خطة البحث:
مقدمة.
1/ الإطار المفاهيمي للتكامل.
أـ مفهوم التكامل وحالاته.
ب ـ مقومات التكامل وأنواعه.
ج ـ مفهوم الإعتماد المتبادل .
د ـ مفاهيم مرتبطة بالتكامل.
ه ـ مفهوم الإنتشار والتعميم.
2/ نظرية التكامل بين نظريات العلاقات الدولية.
أ ـ الوظيفية ونظرية التكامل.
ب ـ التكامل(العملية والواقع).
ج ـ التحالف ونظرية التكامل.
د ـ نظرية التكامل(مشكلة تحديد المفهوم والتعريف).
ه ـ نظرية التكامل ودور البيئة الدولية.
الخاتمة.
مــقدمـــة:
لقد منحت أدبيات التكامل والاندماج دفعا قويا لتطوير الصورة التعددية اللبيرالية للسياسة العالمية،وذلك بعدم اتخاذها للدولة كوحدة تحليل وتركيزها على جماعات المصالح الفاعلين عبر الوطنيين في إطار تفاعلات سوسيو اقتصادية شاملة، وطرح بدائل للتنظيم السياسي للمجتمع حيث يمكنه أن يعوض الدولة الوطنية، والتساؤل عن كيفية الوصول إلى تنظيم عالمي.ومن هنا يبدو التكامل كإستراتيجية لتحقيق أهداف معينة تتمحور عادة حول بناء السلام الدولي والتقليل من العلاقات الصراعية في السياسة العالمية،عكس الطرح الواقعي الذي ينظر إلى التفاعلات الدولية على أنها لعبة ذات طبيعة صفرية،فإن الأدبيات النظرية حول التكامل تعتقد أن التفاعلات الدولية بمكن أن تتحول إلى ما نسميه باللعبة الايجابية بشكل يسمح لكل اللاعبين بتحقيق الفوائد.
لكن إذا كان بناء السلم الدولي وتحقيق الرفاه الاجتماعي العالمي هو الهدف الأسمى لعملية التكامل والاندماج، فإن الاختلاف بقي قائما حول الأساليب والاستراتيجيات الكفيلة لتحقيق الاندماج على المستوى الإقليمي أو الدولي، وهذا ما يفسره وجود عدة تصورات نظرية حول تفسير ظاهرة التكامل محاولة تقديم أطر مفاهيمية بإمكانها المساهمة في بناء نموذج تكاملي.
فماهي ماهية التكامل؟، وما هي الأطر النظرية التي حاولت فهم وتفسير ظاهرة التكامل؟.
الاطار المفاهيمي للتكامل والإندماج:
أـ مفهوم التكامل وحالاته:
إيرنست هاس:”التكامل هو العملية التي تتضمن تحول الولاءات والنشاطات لقوى سياسية في دول متعددة ومختلفة نحو مركز جديد تكون لمؤسساته صلاحيات تتجاوز صلاحيات الدول القائمة”.(1)
إيتزيوني: “يعتبر المجتمع متكاملا إذا كان هذا المجتمع يمتلك سيطرة فعالة في استخدام أدوات العنف والإكراه،حيث يكون له مركزا لاتخاذ القرار يكون بموضع توزيع الثواب والعقاب، ويمثل البؤرة الرئيسية لتحديد الهوية السياسية للشعب”.(2)
لندبارغ:” التكامل هو العملية التي تجد الدولة فيها نفسها راغبة أو عاجزة في إدارة شؤونها الداخلية أو الخارجية باستقلالها في بعضها البعض، وتسعى بدلا من ذلك لاتخاذ قرارات مشتركة أو تفوض أمرها لمؤسسة أو منظمة جديدة، أو هي العملية التي تقتنع من خلالها مجموع المجتمعات السياسية بتحويل نشاطاتها إلى مركز جديد”.(3)
كارل دويتش:” هو الواقع أو الحالة التي تمتلك فيها جماعة معينة تعيش في منطقة معينة شعورا كافيا بالجماعية وتماثلا في مؤسساتها الاجتماعية وسلوكها الاجتماعي إلى درجة تتمكن فيها هذه الجماعات من التطور بشكل سلمي،أي حالة يحل فيها أفراد مجتمع واحد خلافاتهم سلميا بدون اللجوء إلى العنف”.(4)
إذن فالتكامل هو: عملية وحالة نهائية، على حد سواء. ويكون هدف الحالة النهائية عندما تندمج الأطراف الفاعلة هي تكوين جماعة سياسية. وتتضمن العملية أو العمليات الوسائل أو الأدوات التي تتحقق بوساطتها تلك الجماعة السياسية. ثمة شرط هام ينبغي إدراجه على الفور. يجب أن تكون عملية الاندماج (التكامل) طوعية وبتوافق الآراء. أما الاندماج الذي يجري بالقوة والقسر فهو امبريالية. رغم أن بناء الإمبراطوريات تاريخياً يتصف ببعض الخصائص التي تعزى حالياً إلى الاندماج، فإن الأبحاث الحديثة تصر على أن عملية الاندماج يجب أن تعتبر غير قسرية. وانطلاقاً من منظور تاريخي نجد أن أهم المحاولات الرامية لبناء جماعات سياسية كانت تتوجه نحو إنشاء دول الأمة. وكثيراً ما كانت المشاعر القومية تفضل وصف ذلك على أنه توحيد وليس اندماجاً. وبوسع الأبحاث الراهنة، بتأكيدها على الاندماج بين الأطراف الفاعلة من الدول، أن تقدم رأياً أبتر للعملية إن لم يتم إبلاء اعتبار واجب لأغراض بناء الأمم العائدة لعهود سابقة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)ـ عبد الله مصباح زايد، السياسة الدولية، بيروت، دار الرواد،2002.ص142.
(2)ـ نفس المرجع. ص165.
(3)ـ ثابت عبد الحافظ علي فتحي، النظرية السياسية، الإسكندرية، الدار الجامعية الجديدة،1997. ص217.
(4)ـ نصر مهنا محمد، النظرية السياسية والعالم الثالث،ط3، الإسكندرية،المكتب الجامعي الحديث،1998. ص26.
لا بد للجماعة السياسية المدمجة من أن تكون لديها بعض الخصائص البنيوية. فالاندماج بين الدول سوف ينتج، نموذجياً، شكلاً جماعياً لصنع القرار هو أقرب للنوع المثالي فوق القومي وليس دولياً. مثلاً، قد يتم اتخاذ القرارات الجماعية بأكثرية الأعضاء ويتم التخلي عن مبدأ الإجماع. وتكون الحاجة إلى تكامل السياسة ذات أهمية خاصة إذا كانت الجماعة الوليدة مسئولة عن توزيع السلع والخدمات على الوحدات المكوِّنة. وهذا ما يحدث بالتأكيد في تلك الحالات التي يكون فيها بناء الجماعة السياسية مرهونا بالاندماج الاقتصادي عبر الاتحادات الجمركية والأسواق المشتركة، هذا الجانب من بناء الجماعة قد شغل بشكل خاص اهتمام وانتباه دارسي الاندماج في فترة ما بعد 1945.
في الحد الأدنى، يفترض الاندماج وجود جماعة أمنية، أي نظام علاقات تخلى عن القوة والقسر كوسيلة لتسوية الخلافات. وخلافاً لهذا الشرط سوف يشجع الترابط الاقتصادي المشتركين المفترضين على الانخراط في أنواع العمل الجماعي المشار إليه أعلاه بغية تعزيز المصالح المتبادلة. ومن شأن الإقليمية – المعبر عنها استناداً إلى التشابه والتجاور على حد سواء – أن تعزز هذه النزعات. ومع المضي في عملية الاندماج سوف تتولى المؤسسات المركزية مهام ومسؤوليات وتفويضات جديدة. وهذا التوسع في المهمة التنظيمية، كما كانت تدعى، سيقترن بشكل إيجابي بعملية الاندماج.
في الجماعة المندمجة، تصبح للعمليات السياسية خصائص كثيراً ما تقترن بالسياسة ضمن الدول وليس بين الدول. فمثلاً”، تبدأ الأحزاب السياسية وجماعات المصالح في الضغط من أجل الطلبات وتفصح عن المصالح في المركز وفي المحيط. بل إنهم سيفضلون في النهاية التركيز على مكان القوة السابق وتنشأ جماعات تمثل مصالح اقتصادية واجتماعية وبيئية ودينية إضافة إلى تدابير حزبية تقليدية. وإذا كان الاندماج الاقتصادي مرحلة أولية أساسية لبناء الجماعة السياسية فقد يمكن بالتأكيد اقتران هذه الجماعات بقضايا الثروة والرفاه. فـ “قواعد اللعبة” بالنسبة لهذه الجماعات سوف تتضمن بشكل واسع الرغبة في العمل ضمن النظام بغية تحقيق أهدافها وبشكل خاص التزام بالتعددية كأسلوب سياسي. هذه الخاصية التعددية للعمليات السياسية سوف تؤدي إلى نشوء السياسة التي تتخطى الحدود القومية مع إدراك قسم متزايد الأهمية للسكان ضمن الدول الأعضاء أن المزيد ثم المزيد من توقعاتهم وطموحاتهم يتحقق ضمن البنية المدمجة.
يتعين على الجماعة السياسية تأمين ولاء ومحبة أكثرية السكان في وحداتها المكونة. وقد وفرت القومية، تاريخياً، خلال تكوين الدول الأمة، البنية التحتية الإيديولوجية والموقفية لتحول الولاء هذا. يترتب على الجهود المعاصرة الرامية إلى بناء الجماعات “بما يتجاوز الدولة الأمة”، يترتب عليها مهمة توفير مركز جديد للنمو الجابذ والقيام في الوقت ذاته بمجابهة اتجاهات القومية النابذة. وقد سعت جميع المذاهب النفعية والنفعية الحديثة والفيدرالية والكونفيدرالية للتصدي لهذا الجانب الحاسم للاندماج بطرقها الخاصة.
إن الاندماج عملية بالغة الإقناع في النظام السياسي العالمي المعاصر. وقد كان تطورها منذ 1945 إلى حد كبير على أساس إقليمي وحدثت أعظم عمليات التقدم ضمن أوروبا الغربية. وقد كان تطور جماعة أمنية هناك بعد الحرب العالمية الثانية شرطاً مسبقاً هاماً. وعلى الصعيد الخارجي كان تشجيع الولايات المتحدة اعتباراً من مشروع مارشال فصاعداً عاملاً مساهماً هاماً في ظهور كيانات جديدة في القارة. ومع ازدياد عدد الأطراف الفاعلة في التجربة الأوروبية فقد رأى بعض المراقبين أن الدينامكية آخذة في الضعف. ومن جهة أخرى، فقد ازداد نطاق الاندماج – الذي يقاس بعدد القطاعات/ القضايا التي تنطوي عليها عملية الاندماج.
حالات التكامل :
*التكامل القيمي: ويمكن تقسيمه إلى قسمين:
أـ نموذج التماثل: حيث تتماثل القيم أو تتكامل نتيجة وجود مصالح متطابقة للأطراف.
ب ـ النموذج السلمي: حيث ترتب القيم في درجات معينة بحيث يتم تسوية الصراعات طبقا للقيمة العليا في هذا السلم.
*تكامل الأطراف: ويتمثل في نموذجين:
أـ نموذج التشابهات العديدة بين الأطراف من حيث الحجم، المركز الدولي، التركيبة السكانية، البنى السياسية والإقتصادية.
ب ـ نموذج زيادة الاعتماد المتبادل في القطاعات السياسية، الاقتصادية والثقافية بين الأطراف إلى درجة يجعل التأثير على طرف معين يترك آثاره على الطرف الآخر.
*التكامل التبادلي بين الكل والجزء: وهو نموذجين:
أـ نموذج الولاء: يستمر ويتطور التكامل مادامت أطرافه مستمرة في دعمه.
ب ـ نموذج التوزيع: حيث يصبح وجود التكامل معتمدا على قدرته في تقديم نتائج إيجابية أو ما سمي بالمخرجات، مثل حماية كيان من الأهواء أو تحقيق مكاسب اقتصادية أو رفع معيشة السكان.
ب ـ مقومات التكامل و أنواعه:
للتكامل مقومات لابد من توفرها أو توفر معظمها لتأمين النجاح المتوخى منها:
ـ درجة من الهوية أو الولاء المشترك والملائمة والمصلحة المتبادلة بين الوحدات.
ـ إمكانية إقامة الاتصال والتفاعل الاقتصادي، الاجتماعي بين أطراف التكامل.
ـ التناسق في المكاسب والخسارة المشتركة، ولابد هنا من التشديد على أن التكامل قد يعطي زيادة ملحوظة في القدرة السياسية والنمو الاقتصادي والقدرة العسكرية وكثيرا ما تكون هذه الحوافز حاسمة نحو التكامل.
أنواع التكامل:
ـ التكامل الاقتصادي: يتمثل في تكوين الأسواق الاقتصادية المشتركة ويتم ذلك بوسائل ومظاهر عديدة مثل توحيد التشريعات الضريبية والجمركية وإزالة كل العوائق التي تحول دون التدفق الحر للسلع والخدمات ، وانسياب حركة العمل ورأس المال بين مختلف مناطق السوق.
ـ التكامل الاجتماعي: ويعني به عملية نقل الو لاءات القومية من مستوى الدولة إلى مستوى فوق الدولة وتنمية الاتجاهات فوق القومية، أي خلق الوعي فوق القومي.
ـ التكامل السياسي: والمقصود به عملية إدماج بعض المؤسسات السياسية القومية ونقل السيادة على السياسة الخارجية إلى أجهزة دولية مشتركة، والتكامل السياسي لايعني بالضرورة إلغاء الحكومات الوطنية،ولكنه يقتصر على نقل سلطاتها في بعض المجالات وباستثناء نموذج الوحدة الفيديرالية الكاملة فإنه لا توجد حاجة إلى مباشرة السيادة الكاملة على السياسات الداخلية للدول الأعضاء.
ـ التكامل الأمني: ويظهر في عملية الترتيبات الأمنية الجماعية وينبني في افتراضه على أن الدول الأطراف في هذه الترتيبات تتفق على اتخاذ القرارات المتعلقة بأمنها المشترك بأسلوب التخطيط والتنفيذ و القيادة المشتركة، والاعتقاد السائد هو أن التكامل الأمني لا يحدث عادة إلا في ظروف الأزمات وتفاقم التهديدات والأخطار المشتركة.(1)
(1)ـ عبد الله مصباح زايد، مرجع سابق، ص150.
ج/ مفهوم الاعتماد المتبادل (الترابط ):
يُفترض في السياسة العالمية أن العناصر الفاعلة متصل بعضها ببعض بحيث إنه إذا حدث شيء ما لعنصر فاعل واحد على الأقل، في ظرف واحد على الأقل، في مكان واحد على الأقل، فإنه سيؤثر في جميع الفاعلين. ففي أي نظام من العلاقات كلما ازداد عدد الفاعلين، وكلما ازداد عدد الأماكن والظروف، كلما ازداد الترابط. وكما بين كيوهان وناي (1977) فإن الترابط يفترض دائماً حساسية مرهفة، في المدى القصير على الأقل. فالتعريف آنف الذكر ينسجم مع فكرة الحساسية المرهفة المذكورة. ويتحدد ما إذا كان الترابط متَّسقاً أم لا بمعرفة ما إذا كان جميع الفاعلين في نظام ما يتأثرون على نحو متساو. ويعتبر الاتّساق صُوَّة يمكن استناداً إليها الحكم على حالات فعلية. ومن غير المحتمل أن يكون كاملاً على صعيد الواقع. ومن جهة معاكسة، إذا كان أحد الفاعلين في نظام ما غير مكترث نسبياً بتغيير ما في العلاقات في حين أن فاعلاً آخر يتأثر كثيراً من جراء ذلك التغيير، فعندئذ يكون الترابط غير متَّسق وهذا يمكن أن يؤدي إلى مجموعة علاقات تخضع لدرجة عالية من التأثير يكون فيها فاعل واحد أو مجموعة من الفاعلين معتمدين كلياً على فاعل ما أو مجموعة ما من الفاعلين. وهذا الوضع شديد التعرض للمؤثرات ويعتبره كيوهان وناي أثراً أطول أجلاً ومتحدداً بنيوياً للترابط. كما أنه يشبه تحليل القوة.
بما أن الترابط مصطلح حيادي، فقد تكون له معان إيجابية وسلبية. فأنصار الليبرالية الجديدة يرون أن درجة عالية من الترابط تؤدي إلى تعاون أكبر بين الدول. ولذا فإنه يدعم الاستقرار في النظام الدولي. ومن جهة أخرى، يجادل أنصار الواقعية الجديدة (مثل ك. ن. والتز) بأنه بما أن الدول تسعى للسيطرة على ما تعتمد عليه أو لتقليل اعتمادها على الأقل، فإن الترابط الزائد يؤدي إلى صراع وعدم استقرار. إن جزءاً من الاختلاف بين الموقفين مردّه إلى درجة الاتّساق (التناظر)/ الاعتماد/ شدة التأثر في العلاقة: فالقاعدة العامة هي أنه كلما ازداد الاتّساق (التناظر) كلما ازداد احتمال التعاون والاستقرار. ومن جهة معاكسة، كلما ازداد الاتّساق كلما ازداد احتمال الصراع وعدم استقرار النظام. ويميل مُنَظِّرو التبعية إلى الرأي الأخير. في أمريكا الجنوبية والعالم الثالث كثيراً ما ينظر إلى الترابط باعتباره مرادفاً للامبريالية “البنيوية” أو “الجديدة” حيث يُرى أن “الشمال” قد فرض على (ويستفيد من) اعتماد “الجنوب” على رأسماله وتكنولوجيته وأسواقه. وقد جعل تحول النظام الدولي من نظام أحادي المحور في معظمه إلى نظام متعدد المحاور في فترة ما بعد الحرب الباردة، جعل الكثيرين من أنصار الليبرالية الجديدة يجادلون بأن هذا يؤدي حتماً إلى زيادة الاتّساق. وينجم، بشكل خاص، عن انقضاء ظاهرة عميل القوى العظمى وإحلال العلاقات ذات الأساس الاقتصادي محل العلاقات ذات الأساس العسكري، ينجم عنه ازدياد درجات التفاعل، لا سيما على الصعيد المؤسسي. لذا فإن آلية التعاون، بالنسبة لـ “المؤسساتيين الليبراليين الجدد”، تتعزز على الصعيدين الإقليمي والعالمي، على السواء؛ فالاتصالات الدورية المنتظمة تؤدي إلى تنسيق السياسة والإزالة المتدرجة لحالات اللااتّساق المتطرفة.
ومع أن الأفكار المتعلقة بالترابط أصبحت شائعة جداً خلال سبعينيات القرن العشرين، فإن الكُتاب الأنفذ بصيرة أدركوا أن الترابط، بوصفه علاقات مميِّزة يمكن مماهاته بواحدة من أكثر سمات نظام الدولة ثباتاً، وهي التحالف. ومن الواضح أن أنشطة التماس الحلفاء وإقامة التحالفات يبشر بالترابط. وفي حالة التحالف تعتمد درجة الترابط على مقدار حاجة الحلفاء بعضهم إلى بعض ومقدار اعتماد بعضهم على قدرة بعض في مواجهة الخطر الخارجي. في القرن العشرين توسع مفهوم أهمية الترابط في مجالات قضايا الأمن العسكري خطوة أخرى مع فكرة الأمن الجماعي. وقد دفع الأمن الجماعي، انطلاقاً من مفهوم الترابط، حافز البحث عن الحلفاء خطوة إلى الأمام وسعى إلى إقامة نظام أمني يكون أكثر تنظيماً من التحالف التقليدي. وفي الوقت نفسه أدركت الاستجابتان المؤسساتيتان أهمية الترابط.(1)
وكما بيّن كتاب كيوهان وناي (1977)، فقد نزعت الأبحاث الأقرب عهداً إلى التركيز بالدرجة الأولى على مجالات القضايا الاقتصادية المتعلقة بالثروة والرفاه بدلاً من تلك المشار إليها آنفاً. وتفسير ذلك غير بعيد المنال. فالترابط يزداد مباشرة، بصفة عامة، مع حدوث التصنيع والتحديث. ثم إنه عندما تبدأ، وإذا بدأت، هذه العمليات فسوف تدعو الحاجة إلى وصول منتظم وروتيني للأسواق بغية تحقيق واستدامة النمو الاقتصادي. ويزداد الترابط وتنشأ تغذية رجعية معقدة بين بعض الأهداف الاقتصادية وعواقب الترابط. ويعتبر النظام التجاري عادة مثالاً نموذجياً لهذه العملية المتعلقة بالترابط الاقتصادي. وكلما كبرت نسبة التجارة إلى الناتج المحلي الإجمالي كلما ازداد اعتماد الدولة على النظام التجاري الدولي.
يعكس اهتمام الأبحاث قريبة العهد بالترابط هذه الحقيقة من حقائق الحياة الاقتصادية بدلاً من مجال القضايا العسكرية – الأمنية. بل لقد تم بناء منظور تام أو نموذج عن السياسة الكلية – التعددية – على أساس إدراك ذلك بوصفها عملية ثابتة ومنتشرة في النظام. وقد تأثرت الأفكار المتعلقة بالأنظمة والتحليل التجريبي لبناء الأنظمة، تأثرت بالدرجة الأولى جراء هذا القطاع من النشاط السياسي الكلي.
(1)ـ محمود الإمام محمد، تطور الأطر المؤسساتية للإتحاد الأوروبي، منشورات المنظمة العربية للتنمية الإدارية،1998.ص15.
د/ مفاهيم مرتبطة بالتكامل:
التعـاون:
محاولة لتقريب سياسات الدول في مجالات معينة، لا يؤدي إلى تكوين مؤسسات مشتركة و دائمة، إذ أنه ذو طبيعة مؤقتة . يتميز بوجود أهداف مجردة و غير مشتركة ، و إنما المشروع هو ما يخالف ذلك . و بالتالي فالتعاون هو عبارة عن سياسات وفاق، و تبادل ومشاركة في العديد من النشاطات، بين دول ذات مستوى إنمائي متفاوت.
الشراكـة:
تعتبر الشراكة إستراتيجية وطريقة متبعة من طرف الدول في التعاون مع بعضها البعض للقيام بمشروع معين ذو اختصاص معين وهذا بتوفير وتكثيف الجهود والكفاءات هذا علاوة على الوسائل والإمكانيات الضرورية المساعدة على البدء في تنفيذ المشروع أو النشاط مع تحمل جميع الأعباء والمخاطر التي تنجم عن هذه الشراكة بصفة متعادلة بين الشركاء.
يختلف مفهوم الشراكة باختلاف القطاعات التي يمكن أن تكون محلا للتعاون بين الدول وباختلاف الأهداف التي تسعى إليها الشراكة.(1)
وتتضمن تعاونا دوليا سياسيا كان أو في شكل مساعدات اقتصادية أو تقنية أو مالية بين عدة دول، ما يميز هذا المفهوم هو قضية وجود الأجهزة الدائمة كما أنه توجد هناك مصالح مشتركة.
التبعيـــة:
عبارة عن علاقة يطبعها القوة بين الأطراف، حيث أن الطرف القوي يكون في حالة تسمح له باستغلال الطرف الضعيف بما يضمن تقدمه على حساب تخلف الثاني ، و عليه فالتبعية تقوم على فكرة التلازم بين التقدم و التخلف. كما تعرف التبعية بهذا الشكل على أنها اعتماد متبادل غير متسق أو غير متكافئ، كما أنه لا توجد مصالح مشتركة.
وكما بين كيوهان وناي (1977) فإن الترابط الغير متوازن يفترض دائماً حساسية مرهفة لا تؤدي بالضرورة إلى تحقيق المصالح لكل الأطراف بل إن ما يميز مثل هذه العلاقات هو غياب مصالح مشتركة.(2)
لذا تتميز التبعية بأنها تتميز بأنها علاقة لا تهدف إلى خلق مؤسسات أو أجهزة دائمة.
الفوق قومية :
و يعبر هذا المفهوم على الانتقال الحاصل على مستوى دراسة العلاقات الدولية و يقصد بذلك التحول من المنظور الواقعي التقليدي إلى منظور تعددي أوسع من السابق بحيث تم الانتقال من التصور السائد بسيطرة الدولة على الحياة السياسية بما فيها التفاعل مع المحيط الخارجي إذ أنه لم يعد الحديث عن علاقات بين وحدات تمثلها الدول فحسب، و إنما اتسعت تلك العلاقات لتضم أنواعا أخرا من العلاقات. فالفوق قومية تهتم عموما بالمسارات السياسية ضمن الدول ، و تركز على الروابط بين المجتمعات و الأفراد أكثر من العلاقات التي تجمع الدول،و ذلك نتيجة التطور الهائل في المجال التكنولوجي و في مجال النقل و الاتصال و كذا تبادل السلع …الخ.
(1)ـ نصر مهنا محمد، مرجع سابق. ص87.
(2)ـ ثابت عبد الحافظ علي فتحي، مرجع سابق. ص112.
يعرف جيمس روزنو الفوق قومية بأنها : مسارات من خلالها العلاقات الدولية الموجهة من قبل الحكومات تكمل العلاقة بين الأفراد و الجماعات و المجتمعات يمكن أن تكون لها تأثيرات على مجرى الأحداث.(3)
(3)ـ محمود الإمام محمد، مرجع سابق. ص18.
ه/ الإنتشار والتعميم:
ويعني تطور التعاون الدولي في حقل واحد يؤدي إلى خلق التعاون في المجالات الأخرى، إذ أن التعاون في هذا الحقل كان ناتجا عن الشعور بالحاجة إلى هذا التعاون، ولكن إقامة هذا التعاون سيؤدي إلى خلق حاجات جديدة وبالتالي الدفع نحو التعاون في مجالات أخرى، هذه النشاطات عند انتشارها ستساهم في توجيه النشاطات الدولية وتدعيم الاتجاه نحو خلق سلام عالمي، إذ أن انتشار التعاون الدولي بشكل كبير في المجلات الفنية سيؤدي إلى تمكن هذا التعاون من تجاوز ضرورة التعاون السياسي لإقامة التكامل، حيث أن التكامل الاقتصادي، الفني هو الذي يدعم أسس الاتفاق السياسي حتى وإن لم يجعل منه أمرا ضروريا.(1)
ويمكن القول أن ثمة الكثير من العوامل المنطقية التي تساهم في التعميم والانتشار، والتكامل في معناه النهائي هو العملية التي يجري فيها رفع مستوى المصالح المشتركة بين الدول.
إذ أن التعميم لا يحدث بشكل آلي ولكنه مرتبط بإرادة الأطراف واستعدادها للتكيف مع الواقع الجديد من جهة وتعميمها للنجاح في قطاع على قطاعات أخرى من جهة ثانية.
(1)ـ عبد الله مصباح زايد، مرجع سابق. ص167.
2/ نظرية التكامل بين نظريات العلاقات الدولية:
أ/الوظيفية ونظرية التكامل:
يدين دارسو التكامل في الوقت الحالي بقسط كبير لمفهوم الوظيفية، حيث أن دراسات الباحث “دافيد ميتراني” تركت أثرا واضحا على نظريات التكامل ويقول “إن تزايد التعقيد في النظم الحكومية أدى إلى تزايد كبير في الوظائف الفنية وغير السياسية التي تواجه الحكومات ومثل هذه الوظائف لم تؤدي فقط إلى زيادة الطلب على الاختصاصيين المدربين على المستوى الوطني ولكنها لعبت دورا في المشكلات الفنية على المستوى الدولي، وإذا أصبح من الممكن إيلاء مثل هذه المشكلات إلى المختصين وفصل نشاطهم إلى حد ما عن القطاع السياسي فإنه من الممكن والحالة هذه إنجاز التكامل الدولي”.(1)
إن تزايد المشكلات ذات الطابع الفني على المستوى الوطني سيساهم في اتساع قاعدة التعاون الدولي في هذا الحقل.
ويبرز في نظرية “ميتراني” مبدأ الانتشار الذي يعني من وجهة نظره أن تطور التعاون الدولي في حقل واحد يؤدي إلى خلق التعاون في مجالات أخرى.(2)
وفي أعقاب الحرب العالمية الأولى لاحظ “ميتراني” أن الدولة القومية عاجزة من حيث الإمكانيات عن تحقيق السلام أو تحسين المستوى الاجتماعي والاقتصادي لمواطنيها، واعتبر أن الصراع والحرب هما نتيجة تقسيم العالم الى وحدات قومية منفصلة ومتناحرة،وكبديل لهذه الوضعية اقترح “ميتراني” الإنشاء التدريجي لشبكة من المنظمات الاقتصادية والاجتماعية عبر القومية والعمل على تشكيل وقولبة التوجهات والولاءات لجعل الجماهير أكثر تقبلا للتكامل الدولي.
(1)ـ دورتي جيمس، بالستغراف روبرت، النظريات المتضاربة في العلاقات الدولية. ترجمة عبد الحي وليد. المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر.1985.ص270.
(2)ـ عبد الله مصباح زايد، مرجع سابق.ص167.
ب ـ التكامل(العملية والواقع):
على الرغم من أن الدراسات اللاحقة بعد”ميتراني” سارت على خطاه في بحث موضوع التكامل إلا أن البعض من الباحثين وضع تعريفات وتحديدات جديدة لمفهوم التكامل مثل تعريف “هاس”(راجع تعريف هاس في الإطار المفاهيمي) الذي ذهب إلى حد جعل عملية التكامل مرتبطة بربط النظام الدولي المقترح للمستقبل، ويقول”إذا فهمنا الوضع الحالي على أنه سلسلة من التفاعلات والتمازجات بين عدد من البيئات الوطنية من خلال المشاركة في المنظمات الدولية فإن على التكامل أن يحدد العملية التي يتم من خلالها زيادة هذا التفاعل بهدف المساعدة على تلاشي الحدود بين المنظمات الدولية والبيئات الوطنية”.(1)
ولكن “إيتزيوني” ينظر الى التكامل من زاوية مختلفة إذ يعتبر أن المجتمع متكاملا إذا كان هذا المجتمع”يمتلك سيطرة فعالة في استخدام أدوات العنف والإكراه، حيث يكون لهذا المجتمع مركزا لاتخاذ القرار يقوم بدور توزيع الثواب والعقاب داخل المجتمع، ويمثل البؤرة الرئيسية لتحديد الهوية السياسية للشعب”.(2)
ومن خلال ذلك نرى أن”إيتزيوني” يعتبر المجتمع يسير نحو التوحيد السياسي إذا توفرت فيه مقومات التكامل، بمعنى أن وجود التكامل سابق على التوحيد والدور الذي يلعبه التوحيد هو تعزيز الروابط بين القوى أو الوحدات التي تشكل في مجموعها المجتمع والنظام.
وفي تحليل آخر يرى “فيليب جاكوب” “أن التكامل يتضمن بشكل عام إحساسا بالجماعية بين أفراد الشعب في كيان سياسي واحد، وهو ما يعني وجود روابط مشتركة بين الأفراد تجعلهم يشعرون بذاتية خاصة بهم”. (3)
(1)ـ دورتي جيمس، بالستغراف روبرت، مرجع سابق. ص271.
(2)ـ نفس المرجع السابق.نفس الصفحة.
(3)ـ نفس المرجع. ص272.
ج/التحالف ونظرية التكامل:
في محاولة منهما بناء نظرية خاصة بالتحالف وظف “ليسكا” المعلومات التاريخية في حين استخدم “ريكر” نظرية اللعب والنماذج الرياضية وطبقها على المعلومات التاريخية، وكلا النظريتين أعطيتا أهمية كبرى لموضوع عدم الاستقرار في نظم التحالف، ويرى”ليسكا” أن التحالف يتفكك نتيجة إقدام احد أطرافه على التوصل لاتفاق سلام منفرد مع العدو خلال الحرب، ولذا فان إغراء طرف من الحلف المعادي لعقد اتفاقية سلام منفردة يمثل احد الاهتمامات الإستراتيجية للدول المتحالفة، أما “ريكر” فانه يشير في نظريته إلى حالة عدم التوازن داخل التحالف أو الائتلاف.
وبالرغم من بعض الاختلافات بين نظرية التحالف ونظرية التكامل إلا أن بينهما تشابها كذلك، فمثلا “يكر” يركز على دور الاتصال بين الأطراف لا سيما في تحديد التحالف، إذ كلما كانت الاتصالات كلما كان حجم التحالف أكبر من الهدف المطلوب، وهو ما ركز عليه”دويتش” و”إيتزيوني”، إضافة إلى ذلك فان “دويتش” يركز على دور المنطقة المركز في إقامة الحدة الاندماجية في حين يؤكد”ليسكا” أن صلابة التحالف تعتمد على دور القوة المركزية في التحالف، أما “هاس” فانه يركز على البعد البراغماتي في دفع الدول لتحالف وتتكامل مع بعضها البعض.(1)
كذلك فان دور الدول والأهداف المتوخات من قبلها للتحالف مرتبطة بمدى الإمكانيات المتوفرة لكل منها، ولذا فان زيادة قوة” القوة المركزية” للتحالف يساهم في تدعيم كفاءة التحالف.
د/ نظرية التكامل(مشكلة تحديد المفهوم والتعريف):
إن النظرية التكاملية تعاني من بعض الثغرات لا سيما في عدم وجود تعريف مشترك لمفهوم التكامل أو اتفاق عام على مؤشرات التكامل.
ويرى “ناي” أن سبب عدم الاتفاق هذا راجع إلى أن بعض الباحثين يضع نموذجه التكاملي من خلال دراسته أسباب التكامل أو ديناميكية التكامل، بينما يضع آخرون نماذجهم استنادا لدراسة التكامل بعد انجازه، ومن هنا فان اختلاف مؤشرات التكامل تؤثر على تباين التعريفات، فمثلا بعض الباحثين يؤكدون على تدفق التعامل بين الأطراف مثل تدفق التجارة أو السياحة…الخ، أو أي شكل من أشكال الاتصال الفني.
ولكن يبقى التساؤل هل التعاملات هذه بين الأطراف تسبق أم تعزز أم تنتج أم تسبب التكامل،والإجابة على هذا التساؤل لها أهمية كبيرة عند وضع الإطار النظري لتفسير أسباب التكامل.
فمثلا عند دراسة الاتصال الاجتماعي هل ندرسه قبل التكامل أم انه نتيجة لحالة التكامل سادت الإقليم في فترة سابقة، ونكون بذلك لانفعل سوى تطبيق نظرية الاتصال على مجتمع قائم ولكننا لم نعرف كيف وصل المجتمع إلى التكامل في الاتصال، بمعنى آخر هل الاتصالات الموجودة داخل المجتمع هي سبب في التكامل، فإذا قلنا أنها سبب في ذلك يعني أنها موجودة قبل، ولكن إن كانت موجودة قبل التكامل يعني ذلك أن هناك تكاملا سابقا، وهنا تصبح المشكلة من السبب ومن النتيجة: التكامل أم الاتصالات.(1)
ه/ نظرية التكامل ودور البيئة الدولية:
توجه لنظرية التكامل انتقادات خاصة بإهمالها دور البيئة الدولية في عملية التكامل، فيرى “هوفمان” أن الفشل الواضح في تعميم التكامل في أوروبا الغربية يعود إلى سببين:
ـ تنوع وتباين دول أوروبا الغربية.
ـ نظام الثنائية القطبية الذي ساد بعد الحرب العالمية الثانية.
فنجاح السوق الأوروبية في تحقيق النمو الاقتصادي دعم من توجه دول السوق للتصرف الفردي، كذلك فان التغير في البيئة اثر على توجهات الدول الأوروبية من التكامل، ففي الوقت التي تبذل دول “البينلوكس” استعدادها للاعتماد على الولايات المتحدة من الناحية الأمنية، تسعى فرنسا من جهتها لتنشيط التوجهات لخلق نظام دولي متعدد الأقطاب،أي أن التوجهات مختلفة في هذا المجال بين الدول الأوروبية وهذا سيؤثر على التكامل بينهما، من هنا أصبح الموقف الفرنسي على النحو التالي”إن التكامل مرغوب فيه إذا أدى إلى تحرير أوروبا من نظام الثنائية القطبية،ولكنه غير مرغوب فيه إذا فشل في تحرير أوروبا من هذا النظام أو اقتصر التكامل على ربط فرنسا بالتطلعات القومية الألمانية”، أما بريطانيا فمفهومها للتكامل مرتبط بسياستها الخارجية.
مما سبق نستنتج أن العلاقات بين دول أوروبا الغربية خاضعة لتباين النظرة من دولة لأخرى نحو العالم الخارجي وهو ما يبقي النظم الإقليمية في وضع خطر.
وكلما كان الإقليم اقل استقلالية في الشؤون الدولية، يتأثر بالواقع الدولي بشكل كبير، حيث أن العوامل الدولية الخارجية تصبح أكثر أهمية في موضوع التكامل، كما أن دراسات التجارب التكاملية في أوروبا وأمريكا اللاتينية وشرق إفريقيا تدل على تفاعل كبير بين العلاقات بين الوحدات في إقليم معين وبين العوامل الدولية الخارجية.(1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)ـ جيمس دورتي، روبرت بالسغراف،نفس المرجع السابق. ص301ـ 302