قمة العُلا والمصالحة الخليجية – عرض لمحتوى المداخلات

قمة العُلا والمصالحة الخليجية (10/1/2021م)

  • الملخص التنفيذي
  • الورقة الرئيسة: د. سليمان العقيلي
  • التعقيبات:
  • التعقيب الأول: د. سعد بن طفلة (ضيف الملتقى)*
  • التعقيب الثاني: د. عبد الله العساف
  • التعقيب الثالث: أ. عبد الرحمن الطريري
  • إدارة الحوار: د. عادل القصادي
  • المداخلات حول القضية
  • التوصيات

 

 الملخص التنفيذي:

أشار د. سليمان العقيلي في الورقة الرئيسة إلى أن التطوُّرات الإقليمية والدولية ساعدت في التئام الأسرة الخليجية، لكن العامل الخارجي ليس وحده الذي دفع للمصالحة الخليجية؛ فحالة التيه التي واجهت مجلس التعاون شجَّعت على القناعة بعودة المعادلة السياسية السابقة التي ترتكز على الدور المحوري للشقيقة الكبرى (السعودية). وثبت للجميع أن أي محاولة لتغيير قواعد اللُّعبة ستحطم المعبد على رؤوس الجميع. ومما يفتقر إليه مجلس التعاون اليوم هو القدرة على المصارحة بعد المصالحة، وخلق الإجماع داخل المنظومة مما يسهل إنتاج الإستراتيجيات الأمنية والمواقف السياسية.

بينما أكَّد د. سعد بن طفلة في التعقيب الأول على أن هذه الأزمة الخليجية الحادة ستُلقي بتبعات ستبقى ندباتها في الأنفس لسنين طويلة ما لم يكن هناك إستراتيجية واضحة وشفَّافة وشجاعة بفتح كافة الملفات والتعامل معها بكل صدق وتفانٍ يفترض روح التنازل المسبق لدى كافة الأطراف، وهو ما لم يلمسه المراقب لتطورات الأزمة، وخطاب ما بعد القمة – بكل أسف.

أما د. عبد الله العساف فيرى في التعقيب الثاني أنه ربما يكون السؤال الأكثر إلحاحًا خلال الأيام الماضية، والذي دارت حوله الكثير من التكهنات يتمحور حول مَن الكاسب ومَن الخاسر في المصالحة الخليجية، وما مصير الثلاثة عشر شرطًا التي رهنت بها دول الرباعي العربي مصالحتها مع قطر، وهل تم الاكتفاء بالتزام الدوحة بالمبادئ الستة التي أُعلِنت في حينها؟ فهذه التساؤلات وغيرها لم تشغل الشارع العربي، بل ذهبت وسائل الإعلام على اختلاف مشاربها وتنوُّع مناهجها بالخوض في لُجتها، والبحث عن أجوبة لها، وربما السعي لتعكير صفو الأجواء الخليجية.

من جانبه أشار أ. عبد الرحمن الطريري في التعقيب الثالث إلى أن المصالحة الخليجية مثَّلت فصلًا آخر في دروس السياسة السعودية، وقراءتها للمتغيرات الإقليمية، بالإضافة لثقلها السياسي الذي يُمثِّل بوصلة تأثير لتغيُّر التوجُّهات الإقليمية.

وتضمَّنت المداخلات حول القضية المحاورَ التالية:

  • دور المملكة في تحقيق المصالحة الخليجية.
  • المكاسب المتحقَّقة من المصالحة الخليجية.
  • المهددات الكامنة في المصالحة الخليجية.
  • مآل المصالحة الخليجية: رؤية استشرافية.

ومن أبرز التوصيات التي انتهى إليها المتحاورون في ملتقى أسبار حول القضية ما يلي:

  • إيقاع عقوبات رادعة على كلِّ مَن يُوظِّف المحتوى الإعلامي المنشور في أي وسيلة إعلامية أو منصة إلكترونية في الإساءة لدول الخليج، أو للتشكيك في دور المصالحة الخليجية وأهميتها، مع الترحيب بالنقد البنَّاء والمنضبط بقيم مجتمعاتنا الخليجية وأعرافها.
  • بناء إستراتيجية شاملة متعددة الأبعاد لمجلس قوي ومتحد، تُوظَّف المزايا النسبية لدُولِه، وتحقق العبور بهذا الكيان كسادس أكبر اقتصاد في العالم عام 2030 وفقًا لرؤية الملك سلمان بن عبد العزيز في قمة الدرعية 2015.

 

  • الورقة الرئيسة: د. سليمان العقيلي
  • قراءة في قمة العُلا الخليجية وقرارها التاريخي بإنهاء الأزمة القطرية:

“انتهاء الأزمة الخليجية خبرٌ مهم، لكن رمال الشرق الأوسط تتحرك باستمرار ” بهذه الصيغة من عدم اليقين وصف سايمون هندرسون أحد كبار خبراء الخليج في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى المصالحة الخليجية التي أنتجتها قمة العُلا.

وأكد هندرسون في وصف لا يخلو من مبالغة ” أن أهمية انتهاء أزمة الخليج هي أكبر من اتفاقيات “التطبيع” الأخيرة التي أبرمتها إسرائيل مع الإمارات والبحرين”.

لقد أنتجت القمة التي استضافتها مدينة العلا السعودية – 300 كم شمال المدينة المنورة – عدة قرارات تتعلق بالمواجهة الخليجية المشتركة لجائحة كورونا صحيًّا واقتصاديًّا، لكن أكبر حدث سياسي سيذكره التاريخ لهذه القمة هو التسوية السياسية مع قطر، حيث تمَّ من خلالها فتح المنافذ البرية والبحرية الجوية السعودية أمام القطريين.

وقد وقَّع قادة الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي بحضور وزير الخارجية المصري ومستشار الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر في قمة العلا الخليجية (الثلاثاء 5 يناير 2021) اتفاقية، قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان: إنها تؤكِّد “تضامننا واستقرارنا الخليجي والعربي والإسلامي”.

وشدَّد على أن “هناك حاجة ماسَّة اليوم لتوحيد جهودنا، للنهوض بمنطقتنا ومواجهة التحديات التي تحيط بنا، لا سيما التهديدات التي يُمثِّلها البرنامج النووي الإيراني والصواريخ البالستية، وخططها (إيران) للتخريب والتدمير”.

  • مصالحة تدريجية:

والسؤال الذي تطرحه شعوب المنطقة اليوم، هل هذه المصالحة التي تقودها المملكة شاملة لجميع أطراف الأزمة، بما في ذلك الإمارات ومصر والبحرين وقطر التي وقَّعت البيان؟

يقول أنور قرقاش وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية في تغريدة له: “نحن أمام قمة تاريخية بامتياز في العلا، نُعيد من خلالها اللُّحمة الخليجية، ونحرص عبرها أن يكون أمن واستقرار وازدهار دولنا وشعوبنا الأولوية الأولى، أمامنا المزيد من العمل، ونحن في الاتجاه الصحيح “. وعبارتي “أمامنا المزيد من العمل” و”نحن في الاتجاه الصحيح” تعني أنهم لم يقطعوا الطريق كله “حسب المفهوم الإماراتي، وأن الأمر يحتاج لمزيد من الحوار.

ومن جهته، قال الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري: إن مسار المصالحة الخليجية الذي تم التوصل إليه في قمة مجلس التعاون الخليجي في السعودية، هو اتفاق مبدئي، بحيث تُحَلُّ القضايا العالقة بشكل ثنائي مع الدول الأخرى، ومنها مصر، مع تكوين لجان خاصة لمعالجتها. مُفيدًا بأنه ستكون هناك اجتماعات بين الدوحة والقاهرة حول الانشغالات الثنائية، موضِّحًا أن الدوحة مُستعِدَّة لتشكيل لجان ثنائية لمعالجة المسارات المختلفة.

وأضاف قائلاً: “سيكون هناك عودة للعلاقة إلى ما قبل (المقاطعة)، وبالتالي إنهاء كافة الخطوات الناجمة عنها، ومنها القضايا المرفوعة التي تجمد أو تسحب”.

ووصف المسؤول القطري ما حدث في العُلا، بأنها مصالحة خليجية، وليست فقط معالجة للمشاكل بين قطر والسعودية.

ومن جهته، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في مؤتمر صحفي عقب القمة: “ما حدث اليوم هو طي الصفحة بكل نقاط الخلاف، والعودة الكاملة للعلاقات”.

من الواضح أن الرياض والدوحة لديهما الرغبة الكاملة في طي الخلافات، وأنهما يملكان الإرادة الصلبة لفعل ذلك. لكننا لسنا متأكدين أن هذه النوايا موجودة بين الدوحة وبقية الأطراف.

ويبدو أن قطر يهمُّها أولًا السعودية ذات المكانة الإقليمية الوازنة، والتي تملك بيديها أغلب أوراق الضغط في الأزمة. وهي ربما ليست متعجلة في الحوار مع بقية الأطراف رغم أن وزير ماليتها طار إلى القاهرة مساء يوم القمة، مُظهرًا أن بلاده ترغب في المصالحة التدريجية. ويعتقد كثيرون أن الدوحة قد لا ترغب في أن تتنازل قناة الجزيرة (أداة قوتها الناعمة) عن أسلوبها النقدي المثير للجدل تجاه أربع دول عربية دفعة واحدة؛ مما يفقد هذه الشبكة أسلوبها الشعبوي بالغ الإثارة. ولطالما ربطت القناة سياستها التحريرية بالدبلوماسية الإقليمية للحكومة القطرية.

  • الدوافع والعوائد السعودية:

إن الرياض لم تُلِق بالًا للدعاية التي تبثُّها قناة الجزيرة لا من قريب ولا من بعيد. إنما ترتبط أهداف المملكة من وراء المصالحة بالمخاطر الجيوسياسية الإقليمية الناتجة عن تحوُّلات دولية وإقليمية. يقول موقع “ذا هيل” الأمريكي: إن إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن يروق لها بشدة أن تكون هناك مصالحة خليجية ونهاية لأزمة قطر التي بدأت منذ عام 2017، مشيرًا إلى أن إدارة بايدن لا تُريد أن ترث تداعيات الأزمة. ونقل الموقع الأمريكي عن حسين إيبش – الباحث المقيم بمعهد الخليج للدراسات في واشنطن – أن التقارب الخليجي الحالي ليس مصادفةً، وإنما يُبنى على إستراتيجية لفتح صفحة جديدة مع الإدارة الحالية (الجديدة).

وفي واقع الأمر، فإن القادة السياسيين في أوروبا وفي واشنطن والأمم المتحدة (بما في ذلك الأمين العام) رحَّبُوا جميعًا بحل الأزمة.

إن المملكة وقطر تحمَّلتا أكثر من غيرهما تكلفة هذه الأزمة؛ فالأولى تلقت على عاتقها المسؤوليات والأعباء السياسية، والثانية تحمَّلت أعباءً اقتصادية جمَّة، وتفيد تقارير غربية أن الاقتصاد القطري سينمو بسبب المصالحة وفتح المعابر والأجواء، والانفتاح على النظام النقدي الإقليمي في عام 2021 بنسبة 3%. أما المملكة فبقرار إنهاء المقاطعة، عادت للإمساك بزمام المبادرة السياسية في المنطقة.

ورغم أن البعض يُردِّد بصورة ساذجة أسئلةً من قبيل أن قطر لم تلتزم في بنود قائمة الشروط ال 13 التي وُضعت – بتقديري – لقطع الطريق على الضغوط، وليس إطارًا للتفاوض، فإنه ما من ريب أن العوائد السياسية الجمَّة ستنعكس على الجميع، وبالخصوص السعودية، وليس بالضرورة أن تأتي من قطر نفسها، ونُلخِّص العائدات السياسية فيما يلي:

  • تفكيك دائرة الأزمات التي تزايدت مع الأزمة الخليجية، وأصبحت تطوق المنطقة وتستنزف قواها السياسية.
  • ‏تعزيز المكانة الإقليمية للسعودية، وتكريسها مرجعًا لأشقائها في بيئتها السياسية كما كان دورها التاريخي.
  • ‏توفير مساحة أوسع من فرص المناورة السياسية أمام المملكة في حالة تعرُّضها لضغط وابتزاز إقليمي أو دولي.
  • ‏تماسك الموقف الخليجي في وجه تطوُّرات مقبلة يُخشى أن تضغط على أمن المنطقة.
  • البعد الدولي:

والبُعد الدولي للأزمة يكمن في أن دول مجلس التعاون الخليجي شريك رئيسي للغرب، ومصدر مهم للنفط والغاز؛ لكنها طالما اشتكت من الظروف التي أُبرم فيها الاتفاق النووي الإيراني أو ما سُمِّي (خطة العمل المشتركة الشاملة) في يونيو 2015. وبعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق الذي وقَّع عليه الرئيس ترامب في 8 مايو 2018، تهيَّأت فرصة جديدة لإعادة صياغة الاتفاق بما قد يراعي الهواجس الخليجية. وإذا ما أجرى الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن حوارًا مع طهران ربما خلال العام الأول لحكمه في ظل تمزق خليجي، فإن الأمر لن يتغير، لكن الإدارة الجديدة قد تأخذ في الاعتبار مصادر القلق لدى دول التعاون الخليجي إذا ما كان موقفها موحَّدًا، وكانت على علاقة تواصل وتنسيق مع البيت الأبيض وإسرائيل.

ويتوقَّع مراقبون عديدون في الرياض والخليج أن حلَّ هذه الأزمة سيؤدي إلى حلِّ أزمات أخرى في المنطقة، مما يُخفِّف من الأعباء السياسية التي كان يُراد أن تتحمَّل السعودية أثمانها؛ إذ إن الاستقطاب السياسي الحادَّ في الخليج أدى إلى استقطابات أخرى في العمق العربي والإسلامي، وهو ما سيؤثر ربما على الدور الإقليمي للمملكة.

فقد ألقت الأزمة الخليجية بظلالها على قضايا المنطقة كلها في اليمن وليبيا وسوريا (حيث كانت الثورة السورية إحدى ضحايا الأزمة). ومن المتوقع أن تساعد انعكاسات المصالحة القوى الدولية على دفع وتشجيع تسويات إقليمية كانت تضغط من أجلها، كما هو الأمر في اليمن وليبيا.

  • قطر وارتباطاتها الإقليمية:

لا تعني المصالحة انتهاء كافة الخلافات بين الرياض والدوحة، حيث ما زالت الثقة في أدنى مستوياتها، وهو ما قد يدفع قطر للحفاظ على علاقاتها الإقليمية مع كلٍّ من طهران وأنقرة.

وقد حاول وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الدس في حالة الانسجام الجديدة بمجلس التعاون، عندما هنَّأ قطر على صلابة مقاومتها.

وهذا في حقيقة الأمر يُعبِّر عن المخاوف الإيرانية من انعكاسات المصالحة على موازين القوى بالمنطقة. فرغم أن قطر لا تتوفر على قوة عسكرية معتبرة، إلا أن قوتها الناعمة أثبتت حضورها. وقد استثمرت فيها إيران مثلما شاهدنا في العمليات الإعلامية المبالغ فيها لتضخيم قوة الردع العسكرية الإيرانية وخيارات الرد على واشنطن!

وإذا كانت إيران مصدرَ تهديد إستراتيجي متفق عليه في مجلس التعاون مهما كانت دبلوماسية المخادنة والاحتواء لبعض دول المنطقة تجاه طهران، فإن السؤال اليوم: هل تُبعد المصالحة قطر عن تركيا أم تُقرِّب الرياض من أنقرة؟

لقد أبدت تركيا استعدادها للتفاهم مع القوى الإقليمية التي خاصمتها، وأرسلت إشارات إلى الرياض والقاهرة. وعبَّر وزير خارجية قطر عن استعداد بلاده لفتح خطوط وساطة بينها؛ في حين أن مثل هذه المساعي تثير حفيظة أبو ظبي التي عيَّنت نفسها الخصم الأول لتركيا وجماعات الإسلام السياسي، لكن الأمر في مثل هذه الحالات لا تحكمه الأيديولوجيا؛ بل المصالح السياسية.

وفي المقلب الآخر، لا ترى الأوساط السياسية والإعلامية في تركيا أيَّ خطر للمصالحة الخليجية على العلاقات التركية القطرية التي جرى توسيعها وترسيخها خلال السنوات الماضية، وصولًا لشراكة إستراتيجية بين الطرفين.

كما أن وزير الخارجية القطري استبعد أن تؤثر المصالحة على علاقات بلاده الإقليمية مع تركيا وإيران!

وما قد يُحدِّد علاقة الدوحة بجماعة الإسلام السياسي (وهي نقطة جوهرية في الصراع) هي المفاوضات التي ستُجريها مع القاهرة وأبو ظبي، حيث سيكون ملف الإخوان المسلمين له الأولوية على الطاولة.

والأمر يتوقف على الدوحة التي ستجد نفسها في الزاوية بين القوى المتضادة؛ فإذا لم تبذل جهودًا دبلوماسية استثنائية فستجد نفسها تسير على حبل رفيع أو تحت ضغط هائل بين أحجام سياسية متصارعة. وليس أمامها من خيار إلا الالتزام بالإستراتيجية الأمنية الخليجية، والتخلص من دور المؤيد والمعارض داخل المنظومة الخليجية، الشيء الذي جلب لها المتاعب السياسية.

  • الخلاصة:

من الواضح أن التطورات الإقليمية والدولية ساعدت في التئام الأسرة الخليجية، لكن العامل الخارجي ليس وحده الذي دفع للمصالحة الخليجية، فحالة التيه التي واجهت مجلس التعاون شجَّعت على القناعة بعودة المعادلة السياسية السابقة التي ترتكز على الدور المحوري للشقيقة الكبرى (السعودية). وثبت للجميع أن أي محاولة لتغيير قواعد اللُّعبة ستُحطِّم المعبد على رؤوس الجميع.

ومما يفتقر إليه مجلس التعاون اليوم هو القدرة على المصارحة بعد المصالحة، وخلق الإجماع داخل المنظومة مما يسهل إنتاج الإستراتيجيات الأمنية والمواقف السياسية.

ولبلورة ذلك بشكل جيد، لا بد من التفريق بين الإستراتيجي والتكتيكي من جهة. وبين المصلحة الوطنية والمصلحة الجماعية من جهة ثانية، حيث الانتماء للمنظمات الدولية والإقليمية يستلزم التنازل عن شيء من المصالح الذاتية للمصالح المشتركة. وهذا الأمر بلوره الاتحاد الأوروبي عبر صياغة آليات دائمة، لكن مجلس التعاون يفتقر إليها.

  • التعقيبات:
  • التعقيب الأول: د. سعد بن طفلة (ضيف الملتقى)
  • ملاحظات أولية حول قمة وبيان العُلا:

لا أشارك كثيرًا من المحللين والمراقبين تفاؤلهم المفرط فيما تمَّ التوصل إليه من “انفراجة” سياسية بين قطر ودول المقاطعة، ومصدر ترقبي وترددي وقلقي على تطورات هذه الانفراجة هو الآتي:

  • لا نعلم ما الذي تمَّ التوصل إليه بخصوص الملفات التي كانت أسبابًا متراكمة للأزمة واندلاعتها، سواء حول نقاط اتفاق العام 2014 الست، أو المطالب الـ 13 التي اشترطتها دول المقاطعة على قطر عام 2017.
  • لا يذكر بيان العلا، كيف يمكن أن يتم تلافي اندلاع الأزمة ثانية مثلما اندلعت فجأة في حزيران 2017.
  • بلغ انعدام الثقة مستوى غير مسبوق بين أطراف الأزمة التي رادفها “انحطاط إعلامي” غير مسبوق – كما أسماه عرَّاب الوساطة الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح، رحمه الله – فمن الصعب استعادة الثقة ببيان العُلا وعقد القمة فقط، مع ما رافقها مع حميمية وحفاوة.
  • الاستحقاقات الإقليمية:

لا شك أن إيران ومن بعدها تركيا هي الخاسر الأكبر في حالة التوصل إلى حل نهائي وشامل للأزمة، فالأولى فتحت مياهها وسماءها لقطر أثناء المقاطعة، والثانية أرسلت جيشها للدفاع عن قطر في حالة تهديدها، وبالتالي فإن الاستدارة القطرية على حلفائها الإقليميين صعب جدًّا، والتفريط في هؤلاء الحلفاء طريق محفوف بالمخاطرة وخصوصًا في ظلِّ انعدام الثقة مع الأشقاء مثلما أسلفتُ أعلاه.

كذلك، فإن درجة الحماس تختلف بين أطراف المقاطعة الأربعة، فالمراقب لا يلحظ نفس الحماس لحل بيان العلا لدى مصر والإمارات والبحرين، وهذا قد يؤخِّر كثيرًا من حلحلة الملفات والمسائل العالقة، ولعل التصريح بالتفاوض الثنائي الذي أعلنته بعض الأطراف لحل كافة المسائل بشكل ثنائي يؤكِّد تباين مواقف دول المقاطعة حول القضايا الخلافية.

ظهرت الكويت طوال الأزمة كحمامة سلام إقليمية، واستمرت هذه الصفة ملاصقةً لها حتى بعد رحيل خبير الدبلوماسية العربية – الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد رحمه الله؛ مما يعني استمرار هذا الدور التوفيقي الكويتي وجاهزيته مستقبلاً لحلحلة المسائل في حال دخولها في نفق الجمود بين الأطراف المتنازعة. وقد جلب دور الوساطة الكويتي للكويت الصداع السياسي من كافة الأطراف التي قد لا تعجبها الصراحة الكويتية أو حتى التغاضي الكويتي أحيانًا؛ مما عرَّضها لسياط بعض الأطراف المحسوبة على هذا الطرف أو ذاك.

لا أظنُّ الجانب القطري سيُفرِّط في حلفائه الإقليميين، ولا في علاقته بالإخوان المسلمين، على الأقل ليس في المستقبل القريب، فهم الذين أثبتوا شراسةً إعلامية في الدفاع عن حليفهم القطري طوال الأزمة، وخصوصًا في مجالات الإعلام الاجتماعي (سوشيال ميديا)، حيث نشطوا بالهجوم الكاسح على أطراف المقاطعة دون هوادة؛ وذلك لإدراكهم أن أي تراجع أو ضعف أو تنازلات يمكن أن تقدِّمها قطر، سيكونون أحد أثمانها، وقد أصابهم الهلع بزيارة وزير المالية القطري عشيةَ القمة للقاهرة لافتتاح فندق كبير هناك.

ستُلقي هذه الأزمة الحادة بتبعات لن يزيلها “حب الخشوم” بسهولة، وستبقى ندباتها في الأنفس لسنين طويلة ما لم يكن هناك إستراتيجية واضحة وشفافة وشجاعة بفتح كافة الملفات والتعامل معها بكل صدق وتفانٍ يفترض روح التنازل المسبق لدى كافة الأطراف، وهو ما لم يلمسه المراقب لتطورات الأزمة، وخطاب ما بعد القمة – بكل أسف.

  • التعقيب الثاني: د. عبد الله العساف

ربما كان السؤال الأكثر إلحاحًا خلال الأيام الماضية، والذي دارت حوله الكثير من التكهنات يتمحور حول مَن الكاسب ومَن الخاسر في المصالحة الخليجية، وما مصير الثلاثة عشر شرطًا التي رهنت بها دول الرباعي العربي مصالحتها مع قطر، وهل تمَّ الاكتفاء بالتزام الدوحة بالمبادئ الستة التي أُعلِنت في حينها؟

هذه التساؤلات وغيرها لم تشغل الشارع العربي، بل ذهبت وسائل الإعلام على اختلاف مشاربها وتنوُّع مناهجها بالخوض في لُجتها، والبحث عن أجوبة لها، وربما السعي لتعكير صفو الأجواء الخليجية.

وقبل سبر أغوار القمة الخليجية الحادية والأربعين في العُلا، أودُّ التذكير بأوليات هذه القمة، فهي أول قمة تُعقد في بداية العقد الخامس، وأول قمة تُعقد بعد رحيل جميع الآباء المؤسِّسين – رحمهم الله- وأول قمة تُعقد خارج العواصم الخليجية، وأول قمة خليجية تحضرها مصر وأمريكا. ولعلَّ البُعد المكاني يشير إلى طي صفحة الماضي، وفتح صفحة جديدة مُشرِقة كإشراقة شمس العُلا الصافية.

ما يهمُّنا كشعوب خليجية وعربية، هو النتائج دون الخوض في التفاصيل التي يكمن في تجاويفها الشيطان، وكان ردي على قناة DW الألمانية عندما سألني مذيعها، كيف تجاوز الخليجيون كمون الشيطان في التفاصيل؟ بقولي إن القمة افتُتحت بسم الله الرحمن الرحيم، فلا وجود لشياطين الإنس والجن، فلا المقاطعة كانت خاطئة، ولا المصالحة كانت خسارة واستسلام من أي طرف، معادلة لن يفهمها إلا المخلصون من أبناء الوطن الخليجي والعربي.

وحتى نكون إيجابيين ولا ننظر بحدية للمصالحة فالجميع كاسب، والخاسر هو مَن سعى لاستغلال هذه الأزمة سياسيًّا واقتصاديًّا، ونُفخ فيها إعلاميًّا لإطالة أمد تكسبه منها، فخلال الاثنين والأربعين شهرًا الماضية، التي لبَّت خلالها قطر مطالب الرباعي العربي بتصنيف مجموعة من الكيانات والأفراد ووضعهم على قوائم الإرهاب، وتوقيعها مع الولايات المتحدة اتفاقية تعاون في محاربة الإرهاب، والكشف عن مسار الأموال التي تتوجه إلى بعض الكيانات المشبوهة، باستغلال مظلة العمل الخيري الضخمة، والتي كانت تُشكِّل حبلًا سريًّا تتغذى منه هذه المنظمات بعد تجفيف مواردها.

الجميل جدًّا وعلى خلاف المعتاد في المنطقة أن الأزمة القطرية، وأقول القطرية لأنها مع مرور أكثر من ثلاث سنوات 5-5-2017 حتى 5-1-2021 لم يتم الاحتكام إلى القوة رغم عدم تكافؤها نظريًّا، وتم الإبقاء على باب الوساطة مواربًا، وهذا – في تقديري – أحد المكاسب الكبيرة التي يجب أن تكون حاضرةً في السياسة العربية عند تعاملها مع القضايا الخلافية، حيث الاتكاء إلى سلاح الحوار وعدم اللجوء إلى حوار السلاح؛ وهو ما قطع الطريق على المتربصين وتجار الأزمات والحرائق السياسية.

الملف الأبرز هو ترتيب البيت الخليجي والعربي، وما سواه تبعٌ له، ولعل من تباشير نجاح القمة والتئام البيت الخليجي – العربي هو مبادرة السعودية افتتاح المعابر الجوية والبحرية والبرية أمام قطر، ثم قيام مصر بذات الخطوة السعودية، وقبل قراءة مضامين القمة الختامي علينا قراءة لغة الجسد الإيجابية وعبارات الترحيب المتبادلة بين الأمير محمد بن سلمان، والشيخ تميم، وما أعقبها من ترجمة قمة العُلا هذا النهج على أرض الواقع، عندما أعلن قادة المجلس في قمتهم الـ41 أن الخلاف الخليجي بات في ذمة الماضي، وأنهم على استعداد لتسخير كل الجهود لما فيه خير شعوب المنطقة ونمائها، وسعيهم لوضع الخطط البنَّاءة والأهداف السامية التي تمكِّنهم من صناعة مستقبل أكثر رفاهًا ورخاءً لشعوبهم، وأكثر أمنًا واستقرارًا لدولهم.

  • ردود أفعال دولية مرحبة:

ماذا يعني صدور ردود أفعال دولية مُرحِّبة بالمصالحة الخليجية؟ ماذا يعني العالم إنْ تصالحت دول الخليج أو افترقت؟ سوف أنقلُ إجابة معالي الأمين العام الأول لمجلس التعاون الخليجي عبد الله بشارة، وأكتفي بها.

“في عام 1980، كنتُ في الأمم المتحدة أستمعُ إلى مفردات القلق العالمي، الذي تواجد داخل القاعات حول استقرار منطقة الخليج في ضوء الإفرازات التي تسيَّدت المنطقة، الانقسام العربي مع مبادرة السادات، ثورة إيران وطموحاتها، الحرب العراقية-الإيرانية، غياب الاطمئنان حول مسار الدبلوماسية النفطية الخليجية، كان العالم في استعجال لمبادرات إقليمية تُريحه بتأمين سلامة الطاقة ووصولها إلى دول العالم الأول، وهي أوروبا وأمريكا واليابان.

في أول سنة من قيام المجلس، تلقيتُ دعوات لزيارات إلى عواصم أوروبا (لندن، باريس، بون)، والاتحاد الأوروبي، وواشنطن؛ لأن هذه الدول رأت في قيام المجلس الوصفة المناسبة للحفاظ على أمن الخليج واستقراره، وذهبتُ إلى هناك ناقلًا فلسفة المجلس وتوجهاته، وكان شعور هذه الدول أن هناك في الخليج قيادة مؤتمنة على سلامة أكبر مواقع الطاقة والسهر عليها والتعامل معها بالعقلانية، والإدراك لأهميتها ودورها في أمن العالم واستقراره. كانت هناك إشادات بحكماء الخليج، وإعجاب بسلاسة تعاملهم مع منابع الطاقة.. نحن في منظور العالم الصف الأول في تأمين ووقاية هذه المنابع، وقوى العالم تساندنا عند الضرورة، كما رأيناها في واقع تحرير الكويت”.

لذا، كُلنا يأمل أن تكون مخرجات قمة العلا ليست أنصاف الحلول والتسويات والمصالحات، بل قمة المصارحة ووضع الأمور في نصابها الصحيح، والإيمان بوجود خلاف واختلاف، فالاختلاف يكون إيجابيًّا عندما يكون اختلاف تنوع لا تضاد، ولا يجب أن يقودنا الخلاف إلى القطيعة وإدخال الآخرين بيننا، فحالة الاصطفاف المصطنعة مع طرف ضد آخر هي حالة مؤقتة تستفيد منها الدول والكيانات والأفراد وتُعظِّم مكاسبها من خصومتنا.

  • البيان الختامي لقمة السلطان قابوس والشيخ صباح تضمَّنت ما يلي:
  • الصحة:
  • أشاد المجلس الأعلى بالتدابير الاحترازية المُتخذَة تجاه تفشي فيروس كورونا (كوفيد-19) في دُولِهِ، والإجراءات الاقتصادية والاجتماعية، مع ضرورة استمرار دعم المنشآت الطبية؛ لمواجهة التهديدات الصحية المستقبلية، والمحافظة على صحة المواطنين والمقيمين.
  • اعتمد الإطار العام الخليجي لخطة الصحة العامة للتأهب والاستجابة في حالات الطوارئ، وكلَّف الجهات المعنية في دول المجلس بتنفيذه بالتعاون والتنسيق مع وزارات الصحة في الدول كجهة مرجعية.
  • اعتمد إنشاء المركز الخليجي للوقاية من الأمراض ومكافحتها، تحت مظلة مجلس الصحة لدول مجلس التعاون.
  • أكد المجلس أهمية تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية وتبادل الخبرات في مجال مكافحة جائحة كورونا، ومعالجة آثارها الاقتصادية والاجتماعية.
  • التقنية والتعليم:
  • تنمية القدرات التقنية في الأجهزة الحكومية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي؛ ضمانًا لسرعة وكفاءة تنفيذ الخدمات والإجراءات، وتطوير المناهج التعليمية والتجارة الرقمية.
  • تعزيز التعاون بين مؤسسات المجلس ومنظمة التعاون الرقمي التي تأسَّست عام 2020م، بما يُحقِّق مصالح دول المجلس.
  • مكافحة الفساد:
  • أشاد المجلس بجهود دُولِه لتعزيز آليات النزاهة والكفاءة، والحوكمة والشفافية والمساءلة في الأجهزة الحكومية، ومحاربة الفساد، ووجَّه بتعزيز التعاون المشترك في هذا المجال في إطار مجلس التعاون وأجهزته والمنظمات الخليجية المتخصِّصة.
  • ربط المدفوعات بين دول المجلس:
  • وافق المجلس على اتفاقية نظام ربط أنظمة المدفوعات بين دول المجلس واعتبارها المظلة القانونية لمنظومة المدفوعات والتسوية بينهم، وبارك قيام شركة المدفوعات الخليجية بأعمالها وبدء المرحلة الأولى من تشغيل نظام المدفوعات الخليجي (آفاق) بين مصرف البحرين المركزي والبنك المركزي السعودي.
  • العمل العسكري والأمني المشترك:
  • وافق المجلس على تغيير اسم قيادة “قوات درع الجزيرة المشتركة” إلى “القيادة العسكرية الموحَّدة لدول مجلس التعاون”، مُؤكِّدًا على دعم جهود التكامل العسكري المشترك لتحقيق الأمن الجماعي لدول المجلس.
  • رفض التدخلات الأجنبية:
  • أكَّد المجلس على مواقف مجلس التعاون الرافضة للتدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية للدول العربية من أي جهة كانت، وضرورة الكف عن الأعمال الاستفزازية عبر إذكاء الصراعات والفتن، والتأكيد على احترام مبادئ السيادة وعدم التدخل واحترام خصوصية الدول، وأن أمن دول المجلس هو رافد أساسي من روافد الأمن القومي العربي.
  • كالعادة لم تغب إيران عن البيان الختامي طيلة الأربعين عامًا الماضية، وفي هذا العام تضمَّن بند إيران عشرَ نقاط تتمحور حول سلاحها النووي، وتدخُّلها في شؤوننا الداخلية، وإعادة الجُزر الإماراتية.
  • كنتُ أتمنى الخروج بآلية قانونية لمعالجة الخلافات بين دول المجلس.

ختامًا، ثمة تساؤلات مهمة بعيدًا عن العواطف، والمجاملات والبرتوكولات وأعين الكاميرات، ومن أبرزها:

  • ماذا استفدنا من التجربة السابقة؟
  • هل هذه المصالحة نتيجة وعي جماعي بضرورتها، وحاجة الجميع لها؟ أم أنها استجابة لظروف مؤقتة؟
  • هل وعت قطر أنها مجرد أداة أو عود ثقاب، سعى المخطِّطون لمشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد إلى استعماله لإحراق المنطقة، ثم احتراقها دون وعي منها؟!
  • هل تم تحديد أهم المخاطر القادمة المحتملة خلال السنوات الخمس القادمة؟
  • هل تمَّ العمل على إيجاد حلول حقيقية للبُعد الديموغرافي الذي يُهدِّد وجوديًّا بعضَ دول الخليج على وجه الخصوص؟
  • ماذا تمَّ عملُه من أجل الشباب الذين يُشكِّلون 65% من سكان الخليج العربي، ويُشكِّلون قنابل موقوتة ما لم يتم التعامل معهم بمقتضيات العصر؟

  • التعقيب الثالث: أ. عبد الرحمن الطريري
  • المصالحة.. برغماتية الخليج:

مثَّلت المصالحة الخليجية فصلًا آخر في دروس السياسة السعودية، وقراءتها للمتغيرات الإقليمية، بالإضافة لثقلها السياسي، وهو ما يُمثِّل بوصلة تأثير لتغيُّر التوجهات الإقليمية.

قامت السعودية بالتحرُّك المُسبق، وفتحت الحدود والأجواء عشية القمة، ولحقتها مصر ثم الإمارات، وستلحقها البحرين، وخرج بيان العلا ليوقِّع عليه الجميع دون ملاحظات، وهو الذي يرسم هدفين واضحين؛ الأول تحديد سياسة خارجية موحَّدة، ومن نافلة القول: إن ذلك لن يشمل كافة الملفات.

فكانت الأولوية واضحةً في تسمية برنامج إيران النووي وصواريخه البالستية، وذراعه الأكثر تغلغلاً في العالم العربي “حزب الله”، مما يعني ضرورة توحيد الجبهة الخليجية قبيل قدوم إدارة بايدن، لتحقيق ضغط نحو جلوس الخليجيين على طاولة الاتفاق الجديد.

لا يخفى أيضًا أن السير بالاتفاق والتأكيد على الوساطة الكويتية، بالإضافة إلى تسمية القمة بقمة صباح وقابوس، له بالغ الأثر في الداخل الكويتي والعماني، ويُمثِّل دعمًا للقيادتين الجديدتين في البلدين، على أمل الوصول لمجلس متقارب في وجهات النظر أكثر من أي وقت مضى.

وإن توقيع مصر على الاتفاق ومسارعتها لفتح أجوائها بُعيد المملكة، لهو دليل على حجم التوافق السعودي المصري، وهو ما أكدته الوثيقة التي أُعلِن عنها في الرياض قبل أسابيع، بحضور سامح شكري وزير الخارجية المصري، وأكدت على تطابق الرؤى بين البلدين في كافة الملفات الإقليمية.

هذه المصالحة تأتي بعد عام صعب اقتصاديًّا بسبب جائحة كورونا، أثَّرت فيه الجائحة على الجميع، وأضرت الخليجيين كما باقي مُنتِجي النفط والغاز، وتأتي أيضًا قُبيل عام من كأس العالم في الدوحة، والذي من الصعب أن يتم في ظلِّ المقاطعة الرباعية، وربما سنشهد طلب قطر من دول جوار باستضافة بعض المجموعات في البطولة.

اليومَ، تأتي المصالحة الخليجية إنْ التقطها الجميع لتُمثِّل فرصةً للعبور برؤية الملك سلمان لمجلس التعاون الخليجي، والتي أطلقها في الدرعية، خلال لقاء القمة السادسة والثلاثين في ديسمبر من العام ٢٠١٥، والتي تؤكِّد على ضرورة تعزيز التعاون ودعم فرص الخليج ككيان سياسي، وفرصة وصوله للاقتصاد السادس عالميًّا مجتمعًا في 2030، بعد أن يتم الانتهاء من إجراءات الربط الجمركي، وتفعيل السوق المشترك.

وفيما يخصُّ العلاقات القطرية مع كلٍّ من إيران وتركيا، فيسهل على قطر التباعد عن إيران، كما فعلت في بدايات الثورة السورية وتصادمت مع بشار الأسد وحزب الله، خاصة أن أمريكا تُمثِّل ضغطًا بمختلف الرؤساء حول الملف النووي، والأهم إسرائيل التي لن تقبل بإيران نووية، وتعتبر أمكن خطوطها الأمامية في الخليج، تمامًا كما تقول إيران إن خطوطها الأمامية في غزة وجنوب لبنان.

تركيا قد يكون أصعب على قطر التخلي عنها، لكن مصالحتها تمنحها مساحةَ مراوغة لتقليل الابتزاز المالي التركي، كما أن تركيا في وضع سيئ سياسيًّا وتحتاج رضا السعودية، وسعت للتقارُب مع مصر بعد العديد من التحركات الدبلوماسية والسياسية التي أجرتها الإدارة المصرية بحكمة تجاه ليبيا وشرق المتوسط، بالإضافة لقدوم إدارة أمريكية تحكي صراحة أنها ترغب في إسقاط أردوغان.

في الختام، الأزمة بين الرباعية وقطر كانت مبنيةً على شواهد لممارسات قطرية شكَّلت عنوانَ حكم الأمير الوالد، وعادت آثارها بعد رحيل الملك عبد الله بن عبد العزيز، وظهرت جليةً في عدة قضايا، على رأسها اليمن؛ كلُّ ذلك شكَّل حالةً من عدم الثقة، ويبدو أن القيادة القطرية تسعى لبناء الثقة، ولديها تقدير للخسائر، لكنها تريد استجابةً تحفظ ماء الوجه.. وليكن.

  • المداخلات حول القضية:
  • دور المملكة في تحقيق المصالحة الخليجية.

من وجهة نظر د. عبد الإله الصالح، فإن السعودية الآنَ تُشكِّل قيادةً وريادةً للعالم العربي، استحقَّتها دون هرولة إليها؛ بسبب عقود من العمل والحصافة والصبر والهدوء والاتزان والالتزام، فضلاً عن النعم الربانية المتمثِّلة في تجانُس العقيدة والموارد الطبيعية وطبيعة أسُس الحكم والحكَّام.. وفرضت هذه القيادة أيضًا بسبب ظروف أقاليم العالم العربي الأخرى الصعبة (على المستوى المحلي في كل منها، والإقليم التي هي فيه، التي يطول الحديث عنها ولكن يدركها الجميع). وهذه القيادة (الخليجية) تُوظِّفها دول مثل المملكة للأمن وللاستقرار واستمرار النمو (التكوين الجيني للسياسة السعودية يؤكِّد ذلك بدون أدنى شك) والاندماج في العالم؛ لأنها تستفيد من الاستقرار والنمو على كلِّ المستويات.. وربما هذا المفهوم وتلك الأهداف لم تكن الأساس لدى الجميع في الماضي (لأسباب لا بد من بحثها والتعامل معها).. ولعل مواجهة هذه الأزمة ومن ثَمَّ تحليلها بعيدًا عن الإحراج والتشفي في النطاقات المحلية والخليجية والإقليمية والعربية بالطريقة الصريحة والموضوعية يُرسِّخ ما يجب أن تُوظَّف له هذه الفرصة التاريخية للخليج لقيادة الإقليم والعرب بل والمسلمين.

وأكَّد أ. محمد الدندني على أن السعودية تتميز بالآتي، وهي ميزات تفيد الدول الخمس منفردةً أو مجتمعةً لتحقيق دور إقليمي وعالمي ومنفعة اقتصادية:

  1. المملكة ليست دولةً خليجيةً فقط؛ فهي تمتد من البحر إلى البحر، ولها دور مركزي في أمن البحر الأحمر بجانبيه. هذا يحتم ترتيبات مع الدول المُطِلَّة على البحر الأحمر.
  2. القوة الاقتصادية، مع تمتُّع دول الخليج بثروات نفطية إلا أن المملكة لديها موارد كثيرة، وهي مفتوحة للاستثمار العالمي؛ ما يفيد الدول الخليجية الخمس مع بقاء الأفضلية للسعودية.
  3. المملكة بوجود الحرمين الشريفين هي مركز العالم الإسلامي وقبلة المسلمين، فهذه قوة مضافة أيضًا لدول الخليج.
  4. البُعد الإقليمي العربي والمتمثِّل جغرافيًّا في حدود طويلة مع المشرق العربي، وأيضًا مع الدول العربية في حوض النيل والمطلة على البحر الأحمر. بالإضافة إلى الدول العربية في القرن الأفريقي.
  5. بهذا، من المهم استيعاب مركز ودور المملكة خليجيًّا وعربيًّا وإسلاميًّا وعالميًا، والمسؤوليات الجِسام التي تتحمَّلها المملكة، وهو ما يتطلب دورًا أكبر وتنسيقًا إيجابيًّا مع كافة أعضاء المجلس.

وتطرَّق د. خالد بن دهيش إلى أن السعودية مواقفها مُشرِّفة وداعمة دومًا لوحدة الصف الخليجي والعربي والإسلامي؛ فهي من مُؤسِّسي مجلس التعاون ومحتضنة مقرَّ أمانته، وداعمة لجميع قراراته، ومتبنية مبادراته، وآخرها قمة العُلا؛ قمة المصالحة الخليجية خير شاهد على ذلك، فلا غرابةَ في ذلك. فهي بيت دول المجلس والشقيقة الكبرى لهم.  وهي التي شعرت بالخطر الذي أحدثه الشرخ المتمثِّل في المقاطعة لدولة قطر الشقيقة لمبررات وتباين في جهات النظر، وعتب الشقيق على شقيقه بين المملكة مع بعض دول المجلس والشقيقة مصر نحو دولة قطر الشقيقة التي هي إحدى دول المجلس، وحيث استفاد من هذا الشرخ بعض الدول الإقليمية وتحديدًا إيران وتركيا، وبعض المنظمات المتطرفة والإرهابية (الإخوان في مقدمتهم)، وبعض الإعلاميين المأجورين للنعيق واللعب في الماء العكر مقابل حفنة من المال لتحقيق أهدافهم الخبيثة، ومن أهمها إضعاف هذا الكيان وتفتيت هذه الوحدة القوية للاستفادة من خيراتها، حيث التفوا على دولة قطر واستفادوا من خيراتها كمقدمات لطموحاتهم المستقبلية.

وقد أدرك ذلك المغفور له بإذن الله الشيخ صباح حاكم دولة الكويت وولي عهده، حيث سعيا مع قيادتنا نحو تلافي هذا الشرخ بين الأشقاء الذين تجمعهم قواسم مشتركة، للمحافظة على كيان مجلس دولهم التعاوني، الذي أسَّسه الآباء رحمة الله عليهم جميعًا. ولا ننسى ما قام به الملك سلمان عندما تولَّى الحكم وأيضًا عندما كان وليًا للعهد، وكذلك ولي عهده الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله، حيث قاما بزيارات لدول مجلس التعاون، وبالطبع كانت دولة قطر من ضمنها؛ حرصًا منهما على بقاء كيان دول المجلس قويًا ومتماسكًا مهما عصفت به عواصف الاختلافات بين دُولِه.

  • المكاسب المتحقِّقة من المصالحة الخليجية:

يرى د. عادل القصادي أنه وإلى جانب البُعد السياسي والأمني (القومي)، فإن البُعد الاقتصادي للمصالحة الخليجية لا يقلُّ أهميةً عن الأبعاد الأُخرى، فإن ما يمكن أن نُسمِّيه (نموذج العمل) الذي تطوَّر مع تطوُّر المجلس وأدواته وآلياته على مدار أربعة عقود، أثبت أن صيانة المصالح الاقتصادية بين دول المجلس هي من أهم أولويات القادة والمؤسسات الخليجية، وفي القمة الأخيرة – على سبيل المثال – تمَّت الموافقة على نظام ربط أنظمة المدفوعات بين دول المجلس، ولا ننسى أيضًا أن الأمين العام الجديد د. نايف الحجرف الذي يأتي من خلفية اقتصادية ومالية قد يؤثر إيجابًا في تنشيط هذا المسار ضمن أعمال الأمانة العامة وأنشطتها.

وذكر م. خالد العثمان أن هناك بعض الدراسات التي تتوقع فيما يخصُّ الجانب الاقتصادي لموضوع المصالحة الخليجية، أن يُحقِّق اقتصاد دول الخليج 8 مليارات دولار مكاسب اقتصادية في 2021 نتيجة للمصالحة([3]).

بينما ذكر د. عبد الله بن ناصر الحمود أنه لو لم يكن في “صلح قمة العلا” إلا أن “الصلح خير”، لكفاه. لكن في صُلح العلا مفارقة مهمة؛ فقد بدأت “مفاجأة” المقاطعة “إعلاميًّا” وسط ضجيج لم نكن نعرف مبعثه ولا منتهاه.. وأخذ الأمر منَّا أسابيع حتى تبلورت معاني المقاطعة ومكوناتها.. وليأتِ، بعد ذلك، الدور الرسمي تدريجيًّا تبيانًا لكل شيء. وحينها حمل المثقفون والإعلاميون وقادة الرأي عندنا حملاً ثقيلاً، لكنه جاء شريفًا، وحاسمًا في الذود عن حياضنا وتفنيد سعي الخصوم حينذاك للبطش بنا، وكنَّا مع قادتنا وفعاليات مجتمعنا سدًّا منيعًا، وجنودًا نستعصي على الخصم ويهابنا. وجاءت مفاجأة “الصلح” “الرسمية” وسط هدوء أفقدَ الكثيرين قدرتهم على الفهم، وجعَل الإعلام والإعلاميين مشدوهين إلى القدر الذي لم يكن بإمكانهم مزامنة “المفاجأة” الأهم في تاريخ الوطن والمنطقة، مع عمل إعلامي مهني يرتقي للحدث ويفهمه ويُعبِّر عنه. فأمضى جلُّ الإعلام المتزامن وانعقاد القمة، ولا يزال، في تناول إنشائي فج، وتعبوي دعائي غير حصيف. صحيح أن المعلومات الرسمية شحيحة، ولكن لو أن الإعلام وقادة الرأي لا يعملون إلا في بيئة الثراء المعلوماتي، لكان فقدهم ووجودهم سواء. كم كان مأمولًا مواكبة الإعلام لحجم الحدث بتوجُّه يقوم على مبدأ “الصلح خير”، مع تفنيد خيرية الصلح اليوم وسط هيجان الواقع من حولنا، وصراع العمالقة هناك، وأنه ليس في السياسة خِصام دائم ولا صُلح دائم.

في حين عقَّب د. زياد الدريس بأنه قد يجوز القول إن: “الإعلام سبَّب الخصومة، والاقتصاد جلَب المصالحة”.

وأضاف أ. سليمان العقيلي أن الأيديولوجيا (والقضية السورية) فجَّرت الأزمة، بينما الحاجة إلى الأمن الجيوسياسي دفعت للتسوية والتعايش.

من جانبها، ذهبت د. فوزية أبو خالد إلى أن الخاسر الأعظم هو الانتهازية، حين لا تنطلق مواقف الرأي من أمانة الكلمة ولا تستند على مبدأ، بل تجري حسب رياح اللحظة الآنية. ومع أمثلتها العديدة، فقد يكون تجسيدها الفادح قناة الجزيرة، وقِسْ على ذلك بقليل من الخيال الاجتماعي بحسب “رايت ملز”. وهذا ليس خللاً في وسائل الإعلام، ولا في صيغها القديمة أو التقنية الجديدة؛ ولكنه خلل أخلاقي في بعض نُخب الإعلام والثقافة والمحسوبين عليهما؛ وقد يكون خللاً في الحسابات أكثر منه خللاً في التحليل. وربما يكون ذلك مؤشرًا أيضًا على سقف الكلمة حيث يُروّج لنوع من الخطاب “المقبول” أو المتوقَّع قبولُه على حساب انحسار خطابات التفكير النقدي أو على الأقل التساؤلي.

أما أ. فهد الأحمري فيرى أنه لا شك أن الصُّلح خير، فهو مطلب اجتماعي من جانب الأسرة الخليجية الواحدة، وفي جانب الشعوب العربية التي تعقد الأمل في قوة المنظومة الخليجية كآخر المنظومات العربية التي نالها ما نالها من الوهن، ثم الموت السريري. مطلب آخر مهم في مشروع المصالحة، وهو الأمن والاستقرار في الإقليم والمنطقة؛ غير أن هذا المطلب لا يمكن تحقيقه إلا إذا كانت النظرة للأمن نظرة قائمة على التكامل بين الأمن الوطني المحلي والأمن والإقليمي، إذ يصعب تحقيق الاستقرار في أي بلد في ظلِّ وجود حالة اضطراب في الإقليم، أو وجود مناخ يسود فيه التحريض ومحاولة زعزعة أمن بعض الأطراف الإقليمية. أيضًا، فثمة مطلب ثالث وهو محاولة إيقاف دفع قطر مبلغ يُقدَّر بـ133 مليون دولار سنويًّا إلى الخزينة الإيرانية لاستخدام أجوائها في مجال الطيران جرَّاء المقاطعة؛ مما ساعد على تخفيف أزمة طهران وذهاب هذا المبلغ لتمويل برامج الصواريخ والميليشيات التي تدعمها إيران في العراق وسوريا ولبنان واليمن. فضلًا عن أن زوال الأزمة مصلحة عُليا لكل دول المنطقة وشعوبها، ويتمنى العقلاء تحقيقها باستثناء محور الشر الثلاثي (إيران وتركيا والإخوان)، يُضاف إليهم شلة المنشقين في تركيا وكندا وبريطانيا، والذين قد يتوقف عنهم الريال القطري.

وفي اعتقاد أ. عبد الله الضويحي، فإنه لا يوجد دولة كسبت أكثر من الأخرى أو خسرت؛ فالكلُّ كاسب والمنطقة ككل هي الكاسب الأكبر.

ومن وجهة نظر أ. فائزة العجروش، فإنه بالفعل عندما حان الوقت لرأب الصدع لأن الخسارة لكلا الطرفين موجعة ومؤلمة من كافة الجوانب؛ لذا كانت المصالحة أسرع من قرار المقاطعة. كما أن شرط المصالحة الخليجية سحب قطر لجميع القضايا التي رفعتها في المحاكم الخاصة بحقوق الطيران والملاحة، والقضايا الخاصة بقنوات بي أن سبورت، جاء في صالح المملكة تمامًا، والتي من المؤكد أن نتائجها ستكون تعويضات بمليارات الدولارات تدفعها السعودية في حال كسبتها قطر. لكن التوجُّس من القادم خصوصًا في غياب تجارب سابقة أمرٌ مهم.

ويرى م. سالم المري أنه وبالرغم من اختلاف الآراء حول نجاح المصالحة (بين التفاؤل والتشاؤم)؛ إلا أن الجميع متفق على أن المصالحة في مصلحة دول مجلس التعاون. وممَّا لا شك فيه أن لحل الأزمة الخليجية آثارًا إيجابية كبيرة اقتصادية واجتماعية بالنسبة للشعب الخليجي، وخصوصًا على الجانبين السعودي والقطري، كما سيكون للمصالحة الخليجية آثارٌ إيجابيةٌ أيضًا على الأزمات العربية في سوريا وليبيا واليمن. والظن أنه قد يكون لقدوم إدارة أمريكية جديدة يُشاع عنها موقف غير متساهل مع كل من تركيا والمملكة ومصر دورٌ مساعد في دفع أطراف الأزمة الخليجية للتوصل لتسوية في هذا الوقت بالتحديد.

أما م. فاضل القرني فذهب إلى أن قمة العُلا هي فرصة زمنية، وحدث وظروف تعيشها المنطقة، اندمجت لإعادة بعث الحياة في مجلس التعاون وأَخْذ موقعه. الأسباب كانت واضحة للقادة، والدليل تخطيهم الخلافات والنظر بعملية عن القادم. وأفضل المصالحات هي التي تصنعها أسباب خارجة عن المتخاصمين. ولطالما عاشت أمم على هذا الأسلوب، وأوروبا والغرب بشكل عام أكثر خبرة وممارسات (كل جذور العداء تأصَّلت من حروبهم السابقة)، وعند التهديد الخارجي تمتعوا بمرونة للاتفاق على أصول مُسلَّمًا بها، واصطف أعداء مع بعضهم لمقاتلة عدو خارجهم. كل الأسباب موجودة في مجلس تعاون خليجي بطاقة عالية ومتجددة لأمن واقتصاد وتنمية منطقة الخليج خاصةً، والشرق الأوسط والعرب بشكل أعم. دول ذات موارد بشرية بقدر تعليمي أفضل من السابق (٤١ عامًا على التأسيس) عددًا وكفاءات وتخصصات وتقنية جديدة وأيضًا عمريًّا. الثروات الطبيعة، الخصائص الاجتماعية والارتباطات العائلية والقبلية، كفيلة بالتغلب على أي خصومة (ولن يكون هناك مجتمع مثالي).

  • المهددات الكامنة في المصالحة الخليجية:

يرى د. زياد الدريس أنه ورغم التفاؤل العميق بإتمام المصالحة الخليجية؛ إلا أنه لا يمكن المرور سريعًا على الإشارات السلبية التي تضمَّنتها الورقة الرئيسة لا سيما فيما يخصُّ الموقف الإماراتي من المصالحة! يُعزِّز هذا القلق من (شمول) المصالحة لكل الأطراف، أن وسائل التواصل الاجتماعي ما زالت تستنبت تغريدات جديدة تندرج ضمن ما وصفه الشيخ صباح رحمه الله، في ورقة د. سعد بأنه “انحطاط إعلامي غير مسبوق! والتساؤل المطروح هنا: هل نحن مُحِقُّون في استخدام “مقياس” تويتر وأشقائه لمعايرة الاستدامة في المصالحة الخليجية أم لا؟

‫ وسلَّط أ. عبد الله الضويحي الضوءَ على مهددات المصالحة الخليجية من الناحية الإعلامية، حيث أشار إلى أن الإعلام نوعان:

  • إعلام رسمي: ‫وهذا يخضع للدولة، ويدور في فلك سياستها، ومن السهل توجيهه والسيطرة عليه.
  • إعلام غير رسمي: ‫ويشمل القطاع الخاص من قنوات فضائية وصحافة وغيرها، وانضم إليه إعلام التواصل الاجتماعي وخاصة تويتر. و‫مسيِّرو هذا النوع أو المتحدثون عبره نوعان: ‫نوع مثقف وواعٍ ويعرف ما يريد، يُمِسك باليسرى قارورة زيت وباليمنى عود ثقاب، كلما هدأت نار للفتنة أشعلها، وإن طفت أوقدها، وينضم إليه نوع أكثر خطورة يواصل ذات الدور عبر منصات التواصل من خلال معرفات خليجية تُوهم المتلقي بانتمائها، وهي أبعد ما تكون، وتحاول أن تُوهم المتلقي بكاسب وخاسر وخاضع ومخضوع! أما النوع الآخر فثقافته محدودة، لا يُدرك أبعاد ما يطرح، وينجرف وراء هذه المعرفات. ‫إذًا، علينا كمجتمع خليجي بمختلف فئاته وتوجهاته ومواقع المسؤولية فيه أن نُدرك ذلك، وأن نُوعِّي شعوبنا وأجيالنا القادمة بخطورة هؤلاء.

ويرى أ. سليمان العقيلي فيما يتعلق بدور الإعلام في تفجير الصراع، أن الإعلام ليس هو الدافع؛ فدوافع الصراع الموضوعي – بعيدًا عن التعبئة والتحشيد، حيث أصبحت الأزمة خلفنا – تتلخص في التالي:

  • الأيديولوجيا (تصادم المشاريع): فلقد عبَّر دعم قطر للثورات العربية عن أبرز تجليات المشروع السياسي القطري الذي تنفذه مرة نيابةً عن أمريكا باسم الديمقراطية، وأخرى نيابة عن الجماعات الدينية باسم الإسلام. بينما خصوم قطر يرون – ومعهم كلُّ الحق – أن هذا تهديدٌ حقيقي لمرتكزات النظام العربي والخليجي في الأمن والاستقرار والتنمية، ومفتاح لتدخُّل القوى الخارجية في الشؤون الداخلية. ولقد وصل المدى بقطر إلى محاولة تنفيذ هذه المشروعات داخل الأقطار الخليجية نفسها المشتركة مع الدوحة في منظومة سياسية واحدة.
  • الطموحات السياسية: لا يخفى على المراقب رصد تنافس إماراتي قطري، في السياسة: تعزيز المكانة الإقليمية، إجراء الوساطات، توسيع النفوذ، وكذلك الاستقواء بالقوى الكبرى، فكرة التخادم مع مصالح الحزبين الحاكمين في واشنطن؛ المقاطعة بعد تسلُّم الرئيس (الجمهوري) الحكم، والمصالحة بعد فوز المرشح (الديمقراطي). كما أن هناك تنافسًا بين قطر والإمارات في السياحة والثقافة (بين الدوحة ودبي في الجاذبية السياحية، وبين الدوحة وأبو ظبي في جاذبية القيم الثقافية).
  • لم تظهر للسطح بصورة جلية الخلفيات التاريخية لنزاعات الحدود؛ حيث جرت خلافات في القرن الماضي بين البحرين وقطر على جزر حوار وفشت الديبل وما حولهما. وكذلك خلاف بين السعودية وقطر على ترسيم الحدود، كما كان هناك صراع عنيف بين أبو ظبي وقطر في القرن 19 وبداية القرن 20 على تبعية خور العديد، حُسِم لاحقًا. ولا تزال هذه الخلافات تُشكِّل دافعية عاطفية ولو مستترة للصراع، تجلَّت في تغريدات حديثة لا تخلو من رسائل سياسية عن بعض المواقع الحدودية محل النزاع سابقًا بين هذه الدول.

وفي تصوُّر د. محمد المقصودي، فإن إعلان العلا يُعبِّر  عن انفراجة أولية، حيث مهَّدت الطريقَ لتحقيق انفراجة جزئية يمكن أن يُبنى عليها إذا صدقت النوايا القطرية، وإذا تمَّ تنفيذ مطالب مهمة للدول الأربع ذات الشأن، وقد رأت القيادة السعودية أن الانفتاح على قطر يمكن أن يُسهم في تحقيق الوصول إلى تفاهمات  عليا جديدة على هذا المستوى، ويكون قد تمَّ التوافق مع الضغوط التي مُورست عليها، وصياغة موقف خليجي متماسك يواجه التطورات القادمة في منطقة الخليج، والتعامل مع الإدارة الأمريكية الجديدة التي لا تختلف مع جوهر الإستراتيجية الأمريكية السابقة فيما يتعلق بالاندماج الإقليمي لدول المنطقة. ومن المتوقَّع أنه سوف يرتهن تحقيق إنجازات فعلية خلال الفترة القادمة على ما تبديه قطر من تجاوب خاصة فيما يتعلق بتحركاتها الإقليمية التي تمسُّ الأمن القومي المباشر بصفة خاصة لكلٍّ من مصر والبحرين، وتبنيها لتنظيم الإخوان المسلمين ورعايتها لمنابره الإعلامية، خاصة أن هذه قضية لا تمسُّ مصر وحدها، ولكن الدول الخليجية بما فيها السعودية التي أعلنت أنه تنظيم إرهابي.

ويبقى أن هذه المصالحة التي أكَّدت القيادات الخليجية أنها أعادت التماسك لمجلس التعاون الخليجي محدودة التأثير؛ حيث إنَّ المجلس يعاني من ضعف واضح لمنظمة إقليمية كان لدى مؤسِّسيها طموحات كبيرة، إلا أن تناقض مواقف بعض الدول داخلها في المدى الذي يمكن أن تصل إليه هذه الصيغة تجعل من تحقيق إنجازات كبيرة على هذا المستوى رهينًا بتغيُّر مواقف تلك الدول وقبولها لمزيد من التنسيق، خاصة في ظلِّ مناخ دولي يتناقض مع صيغة التحالفات الجماعية، وسياسة أمريكية تفرض أبعادًا أخرى لمثل هذه الصيغة.

وأشار د. مساعد المحيا إلى أن المشكلة في الأزمات الخليجية أنه حين يبدأ خلافٌ ما أو تنشأ خلافات وفق مصالح معينة، يبدأ البعض بكتابة محتوى ينسف كل سُبل الاتفاق. وهؤلاء غالبًا لا يؤيدون الاتفاق، ويفرحون بالخلاف دون تقدير للمصالح العليا، وهي الأهم؛ لذا الأمر يظلُّ لدى صانع القرار، فهو مَن يملك قرار إخماد كل جذوة نار قد يشعل فتيلها محتوى يُعمِّق الخلاف.

  • مآل المصالحة الخليجية: رؤية استشرافية:

‫‫في تصوُّر أ. عبد الله الضويحي، فقد أدرك الخليجيون أنه لا مناصَ من صوت العقل ونسيان الماضي، وأننا أبناء اليوم؛ ‫وهو إدراك يستمد منطقَه من الظروف المحيطة التي عصفت بالمنطقة، والظروف المستقبلية من خلال قراءةٍ متبصرة لهذه الظروف! نحن أمام جيل جديد وعالم جديد أيضًا، فالظروف التي صاحبت انطلاقَه ومراحل تأسيسه تختلف عن ظروف اليوم؛ مما يجعلنا أكثر تفاؤلًا.

من جانبه، طرح أ. محمد الدندني عدة تساؤلات مهمة فيما يخصُّ التصورات المستقبلية المتعلقة بالمصالحة الخليجية، تضمَّنت ما يلي:

  1. هل التجمُّع الخليجي كافٍ لتحقيق أمنه واستقراره، وهنا المقصود إيران بالذات؟
  2. هل يُعوَّل على النظام العربي أقلها مصر في تحصين الخليج العربي ضد إيران؟
  3. أليس من المهم تضافر الجهود لحلحلة موضوع اليمن، وتسريع وضعه تحت المظلة الخليجية لفوائد كثيرة مشتركة للشعب اليمني وشعوب المنطقة؟
  4. هل من السياسة أن نساويَ بين إيران وتركيا لأسباب كثيرة، وإنْ كان الخطر متساويًا، أليست حلحلة الخلافات مع تركيا أسهل منها مع إيران؟
  5. أليس من المهم العمل المشترك لاختراق الهيمنة الإيرانية في العراق، والذي له موقع مهم في أمن واستقرار الخليج؟ فاليمن والعراق لا ينفصلان عن المنظومة الأمنية والدفاعية للخليج العربي.

وفي هذا السياق، أشار د. عبد الله العساف إلى التوضيحات التالية:

  1. التجمُّع الخليجي ليس كافيًا لمواجهة إيران؛ لسبب رئيس وهو أننا لا نتقاسم رؤية مشتركة تجاه عدو يتهدد وجودنا، فهناك الحمائم والصقور وصنف آخر بينهما، رغم إيمان الجميع بخطورة المشروع الإيراني، وأن إيران لن تُغيِّر سلوكها ما لم تُغيِّر أيديولوجيتها؛ ولذا يصعب علينا أن نواجه الخطر الصفوي رغم أنه ليس في أفضل حالاته.
  2. مصر لم تعُد مصر، ولا يُعوَّل عليها كثيرًا، فالسياسة المصرية الحالية متأرجحة ومتقلبة.
  3. ملف اليمن يجب إغلاقه، واحتواء اليمن حكومة وشعبًا، ولن يتم قبل أي تسوية، يرى الحوثي أنها يجب أن تمرَّ عبر بوابة طهران.
  4. علينا أن نعترف بوجود ثلاثة مشاريع تتهدد منطقتنا العربية (المشروع الإسرائيلي، والفارسي، والتركي) في ظل انعدام مشروع عربي كامل أو شبه كامل، (المنظومة الخليجية) النموذج المصغر للتكامل منقسمة على نفسها، ولو استهدفنا اختراق المجتمع التركي بالقوة الناعمة لاستطعنا، وأما السياسي فالمصلحة توجِّهه، وهذا الحزب لن يدوم وسيرحل في الانتخابات القادمة، فلم يدع له صديقًا في الداخل والخارج.
  5. اختراق العراق يجب أن يكون هدفًا إستراتيجيًّا، يجب أن نعمل لتحقيقه، وأن نستثمر وجود الكاظمي، ولا نعتقد أن العراق سيفك ارتباطه بإيران بسهولة، وبعد 17 سنة من التغلغل والنفوذ الإيراني.

بينما ذهب م. أسامة كردي إلى أن المشكلة في موضوع اليمن هو وجود طرف ثالث لا يرى له مصلحة في إنهاء هذا الوضع. كما أن الحوثي يرى في نجاح حزب الله في لبنان مثالًا يُحتذى. كما أن ما يقوم به الحشد الشعبي في العراق مثال آخر. إعلان الحوثي منظمة إرهابية من قِبل أمريكا خطوة مهمة في توجه لا بد أن يكون دوليًّا للتخلص من خطرهم على العالم وعلى ممرات التجارة الدولية. كما أن هذا الموضوع نقطة مهمة في التعاون الخليجي.

وبدوره أشار أ. سليمان العقيلي إلى أن ثمة اعتبارات ضرورية من المهم أَخْذها في الحسبان على نحو ما تتضمنه النقاط التالية:

  • إن أسوأ ما يواجه مجلس التعاون اليوم هو الطموحات السياسية المُبالَغ فيها للعب أدوار إقليمية. حتمًا ستكون على حساب القوى التقليدية التي عرفت القيام بأدوار تاريخية. وهذه الطموحات أرخت بظلالها على مجلس التعاون، وهزَّت العلاقات بين أعضائه بسبب منافسات خلقتها ثروة النفط والغاز، لكن المال وحده لا يخلق القوة ولا الدور.
  • إن الخضوع لبعض التهديدات الخارجية والتعامل مع التحديات بأسلوب الاحتواء من البعض، والمهادنة من البعض الآخر، والمواجهة من البعض الثالث – جعل السياسية الخارجية لمجلس التعاون مشوشةً وغير واضحة، وتفتقر للوحدة والانسجام.
  • إن استدعاء الصراعات التاريخية بين بعض دول المجلس حول الأراضي والحدود جدَّد النزعة نحو المواجهة؛ لكن بفضل الله فإن الصراع اقتصر على وسائل القوة الناعمة، ولم ينزلق لاستخدام السلاح، الذي سيدفع حتمًا لدعوة تدخل القوى الأجنبية؛ مما يدفع النزاعات الخليجية للتدويل، وهو ما كاد يحصل في الأزمة القطرية بدون حرب.
  • إن المصالح المشتركة التي تجمع دول المجلس أكثر مما يفرِّقها؛ لذا فإن الآمال بتحويل التحديات إلى فرص ستكون واقعيةً وقابلةً للتحقيق في حال توفُّر الإرادة السياسية.
  • فيما يخصُّ دافع إدارة ترامب لتسوية الأزمة الخليجية، وهو الأمر الذي حيَّر المراقبين بالفعل خاصة بعد هزيمة الرئيس في الانتخابات؛ فالتصور أن الدافع لذلك هو إحراج الرئيس المقبل جو بايدن، وهو يعتمد في ذلك على نزعتين:
  1. النزعة الشخصية: حيث يريد أن تضغط الوحدة الخليجية على بايدن في عدم إلغاء إستراتيجيته في (الضغوط القصوى) على إيران.
  2. النزعة الموضوعية: حيث يرى أن الانسجام الخليجي سيؤدي به للتفاهم مع إسرائيل لعرقلة عودة بايدن السهلة والمباشرة دون تفاوض للاتفاق النووي، بالتالي تأمين الضغط المشترك (الخليجي الإسرائيلي) لاستدعاء شروط قاسية خلال الحوار مع طهران. وكذلك توسيع الحوار ليشمل البرنامج الصاروخي والسياسية الإقليمية.

وعليه، فإن من المهم العمل على تحقيق ما يلي:

  1. بلورة إستراتيجية سياسية تُحدِّد معايير العلاقات الدولية لدول مجلس التعاون، في حالة التضامن مع دولة عضو، أو مواجهة تهديد خارجي.
  2. إيجاد آلية لفضِّ النزاعات داخل مجلس التعاون، يشترك فيها خبراء أجانب محايدون منتدبون بالتعاون مع منظمات مماثلة مثل الاتحاد الأوروبي.
  3. إقرار صيغة التعايش مع التباينات في السياسات المحلية، واحترام التنوع داخل البيئة الخليجية.
  4. إقرار ميثاق خليجي يحترم الحدود المرسَّمة والموروثة بين الدول الأعضاء من عهد الوصاية وما بعد الاستقلال.

وأكد د. عادل القصادي على أنه مما لا شك فيه أن الأمن الإقليمي لدول الخليج كلٌّ لا يتجزأ، ولا ننسى النظر للأمن بمفهومه الأشمل، فإبان جائحة كوفيد-19 تبدَّت لنا أهمية صنوف الأمن الإستراتيجي الأخرى كالأمن الغذائي والأمن الدوائي أكثر من أي وقت مضى.

في حين ترى د. عائشة الأحمدي أن مهمة الباحثين والمهتمين بوحدة دول الخليج العودة إلى تحليل المنطلقات الأساسية التي قام عليها المجلس، ومن ثَمَّ تحليل العوامل التي كانت وراء انحرافها للعمق والمعالجة بعد ذلك.

وأكد أ. محمد الدندني على أن تقييم مآل المصالحة الخليجية يستلزم الوضع في الاعتبار المحددات التالية:

  1. محاولة فهم سياسة كل دولة خليجية على حدة؛ خُططها التنموية، دورها محليًّا وإقليميًّا، كيفية الوصول لحالة الدولة المستقرة والمستدامة.
  2. فحص وضع كل دولة خليجية سياديًّا من حيث الموقع والموارد وعدد السكان، وما هو نصيب هذه الدولة من التأثير محليًّا وإقليميًّا وعالميًّا.
  3. الإجابة عن تساؤل: هل إذا برزت الدولة محليًّا، فهذا سيعطيها الدور الإقليمي أو العالمي المطلوب؟
  4. أيضًا، النظر في مدى إمكانية تحقيق ما سبق ذاتيًّا، وما نصيب نجاحه؟ وإذا لم يتحقق، هل الاستعانة بأحدهم من خارج المنظومة الخليجية سيُحقِّق الهدف، وما هي التكلفة؟ حيث لا يمكن إلا أن يكون على حساب دولة أخرى أو أكثر في المنظومة.

وفي اعتقاد أ. فهد القاسم، فإن من الضروري لإتمام المصالحة الخليجية:

  1. إيقاف انتقاد بنود المصالحة عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، ومنع إعادة نَشْر ما قيل أو ما أُذيع إبان فترة المقاطعة.
  2. منع التجريح والاستهزاء والسباب لشعوب المنطقة وحكَّامها وحكوماتها.
  3. تجريم القائمين بهذه الممارسات.

وفي تقدير د. فوزية أبو خالد، فإن من المهم مراعاة أن يكون الثقل المجتمعي هو الظهر الرئيس والأول للحمة مجلس التعاون، والذي لم يُفعَّل بما يجعل له رأيًا أو دورًا في مشاركة فعلية وتفاعلية لمساندة هذا التجمع الوحدوي والوحيد الذي بقي متماسكًا في ظل انهيار كيانات وليس فقط تكتلات أخرى. ويبقى ضروريًّا تعميق المصالح المشتركة بين مجتمعات الخليج ودُولِه، بجانب تعالقه المصيري، في مجال التنمية البشرية الذي بقي غفلاً، وفي أحسن الأحوال مراوحًا من الشراكات الاقتصادية نحو عملة موحَّدة وسوق خليجية مشتركة إلى الشركات الثقافية والمعرفية والتقنية في مجال مؤسسات التعليم الجامعي والبحثي، وفي مجال الفكر والأدب، ومجال الفنون والرياضة ضروري لتشكيل أرضية تلاحم لدول مجلس التعاون تستعصي على تفكيك عُراها لمجرد هبات بعض رياح السياسة التي عادةً تتسم بالوقتية وبطبيعة طارئة. وربما مثل هذا التلاحم المعرفي على مستوى فكري وثقافي وتقني كان سيُخفِّف لو وُجِد أو لو كان موجودًا إنْ لم يمنع ذلك السيلَ من التهاوي الإعلامي على المنابر القديمة والجديدة. ولا يتركه لخطابات مُنفردة رسمية أو سواها من خطابات انتهازية، وربما أيضًا سيكون له ثقلٌ تحليلي ترشيدي أو بوصلي لرياح السياسة وعقلنتها قبل الأزمة أو إبانها إنْ لم يكن له دورٌ في تعليق الجرس؛ لتجنيب السفينة المشتركة دواعي الخلاف أو ادعاء أدوار قُطْرية في محيط إقليمي وعالمي مدجج بالحيتان، ولا يمكن مواجهته بالاستفراد.

وركَّز م. أسامة كردي على ضرورة الإسراع في تطبيق ما تمَّ الاتفاق عليه في إطار مجلس التعاون وما طُرِح من مناقشات حوله، مثل: السوق المشتركة، واقتسام الجمارك، والتأشيرات المشتركة، وتنقُّل المقيمين وفروع البنوك بدون تعقيد، والسماء المفتوحة، والاتحاد الخليجي، وغيرها كثير. لأنه كلما زاد الترابط، انخفضت إمكانيات الخلاف.

وفي تصوُّر د. محمد الثقفي، فإن تأخُّر حلِّ الأزمة، وتشعُّبها، وما تركته في الشعوب والحكومات، يتطلب ضرورة تحقيق المصالحة عمليًّا، ومتابعة ذلك، ومع جميع الأطراف، حتى لا يتكرر سيناريو 2015، ولا سيما أن النظرة الإستراتيجية لمستقبل دول الخليج تتطلب التعاون الجماعي ضد تهديدات المستقبل، وتناسي الطموحات الفردية.

وأشار د. حميد الشايجي إلى أهمية الوصول إلى تعاون حقيقي بين دول الخليج العربية وليس تنافسًا، والتكامل في المجالات المختلفة بحيث تتميز كل دولة ببعض المزايا وتُكمِّل أخواتها في ذلك؛ ليكون هناك تكامل واتحاد خليجي، وتكون لكل دولة حاجة تسدها أخواتها؛ وبذلك يكون هناك تعاون واعتماد متبادل بين دول الخليج يُحقِّق مصالح الدول، ويُقلِّل من سبل الخلاف. كما أنه لا بد من وضع ميثاق إعلامي بين دول الخليج للحدِّ من التراشقات الإعلامية، وعدم السماح بها أو التحريض عليها. ويُلاحظ أن هناك إجراءات قضائية اتُّخذت في بعض الدول الخليجية في حقِّ بعض المغردين عندما تطاولوا على بعض الدول الخليجية. فلماذا لا يكون ذلك إجراءً عامًّا ضمن ميثاق الشرف الإعلامي الخليجي؟

وتساءل د. عادل القصادي، هل هناك آلية أو أداة قانونية لدى مجلس التعاون للتحكيم أو حل النزاعات؟ وهل آنَ الأوان للمجلس كمنظمة إقليمية لشعوب طموحة لعملية إصلاح تتجاوز الشكليات إلى الهياكل والوظائف الرئيسية، ونماذج العمل المتبعة وأدوات (الصيانة الذاتية)؟ لدينا في المملكة تجربة للحوار الوطني أفرزتها ظروف خاصة، ولدى دول الخليج منصات ومنتديات للحوار جلها للقضايا العالمية مثل نقاش الدوحة Doha Debates، ولدى الإمارات والبحرين والكويت وعمان كذلك، هل أصبح هناك حاجة اليوم لمنصة للحوار الخليجي المؤسسي؟

وأوضح د. محمد المقصودي أن الواقع العملي فعلًا لا يشهد أداة قانونية فَّعالة لحل النزاعات بشكل سلمي، وعلى رأسها التحكيم المؤسسي مع وجود الكفاءات الخليجية المميزة، وهو مطلب سلمي عادل يُحقِّق متطلبات المجتمعات الخليجية بشكل قانوني منضبط بعيدًا عن الارتجال الذي قد يعتري بعض المزاج السياسي.

وبدوره، يرى م. فاضل القرني أن الحوار العملي والواضح يكون بتدرُّج، ويحتاج إلى فترة ليست سريعة. وسيكون كأنه بناء حتى يصل إلى جوانب تفصيلية ولها اعتبارات مهمة، مثل التنوُّع والتعدُّد في ديموغرافيا دول المجلس.

ولفت أ. جمال ملائكة النظر إلى أن الخطر الداهم على الأمن الوطني السعودي والأمن الخليجي والأمن العربي هو الخطر الإيراني، فهو خطر مباشر وأصبح مهددًا خطيرًا للأمن السعودي في خاصرته الجنوبية والشمالية (العراق)، ولولا التدخل الحاسم الذي قادته السعودية لابتلعت إيران البحرين، وأصبح التهديد من الشرق أيضًا. وفي تصوُّره، فإنه ليس هناك تهديدٌ إسرائيلي للأمن الخليجي، وما تطبيع بعض الدول الخليجية مع إسرائيل إلا ترجمة فعلية لهذا الفهم، ومن الممكن “ترويض” التهديد التركي الذي خسر الكثير سياسيًّا واقتصاديًّا ومحليًّا في بلاده. وبالتالي، ولمجابهة التهديد الإيراني المباشر؛ فلا بد من استثمار علاقة قطر بتركيا، والعمل على “جذب” تركيا للتوافق مع السعودية والخليج؛ مما سيعطي دفعةً قوية لمجابهة التهديد الإيراني الخطير جدًّا. وبالطبع، فإن هذا ليس بالأمر السهل، إلا أنه ليس مستحيلًا، فمن المعروف أن تركيا تتمتع ببراغماتية واضحة، وسيكون لها مصالح اقتصادية كبيرة نتيجة للتفاهم مع دول الخليج ومصر، كما سيُخفِّف الضغط السياسي العالمي عليها.

وترى د. الجازي الشبيكي ضرورة تشكيل مجلس حكماء خليجي من كِبار وكبيرات السن (تابع لمنظمات المجتمع المدني)، يؤدي دورًا مُستدامًا (وليس فقط ردود فعل للمشاكل والمقاطعات)، لتذكير الخليجيين بقوة الأواصر التاريخية بينهم، وامتداد العلاقات والمصالح المشتركة من خلال برامج وأنشطة ترتكز على أسسٍ سليمة مدروسة وتُنفَّذ بآليات عملية مناسبة وتُجدَّد فيها العضوية كل فترة بحسب قوة ونشاط وصحة الأعضاء.

وذكر أ. عبد الرحمن الطريري أن ما تمتلكه دول المجلس من قدرات بشرية واقتصادية وحتى عسكرية يمنحها فرصة الاستفادة من نموذج السوق الأوروبي المشترك وتطويره. وإذا ما نجحت في الحفاظ على نسب نمو تقارب 4%، عندها قد يتجاوز الخليج مجتمعًا الاقتصاد الروسي والهندي، ويكون مُقاربًا لحجم الاقتصاد الياباني. بالطبع، هذه الفرصة مرتبطة أيضًا بفرص تحقيق تقارب في ملفات، على رأسها سياسة خارجية شبه موحَّدة خاصة ما يرتبط بالخطر الإيراني، الذي يُهدِّد مقدرات دول الخليج مجتمعةً عبر تهديده الدائم لإمدادات الطاقة.

وفي اعتقاد أ. لاحم الناصر، فإن ما يجمع دول الخليج أكثر مما يُفرِّقها، عكس دول الاتحاد الأوروبي الذي استطاع أن يُوجد الثقة بين أعضائه، وأن يُوجِد آلية لحل الخلافات بينهم. ومن ثَمَّ، فمن المهم دراسة تجربة الاتحاد الأوروبي والنظر فيها بإمعان؛ للبحث في الآليات التي حقَّقت هذا التلاؤم، ومدَّت جسور الثقة بين أعضائه الصغار مع الكبار، ووحَّدت أهدافهم وإستراتيجيتهم، ومن المهم ألا يبدأ مجلس التعاون بالنظر في الوحدة السياسية، ولكن ليبدأ بالوحدة الاقتصادية من خلال سوق واحدة وعملة واحدة وبنك مركزي يرسم السياسات النقدية، وعند الوصول لهذا الأمر فإن الكثير من الخلافات السياسية ستضمحل نتيجة غلبة المصالح الاقتصادية، ولا مانعَ بعد ذلك من الانتقال لنوع من الوحدة السياسية.

ومن جهته، يرى د. محمد الثقفي أن استشراف مستقبل دول الخليج وتنميتها وحمايتها من التحديات والمخاطر، ويتطلب العمل الجاد لتفعيل المصالحة؛ لأن التجربة كانت قاسية بل وقاسية جدًّا، ولم يستفد منها سوى أعداء الخليج، سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي، وكان استخدام الإعلام فيها سيئًا جدًّا، سواء الرسمي أو حتى الخاص الموجَّه، والأخطر استخدامات الأفراد للإعلام الاجتماعي، وهي فرصة للاستفادة من التجربة المريرة والقفز عليها لعمل إستراتيجية يشارك فيها الساسة وأفراد المجتمعات الخليجية؛ من أجل إعادة الثقة في البعض، والتأكيد على المصير المشترك، والفرص المشتركة، والأهم العدو المشترك.

  • التوصيات:
  • إيقاع عقوبات رادعة على كلِّ مَن يُوظِّف المحتوى الإعلامي المنشور في أي وسيلة إعلامية أو منصة إلكترونية في الإساءة لدول الخليج أو للتشكيك في دور المصالحة الخليجية وأهميتها، مع الترحيب بالنقد البنَّاء والمنضبط بقيم مجتمعاتنا الخليجية وأعرافها.
  • بناء إستراتيجية شاملة متعددة الأبعاد لمجلس قوي ومتحد، توظِّف المزايا النسبية لدُولِه، وتُحقِّق العبور بهذا الكيان كسادس أكبر اقتصاد في العالم عام 2030 وفقًا لرؤية الملك سلمان بن عبد العزيز في قمة الدرعية 2015.
  • إقرار ميثاق خليجي يحترم الحدود المُرسَّمة والموروثة بين الدول الأعضاء من عهد الوصاية وما بعد الاستقلال.
  • الإسراع في تطبيق ما تمَّ الاتفاق عليه في إطار مجلس التعاون؛ كالسوق المشتركة، والترتيبات الجمركية، والتأشيرات المشتركة، وتنقُّل المقيمين، وتيسير افتتاح فروع البنوك والمؤسسات المالية والتجارية.
  • بلورة إستراتيجية سياسية تُحدِّد معايير العلاقات الدولية لدول مجلس التعاون، وتُحقِّق له التأثير ككتلة سياسية في التعامل مع المخاطر والتحديات وتحقيق المكاسب على المستويين الإقليمي والدولي.
  • تعميق المصالح المشتركة بين مجتمعات الخليج ودُوله في مجال التنمية البشرية والشراكات الثقافية والمعرفية والتقنية، وتفعيل الشراكات والتبادل بين مؤسسات التعليم الجامعي والبحثي، وتعميق الصلات بين مؤسسات الأدب والفكر والمؤسسات المعنية بالمرأة والشباب.
  • الاستثمار في شباب وشابات دول المجلس في المجال الإعلامي والاتصالي؛ لتوطين هذه الصناعة المهمة، والحيلولة دون توظيفها بما لا يتوافق مع قيم هذه الدول وشعوبها.
  • تقرير آلية قانونية لفض وحل النزاعات بين دول مجلس التعاون الخليجي، تتكون من مجموعة من الخبراء من داخل دول المجلس وخارجها عند الاقتضاء، بالتعاون مع المنظمات المماثلة في الاتحاد الأوروبي وغيرها، وأبرز تلك الآليات مراكز التحكيم.
  • تجنيب الإعلام الخوض في الخلافات بين دول المجلس، وتأطير الدور البنَّاء للإعلام من خلال وضع ميثاق إعلامي بين دول المجلس؛ للحدِّ من التراشقات الإعلامية، وعدم السماح بها أو التحريض عليها.
  • بناء منصات للحوار وآليات للتعاون والتواصل الإستراتيجي بين دول المجلس والمؤسسات العامة والنُّخب الفكرية والثقافية والإعلامية، وتعزيز الحوار الخليجي-الخليجي، وتفعيل (مجلس الحكماء)، والاستفادة من كل ذلك في صياغة مواقف خليجية متناغمة خصوصًا تجاه القضايا الحيوية المشتركة.
  • خلق مظلة برلمانية مشتركة ضمن إطار مجلس دول التعاون الخليجي لما يمكن تسميته ببرلمان دول الخليج؛ لتوظيف الخبرات البرلمانية والمعرفة التاريخية، ويكون مرجعًا لدعم اتخاذ القرارات السيادية والمشتركة فيما يخصُّ اللُّحمة الخليجية.
  • تسريع تطوير الجانب العسكري لدول المجلس من حيث المفاهيم والبحث والتطوير والتطبيق؛ للارتقاء بالقيادة العسكرية الموحَّدة وتحالفاتها.
  • النظر في تبنِّي مشروع للتحوُّل والإصلاح المؤسسي للأمانة العامة للمجلس لرفع كفاءتها وفعاليتها، ومنحها الصلاحيات الإدارية والمالية والأدوات اللازمة لتنفيذ المشاريع والمبادرات التكاملية بين دول المجلس، والإشراف عليها والاستفادة في ذلك من التجارب الدولية المشابهة كالاتحاد الأوروبي.

البيان الختامي للقمة

وبحسب الإعلان، فإن قمة قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في دورتها الحادية والأربعين، “قمة السلطان قابوس والشيخ صباح”، أكدت على الأهداف السامية لمجلس التعاون، التي نص عليها النظام الأساسي، بتحقيق التعاون والترابط والتكامل بين دول المجلس في جميع المجالات، وصولاً إلى وحدتها، وتعزيز دورها الإقليمي والدولي، والعمل كمجموعة اقتصادية وسياسية واحدة للمساهمة في تحقيق الأمن والسلام والاستقرار والرخاء في المنطقة.

ويعقد مواطنو دول المنطقة الأمل بأن يعيد “بيان العُلا”، الذي تم التوصل إليه في هذه القمة، العمل المشترك إلى مساره الطبيعي، وتعزيز أواصر الود والتآخي بين شعوب المنطقة، وفق البيان.

و”يؤكد توقيع جمهورية مصر العربية على بيان العُلا، توثيق العلاقات الأخوية التي تربط مصر الشقيقة بدول المجلس، انطلاقاً مما نص عليه النظام الأساسي بأن التنسيق والتعاون والتكامل بين دول المجلس إنما يخدم الأهداف السامية للأمة العربية”.

وبحسب البيان، فقد أظهر تحدي جائحة كورونا المستجد ما يمكن تحقيقه من خلال التعاون بين دول العالم في مواجهة هذا الوباء، حيث تمكنت مجموعة العشرين من تحقيق إنجازات غير مسبوقة خلال فترة رئاسة المملكة العربية السعودية في هذا المجال. ولا شك أن مواجهة الجائحة ومعالجة تداعياتها تتطلب تعزيز العمل الخليجي المشترك وعلى وجه الخصوص ما يلي:

  • التنفيذ الكامل والدقيق لرؤية خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، ملك المملكة العربية السعودية، التي أقرها المجلس الأعلى في دورته (36) في ديسمبر 2015، وفق جدول زمني محدد ومتابعة دقيقة، بما في ذلك استكمال مقومات الوحدة الاقتصادية والمنظومتين الدفاعية والأمنية المشتركة وبلورة سياسية خارجية موحدة.
  • تفعيل دور “المركز الخليجي للوقاية من الأمراض ومكافحتها” الذي تم تأسيسه في هذه القمة، انطلاقاً مما تضمنته رؤية خادم الحرمين الشريفين، وتمكينه بشكل سريع من تنسيق العمل الخليجي المشترك لمواجهة جائحة كورونا وغيرها من الأوبئة.
  • استكمال متطلبات الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة، وتحقيق المواطنة الاقتصادية الكاملة، بما في ذلك منح مواطني دول المجلس الحرية في العمل والتنقل والاستثمار والمساواة في تلقي التعليم والرعاية الصحية، وبناء شبكة سكة الحديد الخليجية، ومنظومة الأمن الغذائي والمائي، وتشجيع المشاريع المشتركة، وتوطين الاستثمار الخليجي.
  • الاستفادة مما تم تطويره من أدوات متقدمة للتعاون في إطار مجموعة العشرين، خلال فترة رئاسة المملكة العربية السعودية، في جميع المجالات، بما في ذلك تحفيز الاقتصاد، وإشراك قطاع الأعمال ومؤسسات المجتمع المدني وتمكين المرأة والشباب بشكل أكبر في التنمية الاقتصادية، وتشجيع المبادرات المتعلقة بالاقتصاد الرقمي، وتكليف الأمانة العامة للمجلس بالمتابعة ووضع الخطط والبرامج لتنفيذ ذلك بالتعاون مع بيوت الخبرة المتخصصة.
  • تنمية القدرات التقنية في الأجهزة الحكومية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي ضماناً لسرعة وكفاءة تنفيذ الخدمات والإجراءات، وتطوير المناهج التعليمية والرعاية الصحية والتجارة الرقمية. وتعزيز التعاون بين مؤسسات المجلس ومنظمة التعاون الرقمي التي تأسست عام 2020م، بما يحقق مصالح دول المجلس. 
  • تعزيز أدوات الحوكمة والشفافية والمساءلة والنزاهة ومكافحة الفساد من خلال العمل الخليجي المشترك وفي كافة أجهزة مجلس التعاون ومكاتبه ومنظماته المتخصصة، والاستفادة مما تم الاتفاق عليه في إطار مجموعة العشرين و”مبادرة الرياض” بشأن التعاون في التحقيقات في قضايا الفساد العابرة للحدود وملاحقة مرتكبيها، لما يشكله الفساد من تأثير كبير على النمو الاقتصادي، والتنمية المستدامة، والثقة المتبادلة بين الحكومات والشعوب.
  • تعزيز التكامل العسكري بين دول المجلس تحت إشراف مجلس الدفاع المشترك واللجنة العسكرية العليا والقيادة العسكرية الموحدة لمجلس التعاون، لمواجهة التحديات المستجدة، انطلاقاً من اتفاقية الدفاع المشترك، ومبدأ الأمن الجماعي لدول المجلس.
  • استمرار الخطوات التي قامت بها دول المجلس، ومجموعة العشرين برئاسة المملكة العربية السعودية، لمواجهة الجائحة وتخفيف آثارها محلياً وإقليمياً ودولياً، بما في ذلك مساعدة الدول الأقل نمواً في المجالات الصحية والاقتصادية.
  • تعزيز الدور الإقليمي والدولي للمجلس من خلال توحيد المواقف السياسية وتطوير الشراكات الاستراتيجية بين مجلس التعاون والدول والمجموعات والمنظمات الإقليمية والدولية بما يخدم المصالح المشتركة

وقد أكدت قمة “السلطان قابوس والشيخ صباح” ما يوليه قادة دول مجلس التعاون من حرص على تعزيز مكتسبات المجلس، وتحقيق تطلعات المواطن الخليجي، وتذليل كافة العقبات التي تعترض مسيرة العمل المشترك.

ووقع قادة دول مجلس التعاون الخليجي، الثلاثاء، على البيان الختامي للقمة الخليجية رقم 41، التي استضافتها مدينة العلا السعودية.

وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان افتتح القمة في وقت سابق من الثلاثاء، حيث أشاد بالدورين الكويتي والأميركي لرأب الصدع بين دول المنطقة، مؤكدا على دور القمة في تعزيز أواصر الأخوة.

واعتبر ولي العهد السعودي أن “الأنشطة الإيرانية تهدف لزعزعة الاستقرار بالمنطقة”، وأضاف: “نواجه تحديات السلوك الإيراني التخريبي”.

من جهته، قال أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح: “نهنئ الجميع بما تحقق من إنجاز تاريخي في قمة العلا. نسعى لدعم العمل الخليجي والعربي المشترك”، مشيرا إلى أن “إعلان اليوم سيسمى اتفاق التضامن”. كما ثمن أمير الكويت دور القيادة المصرية ودعمها لقضايا المنطقة.

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button