السيادة ومسألة نزع اسلحة العراق وحظر تسلحه

المبحث الثالث حظر التسلح وعلاقته بإنتقاص سيادة العراق والاجتراء على استقلاله

    لقد أشار مجلس الأمن صراحة في ديباجة قراره رقم 687 (1991) الى إدراكه للتهديد الذي تشكله جميع اسلحة التدمير الشامل على السلم والأمن في المنطقة ، ولضرورة العمل على إنشاء منطقة خالية من هذه الأسلحة في الشرق الأوسط ، كما أشار الى ان هدفه من ذلك يتمثل في تحقيق رقابة متوازنة وشاملة للأسلحة في المنطقة ، إلا ان المجلس خص العراق دون سواه من دول المنطقة بمجموعة من الإجراءات التي شملها القسم (جيم) من هذا القرار ، والتي تمثلت في نزع اسلحة الدمار الشامل العراقية ، وتحديد مديات بعضها ، وتقييد استيراد وتصدير مواد صنع الأسلحة وغيرها من جملة القيود التي استعرضتها في المبحث السابق ، وقد أشار المجلس الى ضرورة اتخاذ تلك التدابير بموجب الفصل السابع من الميثاق [1] .

    ان ما جاء به القسم ( جيم ) من القرار المذكور هو في حقيقته حظر للتسلح وليس نزعاً  لسلاح معين بذاته ، فرغم عدم اختصاص مجلس الأمن او تمتعه بسلطة قانونية قسرية في نزع السلاح الواردة بالمواد ( 11، 26 ،47 ) من الميثاق ، فان مجلس الأمن قد خرج بإجراءاته تلك من إطار نزع السلاح التي تتطلبها تدابير الأمن الجماعي والتي تقع خارج سلطته أصلا الى إطار اوسع واكثر إيذاءا وانتهاكا لسيادة الدولة العراقية لشموله – إضافة إلى نزع السلاح – المرافق الصناعية والبحثية والتطويرية لصناعة السلاح وحظر تجارة مواده الأولية إضافة الى صيغ الرقابة الشاملة على مرافق الإنتاج .

     ان تعارض إجراءات مجلس الأمن مع قاعدة شرعية الجريمة والعقاب كما اشرنا سابقا وعدم تواتر العرف الدولي لمثل هذا الإجراء القسري في ظل التنظيم الدولي المعاصر ، دفعت مجلس الأمن الى سوق مجموعة من الاسباب والمبررات في ديباجة هذا القرار لإضفاء المشروعية على اجراء هذا الحظر وعليه فان هذا المبحث سيكون محلا لمناقشة هذه الاسباب التي كانت دافعا لهذا الحظر وطبيعة الاسلحة المحظورة ثم مدى مشروعيتها واثرها على سيادة العراق .

     لقد تبلورت هذه الأسباب ، بحسب ما جاء بنص القرار (687) (1991) في مخالفتين أساسيتين نسبتا إلى العراق من قبل مجلس الأمن :

    اما المخالفة الأولى ، فهي انتهاك العراق لأحكام بروتوكول جنيف لسنة 1925 ومعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية لسنة 1968 .

    فلقد أشارت ديباجة ذلك القرار الى مخالفة العراق لأحكام بروتوكول جنيف لسنة 1925 بما صدر عن العراق من تهديد باستعمال أسلحة يحظرها هذا   البروتوكول ، اضافة الى سابق استخدام العراق للأسلحة الكيمياوية وهو ما يجسد انتهاكا لالتزاماته المقرر بموجب تلك الأحكام .

    اما عن معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية ، فقد اشار المجلس الى ان مخالفة العراق لتلك المعاهدة قد تمثلت في محاولته الحصول على مواد لبرنامج لإنتاج السلاح النووي بما يتنافى مع التزاماته المقررة بموجب تلك المعاهدة .

    اما المخالفة الثانية : التي نسبها مجلس الأمن الى العراق ، فهي استخدامه لقذائف تسيارية في هجمات لم يسبقها استفزاز .

    وإزاء ذلك لابد من مناقشة حقيقة هاتين ( المخالفتين ) في ضوء احكام ذلك البروتوكول وتلك المعاهدة ومدى ثبوت ارتكاب العراق لما يعد انتهاكا لالتزاماته المقررة بموجبها .

مدى صحة المخالفة الأولى :-

    استند مجلس الأمن في تأييد زعمه بشأن مخالفة العراق لأحكام هذا البروتوكول الى امرين لا ثالث لهما : صدور بيانات عن العراق يهدد فيها باستخدام اسلحة يعد استعمالها انتهاكا لالتزاماته المقررة بموجب احكام بروتوكول جنيف لسنة 1925 ، وسابقة استعمال العراق للاسلحة الكيماوية بما يخالف تلك الأحكام ، وفيما يلي مناقشة هذين الأمرين :

أ-  تهديد العراق باستخدام اسلحة يعد استعمالها مخالفة لبروتوكول جنيف لسنة 1925 .

    إذا كان نزع اسلحة الدمار الشامل العراقية لا يدخل ضمن تدابير الأمن الجماعي التي تضمنها ميثاق الأمم المتحدة ، ولم يسبقها تدبير مماثل اقره العرف الدولي ، إضافة الى خروجه عن قاعدة شرعية الجريمة والعقاب ، فان افتراض ان نزع اسلحة الدمار الشامل العراقية نوع من العقاب يتطلب تحديد الجريمة دون إبهام او لبس .

    فإذا جاء اول اسباب هذا العقاب متمثلا في مخالفة العراق لأحكام بروتوكول جنيف لسنة 1952،وذلك لما قام به من تهديد باستخدام اسلحة يعد استعمالها انتهاكا لما يوجبه هذا البروتوكول ، دون تحديد هذا التهديد ومتى واين ولمن تم توجيهه ، فإن ذلك يشكل إخلالاً واضحاً بأبسط مبادئ الجريمة والعقاب والمتعارف عليها في كافة النظم العقابية الثابتة في الأمم المتمدنة الامر الذي يترك هذا المبرر نهبا للتفسيرات السياسية بعيدا عن الحقائق الموضوعية .

    واذا كانت القراءة التاريخية لمواقف العراق السياسية تجاه الدول التي اعتبرها العراق تبادله العداء ، تشير إلى صدور بيان رسمي أعلنه الرئيس القائد صدام حسين بتاريخ  7/4/1990 ، جاء فيه أنه ” إذا تعرض العراق لهجوم نووي صهيوني ، فإنه سوف يستعمل اسلحة متطورة تحرق بالنار نصف الكيان الصهيوني [2] ، فلا نخالف الحقيقة إذا قلنا أن هذا التهديد امر مشروع ، وذلك للأسباب التالية : 

1- صدر هذا التهديد بعد بيان الحكومة الصهيونية – بتاريخ 30 مارس 1990 – وقد جاء فيه ” إن الكيان الصهيوني سوف يهاجم العراق إذا احس أنه أقترب من إنتاج اسلحة نووية [3] ، وإذا وضعنا في الإعتبار سابقة قيام الكيان الصهيوني بضرب المفاعل السلمي النووي العراقي سنة 1981، لعلمنا أن ما أعلنه رئيس الوزراء الصهيوني لا بد وان يؤخذ على محمل الجد والوعيد وليس الردع والتهديد .

2- أن التهديد العراقي صدر معلقا على شرط ، وهو استخدام اسلحة متطورة ضد الكيان الصهيوني إذا ما إعتدى الأخير على العراق ، وهو الامر المشروع في ضوء احكام مبدأ الدفاع الشرعي ونص المادة (51) من الميثاق .

3- إن بروتوكول جنيف لم يتطرق إلى حظر او تحريم ” مجرد” التهديد باستعمال السلاح التي تناولها بالمنع ،ولكنه أنصب على تحريم هذه الأسلحة في المنازعات المسلحة بين الدول واستخدام تلك الأسلحة المحرمة بالفعل . لذا كان الاجدر بمجلس الأمن إذا أراد تكيفا قانونيا سليما للموقف العراقي فيما يتعلق بتهديد الكيان الصهيوني أن يضعها في نطاق نص المادة الثانية من الميثاق في فقرتها الرابعة والتي تقضي بضرورة امتناع أعضاء الهيئة جميعا في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة … ، وذلك على الرغم من ان لجوء المجلس إلى هذه المادة لتأسيس المخالفة العراقية لأحكام الميثاق ، وكسند مشروع لتبريره ، لا يعطيه الحق في نزع اسلحة الدمار الشامل العراقية لإمتناع النص على هذه العقوبة وعدم استقرار العرف الدولي عليها ، خاصة وان المجلس لم يتخذ أي إجراء عقابي من أي نوع إزاء التهديدات الصادرة عن الكيان الصهيوني بضرب العراق ، بل وضربه بالفعل والذي تمثل في قصف وتدمير المفاعل النووي العراقي السلمي سنة 1981

ب- اتهام العراق بسابقة استعمال الاسلحة الكيميائية ومخالفة بروتوكول جنيف لسنة 1952

    إذا كان مجلس الأمن قد اطلق هذا الإتهام ضد العراق في محاولة لتبرير نزع اسلحته ذات الدمار الشامل ، وذلك دون تحديد حاسم  ويقين قاطع لا شك فيه بشأن حقيقة استخدام العراق للأسلحة الكيميائية، إضافة إلى عدم بيان تفاصيل ذلك ، لابد وان يقدح في مشروعية هذا العقاب لإنتقاء ثبوت مسؤولية العراق عن هذا الفعل وحقيقة وقوعه وذلك في ضوء ما استقر عليه القضاء الدولي ، وما تفرضه احكام بروتوكول جنيف لسنة 1925 من إلتزامات ، وهو ما نوضحه فيما يلي :

    من الثابت في قضاء محكمة العدل الدولية ان تقرير المسؤولية يرتبط بتقديم الإثبات المباشر للوقائع ، حيث أشارت هذه المحكمة في حكمها الصادر بتاريخ   9 أبريل 1949 في قضية  “مضيق كورفو” إلى إعتدادها بالدليل الذي لا يرقى إليه الشك في إثبات الوقائع التي يتم على اساسها تقرير المسؤولية ، وأن الأخذ بوسائل الإثبات المباشرة ، ومنها القرائن المستفادة من الوقائع ، لابد وأن يستند إلى مجموعة من الوقائع المتماثلة ، والتي تؤدي من الناحية المنطقية  إلى ذات النتيجة [4] .

    وقد حذر أحد الشراح من الإفراط في الإستناد إلى الدلائل كوسيلة غير مباشرة للإثبات عندما يتعذر الدليل المباشر على المسؤولية حيث أحاط عملية الأخذ بهذه الدلائل بمجموعة من القيود كان من أهمها ضرورة تفسير تلك الدلائل وتقريبها من بعضها حتى يمكن الوصول إلى نتائج ثابتة ، وذلك حرصا على توخي الحذر ولخطورة الوقوع في اخطاء الإفتراضات التي قد تخالف الحقيقة والواقع [5] .

    ولما كان الثابت في فقه القانون الدولي أن المعيار القائم الذي لا يرقى إليه الشك المعقول هو احد اهم المعايير السليمة لتقييم الأدلة التي يمكن تطبيقها على الوقائع لتحديد المسؤولية [6] ، فإن واقعة استخدام الأسلحة الكيمائية من قبل العراق دون إقامة الدليل المباشر عليها لإثبات مسؤوليته أو توافر الدلائل غير المباشرة التي لا يخالطها الشك يجعل من غير المقبول توقيع العقاب لإنتفاء أهم أركانه وهو ثبوت وتوافر المسؤولية .

    وإذا كان قد أشير إلى استخدام العراق هذه الأسلحة في شمال العراق فإن عدم خلو هذا الزعم من أي شك في مصداقيته يستوجب طرحه ، خاصة وقد اكدت دراسة اعدتها وزارة الدفاع الأمريكية في بحث حقيقة تلك الواقعة  ،أن ضرب حلبجة جاء في خضم المعارك بين الإيرانيين والعراقيين ومن المتوقع أن يكون الإيرانيون هم الذين بدأوا بقصف هذه القرية بقذائف الغازات السامة [7] .

    وإذا كان القضاء الدولي قد أستقر على ضرورة توافر الدليل الذي لا يرقى إليه الشك حتى يمكن تقرير المسؤولية عن الفعل غير المشروع ، ولا يأخذ بالقرائن المستقاة من الوقائع عند عدم توافر ذلك الدليل ، ويشترط تكافل وتماسك القرائن بما يتكون معها وجدان المحكمة المفضي إلى ثبوت تلك المسؤولية ، فإنه من المتعذر – ان لم يمكن من المستحيل – على مجلس الأمن ، الفاقد لأي معايير قانونية ، والذي تغلب عليه الإعتبارات السياسية خاصة في ظل تضارب وتنازع اهواء ومصالح الأعضاء الخمس دائمي العضوية عند تقرير أي امر من الأمور المتصلة بحفظ السلم والأمن الدوليين ، أن يقطع بحقيقة ارتكاب العراق لهذه المخالفة وتوافر مسؤليته عنها .

    كما أن افتراض حقيقة حدوث ذلك الفعل كان أدعى أن يحيل مجلس الأمن هذه الواقعة إلى محكمة العدل الدولية ليس بهدف مناقشة حقيقة وابعاد هذه الواقعة من الناحية القانونية ووزن أدلة الإتهام وتحديد مدى مسؤولية العراق في هذا الشأن ، ولكن لأن هذا الفعل – لوثبت وقوعه- لا يعد خرقا وانتهاكا لأحكام المواثيق والاعراف الدولية فحسب بل يعتبر أحد الجرائم ضد الإنسانية والتي لا يمكن أن تسقط بمرور الزمن [8] .

    فإذا ما أضيف إلى ما تقدم ، إنتقاء وجود أي سابقة دولية لمجلس الأمن تعامل فيها مع حالة مماثلة وقرر بشأنها مسؤولية مرتكبها ، وحاول – مجرد المحاولة – إصدار قرار بالإدانة وليس العقوبة كما حدث مع العراق ، فإن تصرف المجلس في هذه الحالة محل البحث يكون فاقدا لأي سند مشروع من قواعد القانون    الدولي ، وندلل على صحة ذلك بما يلي :-

1- سابقة اتهام الولايات المتحدة الأمريكية باستخدام الأسلحة الكيمياوية والبايولوجية والتهديد باستخدامها ،وهو ما نوضحه على النحو الآتي :

– اثناء الحرب العالمية ، عملت الولايات المتحدة الأمريكية على تطوير ابحاثها في مجال الأسلحة البيولوجية ، وفي الشهور الاخيرة لتلك الحرب كثفت الإدارة الأمريكية هذه الأبحاث حول إمكانية استخدام  هذه الأسلحة في رش محاصيل الأرز في اليابان غير أن هذا القرار قد ألغي وذلك لإختيار القنبلة الذرية بديلا عن ذلك السلاح .

    ولكن الإتحاد السوفيتي اعلن رسميا في سنة 1956 اتهام الجيش الأمريكي باستخدام هذه الأسلحة البيولوجية ضد الجيش الكوري الشمالي في أثناء الحرب الكورية [9] .

  • بتاريخ 24 آذار سنة 1956 تناولت معظم صحف العالم- خاصة العربية منها – أنباء استخدام القوات الأمريكية لمادة “CS” ضد القوات الفيتنامية أثناء حرب فيتنام (1961- 1975) – ، حيث ألقت القوات الأمريكية ما يقرب من 14 مليون كغم من ذلك المركب الكيماوي الذي يتميز بمخاطره التدميرية واسعة الإنتشار [10] .

    ولم يستطيع مجلس الامن ان يتصدى لهذه الجريمة الأمريكية او حتى مجرد بحث شكوى فيتنام حول هذه الجريمة الدولية ، وذلك نتيجة مباشرة للنفوذ الأمريكي المسيطر داخل المجلس ، وعندما تناولت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذه الواقعة بالبحث ، دافعت الولايات المتحدة الأمريكية عن موقفها وبررت استعمالها لهذه لمادة ، بما جاء على لسان مندوبها في المنظمة ، والذي أعلن :” أن هذا السلاح الكيماوي – (CS) – تستخدمه بعض الدول ضد المدنيين لتفريق المظاهرات ، فلا محل لتأثيم استخدامه في الحروب ، خاصة وان الغرض من استخدامه في الحرب الفيتنامية كان لإبادة الحشائش والغابات وليس لقتل الجنود الفيتناميين” [11] .

     غير ان ” يوثانت” – الأمين العام السابق للأمم المتحدة – رفض هذا التبرير الأمريكي لذلك العمل الإجرامي ، وطالب بضرورة التأكيد على منع استخدام جميع الأسلحة الكيماوية في النزاعات المسلحة ، بما في ذلك الغازات المسيلة للدموع .  كما طالبت السويد وسبع عشرة دولة أخرى بضرورة التصويت على قرار يدعو إلى تضمين بروتوكول جنيف لسنة 1925 تحريم استعمال الأسلحة الكيمياوية في المنازعات المسلحة سواء المخصصة ضد الإنسان او الحيوان أو النبات . ولقد تم اتخاذ هذا القرار بأغلبية 80 صوت وإمتناع 36 عن التصويت ورفضته كل من الولايات المتحدة واستراليا والبرتغال [12] .

2- سابقة اتهام الإتحاد السوفيتي باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد المقاتلين الأفغان:

    في دورة الكونجرس الأمريكي رقم (98) ، تضمنت وثيقة مجلس النواب رقم (158) ،  رسالة الرئيس الأمريكي     ( رونالد ريجان ) بشأن عدم التزام الاتحاد السوفيتي باتفاقيات الرقابة على الأسلحة ، وقد تضمنت هذه الوثيقة اتهاماً صريحاً ومباشراً للإتحاد السوفيتي باستخدام الأسلحة الكيمياوية ضد المقاتلين الأفغان واعتبرت الإدارة الأمريكية ان ذلك الفعل يعتبر انتهاكاً لبروتوكول جنيف لسنة 1925.

    كما تذرعت بذلك الاتهام الذي وجهته الى الاتحاد السوفيتي حتى توقف التفاوض معه حول اتفاقيته ( SALT-1) و ( SALT-2) [13] .

    وكما لم يحرك مجلس الأمن ساكنا إزاء الإتهامات التي وجهت إلى الولايات المتحدة الأمريكية لإستخدامها الأسلحة البيولوجية في كوريا أو الأسلحة الكيمياوية في فيتنام ، فكذلك كان موقفه إزاء الإتهامات التي وجهت إلى الإتحاد السوفيتي بشأن إستخدام القوات السوفيتية للأسلحة الكيماوية ضد المقاتلين الأفغان .

    وفي ضوء هذه الوقائع يتضح ، عدم وجود سابقة لمجلس الأمن في توقيع  أي عقوبة أو إدانة أو مجرد التصدي بالبحث لأي مخالفة دولية لحكام برتوكول جنيف لسنة 1925 .

    واذا كان من الجائز إعتبار موقف مجلس الأمن تجاه العراق ، فيما يتعلق باتهامه بسابقة استخدام السلاح الكيماوي – على فرض ثبوت ذلك الإتهام –ومعاقبته على ذلك ، بمثابة تعديل عرفي في سلوك المجلس باتجاه توقيع العقوبة ذاتها – أي تدمير ونزع حيازة الأسلحة الكيماوية – على كل دولة تستخدم ذلك السلاح أو أي اسلحة محظورة دوليا ، إلا أن صمت مجلس الأمن إزاء اتهام باكستان لحكومة الهند بالسماح لقواتها الهندية المسلحة باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد المسلمين في إقليم ” كشمير ” المتنازع عليه بين الدولتين ، وعدم اكتراث مجلس الأمن بهذا الأمر[14]وثبوت حقيقة استخدام القوات الصربية المسلحة للغازات السامة والأسلحة الكيماوية ضد البوسنيين ، وهو ما اكدته منظمة                  ” هيومان رايتس ووتش” الأمريكية في تقريرها الذي اصدرته في 20 فبراير سنة1998 [15]  ينفي أي احتمال في ان تكون العقوبة التي وقعت على العراق بمثابة نهج جديد في تعامل مجلس الأمن مع الدول التي تستخدم هذه الأسلحة المحظورة . أو تتهم بذلك ، بل و دون أن يسعى المجلس إلى مجرد تقصي الحقيقة بشأنها على الرغم انه استند إلى مجرد اتهام العراق دون اقامة الدليل القاطع على ذلك ‍‍‍‍‍‍‌‌‍‌‍‌‍‌‍‌‍‌‍‌‍‌‍‌‍‍‍‍‍‍.

    لذا يكون استناد مجلس الأمن إلى مجرد اتهام العراق بارتكاب أو سابقة استخدام السلاح الكيماوي ، دون إقامة الدليل المباشر والقاطع على ذلك او استنباطا من مجموعة الفروض التي تتكاثف في شان تقرير مسئوليته عن ذلك الفعل ، لتبرير معاقبته بنزع ما يمتلكه من هذه الأسلحة ، لا يتصف بالمشروعية ، خاصة وإن تاريخ تعامل المجلس في مثل تلك الحالة أو الوقائع المماثلة – والتي ثبتت حقيقة بعضها – لا يبرر قرار المجلس ، اضافة الى ان سلوك المجلس فيما بعد – أي في التعامل مع الوقائع والحالات المماثلة التالية على صدور القرار محل البحث – ينفي اعتبار قراره تجاه العراق بمثابة تعديل عرفي في سلوك مجلس الامن في هذا الشأن .

ثانيا : مدى مخالفة العراق لمعاهدة حظر إنشاء الاسلحة النووية لسنة 1968 .

    لقد كان تصرف العراق بما يتنافى مع التزاماته المقررة بموجب معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية ، احد مبررات مجلس الامن لاتخاذ الإجراءات الخاصة بنزع اسلحة الدمار الشامل العراقية ، حيث تضمنت ديباجية القرار رقم 687     (1991) اشارة المجلس الى ما يساوره من قلق بسبب التقارير التي لدى الدول الاعضاء والتي تفيد بان العراق قد حاول الحصول على مواد لبرنامج لانتاج الاسلحة النووية بما يتنافى مع التزاماته المقررة بموجب معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية [16] .

    ومن هذا يتضح ، ان المخالفة التي ركن اليها مجلس الامن واعتبرها انتهاكا من العراق لالتزاماته المقررة بموجب احكام معاهدة حظر انتشار الاسلحة   النووية ، هي مجرد الحصول على مواد لبرنامج لإنتاج الاسلحة النووية . اما عن مصدر هذه المعلومات التي استند اليها مجلس الامن في توجيه هذا الاتهام للعراق ، فقد اشار المجلس الى انه استقاها من تقارير الدول الاعضاء.

    لذا يجب مناقشة مدى حقيقة وقوع هذه المخالفة . والمعيار الذي استند اليه مجلس الامن للتثبت من حقيقة وقوعها ، في ضوء ما جاء بديباجة هذا القرار .

  • معيار تحديد الغرض من البرامج والقدرات النووية .

    اذا كانت غالبية الدول – اعضاء المجتمع الدولي – قد وافقت على المعاهدات الخاصة بنزع اسلحة الدمار الشامل ، واخصها معاهدة  حظر انتشار الاسلحة النووية ، الامر الذي رفع هذه المعاهدات الى مصاف المعاهدات الشارعة التي ترسي قواعد جديدة في القانون الدولي ، لاسيما في مجال التسلح النووي [17] إلا ان معظم هذه المعاهدات – ومنها معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية – قد عابها عدم تناولها لنصوص خاصة بالرقابة على تنفيذها ، وهو ما انعكس على سياسة الدول الكبرى ذات القدرات النووية التسليحية في وضع ضمانات رقابية خاصة بها تتبع تعليمات اجهزتها الامنية القومية .

    اما فيما يتعلق بالدول غير الحائزة للأسلحة النووية ، فقد نصت المادة الثانية من هذه المعاهدة على تعهد هذه الدول بقبول الضمانات المنصوص عليها في اتفاق يجري التفاوض عليه وعقده مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وفقا للنظام الاساسي لهذه الوكالة [18] .

    ولما كان من الثابت لدى خبراء نزع لسلاح ، والكتابات التي تناولت هذا المجال بالبحث والدراسة ، خاصة في مجال التسلح النووي ، انه لا يمكن الفصل بين عمليات استخدام الطاقة الذرية في الاغراض السلمية واستخدامها في الاغراض العسكرية [19] ، فان النتيجة المنطقية المترتبة على ذلك ، ان يكون اتهام العراق بمحاولة الحصول على مواد لبرنامج الاسلحة النووية ، دون تحديد المعيار الذي تم الاستناد اليه للقطع بذلك من الناحية الفنية والعلمية – رغم صعوبتها – ودون النظر الى راي الوكالة الدولية للطاقة الذرية للوقوف مبدئيا على مصداقية التقارير التي اشار اليها المجلس في هذا الشان ، لابد وان يطعن في صحة قرار المجلس استنادا الى ما ورد في تلك التقارير .

  • مدى تاثر مصداقية التقارير بعد تحديد مصادرها .

    ان الحديث عن مجازاة العراق نتيجة لمخالفته لإحكام معاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية في ضوء مبدأ شرعية الجريمة والعقاب ، لا يمكن ان يتم إلا في ظل اسانيد ودلائل يمكن تقديرها وفق المعايير القانونية والحقائق التي يشهد لها بالمصداقية .

    فإذا جاء مجلس الامن وقد عاقب العراق لمخالفته لالتزاماته المقررة بموجب تلك المعاهدة واعلن ان سنده في هذا هو تقارير الدول الاعضاء ، لابد وان يخرج البحث عن الاطار القانوني والتحليل العلمي القائم على الحقائق الموضوعية الى مجال البحث في البواعث السياسية ، وخاصة وان مجلس الامن لم يحدد هذه الدول التي كانت مصدرا لتلك التقارير ، وما اذا كان المقصود بالدول الاعضاء – التي هي مصدر التقارير المزعومة – اعضاء في مجلس الامن ؟ ام اعضاء في المنظمة الدولية على وجه العموم ؟. وترجع اهمية هذاالتحديد – المفقود في نص القرار – الىما يتمتع به مجلس الامن من اختصاصات في مجال تنظيم التسليح ونزع السلاح بموجب نص المواد (11،26،47) من الميثاق ، الامر الذي يضفي على تقارير اعضاء ذلك المجلس نوعا من الاهمية والاعتبار – رغم ان دور المجلس في هذا الشأن لا يعني سلطة متميزة في مجال نزع السلاح ومتعدية الى اسلوب القهر والمنع – خاصة اذا لاقت تلك التقارير قبولا من هؤلاء الاعضاء .

    غير ان المجلس تعمد التجهيل في شان بيان مصدر تلك التقارير ، مكتفيا باشارته الى الدول الاعضاء دون تحديد ، الامر الذي يتاكد معه صعوبة التحقق من مصداقية هذه التقارير والاستناد اليها للقطع بمسؤولية العراق عن مخالفة التزاماته المقررة بموجب معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية بل يعد تصرف مجلس الامن ذاته  عندما استند الى تقارير بعض الدول الاعضاء لتأسيس مخالفة العراق لمعاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية – مخالفا لما يقضي النظام الاساسي للوكالة الدولية للطاقة الذرية في شان كيفية استقاء المعلومات والتقارير حول مخالفة الدول الاعضاء في المعاهدة  ، حيث يقضي نظام الوكالة الدولية للطاقة الذرية بانه في حالة عدم التزام أي من الاعضاء بما تفرضه هذه المعاهدة من احكام ، فان مجلس المحافظين يقوم بكتابة تقرير بذلك الى الجمعية العامة         ومجلس الامن [20] .

    ورغم ان هذه المعاهدة لم تحدد نوع التصرف الذي يجب على مجلس الامن اتخاذه ، إلا ان البعض قد اشار الى ان مجلس الامن لا يستطيع الاستناد الى انتهاك او مخالفة الدولة العضو في هذه المعاهدة في تاسيس ودعم تقريره بان ذلك يشكل تهديداً للسلم والامن الدولي [21] .

    ومن ذلك يتضح ، وجوب استناد مجلس الامن الى تقرير مجلس المحافظين بالوكالة الدولية للطاقة الذرية بشان حقيقة مخالفة أي من الدول الاعضاء لما تفرضه احكام معاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية ، اضافة الى عدم مشروعيه تذرع مجلس الامن بوقوع هذه المخالفة في تبرير استناده الى سلطته المقررة بموجب احكام الفصل السابع من الميثاق بزعم ان تلك المخالفة تشكل تهديداً للسلم والامن الدوليين .

مدى صحة المخالفة الثانية :

    لم يؤسس مجلس الامن معاقبته للعراق ، بتدمير جميع قذائفه التسيارية التي يزيد مداها عن 150 كيلو متر والقطع الرئيسية المتصلة بها ومرافق اصلاحها وانتاجها [22] ، على مخالفة العراق لالتزامات معاهدة معينة ، حيث لا توجد أي معاهدة دولية سبق وان تناولت مسالة القذائف التسيارية  بالتحريم وما يتعلق بها من احكام [23] .

    وترتيباً على ذلك ، تكون مناقشة قرار المجلس في شان نزع وتدمير هذه القذائف التسيارية ومنظوماتها المرفقية الإصلاحية والإنتاجية في ضوء حقيقة استخدام العراق لهذه القذائف التسيارية ، وقصد المجلس من عبارة ” في هجمات لم يسبقها استفزاز” حيث ترجع اهمية تناول هذه المسالة بالمناقشة والبحث الى ارتباطها بمدى مشروعية قرار المجلس في شان نزع وتدمير ما يمتلكه العراق من هذه الصواريخ .

اولاً :- حقيقة استخدام العرق للقذائف التسيارية ومفهوم الهجمات التي لم يسبقها استفزاز :

    في هذه النقطة من البحث ، نتناول واقعة استخدام العراق – اثناء العمليات الحربية التي تمت بينه وبين قوات التحالف العدواني – للقذائف التسيارية ، وكذلك مفهوم عبارة ” هجمات لم يسبقها استفزاز” وذلك على النحو الاتي :-

أ- وقائع استخدام العراق للقذائف التسيارية :

    قرب نهاية الاسبوع الاول من بدء الهجوم الجوي والصاروخي المكثف الذي بدأته قوات التحالف العدواني ضد العراق والذي استهدف قصف وتدمير جميع المرافق التصنيعية التسليحية في جميع المجالات العسكرية ، اضافة الى تدمير القدر الاكبر من البنية التحتية الاقتصادية والصناعية الحديثة داخل العراق .

    وامام هذا الوضع ، قررت القيادة العراقية استخدام صواريخ ارض – ارض ضد كل من قوات التحالف العدواني المتمركز في الاراضي السعودية ، خاصة في مدينة (الظهران) ، وضد بعض المدن داخل اسرائيل ، خاصة مدينتي (تل ابيب وحيفا) ، حيث وصل عدد هذه الصواريخ – حتى نهاية القتال – الى (67) صاروخاً ، اطلق على قوات التحالف منها (31) صاروخاً وعلى الكيان الصهيوني (36) صاروخاً [24] .

    ولقد اعتبر العراق ان اطلاق هذه الصواريخ عمل عسكري ضروري ومشروع في اطار تطور مسار المعارك الحربية وكثافة وشدة القصف الجوي من قبل قوات التحالف التي لم تميز بين الاهداف العسكرية والمدنية [25] .

    غير ان مجلس الامن رفض هذه المبررات ، واعتبر ان العراق باستعماله هذه الصواريخ قد كشف عن قدرات تسليحية يمكن ان تهدد الامن والسلم الدوليين .

ب- مفهوم (الهجمات التي لم يسبقها استفزاز) في ضوء اهداف مجلس الامن من نزع اسلحة الدمار الشامل العراقية .

    امام صمت مجلس الامن وعدم افصاحه صراحة عن قصده من عبارة “الهجمات التي لم يسبقها استفزاز” ، كان لابد من العودة الى مناقشات اعضاء المجلس بشان تناول احكام القرار 687 (1991) اثناء عرض آرائهم والتحضير لعملية اتخاذه والتصويت عليه ، وكذلك ما ورد عن الفقه الدولي من آراء في ضوء ما اعلنه المجلس من اهداف في هذا الشان .

    فلقد كان اهم تفسير – ان لم يكن الوحيد- لورود هذه العبارة بنص القرار ، فيما يتعلق باستخدام العراق لقذائفه التسيارية ، هو ما اعلنه مندوب الولايات المتحدة الامريكية ، حين اكد على ان المقصود بذلك هو استخدام العراق هذه الصواريخ ضد الكيان الصهيوني ، والذي لم يكن في رايه في حالة حرب مع العراق مثل السعودية ، وقد اكد على ذلك بقوله “تلك الصواريخ التي أسيء استخدامها لمهاجمة دول ليست مشاركة في النزاع” [26].

    ولقد وجد هذا التفسير صدى بين بعض اعضاء المجلس ، كما ايده عدد من المحللين السياسيين [27] ، بل لقد اعتبر العديد من فقهاء القانون الدولي ، الذين تناولوا هذا الامر بالدراسة والتحليل ، ان مجلس الامن لم يقصد بهذه العبارة سوى نزع قدرات العراق التسليحية في مجال الصواريخ حماية للكيان الصهيوني دون غيرها من دول المنطقة ، وهو ما عبر عنه احد شراح القانون الدولي بقوله : “ان مناقشات مجلس الامن حول مدى الصواريخ التي يمكن السماح للعراق بحيازتها وهو ذلك الذي لا يزيد عن 150 كم وهو القدر الكافي لتامين                 الكيان الصهيوني ” [28] .

     وهو ما ذهب اليه عبد العزيز سرحان – وايده في ذلك عزيز شكري – من ان القرار 687 صدر لحماية الكيان الصهيوني ، وهو ما تأكد بإجازة مجلس الامن للعراق امتلاك صواريخ يصل مداها 150 كم وهو المدى الذي يستحيل ان يصل الى الكيان الصهيوني [29] .

    وفي ضوء التحليل السابق لمفهوم عبارة مجلس الامن الواردة بنص القرار رقم 687 (1991) ، لبيان مفهوم ” الهجمات التي لم يسبقها استفزاز ” ، نناقش مدى مشروعية نزع ما يمتلكه العراق من هذه القذائف التسيارية :

ثانياً : مدى مشروعية نزع وتدمير القذائف التسيارية العراقية ومرافق انتاجها واصلاحها :

    لقد كان استخدام العراق لقذائفه التسيارية ، ضد قوات التحالف العدواني في الاراضي السعودية والكيان الصهيوني ، بمثابة السبب الرئيس والمباشر لقرار مجلس الامن بنزع وتدمير ما يمتلكه العراق من هذه القذائف ومرافق وانتاجها واصلاحها ، إلا ان التحليل السابق لعبارة المجلس والتي وصف فيها تلك الهجمات بانها هجمات لم يسبقها استفزاز ، قد اسفر عن نتيجتين اساسيتين :

الاولى : ان اشتراك السعودية في هذه الحرب حدد قصد مجلس الامن من هذه العبارة وهو الهجوم  العراقي بتلك الصواريخ على الكيان الصهيوني بزعم عدم اشتراكه في العدوان ضد العراق .

والثانية : ان تحديد المدى الذي يمكن ان تصل اليه قذائف العراق التسيارية ، ويمكنه الاحتفاظ بها ، هو المدى الذي لا يشكل خطراً على امن              الكيان الصهيوني .

لذا تجب مناقشة هاتين النتيجتين في ضوء ما جاء باهداف مجلس الامن من نزع اسلحة الدمار الشامل العراقية بموجب احكام هذا القرار :

أ- حقيقة عدم اشتراك الكيان الصهيوني في الحرب العدوانية ضد العراق :

    اذا كان عدم اشتراك هذا الكيان في العمليات العسكرية التي قامت بها قوات التحالف العدواني ضد العراق هو القصد المباشر من عبارة المجلس التي وصف فيها تلك الهجمات بانها هجمات لم يسبقها استفزاز ، خاصة وقد تأكدت حقيقة اشتراك السعودية في هذه العمليات ووجود قوات التحالف العدواني على اراضيها وفي مياهها الإقليمية ، فان اعمال مفهوم المخالفة بشان هذا القصد لا يعني سوى ان ثبوت اشتراك الكيان الصهيوني في تلك العمليات ينفي مبرر إدانة العراق ، ومن ثم قرار المجلس بنزع قذائف العراق التسيارية وتدمير مرافق انتاجها واصلاحها ، وهو الامر الذي يستحق المناقشة ، خاصة وان العراق بين ان الكيان الصهيوني اشترك في العمليات العسكرية ضده بجانب قوات التحالف العدواني ، وهو ما نبحثه بايجاز فيما يلي :

    لقد كان للكيان الصهيوني موقف سياسي واستراتيجي ثابت وواضح ومحدد من مسالة تسلح العراق وتنامي قدراته التسليحية بشكل عام ، حيث سعى الى العمل على عدم امتلاك العراق للقدرات النووية ، ولم تنكر الحكومات الصهيونية المتعاقبة حقيقة هذا الموقف الثابت والحريص على اضعاف القدرات العراقية في هذا الشان .

    ولقد كان من اهم تلك التصريحات ، ما اعلنه رئيس الوزراء الصهيوني الاسبق “اسحق شامير” – اثناء الازمة وقبل اندلاع القتال بين قوات التحالف العدواني والعراق – حين اكد على “ان الكيان الصهيوني لن تسلم بإنهاء ازمة الخليج بأي تسوية تبقى على ترسانة الاسلحة العراقية كاملة حتى لو اضطرت في هذه الحالة الى مهاجمة العراق [30] .

ويعتبر هذا الموقف الاستراتيجي الثابت للكيان الصهيوني حيال العراق بمثابة امتداد مباشر للتوجهات الصهيونية المعلنة صراحة في هذا الشان ، حيث اعلن ” اوديد ينون” – احد مساعدي وزير الشؤون الخارجية الصهيوني الاسبق –  تصريحاً جاء فيه :

” ان العراق ، البلد الغني بالنفط وفي الوقت نفسه ضحية الفتنة الداخلية ، يعد ارضاً مناسبة للعمل بالنسبة للكيان الصهيوني ، وان تدمير هذا البلد يهمنا اكثر من تدمير سوريا ، بمعنى اخر ان القوة العراقية هي اكثر من يهدد الامن الصهيوني . ان كل حرب داخل العالم العربي تفيدنا في جميع الاحوال وتسرع من انقسام العراق الى طوائف دينية كما في سوريا ولبنان ، ويمكن ان يحدث انقسام لاراضي العراق كما حدث لسوريا ايام العثمانيين .. ويمكن ان تشكل ثلاث دول حول ثلاث مدن رئيسه : هي البصرة وبغداد والموصل ، وتكون المناطق الخاضعة لنفوذ الشيعة في جنوب العراق منفصلة عن السنة والاكراد في شمال العراق ” [31].

    لذا كان الموقف الصهيوني من العراق عاملاً مؤثراً ودافعاً لاشتراك الجيش الصهيوني في الحرب بجانب قوات التحالف العدواني ضد العراق ، سواء بشكل مباشر او غير مباشر ، الامر الذي تقطع بصحته وتكشفه الحقائق الاتية :

  • بتاريخ 11/12/1990 ، اعلن الرئيس الامريكي جورج بوش تصريحاً رسمياً جاء فيه ” ان الكيان الصهيوني حقيقة فاعلة في الشرق الاوسط ، ولابد ان يكون له رأي ودور في ازماته ، وان الولايات المتحدة تتمثل مصالحه في كل تصرفاتها [32] .
  • اكد الكاتب الامريكي بوب ود ورد ، في كتابه (القادة) وبالحرف الواحد : “انه في نهاية شهر ديسمبر 1990 أنشيء في اسرائيل مركز قيادة على اتصال بخط خاص مع القيادة العليا لقوات التحالف في الظهران ، وقد اطلق عليه اسم مخزن المطارق ، وقد بدأ يعمل يوم 13 كانون الثاني 1991” [33].
  • اعلن وزير الدفاع الامريكي الاسبق “ديك تشيني ” – في كلمة القاها امام اتحاد الجاليات اليهودية في الولايات المتحدة – قوله ” ان حرب الخليج جعلت الكيان الصهيوني والولايات المتحدة اكثر قرباً من بعضهما البعض من أي وقت مضى منذ انشاء الدولة العبرية .. ان علاقتنا بالكيان الصهيوني خلال حرب الخليج كانت وطيدة تماماً كما كانت من اربعة عقود من تحالفنا التاريخي .. لقد كنا نتحدث سوياً عدة مرات خلال الهجمات الصاروخية العراقية على الكيان الصهيوني ، كما ان التعاون بين الدولتين ساعدنا في الحاق الهزيمة بسلاح الارهاب “[34] .
  • نشرت مجلة “حمانيت” الصادرة عن جهاز الاستخبارات الصهيوني ، مقالاً جاء فيه : ” ان مشاركة الكيان الصهيوني في العدوان ، خاصة في مراحله الاخيرة كانت فعالة للغاية ، وبشكل مباشر .. وان هذا الدور لم يقتصر على المشاركة غير المباشرة ، من نقل المعلومات الى دول التحالف ، وكذلك وضع تقنيات عسكرية متطورة ، خاصة الطائرات الصغيرة ، من دون طيار صهيونية الصنع من طراز “بيونيو” و”سكاوت” وصواريخ “بوباي” وعتاد موجه توجيهاً دقيقاً مضاداً لوسائل الدفاع الجوي ، وانما شاركت ، مشاركة فعلية ببعض اسلحتها .. وانه لم يحن الوقت بعد لتوضيح كامل حجم ونوع هذه المشاركة .. ” [35] .
  • اعلن القائد الامريكي “نورمان شوارتزكوف” – قائد قوات التحالف العدواني تصريحاً جاء فيه ” ان الحرب التي قادها رجالنا في الخليج كانت من اجل الكيان الصهيوني . وقد عمل الرجال على تحطيم العدو الرئيسي في المنطقة ، وان الكيان الصهيوني قدم مساعدات قيمة ومهمة جداً في الحرب لا اريد الكشف عنها [36] .

    ولم تقف الاشارات الدالة على اشتراك الكيان الصهيوني الفعلي والحقيقي في الحرب العدوانية عند هذه الاعترافات من الجانبين الامريكي والصهيوني ، بل تناولها العسكريون من الذين شاركوا في هذه الحرب ، وايدها كثير من الكتاب في اشارة واضحة الى الاهداف الحقيقية لقوات التحالف العدواني ، غير المعلنة ، من ضرب القدرات العسكرية العراقية اثناء تلك الحرب ، وهو ما نوضحه فيما يلي : اعلن وزير الدفاع الفرنسي السابق “جان بيير شينفمان ” معبراً عن رايه في حقيقة تلك الاهداف ، قوله ” ان تدمير القدرة العسكرية والنووية العراقية الذي لم يكن بالتأكيد وارداً في قرارات الامم المتحدة قد خلص الكيان الصهيوني من القوة الوحيدة في المنطقة التي كانت قادرة على ان توازنها الى حد ما ” [37] وقد اكد على ذلك عبد العزيز سرحان ، بقوله : ” ان الاسلحة والقواعد الامريكية التي امدت الولايات المتحدة الامريكية الكيان الصهيوني بها طبقاً لاتفاقية التعاون الاستراتيجية قد لعبت دورها الهام في حرب الخليج ، فضلاً عن التعاون والتواطؤ بين اجهزة المخابرات الامريكية والصهيونية قبل واثناء وبعد حرب الخليج “[38] .            كما اكد عبد الله الاشعل ، على ” ان تحطيم القوة العراقية اصبحت مسؤولية قومية في الكيان الصهيوني جربتها ضد المفاعل العراقي سنة 1981 ، واغتيال علماء المشروع العراقي ، وقدرت ان القضاء على العراق كلية واي معادلة للقوة في المنطقة ، حتى لو كانت نظرية ، يجب ان يكون هدفاً صهيونيا يوظف له المجتمع الدولي وتمثله الشرعية الدولية الخاصة جداً ، وستارها الفضفاض             الامم المتحدة [39] .

    ومما سبق يتضح ، ان الهجوم العراقي على الكيان الصهيوني باستخدام الصواريخ بعيدة المدى لم يكن غير مبرر او دون استفزاز كما زعم مجلس الامن في قراره رقم 687 (1991) ، ولكنه تم في ظل اشتراك حقيقي وواقعي من الكيان الصهيوني في هذه الحرب الى جانب قوات التحالف العدواني ضد العراق ، الامر الذي ينتفي معه مبرر مجلس الامن في اتخاذ قراره بنزع وتدمير القذائف التسيارية العراقية ومرافق انتاجها وتصنيعها .

ب- مناقشة مدى مشروعية قرار مجلس الامن بنزع وتدمير القذائف التسيارية العراقية :

    يتضح من مناقشة قرار مجلس الامن رقم 687 (1991) فيما يتعلق بنزع وتدمير القذائف التسيارية العراقية ومراكز انتاجها وتصنيعها ، ان ذلك مرتبط بعدم مشروعية استعمال العراق لتلك القذائف دون مبرر مشروع او بحسب عبارة المجلس في “هجمات لم يسبقها استفزاز” وهو ما يعني ان مجلس الامن لم يستند في ذلك الى تحريم دولي او حظر تعاهدي لاستعمال هذه القذائف ، خاصة وانه لا توجد أي معاهدة او بروتوكول دولي تناول استعمال هذه القذائف بالمنع او التحريم او الحظر . ولا يعتبر استعمال العراق لهذه القذائف مختلفاً في شيء عن استخدام القوات الامريكية المعتدية لصواريخ “كروز” او “توماهوك” التي اصابت العديد من المدن العراقية اثناء العمليات العدوانية التي بدأت بهجوم جوي وصاروخي مكثف من قبل قوات التحالف على العراق ، اثناء ما سمي بحرب تحرير الكويت ، الامر الذي يسقط مبرر مجلس الامن في هذا الشان ، عندما وصف هجمات العراق بانها تمت دون استفزاز سابق ، الامر الذي اتضح بجلاء بعد بيان حقيقة اشتراك الكيان الصهيوني في هذه الحرب الى جانب قوات التحالف العدواني ضد العراق .

ومن هنا ، تبدو اهمية التساؤل عن مدى مشروعية قرار مجلس الامن بنزع ما يمتلكه العراق من هذه القذائف وتدمير مرافقها التصنيعية والانتاجية ؟ .

    وللإجابة عن هذا السؤال تجب مناقشته في ضوء كل من احكام المواثيق والمعاهدات الدولية الخاصة بحظر وتحريم امتلاك هذه القذائف والهدف الاساسي المعلن من قبل مجلس الامن في تبرير قراره ازاء العراق والخاص بنزع اسلحة الدمار الشامل .

أ- مدى مخالفة العراق لالتزاماته الدولية في شان امتلاك القذائف التسيارية .

    يكاد يجمع الفقه الدولي والخبراء في مجال نزع السلاح والاستراتيجية العسكرية على انعدام اية مواثيق دولية او اجهزة رقابية تناولت بالالزام حظر امتلاك او تصنيع هذه القذائف التسيارية ، وان كان البعض قد اعتبر ذلك قسوراً في تناول وتغطية مسالة الصواريخ الباليستية بموجب احكام ومواثيق ضبط  التسلح [40] فقد استمد البعض الاخر من تلك الحقيقة حجته في التاكيد على عدم وجود اساس قانوني دولي لازلة تلك الانظمة – القذائف التسيارية – الامر الذي يترتب عليه عدم مخالفة العراق لاية مواثيق دولية وقع عليها في هذا الشان ، بل لا توجد اصلاً ثمة مواثيق خاصة بازالة تلك الانظمة من دولة امتلكتها بالفعل [41] .

    ومن الثابت انه لا توجد في شان مسالة ضبط ما تمتلكه الدول من هذه القذائف الا بعض المعاهدات التي انحصرت فيما بين الاتحاد السوفيتي – سابقاً- والولايات المتحدة الامريكية ، والتي تميزت بطابعها الرضائي في اطار العلاقة الثنائية لهاتين الدولتين كطرفين رئيسين فيما كان يعرف بالحرب الباردة .

    كما لم يسبق ان تعامل التنظيم الدولي المعاصر ، خاصة في ظل اليات عمل منظمة الامم المتحدة في مجال نزع السلاح ، في موضوع ضبط مسالة امتلاك الدول الاعضاء لهذه القذائف ، ولم يتخذ مجلس الامن قراراً بشان هذه الدول او استعمالها لهذه الاسلحة رغم استخدامها بالفعل في منازعات دولية مسلحة سابقة على حرب التحالف العدواني .. فلقد استخدم كل من ايران والعراق لهذه القذائف التسيارية اثناء الحرب بين البلدين ، والتي امتدت ثماني سنوات ، ولم يتخذ مجلس الامن أي اجراء او تدبير ضدهما في شان امتلاكهما لهذه الاسلحة واستعمالهما لها بالفعل .

    وكذلك استخدم الكيان الصهيوني هذا النوع من القذائف اثناء غزوه وعدوانه على لبنان في حزيران سنة 1982 ، حيث قام باطلاق صواريخ بعيدة المدى من طراز “زئييف” ذات المدى التكتيكي ما بين 80 – 110 كم ضد مواقع بطاريات الصواريخ السورية في لبنان ، وذلك بهدف فتح ثغرة في شبكة الدفاع الجوي السوري حتى تؤمن عمل قواتها الجوية خلال عملية الغزو . ولم يتحرك مجلس الامن ازاء هذا الهجوم الصاروخي الصهيوني ، ولم يتخذ ضده أي نوع من التدابير ، بل حدث ذلك تحت نظر ووجود القوات الامريكية البحرية في مسرح العمليات القتالية في مياه البحر المتوسط ، الى ان تدخلت هذه القوات بالفعل بزعم العمل على وقف القتال ، منتهكة بذلك سيادة لبنان ، وقد استغلت ذلك في تحقيق اغراض اخرى ، كان من اهمها : مساندة العدوان الصهيوني بشكل غير مباشر ، والمساعدة على بقاء قوات الاحتلال الصهيوني في الجنوب اللبناني ، ووضع حكومة عميلة تنال رضا السياسة الامريكية والاسرائيلية في المنطقة ، وضرب حركة المقاومة الفلسطينية المسلحة وشل حركتها .

    ومن ذلك يتضح ، عدم استناد قرار مجلس الامن في شان نزع وتدمير ما يمتلكه العراق من قذائف تسيارية الى مخالفة العراق لالتزامات ومواثيق دولية معينة ، وانتفاء سابقة اتخاذ مجلس الامن لهذا الاجراء ضد أية دولة من دول المجتمع الدولي سواء لامتلاك هذه الاسلحة او استعمالها بالفعل في نزاعات دولية مسلحة .

2- مدى مشروعية نزع وتدمير القذائف التسيارية العراقية في ضوء اهداف مجلس الامن المعلنة .

    على الرغم من تبرير مجلس الامن لإجرائه الصادر بنزع وتدمير القذائف التسيارية العراقية ومراكز انتاجها وتصنيعها باستخدام العراق لتلك القذائف في هجمات لم يسبقها استفزاز ، وقد اتضح ان المجلس قد قصد بتلك الهجمات ، ما قام به العراق من هجوم صاروخي على الكيان الصهيوني وقد زعم المجلس عدم اشتراك الاخير في تلك الحرب الى جانب قوات التحالف العدواني ، بخلاف السعودية التي كانت احدى الدول المشتركة والفاعلة  في هذه الحرب العدوانية ، خاصة وقد تمركزت تلك القوات على اراضيها وفي مياهها حيث استهدفتها هذه القذائف العراقية ، الا ان مجلس الامن قد ربط هذا الاجراء بهدفه العام الرئيس والذي اعلنه في هذا القرار وهو : “ان المجلس يضع في اعتباره هدفه المتمثل في احلال السلم والامن الدوليين في المنطقة [42]. الامر الذي يبدو وكأن نزع القذائف في ضوء هذا الهدف بمثابة اجراء قصد به المجلس حماية دول المنطقة من القذائف بعيدة المدى .

    ولكن وقد جاء قرار المجلس في هذا الشان وقد حدد المدى الذي يمكن ان تصل اليه القذائف العراقية – التي يمكن للعراق حيازتها- بحد اقصى قدره 150 كم ، فان هدف المجلس قد اصبح واضحاً وهو توفير الحماية والامن للكيان الصهيوني من خطر تلك القذائف [43].

لذا فان الشك لا بد وان يحيط بحقيقة هدف مجلس الامن في احلال السلم والامن الدوليين في المنطقة كما جاء في القرار حيث ان واقع الامر هو ان المجلس يسعى لضمان امن وسلم الكيان الصهيوني .

    واذا كان مجلس الامن قد اعلن استناداً الى سلطته المقررة بموجب احكام الفصل السابع من الميثاق فيما اتخذه من اجراءات ازاء العراق ، والتي شملت نزع اسلحة الدمار الشامل العراقية وما يمتلكه من قذائف تسيارية ، فان افتراض صحة ما اعلنه المجلس في هذا الشان وتمتعه بسلطة تقديرية لاتخاذ ما يلزم لحفظ السلم والامن الدوليين واعادتهما الى المنطقة ، فلابد الا تخرج قرارات هذا المجلس عن رقابة مدى مشروعية تصرفه بمقتضى تلك السلطة التقديرية ، وذلك حتى لا ينحرف بها الى تحقيق غرض او اغراض اخرى غير تلك التي من اجلها تمتع بتلك السلطة واتخذ قراراته بموجبها [44] .

ولما كان مجلس الامن قد حدد هدفه من نزع وتدمير ما يمتلكه العراق من هذه القذائف التسيارية ، وهو تحقيق واستعادة الامن والسلم الدوليين الى المنطقة .

    فان تحديد المجلس لذلك المدى ، الذي يمكن ان تصل اليه القذائف التسيارية التي اجاز للعراق الاحتفاظ بها – 150 كم – قد اتضح سببه ، وهو تحقيق امن الكيان الصهيوني ، جعل قرار المجلس يجسد انحرافاً بسلطته التقديرية – على فرض تمتعه بهذه السلطة في مجال نزع السلاح – مما يصيب هذا القرار بعدم المشروعية لتحقيقه اهدافاً غير تلك التي من اجلها صدر .

    فاذا اضيف الى ما تقدم ، ان مخاطر القذائف التسيارية تكمن في قدرتها على حمل الرؤوس النووية والكيمياوية والبيولوجية ، فان قرار مجلس الامن بنزع وتدمير كافة قدرات العراق النووية والكيمياوية والبايولوجية التسليحية ووضعها تحت الرقابة والسيطرة الاشرافية المستمرة ، والتي حددتها قرارات مجلس الامن في هذا الشان ، فان نزع وتدمير القذائف التسيارية العراقية يفقد مبرره ، لانه بتمام تنفيذ عملية نزع القدرات العراقية التسليحية تنعدم أية خطورة لتلك القذائف ، ولا تعدو حينئذ ان تكون مجرد اسلحة تقليدية لا تختلف عن الصواريخ التي استخدمتها القوات الامريكية في الحرب العدوانية ضد العراق من طراز ” كروز او توماهوك” رغم الفارق الهائل والشاسع بين التقدم الفائق لتلك الصواريخ الامريكية اذا ما قورنت بما يمتلكه العراق في هذا الشان .

    وبذلك لا يكون قرار المجلس بنزع وتدمير ما يمتلكه العراق من هذه القذائف التسيارية فيما يزيد عن 150 كم فاقداً لسنده القانوني وخارجاً عن هدف المجلس المعلن بما يجعل تصرفه في هذا الشان انحرافاً بسلطته المقررة لحفظ السلم والامن الدوليين فحسب ، بل يعتبر كذلك اجراءاً غير مبرر في ضوء انعدام خطر تلك القذائف بعد نزع ما يمتلكه العراق من اسلحة الدمار الشامل ، والتي تعتبر تلك القذائف مجرد اداة كي تصل تلك الاسلحة التدميرية الشاملة الى اهدافها .

    لقد اتخذ مجلس الامن قراره رقم 687 (1991) واسس مشروعية ما تضمنه هذا القرار من اجراءات على سلطته المقررة في الفصل السابع من الميثاق بهدف حفظ السلم والامن الدوليين ، اضافة الى زعم المجلس سابقة استخدام العراق لتلك الاسلحة والتهديد باستعمالها ضد دول اخرى .

    ولما كان قد اتضح لنا ضرورة ان يكون تنفيذ قرار مجلس الامن بنزع اسلحة العراق ذات الدمار الشامل في اطار احترام سيادة العراق واستقلاله وسلامته الاقليمية ، وهو ما حرص مجلس الامن على النص عليه في صدر هذا القرار ، وان أي اخلال بذلك يعني انتهاك سيادة العراق من قبل المجلس وهو ما يناقض قراراته ويقوض مشروعيتها ، وهو ما سوف نثبته الان .

    ان مفهوم الامن القومي للدولة يتمثل حده الادنى في حماية كيان  الدولة ، وان اول ما تعني به الدولة هو المحافظة على استقلالها وسلامتها الاقليمية كاحد اهم عناصر تحقيق الدولة لسيادتها ، وهو ما جعل السيادة والامن القومي امرين مرتبطين ، فالامن القومي يهدف الى حماية كيان الدولة بدفع الاخطار عنها وفي ممارسة الدولة لمظاهر سيادتها تحقيقاً لامنها القومي [45].

وترتيباً على ذلك ، ينبغي ان تكون الاحكام الواردة بنص القرار رقم 687        (1991) ، خاصة ما يتعلق منها بعملية نزع اسلحة الدمار الشامل العراقية ، غير متعارضة مع امن واستقلال العراق وسلامته الاقليمية .

    إلا ان افتراض -وهذا امر يجافي الواقع- مشروعية قرار المجلس بشان نزع اسلحة الدمار الشامل العراقية وان هذا الاجراء لن يهدد او يخل بامن وسلامة اقليم العراق – خاصة وان هذه الاسلحة ذات طبيعة هجومية – يتعارض تعراضاً تاماً مع حكم الفقرة (24) من القرار 687 (1991) ، والتي جسدت اخلالاً خطيراً بامن دولة العراق وسلامتها الاقليمية ، واصبح ارتباط حكم هذه الفقرة مع احكام القسم (جيم) من هذا القرار لا يعني سوى نزع سلاح العراق بالكامل أي بعبارة حظر التسلح ، الامر الذي يعرضه لجميع المخاطر الامنية المحتملة ويعصف بسيادته ، بما يتعارض مع نص قرار مجلس الامن ذاته ، ويشكل تناقضاً في احكامه ، بل قد يثير الشكوك بشان حقيقة الهدف من هذه الاجراءات الواردة فيه . وهو ما نتناوله تفصيلاً فيما يلي :-

نصت الفقرة (24) من القرار رقم 687 (1994) على :

” ان تواصل جميع الدول الحيلولة دون قيام رعاياها ببيع او توريد مايلي الى العراق ، او ترويج او تيسير هذا البيع او التوريد ، او اتمامه من اراضيها او استخدام السفن او الطائرات التي ترفع عليها لهذا الغرض :

  • الاسلحة والاعتدة ذات الصلة بجميع انواعها ، بما في ذلك على وجه التحديد البيع او النقل عن طريق وسائل اخرى لجميع اشكال المعدات العسكرية التقليدية ، بما في ذلك ما يوجه منها للقوات شبه العسكرية ، او قطع الغيار والمكونات ووسائل انتاجها لهذه المعدات .
  • المواد المحددة والمعرفة من الفقرتين 8 و 12 اعلاه غير المشمولة بخلاف ذلك اعلاه [46] .

ج- التكنولوجيا بموجب ترتيبات ترخيص او غيرها من ترتيبات النقل المستخدمة في انتاج او استخدام او تخزين المواد المحددة في الفقرتين                   (أ) و (ب) اعلاه .

د- الافراد او المواد للتدريب او خدمات الدعم التقني المتصلة بتصميم او تطوير او تصنيع او استخدام او صيانة او دعم المواد المحددة في الفقرتين الفرعيتين (أ) و (ب) اعلاه [47] .

    ويتضح من هذا النص ، ان مجلس الامن قد قرر بذلك ان تمتنع جميع الدول عن بيع او تجهيز او نقل الاسلحة ذات الصلة الى العراق وبما يشمل جميع انواع الاسلحة التقليدية وقطع الغيار والمعدات والخدمات الاستشارية ، كما عهد القرار رقم 700 (1991) الى لجنة المقاطعة والاشراف على تطبيق الحظر على الاسلحة والمواد العسكرية ، وقد تطلب هذا القرار تنفيذ هذا الحظر على ثلاثة مستويات من جميع الدول ومن قبل المنظمات الدولية ومن خلال التعاون والتنسيق بين الحكومات [48] .

    ولقد اعتبر مجلس الامن هذا المنع مستنداً الى قرار الحظر المستمر والذي تم تطبيقه على العراق بموجب القرار 661 (1990) والقرارات اللاحقة عليه والتي كانت تهدف الى انسحاب العراق من الكويت .

   غير ان ربط مجلس الامن تطبيق حكم الفقرة (24) سالفة الذكر بقراره رقم 661 (1990) يتعارض مع نص ديباجة القرار رقم 687 (1991) ، الذي اكد فيها المجلس على ترحيبه بتحرير الكويت واستعادة الحكومة فيها زمام السلطة والحكم ، وهو الامر الذي يعني ان اهداف القرار 661 (1990) والقرارات ذات الصلة قد تحققت ، وهو ما يظهر مدى التناقض بين استمرار الحظر المفروض على العراق بكل اشكاله خاصة تصدير الاسلحة التقليدية الى العراق وبين تحقق اهداف تلك القرارات .

    ولا شك ان النتيجة المنطقية لاستمرار حظر توريد الاسلحة والمعدات التقليدية العسكرية الى العراق هي ان يصبح العراق منزوع السلاح بشكل شبه كامل ، ومحروماً من الحد الادنى من درجات التسليح ، الامر الذي يترتب عليه ما يلي :

  • حرمان العراق من اهم مستلزمات تحقيق امنه القومي .
  • حرمان العراق من كفالة حقه المشروع في الدفاع عن النفس ، والذي يعتبر حق اصيلاً لا يتزعزع من صلب ميثاق الامم المتحدة وقواعد القانون الدولي وسيادته الراسخة [49] .
  • تعارض مركز العراق التسليحي واستقراره الامني ، في ظل حرمانه من ادنى درجات التسلح التقليدي ، مع حرص مجلس الامن ذاته على امن واستقرار المنطقة وهو الهدف الذي طالما اكد عليه ذلك المجلس في معظم قراراته ذات الصلة ومنها القرار رقم 687 (1991)، الامر الذي يبرز سوء نية او عدم تبصر ذلك المجلس بعواقب هذا الخلل الامني الخطير في المنطقة ، عندما يصبح العراق اقليماً شبه مستباح في ظل انعدام ادنى درجات التسلح الدفاعية التقليدية ، وهو ما ينفي عن مجلس الامن حسن تقديره لمسؤولياته المنوطة به .

    واذا كان العديد من الفقه الدولي قد اعتبر ما فرضه مجلس الامن على العراق من قيود او شروط لوقف اطلاق النار بموجب نص القرار رقم 687 (1991) بمثابة شروط املائية فرضتها قوات التحالف المعتدية على العراق ، فان موقف مجلس الامن بشان حرمان العراق حتى من اسلحته التقليدية الدفاعية يتعارض مع ابسط قواعد الحروب التقليدية والثابتة فيما قبل عصر التنظيم الدولي ، حيث كان المنتصر يسمح للطرف المغلوب ان يحتفظ ببعض الاسلحة الدفاعية على سبيل الوقاية اذا ما نكث المنتصر بوعده [50] .

    ولقد وجه العديد من الفقه الدولي سهام النقد لما تضمنته الفقرة (24) من هذا القرار في شان حرمان العراق من اسلحته التقليدية الدفاعية ، خاصة وقد تم ربط امكانية رفع الحظر الدولي المفروض على توريد هذه الاسلحة الى العراق بموافقة مجلس الامن عن طريق اللجنة الخاصة المنشاة بالقرار رقم 661 (1990) والياتها التنفيذية الواردة بالقرار رقم 700 (1991) :

    حيث رأي البعض ” ان هذه الاجراءات التي تضمنها القرار 687 ليس لها سوابق في التنظيم الدولي وخاصة في تاريخ الامم المتحدة ولكنها تشبه بعض معاهدات الصلح التي يفرض فيها المنتصر شروطه على الطرف المغلوب ، مع فارق مهم جداً ، هو ان مجلس الامن اصبح مسؤولاً باسم المجتمع الدولي كله عن الاشراف على حسن تطبيقها وهو وحده الذي يقرر ما اذا كان العراق قد استجاب بالكامل ام لا ، ومن ثم يحق له فرض ما يراه من اجراءات ضرورية لحمل العراق على تنفيذها . وبهذه الطريقة اصبحت العقوبات المفروضة على العراق مستمرة ولا يمكن رفعها الا بموافقة اغلبية من مجلس الامن ، ويتعين ان تتضمن بالضرورة جميع الاعضاء الدائمين بالمجلس [51].

    وقد شكك البعض الاخر في امكانية رفع هذا الحظر المفروض على العراق ، واكد على انه سيكون صدور مثل هذا القرار بالنسبة لرفع الحظر عن المواد العسكرية مستحيلاً او على الاقل مقارباً للمستحيل نظراً لسياسة الولايات المتحدة العدوانية تجاه العراق وتمتعها بحق الفيتو الذي لا يشك احد في انها ستستخدمه لمنع صدور مثل هذا القرار او تاخير صدوره ما دامت مصالحها تتطلب ذلك .. وان قرار مجلس الامن رقم 687 والقرارات الاخرى التالية له والمرتبطة به تشكل تقييداً كبيراً لسيادة العراق [52] .

    ولاشك اننا نؤيد هذا الاتجاه ، خاصة فيما يتعلق بتعنت بعض الدول دائمة العضوية بمجلس الامن ازاء امكانية رفع الحظر المفروض على توريد الاسلحة التقليدية الى العراق وذلك باستخدام حق النقض (الفيتو) ، ويعتبر الموقف الامريكي العدواني من الوضوح الكافي والغني عن البيان ، حيث يستوي لدى الولايات المتحدة الامريكية ان يملك العراق اسلحة تقليدية او غير تقليدية ولكن المهم هو اضعاف قدرة العراق التسليحية ، وهو ما صرح به رئيس هذه الدولة “جورج بوش” عندما اعلن في مؤتمر صحفي علني بتاريخ 2/11/1990 ، قوله : “نحن نسعى الى ازالة خطر القوة العراقية من المنطقة اساساً ، وانه فضلاً عن القوة العسكرية التقليدية فانه يجب تصفية الامكانات الكيمياوية والبيولوجية والنووية وان هذا الهدف لن يتغير حتى اذا قرر (صدام حسين) ان يسحب قواته من الكويت ” [53] .

    ومما سبق يتضح ، انه اذا كان من الجائز اعتبار قرار مجلس الامن بنزع اسلحة الدمار الشامل العراقية لا يجسد اخلالاً بامن العراق ، استناداً الى كون هذه الاسلحة لا تعتبر ركناً اصيلاً في منظومة الدفاع اللازمة لتامين اقليم الدولة ، الا ان ما جاء بالفقرة (24) سالفة البيان من هذا القرار يعتبر بلا شك نوعاً من النزع الكامل لسلاح العراق الدفاعي قبل الهجومي ، وهو الامر الذي يتعارض مع الحق الثابت والمقرر للعراق في امتلاك اليات الدفاع الطبيعي والمشروع عن النفس ، مثلها في ذلك مثل كل دولة من دول العالم المتمتعة بهذا الحق كاحد مظاهر سيادة الدولة ، كما يجسد حكم هذه الفقرة تناقضاً ظاهراً مع ما استهل به مجلس الامن هذا القرار بشان التاكيد على سيادة واستقلال العراق وسلامته الاقليمية والزام الدول الاعضاء باحترام ذلك .

    فاذا اضيف الى ما تقدم ، ان استمرار فرض العقوبات الاقتصادية على العراق رغم تحقيق اهداف قرارات المجلس التي تضمنت هذه العقوبات يشكل اخلالاً بالامن الاقتصادي العراقي كأحد روافد الامن القومي للدولة وبما يعكس استقرارها ومظهراً من مظاهرها السيادية ، فان سيادة دولة العراق لابد وقد حرمت عوامل الامن الدفاعي والاقتصادي ، وان تكون بذلك في موقع المعتدى عليه من قبل مجلس الامن ومنظومة قراراته العاملة في هذا الشان ، التي تكون بذلك قد فقدت شرعيتها وذلك لانحراف سلطة مجلس الامن عما هو مقرر في ميثاق الامم المتحدة .

الهوامش

[1]–  انظر نص ديباجية القرار 687 (1991 ) .

[2]–  تمام البرازي . العراق وامريكا ، حتمية الصدام . القاهرة . مكتبة مدبولي ، 1990. ص 83 .

[3]–  المصدر نفسه .  ص 85 .

[4]–  عبد العزيز سرحان . دور محكمة العدل الدولية في تسوية المنازعات الدولية وإرساء مبادئ القانون الدولي العام مع التعليق  على مشكلة الشرق الاوسط . ط2 . القاهرة . الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1986 . ص 43 .

[5]–  عبد العزيز سرحان . دور محكمة العدل الدولية . مصدر سابق . ص 56  .

[6]–   المصدر نفسه . ص59  .

[7]–  ولقد عبر الأستاذ  علي إبراهيم  عن عدم حقيقة ذلك الإتهام بقوله ” .. إن العراق لم يستخدم هذه الأسلحة المحرمة . وإن الدعاية كانت تهدف إلى إحراج العراق وإضعاف مركزه التفاوضي امام المفاوض الإيراني في جنيف ” أنظر  المفاوضات العراقية الإيرانية ومستقبل السلام في الخليج . مجلة السياسة الدولية ، عدد (99) سنة 1990 . ص 49 .

[8]–  عرفت المادة السابعة من ميثاق نورمبرج الجرائم ضد الإنسانية بانها تلك التي ستعمل القتل أو الأسر او التهجير أو النقل الإجباري للسكان ، وأي عمل غير إنساني آخر يرتكب ضد المدنيين خلال الحرب أو المعاملة الشاذة أو المحاكمات التي تتم لأسباب سياسية ، او راجعة إلى الأصل أو العقيدة الدينية .

[9]–  أمين سبا . نظرة متفحصة على اسلحة الدمار الشامل (1-4) . صحيفة الشرق الأوسط عدد 7016 في 12/2/1998 . ص17 .

[10]–  عبر عن ذلك أمين سبا ، بقوله : ” يحتوي هذا المركب على مادتي (T-2,4,5) و (D-2,4) إضافة إلى شوائب صناعية وهي مادتي (DIOXIN) و (DIBENZOFURAN) اللتان لهما تاثيرات صحية خطيرة على الانسان والبيئة وهو ما تعرض له الجنود الفيتناميين وكذلك تلوثت المياه وجميع عناصر البيئة ، بل اصابت الجنود الأمريكيين أنفسهم ” . انظر أمين سابا . المصدر نفسه. ص 16 .

[11]–  جمال الدين محمد موسى . اسلحة الدمار الشامل . الجزء الثاني . القاهرة . سلسلة العلم والحياة – الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1995. ص 161  .

[12]–  المصدر نفسه . ص162 .

[13]–  جمال الدين محمد موسى . مصدر سابق . ص 161 .

[14]–  المصدر نفسه . الصفحة نفسها .

[15]–  المصدر نفسه . ص 184 .

[16]  انظر نص القرار687 (1991)

[17]–  عبد الفتاح محمد اسماعيل . مصدر سابق . ص418 .

[18]–  انظر نص المادة الثانية من معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية لسنة 1968 .

[19]–  عبد الفتاح محمد اسماعيل . مصدر سابق . ص 425 .

[20]–  راجع : نص المادة السادسة عشر /باء من النظام الاساسي للوكالة الدولية للطاقة الذرية .

[21]   NORMAND,R. THE LEGITIMATION OF VIOLENCE : ACRITICAL ANALYSIS OF THE GULF WAR , HARVARD INTERNATIONAL LAW JOURMAL , VOL.35, NO2 , SPRING 1994 , P.214 .

[22]–  راجع : نص الفقرة 8 / باء من القسم (ج) من القرار 687 (1991) .

[23]–  محمد عبد السلام . مصدر سابق . ص 11 .

[24]–  مراد الدسوقي . عاصفة الصحراء – الدروس والنتائج . مجلة السياسة الدولية ، عدد (104) ، سنة 1991 . ص 14 .

[25]–  نبيه الاصفهاني . يوميات حرب الخليج . مجلة السياسة الدولية ، عدد (104) ، سنة 1991 . ص 76 – 102 .

[26]–   انظر : قرار وقف اطلاق النار خطوة رئيسية نحو السلام . نشرة الانباء العربية الصادرة عن وكالة الاعلام الامريكية في 4/4/1991 .

[27]–  محمد عبد السلام . . مصدر سابق . ص 18 .

[28]   NORMAND , R . OP.CIT.,P.71 .

[29]  محمد عبد السلام . مصدر سابق ، ص 21 .

[30]–  انظر :  وزارة الاعلام، الهيئة العامة للاستعلامات . ازمة الخليج – المواقف العربية والدولية . القاهرة . 1992 . ص 301 .

[31]–  مها البسطامي . النظام النووي والنظام الاقليمي الجديد في الشرق الاوسط وجهة نظر اسرائيلية في حرب الخليج ونتائجها  . القاهرة . دار قرطبة للنشر والتوثيق والابحاث  ، 1991 . ص 15 .

[32]–  ابينو عام بار يوسف : صحيفة معاريف الصهيونية في 29/3/1991 ، ترجمة الدار العربية للدراسات والنشر . القاهرة . عدد 67 سنة 1993 .

[33]–  محمد عبد السلام . مصدر سابق . ص 26 .

[34]–  المصدر نفسه . ص52 .

[35]–  سلاح الاستخبارات الاسرائيلية . مجلة حمانيت الصهيونية ، عدد سبتمبر 1991 ، ترجمة : الدار العربية للدراسات والنشر . القاهرة . سنة 1993 .

[36]–  وزارة الاعلام . ازمة الخليج .  مصدر سابق . ص 290 .

[37]–  جان بيير شيفمان . انا وحرب الخليج . ترجمة : حياة الحويك ، بديع عطية . عمان . دار الكرمل، 1992 . ص 104 .

[38]–   عبد العزيز سرحان . العودة لممارسة القانون الدولي  . مصدر سابق . ص 285 .

[39]–  عبد الله الاشعل . نحوقمة موضوعها الوجود العربي المستباح . صحيفة الاهرام ، بتاريخ 25/7/1999 . ص 10 ، والمعاد نشره في جريدة الثورة العراقية في 14/9/1999.

[40]   Normand . R. op.Cit , P.52 .

[41]–  محمد عبد السلام . مصدر سابق . ص 11.

[42]–  انظر : نص الفقرة رقم (24) من ديباجة القرار رقم 687 (1991) .

[43]   Normand . R . op, cit . P.55 .

[44]–  محمد عبد السلام . مصدر سابق . ص 98 .

[45]–  عبد الفتاح محمد اسماعيل . مصدر سابق . ص 470 .

[46]–  المقصود بذلك جميع المواد التسليحية الكيميائية والبايولوجية والقذائف التسيارية والمواد النووية المستخدمة في الاسلحة النووية ومنظومتها الفرعية .

[47]–  انظر : نص الفقرة (24) من قرار مجلس الامن رقم 687 (1991) .

[48]–  انظر : نص قرار مجلس الامن رقم 700 (1991) – وانظر كذلك : وثيقة مجلس الامن في هذا الشان رقم (س/ 22665) في 2/6/1991 .

[49]–  دونالد . ج برينان . طريق السلام الدائم – نزع السلاح والرقابة على الاسلحة . ترجمة راشد البراوي . القاهرة . مكتبة النهضة المصرية  ، 1992 . ص 271 .

[50]–  عبر عن ذلك الاستاذ  محمد علي محمود ، بقوله ” ليس من العدالة في شيء مطالبة العراق بتنفيذ قرارات مجلس الامن الظالمة التي تتعلق بنزع اسلحته ، لانها تعدم حق العراق في الدفاع عن النفس ، وهذا يثير تساؤلاً مهماً نتركه مفتوحاً هو : ما الاسلحة التي تحددها دول المنطقة للدفاع عن نفسها ضد اسلحة الدمار الشامل الصهيونية . عبد الفتاح محمد اسماعيل . مصدر سابق . ص 456.

[51]–  محمد عبد السلام . مصدر سابق . ص 48 .

[52]–  جميل محمد حسين . مصدر سابق . ص 236  .

[53]–  محمد عبد السلام . مصدر سابق . ص 68 .

المصدر: رسال ماجستير بعنوان السيادة و موقف الأمم المتحدة منها: دراسة في القضية العراقية، من اعداد الباحث عامر محمد محمود السعيدي، الجامعة المستنصرية، 2002

vote/تقييم
Previous page 1 2 3

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button