دراسات استشرافيةدراسات قانونية

مستقبل المحكمة الجنائية الدولية

د. محمد بوبوش – أستاذ العلاقات الدولية، جامعة محمد الأول بوجدة، المغرب

بعد وجود نظام دولي فعال للمسالة الجنائية عن الانتهاكات التي تستهدف حقوق الإنسان، خاصة في أوقات الحروب أو النزاعات المسلحة، أقوي الضمانات التي تكفل احترام هذه الحقوق، وعدم النيل منها، وذلك جنبا إلى جنب مع التشريعات والقوانين الوطنية ذات الصلة قوانين العقوبات. فالثابت أن وجود مثل هذا النظام الفعال، المسالة الجنائية، الوطنية والدولية، من شأنه، ولا شك، أن يحول دون إفلات الأشخاص الذين يثبت ارتكابهم لهذه الانتهاكات من المسئولية والعقوبات(۱).

بيد أن الحقوق الأساسية للإنسان تعد حقوقا متكاملة غير مجزأة، فالجميع على قدم واحدة من المساواة، سواء بالنسبة الحقوقهم، أو لا يصيبهم حين تنتهك هذه الحقوق كما يلزم الضمان استقرار وفاعلية أی نظام قانونی تحقيق المساواة، وعدم التمييز بين أشخاصه (۲).

ونعتقد أن فقدان الدول ثقتها في التنظيم الدولي المعاصرة وفي مبادئ وقواعد القانون الدولي، ما هي إلا نتيجة طبيعية، وآثر مباشر للإخلال بمبدأ العدالة والمساواة في السيادة بين الدول. إن يأس المجتمع الدولي، ونكوصه عن الوفاء بالتزاماته وواجباته الدولية، بشأن إعمال قواعد المسئولية الدولية، عند ارتكاب الجرائم الدولية، يقضيان في النهاية إلى سيادة شرعية الغاب، وتغول رنجبر نوى البغي والظلم والعدوان، حينما لا تجد ثمة رادعا أو مانعا، إن تفاوت القوى على الساحة العالمية لا ينبغي أن يفضي إلى تفاوت المراكز القانونية، لأن ذلك يتنافى وتعني وأساس وجوهر القانون، وفي النهاية، نقول إن النظام العالي العادل لن يتحقق إلا حينما نعم العدالة جميع بني البشر، دونما تفرقة أو تمييز(۳)۔

إن المحكمة الجنائية الدولية تترنح بفعل الضربات المتتالية التي تلقتها في الآونة الأخيرة، وتمثلت في انسحابات عدد من الدول من عضويتها، مما ألقي ظلالا من الشك بشأن مشروعيتها وقدرتها على البقاء.

والمحكمة، التي رأت النور في مطلع القرن الحالي، بانت هي ذاتها في موضع مسالة، فهي تتعرض لانتقادات متزايدة من قوى كبرى، كما أن دولا توصف بالصغيرة نتهمها بالانحياز ضدها، مما جعل هذه الدول تتخذ مبادرات انفرادية (روسيا الفيدرالية)، أو جماعية لدول إفريقية) بالانسحاب من الجنايات الدولية.

تحميل الدراسة

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى