أساليب مواجهة العولمة في الوطن العربي

 محاور البحث

ـ التكامل الاقتصادي العربي.

ـ النظام الإقليمي للجامعة العربية.

ـ المناهج في المدارس والجامعات.

ـ دور المنظمات والجمعيات العلمية والمهنية

من خلال دراستنا للعولمة تبين أنها خطرا بالغ، بل تطرح تحديات كبيرة جداً. وخطرها يكمن في سلبية التلقي وسلبية المتلقي وفي التوظيف الإيديولوجي للعولمة. ونجاح العولمة في الهيمنة والاختراق والتأثير لا يتعلق بإمكانية وقدرات الدول المتقدمة الفاعلة المصدرة لها بقدر ما يتعلق بقوة وضعف الدول المتلقية لها([1]).

والعولمة ليست كما يقول البعض خطراً لا يمكن مواجهته بل على العكس من ذلك، يجب مواجهته وتجنب انعكاساته السلبية، وهناك أساليب متعددة يمكن من خلالها مواجهة هذا الخطر. وسيتناول الباحث منها ما يأتي :ـ

1ـ التكامل الاقتصادي العربي.

2ـ النظام الإقليمي للجامعة العربية.

3ـ المناهج في المدارس والجامعات.

4ـ المنظمات والجمعيات العلمية والمهنية.

التكامل الاقتصادي العربي

لقد ظهرت في ظل العولمة مجموعة من التكتلات الاقتصادية الإقليمية وغير الإقليمية أبرزها الاتحاد الأوربي والنافثا والاسيان والأبيك·.

أن هذه التكتلات الاقتصادية تضم أبرز الدول ومنها الدول الصناعية السبعة التي تقود شركاتها متعددة الجنسية الاقتصاد العالمي. فإذا كانت هذه الدول قد انضمت إلى تكتلات اقتصادية مع مجموعة من الدول كي تعزز من قدرتها التنافسية. إذن ما هو الدور الذي سيلعبه الاقتصاد العربي الذي يعاني التجزئة والتهميش في الاقتصاد العالمي؟. ومن هنا يجب النظر إلى التكامل الاقتصادي العربي وإيجاده وخلقه على أرض الواقع وليس على الورق فقط.

قبل البدء في معالجة هذا الموضوع لأبد من تعريف وتحديد مفهوم التكامل الاقتصادي والذي يعني (جمع ما ليس واحداً في إطار علاقة تبادلية تقوم على التنسيق الطوعي والإداري بهدف توحيد أنماط معينة من السياسات الاقتصادية بين مجموعة من الدول التي تجمعها خصائص ومميزات محددة تستهدف المنفعة المشتركة من خلال إيجاد سلسلة من العلاقات التفعيلية)([2]). وهناك مجموعة من الآليات يمكن لأطراف هذا التكامل اتباعها لتحقيق أهدافهم وهي([3]).

1ـ منطقة التجارة الحرة. وهي تكتل اقتصادي تلغى فيه التريفات الكمركية والقيود الكمية بين دول المنطقة مع احتفاظ هذه الدول بتصرفاتها الكمركية إزاء الدول غير الأعضاء في المنطقة.

2ـ الاتحاد الكمركي. يعد أكثر تقدماً من منطقة التجارة الحرة ويعني تنسيق السياسات الخاصة بالتعرفة الكمركية في العلاقات التجارية مع الدول خارج نطاق الاتحاد وتضييق العقبات الكمركية أو إلغاءها في وجه التجارة الداخلية بين دول التكتل.

3ـ السوق المشتركة. وتمثل خطوة أعلى في التكتل حيث يضاف إلى حرية انتقال السلع بين الدول الأعضاء وإنشاء الجدار الكمركي، وإلغاء القيود على انتقال عناصر الإنتاج كالعمل ورأس المال والتكنولوجيا بين الدول الأعضاء في السوق.

4ـ الاتحاد الاقتصادي. وهو تكتل يجعل من الدول الأعضاء موحدة اقتصادياً لها سياسات اقتصادية واجتماعية متكاملة بهدف الوصول إلى الاندماج الاقتصادي.

5ـ الاندماج الاقتصادي. وهو الشكل الأخير الذي تؤدي إليه عملية التكامل الاقتصادي والذي يؤدي فضلاً عن الخطوات السابقة كافة على توحيد السياسات الاقتصادية كافة وتنشأ له سلطة إقليمية عليا وعملة موحدة وجهاز إداري وتنفيذي ومن ذلك لا يبقى غير القليل للوصول إلى وحدة سياسية كاملة.

وبعد التعرف على الآليات التي يكمن اتباعها للوصول إلى التكامل الاقتصادي، اصبح من الضروري دراسة تطور مشروعات التكامل الاقتصادي العربي.

تطور مشروعات التكامل الاقتصادي العربي

لقد بدأت مسيرة التكامل الاقتصادي العربي بعد نهاية الحرب العالمية الثانية على أثر قيام جامعة الدول العربية في عام 1945. وقد ارتكزت على خمسة مجالات وهي التجارة والمعونات والاستثمار والقطاعات الإنتاجية والأيدي العاملة، ففي ظل الجامعة العربية وفي إطار معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي تم إنشاء المجلس الاقتصاد العربي الذي اصبح فيما بعد المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي([4]).

لقد شهدت مرحلة الخمسينات من القرن العشرين اتجاها قويا لتعزيز مسيرة التكامل على أثر إنشاء المجلس الاقتصادي العربي في عام 1950 والذي أقر اتفاقية تسهيل التبادل التجاري وتنظيم الترانزيت بين الأقطار العربية في عام 1953. والإنجاز الأهم تم بإقرار اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية في 30 حزيران 1957 التي أقرت التحرير الكامل للتبادل التجاري وحرية انتقال الأشخاص ورؤوس الأموال وبالتالي العمل على تنسيق السياسات الاقتصادية وتوحيدها. وقد تم إنشاء مجلس الوحدة الاقتصادية العربية في عام 1962 مما عرقل التزام الأعضاء بموجبات السوق العربية المشتركة المعلنة في عام 1964. وقد هدفت هذه الاتفاقية إلى تحقيق وحدة اقتصادية كاملة تضمن لرعايا الدول الموقعة عليها ما يأتي([5]).

1ـ حرية انتقال الأشخاص ورؤوس الأموال.

2ـ حرية تبادل البضائع والمنتجات الوطنية.

3ـ حرية الإقامة والعمل والاستخدام وممارسة النشاط الاقتصادي.

4ـ حرية النقل والترانزيت واستعمال وسائل النقل والمرافئ والطائرات المدنية.

5ـ حقوق التملك والوصية والإرث.

كما نصت على أن يتم الانتقال إلى هذه الوحدة تدريجياً.

ولا شك أن الخطوات من أجل بناء الوحدة الاقتصادية قد تأثرت بالأحداث التي مر بها الوطن العربي بعد هزيمة 1967 التي فرضت تقليص تأثير النمط التحرري للتنمية، كذلك عززت الفوارق بين الدول العربية فان ارتفاع الدخل في الدول النفطية نتيجة ارتفاع أسعار النفط قد عمق الشعور بالتباين وأهمية المحافظة على المصالح القطرية الخاصة بالأقطار الغنية. ونتيجة ذلك حل مفهوم العمل العربي المشترك محل فكرة التكامل الاقتصادي العربي المؤدي إلى الوحدة الاقتصادية([6]).

وعلى الرغم من هذا نستطيع تلمس أشكال متنوعة للتكامل الاقتصادي العربي عبر اتفاقيات عديدة شملت الشؤون الاقتصادية والعلمية والثقافية أبرزها الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي 1978. الذي يختص بتقديم قروض ميسرة لدعم المشاريع التنموية، ومنظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط (الأوابك) 1968، ومنظمة التنمية الزراعية 1970، واتفاقية رؤوس الأموال العربية 1972، والمؤسسة العربية لضمان الاستثمار 1974، صندوق النقد العربي 1975 الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي 1976([7]). وهذه المؤسسات وغيرها تعثرت بسبب طبيعة الاقتصادات العربية وغياب الإرادة السياسية الصادقة.

أما عقد الثمانينات فقد شهد في بداية عام 1980 في مؤتمر القمة الحادي عشر في عمان إقرار ثلاث وثائق رئيسة في استراتيجية العمل الاقتصادي العربي المشترك، التي تمت ترجمتها في شقها التجاري باتفاقية تسيير وتنمية التبادل التجاري لعام 1981 وبجانبها العمالي بإعلان المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي لعام 1984 بشأن تنقل القوى العاملة العربية([8]).

أما التسعينات فقد حفلت بتداعيات كبيرة أصابت مختلف بنى ومؤسسات العمل العربي المشترك، حيث أدت الوقائع السياسية إلى إعاقة مسيرة التكامل الاقتصادي العربي بسبب اعتماد الاقتصادات العربية على الخارج وانخفاض نسبة التجارة البينية. كذلك الخلل في هيكل الاقتصادات العربية.

أسباب تعثر التكامل الاقتصادي العربي

هناك أسباب عديدة أدت إلى تعثر التكامل الاقتصادي العربي أبرزها الاستعمار والصهيونية التي طرحت مشاريع متعددة بهدف اختراق الدول العربية ومنعها من إقامة أي تقارب فيما بينها ومن هذه المشاريع مشروع الشرق أوسطية ومشروع الشراكة المتوسطة وكذلك ما يسمى بمفاوضات التسوية وبالرغم من أهمية هذه السباب الخارجية إلا أن هناك أسباب داخلية رئيسة يجب تشخيصها لأنها إذا عولجة يمكن أن تؤدي إلى إقامة تكامل اقتصادي يكون نواة لبناء دولة عربية موحدة كبرى، وهذه الأسباب هي:ـ

1ـ الخلافات السياسية بين الأنظمة العربية الحاكمة التي عطلت إمكانية العمل العربي المشترك وبالتالي أطاحت بجميع الإنجازات التي تم تحقيقها في السنوات الماضية.

2ـ إفراط الدول العربية بالتمسك بالسيادة التي يعدها البعض الممر الذي يؤدي إلى المكانة المرموقة في المجتمع الدولي في الوقت الذي يتهاون هؤلاء فيه في ممارسة حق السيادة مع القوى الدولية المسيطرة بدعوى أن القوى الدولية هي الطرف الذي يوفر لها الحصانة المطلوبة إزاء الآخرين([9]).

3ـ انقسام الأقطار العربية إلى أقطار غنية وفقيرة ويعد هذا السبب من بين أهم العوائق في تحقيق التكامل الاقتصادي العربي([10]).

4ـ أن معظم الدول العربية تعتمد على تصدير عدد محدد من السلع الأولية سواء أكانت من منتجات الصناعة الاستخراجية أم من المنتجات الزراعية، وهذا أدى إلى أن تصبح الاقتصادات العربية متنافسة أكثر منها متكاملة.

5ـ إصدار القرارات الخاصة بالعمل العربي المشترك بصورة غير مدروسة وغياب أطر الدراسات المعلوماتية والإحصائية([11]) أو عدم الالتزام في تطبيق القرارات التي أصدرت ومنها على سبيل المثال اتفاقية السوق العربية المشترك.

6ـ أن معظم أسواق الأقطار العربية أسواق أسيرة تستورد من الغرب ولا تصدر له سوى المواد الأولية أو النفط.

التكامل الاقتصادي العربي في مواجهة العولمة

لقد عد التقرير المقدم إلى الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن في مطلع عام 2001 أن من أهم الإنجازات التي تحققت في الشرق الأوسط ولحد الآن هو (أن الوطن العربي يقبل عموماً بأهم ظواهر العولمة، فقد أصبحت صيحة اقتصاد السوق هي الأزمة المسموعة في كل محفل عربي ومعها جرت (إعادة هيكله اقتصادية ومالية) قامت بها معظم الحكومات العربية أو اتجهت إليها، كما انفتحت شهية المستهلكين العرب لأنواع من السلع الاستهلاكية الغربية طلبتها ودفعت ثمنها مقبلة عليه وسعيدة بها وتم ذلك دون مقاومة تذكر، كما أن الفضاء العربي وقع فيه كسر قبضة أي دولة عربية تتصور أنها تستطيع السيطرة أو التوجه داخل بلد واحد أو التأثير فيما هو أوسع والسبب أن (الفضائيات الغربية) فتحت الأجواء العربية لكل ربح من أي اتجاه)([12]).

أن ما ورد في التقرير الرئاسي الأمريكي يدل أن السياسة الأمريكية تستبشر خيرا بالانفتاح نحو العولمة مما يؤكد خطورتها على الوطن العربي. كما أنه أكد الشرخ والتصدع الذي يعاني منه الوطن العري حيث وقف حاجزاً بين الدول العربية لمنع قيام أي تقارب عربي وهذا يؤكد أهمية التكامل الاقتصادي كنواة للوحدة العربية الشاملة والتي تتصدى لجميع النوايا الخبيثة التي تعتمد عليها السياسة الغربية لتفتيت الوطن العربي وتجزئته والتكامل الاقتصادي العربي يؤدي إلى تحقيق العديد من المكاسب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية فهو يعمل على :ـ

1ـ تحقيق تنمية شاملة ومطردة  تستند إلى مشاركة فعالة في التطور العلمي والتكنولوجي العالي وذلك بالاستناد على قاعدة وطنية للعلم والتكنولوجيا تمكن من الأخذ والعطاء مع العالم بدرجة متزايدة من المساواة([13]).

2ـ مجابهة الأوضاع الاقتصادية والسياسية المعقدة ومقتضيات الثورة العلمية والتكنولوجية المتصاعدة التي تتطلب في مواجهتها التجميع والتركيز، تجميع الموارد الطبيعية، الكفاءات والخبرات البشرية، رؤوس الأموال والطاقات الإنتاجية والشرائية([14]).

3ـ تخفيف حدة التبعية للخارج وتحقيق درجة أفضل من استقلالية القرار العربي مما من شأنه أن يدعم الأمن القومي العربي([15]).

4ـ تحسين المركز التفاوضي العربي كتله تجاه منظمة التجارة الدولية([16]).

5ـ بناء قوة اقتصادية لها القدرة على منافسة دول المنطقة ومن بينها الكيان الصهيوني، مما يساعد على تحجيم هذا الكيان وإلغاء دوره المؤثر في الاقتصاد الدولي والذي يستغله لتحقيق أهداف استراتيجية توسعية على حساب العرب.

آليات تفعيل مسيرة التكامل الاقتصادي العربي

أن زمن العولمة لا يعترف بالضعفاء لأنه زمن التكتلات الاقتصادية الكبرى التي تجرى باتجاه العولمة ووحدة السوق. أن هذه التحديات الجديدة تظهر استحالة قيام مشروع تنموي للدولة المنفردة في العالم الثالث، كما تظهر بوضوح أن مشاريع التكامل الاقتصادي العربي ليست فكريا بقدر ما هي ضرورة وجودية وإجراءات دفاعية في عالم يتجه إلى ابتلاع الضعفاء([17]). ولذا فان من الضروري تفعيل مسيرة التكامل الاقتصادي العربي. وهذا التفعيل يحتاج إلى مجموعة من الإجراءات التي من الواجب على الدول العربية اتخاذها. وهذه الإجراءات هي:ـ

1ـ رفع الحواجز الحمائية الشديدة التي تتمسك بها الدول العربية التي تحدد من حركة التجارة البينية وانتقال الأيدي العاملة بين البلدان العربية وخصوصاً التي تستخدم أيدي عاملة أجنبية (دول الخليج العربي).

2ـ دعهم منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى التي تم إنشاؤها بهدف تفعيل العمل الاقتصادي العربي المشترك ودعم التجارة العربية البينية وتعزيز القدرة التفاوضية مع التكتلات الاقتصادية الكبرى، ولأبد من اعتبار هذه المنطقة والانضمام إليها رد فعل أكيد على التحديات الخارجية، وانطلاقة جادة نحو ربط وتعزيز المصالح العربية لإقامة السوق العربية المشتركة.

3ـ دعم المؤسسات الإقليمية المالية العربية وزيادة إمكانياتها في تمويل التنمية العربية وعجز موازين المدفوعات، وإعطاء أفضلية قصوى للاستقراض من هذه المؤسسات حين الحاجة بدلاً من الاستقراض من الأسواق المالية الدولية.

4ـ فصل العمل العربي المشترك اقتصاديا عن العمل السياسي والتوجهات الإيديولوجية.

5ـ التصدي للمشاريع  الاستعمارية التي تروج لها الإدارة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وأهمها المشروع الشرق أوسطي الذي يعد (مشروع سياسي بقوائم أو آليات اقتصادية)([18]). ويتيح للكيان الصهيوني إمكانية تحقيق أهدافه النهائية بالبقاء والسيطرة والتغلغل كليا في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام والوطن العربي بشكل خاص مما يعمل عائقاً للتكامل الاقتصادي العربي ومن ثم الوحدة العربية المنشودة.

النظام الإقليمي للجامعة العربية

يعرف النظام الإقليمي العربي على أنه (منظومة البلدان العربية من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، والذي تربط بين أعضائه ومكوناته عناصر التواصل الجغرافي والتماسك في العديد من العناصر اللغوية والثقافية ويجمعهم ميراث عقائدي وتأريخي واجتماعي مشترك)([19]).

أن النظام الإقليمي العربي يعد جزءاً من النظام العالمي، لذا فان أي ظاهرة تؤثر على النظام العالمي ينعكس تأثيرها على النظام الإقليمي العربي، ومن هذه الظواهر ظاهرة العولمة التي لا يمكن مواجهتها إلا بالتكتل الإقليمي، وهنا يظهر دور الجامعة العربية التي يجب أن تأخذ دورها في تفعيل النظام الإقليمي العربي.

نشأة النظام الإقليمي للجامعة العربية

لقد تحسست الدول العربية المستقلة في مرحلة ما بعد الحربين  العالميتين ضخامة العبء الذي تتحمله هذه البلدان. لذلك رأت أن قوتها في اتفاقها واتحاد جهودها. فقررت على ضوء هذه الرؤية إنشاء جامعة الدول العربية في ذلك الوقت لم تكن واضحة المعالم حيث أن ثلاثة مشارب كانت تتنازع في هذه المنظمة، فهي سياسية بحكم اهتماماتها، وإقليمية بحكم الموقع الجغرافي لأعضائها، وقومية بطموح شعوبها([20]).

أن الجامعة العربية ولدت لتعكس تناقض ظاهرتين في المنطقة أولاً هما ظاهرة حركة القومية العربية التي بدأت في شكل تيار سياسي على يد مجموعة من المفكرين مثل (جمال الدين الأفغاني، محمد عبده وعبد الرحمن الكواكبي وآخرون). في الوقت الذي كانت فيه معظم الأبنية القومية تخضع للحكم العثماني أو الحكم الغربي. وقد كانت هذه الحركة تسعى نحو الوحدة العربية التي تضمنت إعادة النظر في الحدود السياسية القائمة، وثانيهما ظاهرة وجود دول مستقلة أو في طريق الحصول على استقلالها وسيادتها. لذلك جاءت الجامعة العربية التي هي منظمة إقليمية تضم دولاً متجاورة جغرافياً وبحكم ميثاقها تحترم سيادة كل منها الأخرى، ولكنها في الوقت نفسه تعبر بحكم وجودها عن فكرة قومية([21]) ولكن ما أن قامت الجامعة العربية حتى اصطدمت بقرار تقسيم فلسطين إلى شطرين أحيل أحدهما إلى اليهود لتقيم عليه ما يسمى بدولة (إسرائيل) عام 1948. وهذا التطور شكل تحدياً عظيما للعرب والجامعة العربية بالرغم من كون مقاومة الكيان الصهيوني أصبحت من أولويات واجبات الجامعة العربية، وتبقى مشكلة عدم الملاءمة بين الهدف والوسيلة أهم المشاكل التي اصطدمت بها الجامعة العربية، وأصبحت سبباً لإحباط الكثير من الجهود العربية([22]).

لقد نشأت جامعة الدول العربية بتشجيع من بريطانيا ولم يكن غرض الحكومة البريطانية إرضاء التيار القومي وتحقيق أهدافه وإنما كانت محاولة لنقل المبادرة من الشارع العربي إلى الحكومات العربية. بحيث تكون الجامعة في شكلها ومضمونها جامعة دولة تحرص على سيادة كل عضو فيها، وليس الجامعة التي دعا إلى تحقيقها التيار القومي العربي([23]). وهذا يؤكد أن التيار القومي يدفع باتجاه قيام وحدة عربية شاملة. وفي الوقت نفسه يكشف حقيقة تعاون الأنظمة العربية القائمة مع بريطانيا لاحتواء تطلعات التيار القومي العربي. ولذلك فان الجامعة العربية كانت تخضع لمجموعة من الارادات هي:ـ

1ـ إرادة التيار الفكري القومي.

2ـ إرادة الأنظمة القائمة.

3ـ إرادة القوى الدولية حينذاك.

وعلى الرغم من اختلافات الارادات بين الرأي العام العربي والقيادات القائمة. إلا أن الجامعة العربية ظلت رمزاً لفكرة قومية، وهذا جعلها طرف أصيل من أطراف النظام الإقليمي العربي إذ أنها ترتبط عضوياً بأهداف النظام وأزماته وتفاعلاته الداخلية والخارجية، فالوجود التنظيمي للجامعة يتفاعل بأشكال متعددة منها لقاءات المسؤولين في إطار الجامعة، كما أنها جعلت مفهوم التنمية العربية الشاملة مفهوماً ذا مضمون ومحتوى.

تأثيرات العولمة في النظام الإقليمي للجامعة العربية

ما يزال النظام الإقليمي يتفاعل على الرقعة الجغرافية التي يمتد عليها (من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي)، لكنه لم يصل مرحلة النضج كي تقطف الدول العربية ثماره، حيث أنه كلما اقترب من النضج حدث انفجاراً أدى إلى تناثر أطرافه من جديد والسبب في ذلك ما يواجه من تحديات خارجية أو داخلية (الداخلية خطط لمعظمها في المراكز الاستعمارية)، ومن أبرز هذه التحديات العولمة التي أحدثت انفجاراً من خلال ما يأتي :ـ

1ـ ظهور الدور الأمريكي المهيمن في النظام العربي([24]) لقد ظهر الدور الأمريكي المهيمن في النظام الإقليمي في النظام الإقليمي لجامعة الدول العربية في بداية عقد التسعينات مع العدوان الثلاثيني على العراق، حيث كان الوطن العربي يواجه (مرحلة فوضى شديدة وعزلة عن العالم المتغير، وكان مشتبكاً مع نفسه في حروب أهلية لا يكاد ينجو منها بلد وكانت بعض دولة تتآكل هويتها ورقعتها وبعضها الأخر يغرق في مستنقعات طين ودم، بل أن أوطاناً عربية مضت تغيب بسرعة في ظل النسيان، ثم أن هذا العالم العربي كان على خلاف مع الجيران حوله في الإقليم وصلت بعضها إلى حد الحرب المسلحة)([25]). كما أن انهيار الاتحاد السوفيتي السابق وانشغال روسيا بترتيب أوضاعها، خلق فراغاً في النظام الدولي أتاح للولايات المتحدة الأمريكية الهيمنة على أهم منطقة في العالم ويؤكد ذلك بريجنسكي في قوله (لم يحصل في التاريخ المعاصر ولأول مرة أن تمارس قوة خارجية واحدة نفوذاً فردياً إلا بعد انهيار القوة السوفيتية وحرب الخليج عام 1991)([26]).

أن هذه الأوضاع أدت إلى انفراد الولايات المتحدة الأمريكية بالهيمنة المطلقة على المنطقة العربية وهذا أدى إلى خلق تبعية عربية للولايات المتحدة الأمريكية. ويمكن توضيح الدور المهيمن للولايات المتحدة الأمريكية في النظام الإقليمي العربي من خلال أربعة مؤشرات أساسية هي([27])

أ ـ تقرير وضع العراق ومكانته في النظام الإقليمي العربي في مدة ما بعد العدوان الثلاثيني.

ب ـ أنها تمثل القوة المحورية في أي محاولة لتسوية الخلافات العربية ـ العربية. كذلك في محاولة لتسوية الصراع العربي ـ الصهيوني.

جـ ـ الانفراد بترتيب منظومة أمنية خاصة بدول الخليج العربي ذات الثروة النفطية.

د ـ التأثير على باقي الدول العربية الأخرى من خلال سياسات المنح والمنع.

2ـ استمرار عمليات التسلح والعنف في الوطن العربي. بعد نهاية العدوان الثلاثيني استغلت الولايات المتحدة الأمريكية الوضع المتأزم في المنطقة العربية وأخذت تروج وتدعو لعقد صفقات لتكديس السلاح في المنطقة. وكانت هذه السياسة ليست بهدف تعزيز القدرة الأمنية أو الدفاعية للبلدان العربية وخصوصا دول الخليج العربي. بل لاستنزاف الموارد النفطية، كذلك زيادة معدلات العنف سواء داخل الدولة القطرية العربية ام بين الأقطار العربية مثل الحركات الإسلامية والنزاعات الحدودية التي في غياب آلية صحيحة لتسويتها قد تدفع إلى الصراع المسلح.

3ـ تعميق الطائفية. أن النظام الإقليمي لجامعة الدول العربية يضم أطرافاً إسلامية وأخرى متاخمة وليست بالضرورة أطرافاً عربية، لذلك استغلت الأطراف المعادية التركيبة الاثنية لأضعاف هذا النظام الذي يرتكز على أسس قومية تصبح الأمة بمعناها القومي هدفا وشعاراً تسعى لتحقيقه كل الفئات والطوائف، ولا يشذ عن هذه القاعدة سوى الطوائف المتميزة التي تشعر بالاختلاف عرقاً أو عنصراً([28]).

لقد حاولت الأطراف المعادية للنظام العربي تعميق الطائفية لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية بعد العدوان الثلاثيني على العراق، حيث روجت وعملت على تمزيق وحدة العراق الوطنية من خلال ما يسمى (بمناطق حضر الطيران) لكن الإرادة الوطنية حالت دون تحقيق هذه الأهداف العدوانية. كما أن ما جاء به صموئيل هنتنغتون في مقالته، صراع الحضارات، يؤكد دور الولايات المتحدة الأمريكية في تعميق الطائفية ليست في الوطن العربي وحسب، بل في جميع بقاع العالم. وقد ظهر هذا جلياً من خلال الحرب الصليبية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية ضد أفغانستان، حيث استخدمت التركيب الاثني لتمزيق هذه الدولة.

4ـ المواجهة العربية الصهيونية. تعد المواجهة العربية ـ الصهيونية من أبرز التحديات التي واجهت وتواجه النظام الإقليمي لجامعة الدول العربية، ولكن هذه التحديات برزت في زمن العولمة حيث قامت القوى الدولية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بدفع بعض الأنظمة العربية إلى مفاوضات تسوية مع الكيان الصهيوني على أثر التمزيق الذي أصاب النظام العربي في عقد التسعينات. على الرغم من قناعة هذه الأنظمة على أن أي تسوية مهما كان شكلها ونطاقها لن تحل الصراع ولن تنهيه طالما استمر وجود الكيان الصهيوني في فلسطين بنوازعه العنصرية والعدوانية والتوسعية وبارتباطه العنصري بالقوى الاستعمارية([29]).

5ـ المشاريع الاستعمارية. يبقى مشروعا الشرق أوسطي والشراكة المتوسطية أهم وأخطر التحديات التي تواجه النظام الإقليمي العربي وكل مشروع وحدوي أو تكاملي. حيث أن كلاً منهما يقوم على (تجزئة العرب إلى أجزاء جغرافية منفصلة ومتشابكة مع أجزاء أخرى من العالم، جزء كبير في الإقليم الشرق أوسطي وبعض هذا الجزء مع جزء أخر في الإقليم التوسطي)([30]).

أن ما تقدم يحتم على الدول العربية اتخاذ أساليب مواجهة على مستوى الجامعة العربية لهذه التحديات، لأنها التنظيم القومي الوحيد الذي يجمع شتات الأمة العربية الممزقة فهو المؤسسة الوحيدة التي تجمع قادة الأمة العربية تحت لوائها.

آليات تفعيل النظام الإقليمي للجامعة العربية لمواجهة العولمة

أن الخيار الحاسم للأمة العربية في مواجهة تحديات العولمة يكمن في أحياء وتفعيل النظام الإقليمي للجامعة العربية بغية تحقيق المصالح العربية المشتركة لأن منطق التجزئة وإعلاء القطرية يضعف القدرة على مواجهة هذه التحديات. بل أن التمسك بمنطق العمل العربي المشترك هو السلاح الوحيد الذي نستطيع به مواجهة هذه التحديات. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تفعيل النظام الإقليمي لجامعة الدول العربية على النحو الآتي:ـ

1ـ تطوير وتحديث ميثاق ونظام وأجهزة الجامعة العربية وإطلاق محكمة العدل العربية التي أقرتها قمة القاهرة في عام 1996، التي يمكن أن تقوم بتسوية المنازعات العربية التي أحدثت شرخاً في الصف العربي، وتجاوز الخلافات التي عمقتها وما تزال القوى العالمية التي تهدف إلى فرض الهيمنة على الوطن العربي.

2ـ إعادة النظر بمؤسسات الجامعة العربية وتطويرها بشكل يضمن دعم الأهداف القومية الوحدوية لا القطرية، ويحافظ على الهوية العربية كافة مكوناتها.

3ـ دفع القطاع الخاص من خلال مؤتمرات تنظمها الجامعة العربية للمستثمرين العرب، لاستثمار أموالهم العربية في داخل الوطن العربي.

4ـ إعادة النظر في كيفية تحقيق الأمن القومي العربي في ضوء التحولات العالمية لاسيما في ظل ثورة المعلوماتية والاتصالات والأخطار المترتبة على عملية البث الفضائي المباشر من الأقمار الصناعية، والذي يشكل تحدياً جديداً للأمة العربية.

5ـ تحقيق السوق العربية المشتركة ودعم منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى لكي تمارس أعمالها في خلق تكامل اقتصادي عربي يصبح نواة لبناء وحدة عربية شاملة.

6ـ انتخاب برلمان عربي يعمل كمؤسسة من مؤسسات الجامعة العربية يتم من خلالها صياغة ورقة عمل مؤتمرات القمة العربية على مستوى الرؤساء. وهذا يضمن مشاركة الرأي العام العربي في صياغة القرارات الصادرة عن مؤتمرات القمة العربية.

7ـ العمل على الوقوف بوجه جميع المشاريع التي تقف عائقا بوجه النظام الإقليمي العربي وأبرزها مشروع الشرق أوسطية ومشروع الشراكة المتوسطية.

المناهج في المدارس والجامعات

أن العولمة وكما مر بنا تستهدف الفرد وقيمه الإنسانية والخلقية التي رسمها انطلاقاً من تجربته الحضارية الطويلة. فالفرد هو المحور الذي تدور حوله العولمة، تلقي به في عالم المنافسة والمسؤولية الفردية عن ذاته فقط، كما أنها تعزله من خلال صراعه من أجل فرض وجوده.

أن العولمة تجعل القيم الثقافية العالمية واحدة من خلال تربية الإنسان على الثقافة المنقولة (الغربية) التي تسعى العولمة على تعميمها وجعلها الثقافة السائدة في كل الشعوب والبلدان، وهذه تستلزم بناء الفرد تدريجياً، وهذا البناء التدريج يتيح الفرصة في البلدان النامية ومنها الوطن العربي للتحصين. وهذه لا يمكن بنائها إلا عن طريق التربية التي لا تقتصر على الطابع التعليمي ولا على التربية النظامية وحدها بل يتجاوز ذلك إلى تلك الشبكة التربوية الواسعة التي تضم الأسرة والمجتمع والتعليم النظامي وغير النظامي والتعليم المستمر مدى الحياة([31]).

وبعد هذا الاستدراك الذي تبين من خلاله أن تغيير القيم الإنسانية والخلقية لا يتم إلا عن طريق التربية في المنزلة الأولى، وهذا جعل من المحتم دراسة واقع التربة في الوطن العربي.

التربية في الوطن العربي

أن التربية تعني عملية نقل للثقافة سواء عن طريق الأسرة أم عن طريق المدرسة أم المجتمع أو غيرها. فهي عملية قولبة يصبح فيها الفرد متماثلاً مع الأخر بحيث تكون له شخصية وطنية وقومية، أي أنها عبارة عن تجريد للخصائص الفردية([32]).

والتربية في زمن العولمة يجب أن تغرس وتنمي الطاقات المبدعة في كل فرد في الوقت ذاته تسهم في زيادة تماسك المجتمع في زمن يزداد عولمة في كل يوم، وهذه التربية تحتاج إلى عقل إنساني ناضج ومتفتح([33]).

لقد حلت الآن اللحظة المناسبة للنظم التربوية العربية، لأن تراجع نفسها فيما فعلته في السابق وما ستفعله في زمن العولمة لأنها قصرت في تأدية دورها في المراحل السابقة بسبب الظروف الصعبة التي كان يعاني منها الوطن العربي والتي حددتها المنظمة العربية للثقافة والعلوم بالأتي([34])

1ـ الاستعمار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي وحصيلاته من احتكار واستعباد وتجزئة وتبعية وتخلف.

2ـ الآثار السيئة للاستعمار في مختلف مجالات حياة الأمة العربية.

3ـ الثنائية الاجتماعية والثقافية التي خلقها المستعمر (فئة تقليد العرب، وفئة العرب التقليديين).

4ـ طمس الحضارة العربية، وإذابة الشخصية العربية كغاية عنصرية استيطانية للموقف الحضاري تجاه الأمة العربية.

5ـ أتساع مطامع الصهيونية في الوطن العربي.

لقد واجهت المؤسسة التربوية العربية هذه التحديات وما تزال، بل زادت في زمن العولمة، وهذا يؤكد على أهمية دراسة واقع التربية وتطويرها في الوطن العربي لتصبح لدية القدرة الكافية على مواجهة التحديات والارتقاء بمستوى التعليم ليتمكن الوطن العربي من بناء تنمية شاملة يستطيع الدخول بها بمنافسة دولية. ويمكن إجمال التحديات التي تواجهها التربية في الوطن العربي في ظل العولمة بالأتي :ـ

1ـ التخلف الثقافي يعد من أكبر التحديات التي تجابه الأمة العربية. فالوطن العربي لم يترجم الثقافة الإسلامية إلى لغة العصر وبقى النظام التربوي العربي تقليدياً (تقليد النموذج الغربي) ولم يهجر الرصف والجمع، رصف القديم إلى الجديد([35]).

2ـ زرع وإعداد صفوة من الحكام والمشفقين التابعين الذين يؤمنون بالأفكار الغربية الإمبريالية يكونوا لساناً لها من خلال الأفكار التي تنفث سمومها في كل كلمة أو جملة أو فكرة([36])، تدون في الكتب أو البحوث أو في الندوات والمؤتمرات التي تعقد.

3ـ تنامي شروط ومظاهر التبعية لمراكز القرار الأجنبية كاليونسكو وغيرها من الهيئات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية النشطة في المجالات التربوية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية المتعددة([37]).

4ـ هجرة العقول. أن هجرة العقول من الوطن العربي تفوق مثيلاتها من بقية الدول النامية حيث يهاجر نحو (10) آلاف من المهنيين العرب كل عام إلى الدول المتقدمة وهذه تشكل ما بين 6% إلى 20% من جملة الكفاءات المهاجرة لتلك الدول بينما يشكل سكان المنطقة نحو 4% من جملة السكان([38]).

5ـ جمود وتصلب الأهداف التربوية في جوانبها المنهجية والوظيفية والبنيوية([39]).

6ـ عدم الاهتمام بالتربية والتعليم وتمويله بالشكل الذي يتناسب وأهميته في تربية وتحصين الناشئة.

7ـ الاهتمام بالتربية الوطنية وإهمال التربية القومية.

وبالرغم من بروز هذه التحديات إلا أن مواجهتها ليست بالأمر الصعب بل من الممكن معالجتها والنهوض بالواقع التربوي في الوطن العربي ليصبح قادراً على مواجهة الموجة الحضارية الغربية التي بدأت تنفث سمومها على الشعوب بعد أن اختل التوازن الدولي وبرزت الهيمنة الأمريكية بالشكل الذي نلاحظه الآن. وتبقى المناهج في المدارس والجامعات أهم الحلقات التي من الواجب دراستها لأنها أبرز الحلقات التي يقوم بها المثلث التربوي الذي يتكون من المنهج والمعلم والطالب، لذلك سيركز الباحث على مناقشة هذه الحلقة بقصد تطويرها وتحديثها بحيث تصبح السلاح الذي نواجه به العولمة وسمومها.

 

المناهج التربوية العربية

لقد سببت العولمة تغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية لم يشهدها العالم في السابق في الحجم والعمق والاتجاه والسرعة بحيث أصبح التغير ضرورة ملحة وعمل لأبد منه. وهذا التغيير فرض نفسه على التربية كونها القاعدة الأساسية لبناء المجتمع المتطور القادر على مواجهة التحديات والتعايش معها.

أن التغير يتطلب أعداد المواطن العربي أعداداً جيداً يكون قادرا بفضل ما اكتسبه من أدوات للمعرفة ومن مهارات ومواقف واتجاهات على التكيف إبداعيا مع كل متغير، يكون من نتائجه ما يأتي([40])

1ـ امتلاك القدرة على التعليم الذاتي والمستمر.

2ـ اكتساب المواقف والاتجاهات النفسية الملائمة لمتطلبات سوق العمل.

3ـ اكتساب روح النقد والبحث عن الحقائق وتنمية الخيال المبدع وتنمية القيم الخلقية، لاسيما قيم التعاون والتكافل.

4ـ أن يمتلك الفرد القدرة على التفكير تفكيراً مغايراً لفكره.

أن اكتساب الفرد القدرة على التكيف مع كل متغير تبدأ من المنهج الذي يستند إليه وعليه يجب أن يكون التغيير بداية في المنهج، الذي يتطلب لتغييره تخطيط تربوي مسبق. والتخطيط التربوي في الوطن العربي يواجه مشاكل وحيثيات برزت من خلال التنفيذ الواقعي للخطط الموضوعة أو المعتمدة. ويمكن تحديد هذه المشكلات بالأتي([41])

1ـ أن التخطيط الكمي طغى على التخطيط النوعي، وأن اتباع ستراتيجية الكم قد غطى الجزء الأعظم من خطط التربية.

2ـ من النادر أن يدخل المخطط في تفصيل الوسائل وكيفية الوصول إلى ما رمى إليه في خطته، فهو يقرر لنا أعداد التلاميذ والمعلمين وما يستلزم من أبنية وكلف مالية… الخ، دون أن يوضح كيفية الوصول إلى أسلوب تمكين التلاميذ من الدخول في التعليم أو مصادر الحصول على الموارد المالية وكيفية توفرها.

3ـ أن أغلب التغيرات في المناهج تتم بصورة متقطعة ومشتتة وسطحية أو جزئية وتحت تأثير عامل خارجي أكثر من كونه يتم بفعل قوى من داخل النظام التربوي.

أن العولمة تقذف قيم وممارسات تتنافى مع القيم والمعايير الأخلاقية التي تربى عليها الفرد في الوطن العربي والعالم الإسلامي. ولذلك يجب مواجهة خطر العولمة من خلال تحصين الناشئة وطلبة الجامعات. وأفضل طريقة للوصول إلى هذه المرحلة من التحصين تتم عن طريق المناهج التربوية التي لا يمكن بنائها إلا من خلال وضوح الأهداف التربوية ودقتها وشموليتها لأن وظيفة المناهج ومهمتها هي تحقيق الأهداف التربوية. ولما كان تحقيق الهدف غرضا تربويا وعلمياً ومجتمعياً، فان الاهتمام بصياغة الأهداف وتحديدها ينبغي أن يعتمد على ما يأتي:ـ

1ـ الاهتمام بدراسة التراث العربي الإسلامي وتقديمه كنظريات يمكن اعتمادها والاستفادة منها في مؤسساتنا التعليمية([42]).

2ـ الاهتمام بالمجال المعرفي لأنه من الحتميات التي لا عودة عنها نظراً لارتباطه بالمكونات التقنية ذات النمو المتسارع. كما أنه سيكون مفتاح الولوج إلى المستقبل([43]).

3ـ الاهتمام بالفرد وبناء شخصيته بناءً متكاملاً ومتوازناً جسمياً وعلمياً ووجدانياً وقيماً، والاهتمام بالمجتمع أيضاً من جوانب قيمه وتاريخه ومعتقده وتقاليده وطموحه([44]).

سبل بناء المناهج التربوية لتحصين الناشئة وطلبة الجامعات

1ـ بناء مناهج تربوية تعيد بناء شخصية الفرد والحفاظ على هويته الوطنية والقومية بعيداً عن المؤثرات التي أفرزتها الثقافات الغربية الواردة البعيدة عن بيئته العربية الإسلامية.

2ـ بناء المناهج التي تساعد على تفعيل دور الأسرة والمدرسة في تنشئة الفرد بحيث تصبح لديه القدرة على مواجهة ما تمرره أدوات العولمة من مضامين ومحتويات تربوية ظاهرة أو مخفية تعبث في خيال الفرد لتغير من سلوكياته واتجاهاته متجاوزة مرجعيات تنشئته في بيئته العربية الإسلامية.

3ـ بناء المناهج من خلال العودة إلى الإرث الحضاري الإسلامي الذي حقق إنجازات كبيرة انعكست على طبيعة البناء الاجتماعي والقيمي على الرغم من أن الأسرة كانت الوحدة الاجتماعية الوحيدة التي تتحمل مسؤولية تنشئة الفرد.

4ـ التخطيط لبناء مناهج تربوية عربية تنسجم والإمكانات القائمة والمتوقعة وما يطرأ على التعليم وعلى المجتمع العربي من تغيرات وتحديات.

5ـ بناء محتوى المناهج بجودة عالية من خلال النظر في المستقبل وإمعان النظر فيه مثلما يتطلب النظر وإمعان النظر في الحاضر وهذا ما سبقتنا المجتمعات المتقدمة فيه.

6ـ بناء مناهج تنسجم مع مطالب الشعب العربي وآماله في التوحيد والتقدم وتنسجم مع فكرة الوطني والقومي.

دور المنظمات والجمعيات العلمية والمهنية

تواجه ظاهرة العولمة الرفض والمعارضة لما لها من آثار سلبية على شعوب العالم عامة والدول النامية خاصة وقد ظهر ذلك جلياً في الفصول السابقة، وفي الوطن العربي ظهرت ردود فعل رافضة ومعارضته لهذه الظاهرة لكنها لم ترتق إلى المستوى الذي ظهرت عليه في بقية أقاليم ودول العالم، لذلك، فمن الواجب تفعيل دور المنظمات والجمعيات للوقوف بوجه هذه الظاهرة التي جلبت الويلات على الشعوب.

لقد برز دور المنظمات والجمعيات العلمية والمهنية العربية والعالمية في مواجهة العولمة بعد أن عقد مخططوا الدراسات المستقبلية في النظام الرأسمالي الغربي مؤتمراً بفندق (فيرمونت) بسان فرانسسكو في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1995، أطلق عليه اجتماع (نخبة قيادة العالم) وكان هدفه التفكير في سبل مواجهة ردود فعل شعوب العالم وبلدانه النامية على العولمة([45]).

أن انعقاد هذا المؤتمر في حد ذاته يؤشر انكشاف عجز وإخفاق ما يسمى بـ (النظام الدولي الجديد)، وافتضاح الغطاء الإيديولوجي الذي تم الترويج له تحت شعار العولمة، وكان مطلع عام 2000 قد شهد انعقاد مؤتمر منظمة التجارة الدولية في سياتل في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد كان لهذه الجولة خصوصيتها لما أثارته من معارضة وأصداء ليس من قبل الحكومات والشركات فحسب بل من قبل المنظمات والنقابات غير الحكومية([46]).

لقد استمرت معارضة العولمة وتنوعت أساليبها بين مظاهرات العمال والعاطلين عن العمل، وتحطيم كل ما يرمز لها وأخرها المؤتمر الذي نضمه مناهضو العولمة في العالم (منتدى بورت اليغري) في البرازيل تحت شعار (في عالم أخر يمكن الوجود) بهدف البحث في عالم بديل للعولمة بمضمونها السياسي والاقتصادي القائم اليوم.

وفي الوطن العربي وبالرغم من قلة المنضمات والجمعيات التي تبنت موضوع مواجهة العولمة إلا أنه يبقى للبعض منها دور في ذلك وخصوصا المؤتمر القومي العربي ومنظمة مؤتمر القوى الشعبية العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي.

 

المؤتمر القومي العربي

هو تجمع من المثقفين والممارسين العرب من مختلف الأقطار العربية، ومن أجيال عديدة المقتنعين بأهداف الأمة العربية والراغبين في متابعة العمل من أجل تحقيق هذه الأهداف وإنجاز المشروع الحضاري القومي العربي. وهو يعمل على صعيد شعبي مستقل عن أنظمة الحكم وينعقد سنويا للنظر في حال الأمة ومناقشة قضاياها الحيوية. وله أن يكون فروعاً في الأقطار العربية وخارجها([47]) لقد ورد هذا التعريف في المادة الأولى من النظام الإسلامي للمؤتمر القومي العربي. وأضافت المادة الثانية في تحديد هدف المؤتمر بأنه (الإسهام في شجن الوعي العربي بأهداف الأمة المتمثلة في مشروعها الحضاري وهي: الوحدة العربية، والديمقراطية، والتنمية المستقلة، والعدالة الاجتماعية، والاستقلال الوطني والقومي، والتجدد الحضاري، وتحقيق التفاعل بين الوحدة وبين العرب في إطار من التنوع والتكامل، وتعبئة الطاقات الشعبية من أجل تحقيق هذه الأهداف، واتخاذ المواقف المعبرة عنها، وتوثيق روابط التعاون والتنسيق مع الهيئات المماثلة في أهدافها([48]).

في بداية شهر آذار من عام 1990 وفي فندق قصر الشرق في تونس اجتمع عدد من السياسيين والمثقفين العرب في لقاء تأسيسي للمؤتمر القومي العربي أسفر عن تشكيل هذه المؤسسة الأهلية. ومنذ ذلك الحين انتظم عمل هذه المؤسسة في دورات سنوية متعاقبة وبالشكل الآتي :ـ

1ـ المؤتمر التأسيسي الأول 1990 في تونس.

2ـ المؤتمر القومي العربي الثاني في نيسان 1991 في الأردن.

3ـ المؤتمر القومي العربي الثالث 1992.

4ـ المؤتمر القومي العربي الرابع في أيار 1993 في بيروت.

5ـ المؤتمر القومي العربي الخامس في أيار 1994 في بيروت.

6ـ المؤتمر القومي العربي السادس في نيسان 1996 في بيروت.

7ـ المؤتمر القومي العربي الثامن في نيسان 1997 في الدار البيضاء.

8ـ المؤتمر القومي العربي التاسع في آذار 1998 في القاهرة.

9ـ المؤتمر القومي العربي التاسع في آذار 1999 في بيروت.

10ـ المؤتمر القومي العربي العاشر في نيسان 2000 في الجزائر.

11ـ المؤتمر القومي العربي الحادي عشر في أيار 2001 في بغداد.

لقد صاحب تأسيس المؤتمر القومي العربي العديد من الزلازل السياسية الكونية أبرزها العدوان الثلاثيني على العراق وما تبعها من حرب أهلية باردة لم تخرج منها الأمة العربية حتى الآن، وانهيار الاتحاد السوفيتي، وانعقاد مؤتمر مدريد لتسوية الصراع العربي ـ الصهيوني، وهذه الأحداث سيطرة على مناقشات المؤتمرات من الثاني حتى السادس الذي دخلت فيه الكونية كما سماها هذا المؤتمر بجانب القضايا التي سيطرت على مناقشات المؤتمرات السابقة. وقد عد هذا المؤتمر تزايد الميل نحو الكونية في النظامين المالي والاقتصادي من التطورات الرئيسة التي أكدها قيام منظمة التجارة الدولية في عام 1995 كوريث لاتفاقية الكات. وقد حدد المؤتمر السادس أهم الانعكاسات السلبية لهذا التطور على الاقتصادات العربية بالأتي([49])

أ ـ رفع أسعار المنتجات الزراعية بسبب تحرير تجارتها.

ب ـ فقدان الدول النامية ومنها العربية المعاملة الخاصة التي كانت تتمتع بها صادراتها في ظل النظام العربي.

جـ ـ زيادة الأنفاق على استيراد التقانة بسبب تطبيق الاتفاقية الخاصة بحقوق الملكية الفكرية.

د ـ المنافسة غير المتكافئة بين المنتجات العربية وتغيراتها في الدول المتقدمة.

هـ أن اخطر تلك السلبيات ما يتعلق بتقييد الإدارات الوطنية للدول النامية ومنها العربية سواء باضطرارها إلى قبول التزامات أشد مما ينبغي أو بتقليص قدراتها على تعميم سياستها التنموية بما يحقق مصالحها الذاتية.

وقد أشار المؤتمر على أن الكونية تنطوي على محاذير بقدر ما تعد بمكاسب فهي تخضع أنماط التنمية لمصالح وأولويات وسياسات الشركات متعددة الجنسية، كما أنها تسهل للاستثمارات الأجنبية السيطرة على قوى ووسائل الإنتاج والتوزيع في البلدان النامية وارتهان اقتصادات هذه البلدان لسنوات بل لعقود من الزمن للشركات متعددة الجنسية([50]).

لقد تم التأكيد في البيان الختامي على أنه من الضروري على الأقطار العربية لاسيما تلك التي تتبع برامج ما يسمى بالتصحيح الهيكلي (الخصخصة)، أن تسعى إلى تحقيق التكامل الاقتصادي العربي وعدم التفريط في مكتسبات القطاع العام، ودعا إلى رفض الانخراط في مشاريع ومؤسسات الشراكة الشرق أوسطية لما ينجم عنها من تخريب للنسيج الاقتصادي العربي([51]). وقد أكد المؤتمر القومي العربي السابع على ما جاء في المؤتمر الذي سبقه، حيث تأكد من تقدم العولمة الاقتصادية وتوسيع منظمة التجارة الدولية واستمرار سقوط الحواجز أمام السلع والأموال وزيادة المبادلات المالية والمضاربات، وعد في بيانه الختامي أن الشرق أوسطية والشراكة المتوسطية مشاريع تستهدف هوية الأمة العربية وعقديتها، وتسعى إلى تحريك نعرات وعصبيات تجاوزها التطور التاريخي  للأمة العربية.

أما المؤتمر القومي الثامن فقد ركز على موضوع منظمة التجارة الدولية وانعكاساتها السلبية على الوطن العربي في قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات، ومركز على المؤسسات الدولية (صندوق النقد الدول والبنك الدولي) التي تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية لغرض هيمنتها التي لها بعد خاص في الوطن العربي بسبب الدعم اللامحدود للكيان الصهيوني ولسياسته التوسعية والعدوانية المستمرة على الأمة العربية. وأكد في بيانه الختامي على ضرورة إقامة تكتل عربي واحد، وأحياء وتنفيذ مشاريع الوحدة الاقتصادية العربية([52]). وقد نال موضوع العولمة أهمية كبيرة في المؤتمر القومي العربي التاسع حيث تناول مسيرة العولمة وأكد على أنها تستهدف تقليص دور الدولة أو تقليص رقعة صلاحيتها وسيادتها في مجال رسم وتوجيه السياسات الاقتصادية الكلية لكي تكون أداة تسهل وتيسر عمليات العولمة في مجالات الإنتاج والاستثمار وتحركات الأموال التي لا تعترف بالحدود الجغرافية([53]) وأكد أن العولمة خطر يلحق الضرر الأكيد بالعديد من الفقراء ويضعهم في مواجهة شرسة مع الأساليب الرأسمالية ومصالح الفئات المرتبطة على نحو وثيق بمراكز القرار الاقتصادي والسياسي للرأسمالية العالمية. وقد أعاد المؤتمر أسباب إخفاق التنمية في السنوات الأخيرة إلى العولمة حيث رأى أنها قادت العالم إلى الاحتكار وليس المنافسة مما أدى إلى تفاقم الفجوة بين الأغنياء والفقراء في البلد الواحد وبين البلدان الغنية والفقيرة. ورافق ذلك تفاقم البطالة والعجز في الميزان التجاري. وقد حدد المؤتمر في بيانه الختامي التوجهات التي لأبد من إعادة النظر فيها وتصحيح مساراتها من خلال([54])

أ ـ حصار الآثار السلبية لعمليات العولمة والخصخصة الجارية في الأقطار العربية.

ب ـ الإعلاء من شأن التنمية والتقدم في العصر الحديث.

جـ ـ التسريع بعمليات التكامل الإنمائي من خلال تنشيط قطاع العمل الاقتصادي العربي المشترك بمؤسساته وآلياته المختلفة.

د ـ السعي قدماً بشكل جدي في إنشاء  منطقة التجارة الحرة التي تضم 18 قطراً عربيا بهدف إيجاد دينامية جديدة في مجال الاستثمار والإنتاج المشترك.

لقد نال موضوع العولمة اهتمام المؤتمر القومي العربي العاشر أيضا حيث تناول مسيرة العولمة من دافوس 1991 إلى سياتل 2000 وعد حقبة التسعينات مرحلة التحرير الهادئ لآليات العولمة التي كانت وما زالت، (تدس السم في العسل) وتقدم صورة وردية للمستقبل في ظل العولمة. ورأى أن في نهاية عقد التسعينات ظهرت تناقضات العولمة في الشمال والجنوب معا وتفجرت في سياتل ضد ترتيبات واتفاقيات منظمة التجارة الدولية واعتراضا على إطلاق جولة جديدة للتفاوض بشروط بلدان العالم الأول والولايات المتحدة الأمريكية بصفة خاصة([55]).

لقد سمى المؤتمر القومي العربي العاشر الدور الجديد للحلف الأطلسي وتوسيع حدوده الجغرافية والانتقال من الدفاع عن الأراضي المشتركة إلى الدفاع عن المصالح المشتركة في أي مكان في العالم بـ (عسكرة العولمة)([56]). وفي بيانه الختامي أكد أهمية الجانب الثقافي بكل قضاياه وأبعاده وبخاصة أهميته الحيوية في بعث الهمة القومية وتشكيل الذهن العربي المقاوم وإدراك الصراع مع أعداد الأمة العربية، فقد شدد على أهمية اللغة العربية كونها اللغة الأم وجعلها لغة إنتاج علمي وفكري في المؤسسات التعليمية والثقافية كافة، لاسيما في مواجهة الأخطار التي تحيط بها لأنها الرابط الأقوى بين العرب([57]) وقد أكد المؤتمر القومي العربي الحادي عشر ذلك في بيانه الختامي حيث دعا إلى التصدي إلى الهيمنة الثقافية التي يواجهها الوطن العربي بما يحفظ للأمة كيانها وهويتها الثقافية العربية وتنميتها لأنها تواجه محاولة لقطع العرب عن ماضيهم الثقافي وعن أفكارهم وتجاربهم التنويرية وكان هناك عولمة للثقافة العربية وجعلها ثقافة استهلاكية رخيصة([58]).

مؤتمر القوى الشعبية العربية

لقد تأسس مؤتمر القوى الشعبية العربية في صنعاء عام 1985 في ظروف كانت فيها الأمة العربية تواجه هجمة فارسية على بوابته الشرقية، وقد عقد المؤتمر اجتماعاته بشكل دوري كل ثلاثة سنوات وكالأتي :ـ

1ـ المؤتمر الأول للقوى الشعبية العربية عام 1985 في صنعاء.

2ـ المؤتمر الثاني للقوى الشعبية العربية عام 1988 في صنعاء.

3ـ المؤتمر الثالث للقوى الشعبية العربية عام 1991 في بغداد.

4ـ المؤتمر الاستثنائي للقوى الشعبية العربية عام 1992 في بغداد.

5ـ المؤتمر الخامس للقوى الشعبية العربية عام 1995 في بغداد.

6ـ المؤتمر الخامس للقوى الشعبية العربية عام 1998 في بغداد.

7ـ المؤتمر السادس للقوى الشعبية العربية عام 2001 في بغداد.

8ـ المؤتمر السابع للقوى الشعبية العربية عام 2002 في بغداد.

لقد ركز المؤتمرين الأول والثاني على موضوع الحرب العراقية ـ الإيرانية والعمل على إنهائها، وعلى القضية الفلسطينية ومساندة الشعب العربي في فلسطين، أما المؤتمر الثالث الذي شهد انبثاق الأمانة العامة للمؤتمر وإقرار الصيغة التنظيمية والهيكلية، وتم اختيار بغداد مقرا له، وبذلك اصبح العمل العربي الشعبي قد اتخذ صيغته النهائية والعملية من أجل تفعيل دوره لمواجهة المخططات والمؤامرات التي تستهدف النيل من النضال القومي وطمس الهوية العربية، والسيطرة على المقدرات العربية. وفي هذا المؤتمر ركزت القوى الشعبية العربية على الهيمنة الأمريكية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، واعتبره تحول استراتيجي عميق فتح الباب كبيراً أمام الولايات المتحدة الأمريكية لإعادة ترتيب الأوضاع الدولية حسب ما تملية مصالحها ويستوجب أمنها، وأكد المؤتمر رفض هذا النمط الاستعماري والاستبدادي، لأن الأمة العربية التي ساهمت بعطائها المتواصل في تأسيس حضارة الإنسانية وضمير البشرية، ترفض الانضواء تحته وتقف بوجه دعاته الأمريكان وحلفائهم واتباعهم([59]). وفي المؤتمر الاستثنائي الذي جاء مكملا للمؤتمر الثالث ركز على مخطط التقسيم الاستعماري للعراق ورفضه بشدة، وركز على مناهضة الهيمنة الأمريكية من خلال السعي الجاد لبلورة أسس قيام الجبهة العالمية المناهضة للهيمنة الأمريكية عبر التنسيق والتعاون بين كل القوى التي ترفض هذه الهيمنة وترى فيها خطراً يهدد الأمن والسلم الدوليين ومصالح وحريات شعوب العالم النامي واستقلالها على وجه الخصوص([60]).

وفي المؤتمر الرابع انتقد المؤتمر جامعة الدول العربية لأنها وكما يرى المؤتمر لم تكتف بالتهاون في التصدي للتحديدات والمؤامرات الخطيرة التي تستهدف صميم وجود الأمة ومستقبلها وسلامة أقطارها، وإنما أصبحت ضالعة في تنفيذ ما يحاك من مؤامرات على المصير والوجود العربي من خلال  الصمت المريب إزاء محاولات بث الفرقة والتفتيت وتعميق الخلافات وإطلاق العناوين والتسميات المشبوهة والمغرضة مثل (الشراكة المتوسطية والشرق أوسطية) وغيرها من المفاهيم الهادفة إلى تثبيت وجود الكيان الصهيوني. وأكد المؤتمر أن التكامل الاقتصادي والثقافي والاجتماعي العربي يكفل إزالة الحواجز وفتح الحدود أمام انتقال المواطنين العرب والإنتاج العربي بحرية بين مختلف أقطاره العربية، قد أصبح ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى للتعبير عن الجدية في مواجهة التحديات التي تفرضها المؤسسات الرأسمالية الغربية التي من أبرزها منظمة التجارة الدولية([61]).

أما في المؤتمر الخامس فقد تم التركيز على سعي الولايات المتحدة الأمريكية الحثيث لتهميش دور الأمم المتحدة وشل دور كل الفعاليات السياسية الدولية وإعادة تكييف العلاقات الدولية على وفق مصالحها الذاتية ومقتضيات (أمنها القومي) وتقويض أسس وأحكام القانون الدولي بما يخدم أهداف هيمنتها ويتلائم ومتطلبات تحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية الاستراتيجية عبر العالم([62]).

وفي المؤتمر السادس كان هناك اهتمام كبير بظاهرة العولمة حيث ناقش المؤتمر عدد من الأوراق المقدمة والتي تدرس ظاهرة العولمة، وكذلك من خلال البيان الختامي الذي عد الكيان الصهيوني الأداة المحورية لإعادة صياغة الوضع الإقليمي وبناء ما يسمى بالنظام الدولي الجديد ونظام الشرق الأوسط الجديد وتكريسها عسكريا للحرب الظالمة ضد المدافعين عن كرامتهم وسيادتهم في وجه الإمبريالية بتسميتها الجديدة وأبرزها العولمة، كذلك من خلال المذكرة التي وجهها المؤتمر إلى مؤتمر القمة العربية العادي المنعقد في عمان بين 27ـ28 آذار 2001 والتي نبه فيها إلى أهمية حماية عقيدة الأمة وفكرها وخصوصيتها القومية من محاولات الاستلاب والتغريب([63]) وتم التأكيد في المؤتمر السابع 9ـ11 آذار 2002 على انتفاضة الأقصى في فلسطين وكيفية مساندتها، وعلى الحصار الجائر المفروض على العراق وكيفية العمل على رفعة، كذلك ناقش المؤتمر سبل المواجهة والتصدي للتهديدات الأمريكية البريطانية التي تلوح بضرب العراق.

منظمة المؤتمر الإسلامي

تأسس المؤتمر الإسلامي الشعبي في رجب من عام 1402 هـ لشهر نيسان سنة 1983 في بغداد حيث تنادى علماء الأمة الإسلامية ومفكروها وقادة العمل الإسلامي في العالم لتأسيسه ليتداولوا في أمر الإسلام والمسلمين وما تتعرض له العقيدة الإسلامية السمحة من طعن فيها وتشويه لمقاصدها النبيلة وما يواجه المسلمون من ظلم وقهر يوجهه إليهم أعداء الله من الكفر والملحدين وليضعوا السبل الكفيلة بإحقاق الحق وإزهاق الباطل. وقد عقدت المنظمة عددا من المؤتمرات الإسلامية العالمية التي يتجمع فيها مئات العلماء وقادة العمل الإسلامي من أنحاء العالم كافة في بغداد وهي على النحو الآتي:

1ـ المؤتمر الإسلامي الشعبي الأول في نيسان 1983.

2ـ المؤتمر الإسلامي الشعبي الثاني في نيسان 1985.

3ـ المؤتمر الإسلامي الشعبي الثالث في حزيران 1990.

4ـ المؤتمر الإسلامي الشعبي الرابع في كانون الثاني 1991.

5ـ المؤتمر الإسلامي الشعبي الخامس في كانون الثاني 1992.

6ـ المؤتمر الإسلامي الشعبي السادس في كانون الثاني 1993.

7ـ المؤتمر الإسلامي الشعبي السابع في أيلول 1995.

8ـ المؤتمر الإسلامي الشعبي الثامن في شباط 1998.

9ـ المؤتمر الإسلامي الشعبي التاسع في أيلول 1999.

10ـ المؤتمر الإسلامي الشعبي العاشر في آب 2001.

جميع هذه المؤتمرات عقدت في بغداد.

لقد تركزت جهود منظمة المؤتمر الإسلامي في مؤتمراتها الأربعة الأولى حول موضوعين هما الحرب العراقية ـ الإيرانية والصراع العربي الصهيوني. أما في المؤتمر الخامس فقد ناقش المجتمعون هذه القضايا مضافا لها موضوع ما يسمى بالنظام الدولي الجديد، وقد رفض المؤتمر في بيانه الختامي ما تنادي به الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من إقامة هذا النظام القائم على فرص الوصاية من قبلهم على شعوب العالم ودوله وسلب إرادة الشعوب والسيطرة على ثرواتها ومقدراتها، وأعلن أن هذا النظام هو عودة الى النظام الاستعماري البغيض بتسخير الأمم المتحدة ومؤسساتها ومنها مجلس الأمن التي أصبحت ألعوبة في أيدي دول الكفر والهيمنة، لخدمة أغراضها الاستعمارية البشعة، وأكد انه موجه بالدرجة الأولى ضد الشعوب الإسلامية والمستضعفة لقهرها والسيطرة عليها. ونهب ثرواتها وتحويلها الى أسواق استهلاكية لنظامها الرأسمالي الربوي البشع. وقد دعا المؤتمر الخامس قادة العمل العربي والإسلامي وحركات التحرر والأحزاب المناهضة للهيمنة الأمريكية وأحرار العالم الى اللقاء والتباحث بهدف إقامة عالمية حرة مناهضة للهيمنة الأمريكية ونظامها العالمي الجديد القائم على قهر الشعوب وظلمها وهدر حقوق الإنسانية من خلال تكوين هيئة عالمية تضم جميع أحرار العالم ومنهم ممثلو الشعوب الإسلامية الذين يفرض عليهم الإسلام رفض كل أشكال هيمنة الظالمين البغاة كما يفرض عليهم السعي لتنظيم هذا الرفض وتأسيسه على قواعد ثابتة من العدل والحق ونصرة المظلوم([64]). وقد تمت مناقشة هذا الموضوع أيضا في المؤتمرين السادس والسابع وصدرت عنهما نفس الدعوات التي صدرت عن المؤتمر الخامس.

أما في المؤتمر الثامن للمنظمة فقد لاحظ المؤتمرون أن مستقبل العالم الإسلامي على المستوى الاقتصادي تتهدده مخاطر كبيرة في ظل التكتلات الاقتصادية الكبرى التي تحاول المحافظة على مصالحها مما يجعل الدول النامية ولاسيما الإسلامية عديمة الدور أو ذات دور هامشي لذلك دعا المؤتمر الى إقامة سوق إسلامية مشتركة تمتن من صمود العالم الإسلامي بوجه تلك الضغوط أو ما تفرضه اتفاقية التبادل التجاري (الكات) من جوانب سلبية على اقتصاديات الدول الإسلامية. وقد أوصى المؤتمر بسحب رؤوس الأموال الإسلامية عن الدول التي تعادي العالم الإسلامي واستثمارها في تنمية العالم الإسلامي حتى يقوم رأس المال بوظيفته في الاستخلاف([65]).

وفي المؤتمر التاسع للمنظمة حذر المؤتمر المجتمع العربي والإسلامي من الخطاب السياسي الذي يدعو الى ما يسمى بالنظام العالمي الجديد كونه يعمل على الكيل بمكيالين ويغفل العدالة الإنسانية وما وضعته الشرائع والرسالات السماوية والمواثيق الدولية، كما لاحظ المؤتمرون أن هناك إهمالا في شخصية الأمة الإسلامية وعدم التركيز عليها لاسيما وأنها تعاني تحديات الهوية فضلا عن العدوان على تعاليم الإسلام، لذلك دعا المؤتمر الى الالتزام بحضارة الأمة وتراثها المتمثل في الكتاب والسُنة ففيهما القوة والتضامن([66]).

أما المؤتمر العاشر للمنظمة فهو المؤتمر الوحيد الذي ناقش ظاهرة العولمة واعتبرها حركة رأسمالية تهدف الى السيطرة على العالم لاستغلال موارده وإدارة المناطق المهمشة في العالم على المستويين الاقتصادي والسياسي. لذلك طالب المؤتمر بإنشاء سوق إسلامية مشتركة لمواجهة تحديات العولمة، كما دعا المؤتمر الى التركيز على شخصية الأمة الإسلامية لأنها تواجه تحديات الهوية فضلا عن العدوان على تعاليم الإسلام([67]).

آليات تفعيل دور المنظمات والجمعيات المهنية والعلمية في مواجهة العولمة

أن المنظمات والجمعيات المهنية والعلمية على احتكاك مباشر مع الجماهير لذلك يمكن أن يكون لها دور كبير في تنشيط حركتها لمواجهة تيار العولمة الذي يجرف معه كل الشعوب التي لم تأخذ الأساليب الوقائية التي تمكنها من مواجهة هذا التيار، والمنظمات والجمعيات المهنية والعلمية والعربية اقتصر دورها على عقد المؤتمرات والندوات وبين أعضائها فقط ولم تتجاوز ذلك على الرغم من سعة المساحة التي تعمل عليها وسعة الدور الذي من الممكن ان تؤديه، لذا فإن أمامها دور تتمكن من القيام به من خلال:ـ

1ـ أن نسبة عالية من الشعب العربي تسمع بالعولمة، لكن لا تعرف ما هي، وما النتائج السلبية التي تتمخض عنها؟ مما يضع عبئا على عاتق هذه المنظمات والجمعيات من خلال عقد مؤتمرات وندوات مفتوحة يؤمن فيها حضور أكبر قدر ممكن من الجماهير، توضح فيها سلبيات العولمة وسبل مواجهتها.

2ـ لم تعقد هذه المنظمات والجمعيات، مؤتمرات مخصصة لمناقشة هذه الظاهرة، بل جاءت مفردة ثانوية هامشية تجاوزتها معظم المؤتمرات، لذا فمن الضروري عقد مؤتمرات موسعة مخصصة لدراستها ووضع الأساليب المناسبة لمواجهة الأخطار الناجمة عنها.

3ـ بالرغم من ظهور العولمة منذ أكثر من عشر سنوات، ومشاهدة شعوب العالم وهي تكافح من خلال المسيرات الغاضبة المناهضة للعولمة، إلا أننا لم نلاحظ أي توجه لمناهضتها وكأن الشعب العربي لا يعنيه أمرها، ولذا بات على المنظمات والجمعيات أن تؤدي دورها لتفعيل دور الجماهير في مواجهة الأخطار التي تستهدفه في معظمها. لذلك من الضروري أن تأخذ هذه المنظمات والجمعيات دورها في تنظيم وقيادة الجماهير لأسماع صوته الى العالم أجمع.

4ـ لفت انتباه الأنظمة العربية الحاكمة من خلال البيانات التي توجهها هذه المنظمات والجمعيات، واللقاءات التي تعقدها معها، نحو الأخطار الناجمة عن ظاهرة العولمة ودراسة أساليب مواجهتها للوصول الى تحقيق أكبر قدر من الحماية وفي كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

 الخاتمة

التوصيات

مما ورد في ثنايا في هذا البحث، و اصبح من الضروري وضع عدد من المقترحات التي يمكن من خلالها تقليل مخاطر العولمة وآلياتها، وهي:

1ـ أن ظاهرة العولمة ما زالت تحتاج الى الدراسات العلمية من قبل المختصين في الوطن العربي، وفي الاختصاصات كافة لتحديد مخاطرها على كل مفصل من مفاصل الحياة.

2ـ من الضروري أن يناضل المختصون والمسؤولون والمواطنون في المجتمع العربي ومعهم المجتمعات النامية، من أجل فرض العالمية التي يريدون، التي تخدم العلم والمعرفة والمصالح المتبادلة التي تخدم الإنسانية جمعاء من دون سيطرة أو هيمنة القوى العظمى سياسيا واقتصاديا كما يريدون من العولمة.

3ـ ضرورة السعي لقيام التكتل الاقتصادي العربي المرتكز على مبدأ تكافؤ الفرص، وتكون الخطوة الأولى في تفعيل قرار الدول العربية على إقامة المنطقة العربية الحرة الكبرى ودخول الدول العربية في الاتفاقيات الثنائية لإنشاء مناطق تجارة حرة فيما بينها.

4ـ ضرورة قيام مؤسسات عربية عملاقة للاستثمار في الدول العربية لجذب الاستثمارات العربية بدلا من توجهها للدول الغربية مع تطوير الأنظمة المالية العربية التي يمكن أن تلعب دورا إيجابيا في تحقيق الأهداف الاقتصادية العربية في ظل العولمة.

5ـ العمل على زيادة حجم التبادل التجاري بين الدول العربية وتشجيع استخدام الأيدي العاملة العربية والوقوف بوجه استخدام الأيدي العاملة الأجنبية.

6ـ السعي الى إقامة السوق العربية المشتركة ومن ثم خلق التكامل الاقتصادي العربية الذي من الممكن أن يكون النواة الرئيسة لبناء الوحدة العربية المنشودة.

7ـ حماية الاقتصاد العربي من توغل الشركات متعددة الجنسية والتهام المصالح التجارية العربية ولاسيما عند دخولها لأسواقها بالاستثمارات الهائلة مع حريتها بتحريك رأس المال الأمر الذي يجعلها تتحكم بالأسواق المالية بشكل قوي ومؤثر.

8ـ التدرج في انفتاح الأسواق الوطنية أمام قوى السوق العالمي للإمكانات المتاحة حتى لا تسيطر تلك القوى على السوق الوطنية وتصبح الدول غير قادرة على ضمان وقوف إنتاجها المحلي أمام المنتجات الأجنبية.

9ـ أخذ ترتيبات معينة من شأنها أخذ ما يناسبها من الثقافة العالمية مع الحفاظ على جوهر الثقافة والتراث العربيين والقومية العربية.

10ـ ضرورة العمل على الحفاظ على الهوية الفكرية الوطنية للدولة وثقافتها القومية ومواجهة أساليب العولمة الثقافية التي ينتج عنها تجريد الأفراد من ثقافتهم والتوجه للثقافة العالمية التي تتميز بالإبهار.

[1]ـ رسلان خضور وسمير إبراهيم حسن، مستقبل العولمة، قضايا راهنة، المركز العربي للدراسات الاستراتيجية بالأهرام، القاهرة، السنة 2، العدد 7، 1998، ص21.

  • الاتحاد الأوربي. ويضم كل من بلجيكا، ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، لوكسمبورغ، هولندا، المملكة المتحدة، أيرلندا، الدنمارك، اليونان، أسبانيا، البرتغال، النمسا، السويد، فلندا. وقد بدأ الاتحاد بإطلاق عملته الموحدة (اليورو) في مطلع هذا العام 2002.

النافثا. منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية وتضم كل من الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، المكسيك.

الاسييان. رابطة جنوب شرقي آسيا ويضم كل من إندونيسيا، ماليزيا، سنغافورة، تايلند، الفلبين، بروناي، فيتنام، كمبوديا، لاوس وما ينمار (بورما سابقا).

الابيك، الجماعة الاقتصادية لأسيا ـ الباسفك ويضم كل من الولايات المتحدة الأمريكية، تايوان، بروناي، إندونيسيا، سنغافورة، كوريا الجنوبية، تايلند، ماليزيا، كندا، المكسيك، استراليا، نيوزلندا، الصين، اليابان، غينيا الجديدة.

المصدر. عبد الرحمن نجم المشهداني، مصدر سابق، ص 49ـ60

[2]ـ عبد الغني عماد، التكامل الاقتصادي والسوق العربية المشتركة، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، العدد 250، 1999، ص65.

[3]ـ إبراهيم سعد الدين وآخرون، التكامل الاقتصادي والسوق العربية المشتركة، مؤسسة عبد الحميد شومان، الأردن، 1999، ص13.

[4]ـ عبد الصاحب العلوان، التكامل الاقتصادي العربي والأمن الغذائي، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت ، العدد 267، 2001، ص 93

[5]ـ إبراهيم سعد الدين، مصدر سابق، ص 12.

[6]ـ سليمان الرياش وآخرون، التكامل الاقتصادي العربي، الواقع والآفاق، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1998، ص 41ـ42.

[7]ـ عبد الغني عماد، مصدر سابق، ص 71.

[8]ـ عبد الصاحب علوان، مصدر سابق، ص 93.

[9]ـ منعم العمار، العلاقات العربية ـ  العربية والتمسك بمفهوم السيادة، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، العدد 177، 1993، ص66.

[10]ـ حليم بركات، مصدر سابق، ص 296.

[11]ـ عبد الغني عماد، مصدر سابق، ص72.

[12]ـ محمد حسنين هيكل، خريف ممطر، مجلة الكتب وجهات نظر، تصدر عن الشركة المصرية للنشر العربي والدولي، مطابع الشرق، القاهرة، السنة3، العدد 32، 2001، ص7.

[13]ـ إبراهيم سعد الدين، مصدر سابق، ص33.

[14]ـ حليم بركات، مصدر سابق، ص119.

[15]ـ محمد الأطرش، العرب والعولمة ما العمل، ندوة العرب والعولمة، تحرير إسامة الخولي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1991، ص425.

[16]ـ نفس المصدر، ص 425.

[17]ـ عبد الغني عماد، مصدر سابق، ص78.

[18]ـ عبد المنعم السيد علي، التكامل الاقتصادي العربي والنظام الاقتصادي الشرق أوسطي، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، العدد 214، 1996، ص 12.

[19]ـ جاسم محمد عبد الغني، المتغيرات العالمة وانعكاساتها على الوطن العربي، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، العدد 139، 1990، ص6.

[20]ـ الشاذلي القليبي، مهام جديدة للعمل العربي المشترك، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، العدد 247، 1999، ص4.

[21]ـ جميل مطر وعلي الدين هلال، النظام الإقليمي العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط7، 2001، ص 70.

[22]ـ الشاذلي القليبي، مصدر سابقا، ص7.

[23]ـ جميل مطر وعلي الدين هلال، المصدر السابق، ص175.

[24]ـ حمدي عبد الرحمن حسن، العولمة وآثارها السياسية في النظام الإقليمي العربي، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، العدد 258، 2000، ص 6.

[25]ـ محمد حسنين هيكل، حرب الخليج أوهام القوة والنصر، مركز الأهرام للترجمة والنشر، القاهرة، 1992، ص 10

[26]ـ زبغنيو بريجنسكي، الفوضى، مصدر سابق، ص141

[27]ـ حمدي عبد الرحمن حسن، المصدر السابق، ص 7.

[28]ـ جميل مطر وعلي الدين هلال، مصدر سابق، ص 255.

[29]ـ مجدي حماد، نحو استراتيجية وخطة عمل للصراع العربي ـ الصهيوني، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، العدد 243، 1999، ص57.

[30]ـ محمود عبد الفيصل، الشرق أوسطية ومستقبل التعاون والتكامل الاقتصادي العربي، سلسلة كتب المستقبل العربي رقم (12)، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1998، ص287.

[31]ـ عبد الله عبد الدائم، التربية والقيم الإنسانية في عصر العلم والثقافة والمال، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، العدد 230، 1998، ص79.

[32]ـ هيئة تحرير مجلة دراسات اجتماعية، التربية ثوابت الأصالة ومتغيرات الحداثة، بيت الحكمة، بغداد، السنة 3، العدد 9، 2001، ص39.

[33]ـ محمد جواد رضا، العرب في القرن الحادي والعشرين: تربية ماضوية وتحديات غير قابلة للتنبؤ، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، العدد 230، 1998، ص 60.

[34]ـ فرج محمد الشويهدي، استراتيجية تطوير التربية العربية، الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع، ليبيا، 1999، ص67.

[35]ـ طه أحمد علي، العولمة والنظام التعليمي في الوطن العربي، مجلة دراسات اجتماعية، السنة 3، العدد 9، 2001، ص 64.

[36]ـ ماهر الجعفري، التربية العربية بين ثوابت القيم وتحديات الاختراق، مجلة دراسات اجتماعية، السنة 3، العدد 9، 2001، ص46.

[37]ـ نور الدين الطاهي، قراءة في كتاب الخطاب الإصلاحي التربوي بين أسئلة الأزمة وتحديات التحول الحضاري، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، العدد 270، 2001، ص196.

[38]ـ ماهر الجعفري، المصدر السابق، ص47.

[39]ـ علي أسعد وطفه، الأهداف التربوية في البلدان العربية، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، العدد 230، 1998، ص92.

[40]ـ عبد الله عبد الدائم، مستقبل الثقافة العربية والتحديات التي تواجهها، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، العدد 260، 2000، ص 46.

[41]ـ نجدت قاسم الصالحي، المناهج التربوية العربية، مجلة دراسات اجتماعية، بيت الحكمة، بغداد، السنة 3، العدد 9، 2001، ص77ـ80

[42]ـ صباح عدامه هيشان، أساليب التربية العربية الإسلامية في مواجهة العنف، الموقع العربي على الإنترنت WWW. Arabna. Com.

[43]ـ مصطفى حجازي، العولمة والتنشئة الاجتماعية، مجلة العلوم الإنسانية، البحرين، العدد 2، 1999، ص 35.

[44]ـ نجدت الصالحي، مصدر سابق، ص 79.

[45]ـ جلال زيادة، تجليات العولمة على الصعيد العربي ومواقف شعوب العالم منها، المؤتمر السادس للقوى الشعبية العربية، بغداد 9ـ13، آذار، 2001، ص 4ـ5

[46] ـ بيت الحكمة، ماذا بعد سياتل، مناظرة فكرية، مجلة الحكمة، السنة، العدد 14، 2000، ص74.

[47]ـ الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، مشروع استراتيجية وخطة عمل للمؤتمر القومي العربي، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، العدد 172، 1993، ص120

[48] ـ نفس المصدر، ص 120.

[49] ـ الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، حال الأمة المؤتمر القومي العربي السادس، مركز دراسات الوحدة العربية، 1996، ص36.

[50]ـ الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، المؤتمر القومي العربي السادس، مصدر سابق، ص 145.

[51]ـ نفس المصدر، ص 430.

[52]ـ الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، حال الأمة المؤتمر القومي العربي الثامن، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1998، ص 629ـ645.

[53]ـ الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، حال الأمة المؤتمر القومي العربي التاسع، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1999، ص 156.

[54]ـ  نفس المصدر، ص 532ـ533

[55]ـ الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، حال الأمة المؤتمر القومي العربي العاشر، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2000، ص49.

[56]ـ الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، حال الأمة، المؤتمر القومي العربي التاسع، مصدر سابق، ص51.

[57]ـ نفس المصدر، ص 549ـ564.

[58]ـ الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، البيان الختامي للمؤتمر القومي العربي الحادي عشر، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، العدد 268، 2001، ص 210ـ224

[59]ـ الأمانة العامة لمؤتمر القوى الشعبية العربية، المؤتمر الثالث للقوى الشعبية العربية، مطابع دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1991، ص59.

[60]ـ نفس المصدر، ص83ـ87.

[61]ـ الأمانة العامة لمؤتمر القوى الشعبية العربية، وقائع المؤتمر الرابع للقوى الشعبية العربية، دار الحرية للطباعة، بغداد، 1995، ص 32ـ54.

[62]ـ الأمانة العامة لمؤتمر القوى الشعبية العربية، وقائع المؤتمر الخامس للقوى الشعبية العربية، دار الحرية للطباعة، بغداد، 1998، ص 43ـ58.

[63]ـ الأمانة العامة لمؤتمر القوى الشعبية العربية، وقائع المؤتمر السادس للقوى الشعبية العربية، دار الحرية للطباعة، بغداد، 2001، ص 19ـ48.

[64] ـ منظمة المؤتمر الإسلامي، المؤتمر الإسلامي الشعبي العالمي الخامس، مطبعة النواعير، الرمادي، 1992، ص9ـ20.

[65] ـ الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، البيان الختامي للمؤتمر الإسلامي الشعبي العالمي الثامن، بغداد، 1998، ص17ـ28.

[66] ـ الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، البيان الختامي للمؤتمر الإسلامي الشعبي العالمي التاسع، بغداد، 1999، ص1ـ6.

[67] ـ الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، البيان الختامي للمؤتمر الإسلامي الشعبي العالمي العاشر، بغداد، 2001، ص1ـ6.

بقلم مثنى مشعان خلف المزروعي

 

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button