هجرة المعمرين غير الفرنسيين إلى الجزائر خلال القرن التاسع عشر
الملخص: يهدف هذا البحث إلى إبراز الدوافع الأساسية التي جعلت فرنسا تستعين بعدد هائل من الأوروبيين لتعمير الجزائر، وإبراز دور الهجرة الأوروبية في توطيد أركان الاستعمار الفرنسي في الجزائر خلال القرن التاسع عشر، مع الإشارة إلى الإمكانيات الكبيرة التي سخرتها الإدارة الاستعمارية في الجزائر لتهجير أكبر عدد ممكن من الأوروبيين من مختلف الجنسيات لتدعيم جيش الاحتلال، وبسط السيطرة الفعلية على الجزائر. ساهمت الظروف السياسية والاقتصادية التي كانت تعيشها أغلب الدول الأوروبية خلال القرن التاسع عشر، في تسهيل مهمة فرنسا في بتوجيه عدد هائل من المستوطنين إلى الجزائر، حيث عرفت القارة الأوروبية عموما ثورات متتالية أثرت بشكل كبير على الأوضاع الاقتصادية لبعض الدول الأوروبية، مما جعل الكثير من السكان يفكرون في مغادرة بلدانهم للبحث عن ظروف معيشية أفضل، فاستغلت الإدارة الفرنسية تلك الظروف لتشجيع الهجرة الأوروبية نحو الجزائر، بهدف تجسيد مشروعها في جعل الجزائر فرنسية، والذي لن يتحقق إلا بالقضاء على السكان الأصليين، واستخلافهم بأوروبيين مسيحيين. نشط تيار الهجرة تجاه الجزائر خلال القرن التاسع عشر بدرجات متفاوتة، حيث استقر الآلاف من المهاجرين في مختلف المدن الجزائرية مدعمين بذلك جيش الاحتلال في تأكيد الهيمنة ومجابهة السكان الأصليين، مع إقدام فرنسا على تقديم مساعدات كبيرة للمعمرين، ولقد مرت الهجرة الأوروبية نحو الجزائر خلال القرن التاسع عشر بمراحل مختلفة، فبعدما كانت في البداية حرة، ازداد توافد الأوروبيين من مختلف الجنسيات إلى الجزائر مما جعل الإدارة الاستعمارية تعمل جاهدة على تنظيم عملية الهجرة، لكن نظرا لازدياد عدد المعمرين في الجزائر مع مرور الوقت وجدت الإدارة الاستعمارية في الجزائر صعوبات كبيرة للتحكم في العدد الهائل منهم، خاصة في الغرب الجزائري.