دراسات سياسية

رسالة الى دولة الرئيس عمر الرزاز: اضرب ابن الأكرمين

دولة الرئيس عمر الرزاز المحترم:
تحية طيبة ، وبعد

تشرفت بمعرفة دولتكم في مناسبتين احدهما اكاديمية والأخرى وظيفية ، الاولى كنت فيها عضوا في لجنة جائزة المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات التي اختارت بحثك ” الطريق الصعب نحو عقد اجتماعي جديد” عام 2012 للفوز بالجائزة المستحقة ، والثانية مشاركتكم في عضوية مجلس امناء المركز الوطني لحقوق الانسان، ولعل ذلك كاف للحوار في موضوع الأزمة الاردنية الراهنة.
سيدي:
تدل اغلب الدراسات الخاصة بالعالم الثالث، أن الرضا الشعبي عن سياسات الحكومة مرهون بقيمة عليا تعلو على كل القيم طبقا لمنظومة القيم في كل مجتمع ، وهذه القيمة في مجتمعنا هي العدالة في توزيع العبء، وأشك في ان تجد المساندة من المجتمع حتى لو حققت له الكثير من الانجازات إذا لم يشعر بعدالة توزيع العبء ، فهي المنظور الذي يرى فيه الناس دالتهم للحكم على أي سياسات تتبناها ، فنحن مجتمع يميل لمفهوم البطل الشعبي الذي يقف في وجه الظلم ، ومعيارهم في ذلك مقولة عمر بن الخطاب الشهيرة ” اضرب ابن الأكرمين “.
بناء على ما سبق، أرى ان تكون القيمة العليا في منظومة خطتك الاستراتيجية هي ” عدالة توزيع العبء” في كل تفاصيل الخطة الاستراتيجية ، فالمجتمع يقبل أي عبء يلقى على كاهله إذا شعر ان هذا العبء موزع بطريقة تعكس القدرة على الحمل، وحتى لو كان الأمر ظلما ، فإن الناس تقبل الظلم إذا شعرت بأنه يطال الجميع ، فالمساواة في الظلم عدالة.

أين يكمن الخلل في توزيع العبء؟ :
أولا: عدالة توزيع الدخل بين الطبقات :
رغم ان مؤشر جيني (Gini Index ) في الاردن يقع ضمن حدود مقبولة (بين 33 و39)، إلا ان دولا عربية سجلت نقطة افضل من الاردن مثلا( فلماذا) ؟ ، والمقصود هنا هو ان يكون عبء الضرائب والاسعار والتشغيل …الخ مبني على اساس تحميل الطبقات العليا العبء بمقدار الفاصل بينها وبين قاع المجتمع، فإذا دفع الفقير دينارا لا بد ان يدفع الغني ما بين 33 و 39 دينارا ليكون العبء متوازنا… وحينها يضمر منحنى لورينز المعروف.
ثانيا: عدالة التوزيع الجهوي(بين المحافظات :مركز ومحيط) :
لدينا في الأردن 89 قضاءً، بعضها تصل فيها نسبة الفقر الى 71.5(وادي عربة –محافظة العقبة) او الرويشد 69,6% ، وهناك خمس اقضية زادت فيها نسب الفقر، ولعل بؤر الفقر هذه والتي تشعر بأنها الاكثر تعرضا للاهمال هي التي تشكل بؤر الخطر المحتمل، وعليه لا بد من توزيع النفقات بشكل عادل وتطوير هذه المناطق لتكون نقاط استقرار يساعد لاحقا على تخفيف الضغط على المراكز الحضرية الكبرى، وعليه لا بد من توزيع نفقات الدولة على المحيط بشكل يعكس النسبة السكانية والمساحة، لذا لا بد من نقل بعض التخمة من العاصمة الى الأطراف.
ثالثا: عدالة التوزيع الجندري بين المرأة والرجل
طبقا للمؤشرات المتوفرة للعامين الماضيين ، تراجع هذا المؤشر ليصل الى 0,6 نقطة، (أي ان المساواة بين الجنسين هي قريب ال 60 % )، وهو ما يعني ان الفجوة في عدالة نصيب المرأة او تمكينها ما تزال دون المستوى
رابعا: عدالة توزيع النفقات على قطاعات الدولة-
وسؤالي هنا ، لماذا يبقى الانفاق الدفاعي الاردني ضمن النسب الاعلى في العالم (4,8% من اجمالي الناتج المحلي) ونحتل المرتبة الخامسة عالميا في مؤشر GMI(العسكرة)، بينما مصر التي تعيش ظروفا لا تقل قسوة من الناحيتين الاجتماعية والامنية تنفق على الدفاع فقط 1,7% من الناتج المحلي.
خامسا: عدالة توزيع العدالة القضائية.
فطبقا ل. Rule of Law Index لعام 2017 كانت النسبة في الأردن هي 60% ، وهو ما يعني أن هناك 40% من العدالة والمساواة في تطبيق القانون لا تجاري المطلوب.

إذا أرادت حكومتكم ان تجد مساندة لها ، فعليها ان تجعل من ” عدالة توزيع العبء” هي الاساس ، لكنها لن تنجز ذلك إلا بمواجهة ” أبناء الأكرمين”، وهنا نقطة المواجهة التي يتنفسها الرضا الشعبي أو تخنقه..
مع تمنياتي بالتوفيق.

وليد عبد الحي

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى