحرب العالمية الثانية إلى إفلاس المدرسة المثالية وظهور المدرسة الواقعية التي تتبنى مفهوم الفوضى ، فهي تقول بأن المجتمع الدولي المعاصر يتسم بالفوضى ، حيث يعتمد على القوة ، فتتغير مراكز القوة وتحضر سياسة توازن القوى ، فهناك صراع دائم سرمدي أبدي بين الأمم ، وهو كما شبهه الفيلسوف توماس هوبز بالحالة التي يكون فيها الانسان ذئبا لأخيه الإنسان ، فهوبز يقول بحالة الطبيعة ، فإيمان الفرد بأن الآخرين يريدون تحطيمه يوجب عليه أن يكون مستعدا لحماية نفسه بتحطيم الآخرين ، وحججه في ذلك هي :
 تشتت السلطة في المجتمع الدولي . لا يمكن لدول المجتمع الدولي أن تشكل جماعة ذات مصالح مشتركة
 المجتمع الدولي لا يتوفر على الاندماج والتنظيم الحاصل في المجتمعات الوطنية
 سيادة سياسة القوة ، بما في ذلك قوة السلاح هكذا يرى أصحاب هذا الاتجاه أي المدرسة الواقعية ، بأن تناوب حالة السلم والحرب هي من أهم صفات المجتمع الدولي وليس للقانون الدولي أو الضمير الدولي أي أهمية.

مبادئ النظرية الواقعية

 إعطاء الحقائق معاني من خلال معرفة الأسباب.
 التركيز على مفهوم المصلحة الوطنية و على شرح النظرية النسبية.
 إعطاء أهمية كبرى للمناخ السياسي في تحديد القرار السياسي.
يجب تعديل المبادئ الأخلاقية وفقا للظروف و التعقل هو قمة النمو في السياسة.
 كل صناع القرار يركضون خلف مصالحهم الوطنية.
 –النظرية الواقعية تقبل نسبية مقاييس الفكر غير السياسي لكنها تعاملها كأنها تابعة للمقاييس السياسية.

فوائد النظرية الواقعية

 لها اهتمام ودعم من قبل خبراء التاريخ.
 –استفزت العلماء لكي يخرجوا نظرياتهم الخاصة.
 العلماء الذين نقدوا النظرية اعتمدوا على منظورها وهذا في حد ذاته دعم للنظرية.

الانتقادات الموجهة إلى المدرسة الواقعية :

 النظرية تعاني الغموض والتضارب لأنه لا يوجد تعريف عالمي لنظرية القوة.
– أن المجتمع الدولي لا يتكون فقط من دول.
– النظرية تفترض أن رجال الدولة يبحثون عن المصلحة الوطنية من خلال القوة وإذا كان هذا صحيحا فمعناه أن الدول في صراع مستمر.
– النظرية تفترض خطأ أن القوة هي أهم هدف تبحث عنه الدول .
– النظرية تفترض خطأ أن القوة هي العامل الوحيد المؤثر .
– أن المجتمعات الوطنية أيضا ليست مندمجة • مظاهر استعمال القوة موجودة أيضا في المجتمعات الوطنية.
– وظائف السلطة العامة ليست مفقودة في المجتمع الدولي.
– وجود بعض مظاهر الاندماج أو التعاون بين الدول خصوصا على المستوى الإقليمي.

طبيعة وخصائص المجتمع الدولي

النظام الدولي هو نمط التفاعل بين الفاعلين الدوليين في مختلف المجالات، و الفاعلون الدوليون هم مجموعة من الأطراف : الدول، والمنظمات الدولية، والشركات متعددة الجنسيات، بالإضافة إلى الأشخاص الذين يلعبون أدوارا دولية، كما هو الحال بالنسبة لقادة المنظمات الإرهابية أو تجار السلاح أو بعض الأشخاص الذين يملكون نفوذا عالميا بحكم طبيعة نشاطهم.

الفقرة الأولى : تغير مراكز القوة

النظام الدولي هو الأساس القانوني الذي تقوم عليه العلاقات الدولية ، خاصة العلاقات بين الدول الكبرى التي تصنع تلك العلاقات وفقا لمصالحها ، ثم تفرضه باعتباره المرجعية للعلاقات الدولية ، والنظام الدولي كغيره من الظواهر يتأثر سلبا أو إيجابا بالتطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والثقافية والعلمية والتقنية الحاصلة على مستوى العالم ، ويمكن التمييز بين ثلاثة نماذج للمجتمع الدولي :

أولا : نظام التعددية القطبية

يقوم هذا النظام على توازن القوى (الأقطاب)، حيث لا توجد فيه قوة سياسية واحدة تقوم بوظيفة القيادة داخل النظام الدولي. وتتم العلاقات بين القوى على أنها علاقات صراع وتنافس في الغالب بسبب غياب القوة القائدة.
ويقوم هذا النظام على خصائص أهمها :
 –تحالف القوى المتنافسة لمنع أي طرف من الهيمنة على النظام العالمي.
 العمل على زيادة مستوى القوى أو على الأقل المحافظة على توازن القوى لمنع هيمنة طرف.
 –في حالة حرب يجب عدم تقويض النظام القائم على التوازن ، فلا يجب القضاء على الخصم
تماما ، فخصم اليوم قد يكون حليف الغد.

ثانيا : الثنائية القطبية

يقوم هذا النظام على وجود قوتين سياسيتين تلعبان دور القيادة في النظام الدولي لأنهما تمثلان القوة الأعظم في هذا النظام . واللافت في هذا النوع من النظام الدولي أن القوى السياسية المختلفة تتمحوران حول القوتين العظميين اللتين تحاولان استقطاب كافة القوى السياسية في العالم. هذا النظام يتميز بالخصائص التالية :
 معاداة الحرب الشاملة ، وفي هذا الإطار ظهرت الأمم المتحدة كوريث لعصبة الأمم للقيام بدور عالمي يتمثل في تحقيق السلام وتصفية الاستعمار والحد من الاحتقانات.
 ولادة العالم الثالث وحركات من قبيل دول عدم الانحياز للخروج عن حالة الاستقطاب.

ثالثا : النظام الدولي أحادي القطبية

يقوم هذا النظام على سيطرة قوة سياسية واحدة فقط على كافة تفاعلات النظام الدولي، بمعنى احتكار طرف واحد للقوة السياسية في العالم ، حيث يملك هذا الطرف نفوذ سياسية واقتصادية وعسكرية هائلا ، بحيث يجعل من الصعوبة بمكان منافسته من قبل الأطراف الأخرى لفترة من الزمن. ومن أهم خصائص هذا النظام :
 نظام يقسم العالم إلى قسمين أغنياء في الشمال وفقراء في الجنوب
 تحكم المؤسسة الأمنية الكبرى في العالم وسيطرتها على السلطة فيه
 بروز النزعة العسكرية ضد الدول التي ما زالت تدور في فلك الثنائية القطبية
 الاستفراد بزعامة العالم وجعل بقية مكونات المنظومة العالمية على الهامش
 جعل المنظمات الدولية هيئات خادمة لمركز الزعامة في النظام الدولي
 الافتقار إلى العدل في العلاقات الدولية وبروز الطابع العدائي لكل مخالف
 النظر بمنظارين إلى قضية واحدة.
الفقرة الثانية :

 بنية المجتمع الدولي ( الفاعلون في العلاقات الدولية)            

تتعدد الأطراف المشاركة في الحياة الدولية ، فبجانب الدول كفاعل رئيسي هناك المنظمات الدولية

أولا : تعدد أطراف اللعبة الدولية

الدول هي أهم مقومات المجتمع الدولي المعاصر ، وتشكل السيادة أهم مرتكز تقوم عليه الدول ، وبذلك تعتبر متساوية من الناحية القانونية وإن كانت تختلف في الواقع من حيث قوتها وعدد سكانها لذلك تبقى الدول هي القوة المحركة للنظام الدولي المعاصر وأهم مؤثر فيه.

ومع ذلك يمكن القول أن هذا العصر هو عصر الولايات المتحدة الأمريكية ، فهي أكبر قوة وأكبر دولة ، فهي تملك مركز ثقل الدبلوماسية العالمية ومحور العلوم والتكنولوجيا والاقتصاد والسياسة ، ومع ذلك فلها وجه آخر ، فهي أكبر مصدر للسلاح في العالم ، والدولة الوحيدة التي استعملت القنبلة الذرية ، وأول دولة طورت القنبلة الهيدروجينية وأول دولة تطور القنبلة النيوتروجينية التي تقتل البشر دون المساس بالمعدات.
وإلى جانب الدول كفاعل رئيسي في السياسة العالمية في العصر الراهن ، نجد المنظمات الدولية التي لم يسبق للتاريخ أن شهد مثيلا لها ، حيث أنها تعتبر لاعبا ثانويا في السياسة العالمية له تأثيره القوي من خلال تفاعله من الفاعلين الرئيسيين أي الدول ومن خلال تحركاته داخل الساحة الدولية، نجد هنا المنظمات الدولية والاقليمية والمنظمات غير الحكومية التي تتخذ صفات مختلفة ، سیاسية اقتصادية نقابية خيرية ثقافية طبية مالية وحتى روحية ، والهدف الذي كان وراء نشوء هذه المنظمات هو تخفيف التوترات السياسية وتقليص حجم الفوضى في العالم وتكريس التعاون الدولي والمساهمة في تنظيم شؤون المجتمع الدولي ، وقد وصل الأمر إلى أن بعض المنظمات الدولية أصبحت ذات تأثير قوي يفوق تأثير كثير من الدول بحيث أن الدولة لم تعد الفاعل الوحيد في الساحة الدولية بل تدخلت هذه المنظمات الدولية في تنظيم شؤون المجتمع الدولي لكن دون أن تكون لها سيادة ، فحق السيادة مخول فقط للدول.

 ثانيا : آلية التنظيم الدولي

يتميز المجتمع الدولي بالتضامن الواقعي بين وحداته السياسية في غياب التضامن القانوني ، لذلك ولدت المنظمات الدولية من أجل إنشاء علاقات تعاون بين الدول ، وأصبحت هذه المنظمات شريكا قانونيا جديدا وبالتالي طرفا قويا في اللعبة الدولية ، كل ذلك من أجل تحقيق الأمن والسلم الدوليين. نجد من أبرز هذه المنظمات منظمة الأمم المتحدة وهي تنظيم دولي يرعى السلم والأمن الدوليين كما أشارت إلى ذلك المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة ، فهي تتخذ التدابير اللازمة لمنع الحروب والعدوان والتهديد باستعمال السلاح والحفاظ على الاستقلال السياسي للدول ، هذا جانب سلبي لمفهوم الأمن الجماعي ، أما الجانب الايجابي فهو اللجوء الى الوسائل السلمية لحل المنازعات الدولية ، وقد عهدت إلى مجلس الأمن بحفظ الأمن والسلم الدوليين ، واتخاذ إجراءات في حالة تهديد السلم أو وقوع العدوان ، فميثاق الأمم المتحدة يفرض على الدول الأعضاء تقديم المساعدة للأمم المتحدة في حالات رد العدوان ، ويعطي لمجلس الأمن سلطة اتخاذ تدابير عقابية . لكن ورغم النصوص القانونية والمنظمات الدولية الهادفة إلى تحقيق الأمن والسلم الدوليين ، فإن المجتمع الدولي فشل في منع الحروب على أرض الواقع ، فقرارات الأمم المتحدة رقم 232 و 338 و 425 المتعلقة بالكيان الصهيوني توجبه بالانسحاب ووقف العدوان بل إجباره على ذلك باستخدام القوة في حالة عدم الاستجابة ، لكن لا شيء من ذلك حصل ، في حين تم تطبيق هذه المقتضيات القانونية الدولية مع تجاوزات كثيرة عند غزو الكويت من طرف العراق.

متغيرات الحياة الدولية

شهد العالم منذ التسعينات أحداثا كبرى وتحولات أثرت كما وكيفا على الساحة الدولية .

التحولات

تميزت هذه التحولات بخصائص نذكر منها تغير بنية النظام العالمي ثم عولمة الأيديولوجيا اللبرالية بعد انتصارها على الأيديولوجيا الاشتراكية ، ثم هيمنة الولايات المتحدة.

أهم التحولات

1) انهيار النظام العالمي الذي قام بعد الحرب العالمية الثانية ، من ذلك انتهاء الحرب الباردة وسباق
التسلح بين حلف وارسو والحلف الأطلسي ، وبذلك انتهت الحروب التي كانت تخوضها دول العالم الثالث بالوكالة عن الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي ، ثم تضاؤل دور الجمعية العامة للأمم المتحدة لحساب مجلس الأمن الذي تقوی دوره نسبيا بقدر قوة الولايات المتحدة في التأثير على أعضائه الدائمين.
2) دخول حركة دول عدم الانحياز في حالة انعدام توازن ، وأصبحت تعاني من أزمة وجود وتفكك.
3) انطفاء بعض البؤر المشتعلة في أفريقيا وأمريكا الجنوبية
4) تقسيم العديد من الوحدات السياسية إلى وحدات أصغر كالاتحاد السوفياتي ويوغوسلافيا ، هذا
التفكك تزامن مع اقامة وحدات اقتصادية كبرى في أوروبا وأمريكا وآسيا.
5) ظهور قوى عالمية منافسة للولايات المتحدة لكنها غير معادية لها ، كالاتحاد الأوروبي واليابان
والصين وألمانيا وروسيا.
6) انفراد الولايات المتحدة الامريكية بقيادة العالم
7) زيادة الفجوة الاقتصادية والتكنولوجية بين دول الشمال ودول الجنوب
8) تميز التدبير الأمريكي للعالم بالازدواجية ، عوض المعاملة بالمثل , مثال ذلك إسرائيل .

التطورات

1) التطور الذي طرأ على وضع الدولة كشخص من أشخاص القانون العام الدولي ، حيث لم تعد
وحدها مخاطبة بهذا القانون ولم تعد وحدها الفاعل في منظومة العلاقات الدولية ، بل ظهرت أشكال قانونية جديدة جديدة كالمنظمات الدولية غير الحكومية وجماعات الضغط الدولية والهيئات والمؤسسات الدولية والشركات متعددة الجنسيات ، كل هذا أصبح يطلق عليه اسم ” المجتمع المدني الدولي “.
2) بروز مفهوم العالمية أو الكونية
3) بروز مشکلات دولية جديدة كالتلوث البيئي ونقص المياه واللاجئين والإرهاب والعنف السياسي
4) تغيير مجموعة من المعطيات السياسية كالثنائية القطبية والحرب الباردة والاستعمار وعدم
الإنحياز
5) إعادة النظر في مفهوم السيادة نتيجة لضرورات الحياة الدولية المعاصرة
6) العولمة ، بمعنى السير نحو تأسيس هيئات مجتمع مدني دولي وزيادة التدخل في الشؤون الداخلية
للدول بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ البشري في شكل يحمل الكثير من سمات العولمة.

العولمة :

جملة من التغيرات التي ينبغي أن تسود العالم دو عوائق ولا اعتبار فيها للحدود القومية.

عناصر عملية العولمة :

• يتمثل صلب العولمة باتجاه تحرير الاقتصاديات العالمية على نمط السوق الحر
• لتحقيق تحرير الاقتصاديات العالمية تصبح الليبرالية السياسية مطلبا ضروريا
• تسعى العولمة إلى إزاحة الحواجز الجغرافية في العلاقات الدولية.
 –تجسد العولمة تفوق النمط الأمريكي باعتباره النموذج الذي يتعين على العالم الاحتذاء به.

الفصل الثاني :

 أسس ومرتكزات العلاقات الدولية

هناك المرتكز القانوني ، المرتكز الدبلوماسي ، المرتكز الاستراتيجي ، المرتكز الاقتصادي.
أولا :

 المرتكز القانوني

الدول في علاقاتها تستند الى القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة سواء في حالة الحرب أو السلم.

و طبيعة المجتمع الدولي هي التي تخلق التنظيم القانوني الدولي وتحكم الصراع بين الدول ، كما أن ضرورة التعاون بين الدول تؤدي بها إلى قيام علاقات منظمة ومستقرة ، فالقانون الدولي بمصادره المختلفة يشكل الإطار التنظيمي التي تسعى الدول من خلاله إلى تنظيم العلاقات فيما بينها كما يمكن من المحافظة على السلم والأمن الدوليين ، لكننا نجد هنا تيارين ، التيار الأول ينكر وجود قانون دولي من الأصل بينما التيار الثاني يقر بوجود هذا القانون الدولي .

إنكار وجود القانون الدولي

إذا كان القانون الداخلي يطبق الإكراه من طرف السلطة العامة فإن القانون الدولي يتسم الرضائية بين الدول ، فالدول لها سيادة وتقدر مدى حقوقها ولا يمكنها أن تتقيد بأي قرار لا يحظى بموافقتها وإلا كانت فاقدة للسيادة ، لذلك فالقانون الدولي لا ينشأ إلا بموافقة الدول المخاطبة به ، هذا على مستوى الإنشاء أما على مستوى التطبيق نلاحظ غياب التنفيذ الإجباري للقانون الدولي و لامركزية القواعد القانونية ، فالقواعد القانونية الدولية تطبق على واضعيها أنفسهم لعدم وجود مشرع ، الأمر الذي ينتج عنه غياب أي تسلسل هرمي بين مصادر القانون الدولي وندرة مصادره وعدم التمسك بالشكليات في مرحلة خلق القانون.
هذا الأمر أدى ببعض الفقهاء أمثال جون أوستن إلى إنكار وجود القانون الدولي والقول بأن المجتمع الدولي يقوم على مبدأ القوة فقط ، فلا يوجد سلطة عامة تفرض القانون على الأشخاص ، بل هناك دول متفاوتة القوة تفرض القانون الدولي حسب قوتها العسكرية والسياسية والاقتصادية والبشرية ، فالقاعدة القانونية الدولية ليست مجردة وملزمة كما هو الحال بالنسبة للقاعدة القانونية الداخلية ، بل إن القانون الدولي هو عبارة عن مبادئ وأخلاقيات وأنماط للسلوك الدولي تتعامل بها الدول في علاقاتها بعضها ببعض دون أن تكون مجبرة على التقيد بها ، وفي غياب عنصر الاجبار الذي تتميز به القاعدة القانونية فلا يمكن اعتبار القانون الدولي قانونا بالمعنى الدقيق للقانون.
يعتبر المنكرون لوجود القانون الدولي أن القاعدة القانونية تتطلب ثلاثة شروط :
1- أن تكون صادرة عن سلطة تشريعية
2- أن تكون هناك محاكم لتطبيق هذه القاعدة القانونية
3- أن تستند هذه القاعدة القانونية إلى عنصر الردع عن طريق إجراءات التطبيق هذه الشروط لا تتوفر في القانون الدولي إذن لا يمكن أن نعتبره قانونا ، فالقانون الدولي لا مشرع له ولا قاضى له ولا قوة إجرائية له ، فهو غابة يسود فيها القوي على الضعيف ، كما لو كان العالم يعيش في الزمن البدائي ، بل إنهم يعتبرون أن القانون الدولي لا يمكنه أن يصبح قانونا حتى في المنظور القريب لثلاثة عوامل :
1- الدور المسيطر للدولة في المجتمع الدولي المعاصر
2- عدم وجود مجتمع دولي منظم
3- عيوب القواعد التي تحكم العلاقات الدولية كالمصلحة والقوة.
يبدو ذلك جليا من خلال خرق الدول الكبرى لمبدأ عدم التدخل ، فالولايات المتحدة تتدخل دون أي أساس قانوني كما فعلت ذلك في العراق والدومينيكان ولبنان وباناما ، وكما فعل الاتحاد السوفياتي في أفغانستان و فيجي وكما فعلت فرنسا في تشاد وأفريقيا الوسطى وكما فعلت الصين في التبت ، فهذه الدول تدخلت وفرضت سيطرتها وقوانينها وإرادتها السياسية في دول الغير مستعملة منطق القوة وفرضت نفسها مع إلباس هذا الأمر صفة الشرعية عن طريق القاعدة القائلة “الحق للقوة”.
إن رمي جندي مستسلم برصاصة جريمة حرب ، ورمي بلد بقنبلة نووية ليس جريمة حرب ، والدول الكبرى تتدخل دائما لمنع تجريم الضرب بالسلاح النووي بينما تدخلت لشرعنة منع استعمال الأسلحة الكيماوية لأن الدول الفقيرة تملك هذه الأسلحة ، والحقيقة البادية بوضوح آن الأمر لا يتعلق بقوة الحق أو الحق للقوة ، بل هو منطق القوي على الضعيف ومنطق المصلحة و منطق الازدواجية ، وتبقى المنظمات الدولية كهيئة الأمم المتحدة مجرد غطاء لإضفاء الشرعية الدولية على القرارات التي تخدم مصالح الدول الكبرى ، يبدو ذلك واضحا من خلال امتلاكها دون غيرها حق الفيتو والتمتع بالعضوية الدائمة.

وجود القانون الدولي

هذا الاتجاه يعتبر القانون الدولي موجودا ، فقط هو يتميز في الدرجة وليس في الطبيعة القانونية ، فهو قانون كغيره من القوانين ، ويبررون ذلك بأنه قانون حديث السن ، بعكس بقية فروع القانون التي تعود إلى آلاف السنين . يفند أنصار هذه النظرية رأي خصومهم الذين ينكرون على القانون الدولي صفة القانونية ، بالقول بأن المعايير مثل المشرع ، القاضي ، الاجبار ، هي معايير فاسدة من حيث الأساس ، ولا تصلح للتمييز بين القواعد القانونية ، كما أن المشرع في القانون الدولي موجود وهو الدول ، سواء عن طريق الاتفاقيات الدولية أو المعاهدات الثنائية و الجماعية ، فهي تشريع ، أما المحاكم فموجودة ، مثال ذلك محكمة العدل الدولية في لاهاي ، والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ، أما عنصر الاجبار فموجود ، وتمارسه الامم المتحدة بموجب الفصل السابع من ميثاق هذه الهيئة ، كما حصل في كوريا 1950 و الكونغو 1960 والخليج 1991.
وقد اتفقت الأسرة الدولية على إعطاء بعض المبادئ القانونية صفة الالزامية واعتبارها قواعد قانونية آمرة ، نظرا لأهميتها في سيادة الأمن والسلام ، جاء في معاهدة فيينا 1969 ” قاعدة آمرة وسامية وافقت عليها وأقرت بها الجماعة الدولية لمجموع الدول كقاعدة لا يجوز نقضها ولا تعديلها إلا بقاعدة قانونية جديدة من قواعد القانون الدولي العام لها نفس الصفة” ، وقد دعا أنصار إلزامية القانون الدولي إلى الإقرار ببطلان كل اتفاقية دولية تخالف المبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة .
القاعدة القانونية الدولية إذن حسب هذا الاتجاه هي قاعدة ملزمة لكنها تختلف عن قواعد الأخلاق الدولية وقواعد المجاملات الدولية ، هذه المبادئ يؤطرها القانون الدولي الإنساني وأبرز تجلياته منظمة الصليب الاحمر وباقي الهيئات الانسانية العاملة على الساحة الدولية التي تدعو إلى حماية الأسرى واللاجئين وتقديم المساعدة للدول في حالة الكوارث الطبيعية أو الحروب.

قواعد المجاملات الدولية

تختلف عن قواعد الأخلاق الدولية في كونها لها قوة إلزام من الناحية الأدبية وقد تتحول إلى قواعد قانونية في حالة اتفاقية أو عرف ، مثال ذلك الحصانة الدبلوماسية.
هكذا نجد أن القانون الدولي معترف به دوليا من طرف الحكومات ، معترف به كقانون بين الدول تجب مراعاته واحترامه ، وإلا تعرضت الدول المخالفة مسؤولية قانونية وجزاءات ، تستوي في ذلك القواعد الثابتة عن طريق العرف الدولي أو المنصوص عليها في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والثنائية وميثاق الأمم المتحدة ، مع التمييز بين تلك التي لها صفة العمومية وتلك التي لا تلزم إلا أطراف المعاهدة.

الآليات المعتمدة في تنظيم العلاقات الدولية

تلجأ الدول إلى القانون الدولي في أربع حالات :
1- عند وضع قاعدة قانونية جديدة
2- عند الحاجة إلى الكشف عن القاعدة القانونية الدولية التي سيطبقها القاضي الدولي
3- تحديد القانون الساري المفعول في وقت معين
4- تعديل القاعدة القانونية لتساير وضعا دوليا جديدا.

مصادر القانون الدولي

حسب المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية :
1- الاتفاقيات الدولية العامة والخاصة
2- العرف الدولي
3- المبادئ العامة للقانون
4- اجتهادات المحاكم الدولية وآراء الفقهاء القانونيين

5- قواعد الإنصاف والعدالة

دور المعاهدات في تنظيم العلاقات الدولية

تحتل المعاهدات الدولية صدارة مصادر القانون الدولي العام ، إلى جانب العرف والمبادئ العامة للقانون ، والمعاهدة الدولية كما يعرفها الأستاذ colliard هي اتفاق تثبت بموجبه دولتان أو أكثر قاعدة قانونية يتم بموجبها حل مشكلة تفرض نفسها في إطار العلاقات الدولية ، ويتضح من التعريف أن عنصر الاجبار في المعاهدة يتم بناء على التراضي المسبق ، وقد عملت الأمم المتحدة على وضع قانون المعاهدات عن طريق لجنة القانون الدولي وأسفرت عن إبرام اتفاقية فيينا 1969 ينتج عن التعريف السابق ثلاثة نتائج :
1- المعاهدات الدولية لا تبرم إلا بين الدول ، لكن حاليا تتم حتى بين دولة ومنظمة دولية
2- صياغة المعاهدة بشكل مكتوب
3- خضوع موضوع المعاهدة لأحكام القانون الدولي.
نتائج المفاوضات الدولية ( المعاهدات الدولية – البروتوكولات – المواثيق – الاتفاقيات المؤقتة )

التمييز بين المعاهدات والاتفاقيات

يمكن التمييز بين المعاهدات والاتفاقيات استنادا إلى معايير أبرزها :
 –إن المعاهدات تطلق على العقود الدولية التي لها أهمية خاصة بالنسبة لأهدافها أو موضوعها أو لمكانة الدول الموقعة عليها وغالبا ما تكون ذات صيغة سياسية
 اما الاتفاقيات فإنها تتضمن تعهدات ثانوية محدودة قد تخص مسائل اقتصادية أو تجارية أو في
غير ذلك من المجالات.

المحتوى الأساسي للمعاهدات الدولية :

1- المقدمة أو ديباجة المعاهدة
2- أحكام المعاهدة
3- مدة المعاهدة ولغتها الرسمية
4- أسباب إنهاء المعاهدات الدولية

 أسباب انتهاء المعاهدة الدولية :

 تنفيذها ، انقضاء أجلها ، اتفاق الأطراف المتعاقدة على إلغائها ، الفسخ ، ثبوت استحالة تنفيذ المعاهدة ، زوال الشخصية القانونية لإحدى الدول المتعاقدة ، التغير الجوهري في الظروف.

البروتوكولات الدولية :

1. البروتوكول الإضافي
2. البروتوكول النهائي
3. بروتوكول التصديق
4. بروتوكول التحكيم.
و كلمة بروتوكول بشكل عام تشير إلى اتفاقية، أو نظام معين، وهناك العديد من البرتوكولات، فمنها ما هو سياسي، ومنها ما هو دبلوماسي، والبروتوكول هو مجموعة الشروط والضوابط التي تتبع المعاهدات بين طرف وآخر، فهي الخطوط والقوانين التي يتفق عليها الطرفان، لتحديد شكل العلاقة التي قاموا بعقد المعاهدة عليها، حتى لا يولد أي نزاع بين الطرفين، فإذا ما حدث خلاف ما، يظهر هذا البروتوكول الذي تم التوقيع عليه من الطرفين، ليظهر لكل طرف ما له وما عليه.
والبروتوكول بمعناه العام يشمل كل أنواع التصرف اللائق، والذي ينبغي أن يتم وفق قواعد الإتيكيت، مثل طريقة إلقاء رئيس ما الخطاب، كيف يقف وكيف يتحدث، أو طريقة استقبال رئيس دولة ما، لرئيس دولة أخرى، لابد أن يلقي التحية بطريقة معينة، ويسير بخطوات ثابتة معينة ومدروسة، لا مجال فيها للعشوائية، والبروتوكول نوع من أنواع الاتفاقات الدولية.

مراحل توقيع البروتوكول

1- يتم اختيار ممثلين من كل طرف لكي يمثلوا دولتهم، ويقوموا بعمل المفاوضات على الخطوط العريضة للمعاهدة.
2- بعد ذلك يتم عقد اجتماع للتوقيع على هذه الاتفاقية وتلك البنود التي قاموا بوضعها.
3- يتم أخذ توقيع رئيس الدولة بحسب ما يقتضيه القانون، و تقتضيه السلطات في البلاد التنفيذية والتشريعية.

أنواع البروتوكولات

1- بروتوكول المجاملات بين الدول
2- بروتوكول طريقة المصافحة.
3- بروتوكول التعارف والتقديم.
4- بروتوكول التحدث، والانتباه إلى الألفاظ وعدم الوقوع في الخطأ أثناء الحديث.
5- بروتوكول حسن الإنصات، وعدم اقتطاع حديث شخص ما أثناء المؤتمرات الدولية.
6- بروتوكول تنظيم الضيوف في المؤتمرات، حيث يتم وفق أصول وقواعد.
7- بروتوكول ارتداء الملابس المناسبة مع الموقف أثناء عقد المؤتمرات والاتفاقات الدولية.
8- بروتوكول توقيع الاتفاقيات، حيث يناقش الطريقة الصحيحة لتوقيع أي اتفاقية أو معاهدة.

أنواع الاتفاقات الدولية

1- المعاهدة

وهي الاتفاق الذي يتم بين دولتين، لتنظيم قانون ما بينهم، أو تحقيق هدنة وتصالح، والاتفاق على حماية بعضهم البعض ضد أي عدوان خارجي، مثل معاهدة حلف الناتو، ومعاهدة الدفاع العربي المشترك، والمعاهدة يمكن أن تكون ثنائية تتم بين دولتين فقط، أو جماعية تتم بين عدة دول .

2- الاتفاق

الاتفاق شيء يحدث بين طرفين في ناحية واحدة من النواحي المعنية، كأن يكون اتفاقا في نواحي ثقافية أو اقتصادية، وتحقيق مصالح مشتركة معينة بينهم في هذا المجال المذكور، وقد يكون سريا أو علنيا، ويمكن أن يكون مكتوبا أو غير مكتوب، كما يمكن أن يكون لفترة محددة، أو لفترة طويلة مفتوحة.

3- الميثاق

يتم عمل میثاق ينشأ من خلاله منظمة دولية كبيرة، فهو عمل كبير أكبر من الاتفاق والبروتوكول والمعاهدة، مثل ميثاق الأمم المتحدة.

4- اتفاق توضیح قانوني

يتم هذا الاتفاق ليوضح حقوق كل طرف في مسألة يتنازعون عليها، والذي بدوره يعمل على توضيح النقاط والحقوق في المعاهدات بينهم وتعريف كل ذي حق بحقه.

5- وثيقة

تعهد بموجب هذه الوثيقة التأكيد على النقاط التي اتخذت في المعاهدات والاتفاقات، وأن كل طرف ملزم بالتنفيذ ولا يوجد أي نية لخرق الاتفاق الذي أبرم سابقا.

المعاهدة كآلية اشتغال وتشريع في العلاقات الدولية

أبرز تصنيفات المعاهدة هي أولا المعاهدات العقدية ثم المعاهدات الشارعة ، فالمعاهدات العقدية تعقد بين دولتين أو عدد محدد من الدول في أمر خاص بها ، وهي لا تلزم سوى المتعاقدين ، ولا يتعدى أثرها إلى الدول غير الموقعة عليها لأنها ليست طرفا فيها ، ولم تلتزم بأي اتفاق ، مثال هذه المعاهدات معاهدات الصلح ومعاهدات تعيين الحدود والمعاهدات التجارية والصناعية والثقافية …
أما الصنف الثاني فهي المعاهدات العامة التي تبرم بين مجموعة كبيرة من الدول تتوافق بإرادتها
على إنشاء قواعد قانونية عامة ومجردة تهم جميع الدول ، يطلق عليها المعاهدات الشارعة ، مثال ذلك معاهدة فيينا حول تنظيم العلاقات والحصانات الدبلوماسية ، ومعاهدة لاهاي المتعلقة بتسوية المنازعات الدولية ، وميثاق الأمم المتحدة لسنة 1945، وقد سميت بالشارعة تميزا عن المعاهدات الخاصة التي تعتبر بمثابة عقود بين الأطراف الموقعة.
وعموما فإن المعاهدة لا تهم سوى الاطراف الموقعة استنادا الى مبدأ العقد شريعة المتعاقدين ، لكن
المعاهدة قد تمتد بآثارها إلى غير الموقعين عليها في حالات استثنائية :
1- المعاهدات المنظمة للأمن الدولي
2- انضمام الغير إلى المعاهدة ، حيث تطبق عليه ولو انه لم يكن طرفا فيها في البداية
3- الإنضمام غير المباشر ، من خلال استفادة بعض الدول الأكثر رعاية من اتفاقية لم تكن طرفا فيها
4- المعاهدات التي ترتب حقوقا والتزامات على الغير.
بالرغم من الوضعية التشريعية للمعاهدة الدولية التي ما زالت أقل بكثير من مستوى الوظيفة التشريعية للقوانين الداخلية ، لعدم وجود سلطة مركزية دولية تحتكر التشريع والإلزام ، إلا أن المجتمع الدولي قد خطا خطوات مهمة نحو التخلص من الفوضى التي طبعت المجتمع الدولي قديما ويمكن أن نلمس ذلك من خلال نقط عديدة منها :
1- حرية الدول في التصديق على المعاهدات
2- علنية المعاهدات الدولية وإنكار الدبلوماسية السرية
3- عدم التخلي عن المعاهدات بحجة تغير الأوضاع إلا وفق ضمانات كافية
4- المساواة في المعاملة بين الدول حسب مبدأ المساواة في السيادة بين دول العالم
5- تقرير ضمانات لتفعيل المعاهدات
6- تطبيق قواعد العدالة وحسن النية في تفسير النصوص الغامضة في المعاهدة أو اللجوء إلى
التحكيم الدولي أو القضاء الدولي لحل سوء التفاهم.
رغم ما قيل ما يزال هناك أمام المجتمع الدولي خطوات لإيجاد الوسائل الفعالة لضمان احترام جميع الدول لقواعد القانون الدولي وإزالة مظاهر خرقه ، كخرق اتفاقيات الحدود وأخذ الدبلوماسيين كرهائن والاعتداء على السفارات.
ثانيا :

 المرتكز الدبلوماسي

من بين أهم الآليات التي تساعد الدول على التعامل والتفاهم فيما بينها هي الدبلوماسية .

الدبلوماسية كأداة للسياسة الخارجية

تسخر الدول الدبلوماسية لتحقيق أهدافها الاستراتيجية بطريقة سلمية وعلمية تحافظ من خلالها على العلاقات الخارجية ، وأي خطوة غير محكمة قد تؤدي إلى تدهور العلاقات الخارجية للدولة.

تعريف الدبلوماسية

مشتقة من الكلمة اليونانية ” طوى ” للدلالة على الوثائق المطوية والأوراق الرسمية الصادرة عن الملوك والأمراء، ثم تطور معناها لتشمل الوثائق التي تتضمن نصوص الاتفاقات والمعاهدات.
أما في معناها العام الحديث فيمكن تعريفها على أنها مجموعة المفاهيم والقواعد و الإجراءات والمراسم والمؤسسات والأعراف الدولية التي تنظم العلاقات بين الدول والمنظمات الدولية والممثلين الدبلوماسيين ، بهدف خدمة المصالح العليا (الأمنية والاقتصادية والسياسية) وللتوفيق بين مصالح الدول بواسطة الاتصال والتبادل و إجراء المفاوضات السياسية وعقد الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ، و تعتبر الدبلوماسية أداة رئيسية من أدوات تحقيق أهداف السياسة الخارجية والتأثير على الدول و الجماعات الخارجية بهدف استمالتها وكسب تأييدها بوسائل شتى ، منها ما هو إقناعي وأخلاقي ومنها ما هو ترهيبي مبطن وغير أخلاقي.
وبالإضافة إلى توصيل المعلومات للحكومات والتفاوض معها تهتم الدبلوماسية بتعزيز العلاقات بين الدول وتطويرها في المجالات المختلفة و بالدفاع عن المصالح والرعايا في الخارج وتمثيل الحكومات في المناسبات والأحداث الدولية ، إضافة إلى جمع المعلومات عن أحوال الدول والجماعات الخارجية وتقييم مواقف الحكومات والجماعات إزاء قضايا راهنة أو ردات فعل محتملة إزاء سياسات أو مواقف مستقبلية.

التمثيل الدبلوماسي والقنصلي

هو مظهر من مظاهر السيادة في العلاقات الدولية ، وعلى ذلك فللدول کامل الحق في إيفاد أو قبول المبعوثين الدبلوماسيين ، ويمثل كل دولة أمام غيرها من الدول رئيسها ، ويتولى نيابة عنه إدارة الشؤون الخارجية وزير الخارجية ، يساعده الدبلوماسيون والقناصل ، وتبادل الدبلوماسيين يعتبر من مظاهر حسن العلاقات وضمانة للسلم ، واستدعاؤهم معناه توتر العلاقات ونذير بالحرب.
يكون تكوين البعثة الدبلوماسية كالتالي :
رئيس البعثة هو المسئول عن بعثته، ويتولى تمثيل الدولة والإشراف على أعمال البعثة وأفرادها ويتعين أن توافق الدولة الموفد إليها على شخص رئيس البعثة، كما يجوز لرئيس البعثة أن يمثل أكثر من دولة أو يمثل دولته في أكثر من دولة، وعلى رئيس البعثة أن يقدم أوراق اعتماده، والتي تتضمن صفته التمثيلية إلى رئيس الدولة الموفد إليها.
وحسب اتفاقية فيينا فإن مراتب رؤساء البعثات الدبلوماسية على النحو التالي :
1. مرتبة السفراء ومبعوثي البابا : يكون اعتمادهم شخصية من رئيس الدولة التي يتبعونها، وتصدر
أوراق اعتمادهم موجهة إلى رئيس الدولة المعتمدين لديها، ويطلق على البعثة التي يرأسها
سفير اسم السفير.
2. مرتبة الوزراء المفوضين والمندوبين السامين : يكون اعتمادهم من رئيس دولتهم لدى رئيس
الدولة المعينين لديها ولكن تأتي مرتبتهم تالية لمرتبة السفراء، وتسمى البعثة التي يرأسها هؤلاء
باسم مفوضية
3. مرتبة القائمين بالأعمال : يعتبرون مبعوثين من قبل وزير الخارجية لدى وزير خارجية الدولة
المعتمدين لديها وليس من قبل رؤساء دولهم، ويعتبرون في مركز أقل أهمية من مراكز الدرجات السابقة.
جنبا إلى جنب مع رئيس البعثة ومراتبهم الثلاث التي من الممكن أن يمثلو بها دولهم يكون هناك أجزاء أخرى للبعثة وهي أربعة.
– موظف البعثة وهم الأشخاص الذي تعينهم الدولة الموفدة لمعاونة رئيس البعثة في المهام الموكولة إليه في الدولة الموفد لديها
– الموظفون الإداريون والفنيون
– مستخدموا البعثة
– وأخيرا الخدم الخصوصيون وهم لا يكون لهم علاقة بالعلاقات الدبلوماسية ولا يكونون من مستخدمي الدولة الموفدة بل دورهم يقتصر على خدمة البعثة نفسها.
يقع ضمن اختصاصات المبعوثين الدبلوماسيين ثلاث أمور وهي تمثيل الدولة لدى الدولة المستضيفة، والتفاوض والتشاور مع وزير خارجية الدولة المعتمد لديها وأيضا مراقبة الحوادث والتطورات المختلفة في كافة الميادين.

واجبات الممثلين الدبلوماسيين

تشترط اتفاقية فيينا لعام 1961 والعرف الدولي أن يراعى الممثل الدبلوماسي عدد من الواجبات في أثناء قيامه بعمله وإلا تعرض لحسبان الدولة المعتمدة لديها له شخصا غير مرغوب فيه. وهذه الواجبات هي ما يأتي :
1. احترام قوانين وأنظمة الدولة المعتمد لديها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
2. عدم إساءة استعمال الأماكن التي تشغلها البعثة.
3. حصر مرجعه مبدئية بوزارة الخارجية.
4. عدم ممارسة أي نشاط غير ذلك المكلف به بصفة رسمية يقوم الممثل الدبلوماسي بعدد كبير من المهام في البلد المعتمد لديه وقد جاءت اتفاقية فيينا في مادتها الثالثة على ذكر أهم هذه الوظائف وهي ما يأتي:
1. تمثيل دولته لدى الدولة المعتمد إليها: و يجوز اعتماد ممثل دبلوماسي واحد لدى أكثر من دولة
بشرط موافقة الدولة المحال إليها.
2. حماية مصالح دولته لدى الدولة المعتمد لديها.
3. التفاوض باسم دولته لدى الدولة المعتمد لديها.
4. الاستعلام عن الأوضاع والحوادث في الدولة المعتمد لديها.
5. تعزيز العلاقات الودية بين دولته والدولة المعتمد لديها وإخلال الممثل الدبلوماسي بالواجبات الملقاة على عاتقه لا يرفع عنه حصانته الدبلوماسية إلا إذا قررت دولته ذلك صراحة، وكل ما يمكن للدولة المستقبلة أن تفعله إزاء الممثل الدبلوماسي المخالف هو أن تطلب من حكومته إما تأنيبه أو سحبه ، أو تطرده هي نفسها بوصفه شخصا غير مرغوب فيه وفق الأعراف الدولية .

الحصانة الدبلوماسية

يتمتع الدبلوماسيون بامتيازات وحصانات متعددة مهمة أثناء خدمتهم خارج بلادهم. وتعود هذه الامتيازات لكونهم الممثليين المباشرين لقوى ذات سيادة، وبإمكان هؤلاء الدبلوماسيين أن يتمتعوا باستقلال تام في التصرف لتأدية واجباتهم.
وتبنى هذه الامتيازات على مبدأ خروجهم عن نطاق التشريع الوطني.
وهذا المبدأ الذي يستعمل في القانون الدولي، يشتمل على ضمان بقاء الناس الذين يعيشون في بلدان أجنبية في نطاق سلطات حكوماتهم الأصلية.
وهناك أربع مزايا للحصانات الدبلوماسية هي :
1. لا يجوز إلقاء القبض عليهم أو على أفراد عائلتهم لأي سبب.
2. لا يجوز تفتيش أو احتجاز مساكنهم وأوراقهم وأمتعتهم.
3. لا يجوز فرض ضرائب على ممتلكاتهم الشخصية من قبل البلاد التي يخدمون فيها.
4. يتمتع الدبلوماسيون وعائلاتهم وموظفوهم بحرية العبادة الكاملة ويتقارب التمثيل الدبلوماسي من التمثيل القنصلي في الهدف الرامي من هذا التمثيل ، ألا وهو تقريب وجهات النظر ما بين الدولتين وإيجاد التسهيلات لرعايا الدولة ، وتوفير التعاون وتوطيد الصداقة ما بين الدول ، إلا أن هناك اختلافات ما بين هذين النوعين ، فدور البعثة القنصلية يطغى عليه الأعمال الإدارية والتجارية والقضائية كمنح جوازات السفر والشؤون المدنية مثل الزواج والطلاق وشهادات الولادة ، في حين أن البعثة الدبلوماسية تعتبر الممثل الرسمي للدولة الباعثة على الصعيد السياسي والخارجي.
والقناصل ثلاثة مراتب : القنصل العام والقنصل ونائب القنصل .

الدبلوماسية العالمية

الدبلوماسية الجديدة تختلف عن الدبلوماسية التقليدية ، فهي أكثر اتساعا وإيجابية وتنوعا وانطلاقا ، فهي دبلوماسية سلام وليست دبلوماسية حرب ، وعلى هذا فللدبلوماسية الحديثة مظهرین :
1- الانتقال من دبلوماسية الأحلاف إلى الدبلوماسية العالمية
2- اعتماد قواعد الدبلوماسية الوقائية.
ويمكن التمييز بين مستويات ثلاث للدبلوماسية تندرج من حيث القوة تدرجا ينتهي إلى الاستراتيجية فهناك الدبلوماسية الخافضة ، الدبلوماسية الجهورة ، الدبلوماسية المتعجرفة ، الدبلوماسية المهددة ، ثم الاستراتيجية الهجومية ، بمعنى أن الدبلوماسية تتدرج حسب مستوى القوة ، من ضعيفة الى مقبولة إلى قادرة إلى فائقة إلى فائضة.
من جانب آخر تلعب الدبلوماسية دورا مهما في حل النزاعات بين الدول عوض الدبلوماسية التقليدية التي كان يعبر عنها بالمفاوضات ، وهناك الوساطة وهي تدخل طرف ثالث من أجل التقريب بين وجهات النظر دون فرض حلول بعينها أو لعب دور القاضي .
ثالثا : المرتكز الاستراتيجي
الإستراتيجية عند اليونان هي فن القيادة ، وقد ارتبطت الكلمة تاريخيا بالحرب وقيادة الحرب ، وهي نوع من التفكير لتحقيق غايات محددة عير أكمل وجه ، وتفادي المخاطر.
الإستراتيجية أو علم التخطيط بصفة عامة هي مصطلح عسكري بالأساس وتعني الخطة الحربية، أو هي فن التخطيط للعمليات العسكرية قبل نشوب الحروب، وفي نفس الوقت فن إدارة تلك العمليات عقب نشوب الحروب.
وتعكس الإستراتيجية الخطط المحددة مسبقة لتحقيق هدف معين على المدى البعيد في ضوء الإمكانيات المتاحة أو التي يمكن الحصول عليها.
هي خطط أو طرق توضع لتحقيق هدف معين على المدى البعيد اعتمادا على التخطيطات والإجراءات الأمنية في استخدام المصادر المتوفرة في المدى القصير.
فهي مجموعة السياسات والأساليب والخطط والمناهج المتبعة من أجل تحقيق الأهداف المسطرة في أقل وقت ممكن وبأقل جهد مبذول ، ويمكن التمييز بين تعريفين لمفهوم الاستراتيجية ، الأول تبنته المدرسة الأوروبية الأمريكية والثاني من المدرسة الشرقية .

تعريف الاستراتيجية

تعريف الاستراتيجية حسب المدرسة الأوروبية الأمريكية : 

 فن استخدام المعارك كوسيلة للوصول الى هدف الحرب.
 فن توزيع واستخدام الوسائل العسكرية لتحقيق أهداف الساسة عن طريق القوة أو التهديد بها.
 فن استخدام الموارد لتحقيق أهداف الحرب.
 –فن استخدام القوة للوصول إلى الأهداف التي حددتها السياسة.
اليتريه : هي فن إعداد خطة الحرب وتوجيه الجيش في المناطق الحاسمة والتعرف على النقاط التي يجب تحشيد أكبر عدد من القطعات فيها لضمان النجاح في المعارك
مولتکه : الإستراتيجية هي مجموعة من الوسائل التي تستخدم لتحقيق الوصول الى غرض محدد.
فون در غولتز : هي التدابير الواسعة التي تستخدم في تحريك القوات الى الجهة الحاسمة في أكثر الظروف ملائمة ويمكن أن يسمى علم القيادة.
 فوش : هي فن حوار الإرادات التي تستخدم القوة لحل خلافاتها.
ريمون أرون : هي قيادة وتوجيه مجمل العمليات العسكرية ، أما الدبلوماسية فهي توجيه العلاقات مع الدول الأخرى على أن تكون الإستراتيجية والدبلوماسية تابعتين للسياسة.
أندريه بوفر : هي فن إستخدام القوة للوصول إلى أهداف السياسة.

 تعريف الاستراتيجية حسب المدرسة الشرقية

هي نظام المعارف العلمية المتعلقة بقوانين الحرب كصراع مسلح من أجل تحقيق مصالح ، والاستراتيجية تبحث على أساس دراسة خبرة الحروب والموقفين السياسي والعسكري والامكانيات الاقتصادية والمعنوية للبلاد ونوع وسائل الصراع الحديثة ووجهة نظر العدو في الحرب المقبلة وطرق خوضها والاعداد لها وبناء القوات المسلحة.
كلمة استراتيجية توسع مفهومها خارج إطار الحرب فنجدها في العلوم الاجتماعية كافة ، فهي في علم السياسة والعلاقات الدولية تدل على كيفية مواجهة وإدارة الصراع بين قوتين أو أكثر ، وكيفية استغلال كل طرف للإمكانات المتوفرة على أحسن وجه ، واستغلال عناصر ضعف العدو لتحقيق النصر ، وفي العلوم الاجتماعية الأخرى هي النشاط المرتبط بتحقيق غايات مرسومة.
لينين : الإستراتيجية الصحيحة هي التي تتضمن تأخير العمليات الى الوقت الذي يسمح فيه الإنهيار المعنوي للخصم للضريبة المميتة بأن تكون سهلة وممكنة.
ماوتسي تونغ : هي دراسة قوانين الوضع الكلي للحرب.
كوزلوف : هي عملية خلق الوسائل العسكرية التي تمكن السياسة من الحصول على أهداف.
کرازيلفكوف : إن الإستراتيجية العسكرية تعتمد مباشرة على السياسة وتخضع لها ، وخطط الحرب الإستراتيجية يتم تصميمها على أساس الأهداف التي تحددها السياسة.

أنواع الاستراتيجية

1- الإستراتيجية المباشرة :

حيث تعتبر القوة العسكرية الأداة الرئيسة لتحقيق الأهداف الوطنية ، ولا تستثني إستخدام عناصر القوة الأخرى الى جانب القوات العسكرية ، فالعناصر السياسية والاقتصادية والثقافية تشكل أجزاء مكملة للقوة العسكرية ومجموعها يحدد لنا مفهوم الإستراتيجية المباشرة.
ويعطى عامل السرعة فيها أهمية كبرى وذلك لعدم أفساح المجال للعدو بترتيب وضعه والرد علينا و بالتالي إجباره على الخضوع لإرادتنا.
ويمكن تحقيق هذه الإستراتيجية في أحد الصور التالية :
أولا: إستراتيجية مباشرة تستهدف الحصول على النصر العسكري نتيجة الأشتباك مع قوات العدو الرئيسة المباشرة ، وقد طبق الأتحاد السوفيتي هذه الإستراتيجية في الحرب العالمية الثانية.
ثانيا: إستراتيجية مباشرة تستهدف الحصول على النصر العسكري ليس عن طريق الالتحام المباشر ولكن بعمل يؤدي الى الاخلال بتوازن العدو وأزعاجه و مباغتته كمهاجمة مؤخرته أو أجنحته أو النقاط الضعيفة في جبهته أو قطع خطوط مواصلاته أو قطع طرق انسحابه أو ضرب مراكز قيادته أو التقدم من إتجاهات غير متوقعة وقد طبق الألمان هذه الإستراتيجية في الحرب العالمية الثانية ، كما طبقتها إسرائيل في عمليات عام 1948، و1956 ، و 1967.
 ثالثا: إستراتيجية مباشرة تبحث في تحقيق الهدف عن طريق التهديد بإستخدام القوة ، وقد استخدمتها الولايات المتحدة في أزمة الصواريخ بكوبا .

2- الإستراتيجية غير المباشرة :

وهي تبحث في تحقيق الأهداف بوسائل غير عسكرية بالدرجة الأولى و بالإنهاك العسكري بالدرجة الثانية إذا اقتضت الضرورة. أي بمعنى أنها تبحث عن الحسم عن طريق استخدام الوسائل النفسية كالدعاية والإشاعة ، وتسميم السياسة والاقتصاد ، والضغط الدولي ، والتفتيت الداخلي وغيرها.
 وتستهدف كذلك تدمير معنويات العدو والحفاظ على معنويات الأصدقاء ، وتستخدم أسلوب الحرب الثورية ، وتخضع لثلاثة مراحل :
أ- الحفاظ على الأمل وخلق الثقة بالنصر مهما طال الصراع .
ب- تثبيط همم العدو حتى يتحقق الحسم النفسي .
ت- ردع العدو ومنعه من إستخدام وسائل العسكرية المتفوقة أن السبب الذي يدعو إلى إستخدام إستراتيجية غير مباشرة هو إنتظار الانقلاب في ميزان القوى ، ويتم الحصول على هذا الأمر بإنهاك وسائط العدو ، علما بأن وخزات الأبر المتعاقبة تضعف العدو أكثر من الصدمات الكبيرة ذات النتائج غير الحاسمة ، على أن يكون إنهاك العدو خلال هذه الوخزات أكبر من إنهاك قواتنا ، وذلك بتدمير تموين العدو أما بغارات أو هجمات محلية تؤدي إلى إفناء بعض وسائطه أو تكبيدها خسائر كبيرة ، مما يدفعه إلى القيام بهجمات غير مجدية ، ويجبره على اتخاذ وضع ممتد أكثر مما تتحمل قواته مع إنهاك قدرته المادية والمعنوية.
ويمكن تحقيقها بأحد الصور التالية :
أولا: استخدام الأساليب السياسية أو الدبلوماسية أو الأقتصادية لتحقيق الأهداف وقد طبقها هتلر
عند احتلاله النمسا وتشيكوسلوفاكيا.
ثانيا: اللجوء الى أسلوب حرب العصابات طويلة الأمد ، كما حدث في الريف والجزائر وفيتنام.
 ثالثا: فتح جبهات ثانوية في أرض العدو أو في أقاليم دول تابعة أو مؤيدة له بعيدا عن جبهة القتال الرئيسة ، وقد طبقت بريطانيا هذه الإستراتيجية في الحرب العالمية الثانية بفتح جبهة شمال أفريقية.
رابعا: إثارة الفتنة داخل دولة العدو بحيث يؤدي الى اقتتال مواطنيه واضعافه من الداخل وهذا ما طبقته إسرائيل في لبنان لغرض ضرب الحركة الوطنية والثورة الفلسطينية.
خامسا: الإستيلاء على هدف جزئي بسرعة كبيرة بفضل المباغتة وتفوق القوات ثم التظاهر بالتوقف قبل القيام بعملية أخرى ، ثم تكرار ذلك بصورة متتالية وقد طبقت اسرائيل ذلك عام 1948 بعد الهدنة الأولى
طبعا يكون العامل النفسي في الإستراتيجية غير المباشرة مسيطرة وسائدة كما تزداد أهمية عامل الوقت الى حد كبير ويتقلص عامل القوة فيها ، إلا أنه يبقى ماثلا.

– 3 الاستراتيجية المعاصرة

تعتمد على اختيار الأسلوب المناسب والممكن والملائم لحالة معينة ، فلم يعد الخيار العسكري هو المطروح دائما بل هناك وسائل أخرى كاستخدام القدرات الاقتصادية والسياسية والثقافية والمعنوية التي تؤدي إما منفردة أو مجتمعة إلى بلوغ الاغراض المحددة ، أي استخدام الوسائل المتنوعة والمختلفة من أجل بلوغ الأهداف.
ويمكن الحديث هنا عن الاستراتيجيات الامريكية المعاصرة :
استراتيجية الاحتواء أبرز تجلياتها منع الاتحاد السوفياتي من التوسع داخل المعسكر الغربي والعالمي ، لذلك أنشأت الولايات المتحدة العديد من التحالفات الدولية العسكرية أبرزها حلف شمال الأطلسي ، كما استخدمت القوة العسكرية لمنع التوسع السوفياتي في فيتنام وكوبا وأفغانستان .
استراتيجية الردع أي الردع النووي المدمر ، من أجل منع الخصم من الهجوم على الولايات المتحدة.
الاستراتيجية الوقائية تتجلى في الحروب الاستباقية التي خاضتها الولايات المتحدة ضد المجموعات الإرهابية والدول المارقة التي تمتلك اسلحة الدمار الشامل.
نفس الأمر فعلته اسرائيل عندما هاجمت المفاعل النووي العراقي سنة 1983.

رابعا :

 المرتكز الاقتصادي

العوامل الاقتصادية تلعب دورا حاسما في قوة الدول أو ضعفها في العلاقات الدولية ، بل إنه يلعب دورا مهما في خلق النزاعات فالنقص في الموارد الاقتصادية يمكن أن يسبب حربا ويمكن أن يساهم في خلق التعاون.

مظاهر الصراع حول الثروات الاقتصادية

1- التسابق الاستعماري كان سببه الثورة الصناعية والحاجة إلى الموارد الطبيعية والأسواق
التصريف المنتجات.
2- الحرب العالمية الأولى كان سببها الخلاف الفرنسي الألماني حول منطقة الالزاس واللورين
وهي معروفة باحتوائها على موارد معدنية مهمة
3- الحرب العالمية الثانية كان من أسبابها النزعة التوسعية لدى الطليان والالمان
4- العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956 كانت غايته السيطرة على قناة السويس
5- النزاعات حول الحدود أسبابها اقتصادية
6- النزاعات حول المناطق البحرية سببه الموارد البحرية
7- التطور الصناعي في أوروبا وأمريكا أدى إلى نشوء دول متقدمة متطورة وأخرى متخلفة العامل الاقتصادي صلة وصل بين الدول يمكن اعتبار العامل الاقتصادي صلة الوصل بين الدول وسببا من الأسباب التي تدفعها للتعاون فيما بينها ، وهذا هو الاتجاه الذي سارت فيه الدول بعد الحرب الباردة.
والاقتصاد يمثل عامل وحدة وتجمع بين الدول ، فالدول الصغرى مرغمة على أن تتجمع وتتوحد اقتصاديا مع بعضها ، لمواجهة الاقتصاديات الكبرى، والدول الغنية لا تتوقف عن التدخل اقتصاديا في الدول الصغرى، لذلك تطالب الدول النامية بإيجاد نظام دولي اقتصادي عادل يقوم على التعاون وليس الاستغلال .

بالتوفيق

لا تنسونا ووالدينا من صالح الدعاء

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى