كتاب الأمن النووي وحماية البيئة

مقدمة : 

تعتبر الطاقة النووية من أهم الاكتشافات الإنسانية، حيث أصبحت شرطاً أساسياً للتنمية  المجتمعية في مختلف المجالات الاقتصادية والزراعية والصحية، وعبر التطبيقات المختلفة في المجالات السلمية بتنشيط البحوث العلمية المتخصصة، فمثلا الكهرباء في العالم أكثر من %70 منها مصدرها الطاقة النووية، لكن وبالرغم من استخداماتها السلمية العديدة في مختلف نواحي الحياة ، إلا أنها تشتمل على مخاطر عديدة قد تؤدي إلى فناء العالم أجمع إذا لم يحسن استخدامها، وبالتالي يصبح أمن العالم مهدد بالطاقة النووية العسكرية، وهذا ما يسمى الأمن النووي ومخاطر السلاح النووي الفتاك، ونظر لأهمية الذرة فقد أخذت الأمم المتحدة شعار ” الذرة من أجل السلام” شعارا لها من أجل تحويل كل استخدامات الطاقة النووية نحو الاستخدامات السلمية.

وعلى هذا الأساس فإن من أهم مهددات الأمن والسلم الدوليين هو سلاح الدمار الشامل، بمختلف أنواعه كالسلاح البيولوجي والسلاح الكيماوي والسلاح النووي، والذي يشكل وجودهم مصدر تخوف للإنسانية من شبح وقوع حرب نووية لا تبقى ولا تذر، ولهذا  اعترفت هيئة الأمم المتحدة  في ديباجة نظامها الأساسي على أن أحد أهم أهدافها حماية الإنسانية من شبح الحرب النووية وحفظ حقوق الأجيال القادمة، ما بالك في عصرنا الحالي، عصر التطور التكنولوجي، حيث أصبحت الدول تتباهى بتقدم صناعتها العسكرية لمختلف الأسلحة الفتاكة، وهذا ما يبرر تخوف البشرية جمعاء مع إمكانية استخدامها مثلما تم استخدامها من قبل في مدينتي هيروشيما وناكازاكي باليابان.

رغم هذه التخوفات فإن الشرعية الدولية في ظل معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية تسمح بإنتاج وامتلاك هذه الأسلحة لدول وتحرمها على دول أخرى ما جعلها تتعرض لنقد شديد لكونها تمييزية، وطالبت عديد الدول بالمحافل الدولية بضرورة تعديلها حتى يتم من خلال ذلك تحريم أسلحة الدمار الشامل نهائيا بمشاركة ومباركة كل القوى الفاعلة في المجتمع الدولي.

وعليه يعد موضوع الأمن النووي – الواقع والآفاق  موضوع الساعة خاصة بعد الصراع القديم الجديد بين الدول الكبرى حول امتلاك زمامه، وتخوف البشرية من عدم وجود صمام الأمن والأمان النوويين، وبالوقت نفسه استحالة التخلي عن الطاقة النووية نهائياً لكونها شرطاً أساسياً للتنمية إذ لا تنمية من دون أمن.  فالإنسان منذ بزوغ فجر البشرية كافح لأجل أمنه واستقراره ضد الطبيعة وضد كل ما من شأنه أن يؤثر عليهما، ويحاول جاهدا العيش في كنف الاستقرار والطمأنينة.

لقد زادت حدة تلك التحديات مع ظهور النزاعات المسلحة في عدة دول،  وانتشار ظاهرة التلوث النووي البيئي بسبب الحوادث النووية اللاإرادية كحادث تشرنوبيل باوكرانيا سنة 1986، وحادث فوكوشيما باليابان سنة 2011، وعديد الحوادث النووية الأخرى كالاعتداء على التنوع البيولوجي ما جعل الأمن البيئي في خطر كبير يستوجب توقيف زحفه في اقرب وقت حفظا للحقوق البيئية في العالم أجمع خاصة في ظل وجود قوى نووية خارج الشرعية الدولية.

ولدراسة ماهية الأمن النووي وحماية البيئة وتبيان المخاطر التي تحوم حولهما بسبب تكدس أسلحة الدمار الشامل وانتشار ظاهرة فوضى السلاح، ما يستوجب على الأمم المتحدة ومجلس الأمن تحديدا ايلاء المسألة الأهمية الكبرى لتخليص الإنسانية من شبح الحروب النووية وتعزيز الأمن البيئي في ضوء الاحترام التام لحق استخدام الطاقة النووية في الاوجه السلمية، وكيفية تحقيق الأمن النووي العالمي، ومسايرة أبعاد التنمية المستدامة وفق برنامج الأمم المتحدة الممتد لسنة 2030 .

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button