دراسات اقتصاديةدراسات سياسيةدراسات مغاربية

الجزائر والاتحاد الأوروبي: 16 سنة من..”رابح – خاسر”

يجد رؤساء مؤسسات ومنتجون أنفسهم أمام تحدي إثبات تواجدهم محليا، والمشاركة في التصدير خارج المحروقات خارجيا، ولكنه المسعى الذي عادة ما يصطدم بعوائق قانونية وإدارية وتنظيمية تكبح عجلة الاستثمار، وأخرى متعلقة بصعوبة ولوج الأسواق العالمية، بفعل اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، المنتظر إعادة النظر في بنوده.

وعدد فاعلون في الاستثمار مختلف العوائق التي تحد من مدى فاعلية استثماراتهم لتمكنهم من تصدير منتجاتهم. ورأى رئيس الجمعية الوطنية للمصدرين الجزائريين، أحمد باي ناصري، في حديثه لـ”الخبر السياسي”، أنه “من الناحية المبدئية، فإن ندوة برشلونة كان هدفها الاستقرار، وهذا من خلال طرحها القاضي بإدماج كل من المغرب، الجزائر، تونس، مصر، تركيا، الأردن ولبنان وغيرها، اقتصاديا مع أوروبا”.

وأوضح ناصري أن هذا الإجراء “جاء ليحقق ثلاثة أهداف، وهي: استقرار المنطقة، الأمن والازدهار”، لكن، يضيف محدثنا، “يتحرك الاتحاد الأوروبي فقط فيما يخص الجانب التجاري، رغم أن الاتفاقية تشمل أيضا الشق السياسي، الاجتماعي، التجاري، الاستثماري وغيرها”.

وانتقد ناصري انتهاك الطرف الأوروبي عددا من البنود، من بينها ما جاء في موقع الشؤون الخارجية الفرنسي الذي يناقض بند حرية تنقل الأشخاص، بالذكر أنه “لا توجد ضمانات في الجزائر”، وكذا تقليص التأشيرات للجزائريين.

وعليه، أكد المتحدث أن “الاتحاد الأوروبي له رؤية من زاوية ضيقة جدا”، رغم أن “استقرار الجزائر وأمنها هو استقرار أوروبا وأمن أوروبا”.

وفي نفس السياق، دعا إلى ضرورة “إعادة الاتحاد الأوروبي النظر في سياسته، وفيما إذا كان مستعدا لكي تكون الجزائر مندمجة في سلسلة القيمة الدولية أم لا”.

ومع ذلك، اعترف المتحدث بأن الجزائر أيضا ارتكبت أخطاء تسببت في تعميق الأزمة، ومن ذلك “القوانين غير المستقرة التي لا تشجع الأشخاص على الاستثمار في الجزائر، رغم وجود الإرادة”، وكذا البيروقراطية التي قال المتحدث إنها لا تصب في فائدة الاستثمار، من بينها “صعوبة الربط بالكهرباء والغاز ومنح رخص البناء، وغيرها”.

كما أشار المتحدث إلى “الظروف التفاعلية” التي قال إنه وجب إعادة النظر فيها مثل مشاكل “العقار الصناعي، والشركات الوطنية المغلقة، وغيرها”.

وعليه، دعا ممثل المصدرين الجزائريين إلى ضرورة “تغيير الرؤية تماما فيما يخص الاستثمار الأجنبي، خاصة أن الجزائر لا تملك سوقا تفاعلية”، ورغم وجود كل مسببات النجاح، حسب المتحدث، “من موقع استراتيجي، سوق جيدة، موارد بشرية، وغيرها، لكن لا تزال عجلة الاستثمار متعثرة”.

كما انتقد نفس المصدر، القول إن “الاستثمار لم يكن إيجابيا على ميزان مدفوعات الجزائر”، مؤكدا أن قاعدة الجزائر “ارتفعت بأربعة ملايير خلال العشر سنوات الأخيرة، وهذا بفضل الاستثمار”، وأنه من دون استثمار، يضيف، من “حديد، إسمنت، عجلات وغيرها لا ترتفع قيمة الصادرات خارج المحروقات”، وبالتالي يستنتج ناصري أن “كل شيء مرتبط بتوفير الظروف والقوانين للاستثمار الجيد”.

وأعطى ناصري مثالا عن مادة التمر، “حيث انتقلت من تصدير 23 مليون دولار، سنة 2013، إلى مائة مليون دولار سنة 2021، ومن المرتبة التاسعة عالميا في الاستثمار في النخلة إلى المرتبة الثالثة”.

كما دعا المتحدث إلى تشجيع استثمارات الأجانب الرابحة التي تمنح قيمة إضافية، وتحديد القطاعات اللازمة، وأن يكون الاستثمار مساعدا على تكوين الموارد البشرية الجزائرية، وفاعلا للتصدير بنسبة لا تقل عن الـ60 بالمائة”.

كون، يضيف، “من يريد الاستثمار لا يمكن أن يتقبل تلك المشاكل البيروقراطية والرشوة وعدم تعامل الإدارات الجزائرية بالرسائل البريدية وإجبار المتعاملين على التنقل إلى الإدارات لإيداع الملفات”.

ويضاف إلى ذلك كله، حسب ناصري، “العراقيل التي يتعرض لها المصدرون الجزائريون، والقوانين المجحفة في حقهم، من بينها فرض تبرير النفقات على المصدر”، معطيا بعض الأرقام والإحصائيات، منها أن 22 شركة مصدرة فقط، تمثل 90 بالمائة من الصادرات، و477 تمثل 9 بالمائة، و658 تمثل واحد بالمائة”.

وعليه، دعا ناصري الوزير الأول ليكون “أول ديبلوماسي اقتصادي، يتنقل مع رجال الأعمال الجزائريين، ليسندهم، ويفتح لهم الأبواب”.

من جهتها، صرحت رئيس الكنفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية، سعيدة نغزة، لـ”الخبر”، أن “الجزائر لا يمكن أن تعيش في منأى عن التكتلات المحيطة بها”، لهذا الغرض، تضيف: “سعت إلى إبرام اتفاقيات من بينها ذلك الذي يربطها بالاتحاد الأوروبي الذي يعتبر القوة اقتصادية القريبة جغرافيا من بلادنا”.

وعليه، أضافت المتحدثة أن “كل الاتفاقيات تستدعي، أولا، تقييما بعد مرور مدة معقولة، وثانيا النظر في جدواها ومدى آثارها بالنظر إلى الحالة الاقتصادية الحالية والسياسة الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة”، وأنه “لابد من التأكيد في كل اتفاقية على حماية المؤسسات الاقتصادية الوطنية التي لا تستطيع في هذا الظرف منافسة السلع المستوردة”.

وفي هذا الصدد، ذكرت نغزة أنه “بقدر ما يتوجب علينا فتح السوق أمام الاستثمار الخارجي واتخاذ تدابير لاستقطاب المستثمرين، بقدر ما علينا أن نكون حذرين بشأن نوعية وأصل السلع التي نستوردها”، مؤكدة أن “الجزائر رفعت شرط 51/49 وهي خطوة جريئة تعبر عن إرادتها في التعامل مع كل الأسواق العالمية”.

وعليه، قالت المتحدثة “نحن نرى في الكنفدرالية أن أية اتفاقية عليها أن تأخذ بعين الاعتبار المسلمات سالفة الذكر”.

ومع ذلك، عرجت نغزة على العراقيل التي قالت إن المصدرين الجزائريين يعانون منها، ولا بد من الاعتراف بها، حيث أن الكنفدرالية “تتلقى دوريا شكاويهم وانشغالاتهم”.

ومن ذلك، أشارت المتحدثة إلى أن “مهمة المصدر تكمن في توفير منتوج ذي نوعية وعلى الفاعلين الآخرين مرافقته والعمل على تسويقه في الأسواق العالمية”.

وخصت نفس المصدر بالذكر “إنشاء غرف للتبريد، تحسين نوعية التعليب، دور وزارة التجارة لاسيما في شقها الخاص بتطوير الصادرات، دور وزارة المالية في شقيها المالي والجمركي، دور وزارة الشؤون الخارجية عبر البعد الدبلوماسي الاقتصادي الذي أقره السيد رئيس الجمهورية، دور قطاع النقل والطاقة، دور مخابر الجودة والنوعية”.

وانتقدت المتحدث “أن يترك المنتج يتخبط مع الإدارات وتحت طائلة المتابعة القضائية في بعض الأحيان”، داعية إلى “تعلم العمل مع بعضنا البعض وإنشاء منصات محليا بالدول المستهدفة لتشجيع التصدير”.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى