دراسات سياسية

مقالات روبرت غرين: إعلانات الحرب

الحرب أبٌ للجميع. بعض الحروب تصنع آلهة، وبعضها رجالا، وبعضها عبيدا، والبعض الآخر أحرارا.

هيراقليطس.

لقد لاحظت في كتاباتي أنني ما أنني أبدع فيها بشكل جيد عندما أكون غاضبا قليلا. كان هذا سهلا عندما كتبت قوانين القوة الـ 48، ولكن بحلول الوقت الذي وصلت فيه إلى استراتيجيات الحرب الـ 33، كنت بحاجة إلى تحفيز هذا مجددا بطريقة ما. بدأت ألعب لعبة مع نفسي: قبل كتابة فصل، كنت أفكر في أشياء أو أشخاص أو أفكار معينة أغضبتني سلفا، وأعلن الحرب عليهم جميعا. كلما أكتب أتخيل هذا، وماذا عنه أو عنها، أو فيما أثار الكراهية؟

هناك البعض ممن لديهم فكرة خاطئة أنني أدعو إلى قمع المشاعر. في عدة فصول من كتاب الحرب أعود إلى فكرة مكيافيلي والإغريق القدماء بأننا جميعا جزء من الحيوانات والألهة، وأن الجزء الحيواني من طبيعتنا هو ما يمنحنا الطاقة والقيادة. لا يستطيع المحارب القتال دون الشعور بالإلهام أو الإيمان بالقضية. المرتزقة هم أسوأ المقاتلين. لكن هذا الجزء العاطفي منا يجب أن يكون تحت السيطرة ويُوجه بشكل صحيح. هذا ما ستفعله لك استراتيجية أرض الموت، على سبيل المثال. أجد بشكل عام أن إعلان الحرب على شيء ما (موضوع الفصل الأول من الكتاب) هو وسيلة صحية لتجاوز صراعات الحياة، وتحديد ما تؤمن به، والرد على شيء تحتقره.

فيما يلي قائمة ببعض إعلاناتي المفضلة عن الحرب أثناء تأليف الكتاب، وهي التي ظللت أعود إليها:

  • الدجالون

هذه فئة كبيرة من الناس لحد ما، لذا اسمحوا لي أن أشرح ما تعنيه لي. الدجالون هم أشخاص يخفون افتقارهم إلى الأفكار الواضحة، وافتقارهم إلى نظام معتقد مركزي، بكل أنواع التجريدات الغامضة والحالمة. قمت بتحليلها في كتاب القوة، في القانون 27 وفي عدة فصول أخرى. الدجالون بارعون في التسويق، وهناك الكثير الذي يمكننا تعلمه منهم في هذا المجال.

كان الدجالون في القرن الثامن عشر على دراية تامة باللعبة التي كانوا يلعبونها، وكانوا مسلون بشكل لا يصدق. الأشخاص من حولنا مزعجون وليسوا مدركين لذواتهم. أجد أن الكثير من الأكاديميين دجالون فاقدون للوعي. كتاباتهم مليئة بالأفكار التي يبدو أنها تلمح إلى شيء ما ولكنها لا تضيف شيئا. كاتب مثل {هيجل} ليس دجالا بالنسبة لي. لكن عمله صعب، وعندما تقرأه وتفهم ما يقوله، فسوف يبقى معك إلى الأبد. كاتب مثل {دريدا} ليس له مثل هذا التأثير. يملأ الكثير من الأكاديميين عملهم بتلميحات لأشياء أنيقة وعصرية، تتماشى مع جميع الأسباب الصحيحة. إنهم لا يلتزمون بأي وجهة نظر، لأن ذلك قديم الطراز.

عندما أصادف كاتبا مثل هؤلاء فإن الرغبة تجتاحني لطردهم، أجعلهم يعترفون بما يحاولون قوله بدل إخفاءه بذكاء. هذه الأنواع تجعلني غاضبا وتجعل دمي يبقبق ويغلي. (أعلم أنني كنت غامضا بعض الشيء بشأن استراتيجية أساطير الحزب الديمقراطي، لكنني أعدك ألا أبدو مثل هذا الدجال هناك وأن أوضح ذلك فيما يلي من الأيام).

  • العولَمِيُّون

لقد انتهى هذا الأمر قليلا بإدخال الأشياء العشوائية، وصراخي السابق ضد {أنجلينا جولي} مثال على هذا، (أرسل روبرت غرين خطابات متكررة للممثلة أنجلينا جولي، كونها شخصية خضعت لآثار العولمة الحديثة، وقام بنصيحتها دون أن تسعى للظهور على فقر أفريقيا وحياة البسطاء لطلب المزيد من الاهتمام والشهرة، وقام بمهاتفتها في أحاديث شخصية، وطلب منها أن تصرف اهتمامها لفقراء أمريكا ودعم الجمعيات الخيرية فيها- المترجم) لكن لنكرر: نعيش جميعا في عالم مباشر لأصدقائنا ومجتمعنا وبلدنا. هذه أشياء حقيقية وملموسة ويمكننا التأثير عليها. ويجب علينا أولا أن نلفت انتباهنا إلى تلك الأشياء التي يمكننا التأثير فيها.

لكن بعض الناس يعيشون في عالم غير واقعي مُعَولم. اهتماماتهم وشغفهم الرئيسي لا علاقة له بما يجري حولهم أو حتى بحياتهم اليومية. إنهم يفرون من هنا إلى هناك، إنهم يفضلون القلق بشأن إفريقيا ومجاعاتها وقلة خبزها، أو يهتمون بالصين وسياساتها وتحكمها، بدلا من القلق الرئيسي بشأن المشكلات الحقيقية في مجتمعهم وبلدانهم. إنهم مهتمون بالمظاهر بدلا من التأثير على التغيير في العالم. والتغيير الذي يتجدر عليهم .

  • المعتدون السلبيون

ينطبق هذا الكثير من الأشخاص الذين قابلتهم على مر السنين والذين يؤثرون بكونهم من ذوي الألطاف والود والتهذيب، لكن مظهرهم الخارجي اللطيف يخفي الكثير من العداء. يأتي هذا في حفريات صغيرة، أو تملق يتضمن لدغة مسمومة، أحيلك إلى فصل العدوانية السلبية في كتاب الحرب. كنت أفكر في هذه الأنواع كثيرا مؤخرا، لا سيما من حيث علاقتها بالحسد.

أريد أن أكتب كتابا يوما ما عن الحسد لأن هذا الموضوع يأخذ مني مأخذا. إنها لغة غريبة يتحدث بها الناس وكلنا نفهمها، لأننا شعرنا بالحسد في حياتنا. لكن بعض الناس يستهلكونه وهم خطرون جدا. وإذا حصلت على أي نوع من الاعتراف العام، فإن كونك هدفا للحسد يزداد سوءا. كتب أحدهم ذات مرة أنها الضريبة التي ندفعها مقابل أي نجاح نحققه في الحياة. أحببت هذا القول.

  • الحشد المناهض للحرب والتلاعب

هذه خيمة مزدحمة نوعا ما، لذلك يجب أن أميز قليلا بين الأنواع. الأولون هم أولئك الذين يعتقدون أن الحرب شريرة بطبيعتها ودراستها، ناهيك عن الكتابة عنها، أمر سيء بالفعل. ماذا يعني هذا في النهاية؟ للتخلص من الحرب أو القتال من أجل العدالة أو أي قضية تتطلب استراتيجية. لكي تعرف الإستراتيجية، يجب أن تكون لديك بعض الإلمامات الحربية، حيث يرتفع التفكير الاستراتيجي إلى أعلى مستوياته.

إذا لم تكن مهتم بالاستراتيجية فهذا يعني أنك لست مهتما بالنتائج، لأنه لا يمكنك الانتقال من النظرية إلى العمل بدون جسر الاستراتيجي. هذا يعني أنك مهتم بصوتك فقط. تريد أن يعتقد الناس أنك هنا من أجل كل الأشياء الصحيحة. المظاهر هي كل ما تهتم به.

ثم تعلن حربا كبيرة على كل هذه الأنواع. المضادون للتلاعب هم أولئك الذين يدعون بطريقة أو بأخرى إلى الإعفاء من الحاجة الإنسانية للغاية والاندفاع للتلاعب بطريقة ما. وأولئك الذين ينكرون ذلك هم بشكل عام أكبر المتلاعبين بهم وهم خطيرون للغاية. أنا لست شخصا تستهلكه الكراهية. أنا أجد أنه من المناسب أن أكون ضد الأشياء، وأن أتخذ موقفا وأقاتل بذكاء. هذه إستراتيجية تلعبها لتحفيز نفسك وتعريف نفسك. وهذا سيكون أمرا ممتعا.

بالطبع، قائمة الأشخاص والأشياء التي سأعلن الحرب عليها ذاتية، وأدعوك الآن لتتخيل أنك تكتب كتابا حول نفس الموضوع، ويجب أن تفعل ما فعلت. يرجى مشاركتنا ما الذي ستعلن الحرب عليه بالضبط، ما الذي يجعلك تريد أن تقول: (نيك أمك)، حاول أن ترفعها فوق الأفراد الذين لا نعرفهم، واجعلها عمومية أكثر، مثل ما يمثله هذا الشخص الذي تكرهه. وإذا كنت لا تحب هذا التمرين، وتعتقد أنه أمر مروع جدا أن تفكر بهذه الطريقة، فأنت تعلم جيدا ما أفكر فيه عنك وأين يمكنك الذهاب.

مقتبس من كتاب روبرت غرين – أصل السلطة.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى