بالتزامن مع اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني ، مازال الفلسطينيون ضحية الإجرام والإرهاب والتوحش الصهيوني

اللواء د.  محمد أبوسمره ـــ رئيس تيار الاستقلال الفلسطيني ، وعضو المجلس الوطني الفلسطيني .

البريد الإليكتروني palwasat@hotmail.com

المقدمة :

يعيش شعبنا الفلسطيني المبُتلى الصابر المظلوم هذه الأيام في ظلال في الذكرى السنوية لقرار التقسيم الظالم لأرض فلسطين المقدسة ، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 29/11/1947، وحمل رقم (181) ، وسمح دون أي وجه حق لعصابات المستعمرين والمستوطنين الصهاينة بإقامة دولة يهودية صهيونية لهم على مساحة 57,7% (15,000 كـم2)  من أرض فلسطين التاريخية ، تقع على السهل الساحلي من حيفا وحتى جنوب يافا ، والجليل الشرقي وبحيرة طبريا وإصبع الجليل والنقب، حتى أم الرشراش (إيلات) ، بينما سمح للفلسطينيين العرب أصحاب الأرض الحقيقيين والتاريخيين والشرعيين بإقامة دولة عربية لهم على مساحة 42.3% (11,000كـم2) من أرض فلسطين التاريخية ، تقع على الجليل الغربي، ومدينة عكا، والضفة الغربية، والساحل الجنوبي الممتد من شمال مدينة أسدود مروراً بعسقلان المجدل ، وجنوباً حتى رفح، مع جزء من صحراء النقب على طول الحدود مع الشقيقة مصر ، ووضع القدس وبيت لحم والأراضي المجاورة لهما تحت الوصاية الدولية (أي التدويل). والحقيقة المؤلمة أنَّ قرار التقسيم وفرَ لعصابات المستعمرين الصهاينة الغطاء القانوني الدولي ، والشرعية الدولية لسرقة الجزء الأكبر من أرض فلسطين المباركة ، ونظراً لخطورة ما ارتكبته الأمم المتحدة من سماحها للمستعمرين الغاصبين الصهاينة بموجب قرار التقسيم بسرقة الوطن الفلسطيني ، ولشعورها بعقدة الذنب تجاه حجم المأساة الفلسطينية التي شاركت في صناعتها، فقد دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم (32/40)، بتاريخ 2 /12/1977، للاحتفال في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام بـ : ( اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني) ، وقررت تحويل هذه الذكري الأليمة إلى يومٍ للتضامن مع الشعب الفلسطيني ، ولكن بعدما تمكن  العدو الصهيوني من احتلال جميع الأراضي الفلسطينية ، ويسعى ليلاً نهاراً لطرد وتهجير من تبقى من الفلسطينيين صامدين ومرابطين فوق أرضهم المُقدَّسة ، إلى خارج وطنهم التاريخي فلسطين المحتلة ، في نفس الوقت الذي يعيش فيه ( البعض ) حالة من الندم على رفض القيادات العربية والفلسطينية في حينه لقرار التقسيم ، معتقدين أنَّ الرفض الفلسطيني والعربي أضاع على الشعب الفلسطيني  الفرصة لإقامة دولته الفلسطينية العربية على مساحة 42.3% من أرض فلسطين التاريخية ، ولكني على يقين من أنَّه فيما لو كانت القيادات الفلسطينية والعربية وافقت حينها على القرار، لما سُمح لشعبنا بإقامة دولتنا الفلسطينية العربية ، لأنَّ أعداءنا وأعداء أمتنا أرادوا من وراء قرار التقسيم منح الغطاء الشرعي والقانوني الدولي لإقامة الكيان الصهيوني ، وهم لايريدون منحنا الحق في الاستقلال والحرية والحياة ، إنما يريدون منح عدونا شرعية الوجود والاستعمار ، لذلك فنكبتنا الحقيقية تكرست يوم 29/11/1947.

كشف وتعرية العدو الصهيوني :

مع الاحتفال بيوم التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني المظلوم ، أصبحت صورة ووحشية وعنصرية وإجرام وعلو وإفساد الكيان الصهيونى واضحةً للرأي العام الدولي ، ولكل من كان مخدوعًا ومُضّلَّلاً بالرواية والمزاعم والأكاذيب والأساطير الصهيونية ، وبات واضحاً لكلِ حرٍ وصاحبِ ضميرٍ إنسانيٍ حي فى العالم، أنَّ : الكيان الصهيونى السرطانى الإستيطانى ، الغاصب لأرض فلسطين العزيزة المباركة ، هو المركز الرئيس للإرهاب العالمي والتوحش والجريمة المنظمة ضد الإنسان والشعب والوطن الفلسطيني والعربي والمسلم ، ولجرائم الحرب ضد الإنسانية ، حيث يمتلك هذا الكيان الإستعماري العنصري المتوحش أكبر شبكة إرهابية عالمية يديرها ويُشَّغِلهَا جيشه المتوحش والمتعطش للقتل والتدمير والتخريب وأجهزته الأمنية الإجرامية، وخصوصًا (الموساد)، والذى هو ليس إلاّ عصابة عنصرية إجرامية ساديَّة متوحشة، مكوَّنّة من القَتَلة المحترفين والإرهابين المجرمين المتوحشين، وقد نفَّذَ (الموساد) الصهيونى ـــــــ منذ تأسيسه ـــــ عمليات إغتيال إرهابية إجرامية مُنَّظَّمَة ووحشية ضد عشرات آلاف المدنيين والزعماء والنشطاء السياسيين، والقادة العسكريين والكوادر، والكتاب والإعلاميين والعلماء والمفكِّرين والمثقفين والدبلوماسيين الفلسطينيين والعرب والمسلمين ، بحجة تشكيلهم خَطَرًا على الأمن الصهيوني، مع تَّعَمُد المبالغة فى وصف القدرات الحقيقية لبعض المُستَهدَّفِين، كجزءٍ من الحرب النفسية والتهويل الإعلامى/ السيكولوجى ضد الفلسطينيين والعرب والمسلمين، من أجل الإيهام أنَّ : الدولة العبرية وأجهزتها العسكرية والاستخبارية ، قادرةً على الوصول إلى أي هدفٍ مهما كانت قوته، ومهما كان بعيدًا عنها.

الشبكة الصهيونية العالمية لصناعة الإرهاب :

تُشكِّل مصانع السلاح فى الكيان الصهيونى وشركات التجسس الإلكترونية الصهيونية التى ُتقدِّم خدمات مراقبة المواطنين والمؤسسات للحكومات والدول عبر العالم ، عُنصرًا مُهمًا فى الشبكة الصهيونية العالمية للإرهاب، ومصدرًا مُهمًا لتجارة الموت والقتل والإجرام والخراب في العالم ، ولجلب الأموال والمكاسب الأمنية واللوجيستية ، وتمكنت شركات التكنولوجيا الصهيونية من تطوير منظومات تجسس عالية تتيح مراقبة كافة وسائل الإتصال داخل دولها وخارجها، واخترعت نظاماً جديداً للتجسس  يتمكن من فك التشفير والوصول إلى حسابات البريد الإليكتروني.

ورغم التقدم التكنولوجى للكيان الصهيونى فى مجال الحرب الإليكترونية، والتجسس الإليكتروني، وتربُعه على قمة صناعة (الهايتك ) فى منطقة الشرق الأوسط ، فإنَّه كان دومًا وسيبقى عُرضَةً لهجماتٍ إليكترونية منظمة، وعمليات إختراق ذكية وكبيرة لحواسيبه وقواعد بياناته، ووزاراته وبنوكه ومؤسساته وجيشه وأجهزته الأمنية المختلفة ، ولكافة شرائح مجتمعه، يشنها محبو وأصدقاء ومناصرو الشعب الفلسطينى وقضيته الوطنية الإنسانية العادلة ، بالإضافة إلى محاولات المتابعة والاختراق والتجسس التى تتعرض لها المنظومة الإلكترونية الصهيونية من دولٍ وأطرافٍ وأفرادٍ وأجهزةٍ عربية وإقليمية ودولية، ومن المقاومة الفلسطينية واللبنانية والعربية .

إجراءات صهيونية وقائية ، لمنع الإختراق الإليكتروني :

اتخذت قيادة الجيش الصهيونى الكثير من الإجراءات استثنائية، فى أعقاب تكرار ظاهرة نشر الجنود الصهاينة صورهم وكشفهم لمعلومات مُصَنَّفة ، من بينها إطلاق قسم ( أمن المعلومات فى شُعبة الإستخبارات العسكرية الصهيونية ) لحملات عديدة على مواقع وشبكات التواصل الإجتماعى الإلكتروني، من أجل تحذير الجنود الصهاينة من مخاطر نشر معلوماتٍ سريةٍ على وسائل التواصل الاجتماعي، وأرسل في مراتٍ عديدة عناصر أمن المعلومات فى الوحدات المختلفة بالجيش الصهيونى رسائل مفبركة باللغة العربية إلى حسابات (فيسبوك)، و(إنستجرام) ، و( تويتر) الشخصية للجنود والضباط الصهاينة، ممن نشروا سابقًا صورًا أو تعليقات تتضمن معلومات عسكرية حساسة، وأوضح ـــــ سابقاً ـــــ مصدر عسكرى أمنى صهيونى فى ( قسم أمن المعلومات) فى جيش العدو لصحيفة ( يديعوت أحرونوت ) الصهيونية ، أنّ : ( الغاية من هذا الإجراء هي التوضيح للجنود حدود المسموح والممنوع، وتحذيرهم علنًا من خلال إضافة «لايك» باللغة العربية على الصور التي ينشرونها، لأن الفضول سيدفع هؤلاء الجنود إلى ترجمة الجملة التى أرسلناها إلى اللغة العبرية، حيث سيقرأون: اليوم هذا قسم أمن المعلومات فى الجيش، غدًا يمكن أن يكون العدو، وسيقود الضغط على الرابط إلى سلسلة قواعد وتحذيرات لكيفية التعامل مع الشبكات الاجتماعية) ، وكشف المصدر العسكري الصهيوني لصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبرية ، أنَّه : ( فى إحدى المرات صوَّرَ أحد الجنود قائمة الموجات الأثيرية لوحدته العسكرية، ونشرها على شبكة الإنترنت، وفتح جندى آخر حساب «فيسبوك» الخاص به، من داخل ثكنة إحدى وحدات النخبة التى يخدم فيها ) ، وأكد المصدر الصهيوني ، أنَّ : ( محور إيران، سوريا، وحزب الله يتابع الجيش الإسرائيلي، ليس فقط عن طريق وسائل التنصت الكلاسيكية التي كانت قائمة فى الماضي، إنما أيضًا هم يديرون محورًا مشتركًا من تبادل المعلومات الاستخبارية التى يتم تجميعها عن طريق الأنترنت وتعقب الشبكات الاجتماعية للجنود، وهذه الجهود دائمة ومهمة، ولذلك تحولت حماية المعلومات إلى أمر حرج، خصوصًا فى الساحة الشمالية، حيث عززنا وحدات وشُعبًا كاملة بعناصر أمن المعلومات ) .

وعلى ضوء ذلك منع (قسم أمن المعلومات) فى جيش العدو الجنود والضباط الصهاينة الذين يشغلون مناصب ووظائف حساسة من نشر أي صورٍ لهم وهم يرتدون البزات والملابس العسكرية على مواقع التواصل الإجتماعي، وفى بعض الحالات تم منعهم من نشر صور الوجه بشكلٍ واضحٍ، وانخفضت إثر هذه الإجراءات والتحذيرات أعداد الجنود الصهاينة الذين ينشرون معلومات مصنفة على الشبكة الإليكترونية.

وحدة التجسس العسكرية الإليكترونية الصهيونية ( 8200 ):

تعتبر (الوحدة 8200) التابعة لجهاز المخابرات العسكرية الصهيونية، أكبر جهاز للتنصت والتشويش والتجسس والتكنولوجيا الإلكترونية فى العالم بعد أمريكا، وينحصر عملها فى إطار (الحرب الإليكترونية) التي يخوضها جيش العدو، وهى الوحدة المركزية المسؤولة عن قيادة الحرب الإليكترونية فى جيش العدو وسلاح الاستخبارات الصهيونية، ويُشار إليها باسم: ( الوحدة الوطنية SIGINT ) ، وتعتمد على الدخول والتغلغل عبر شبكات ومواقع التواصل الاجتماعى بأسماءٍ عربيةٍ وإسلاميةٍ مختلفة ، وتفتح صفحات عامة وخاصة، وقد جندت آلاف الشباب والفتيات الصهاينة من طلاب الثانوية ليشكلوا أكبر جيش الكترونى لنشر الفكر الصهيونى والتوغل فى أعماق الفلسطينيين والعالم العربى والإسلامي، وتسميم ثقافة وفكر ووحدة الفلسطينيين والعرب والمسلمين ، وضرب قيمهم العقائدية والأخلاقية والإنسانية ، وتقاليدهم وأعرافهم وعاداتهم الإجتماعية، وتعمل هذه الوحدة على بث الفتن والأكاذيب والأضاليل ، وترويج الإشاعات المُغرضة ، واستهداف الناشطين والمثقفين، وتأجيج الفتن الدينية والمذهبية والطائفية والعرقية والإثنية والاجتماعية والثقافية.

عدوان صهيوني مستمر ومتواصل :

تعتبر الحرب الإليكترونية الإعلامية والنفسية الشرسة التى يخوضها العدو الصهيونى ضد شعبنا الفلسطيني المجاهد المرابط ، وشعوبنا العربية والإسلامية الشقيقة، أحد أهم أشكال الحرب والعدوان المُنَّظَّم والإفساد والتوحش والتدمير والتخريب التي يشنها العدو الصهيونى ضد الإنسان والشعب الفلسطيني الصابر المرابط ، بالإضافة إلى حرب الاستيطان ، ومصادرة وتهويد الأراضي الفلسطينية المحتلة والمقدسات الإسلامية والمسيحية ، وكذلك شن الإعتداءات والحروب المتكررة ضد قطاع غزة والضفة الغربية والقدس المحتلة ، وقتل وإصابة آلاف الفلسطينيين، وقصف وتدمير المنازل والمساجد والمدارس والجامعات والكنائس والمؤسسات الأهلية ، واعتقال آلاف الأسرى الفلسطينيين فى السجون الصهيونية ، من بينهم مئات الأطفال والفتيات والنساء في القطاع ، بالإضافة إلى اغتيال وإعدام الشبان والفتية والفتيات والنساء والرجال والشيوخ الفلسطينيين بدمٍ بارد فى القدس والضفة الغربية والمناطق المحتلة عام 1948 ، وارتكاب أبشع الجرائم اليومية، وممارسة أقصى درجات التوحش والإرهاب العنصرى والإجرام المنظم بحق كافة أبناء شعبنا فى عموم الأراضي الفلسطينية المحتلة ، وتدنيس وتهويد المقدسات الإسلامية والمسيحية، وخصوصًا الحرم القدسى الشريف والمسجد الأقصى المبارك ، الذي أُغتصب من حَرَمِه المُقدّس حائط وساحة البراق الشريف، وحي وباب المغاربة ، وحوَّل الاحتلال الصهيوني المجرم الساحة الشريفة والجدران المباركة في ساحة البُراق الشريف ، وباب وحي المغاربة إلى ساحة وحائط وكنيس يهودى صهيونى تلمودي، ودمّرَّ كذلك الاحتلال الصهيوني الغاصب باب وساحة وحارة باب المغاربة التابعة للحرم القُدسي الشريف ، وأزال عن الوجود كافة الملاحق التابعة للحرم الشريف من الجهة الغربية من بيوتٍ ومدارسٍ وقبور ومقامات للصحابة والتابعين والأئمة والعلماء ولقادة الفتوحات الاسلامية وأولياء الله الصالحين وكبار أعلام ورموز القدس المحتلة وفلسطين والأمة  العربية والإسلامية ( رضوان الله عليهم أجمعين) ، وكذلك الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل المحتلة ، ولم يترك الاحتلال الصهيونى العنصري المجرم مَعلَمًا ورمزًا إسلاميا وعربياً وتاريخيًا على امتداد أرض فلسطين العزيزة المُقدَّسَّة المحتلة ، إلاَّ وسعى لإزالته ومحوه عن وجه الأرض، أو مصادرته وتهويده .

جرائم حرب صهيونية منظمة :

تتواصل الجرائم الصهيونية المنهجية المنظمة ضد شعبنا وأرضنا وتاريخنا وحضارتنا وتراثنا ومقدساتنا ومساجدنا ومعالمنا التاريخية، وضد الإنسان والشجر والحجر والوجود والصمود والرباط الفلسطيني، وتعتبر جميع هذه الجرائم ، بموجب القانون الدولي ، والقانون الإنساني الدولي ، وكافة مواثيق الأمم المتحدة والشرعية الدولية ، جرائمُ حربٍ، وجرائمُ ضد الإنسانية، وإرهاب دولة مُنَّظم، وجرائمُ تندرج فى إطار التمييز العنصري، وتهدف جميعها لنسف وإزالة ومحو وتزوير الحقائق والثوابت الدينية والحضارية والتاريخية والواقعية على أرض فلسطين المباركة، وكسر إرادة وشخصية وكيانية وثبات وعنفوان وتكوين وثقافة الإنسان والشعب الفلسطينى الصامد المرابط ودفعه لليأس والإحباط ، وتشويه صورة الفلسطينى البطل ، وكذلك تشويه صورة وتاريخ وتضحيات مقاومته الوطنية الباسلة المستمرة لأكثر من مائةٍ عامٍ على التوالي ضد المشروع الصهيونى العنصرى الإستكباري الإحلالى، وضرب المشروع الوطنى الفلسطيني، وفرض وقائع ومعطيات ديموجرافية جديدة لمنع إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضى الفلسطينية المحتلة ، ومحاولة نسف الرواية القرآنية / الدينية / العقائدية، والحضارية / التاريخية الفلسطينية / الإسلامية / والعربية ، للصراع الحضاري/ العقائدي / الكوني القائم فوق أرض فلسطين المقدسة، وتكريس الأكذوبة والرواية والأساطير والأوهام والمزاعم التلمودية / الصهيونية، ثم تضليل وحشد الرأي العام الغربي والدولي ضد الشعب الفلسطينى المظلوم والأمة الإسلامية والعربية، والتأثير على الرأي العام الدولى ، وإعادة توجيهه نحو تصديق الرواية والمزاعم والأكاذيب والادعاءات والأساطير والأوهام الصهيونية والتلمودية …

معركة مستمرة دفاعاً عن الحق الفلسطيني في مواجهة الزيف الصهيوني :

رغم الانشغال العربي والإسلامي بالفتن الكبرى المؤلمة التي تعاني منها الكثير من الدول الشقيقة الرئيسة والكبرى والمهمة في مكانتها وموقعها وتأثيرها الجيوسياسي ، خصوصاً الشقيقة الكبرى مصر ، وسورياوالعراق وليبيا واليمن ، وغيرهم من الدول الشقيقة ، وكذلك نزيف الدم العربي والمسلم المستمر منذ عدة سنوات فى أكثر من دولة، والفتن الجوَّالَّة التي تتنقل من منطقة إلى أخرى، بالإضافة إلى الانشغال والاستنزاف الفلسطينى المؤلم والموجع فى تفاصيل الإنقسام البغيض اللعين والخلاف المؤسف المستمر ـــــ دون أي مبرر ـــــ للعام الثاني عشر على التوالي، إلا أنَّه فى ظل الصبر والصمود الفلسطينى الأسطورى والرباط والثبات فوق تراب وطنه المقدس، واستمرار التحرك والحراك الفلسطينى الفاعل والمؤثر داخليًا وخارجيًا للقيادة الفلسطينية والقوى الحية لشعبنا ، بمساندة غالبية الأشقاء العرب والمسلمين للدفاع عن الحق الفلسطينى الثابت والمُقدَّس ، ونتيجةً جملة من العوامل الداخلية والخارجية، الذاتية والموضوعية، الدولية والمحلية، بالإضافة إلى حملات المقاطعة الأوربية والدولية الناجحة ضد الكيان الصهيونى ، وخصوصاً حركة المقاطعة العالمية (B.D.S) التي أسهمت بشكلٍ كبيرٍ وواضح فى كشف وتعرية الكيان الصهيوني، وكذلك في نسف وتكذيب أساطيره وروايته ومزاعمه وادعاءاته وأباطيله وأوهامه ، وتراجع الكثير من التأييد والتعاطف الدولي والغربى معه، وتعزيز التعاطف والتأييد للشعب الفلسطينى المظلوم، فقد أسهم ذلك أيضًا فى تراجع أهمية وجود الكيان الصهيونى لدى دوائر القرار فى الولايات المتحدة والكثير من دول الغرب والعالم .

وفي هذا السياق ، كان موقع «لوب لوج» الإليكترونى الأمريكى ، قد نشر في عام  2016 نص الكلمة التي ألقاها السفير الأمريكى السابق فى المملكة العربية السعودية تشاس فيرمان، خلال ندوة عقدت بنفس العام ، فى العاصمة الأمريكية واشنطن عن : ( الأوضاع فى الشرق الأوسط، ومستقبل العلاقة الأمريكية / الصهيونية، والعربية ) ، وكشف فيها أنّ :( هناك انفصالاَ حقيقياً الآن بين الولايات المتحدة والدولة العبرية، وفُرَص المصالحة ضئيلة، وتبدو إمكانية قيام الدولة العبرية بتسوية الخلافات مع الشعب الفلسطيني، أو الشعوب العربية المجاورة معدومةً أكثر من أي وقتٍ مضى، نظرًا إلى سيطرة المستوطنين على السياسة الاسرائيلية ).

وقد أثار هذا الموقف والتصور الجريء للسفير فيرمان ـــــ حينها ، ومازال ــــــ الاهتمام والعديد من التساؤلات حول : ( مستقبل الصراع العربى / الإسرائيلي) ، و( مستقبل العلاقات الأمريكية / الإسرائيلية) ، وأكد فيرمان في كلمته أن : ( وتيرة الحملة الدولية لنزع شرعية «إسرائيل» سوف تتسارع مع غياب المساعي الإسرائيلية ، لجعل الأطراف الأخرى في الشرق الأوسط يقبلون بوجودها، ولم تعد الولايات المتحدة قادرة على حماية «إسرائيل» من عواقب سلوكها الذاتي، وان المصالح الإسرائيلية والأمريكية تتصادم بعددٍ متزايدٍ من الملفات، ومن بينها إيران والهيكل الأمنى فى منطقة الخليج، والتعاون مع تركيا، وباتت الخلافات الأمريكية الإسرائيلية تشمل العلاقات مع الإسلام بحد ذاته، وقد سعت الدولة العبرية إلى شيطنة الدين الإسلامى، وتلقَّت مساعدة كبيرة بهذا الإطار من ممارسات المتطرفين الإسلاميين، والولايات المتحدة لا تستفيد شيئاً، وتخسر كثيرًا من جراء السماح لمؤسسة دينية ؛”الدولة العبرية” بأن تقود سياستها الخارجية )، واعتبر فريمان أنَّ:( الشراكة الأمريكية مع السعودية ودول الخليج في خطرٍ أكثر فأكثر، وأنّ الدين الإسلامي هو في طبيعته متسامح وإنساني، ومنذ أحداث الحادى عشر من أيلول / سبتمبر، فإن حالة «الإسلاموفوبيا» فى أمريكا وتَّرَّت علاقة الصداقة بين الطرفين، وربما حان الوقت لتعترف أمريكا بأنّ خارطة «سايكس بيكو» قد تغيّرت، وفي حال زالت إسرائيل من الوجود، فإنّ ذلك لن يكون من خلال حرب عسكرية، ولكن بسبب الممارسات الإسرائيلية نفسها) ، ودعا فريمان : ( واشنطن إلى تعليق استخدام «الفيتو» في بعض القرارات الأمنية التي تدين إسرائيل واتخاذ إجراءات أخرى من هذا القبيل، وفي حال عدم تمكن واشنطن سياسيًا من إقناع إسرائيل بتغيير سلوكها، يجب النظر في كيفية الحد من الضرر الذي سيلحق بأمريكا بينما تدمر إسرائيل نفسها) ، وشدد على : ( ضرورة عدم دعم سياسات إسرائيلية تعتبرها واشنطن مضللة، ويجب على أمريكا أن تتعاون مع إيران عندما ترى أنّ المصلحة تقتضي ذلك، دون الإذعان للاعتراضات الخليجية أو الإسرائيلية ، وقد حان الوقت لإعادة هيكلة العلاقات الأمريكية مع دول مجلس التعاون الخليجى وإيران، بما ينسجم والتحديات فى عهد ما بعد «سايكس بيكو» والحرب الباردة، وان المزيد من المرونة فى العلاقات الأمريكية مع الخليجيين العرب، وكذلك مع إيران أمرٌ ضرورى من أجل إنهاء الحرب الباردة مع إيران، والحروب الساخنة فى أماكن أخرى من المنطقة)، وتحدث فريمان عن :( ضرورة توازن القوى فى منطقة الخليج ، وأن تعمل واشنطن على تدويل مهمة ضمان أمن إمدادات الطاقة، وحرية الملاحة فى المنطقة).

الخاتمة:

بدأت تظهر بوضوح فى الولايات المتحدة وأوربا والعديد من دول العالم، بالإضافة إلى الجهود والمبادرات والأنشطة التي تقوم بها الهيئات والمنظمات والدول الصديقة المتعاطفة والداعمة والمؤازرة والمساندة للشعب الفلسطينى ولحقوقه ومطالبه المشروعة العادلة ، والمؤمنة بمظلومية وعدالة وإنسانية وطهارة قضيته في العديد من دول العالم، ولهذا فلابد من مضاعفة الجهود الفلسطينية والعربية والإسلامية والإنسانية لحشد المزيد من التأييد والدعم للقضية الفلسطينية، ومضاعفة مستوى المقاطعة الغربية والعالمية للكيان الصهيونية ومستوطناته وجامعاته ومؤسساته وأجهزته، وعلينا أن نكون نحن أصحاب القضية العادلة والأرض والوطن والحق الشرعى والتاريخى بمستوى المرحلة والفعل، والتجاوب مع كافة الجهود المصرية الكبيرة والعظيمة  لتوحيد صفوفنا، وطي صفحة الانقسام الأسود الملعون ، وإعادة قضيتنا الفلسطينية العادلة إلى موقعها المركزى والأساس والرئيس لدى الأمتين الإسلامية والعربية، ووضع حد لإرهاب وجرائم وتوحش وعلو وإفساد العدو الصهيوني، وإعادة بناء المشروع الوطنى الفلسطينى، ليشمل الكل الفلسطينى، خصوصًا أنَّ الظروف والمعطيات العالمية باتت مهيأة ــــ أكثر من أي وقتٍ مضى ــــــ لتصديق الرواية والرؤية الفلسطينية / الإسلامية / العربية، حول جوهر وحقيقة وطبيعة الصراع مع المشروع والعدو الصهيوني الإستكباري الإفسادي الإحلالي العنصري ، والتعاطف مع مظلومية ومعاناة وعذاب ومظلومية الشعب الفلسطينى ، وعدالة وإنسانية قضيته ، وهذا يستدعي من الكل الفلسطيني ، مدعوماً بجهود النخبة العربية والإسلامية ، وجميع المتخصصين والمؤرخين والكتاب والباحثين ، سرعة إنجاز واستكمال صياغة الرواية الفلسطينية / العربية / الإسلامية ، من كافقة الجوانب ، لحقيقة وجوهر الصراع الكوني القائم على أرض فلسطين المباركة ، بل توثيق وحفظ وكتابة كافة مراحل كفاح ونضال ومقاومة وبسالة الشعب الفلسطيني في مواجهة المشروع الصهيوني منذ منتصف القرن قبل الماضي ، حتى لاتضيع مع مَنْ يرحلوا أكثر صفحات النضال والكفاح الفلسطيني نصاعةً وبسالةً ومجداً ، وحتى لايستطيع أحد تزوير التاريخ الفلسطيني الحديث ، نحن بحاجة إلى جهد جماعي لصياغة الرواية الكاملة من وجهة النظر الفلسطينية للصراع العربي / الإسرائيلي ، حتى لاتضيع التفاصيل الهامة ، وحتى نحفظ حقنا وتاريخنا الفلسطيني من الضياع .

 

 

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button