سلطة مجلس الأمن في إحالة الجرائم الدولية إلى المحكمة الجنائية الدولية

 

سلطة مجلس الأمن في إحالة الجرائم الدولية إلى المحكمة الجنائية الدولية

Security Council authority to refer international crimes to the International Criminal Court

ط/د. زياد محمد أنيس، كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة مولود معمري- تيزي وزو-  الجزائر.

ZIAD Mohamed  Anis ,   Faculty of Law and Political science, Mouloud Mammeri university of Tizi-Ouzou –Algeria-

 مقال نشر في  مجلة جيل حقوق الإنسان العدد 38 الصفحة 111.

     

Abstract

The International Criminal Court is a permanent judicial body with the power to follow the natural individuals who commit various serious crimes, which are of concern to the international community. Granting the Basic Law of the International Criminal Court in Article 13 of it the right of the Security Council to refer cases to the International Criminal Court in accordance with Chapter VII of the Charter of the United Nations, this leads to raising the issue of the independence and impartiality of the ruler, and the politicization of the role of governance because it remains always subject to the will of the major powers enjoying the right The veto in the Security Council.

Key words: Security Council, International Criminal Court, referral, crimes.

 

 

الملخص:

تعتبر المحكمة الجنائية الدولية هيئة قضائية دائمة لها سلطة متابعة الأفراد الطبعيين الذين يرتكبون مختلف الجرائم الخطيرة، والتي لها اهتمام من قبل المجتمع الدولي. ومنح نظام الأساسي لمحكمة الجنائية الدولية في مادة 13 منه حق لمجلس الأمن إحالة الحالات للمحكمة الجنائية الدولية استنادا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، هذا ما يؤدي إلى إثارة مسألة عدم  استقلالية المحكمة وحيادها، وتسيس دور المحكمة لأنها تبقى خاضعة دائما لإرادة الدول الكبرى المتمتعة بحق الفيتو في مجلس الأمن.

الكلمات المفتاحية: مجلس الأمن، محكمة الجنائية الدولية، الإحالة، الجرائم.

مقدمة

عانى المجتمع الدولي على مر العصور من العديد من الجرائم الدولية، فلو فتحنا كتاب البشرية لتضح للعالم اليوم ما عانى منه المجتمع الإنساني منذ قرون عديد من ويلات الحروب دمرت الإنسان خاصة في الحربين العالميتين الأولى والثانية وما خلفتا من ضحايا ودمار، وأصبح الإنسان بأمس الحاجة لمن ينير له الطريق إلى السلام ومعاقبة المسؤولين اللذين يرتكبون جرائم في حق الإنسانية، والقضاء على ثقافة اللا عقاب.

هذا ما أدى بالمجتمع الدولي للعمل على إنشاء عدة محاكم سواء مؤقتة في صورة محكمة نورمبورغ وطوكيو، وأخرى خاصة في صورة يوغسلافيا ورواندا، وصولا لإنشاء محكمة جنائية دولية دائمة، بموجب معاهدة متعددة الأطراف تشير إلى استقلالية هذه الهيئة القضائية، ومن الطبيعي وجود علاقة بين المحكمة الجنائية الدولية والأمم المتحدة، وكون مجلس الأمن هو الجهاز التنفيذي للأمم المتحدة والمسؤول الأول على حفظ السلم والأمن الدوليين. هذا ما يؤدي بنا إلى طرح الإشكالية التالية:

  • ما هي الأحكام المتعلقة بسلطة مجلس الأمن في إحالة حالة إلى المحكمة الجنائية الدولية؟

 

وتتفرع هذه الإشكالية الأساسية إلى بعض التساؤلات الفرعية وهي كالآتي:

  • ما هو الأساس القانوني لسلطة مجلس الأمن في إحالة حالة للمحكمة الجنائية الدولية؟
  • ما هي الشروط إحالة مجلس الأمن حالة إلى محكمة الجنائية الدولية؟
  • ما مدى استقلالية المحكمة الجنائية الدولية على سلطة مجلس الأمن في الإحالة؟
  • ما هي الاختصاصات الموضوعية والزمانية لمحكمة الجنائية الدولية؟

 

  • أهمية الدراسة

تكمن أهمية دراسة موضوع سلطة مجلس الأمن في إحالة الجرائم الدولية إلى المحكمة الجنائية الدولية، كونها من المواضيع الحديثة التي اهتم بها المجتمع الدولي، وتبيان العلاقة الموجودة بين مجلس الأمن وهو جهاز سياسي والمحكمة الجنائية الدولية وهي جهاز قضائي، وما يقدمه مجلس الأمن من الإحالات للمحكمة الجنائية الدولية خاصة أنه يعتبر من قبيل الأجهزة الفعالة والرئيسية في هيئة الأمم المتحدة.

  • أهداف الدراسة

يهدف موضوع سلطة مجلس الأمن في إحالة الجرائم الدولية إلى المحكمة الجنائية الدولية إلى تبيان العلاقة بين مجلس الأمن ومحكمة الجنائية الدولية في إحالة الجرائم لها، وتحديد الخلفيات وراء منح مجلس الأمن هذا الدور خاصة أن هذا الدور يدخل من بين اختصاصات المحكمة الجنائية الدولية.

  • فرضية الدراسة
  • يعد مجلس الأمن الأداة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة، والجهاز المسئول على حفظ السلم والأمن الدوليين،
  • العلاقة الموجودة بين العدالة الجنائية الدولية (العالمية) وحفظ السلم والأمن الدوليين، فقد منح لمجلس الأمن سلطة إخطار محكمة العدل الدولية عن وقوع أي جريمة داخلة في اختصاصها،
  • تأثير الاعتبارات السياسية على سلطة مجلس الأمن في إخطار المحكمة الجنائية الدولية.
  • منهج الدراسة

سنعتمد في دراستنا لهذا الموضوع على المنهج القانوني من خلال تحليلنا لبعض النصوص والمواثيق القانونية خاصة ميثاق الأمم المتحدة والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لتحديد الأسس وشروط إحالة الجرائم من مجلس الأمن إلى المحكمة الجنائية الدولية. وسنعتمد على المنهج التحليلي الوصفي الدقيق لتحليل وتحديد شروط إحالة الجرائم من طرف مجلس الأمن إلى المحكمة الجنائية الدولية، والقيود الواردة على هذه السلطة الممنوحة لمجلس الأمن في الإحالات.

وسنحاول الإجابة عن هذه الإشكالية الأساسية وبعض التساؤلات الفرعية وفق الخطة التالية:

المبحث الأول: الإطار القانوني لسلطة مجلس الأمن في إحالة حالة إلى المحكمة الجنائية الدولية

المطلب الأول: الأساس القانوني لسلطة مجلس الأمن في إحالة حالة إلى المحكمة الجنائية الدولية

المطلب الثاني: شروط إحالة حالة من طرف مجلس الأمن إلى المحكمة الجنائية الدولية

المبحث الثاني: القيود الواردة على سلطة مجلس الأمن في إحالة حالة إلى المحكمة الجنائية الدولية

المطلب الأول: استقلالية المحكمة الجنائية الدولية كقيد على سلطة مجلس الأمن في الحالة

المطلب الثاني: تقيد مجلس الأمن في إحالاته بمقتضيات اختصاص المحكمة الجنائية الدولية الموضوعي والزماني

المبحث الثالث: بعض التطبيقات لإحالة مجلس الأمن في إحالة الجرائم الدولية إلى المحكمة الجنائية الدولية

المطلب الأول: إحالة مجلس الأمن الوضع في دارفور أمام المحكمة الجنائية الدولية

المطلب الثاني: إحالة مجلس الأمن الوضع في ليبيا إلى المحكمة الجنائية الدولية

خاتمة

 

المبحث الأول: الإطار القانوني لسلطة مجلس الأمن في إحالة حالة إلى المحكمة الجنائية الدولية

اعترف نظام روما لمجلس الأمن بسلطة إخطار المحكمة الجنائية الدولية، ويتمثل دور مجلس الأمن في هذه الحالة بأنه دور إيجابي، وذلك في تفعيل نشاط المحكمة في ممارسة اختصاصها، ويقوم مجلس الأمن بإحالة حالة ما إلى المحكمة الجنائية الدولية وفقا الأسس قانونية (المطلب الأول)، بإتباع الشروط اللازمة لذلك (المطلب الثاني).

المطلب الأول: الأساس القانوني لسلطة مجلس الأمن في إحالة حالة إلى المحكمة الجنائية الدولية

يستمد مجلس الأمن الدولي اختصاصه في حالة إحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية، من نصوص ميثاق الأمم المتحدة باعتبار انه الجهاز الرئيسي المخول له بحفظ السلم والأمن الدوليين، وكذلك من نصوص النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية[1].

فالمادة 13/ب من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية تعترف لمجلس الأمن بإمكانية إحالة حالة إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، والتي تنص على انه: ” للمحكمة أن تمارس اختصاصها فيما يتعلق بحرية مشار إليها في المادة 05 وفق هذا النظام الأساسي في الأحوال التالية:

“… ب- إذا أحال مجلس الأمن معترفا بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة حالة إلى المدعي العام يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت…”.

انطلاقا من هذه المادة فان مجلس الأمن يكون من قبل أحد الأجهزة المخول لها تحريك إجراءات في المحكمة الجنائية الدولية إلى جانب الدول والمدعي العام[2].

وعندما يحرك مجلس الأمن دعوى في المحكمة الجنائية الدولية يتصرف وفق أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة عند تهديد بالسلم والأمن الدوليين[3]، ووفقا للمادة 39 من ميثاق الأمم المتحدة والتي نصت على انه: ” يقرر مجلس الأمن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلال به أو كان قد وقع عمل من أعمال العدوان، ويقدم في ذلك توصياته أو يقرر ما يجب اتخاذه من تدابير طبقا لأحكام المادتين 41 و42 لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه”.

وما يجب الإشارة إليه انه عندما يتدخل مجلس الأمن وفق المادة 39 من الميثاق، يقوم في غالب الأحيان باستعمال وصف تهديد السلم والأمن الدوليين إلى درجة جرى الحديث بها الخصوص على رمز تهديد السلم، وهو الوصف الأكثر ملائمة لربط حفظ السلم والأمن الدوليين والعدالة الجنائية الدولية، وذلك إذا أخذنا بتجربة مجلس الأمن السابقة عند إنشاء المحكمتين الخاصتين، كان على أساس وجود تهديد للسلم[4].

المطلب الثاني: شروط إحالة حالة من طرف مجلس الأمن إلى المحكمة الجنائية الدولية

أمام الصلاحيات الواسعة الممنوحة لمجلس الأمن في الإحالة، وخوفا من سوء استعمال هذه الصلاحيات من قبل مجلس الأمن، نجد أن نظام الأسباب للمحكمة الجنائية الدولية وضع له مجموعة من الشروط لكي تحقق الإحالة بطريقة قانونية وسليمة[5].والتي تتمثل فيما يلي:

الشرط الأول: إن تندرج الجريمة محل الإحالة ضمن الجرائم المنصوص عليها في المادة 05 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدوليةأي جرائم الحرب، جرائم الإبادة الجماعية، جرائم ضد الإنسانية والعدوان وذلك وفق المادة 13/ب من النظام الأساسي لمحكمة الجنائية الدولية[6].

انطلاقا من هذا الشرط يمكن لنا القول انه إذا كان لمجلس الأمن السلطات المطلقة في إدراج الجرائم التي يراها ضرورية في المحاكم الجنائية المؤقتة التي أنشاها، فان الوضع ليس كذلك بالنسبة للمحكمة الجنائية الدولية أي ليس له التوسيع في اختصاص المحكمة[7].

الشرط الثاني: إتباع مجلس الأمن لإجراءات التصويت الصحيحة بخصوص قرار الإحالة إلى المحكمة الجنائية الدوليةوفق المادة 27 من ميثاق الأمم المتحدة، فان قرارات مجلس الأمن تصدر في المسائل الإجرائية بموافقة تسعة من أعضائه الخمسة عشر دون اشتراط أن يكون من بين هذه الأصوات، أصوات الأعضاء الدائمة العضوية[8].

أما ما يخص المسائل الموضوعية، جمع واضعوا ميثاق الأمم المتحدة بين قاعدتي الإجماع والأغلبية أي يتعين أن يصدر القرار المجلس بالأغلبية تسعة أصوات على أن يكون من بينها أصوات الأعضاء الخمس الدائمين العضوية، فيكفي اعتراض إحدى الدول الخمسة (و.م.أ، فرنسا، بريطانيا، الصين، إنجلترا) ليسقط مشروع القرار وهو ما يعرف بحق النقض أو الفيتو الذي أقرته الدول الكبرى في مؤتمر مالطا 1945[9].

الشرط الثالث: تبنى قرار الإحالة بناء على الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، إذ لا يكفي أن يصدر قرار مجلس الأمن بإجراءات التصويت الصحيحة، ولكن يتعين أن يصدر وفقا لأحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ويتم تفعيل هذا الفصل من خلال المادة 39 من ميثاق الأمم المتحدة[10]، التي تمنح مجلس الأمن سلطة تحديد الإجراءات التي تتخذ طبقا للمادتين 41 و42 لحفظ السلم والأمن الدوليين أو إعادته إلى نصابه[11].

وما بجدر عليه هو أن الإحالة القضايا للمحكمة الجنائية الدولية يمكن أن يتم من قبل مجلس الأمن أو من قبل دول الأطراف وفق المادة 14 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، أو من قبل المدعي العام التابع للمحكمة وفق المادة 15 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية[12].

المبحث الثاني: القيود الواردة على سلطة مجلس الأمن في إحالة حالة إلى المحكمة الجنائية الدولية

كرس نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية سلطة مجلس الأمن في استعمال هذه السلطة، خاصة وان الدول الكبرى هي التي تهيمن على مجلس الأمن، وانه لا يمكن لأي قرار أن يصدر عن مجلس الأمن بإحالة حالة ما إلى المحكمة الجنائية الدولية إلا بموافقة هذه الدول، ولكي  لا تصبح المحكمة جهازا قضائيا تحت رحمة مجلس الأمن الدولي وهو الجهاز السياسي الفعال في الأمم المتحدة، فانه ترد على حق مجلس الأمن في الإحالة قيود، فعلى مجلس الأمن ممارسة هذا الحق وحفاظه على استقلالية المحكمة (المطلب الأول)، كما يتقيد باختصاص المحكمة الجنائية الدولية الزماني والمكاني (المطلب الثاني).

المطلب الأول: استقلالية المحكمة الجنائية الدولية كقيد على سلطة مجلس الأمن في الحالة

تجنبا للمساس باستقلالية المحكمة الجنائية الدولية، من جراء ممارسة مجلس الأمن لحقه في الإحالة إليها، نص نظام روما على قيدين أساسين:

أولا: تقيد مجلس الأمن بإحالة فقط “الحالات” إلى المحكمة الجنائية الدولية:

 تنص المادة 13/ب من النظام الأساسي على انه للمحكمة أن تمارس اختصاصها فيما يتعلق بجريمة مشار إليها في المادة 05 وفقا لأحكام هذا النظام في الأحوال التالية: “… ب- إذا أحال مجلس الأمن متصرفا بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة حالة إلى المدعي العام يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت…”[13].

يتبين من خلال استقراءنا لهذه المادة استعمال مصطلح “حالة”، إذ أن في مؤتمر روما تم الاتفاق على أن المجلس له إمكانية إخطار المحكمة الجنائية الدولية ب”حالة ” وليس ب” قضية ” أو” حادث”، وكان هذا الاقتراح من و.أ.م، الذي اعد عملا على مستوى اللجنة التحضيرية أيضا بخصوص غرض الإحالة بواسطة دولة. ولعل العلة من ذلك إن مصطلح “حالة” يتميز بأبعاد واسعة وعامة مقارنة بمصطلح قضية[14].

ثانيا: تقيد مجلس الأمن بقبول إحالته من طرف المحكمة الجنائية الدولية

حدد نظام روما قواعد اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وذلك حفاظا على استقلاليتها في تحقيق العدالة الدولية، خوفا من هيمنة إحدى الدول الكبرى على قرارات مجلس الأمن، ومن بين اختصاصاتها ما يلي:

  • سلطة المحكمة في مراجعة قرار المجلس بالإحالة

 تعتبر المراجعة القضائية أو القانونية لأعمال الأجهزة السياسية، قاعدة معروفة في القانون الداخلي والدولي، ففي القانون الداخلي المحاكم الإدارية والمجالس الدستورية لها سلطة المراجعة فيما يصدر عن الحكومة، والتأكيد من مدى مشروعيتها ودستوريتها[15].

إن الرأي السائد في النظام القانون الدولي خصوصا نظام قرارات مجلس الأمن الدولي، وان كانت بعض الآراء التي تنادي بغير ذلك، وذلك باتخاذ محكمة العدل الدولية تدابير مؤقتة، فوفق المادة 92 من ميثاق الأمم المتحدة، فمحكمة العدل الدولية تمثل الأداة القضائية الرئيسية للأمم المتحدة، وجميع الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة يمثلون أطراف في النظام الأساسي لهذه المحكمة وفق المادة 92 من الميثاق، أي تمثل أداة رقابة على أعمال مجلس الأمن الدولي[16].

بالتالي فان الممارسات الدولية تتجه إلى منح محكمة العدل الدولية سلطة مراجعة قرارات مجلس الأمن دون نص، فانه لا يمكن حرمان المحكمة الجنائية الدولية من مثل تلك السلطة، حتى ولو كانت محدودة نظرا لخطورة موضوع اختصاص المحكمة أي الجرائم الدولية. وبالرجوع إلى اتفاقية فينا لقانون المعاهدات، فان تفسير المعاهدة هو تحديد لمعنى النصوص التي أتى بها ونطاق تطبيقها وتفسيرها، ولا يتسم دائما باليسر، هذا إضافة لوجود جهات خاصة بالتفسير، ومنه منح المحكمة هذا الحق[17].

  • سلطة المحكمة في قبول إحالة مجلس الأمن

حدد نظام روما الأساسي قواعد انعقاد اختصاص المحكمة الجنائية الدولية وقبول الدعوى أمامها، أي لا يمتلك مجلس الأمن سلطة تحديد اختصاص المحكمة الجنائية الدولية أو قبول الدعوى في قرار الإحالة والمحكمة ملزمة بهذا القرار، مما يعزز استقلالية هذه المحكمة ويمنع أي محاولات الهيمنة عليها[18].

فالنظام الأساسي محكمة الجنائية الدولية جعل إحالة مجلس الأمن إجراء شكلي يتم من خلال إبلاغ المدعي العام بحالة يبدو من خلالها ارتكاب جريمة أو أكثر، والتي تؤكد بدورها عن صحة المعلومات أي المجلس يلفت انتباه المحكمة لوقائع مهمة لإجراء التحقيق، أي قرار الإحالة لا يعتبر التزاما للمحكمة الجنائية الدولية لمباشرة إجراءات المحاكمة، وهو ما يضع للمحكمة الجنائية الدولية ضمانة أكيدة ضد أي محاولات هيمنة مجلس الأمن الدولي، أي تمنح للمدعي العام سلطة تقدير إذا كان له أن يشرع في التحقيق أولا[19]، وفي حالة عدم قبول المدعي العام الشروع في التحقيق يمكن لمجلس الأمن أن يطلب من الغرفة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية، أن تقوم هذه الأخيرة بإرساله إلى المدعي العام لمراجعة قراره، وأيضا في هذه الحالة لا يكون طلب الغرفة التمهيدية ملزما للمدعي العام[20]، وعندما يحيل مجلس الأمن الدولي حالة ما متصرفا وفق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة إلى المحكمة الجنائية الدولية وتقرر هذه الأخيرة عدم اختصاصها أو عدم قبول الدعوى أمامها وفق نظامها الأساسي، ثم يلتمس مجلس الأمن من هذه المحكمة إعادة النظر في قرار ما وفقا لإجراءات صحيحة، فهذا الالتماس يجعل المحكمة مبقية على القضية لا على أساس اختصاص أو قبول هذه القضية إذا قررت عدم اختصاصها أو عدم قبولها، ولكن على أسس أخرى من أسس حل النزاعات الدولية بالطرق السلمية وفق المادة 119/2 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والتي تقضي بأنه:” يحال إلى جمعية الدول الأطراف أي نزاع بين دولتين أو أكثر من الدول الأطراف بشان تغير أو تطبيق هذا النظام الأساسي، لا يسوى عن طريق المفاوضات في غضون ثلاثة أشهر من بدايته ويجوز للجمعية العامة أن تسعى هي ذاتها إلى تسوية النزاع، أو تتخذ توصيات بشان أي وسائل أخرى لتسوية النزاع، بما في ذلك إحالته على محكمة العدل الدولية وفقا للنظام الأساسي لتلك المحكمة”[21].

المطلب الثاني: تقيد مجلس الأمن في إحالاته بمقتضيات اختصاص المحكمة الجنائية الدولية الموضوعي والزماني

نظم نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الاختصاص الموضوعي والزماني للمحكمة، حيث عند ممارسة مجلس الأمن لسلطته في الإحالة أن يراعي الاختصاص الموضوعي والزماني للمحكمة الجنائية الدولية.

أولا: الاختصاص الموضوعي للمحكمة الجنائية الدولية كقيد على سلطة مجلس الأمن في الإحالة

اقترحت عدة وفود في مناقشات اللجنة التحضيرية المكلفة بإعداد مشروع النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية عدة مقترحات، وذلك بتحديد الاختصاص الموضوعي الذي تختص به المحكمة أي تحديد أنواع محددة من الجرائم الدولية الجسيمة التي يهتم بها المجتمع الدولي، ولذلك لعدة أسباب:

– تشجيع أكبر عدد ممكن من الدول على القبول بالانضمام إلى المحكمة، كل ذلك لتعزيز فعاليتها،

– تجنب إثقال كاهل المحكمة بالنظر للقضايا التي يمكن أن تنظر فيها المحاكم الوطنية،

– تعزيز مصداقية المحكمة وسلطتها الأدبية[22].

ومن بين المقترحات كذلك ممارسة المحكمة اختصاصاتها على جميع الجرائم التي نظمتها الاتفاقيات الدولية، إلا أن هذا المقترح قوبل بالرفض، وعند انعقاد مؤتمر روما تم تحديد اختصاص المحكمة وهي أربع: الإبادة الجماعية، الجرائم ضد الإنسانية، جرائم الحرب، جريمة العدوان[23].

ونصت المادة 05 من نظام روما الأساسي انه: ” 1- يقتصر اختصاص المحكمة على اشد الجرائم خطورة اختصاص المحكمة على اشد الجرائم خطورة موضوع اهتمام المجتمع الدولي بأسره، والمحكمة بموجب هذا النظام الأساسي اختصاص النظر في الجرائم التالية:

– جريمة الإبادة الجماعية.

– الجرائم ضد الإنسانية.

– جرائم الحرب.

– جريمة العدوان.

2- تمارس المحكمة على جريمة العدوان متى اعتمد حكم بهذا الشأن وفق المادتين 121، 123 يعرف جريمة العدوان، ويضع الشروط التي بموجبها تمارس المحكمة اختصاصها فيما يتعلق بهذه الجريمة، ويجب أن يكون هذا الحكم متسقا مع الأحكام ذات الصلة من ميثاق الأمم المتحدة[24]“.

حيث يمكن تعريف هذه الجرائم التي تختص بها المحكمة الجنائية الدولية كالآتي:

  • تعريف جريمة الإبادة الجماعية

عرفها الأستاذ ليمكن LEMKIN  ” بأنها تدمير أمة أو مجموعة عرقية، وبشكل عام ولا تعني الإبادة الجماعية التدمير المباشر لأمة إلا عندما ما تقترن بالقتل لكل أعضاء الأمة”، ويضيف نفس الأستاذ أن “الإبادة الجماعية توجه ضد الجماعة القومية ككيان وأن الأعمال التي تتضمنها هذه الجريمة توجه ضد الأفراد بصفتهم أعضاء للجماعة وليس بصفتهم الفردية”[25].

وعرفتها المادة 06 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية بأنها “كل فعل من الأفعال التالية يرتكب بقصد إهلاك جماعة قومية اثنيه أو عرقية أو دينية بصفتها هذه، إهلاكا كليا أو جزئيا”. وهذه الأفعال هي كالآتي: قتل أفراد الجماعة، إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة، إخضاع الجماعة عمدا لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي كليا أو جزئيا، فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب الجماعة، نقل أطفال الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى[26].

  • تعريف الجرائم ضد الإنسانية

عرف الفقه الدولي الجرائم ضد الإنسانية بعدة تعريفات، فعرفها الأستاذ: أرونيو أوحجين ORONGNU Ogine بأنها “جريمة دولية من جرائم القانون العام التي بمقتضاها تعتبر دولة ما مجبرة إذا أضرت بسبب الجنس (العرق) أو التعصب للوطن أو لأسباب دينية بحياة شخص أو مجموعة من الأشخاص أبرياء أو بحريتهم أو بحقوقهم أو إذا تجاوزت أضرارها في حالة ارتكابهم جريمة ما العقوبة المنصوص عليها”.

ويرى الأستاذ ليمكان رافئيل LEMKIN Raphael بأنها “خطة منظمة لأعمال كثيرة ترمي لهدم الأسس الاجتماعية لحياة جماعات وطنية بقصد القضاء على هذه الجماعات والغرض من هذه الخطة هدم النظم السياسية والاجتماعية والثقافية واللغوية والمشاعر الوطنية والدين والكيان الاجتماعي والاقتصادي للجماعات الوطنية والقضاء على الأمن الشخصي والحرية الشخصية وصحة الأشخاص وكرامتهم بل القضاء كذلك على حياة الأفراد المنتمين لهذه الجماعات”[27].

وأشارت المادة 06/ ج من النظام الأساسي لمحكمة لنورمبورغ إلى أن الجرائم ضد الإنسانية تشمل “القتل العمد مع الإصرار، الإبادة والاسترقاق والطرد، وكل عمل غير إنساني مرتكب ضد السكان المدنيين، قبل الحرب أو أثنائها أو الاضطهادات لأسباب سياسية أو عرقية أو دينية، وذلك تنفيذا وبالصلة مع أي جريمة تختص بها المحكمة…”. وربطت هذه الفقرة بين ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية ووجود حالة الحرب عدوانية، هذا ما يعني أن الجرائم ضد الإنسانية لا تقوم مستقلة عن الجرائم ضد السلام وجرائم الحرب[28].

وحددت المادة 07 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الأفعال التي تدخل ضمن الجرائم ضد الإنسانية كالقتل العمد، الإبادة، الاسترقاق، إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان، التعذيب، الاغتصاب…[29]

  • تعريف جرائم الحرب

عرفت المادة 06/ بند (ب) من لائحة محكمة نورمبرغ جرائم الحرب بأنها “الأعمال التي تشكل انتهاكا لقوانين وأعراف الحرب”، واتفق أثناء محاكمات نورمبرغ أن جرائم الحرب هي “الأفعال التي ارتكبها المتهمين المخالفة لقوانين وأعراف الحرب، والاتفاقيات الدولية والقوانين الجنائية الداخلية والمبادئ العامة للقانون الجنائي المعترف بها في كل الدول المتمدينة”[30].

وحسب المادة 08 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية تعني جرائم الحرب:

  • الانتهاكات الجسيمة لاتفاقية جنيف لعام 1949،
  • الانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السارية على المنازعات الدولية المسلحة، في النطاق الثابت للقانون الدولي،
  • في حالة وقوع نزاع مسلح غير ذي طابع دولي، الانتهاكات الجسيمة للمادة 03 المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949،
  • الانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السارية على المنازعات المسلحة غير الطابع الدولي في نطاق الثابت للقانون الدولي[31].
  • تعريف جريمة العدوان

لقد أوردت المادة 05 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية حكما خاصا بجريمة العدوان، وعلقت اختصاص المحكمة بخصوص هذه الجريمة ، إلى غاية اعتماد حكم بهذا الشأن وفق المواد 121 و123 أي القيام بوضع تعريف لجريمة العدوان، ووضع شروط والأركان اللازمة لممارسة المحكمة لاختصاصها بنظر في هذه الجريمة، شرط أن يكون هذا الحكم متسقا مع الأحكام ذات الصلة في الأمم المتحدة. وتم عقد المؤتمر الاستعراضي لنظام المحكمة الجنائية الدولية في كمبالا بأوغندا وبعد مناقشات دامت أسبوعين اختتم أشغاله بتاريخ 11 جوان 2010، وخرج هذا المؤتمر بعدة تعديلات فيما يخص النظام الأساسي للمحكمة. حيث نصت المادة 08 مكرر من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية “… تنطبق صفة العمل العدواني على أي عمل من الأعمال التالية سواء بإعلان الحرب أو بدونه، وذلك طبقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3314 (د-29) في 14 ديسمبر 1974:

  • قيام القوات المسلحة لدولة ما بغزو إقليم دولة أخرى أو الهجوم عليه أو أي احتلال عسكري ولو كان مؤقتا ينجم عن مثل هذا الغزو أو الهجوم، أو أي ضم لإقليم دولة أخرى أو لجزء منه باستعمال القوة،
  • قيام القوات المسلحة لدولة ما بقذف إقليم دولة أخرى بالقنابل، أو استعمال دولة ما أية أسلحة ضد إقليم دولة أخرى،
  • ضرب موانئ دولة ما أو على سواحلها من قبل القوات المسلحة لدولة أخرى،
  • قيام القوات المسلحة لدولة ما بمهاجمة القوات المسلحة البرية أو البحرية أو الجوية أو الأسطول البحري أو الجوي لدولة أخرى،
  • قيام دولة ما باستعمال قواتها المسلحة الموجودة داخل إقليم دولة أخرى بموافقة الدولة المضيفة على وجه يتعارض مع الشروط التي ينص عليها الاتفاق أو أي تهديد لوجودها في الإقليم المذكور إلى ما بعد نهاية الاتفاق،
  • سماح دولة ما وضع إقليمها تحت تصرف دولة أخرى بأن تستخدمه هذه الدولة الأخرى ارتكاب عمل عدواني ضد دولة أخرى،
  • إرسال عصابات أو جماعات مسلحة أو قوات غير نظامية أو مرتزقة من قبل دولة ما أو باسمها تقوم ضد دولة أخرى بأعمال من أعمال القوة المسلحة، أو اشتراك الدولة بدور ملموس في ذلك[32].

ثانيا: الاختصاص الزماني للمحكمة الجنائية الدولية كقيد على سلطة مجلس الأمن في الإحالة

نصت المادة 11 الفقرة الأولى من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على انه: “ليس للحكمة اختصاص إلا فيما يتعلق بالجرائم التي ترتكب بعد البدء في نفاذ هذا النظام الأساسي”.

هذا يعني أن المحكمة تختص في النظر في الجرائم التي ترتكب بعد دخول نظامها الأساسي حيز التنفيذ، أي انه لا اختصاص للمحكمة على الجرائم التي وقعت قبل بدء النظام الأساسي[33].

كما نصت الفقرة 02 من نفس المادة على انه: “إذا أصبحت دولة من الدول طرفا في هذا النظام الأساسي بعد بدء نفاذه، لا يجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصها إلا فيما يتعلق بالجرائم التي ترتكب بعد بدء نفاذ هذا النظام بالنسبة لتلك الدولة، ما لم تكن الدولة قد أصدرت إعلانا بموجب الفقرة 03 من المادة 12″.

فالنظام الأساسي اخذ بالقاعدة العامة المطبقة في جميع الأنظمة القانونية في العالم والتي تقضي بعدم جواز تطبيق القوانين الجنائية بأثر رجعي، أي القانون يطبق بأثر فوري ومباشر، ولا يرتد إلى الماضي لكي يطبق على الجرائم التي وقعت قبل نفاد . كل ذلك لتشجيع الدول للانضمام إلى النظام الأساسي للمحكمة، أي أن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية هو اختصاص مستقبلي فقط[34].

المبحث الثالث: بعض التطبيقات لإحالة مجلس الأمن في إحالة الجرائم الدولية إلى المحكمة الجنائية الدولية

إن السلطة الممنوحة لمجلس الأمن الدولي في إخطار المحكمة الجنائية الدولية، بموجب المادة 13 من نظام روما الأساسي، قام بتكريسها في قضيتين هامتين، حيث في 2005 قام بإحالة الوضع في دارفور إلى المحكمة الجنائية (المطلب الأول)، ثم في 2011 قام بإحالة الوضع في ليبيا أمام المحكمة الجنائية الدولية (المطلب الثاني).

 

المطلب الأول: إحالة مجلس الأمن الوضع في دارفور أمام المحكمة الجنائية الدولية

نتيجة للانتهاكات الجسيمة التي شهدتها منطقة الدارفور (السودان) قام مجلس الأمن بإدارة وضع في الدارفور، حيث طلب من الأمين العام (كوفي عنان) أنا ذاك بإنشاء لجنة دولية لتحقيق في الدارفور لتأكد من الأعمال الإبادة الجماعية في الإقليم من عدمها، وكان تشكيل هذه اللجنة على طريق قرار مجلس الأمن رقم 1564 الصادر في 18 سبتمبر 2004[35].

وتكونت هذه اللجنة من خمسة أشخاص عينوا من طرف الأمين العام، باشرت أعمالها في 24 أكتوبر 2004، وحددت مدة عملها لمدة ثلاث أشهر لتقديم تقريرها إلى الأمين العام[36]. أنهت اللجنة مهامها خلال المدة المحددة، ورفعت تقريرها إلى الأمين العام التابع لهيئة الأمم المتحدة، فيما يخص تقصي الحقائق، والتحليل القانوني الدقيق، وفيما يخص تكييف الأفعال الإجرامية عرضت اللجنة في هذا التقرير نتائج التحقيقات التي توصلت إليها، وقامت بتقدم عدة توصيات[37].

ومن بين النتائج التي توصلت إليها اللجنة أن الحكومة السودانية لم تتبع سياسة التي تقوم على الإبادة الجماعية، حتى ولو كان بعض الأفراد في صورة مسؤولين الحكوميين قد يرتكبون في بعض الحالات أفعال بنية الإبادة الجماعية، وأضاف التقرير بأن الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي ارتكبت في دارفور لا تقل خطورة وبشاعة على جرائم الإبادة الجماعية[38].

أما فيما يخص توصيات اللجنة فيما يخص محاسبة مرتكبي تلك الجرائم التي حدثت في الدارفور، توصلت اللجنة إلى نتيجة بقصور العدالة الجنائية السودانية، فيجب أن تكون عادلة، نزيهة ومستقلة، وأكدت اللجنة أن الحلول يجب أن تكون دولية، وبتالي أوصت اللجنة مجلس بإحالة قضية الدارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية وفقا للمادة 13/ ب من نظام روما الأساسي، حيث إن المحكمة هي الوحيدة القادرة على متابعة المتورطين في الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني والاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان[39].

وتوافقت توصيات اللجنة مع مقترح فرنسا التي مارست ضغوطا داخل مجلس الأمن لإحالة قضية الدارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية وهو ما تم على أرض الواقع بصدور القرار رقم (1593) بتاريخ 31 مارس 2005 الذي أحال قضية الدارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية[40].

وفي عام 2009 أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوداني عمر البشير، وقام هذا الأخير بطرد جميع المنظمات الإنسانية في السودان، وذهب إلى أكثر من ذلك وهدد بارتكاب جرائم في الجنوب السوداني، وقام بحملة داخل الاتحاد الإفريقي وفي أماكن أخرى للحصول على الدعم السياسي[41].

المطلب الثاني: إحالة مجلس الأمن الوضع في ليبيا إلى المحكمة الجنائية الدولية

تعود الأزمة الليبية إلى المظاهرات والاحتجاجات التي شهدها العالم العربي في فيفري 2011، إذ هاجمت قوات الأمن المتظاهرين الذين كانوا سلميين في احتجاجاتهم، وكانت بداية هذه التظاهرات أساسا في مدينة بنغازي[42]. ونجم عن كل هذه التظاهرات مقتل العديد من المدنيين وخلال فترة وجيزة، وتصاعدت الأوضاع لكي تصبح حرب أهلية، هذا ما أدى لمجلس حقوق الإنسان في الجلسة 15/1 بتاريخ 25/02/2011 بإصدار قرار تحت عنوان “حالة حقوق الإنسان في الجماهيرية الليبية”، وحث فيها المجلس على ضرورة تكوين لجنة تحقيق دولية جراء الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان في ليبيا، كل ذلك من أجل الوقوف عن الحقائق والظروف التي أدت إلى مثل هذه الانتهاكات وتحديد المسؤولين عنها، وتقديم التوصيات بشأن تدابير المسائلة لضمان محاسبة المسؤولين عن ارتكاب تلك الانتهاكات[43].

وتوصلت اللجنة إلى عدة نتائج واستنتاجات في عدد الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، ومن بين هذه الاستنتاجات هي الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين، ما أدى إلى سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى، هذا ما يشكل انتهاكا جسيما لمختلف المبادئ والقواعد الخاصة بحقوق الإنسان، كما احتجزت القوات الحكومية تعسفا عدد كبير من الأشخاص، وتطبيق سياسة الاختفاءات القسرية للأشخاص، وارتكابها لشتى أنواع التعذيب وغيرها من ضروب المعاملات القاسية أو اللا انسانية أو المهينة، والقيام بهجمات عشوائية ضد المدنيين، وعدم التزام الحكومة الليبية بإجراءات الوقاية لحماية المدنيين ما يخالف قانون الدولي الإنساني[44].

هذا ما أدى بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بتاريخ 26 فيفري 2011 اتخاذ قرار بالإجماع تحت رقم 1970 الذي أحال بموجبه الوضع القائم في ليبيا إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، واعتبر أن الهجمات الواسعة النطاق التي كانت في ليبيا ضد السكان المدنيين العزل ترقى إلى درجة الجرائم ضد الإنسانية، وأحال مجلس الأمن الوضع في ليبيا إلى المحكمة الجنائية الدولية وهي ليست طرف في نظام روما الأساسي للمحكمة[45].

واستند مجلس الأمن في إصداره لهذا القرار لأحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وبناء على تقرير لجنة التحقيق الدولية الخاصة في الجماهيرية الليبية[46]، وكذلك إدانة جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الذين أدانوا جميعا الانتهاكات الليبية لحقوق الإنسان في حق الشعب الليبي، وانتهت المحاكمات بمتابعة عدد كبير من المتهمين ولعلى أهمهم: الرئيس السابق “معمر أبي منيار القذافي” وابنه “سيف الإسلام القذافي” و”عبد الله سنوسي” مدير المخابرات العسكرية[47].

تعتبر إحالة مجلس الأمن الدولي للوضع في ليبيا إلى المحكمة الجنائية الدولية واحدة من الممارسات المهمة التي تمكن من خلالها المجتمع الدولي من محاسبة دول غير طرف أمام المحكمة الجنائية الدولية[48].

خاتمة

حاول نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية تغليب الاعتبارات الإنسانية على الاعتبارات السياسية، وذلك من خلال اعترافه بالدور المهم لمجلس الأمن في العلاقة بين الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية، وهذا بالنظر للصلة الموجودة بين العدالة الجنائية الدولية وحفظ السلم والأمن الدوليين، الذي يعتبر مجلس الأمن الدولي المسؤول الأول في حفظه.

لكن الدور المنتظر من سلطة مجلس الأمن في إخطار المحكمة، يمكن أن تأثر عليه بعض الاعتبارات السياسية، وتجعل الهدف الأساسي من منح مجلس الأمن الدولي سلطة إخطار للمحكمة الجنائية الدولية لا تتحقق في جميع الحالات.

لكن من بين المشاكل التي قد تقع في أرض الواقع أن إحالة أي حالة لمحكمة الجنائية الدولية من قبل مجلس الأمن متوقف على إرادة الأعضاء الدائمين في المجلس وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية التي تتحكم في المجلس، لاسيما في المسائل الموضوعية  فضلا عن امتيازاتها في استعمال لحق النقض، الذي بموجبه لا يمكن أن يصدر أي قرار قد يتعارض مع مصالح إحدى الدول أعضاء في المجلس، ولو كان شأن هذا القرار الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، كما أنه يمكن لمجلس الأمن أن يطبق سياسة الكيل بالمكيالين في تعامله مع الأحداث الدولية، فبينما أحال مجلس الأمن النزاع من قبل في الدارفور (السودان) وليبيا إلى المحكمة، ونجده يقف مكتوف الأيدي أمام الوضع في فلسطين وكل الانتهاكات التي يمارسها الجيش الإسرائيلي في حق الشعب الفلسطيني، وطمس جميع المواثيق والقوانين والأعراف الدولية .

النتائج

  • إن تفعيل سلطة مجلس الأمن في إحالة الجرائم الدولية للمحكمة الجنائية الدولية يسمح لهذه الأخيرة ببسط ولايتها القضائية، حتى على دول الغير أطراف للقضاء على ظاهرة الإفلات من العقاب،
  • سلطة مجلس الأمن في الإحالة لا يمس باستقلالية المحكمة الجنائية الدولية، إذ لها حق قبول أو عدم قبول الدعوى أمامها،
  • إن سلطة مجلس الأمن في الإحالة لا تؤثر ولا تمس بالاختصاص التكميلي للمحكمة، باعتباره الركيزة لعمل المحكمة.

التوصيات

  • محاولة معالجة أوجه القصور والخلل الموجود في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، حيث يعتبر أمرا ضروريا لتفادي الإشكالات الناجمة سواء على المستوى النظري أو التطبيقي،
  • ضرورة توفير المناخ الدولي لعمل المحكمة الجنائية الدولية خالي من كل الضغوط ومن أي جهة، ومع توفير الدعم السياسي لها من قبل مختلف المنظمات الدولية الحكومية والغير الحكومية،
  • تجنب الأخذ والاعتماد على الاعتبارات السياسية في إجراءات الإحالة التي يقوم بها مجلس الأمن للمحكمة الجنائية الدولية،
  • ضرورة تعديل المادة 13 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بإضافة فقرة جديدة تلزم فيها مجلس الأمن بالقيام بالإحالة في حالة وجود قضايا تهدد بالسلم والأمن الدوليين، والحد من امتناعه وتأخره بالقيام بالإحالة،
  • القضاء على هيمنة الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن بتوسيع العضوية في المجلس، وخاصة تعديل نظام التصويت داخل المجلس والعمل على القضاء على حق الفيتو من أحكام ميثاق الأمم المتحدة،
  • تقييد سلطة مجلس الأمن في تكييف الحالات وسلطته في الإحالة، لمنعه من التعسف في الإحالة للمحكمة الجنائية الدولية، أو تجميد التحقيقات أو المتابعات.

 

قائمة المراجع

  • المراجع باللغة العربية
  • الكتب
  • حسين حنفي عمر “حصانات الحكام ومحاكماتهم عن جرائم الحرب والعدوان والإبادة والجرائم ضد الإنسانية محاكمة صدام حسين”، دار النهضة العربية، الطبعة الأولى، القاهرة، 2006.
  • عمر محمود المخزومي “القانون الدولي الإنساني في ضوء المحكمة الجنائية الدولية”، دار الثقافة، الطبعة الأولى، القاهرة، 2006.
  • ولد يوسف مولود “المحكمة الجنائية الدولية بين قانون القوة وقوة القانون”، دار الأمل للطباعة والنشر والتوزيع، المدينة الجديدة، تيزي وزو، الجزائر، 2013.

 

  • المذكرات والأطروحات
  • إخلاص بن عبيد “آليات مجلس الأمن في تنفيذ قواعد القانون الدولي الإنساني”، مذكرة ماجستير في القانون، تخصص: القانون الدولي الإنساني، كلية الحقوق، جامعة الحاج لخضر، باتنة، الجزائر، 2008-2009.
  • بوطبحة مريم “إجراءات سير الدعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية”، مذكرة ماجستير في القانون العام، فرع القانون ولقضاء الدوليين، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة الأخوة منتوري، قسنطينة، الجزائر، 2006.
  • بوهراوة رفيق “اختصاص المحكمة الجنائية الدولية”، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون العام، فرع القانون والقضاء الجنائي الدوليين، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة الإخوة منتوري، قسنطينة، الجزائر، 2010.
  • حمزة طالب المواهرة “دور مجلس الأمن في إحالة الجرائم الدولية إلى المحكمة الجنائية الدولية”، مذكرة ماجستير في القانون العام، كلية الحقوق، جامعة الشرق الأوسط، 2012.
  • خلوي خالد “تأثر مجلس الأمن على ممارسة المحكمة الجنائية الدولية لاختصاصها”، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون، الفرع: القانون الدولي العام، كلية الحقوق، جامعة مولود معمري، تيزي وزو، الجزائر، 2011.
  • دحماني عبد السلام “التحديات الراهنة للمحكمة الجنائية الدولية في ضل هيمنة مجلس الأمن الدولي”، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم، تخصص القانون، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة مولود معمري، تيزي وزو، الجزائر، 2012.
  • سعدية ارزقي”الاعتبارات السياسية في مجلس الأمن وآثارها على المحكمة الجنائية الدولية”، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون، فرع: قانون التعاون الدولي، كلية الحقوق، جامعة مولود معمري، تيزي وزو، الجزائر، 2006.
  • عصماني ليلى “التعاون الدولي لقمع الجرائم الدولية”، رسالة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الدولي، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة وهران، الجزائر، 2012/2013.
  • عمرون مراد “العدالة الجنائية الدولية وحفظ السلم والأمن الدوليين”، مذكرة لنيل درجة الماجستير في القانون، فرع: تحولات الدولة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة مولود معمري بتيزي وزو –الجزائر-، 2012.
  • موسى بن تغري “علاقة مجلس الأمن بالمحكمة الجنائية الدولية في ظل أحكام اتفاقية روما 1998″، مذكرة ماجستير، تخصص: القانون الجنائي الدولي، كلية الحقوق، سعد دحلب، البليدة، الجزائر، 2006.
  • المقالات
  • أ/ إنصاف بن عمران “النظام القانوني لجرائم الحرب –دراسة في الجريمة والعقوبة- بمقتضى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة”، مجلة العلوم القانونية، ع(3)، جوان 2011.
  • بارعة القدسي”المحكمة الجنائية الدولية طبيعتها واختصاصها وموقف الولايات المتحدة وإسرائيل منها”، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 20، العدد الثاني، 2004.
  • وقاص ناصر “العدوان بوصفه جريمة دولية في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية”، مجلة الدراسات الحقوقية، العدد الثامن، المجلد 04، العدد 02، 2017.
  • الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والتقارير
  • النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998.
  • تقرير لجنة التحقيق الدولية المعنية بالتحقيق في جميع انتهاكات القانون الدولي المدعى وقوعها في الجماهيرية العربية الليبية، مجلس حقوق الإنسان، الدورة السابعة عشر، البند الرابع من جدول الأعمال، حالات حقوق الإنسان التي تتطلب اهتمام المجلس بها، وثيقة (A/HRC/17/44/extract) الصادرة في 01 جوان 2011.
  • Ouvrages en Français
  • BENHAMOU Abdallah “La cour pénale internationale à l’épreuve des faits: la situation au Darfour”, R.A.S.J.E.P, N°04, 2008.
  • Martyna Falkowska “L’interaction entre la cour pénale internationale et le conseil de sécurité en matière d’agression à l’issue de la conférence de révision du statut de Rome 2010″, R.B.D.I, N°02, 2010.
  • Thomé Nathalie  « les pouvoirs du conseil au regard de la pratique ressente du chapitre XII de la charte de Nation Unies », P.V.A.M, 2005.

[1]- سعدية أرزقي “الاعتبارات السياسية في مجلس الأمن وآثارها على المحكمة الجنائية الدولية”، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون، فرع: قانون التعاون الدولي، كلية الحقوق، جامعة مولود معمري، تيزي وزو، الجزائر، 2006، ص03.

[2]- خلوي خالد  “تأثر مجلس الأمن على ممارسة المحكمة الجنائية الدولية لاختصاصها”، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون، الفرع: القانون الدولي العام، كلية الحقوق، جامعة مولود معمري، تيزي وزو، الجزائر، 2011، ص13.

[3]- ولد يوسف مولود “المحكمة الجنائية الدولية بين قانون القوة وقوة القانون”، دار الأمل للطباعة والنشر والتوزيع، المدينة الجديدة، تيزي وزو، الجزائر، 2013، ص85.

[4]- Thomé Nathalie  « les pouvoirs du conseil au regard de la pratique ressente du chapitre XII de la charte de Nation Unies », P.V.A.M, 2005, pp97-98.

-[5] سعدية أرزقي، مرجع سابق، ص13.

[6] – إخلاص بن عبيد  “آليات مجلس الأمن في تنفيذ قواعد القانون الدولي الإنساني”، مذكرة ماجستير في القانون، تخصص: القانون الدولي الإنساني، كلية الحقوق، جامعة الحاج لخضر، باتنة، الجزائر، 2008-2009، ص203.

[7]- خلوي خالد، مرجع سابق، ص26.

– [8]إخلاص بن عبيد، مرجع سابق، ص203.

– [9]قصي الضحاك “مجلس الأمن الدولي ودوره في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين النصوص والتطبيق”، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الدولي والعلاقات الدولية، كلية الحقوق، جامعة الجزائر، 2001، ص72.

– [10]إخلاص بن عبيد، مرجع سابق،  ص203.

[11]- Martyna Falkowska “L’interaction entre la cour pénale internationale et le conseil de sécurité en matière d’agression à l’issue de la conférence de révision du statut de Rome 2010″, R.B.D.I, N°02, 2010, p573.

[12] – أنظر المواد 14 و 15 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998.

[13]- أنظر المادة 13 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998.

[14]- خلوي خالد، مرجع سابق، ص20.

[15]- موسى بن تعزي”علاقة مجلس الأمن بالمحكمة الجنائية الدولية في ظل أحكام اتفاقية روما 1998″، مذكرة ماجستير، تخصص: القانون الجنائي الدولي، كلية الحقوق، سعد دحلب، البليدة، الجزائر، 2006، ص62.

[16]- دحماني عبد السلام “التحديات الراهنة للمحكمة الجنائية الدولية في ضل هيمنة مجلس الأمن الدولي”، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم، تخصص القانون، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة مولود معمري، تيزي وزو، الجزائر، 2012، ص237.

– [17]موسى بن تعزي، مرجع سابق، ص61.

[18]- خلوي خالد، مرجع سابق، ص23.

 -[19]بوطبحة مريم “إجراءات سير الدعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية”، مذكرة ماجستير في القانون العام، فرع القانون ولقضاء الدوليين، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة الأخوة منتوري، قسنطينة، الجزائر، 2006، ص51.

[20]- دحماني عبد السلام، مرجع سابق، ص244.

 -[21]دحماني عبد السلام، مرجع نفسه، ص246.

[22]- بوهراوة رفيق “اختصاص المحكمة الجنائية الدولية”، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون العام، فرع القانون والقضاء الجنائي الدوليين، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة الإخوة منتوري، قسنطينة، الجزائر، 2010، ص ص35، 36.

– [23]حمزة طالب المواهرة “دور مجلس الأمن في إحالة الجرائم الدولية إلى المحكمة الجنائية الدولية”، مذكرة ماجستير في القانون العام، كلية الحقوق، جامعة الشرق الأوسط، 2012، ص ص 71، 72.

 -[24]المادة 05 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998.

[25] – حسين حنفي عمر “حصانات الحكام ومحاكماتهم عن جرائم الحرب والعدوان والإبادة والجرائم ضد الإنسانية محاكمة صدام حسين”، دار النهضة العربية، الطبعة الأولى، القاهرة، 2006،ص ص 23، 24.

[26] – أنظر المادة 06 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998.

[27] – حسين حنفي عمر، مرجع سابق، ص 186.

[28] – عصماني ليلى “التعاون الدولي لقمع الجرائم الدولية”، رسالة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الدولي، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة وهران، الجزائر، 2012/2013، ص 43.

[29] – أنظر المادة 07 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998.

[30] – أ/ إنصاف بن عمران “النظام القانوني لجرائم الحرب –دراسة في الجريمة والعقوبة- بمقتضى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة”، مجلة العلوم القانونية، ع(3)، جوان 2011، ص 252.

[31] – أ/ إنصاف بن عمران، مرجع السابق، ص 253.

[32] – وقاص ناصر “العدوان بوصفه جريمة دولية في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية”، مجلة الدراسات الحقوقية، العدد الثامن، المجلد 04، العدد 02، 2017، ص ص 212، 213.

 -[33]المادة 11/1 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998.

[34]- بارعة القدسي “المحكمة الجنائية الدولية طبيعتها واختصاصها وموقف الولايات المتحدة وإسرائيل منها”، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 20، العدد الثاني، 2004، ص ص141، 142.

[35] – عمر محمود المخزومي “القانون الدولي الإنساني في ضوء المحكمة الجنائية الدولية”، دار الثقافة، الطبعة الأولى، القاهرة، 2006، ص 382.

[36] – BENHAMOU Abdallah “La cour pénale internationale à l’épreuve des faits: la situation au Darfour”, R.A.S.J.E.P, N°04, 2008, p 209.

[37] – خلوي خالد، مرجع سابق، ص 58.

[38] – عمر محمود المخزومي، مرجع سابق، ص 384.

[39] – خلوي خالد، مرجع سابق، ص ص 59، 60.

[40] – عمر محمود المخزومي، مرجع سابق، ص 385.

-[41]  بيان المدعي للمحكمة الجنائية الدولية “لويس مورينو اوكامبو” لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول الوضع في دارفور وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 1593 (2005) في 15 ديسمبر 2011.

[42] – إيلال فايزة “علاقة مجلس الأمن بالقضاء الجنائي الدولي”، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون، فرع “القانون الدولي العام”، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم الحقوق، جامعة مولود معمري تيزي وزو، 2012، ص 112.

[43] – إيلال فايزة، مرجع نفسه، ص 112.

[44] – تقرير لجنة التحقيق الدولية المعنية بالتحقيق في جميع انتهاكات القانون الدولي المدعى وقوعها في الجماهيرية العربية الليبية، مجلس حقوق الإنسان، الدورة السابعة عشر، البند الرابع من جدول الأعمال، حالات حقوق الإنسان التي تتطلب اهتمام المجلس بها، وثيقة (A/HRC/17/44/extract) الصادرة في 01 جوان 2011.

[45] – ولد يوسف مولود “المحكمة الجنائية الدولية بين القانون القوة وقوة القانون”، دار الأمل للطباعة والنشر والتوزيع، المدينة الجديدة، تيزي وزو –الجزائر-، 2013، ص 224.

[46] – راجع قرار مجلس الأمن رقم 1970 الصادر في 26 فيفري 2011.

[47] – عمرون مراد “العدالة الجنائية الدولية وحفظ السلم والأمن الدوليين”، مذكرة لنيل درجة الماجستير في القانون، فرع:  تحولات الدولة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة مولود معمري بتيزي وزو –الجزائر-، 2012، ص 91.

[48] – عمرون مراد، مرجع نفسه، ص 90.

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button