زيارة ترامب إلى المنطقة فرص تشكيل تحالف ضد التطرف والإرهاب

عامر مصباح (جامعة الجزائر 3)
أعلنت وسائل الإعلام الأمريكية عن عزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زيارة السعودية في 19 مايو القادم، والاجتماع بزعماء الدول العربية والإسلامية في الرياض كأول زيارة له إلى الخارج يبدأها من الشرق الأوسط؛ في إشارة منه أن المنطقة مازالت تحتل أهمية كبيرة في السياسة الخارجية الأمريكية، حتى بعد تخطي الولايات المتحدة السعودية في مبيعات النفط في الأسواق العالمية.
لكن بالعودة إلى الخلف عام 2009، زار الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما المنطقة وألقى خطابه الشهير في جامعة القاهرة داعيا إلى احترام الإسلام وبناء السلم؛ لكن لم تكد تنتهي عهدته حتى ترك المنطقة تغوص في فوضى أمنية كبيرة، حمل إليها الربيع العربي والدمقرطة وانقلب عليها، وأشعلت إدارته الحروب الأهلية وجاء قادة إلى الحكم أسوأ من سابقيهم (مصر على وجه الخصوص).؛ ناهيك عن انهيار أسعار النفط وزيادة التخلف الاقتصادية وارتفاع أعباء الحروب الأهلية والأزمات الإنسانية التي تضرب المنطقة.
حمل ترامب شعارات في حملته الانتخابية تسيئ للمسلمين وأججت مشاعر الكراهية ضدهم في الولايات المتحدة وعبر العالم، ولم يوضح موقفه من الاسلام المعتدل، والإسلام السياسي، والديمقراطية، وغيرها من القضايا التي تهم شعوب المنطقة قبل الحكومات. في مقابل ذلك، ردد كثيرا في الفترة الأخيرة عبارات العداء ضد إيران، وهو الموقف الذي سوف يؤجج الحروب الأهلية المذهبية، ويعمق مشاعر الكراهية بين المكونات المجتمعية داخل المجتمعات العربية، ويعزز الحروب بالوكالة بين إيران والسعودية؛ وهو الوضع الذي سوف يرفع من أعباء الحروب الخاسرة التي لا تعني الشعوب، وفي نفس الوقت تحرف المسار عن دمقرطة المنطقة وتطويرها اقتصاديا؛ إن هذه السياسة من شأنها أن تضع الأولويات الأمنية والشؤون العسكرية على رأس أجندة المنطقة بدل الدمقرطة والتنمية، مما يعني زيادة النفقات العسكرية واستهلاك السلاح الأمريكي.
التطرف والإرهاب ليس قتال فوق حقل المعركة بين القوات الحكومية والجماعات المسلحة في المقام الأول، وإنما هو أفكار وإيديولوجيا وثقافة آخذة في الانتشار عبر إقليمي بسبب الفراغ السياسي الكبير في المنطقة، واتساع الفجوة بين الشعوب والحكومات، وزيادة دائرة التهميش؛ ومن ثم أي تحالف تريد الولايات المتحدة إقامته مع قادة العالم الإسلامي يجب أن يقوم على هذه الأسس والحاجات والتوقعات التي تسعى وراءها الشعوب. إن هناك معارك وحروبا اصطنعتها الحكومات في المنطقة، لكنها لم تمثل بديلا سياسيا عن الدمقرطة والتنمية وحقوق الإسان والتعددية السياسية والشفافية؛ وبالتالي كانت النتيجة اتساع دائرة الحرب المذهبية، والتطرف ونفوذ الجماعات الإرهابية.
إذا كانت المنطقة مهمة للولايات المتحدة كما تظهره هذه الخطوة الفريدة من نوعها، فلابد أن تكون أجندتها مركزة على القضايا الحقيقية لشعوب المنطقة (الديمقراطية، التنمية، الشفافية، حقوق الإنسان..)، وليس الوهمية منها (الحرب المذهبية، الحرب بالوكالة، الحرب على الإسلام السياسي…).

 

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button