دراسات اقتصادية

التكنولوجيا والتنمية الاقتصادية والمفاهيم ذات العلاقة

المبحث الثاني: الحظر التكنولوجي

أولاً – مفهوم الحظر

1- الحظر كأحد الوسائل المستخدمة في الحرب الاقتصادية

ان تحقيق النصر في الحرب لا يستند الى القوة العسكرية فحسب ، بل يستند الى كافة وسائل التأثير الستراتيجي كالتهديد السياسي ووسائل الاعلام والدعاية والحرب الاقتصادية([1]).

وتعد الحرب الاقتصادية عنصراً هاماً من عناصر الحرب النفسية ، وقد برز هذا المفهوم وتطور استخدامه في بريطانيا قبل الحرب العالمية الثانية مباشرة ، وهذا لا يعني أن الحرب الاقتصادية لم تكن معروفة قبل ذلك التاريخ ، الا أن تشابك العلاقات الاقتصادية وحرص البلدان النامية على استغلال امكاناتها التي استنزفها الاستعمار ومحاولتها تثبيت استقلالها السياسي عن طريق السيطرة على مواردها ، قد أدى الى ظهور وتطور مفهوم الحرب الاقتصادية بشكل لا يقل في قوته وتأثيره عن باقي أنواع الحروب ، ففي نهايات القرن الثامن عشر أدرك نابليون أهمية التجارة ودورها في رخاء وقوة بريطانيا ، فوضع ما عرف (بالنظام القاري) أو (الحصار القاري) الذي أغلق بموجبه موانئ أوربا في وجه السفن البريطانية بهدف خنق تجارتها وإضعاف اقتصادها وماليتها([2]).

استخدم مفهوم أو اصطلاح الحرب الاقتصادية في بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية للاشارة الى التدابير الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية التي تتخذ لتعطيل المجهود الحربي للعدو([3]). وتعرفها الكلية الصناعية للقوات المسلحة الامريكية بأنها (استعمال التدابير الاقتصادية للهجوم على الاهداف الاقتصادية)([4]).

وفي كتابه (الحصار الاقتصادي) ينقل مدليكوت W.N. Medlicott مفهوم العقيدة الانكليزية للحرب الاقتصادية بأنها (عملية عسكرية يمكن أن تقارن بعمليات الأسلحة المقاتلة الثلاثة في أن غرضها هو هزيمة العدو ، ثم انها تكملة لعمليات الأسلحة الثلاثة من ناحية ان وظيفتها حرمان العدو من الوسائل المادية للمقاومة ، ولكن على اختلاف عمليات القوات المسلحة فان نتائجها لا تتحقق بالهجوم المباشر على العدو فحسب ، بل ايضاً بالضغط على البلدان المحايدة التي يحصل منها العدو على تموينه وإمداده)([5]).

لذا فان الحرب الاقتصادية تهدف الى تخريب الاقتصاد القومي للدولة بمختلف الوسائل لزعزعة الاستقرار الداخلي والتأثير على الميادين الاخرى العسكرية والسياسية والاجتماعية والنفسية وبما يسهل للقوى الخارجية التحكم في سياسة واقتصاد البلد المعني([6]).

ومن الوسائل المستخدمة في الحرب الاقتصادية ما يأتي([7]) :

أ- الحظر (Embargo)

الحظر لغة يعني الحجر وهو خلاف الاباحة، أما بالمفهوم القانوني فان الحظر (Embargo) يعني العقلة أو الحجز ، وهو أحد النظم القانونية لمادة القانون البحري الدولي.

وطبقاً للمفهوم التقليدي كان الحظر يعني حجز أو عقلة سفن تحمل راية دولة ما بقصد ممارسة الضغط على حكومتها. وكان هذا المفهوم معروفاً من العهد الروماني وشاع استعماله خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ، ثم تم التخلي عنه لعدم ملاءمته لتطور العلاقات الدولية خاصة مبدأ حرية الملاحة ، وتبلور مفهوم حديث للحظر فأصبح يعني منع الصادرات نحو دولة أو مجموعة من البلدان([8]).

ويعد الحظر أحد نظم الحرب الباردة ، إذ ان العدد الأكبر من قرارات الحظر قد صدر عن دول الكتلة الغربية مستهدفة بشكل خاص دول المعسكر الاشتراكي ، وعده آخرون اجراءً وسطاً بين السلم والحرب ، الا أن جمهور الفقهاء الفرنسيين يرى أن الحظر يمثل أداة ضغط ووسيلة انتقام([9]).

ب- المقاطعة الاقتصادية (Economic Boycott)

اذا كان المفهوم الحديث للحظر يعني منع الصادرات نحو دولة معينة أو مجموعة من البلدان ، فان المقاطعة الاقتصادية تشمل الصادرات والواردات على حد سواء ، وهو الاجراء الذي اصطلح عليه بقطع العلاقات الاقتصادية والتجارية مع العدو ، ويتعدى ذلك الى المؤسسات التي تعمل لخدمة مصالحه والتابعة لبلدان أخرى من خلال وضعها في القائمة السوداء (Black list).

وقد يستخدم هذا الاجراء في ظروف السلم والحرب ، وتتوقف نتائجه على مدى التزام البلدان المشاركة فيه بمراعاة الدقة والأمانة في تنفيذه ، وكما هو الحال بالنسبة للمقاطعة العربية للكيان الصهيوني وأية مؤسسة تتعامل معها ، والذي ثبت امكانية نجاحه لولا تقاعس بعض البلدان العربية عن الالتزام بقرارات المقاطعة ، اضافة الى عوامل أخرى منها مساعدات البلدان الغربية الاستعمارية للكيان الصهيوني وتمكن الأخيرة من ايجاد منافذ لها الى آسيا وأفريقيا.

ج- الحصار الاقتصادي (Economic Blockade)

الحصار يعني قيام القوات البحرية بدولة ما ، وعند الاقتضاء سلاحها الجوي ، باعتراض وسائل النقل البحري للعدو وتفتيشها ، وقد عد بعض أساتذة القانون الدولي الحصار بأنه وسيلة يراد بها بلوغ النجاعة في تطبيق الحظر ، كما عده أستاذ القانون الدولي (جون يباركوت) بأنه عملية حرب بحرية وبأنه اجراء انتقامي يفترض وجود حالة حرب سابقة([10]).

وورد في موسوعة الامم المتحدة بأن الحصار يعني (قطع اتصال دولة ما مع العالم بهدف إلزامها بقبول شروط مفروضة عليها) وهو يمثل شكلاً من أشكال استخدام القوة والحرب الواردة في المادة (42) من الميثاق([11]).

والحصار الاقتصادي هو نوع من الضغط الغرض منه حرمان البلد العدو من المواد الستراتيجية الأمر الذي يؤدي الى تفاقم الأزمة الاقتصادية وبالتالي تدهور الموقف الداخلي.

ويتمثل الحصار الاقتصادي بتقييد حركة التجارة الخارجية (نشاطي الاستيراد والتصدير) للبلد المعني من خلال استخدام القوات البحرية والجوية لايقاف عمليات الشحن البحري القادمة والخارجة بغية تفتيش حمولتها ووجهاتها والتحقق منها لضمان تنفيذ أو تطبيق الحظر والمقاطعة الاقتصادية.

وبهذا يكون الحصار الاقتصادي أكثر قوة وصرامة وتأثيراً من وسائل الحرب الاقتصادية الاخرى المتمثلة بالحظر والمقاطعة ، ويكون تأثير الحصار أكثر فاعلية كلما زاد اعتماد البلد على قطاع التجارة الخارجية الأمر الذي سيمنعه من الحصول على العملات الاجنبية والسلع الستراتيجية([12]).

د- الوسائل الأخرى

  • شراء المواد الستراتيجية من البلدان المحايدة وبكميات أكثر من حاجتها للمجهود الحربي، هادفة من ذلك حرمان العدو من الحصول عليها.
  • إضعاف العلاقات الخارجية للبلد العدو مع البلدان الأخرى خاصة تلك التي يعتمد عليها البلد العدو في مشترياته من السلع الستراتيجية ، وذلك من خلال توثيق العلاقات معها أو إغرائها أو الضغط عليها لتقليص علاقاتها الاقتصادية مع البلد العدو.
  • تخريب اقتصاد البلد العدو من خلال تهريب العملة أو السلع الضرورية من ذلك البلد، أو التأثير على السياسة الاقتصادية.
  • تدمير المنشآت الاقتصادية الحيوية والبنى التحتية ذات الصلة بالمجهود الحربي ، كمشاريع الطاقة والاتصالات ومخازن الحبوب والمواد الغذائية.
  • إغراق البلد العدو بالقروض والمساعدات ، والتهديد بقطعها في حالة انحراف البلدان عن سياستها، أو سحب هذه القروض كما حصل عندما سحبت الولايات المتحدة الامريكية قرض تمويل السد العالي في مصر عام 1956.
  • تهديد الأمن الغذائي، من الأمثلة على ذلك استخدام الولايات المتحدة الامريكية القانون رقم (480) الخاص بفائض الأغذية كسلاح قوي في حربها الاقتصادية ضد البلدان التي ترفض مسايرة ركب السياسة الامريكية.
  • السيطرة من خلال الشركات الاستعمارية متعددة الجنسية على الموارد الطبيعية الاستراتيجية في مختلف بلدان العالم ومنها البلدان النامية والبلدان النفطية.

  1. الحظر كأحد التدابير لحفظ السلام والأمن الدوليين

على صعيد العلاقات الدولية ، يتم حل المنازعات الدولية بالطرق السلمية بموجب نصوص الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة ، واذا ما فشلت الاجراءات الواردة في مواد الفصل السادس ، جاز لمجلس الأمن ، الذي يضطلع بموجب ميثاق الامم المتحدة بالمسؤولية الرئيسية عن صون السلم والأمن الدوليين ، أن يقرر وجود تهديد للسلم أو إخلال به أو أن حالة من حالات العدوان قد وقعت ، وللمجلس في هذه الحالة أن يتخذ التدابير والاجراءات المنصوص عليها في الفصل السابع للحفاظ على السلم والأمن الدولي أو اعادته الى نصابه([13]).

وتنص المادة (39) التي تمثل المدخل لمواد الفصل السابع من الميثاق (يقرر مجلس الأمن ما اذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلال به أو كان ما وقع عملاً من أعمال العدوان ، ويقدم في ذلك توصياته أو يقرر ما يجب اتخاه من التدابير طبقاً لأحكام المادتين 41 و 42 لحفظ السلام والأمن الدولي أو اعادته الى نصابه)([14]).

ويعد الفصل السابع من الميثاق عنصراً أساسياً في نظام الأمم المتحدة للأمن الجماعي، كما يعد من أهم وأخطر الفصول الواردة في الميثاق ، حيث يتمتع مجلس الأمن بموجبه بسلطات تقديرية واسعة ، فإليه يعود القول بوجود أو بعدم وجود تهديد للسلم أو إخلال به أو وقوع عمل من أعمال العدوان(*) ، ويقدم في ذلك توصياته أو يقرر ما يجب اتخاذه من تدابير (المادة 39) ، ويمكن أن تشمل هذه التدابير وقفاً جزئياً أو تاماً للعلاقات الاقتصادية ووسائل الاتصال المختلفة وقطع العلاقات الدبلوماسية (المادة 41). فإذا تبين ان هذه التدابير غير كافية، يستطيع المجلس أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لاعادة السلم والأمن الدولي الى نصابه (المادة 42)([15]).

وهكذا ، فبموجب ميثاق الامم المتحدة ، اذا لم تكن المفاوضات بين الاطراف الدولية المتنازعة ممكنة بالاقناع (الفصل السادس) فان الحلول الاقتصادية والعسكرية تصبح الادوات المتاحة لأسلوب الردع والارغام (الفصل السابع) ، وكلا الأداتين ، الاقناع والارغام ، قد يتزامنان ويكمل أحدهما الآخر أو يتعاقبان ، فهما وجهان لنشاط السياسة الخارجية في ادارة الأزمات([16]).

ان الذي يهمنا في هذا المقام ، هو ما ورد بالفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة (المادة 41) المتعلقة بالعقوبات الاقتصادية التي يفرضها مجلس الأمن على دولة ما نتيجة لخرقها قواعد القانون الدولي.

فالعقوبات أو الجزاءات (Sanctions) تعني (التدبير القسري الالزامي) الذي تقوم به عدة أمم معاً لإرغام أمة ما تعد أنها نقضت أصول ومبادئ القانون الدولي أو ترفض حكومتها الانصياع لقواعد السلوك المقبولة دولياً، وتقصد بهذا التدبير القسري ايقاف مخالفة القانون ويعد هذا الاجراء عقوبة([17]).

وتعد العقوبات الاقتصادية ضمن الآليات غير العسكرية في ادارة الأزمات الدولية ، وتهدف الى خلق الاضطرابات الداخلية والاخلال بالأمن القومي الداخلي للدولة المطوقة ، ولتحقيق هذا الهدف تستخدم أدوات العقوبات الاقتصادية المتعددة لمنع أو اعاقة الحركة الدولية لانتقال السلع والخدمات ورؤوس الأموال بضمنها التكنولوجيا الى البلدان المطوقة([18]).

ثانياً – آلية الحظر والعقوبات الاقتصادية

لتحليل آلية العقوبات الاقتصادية وأثرها على الاقتصاد المحاصر ضمن إطار النظرية الاقتصادية ، يمكن اعتماد معادلة الناتج القومي الاجمالي ومتغيراتها الاساسية كأدوات ضمن آلية العقوبات الاقتصادية وكما يلي([19]) :

اذا كان الناتج القومي (GNP) هو حصيلة كل من الاستهلاك (C) والاستثمار (I) ، وصافي القطاع الخارجي: الصادرات – الاستيرادات (X-M) ، تكون المعادلة:

GNP = C + I + X – M                       ………………  (1)

GNP + M = C + I +X                        ………………  (2)

ويتضح من المعادلة رقم (2) أن العرض السلعي هو عبارة عن مجموع الناتج القومي الاجمالي والاستيرادات ، والذي يتساوى مع الطلب الكلي المتمثل بالاستهلاك والاستثمار والتصدير ، أي الاستخدامات المتعددة للموارد الاقتصادية في فترة زمنية معينة.

وبما أن الهدف من العقوبات الاقتصادية هو منع أو إعاقة الحركة الدولية للسلع والخدمات ورؤوس الأموال والتكنولوجيا الى البلد المحاصر ، فلابد أنها تنصب على هذه المكونات عموماً ، ومكونات الميزان التجاري السلعي من صادرات واستيرادات ، وكذلك التدفقات المالية الاستثمارية بما فيها التكنولوجيا والمبادلات الخدمية ، واذا نجح هذا المنع أو الاعاقة ، أدى ذلك الى حصول اختلالات هيكلية في اقتصاد ذلك البلد وتراجع عملية الانتاج والتنمية فيه، وبالتالي التأثير على قراراته ومواقفه في التعامل الدولي وتطويق امكاناته على صعيد التحرك السياسي والاقتصادي ، مما يهدد استقلاله في كلا المجالين وبالتالي الاخلال بأمنه القومي.

ونبين فيما يأتي آلية العقوبات الاقتصادية وتأثيرها على مكونات الميزان التجاري السلعي المتمثل بالصادرات والاستيرادات اضافة الى التدفقات المالية بما فيها التكنولوجيا ، والتي يمكن أن تتزامن ويكمل بعضها الآخر ، أو قد يطبق بعضها وكما يلي([20]) :

1- حظر الصادرات Export-Embargo

يعد حظر الصادرات الى البلد المحاصر من أكثر الأدوات فاعلية في التأثير على اقتصاد البلد المستهدف خاصة اذا كان هذا البلد من بلدان العالم الثالث ، ويتضمن حظر الصادرات اجراءات عديدة منها:

  • ‌أ. عدم منح اجازات التصدير المباشر الى البلد المعني ، أو الى طرف ثالث يمكن أن يكون وسيطاً لإعادة تصدير السلع اليه.
  • منع المرور المباشر للسلع المصدرة الى البلد المعني وتطويق سبل المرور غير المباشرة لمنع اعادة شحن السلع اليه.
  • ‌ج. توجيه صادرات البلدان المساهمة في الحصار نحو منافذ تسويقية بديلة.

ويتوقف تأثر اقتصاد البلدان بالاجراءات المذكورة على عدة عوامل منها: ([21])

  • ‌أ. مدى شمولية وجدية المساهمة الدولية في تنفيذ اجراءات الحظر.
  • درجة الانفتاح الخارجي للدولة المعنية والمتمثل بنسبة القطاع الخارجي الى الناتج القومي وخاصة الاستيرادات أي معدل الاستيرادات الى الناتج القومي الاجمالي.

ففي بلدان العالم الثالث عموماً يميل المؤشر المذكور نحو الارتفاع ، حيث تعاني هذه البلدان من اختلالات هيكلية متمثلة بتصدير سلعة واحدة أو سلع محددة كالمواد الأولية أو الوقود وتفتقر الى البنى الأساسية للصناعات التحويلية ، لذا فانها تعتمد في عملية التنمية الاقتصادية على الاستيراد من الخارج ، وبذلك تشكل الاستيرادات نسبة عالية من مجمل الناتج القومي وخاصة استيراداتها من السلع الراسمالية والانتاجية والتي تشكل جزءً حيوياً من حجم الاستثمار التنموي. لذا فالسلع الراسمالية بالنسبة لاقتصادات هذه البلدان تعد متغيراً مستقلاً في دالتي الانتاج والاستثمار. فالانتاج يعتمد على استيراد السلع الرأسمالية اضافة الى المتغيرات الاخرى (العمل ورأس المال) وكما يأتي:

Q = F(Kd , L , Mi)

حيث أن:

Q     الانتاج

Kd    راس المال المحلي

L      العمل

Mi    استيراد السلع الرأسمالية

لذا فإن استيراد السلع الرأسمالية هو شرط ضروري لضمان مستوى معين من الناتج المحلي الاجمالي وضمان معدلات نموه.

  • ‌ج. ان البلدان النامية وبسبب محدودية التنمية الزراعية فيها أصبحت تعتمد على الخارج في استيراد المواد الاستهلاكية والغذائية منها خاصة ، وبهذا تكون الاستيرادات سلعاً راسمالية وسلعاً غذائية.

وبهذا يكون حظر الصادرات الى البلد المعني (المحاصر) أكثر فاعلية وتأثيراً كلما ارتفعت نسبة استيراداته من السلع الراسمالية والغذائية ، مما يؤثر بالتالي على الأوضاع الاقتصادية والسياسية فيه.

2- حظر الاستيرادات Import-Embargo

تهدف اجراءات حظر الاستيرادات من البلدان المحاصرة الى إعاقة حصولها على العملات الاجنبية اللازمة لتمويل استيراداتها من السلع والخدمات الضرورية لنموها الاقتصادي.

إن إضعاف الطاقة الاستيرادية للبلد المحاصر يكون له اثر مضاعف على الاقتصاد بشكل عام وعلى القطاع التصديري بشكل خاص ، فعدم امكانية تصدير السلع يؤدي الى اختلالات في استخدام الموارد الاقتصادية ان لم تستوعب في مجالات انتاجية بديلة.

    ويعتمد تأثير حظر الاستيرادات على الاقتصاد المحاصر على عدة عوامل أهمها ما يأتي:

  • ‌أ. حجم مضاعف التجارة الخارجية:

ان التأثير المضاعف على الدخل القومي (DY) نتيجة للتغير في الصادرات (DX) يعتمد على حجم المضاعف.

حيث أن:

        DY    التغير في الدخل

        DX    التغير في الصادرات

         c      الاستهلاك

         m     الاستيراد

فكلما ارتفع حجم المضاعف ، ازداد تأثير انخفاض الصادرات على الاقتصاد المحاصر، وانخفاض الصادرات نتيجة للحصار الاقتصادي يؤدي أما الى انخفاض فائض الميزان التجاري أو زيادة حجم العجز فيه ، وفي كلتا الحالتين فان انخفاض صادرات البلد المحاصر سيؤثر سلباً على الدخل القومي ومعدلات نموه.

  • ويعتمد تأثير حظر الاستيرادات من البلد المحاصر على درجة مرونة الاقتصاد وامكانية اعادة توجيه الموارد الاقتصادية من قطاع التصدير الى قطاعات انتاجية أخرى ، فاذا كانت البلدان المحاصرة من دول العالم الثالث فان ضعف مرونة الجهاز الانتاجي سيؤدي الى أن تكون هذه الاجراءات مؤثرة سلباً بشكل كبير على الاقتصاد.
  • ‌ج. ان إضعاف الطاقة الاستيرادية للدولة المحاصرة نتيجة لحرمانها من العملات الأجنبية ، يؤدي الى ارتفاع حدة التضخم خاصة اذا كانت البلدان تعتمد على الاستيرادات السلعية الاجنبية ، وهذه العوامل ستؤدي الى تعميق الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد المحاصر ، وما تتضمنه من اختلالات سياسية واجتماعية.

3-  حظر التدفقات المالية والتكنولوجية

وتشمل هذه الاجراءات سبل تمويل حركة انتقال السلع والخدمات وتمويل الاستثمارات بما فيها نقل التكنولوجيا وتتضمن ما يأتي:

  • ‌أ. منع أو إعاقة التدفقات المالية والفنية والتكنولوجية الى البلدان المحاصرة ، كالقروض والاعانات وحركة رؤوس الأموال والمعارف التكنولوجية.
  • تجميد أرصدة البلدان المحاصرة لمنعها من سحب ودائعها وتمويل حركة انتقال السلع والخدمات ، مما يؤثر على ميزان المدفوعات وشل حركة الاقتصاد.
  • ‌ج. حجز ومصادرة ملكية البلدان المحاصرة من الأراضي والعقارات والمؤسسات الموجودة في دول الحصار وذلك تعزيزاً للاجراءات المالية.

 

ثالثاً-  تاريخ الحظر والعقوبات الاقتصادية

على الرغم من أن مفهوم الحرب الاقتصادية قد برز وتطور استخدامه قبل الحرب العالمية الثانية مباشرة ، الا ان ذلك لا يعني ان الحرب الاقتصادية لم تكن معروفة قبل ذلك التاريخ ، فقد استخدمتها قريش ضد المسلمين إبان الدعوة الاسلامية الاولى في القرن السابع الميلادي ، كما استخدمها نابليون في حروبه ضد بريطانيا في القرن الثامن عشر كما سبقت الاشارة الى ذلك.

وفي بدايات الحرب العالمية الاولى استخدمت البلدان المتحاربة الحظر على المواد ذات الأهمية الستراتيجية كأحد وسائل الحرب الاقتصادية ، فقد أعلنت كل من فرنسا وألمانيا بيان المواد المحظور تصديرها من اراضيها يوم 31/تموز/1914 ، وأعلنت بريطانيا بياناً مماثلاً في 3 آب من العام نفسه. وخلال الحرب العالمية الثانية قامت الولايات المتحدة الامريكية بما سبق أن قامت به في الحرب العالمية الاولى من شراء المواد الستراتيجية من البلدان المحايدة وخزنها لمنع تصديرها الى بلاد العدو ، كما أصدرت في 2 تموز عام 1940 قانون رقابة الصادرات ، والذي مارس به رئيس الولايات المتحدة سلطاته لصالح الدفاع القومي ، وامتد هذا القانون عام 1942 ليشمل أي عتاد وأي معلومات فنية وأي مادة من مواد التموين([22]).

بعد الحرب العالمية الثانية تعرضت العديد من بلدان العالم لضغوط اقتصادية(*) ، لإرغامها ، تحت ضغط الحاجة الملحة ، على تعديل مواقفها السياسية والسير في ركب البلدان التي تمارس الضغط عليها ، ومن أشكال هذه الضغوط([23]) :

  • عدم تصدير المواد الخام أو المنتجات التي تحتاج اليها البلدان الأخرى لاستهلاك مواطنيها أو تطوير صناعتها المحلية.
  • عدم تقديم المعونة المالية والتقنية الى البلدان الأخرى.
  • تقييد حرية البلدان الاخرى في المجال الاقتصادي خاصة اذا استطاعت إشراك دول أخرى معها لتحقق هذه الضغوط.

1-  الحظر والعقوبات المفروضة من قبل دولة أو مجموعة دول

خلال الخمسين عاماً الماضية، مارست بعض البلدان المتقدمة، وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية، أعمال الحظر والمقاطعة والحصار الاقتصادي وغيرها من العقوبات الاقتصادية ضد البلدان النامية على الرغم من الأوضاع القاسية التي تعاني منها هذه البلدان، الأمر الذي أدى الى مزيد من الاختلالات في هيكل العلاقات الاقتصادية الدولية([24]).

فقد تعرضت بعض دول العالم الى حظر وعقوبات اقتصادية فرضت عليها من قبل دول أخرى دون صدور قرار من هيئة دولية (مجلس الأمن مثلاً) ، ومن البلدان التي تعرضت الى حظر وعقوبات([25]) :

أ:  كوبـــا

قبل اندلاع الثورة الكوبية عام 1959 بقيادة (كاسترو) كانت كوبا من أقوى دول أمريكا اللاتينية ارتباطا بالولايات المتحدة الامريكية سياسياً واقتصادياً. وبعد نجاح الثورة الكوبية انتهجت كوبا سياسة مستقلة مما يتعارض مع سياسة الولايات المتحدة الامريكية في أمريكا اللاتينية، فقامت بممارسة مجموعة من الضغوط الاقتصادية عليها كمنع السياح الامريكيين من السفر الى كوبا للتأثير على الدخل القومي فيها او منع تصدير المواد التموينية اليها لزعزعة الجبهة الداخلية ، ووقف القروض والمساعدات ، كما ضغطت الولايات المتحدة الامريكية على البلدان الاخرى لممارسة هذه الاجراءات ضد كوبا.

وفي عام 1960 منعت الولايات المتحدة تصدير وسائط النقل وقطع غيارها الى كوبا بحجة استخدامها من قبل الجيش الكوبي ، ورداً على قرار كوبا بتأميم شركات مملوكة للأمريكيين ، قررت الولايات المتحدة حظر تصدير السلع الرأسمالية وبعض السلع الاستهلاكية الى كوبا.

ويعد قرار الولايات المتحدة الامريكية بشأن وقف شراء السكر الكوبي وحظر تصدير السلع الرأسمالية من أخطر القرارات التي اتخذت ضد كوبا ، فالسكر يمثل المحصول الرئيسي لكوبا والذي تبيعه للولايات المتحدة بسعر أعلى من السعر العالمي ، أما حظر تصدير السلع الرأسمالية ، فله أثر كبير على القطاع الصناعي الكوبي خاصة وان أغلب المصانع في كوبا أمريكية الصنع ويتعذر استمرارها بدون امدادها بقطع الغيار والمواد الخام الامريكية.

ب:  إندونيسيا

مارست كل من بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية ضغوطاً اقتصادية مباشرة على اندونيسيا بسبب سياستها الداخلية والخارجية ، والتي تم اعتبارها معادية للسياسة الغربية بصفة عامة والامريكية بصفة خاصة.

ففي عام 1963 ، قررت بريطانيا ايقاف منح المعونة الفنية التي تقدم لاندونيسيا بموجب مشروع كولومبو ، كما قامت السلطات البريطانية بحظر تصدير أو إعادة تصدير بعض المنتجات الستراتيجية الى اندونيسيا (الآلات والمعدات ، المفرقعات ، الأجهزة الالكترونية…).

وفي عام 1965 قرر الكونكرس الامريكي عدم تجديد المعونة الفنية المخصصة لاندونيسيا وفقاً لبرنامج المعونة الامريكية.

ج:  الصين الشعبية

بعد اندلاع الثورة الصينية عام 1949 سارت العلاقات بين روسيا والصين بشكل مرض حتى وفاة ستالين عام 1953 ، بعدها ظهرت الخلافات بين الحزب الشيوعي الصيني والحزب الشيوعي الروسي نتيجة للايديولوجية الجديدة التي أعلنها خروشوف فيما يتعلق بالتعايش السلمي مع الغرب ، اضافة الى هجومه العنيف على السياسة الستالينية والذي وصل ذروته خلال انعقاد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي عام 1956.

وفي عام 1960 عقد مؤتمر موسكو الذي ضم (81) حزباً شيوعياً وعمالياً جرى خلاله جدال عنيف بين الاتحاد السوفيتي والصين الشعبية حول نقاط الخلاف بين حزبيهما. ومن هنا بدأ الاتحاد السوفيتي بممارسة الضغط الاقتصادي على الصين ، فسحب الاتحاد السوفيتي في ذلك العام خبرائه وفنييه من الصين الأمر الذي أدى الى إعاقة عملية التنمية الاقتصادية ، كما سحب خبرائه في المجال النووي ، ورفض قبول الطلبة والعلماء الصينيين للتدريب في الاتحاد السوفيتي في علوم الذرة وذلك لعرقلة تقدم الصين في المجال النووي.

2-  الحظر والعقوبات المفروضة من قبل مجلس الأمن

مما سبق ، تبين أن الحظر والعقوبات الاقتصادية قد تفرض على الصعيد الفردي من قبل دولة واحدة ، وقد تفرض من قبل مجموعة إقليمية ، كما أن الحظر والعقوبات الاقتصادية قد يقترن بقرار هيئة دولية ويفرض من قبلها كمجلس الأمن التابع للامم المتحدة الذي يعد أهم مصدر لفرض العقوبات الاقتصادية وذلك لشمولية تطبيقه([26]).

أ:  الحظر والعقوبات المفروضة قبل عام 1990

المتتبع للعقوبات الاقتصادية التي فرضها مجلس الأمن منذ تأسيسه وحتى عام 1990، يجد أن المجلس لم يفرض خلال الاربعين عاماً من عمره حظراً أو عقوبات اقتصادية ، الا في حالتين فقط هما([27]) :

 

 

 

(1) روديسيا الجنوبية

أصدر مجلس الأمن قراره المرقم (232) في 16/12/1966 عقوبات اقتصادية ضد روديسيا الجنوبية (زيمبابوي حالياً) وذلك (رداً على إعلانها المنفرد الاستقلال عن المملكة المتحدة). استمرت هذه العقوبات حتى عام 1977 وشملت حظر العلاقات التجارية والمالية مع روديسيا عدا المواد الطبية والتعليمية والغذائية لأسباب إنسانية ، كما شمل الحظر الاستثمارات والاتصالات. إلا أن هذه الإجراءات قد فشلت ، وهذا ما أعلنه مجلس الأمن والجمعية العامة في قرارها منذ عام 1969 وذلك للأسباب الآتية:

  • عدم جدية الاستجابة من قبل البلدان لتطبيق الحظر ، حيث أن قسماً منها وخاصة بعض البلدان الافريقية استمرت علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع روديسيا وقدمت بيانات غير صحيحة ، اضافة الى أن احتياجات روديسيا من النفط (المحظور تصديره الى روديسيا) كان يجري نقلها عبر جنوب افريقيا وموزمبيق البرتغالية.
  • ان بعض البلدان لم تلتزم بقرار العقوبات وهي البرتغال ، الولايات المتحدة حيث رفعت الحظر المفروض على استيراد الكروم من روديسيا وكذلك المانيا الغربية وسويسرا واستراليا.
  • اتخاذ روديسيا اجراءات وتدابير تجارية ومالية مضادة ، حيث حصلت على منافذ تسويقية لصادراتها واستيراداتها من خلال جاراتها جنوب افريقيا والمستعمرات البرتغالية(*).

ومع ذلك فقد أدت العقوبات الاقتصادية ضد روديسيا الى انخفاض معدل التجارة الخارجية بنسبة (27%) عما كانت عليه عام 1965 ، وانخفضت نسبة الانتاج من المعادن سنة 1971 عما كانت عليه عام 1965 ، الأمر الذي أدى الى انخفاض صافي الدخل بمعدل (8%) ، كما انخفض الناتج القومي الاجمالي بمعدل (5%) في سنة 1966 عما كان عليه سنة 1965(**).

(2)  جنوب افريقيا

فرض مجلس الأمن بقراره المرقم (418) في 14/11/1977 حظراً على توريد الأسلحة الى جنوب افريقيا وذلك (استجابة لما قرره المجلس من أنه في إطار سياسات الفصل العنصري التي تنتهجها جنوب افريقيا واعتداءاتها على البلدان المجاورة ، تشكل حيازتها للأسلحة والمعدات ذات الصلة تهديداً لصون السلم والأمن الدوليين).

وتجدر الاشارة أيضاً الى أن هذه التدابير لم تكن فعالة حيث استمرت علاقات جنوب افريقيا مع الاتحاد السوفيتي والبلدان الصناعية ودول السوق الاوربية والولايات المتحدة الامريكية واليابان.

ب-  الحظر والعقوبات المفروضة بعد عام 1990

فرض مجلس الأمن منذ عام 1990 وحتى الآن حظراً وعقوبات اقتصادية ضد عدد من بلدان العالم هي([28]) :

  • العراق: بدءً بالقرار (661) في 6 آب 1990 والذي تلته طائفة من القرارات التي صدرت ضمن الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة الخاص بالعقوبات ، توجت بالقرار (687) الذي كني (أبو القرارات) والذي فرض نمطاً جديداً وغريباً من التعامل الدولي ، ويعد هذا القرار أطول قرار في تاريخ الأمم المتحدة ، ويتكون من (34) مادة ، إذ رسخ القرار تعويم سيادة العراق وعمّق جرح كرامته الوطنية وارتهن موارده لأجيال طويلة ، وفرض عليه الالتزام بالعقوبات ودفع التعويضات وقبول اجراءات التفتيش والرقابة وبما يمكن اعتباره أشد وطأة من نظام الوصاية الدولي ، اضافة الى القرار (715) في 11 تشرين الاول 1991 وملاحقه والتي فرضت قيوداً ثقيلة تهدف الى عرقلة امتلاك العراق للتكنولوجيا ، وهو ما سنأتي على ذكره تفصيلاً في الفصول القادمة.
  • يوغسلافيا (السابقة): حيث صدر قرار مجلس الأمن المرقم (713) في 25/9/1991 الذي دعا جميع البلدان الى أن تنفذ حظراً عاماً على جميع شحنات الأسلحة والمعدات العسكرية الى يوغسلافيا (لغرض اقرار السلم وتحقيق الاستقرار في ذلك البلد).
  • الصومال: حيث صدر القرار (733) في 23/1/1992 على اثر الحرب الأهلية والمعارك الدامية في محاولة لوقف النزيف الانساني واستعادة السلام كما ورد بالقرار.
  • ليبيا: وذلك بموجب القرار رقم (748) في 31/3/1992 الذي ألزم مجلس الأمن بموجبه أعضاء الأمم المتحدة بقطع جميع اتصالاتها الجوية مع ليبيا ، وحظر امدادها بالأسلحة وقطع الغيار والتجهيزات العسكرية وشبه العسكرية وخفض مستوى تمثيلها الدبلوماسي والقنصلي معها ، مبرراً ذلك بضرورة تسليم المتهمين بحادث طائرة (لوكربي) ، كما أصدر مجلس الأمن قراراً برقم (833) في 1/12/1993 جمد بموجبه الأرصدة المالية الليبية في الخارج وحظر تصدير بعض المواد والمعدات التي تستخدم في الصناعات البتروكيمياوية الى ليبيا(*).
  • يوغسلافيا الاتحادية (الصرب والجبل الأسود): وذلك بموجب القرار (757) في  30/7/1992 بشأن قطع الصلات الاقتصادية مع يوغسلافيا الاتحادية نتيجة لاعتدائها المستمر على مسلمي جمهورية البوسنة والهرسك ، حيث شمل القرار الاتصالات الجوية والأنشطة الدبلوماسية والرياضية اضافة الى تعليق التعاون العلمي والتقني والثقافي معها. كما حظر القرار (787) لعام 1992 الشحن عبر جمهورية يوغسلافيا الاتحادية فيما يتعلق بالنفط والفحم ومعدات الطاقة والحديد والفولاذ والمواد الكيمياوية….
  • ليبريا: وذلك بموجب القرار رقم (788) في 19/11/1992.
  • هاييتي: وذلك بموجب القرار رقم (841) في 16/6/1993.
  • انغولا (قيادة مجموعة يونيتا المتمردة) بالقرار (864) في 15/9/1993.
  • رواندا: وذلك بموجب القرار رقم (918) في 17/5/1994.
  • السودان: أصدر مجلس الأمن القرار رقم (1044) عام 1996 بعد اتهام السودان بالارهاب وانتهاك مواثيق حقوق الانسان وقواعد القانون الدولي الانساني في جنوب السودان ومسؤوليتها عن الحرب الأهلية ، ثم صدر قرار آخر في 26/4/1996 تضمن فرض المزيد من الحظر والعقوبات الاقتصادية وتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي وتقييد حركة تنقل الدبلوماسيين.

واذا كانت العقوبات الاقتصادية التي أصدرها مجلس الأمن بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة تقع ضمن إطار (الشرعية الدولية) ، فان هناك عقوبات اقتصادية هي خارج إطار الشرعية الدولية ، كانت الولايات المتحدة الامريكية هي المبادرة لفرضها ، ومن أشهر حالات الحصار والعقوبات الاقتصادية هي تلك التي فرضتها الولايات المتحدة على كوبا منذ عام 1960 وحتى الآن كما سبقت الاشارة الى ذلك.

فعلى الرغم من ادانة الجمعية العامة للأمم المتحدة للحظر الاقتصادي الامريكي ضد كوبا عام 1995 ، الا أن الولايات المتحدة واجهت ذلك باجراء مضاد يتمثل باصدار الكونكرس عام 1996 قانون يسمى (قانون هلمز – براكون) يقضي بمعاقبة أي طرف ثالث يمارس نشاطاً اقتصادياً في كوبا ، وفي 12/11/1996 تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يندد بالحظر المفروض على كوبا([29]).

كما تفرض (اسرائيل) (خارج الشرعية الدولية) عقوبات اقتصادية ضد الشعب العربي الفلسطيني وسكان الأراضي العربية المحتلة كالجولان وجنوب لبنان (سابقا) وذلك من خلال منعهم من تلقي معونات من الخارج ومنع السفر والعمل اضافة الى حصار منطقة الحكم الذاتي بعد اتفاق أوسلو 1993 بحجة حماية المستوطنين اليهود ، وحصار القدس الذي يهدف الى إخلاء هذه المدينة المقدسة من أهلها فهو حصار اقتصادي وسياسي([30]).

رابعاً-  الحظر التكنولوجي

1- الحظر التكنولوجي المفروض من قبل البلدان الصناعية

منذ نشوء الحضارات الاولى في وادي الرافدين ووادي النيل اضافة للحضارة العربية الاسلامية ، كان العلم والتكنولوجيا ملكاً للانسانية ينتقلان من بلد لآخر دون عراقيل ومحددات أو نوايا ، فكانت بغداد مركزاً لانتقال العلوم والمعارف الى أوربا ، وحتى القرن الثامن عشر كانت مصادر الطب في اوربا هي مصادر الطب العربي وقبلها انتقلت علوم الرياضيات والفلك وغيرها من العلوم.

وبعد سقوط بغداد عام 1258م وما تبع ذلك من اختلالات وتدهور الاعداد الثقافي والاجتماعي والعلمي ، بدأ بالمقابل تطور بلدان أوربا ونهضتها ، ومع بداية الثورة الصناعية الاولى وما رافقها من نهب استعماري ، بدأت الفجوة التكنولوجية بين دول أوربا وغيرها من البلدان تزداد يوماً بعد آخر ، ولضمان بقاء تلك الفجوة ، عملت دول اوربا على رسم سياسات لاحتكار العلوم والتكنولوجيا مستخدمة اياها كسلاح اقتصادي وسياسي وعسكري لتحقيق مصالحها وابتزاز ثروات البلدان النامية ، والعمل على توسيع الفجوة التكنولوجية من خلال التعامل المشروط مع هذه البلدان في نقل التكنولوجيا الحديثة اليها ، فوضعت العراقيل والشروط المرهقة أمام حركة التكنولوجيا وانتقالها([31]).

لقد عمدت البلدان الصناعية الى تكوين جدار تكنولوجي (Technology Barrier) لحجب التطور الصناعي عن البلدان النامية وبشتى الوسائل والأساليب ، ويعبر عن ذلك الموقف كثير من مستشاريهم ومعاهدهم الاستراتيجية ، ففي كتاب (نحو التوازن الدنيوي) يدلي أحد مؤلفي الكتاب بشهادة رسمية الى الكونكرس الامريكي جاء فيها (لا يمكن أن يكون ثمة أملاً حقيقياً (Realistic) لأن تصل البلدان النامية في الوقت الحاضر الى ما يقارن بالمستوى المعيشي للدول المصنعة حالياً ، وان بلوغ هؤلاء البشر الى المستوى المعيشي للولايات المتحدة يتطلب زيادة بنسبة عشرة أضعاف في استهلاك الموارد الطبيعية للكرة الأرضية وزيادة مماثلة في تلويث البيئة. ان الكرة الأرضية لا تبدو قادرة على تحمل تلك الزيادة التي ستتطلبها عملية النهوض بالمستوى المعيشي لسكان العالم الحاليين بذلك الشكل). أما تقرير نادي روما المعنون (حدود نظرية النمو) فيشيد جداراً تكنولوجياً أمام انتقال التكنولوجيا الى البلدان النامية حيث يدعي وجود (أسباب خطيرة) توحي الى البلدان الصناعية بوجوب حجب التقدم التكنولوجي عن البلدان المتخلفة بصورة حرة ومطلقة. فالبلدان الصناعية تخشى منافسة البلدان النامية لها على الموارد الطبيعية لا سيما غير القابلة للتجدد كالوقود والمعادن ، وتخشى أن تقوم الاعداد الكبيرة من سكان البلدان النامية بتلويث البيئة بالمعدل نفسه الذي تقوم به البلدان الصناعية مما لا قدرة للكرة الأرضية على تحملها([32]).

لقد طورت البلدان المتقدمة التكنولوجيا لضمان استمرار نموها ، كما استخدمت التجارة كوسيلة تعمق من خلالها حالة التخصص وتقسيم العمل الدولي وتؤكدها بالشكل الذي يحقق ضمان تبعية البلدان النامية الى البلدان المتقدمة واستغلال امكاناتها ومواردها عن طريق ذلك([33])، إذ أخذت البلدان المتقدمة تتخصص بحلقات تكنولوجية أكثر تطوراً وتعقيداً في السلسلة التكنولوجية نتيجة لتقدمها تاركة الحلقات الأقل تطوراً للبلدان النامية ، ومن خلال هذا الاعتماد تبرز التبعية التي تمارس البلدان المتقدمة، خاصة الضالعة في الاستعمار ولها ماضٍ عريق في استغلال الشعوب، عن طريقها أقصى استغلال لموارد وثروات وقدرات البلدان النامية بالشكل الذي يعيق نموها([34]) ، إذ تفرض عليها شروطاً ابتزازية عند منحها المنتجات التكنولوجية دون أن تتيح لها المعرفة التي تستند اليها في عملية انتاج هذه المنتجات فتحتكر البلدان المتقدمة هذه المعرفة ولا تسمح للبلدان النامية بالحصول عليها الا في حالات نادرة، وذلك بسبب سيطرتها على حلقات البحث العلمي والتطور التكنولوجي الاساسية وخاصة ما يتعلق منها بالعلماء والباحثين ، فوفقاً لبعض التقديرات فإن (98%) من المشتغلين بالبحث العلمي والتكنولوجي على مستوى العالم هم في البلدان المتقدمة ، وان (99%) من نشاطهم يتجه نحو مشكلات تهم تلك البلدان في الأساس ، ولا تجد قضايا العالم الثالث رغم حدتها وخطورتها الطاقة البحثية التي تتصدى لها([35]).

لذا فليس كل ما هو معروف في عالم التكنولوجيا متاح للاستيراد ، فهناك تكنولوجيات تحرمها الاحتكارات العالمية على الشعوب النامية ولا يسمح بتصديرها ، وهي محتكرة من عدد محدد من البلدان الصناعية المتقدمة ومن الشركات متعددة الجنسية ، وغالباً ما تكون تكنولوجيات متطورة واقتصادية ، وعبر هذا الكم الكبير من التكنولوجيات ، هناك جزء منها متاح للاستيراد وهو ما يطلق عليه التكنولوجيات المتاحة والتي تمثل جرعات تكنولوجية لهذا البلد النامي أو ذاك وفقاً لاعتبارات اقتصادية وسياسية ، وغالباً ما تكون تكنولوجيات غير متطورة أو ملوثة للبيئة أو غير مجربة في أحسن الأحوال ، أو أن الجهات المالكة لها بصدد ابتكار تكنولوجيا أكثر تطوراً منها ، وحتى هذه التكنولوجيا المتاحة ، فهي خاضعة لشروط تعسفية نادراً ما يسمح بتطويرها أو فك حزمتها التكنولوجية([36]).

لقد امتازت طبيعة التجارة التكنولوجية بالطابع الاحتكاري من قبل البلدان والشركات متعدية الجنسية التي هي رمز الرأسمالية الحديثة وأحد الأعمدة والمرتكزات المهمة للعولمة ، ويرى الليبراليون ان هذه الشركات هي أساس الازدهار الدولي ، وان العالم مدين لها بكل تقدم التكنولوجيا الحديثة وتحسن الوضع المادي الناجم عنه ، إذ ان نوعية تنظيمها وطاقة عملها على المستوى الدولي وقدرتها على البحث والتطوير (R and D) تجعل منها شريكات ضرورية لبلدان العالم الثالث ، وعلى هذا الاساس وضع مؤتمر الأمم المتحدة للتعاون والتنمية الاقتصادية (UNUCED) مشروع (شرعة حسن السلوك) التي تنتظر البلدان النامية منها ان تجعل حلقة تبادلاتها مع الشركات متعددة الجنسية اكثر منفعة لها (مواد أولية مقابل تكنولوجيا) حيث تتم مقايضة التكنولوجيا بالمواد الاولية على اساس المنافع المقارنة ، مما يعني العودة الى عالم ريكاردوي (Ricardien). الا ان (شرعة حسن السلوك) بقيت حبراً على ورق كغيرها من المحاولات في هذا الشأن ، واثبت واقع الحال ان بلدان العالم الثالث هي الخاسر الابدي في نظام تقسيم العمل الدولي ، فقد أخفقت ميكانيكيات النقل الكلاسيكية لان هذه الشركات تعرض تكنولوجيا جاهزة من الصعب تكييفها مع ظروف البلدان النامية وان (فك الحزمة التكنولوجية) يتطلب ان تكون البلدان النامية قد بلغت مستوى من المهارة التكنولوجية خصوصاً في حقل (الهندسة الصناعية) يسمح لها بالاستغناء عن التدخل الواسع للشركات والاكتفاء بشراء الاجازات وبراءات الاختراع من هذه الشركات (وهذا ما فعله اليابانيون بنجاح) ، الا ان بلدان العالم الثالث لم تبلغ بعد المستوى المطلوب من المهارة التكنولوجية لتحقيق النجاح في ذلك([37]) ، لذا ففي مثل هذه الحالات وعوضاً عن تسريع النمو الاقتصادي تسهم التكنولوجيا الحديثة على المدى البعيد في تفاقم التخلف وبروز ظاهرة النقل العكسي للتكنولوجيا من خلال هجرة نخبة القطاع الحديث الى دول المركز المصنع([38]).

        وعلى هذا الاساس فان الشركات المتعددة الجنسية تنقل التكنولوجيا الاكثر تطوراً لقلة من البلدان (المتطورة بشكل عام) وتنقل الحلقات الاقل تطوراً الى البلدان الاخرى ، فتتخذ استراتيجيات النقل بالنسبة لهذه الشركات احدى صورتين([39]) :

  • توطين اجيال تكنولوجية اصبحت شائعة نسبيا في البلدان المتخلفة وذلك لاستغلال مزايا العمل الرخيص أو قاعدة الموارد الطبيعية.
  • توطين مراحل عليا من السلاسل الصناعية الاكثر تطوراً من الناحية التكنولوجية في البلدان المتقدمة حيثما يكون التجديد ضرورة للمنافسة من اجل البقاء في السوق.

وفي كلتا الحالتين يستهدف نقل التكنولوجيا قطع الطريق على الفرص القومية البديلة للتنمية المستقلة، فالانتاج الرأسمالي الدولي يجعل القانون السائد هو الافضل تجاريا وليس الاكثر قدرة على اشباع الحاجات الاجتماعية. فالتكنولوجيا في نظر الشركات متعددة الجنسية ليست للمساعدة في حل المشكلات القومية المحلية بل هي عنصر تجاري يرتبط بالتسويق ويستخدم وفق حاجات الانتاج الدولي الذي تديره هذه الشركات بهدف الربح في نهاية المطاف([40]) .

ومنذ مؤتمر باندونغ كانت هناك محاولات للدول النامية لايجاد مسارات عالمية ونظام اقتصادي عالمي اكثر عدالة يضمن حقوقها ومصالحها، وتتالت المؤتمرات الدولية لايجاد هذا النظام الجديد فهناك حوار بين الشمال والجنوب وآخر بين البلدان النامية والبلدان الصناعية وثالث بين البلدان المصدرة لمعادن الطاقة وتلك المستهلكة لها ، وآخر تنظمه الامم المتحدة الهدف منه ايجاد مدونة قواعد سلوك دولية في ميدان نقل العلم والتكنواوجيا وايجاد نظام دولي لانسياب المعلومات العلمية والتكنولوجية ومساعدة البلدان النامية بهذا الخصوص، ولكن تلك المؤتمرات وقراراتها بقيت حبرا على ورق([41]). وعند التحضير لمؤتمر الامم المتحدة للعلم والتكنولوجيا للتنمية الذي عقد في فينا في آب عام 1979، دعت البلدان النامية الى إيجاد صندوق مالي عالمي برأس مال يزيد على المليار دولار لتمويل المشاريع العلمية والتكنولوجية التي تحتاجها البلدان النامية، الا ان البلدان الصناعية عارضت الموضوع ووقفت بشدة للحيلولة دون إنشائه ثم تراجعت ووافقت على إنشاء صندوق هزيل برأسمال قدره       (250) مليون دولار يمول على شكل هبات ومنح من بعض دول العالم، ومع ذلك لم يتعد المبلغ الذي تم التبرع به (35.8) مليون دولار لغاية حزيران 1980([42]).

وفي مؤتمر فينا لم يحصل اتفاق حول بعض المسائل التي يمكن ان تؤثر مباشرة في بنية العلاقات بين البلدان الصناعية والبلدان النامية ، وان معظم المسائل المتعلقة بنقل التكنولوجيا لم تجد فيه حلاً ، فخلال مفاوضات مؤتمر فينا أيقنت البلدان النامية كافة أن محتكري التكنولوجيا في العالم بادعاء أنها تابعة للقطاع الخاص الذي لا تسيطر عليه البلدان او انه يدخل ضمن نطاق السرية وأمن البلدان المالكة ، فان محتكري التكنولوجيا لديهم موقف واحد وان اختلفت تفاصيل تبريراته ، وان العمل على كسر الاحتكار العالمي للتكنولوجيا يعتبر تقاطعا بين مصالح الشعوب النامية وهيمنة البلدان المحتكرة وان التكنولوجيا تنتزع ولا تعطى هبة([43]).

وتوضح مسيرة التطور الاقتصادي الدولي ان البلدان المتقدمة صناعيا تستنزف موارد البلدان النامية لمصلحتها وتصدر التكنولوجيا القديمة التي لا تساعد على تنمية البلدان النامية في معظم الاحوال ، فالبلدان الصناعية المتقدمة هي المسيطرة على التكنولوجيا وليس من مصلحتها بالاساس ان تتطور البلدان النامية، لذا كرس الغرب ما بوسعه من عراقيل وعقبات أمام بلدان العالم الثالث الساعية الى امتلاك التكنولوجيا اللازمة وتحقيق التنمية الاقتصادية([44]) ، اضافة الى ذلك فقد فرضت البلدان الصناعية حظراً على انتشار التكنولوجيا اللازمة لتطوير الصناعة العسكرية اللازمة للاحتياجات الدفاعية الضرورية مما يعرض البلدان النامية للمخاطر الخارجية والداخلية([45]).

ان الحظر التكنولوجي الذي تفرضه البلدان الصناعية المنتجة للتكنولوجيا لم يعد يفرض لاعتبارات اقتصادية فحسب وانما لاعتبارات سياسية أيضاً ، فهذه البلدان تبيع التكنولوجيا للدول الحليفة والصديقة لها في حين تمتنع عن بيعها الى البلدان الأخرى ، كما ان الواقع القائم في السياسة الدولية وانقسام العالم الى معسكرات وتكتلات اقليمية عديدة ، جعل كل طرف يحجب مبتكراته وانجازاته العلمية والتكنولوجية عن الطرف الآخر أو يضع المحددات لمنع انتقال التكنولوجيا وخصوصاً التكنولوجيا النووية وتكنولوجيا الفضاء والصواريخ…([46]) ، ونورد فيما يلي بعض الأمثلة على ذلك.

أ- اللجنة التنسيقية لضوابط التصدير متعدد الأطراف (كوكوم) COCOM ([47])

في عام 1949 أنشأت الولايات المتحدة الامريكية اللجنة التنسيقية لضوابط التصدير متعدد الأطراف (كوكوم) لضبط صادرات التسليح والمواد النووية والتكنولوجيا المتقدمة الى الكتلة الشرقية ، وتظافرت البلدان الغربية معاً لترتيب تطبيق قيود التصدير هذه ، حيث تضم ادارة كوكوم ممثلين من بلدان حلف شمال الأطلسي واليابان ويبلغ عدد أعضائها الآن سبعة عشر عضواً. وتعود قوة كوكوم الى التفوق التكنولوجي للولايات المتحدة وسعة حجم سوقها الوطني ، لذا فرضت الولايات المتحدة عقوبات على الشركات التي تنتهك أحكام كوكوم تتمثل بحرمانها من استخدام العلامات المسجلة الامريكية أو التصدير الى الولايات المتحدة وقد شكلت هذه العقوبات رادعاً قوياً.

وفي عام 1979 عززت الولايات المتحدة شروط كوكوم وذلك من خلال اقرار قانون ادارة الصادرات الذي سعى الى اقامة شروط تمتد في نفوذها الى (خارج الحدود) حيث شمل القانون فروع الشركات الامريكية العاملة في الخارج ، وفي عام 1983 وضعت الولايات المتحدة قيوداً شديدة جديدة على صادرات السلع المدنية الى الاتحاد السوفيتي ، وحافظت الولايات المتحدة حتى نهاية الثمانينات على سيطرتها على تصدير تكنولوجيا الحاسبات والشرائح الى الكتلة الشرقية ، واندلعت أزمة بين الولايات المتحدة واليابان بسبب قيام شركة (توشيبا ماشين) اليابانية بتصدير ثمان أدوات تفريز بالغة الدقة الى الاتحاد السوفيتي للفترة 1981-1984.(*)

وبعد عام 1990 خفضت القيود على نقل التكنولوجيا الى الكتلة الشرقية ورفعت القيود الأخرى عام 1993 نتيجة للتغيرات السياسية وانتهاء الحرب الباردة ، لتبدأ مرحلة جديدة تتمثل بتوسع اهتمام كوكوم ليشمل بلدان العالم الثالث في الحقل النووي ، فبعد عام 1991 تعزز اهتمام كوكوم نحو تدفق التكنولوجيا الى الأقطار العربية والاسلامية.

وتكمن اهمية هذه اللجنة وخطورة نتائجها كونها توسعت لتشمل نقل التكنولوجيا المدنية الى الاقطار العربية ، وقد اثبتت الاحداث المرتبطة بالتحقيقات الغريبة فيما يتعلق بالتجارة مع العراق حقيقة ان كل مادة بيعت الى قطر عربي ، كانت ولاتزال مراقبة من المخابرات الغربية و(الاسرائيلية) ، و ان عدداً هائلاً من الشركات الغربية يعمل بعلاقة وثيقة مع المخابرات الغربية و(الاسرائيلية) .

 

 

ب- لجنة الصادرات والواردات الدولية (لجنة زانكر) Zanger Committee ([48])

        وتسمى ايضاً مجموعة المجهزين النوويين ، تأسست هذه اللجنة عام 1974بسبب تزايد النشاط النووي الدولي ونقل التكنولوجيا النووية ، وهي اتفاق فيما بين البلدان المتقدمة المالكة للتكنولوجيا النووية على حظر تصدير التكنولوجيا النووية والمواد النووية الى البلدان الاخرى. كما تضمن الاتفاق قائمة بالمعدات والمواد غير النووية المحظورة والتي أطلق عليها أسم (قائمة الزناد) Triger list أو (القائمة المحظورة).

        بعد العدوان على العراق وفي أذار 1991 قررت اللجنة اتخاذ مواصفات جديدة للمواد المدرجة في قائمة المحظورات التابعة للجنة ، وفي نيسان 1992 طلب من كافة البلدان المتلقية للتكنولوجيا النووية اخضاع جميع منشأتها لنظام الضمانات الشامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية ، ووضع ضمانات شاملة كشرط أساس للتجهيز، سمي هذا الاتفاق (اتفاق وارشو) حيث عقد اجتماع اللجنة في وارشو وكان الغرض من ذلك سحب بلدان الكتلة الشرقية الى عضوية اللجنة ، وفي عام 1993 اتفقت مجموعة المجهزين الدوليين على اضافة معدات وتجهيزات اخرى الى قائمة المحظورات والتي كانت خارج نطاق عمل اللجنة .

        وقد ادى هذا التوجه الدولي الى التوصل الى اتفاق شمل جميع المواد ذات الاستخدام المزدوج وتم وضعها في قائمة لجنة زانكر المحدثة حتى وان كانت مكرسة للاستخدامات غير النووية ، وتجدر الاشارة الى ان الاجراءات المتخذة في اتفاق وارشو قد اعتمدت من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية بموجب الوثيقة (INFCIRC /254/Rev.1) التي نشرتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تموز عام 1992 ، والتي تم بموجبها تعريف ضوابط الاستخدام المزدوج  (Deul use) ، كما حددت بموجبها آلية نقل وتطوير التكنولوجيا والمواد النووية ذات الاستخدام المزدوج ، وهكذا اعتمد هذا الحظر ، الذي كان مفروضاً بالأساس من قبل مجموعة البلدان المالكة للتكنولوجيا النووية ، من قبل هيئة دولية (الوكالة الدولية للطاقة الذرية) واقترن بقراراتها.

وفي آذار عام 1998 أصبحت مجموعة المجهزين النووين مكونة من 34 عضواً بضمنهم بلدان أوربا الشرقية.

ج-  نظام الرقابة على تكنولوجيا الصواريخ (MTCR) ([49])

في عام 1982، بدأت الولايات المتحدة وبريطانيا إجراء مباحثات بينهما للوصول الى اتفاقية تحد من امتلاك بلدان العالم الثالث للصواريخ البالستية والتكنولوجيا المتعلقة بها لجعلها حكراً على الدول الغربية وفرض هيمنة كاملة على بلدان العالم الثالث في هذا المجال. وقد توسعت هذه المباحثات لاحقاً لتشمل (15) بلداً من أوربا وأمريكا، إلا أن الدول الصناعية لم تصل الى اتفاقية أو نظام للسيطرة على هذه التكنولوجيات.

بعد حيازة العراق على صواريخ أرض – أرض ونجاحه في تطوير صواريخ الحسين ونجاح أول تجربة إطلاق في شهر آب 1987، استعجلت الولايات المتحدة ومعها دول غربية (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا الغربية، إيطاليا، كندا، اليابان) في إصدار وتبني نظام السيطرة على تكنولوجيا الصواريخ (MTCR)، والذي فرضت بموجبه حظراً على العراق وبلدان العالم الثالث في مجال تكنولوجيا الصواريخ.

وفي السنوات اللاحقة انضمت الى هذا النظام دول أخرى هي اسبانيا، بلجيكا، هولندا، لوكسمبورغ، النرويج، نيوزيلندا، استراليا، الدانمارك والنمسا. ومقابل مساعدات مالية وعلمية قدمتها لها الولايات المتحدة، وقعت الصين عام 1989 على نظام (MTCR)، ونتيجة للضغط الامريكي انضمت روسيا الى هذا النظام عام 1993. وحتى شهر أيلول من عام 1999 بلغ عدد الدول الموقعة على النظام (32) دولة.

ان الهدف الرئيس من انشاء هذا النظام هو منع البلدان النامية وخاصة بلدان امريكا اللاتينية والأقطار العربية من امتلاك تكنولوجيا تصميم أو بناء صواريخ قادرة على حمل أسلحة نووية أو صواريخ يمكن أن تحمل أكثر من خمسمائة كيلوغرام ويصل مداها الى أكثر من ثلاثمائة كيلومتر.

2-  الحظر التكنولوجي المقترن بالعقوبات الاقتصادية

أ:  الحظر التكنولوجي كأحد وسائل الحرب الاقتصادية

تتسم حركة التطور التكنولوجي العالمي بالطبيعة الاحتكارية لذا فان البلدان الصناعية تفرض حظراً على توريد التكنولوجيا المتقدمة الى البلدان النامية لاعتبارات ليست اقتصادية فحسب وانما لاعتبارات سياسية ايضاً.

وبالنظر لأهمية التكنولوجيا ودورها في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، فقد تضمنت العقوبات الاقتصادية التي فرضتها البلدان الاستعمارية على شعوب العالم الاخرى والنامية منها بشكل خاص ، حظراً على توريد التكنولوجيا هادفة من وراء ذلك الى خلق الاختلالات في عملية الانتاج والتنمية ، والتأثير بالتالي على قرارات ومواقف هذه الشعوب.

ان أغلب البلدان النامية تفتقر ، كما سبقت الاشارة ، الى البنى الأساسية للصناعات التحويلية وتعتمد في عملية الانتاج والتنمية على استيراد السلع الرأسمالية والانتاجية التي تتجسد فيها التكنولوجيا ، لذا فان حظر الصادرات (Export Embargo) من السلع الرأسمالية الى البلد المحاصر يمثل حظراً تكنولوجياً ، كون هذه السلع تمثل أحد جوانب التكنولوجيا (الجانب السلعي) أو (التكنولوجيا الصلبة) ، كما ان حظر تدفق المعارف الفنية والخبرات والمهارات يمثل حظراً على الجانب الثاني من التكنولوجيا (الجانب الاستخدامي) ، وكلاهما يؤثر سلباً على التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وهكذا فان الحظر على انتقال التكنولوجيا كأحد وسائل الحرب الاقتصادية قد تمت ممارسته من قبل البلدان المتحاربة دون أن يقترن ذلك بقرار هيئة دولية ، فإبان الحربين العالميتين الاولى والثانية ، مارست البلدان المتحاربة حظراً على تصدير المواد ذات الأهمية الاستراتيجية ومنها الآلات والمعدات والاسلحة والاعتدة التي تتجسد فيها التكنولوجيا اضافة الى المعلومات الفنية.

وتضمن الحصار الامريكي المفروض على كوبا منذ أكثر من أربعين عاماً حظراً تكنولوجياً كوسيلة من وسائل الحرب الاقتصادية ، غير مقترن بقرار هيئة دولية (خارج الشرعية الدولية) تمثل هذا الحظر بمنع الولايات المتحدة الامريكية تصدير وسائط النقل وقطع الغيار الى كوبا ، اضافة الى حظر تصدير السلع الرأسمالية والذي كان له الأثر الكبير على اداء القطاع الصناعي الكوبي والتنمية الاقتصادية.

وبالنسبة لاندونيسيا كان قرار بريطانيا ايقاف (المعونة الفنية) وحظر تصدير المنتجات الاستراتيجية التي يمثل أغلبها تكنولوجيا متقدمة ، وقرار الكونكرس الامريكي بعدم تجديد (المعونة الفنية) المخصصة لهذا البلد، يمثلان حظراً تكنولوجياً.

أما بالنسبة للصين الشعبية ، فالاجراء الذي اتخذه الاتحاد السوفيتي في حينه هو (سحب الخبراء والفنيين) ورفض قبول الطلبة والعلماء الصينيين للتدريب في الاتحاد السوفيتي، وهو اجراء يمثل حظراً على عنصر أساس من عناصر التكنولوجيا.

ب: الحظر التكنولوجي المقترن بقرار هيئة دولية

أشرنا الى ان مجلس الأمن التابع لهيئة الامم المتحدة هو أهم مصدر لفرض العقوبات الاقتصادية ضمن اطار (الشرعية الدولية) استناداً للفصل السابع من الميثاق ، والمتتبع للعقوبات الاقتصادية أو (التدابير الاقتصادية) التي فرضها المجلس قبل عام 1990 أو بعده يجد أنها تضمنت ان لم نقل مثلت حظراً تكنولوجياً على البلدان المعنية.

فقبل عام 1990 لم يستثن الحظر المفروض على روديسيا الجنوبية سوى المواد الطبية والتعليمية والغذائية ، لذا فهو يعني ضمناً حظراً على السلع والمواد الاستثمارية والانتاجية أي (التكنولوجيا). وبالنسبة لجنوب افريقيا فقد كان واضحاً بأن الحظر استهدف التكنولوجيا العسكرية.

وبعد عام 1990 فبالنسبة لحالة العراق تضمنت القرارات التي أصدرها مجلس الأمن بدءً بالقرار 661 ، حظراً تكنولوجياً على العراق ، وعلى الأخص ما ورد بالقرارات 687 ، 707 و 715/1991 والقرار 1051/1996 اضافة للقرار 661 المشار اليه أعلاه. فقد حظرت هذه القرارات وملاحقها على العراق ، المعلومات اللازمة لاستحداث أو انتاج أو استخدام العديد من أصناف التكنولوجيا سواء كانت هذه المعلومات على شكل بيانات تقنية أو مساعدة تقنية ، اضافة الى حظر توريد التكنولوجيا الى العراق وهو ما سنأتي على ذكر تفاصيله لاحقاً.

وتضمن الحظر المفروض على يوغسلافيا (السابقة) حظراً على التكنولوجيا العسكرية، كما شمل الحظر المفروض على ليبيا التكنولوجيا المتمثلة بقطع الغيار والتجهيزات العسكرية وشبه العسكرية ، اضافة الى المواد والمعدات التي تستخدم في الصناعات البتروكيمياوية ، أما بالنسبة ليوغسلافيا الاتحادية (الصرب والجبل الأسود) فقد شمل الحظر تعليق التعاون العلمي والتقني والثقافي أي أنه تضمن حظراً تكنولوجياً.

ومن الملاحظ ان أغلب قرارات مجلس الأمن الصادرة بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة ، تستثني من الحظر (ولو نظرياً) السلع الغذائية والمواد الطبية أي السلع الاستهلاكية ، الأمر الذي يعني أن العقوبات أو التدابير التي يفرضها مجلس الأمن تستهدف بالاساس حظر توريد السلع الرأسمالية التي تتجسد فيها التكنولوجيا والتي تعد عنصراً مهماً من عناصر التكنولوجيا ، أي أن هذه التدابير هي حظر تكنولوجي يستهدف عرقلة مسيرة النمو والتنمية الاقتصادية.

([1]) عدنان مناتي صالح، ” أثر العوامل الاقتصادية على مسار الحرب “، النفط والتنمية ، العدد الثاني ، آذار – نيسان، 1986، ص85.

([2]) صلاح نصر، ” الحرب الاقتصادية في المجتمع الانساني “، 1965، ص33-34.

([3]) المصدر السابق، ص36.

([4]) المصدر السابق، ص 36. وانظر أيضاً:

    – عدنان مناتي صالح، أثر العوامل الاقتصادية…، مصدر سابق، ص85.

([5]) صلاح نصر، الحرب الاقتصادية…، مصدر سابق، ص37.

([6]) المصدر السابق، ص38.

([7]) المصدر السابق ص39-40. وانظر أيضاً:

  • عدنان مناتي صالح، مصدر سابق، ص86-87.
  • عبدالرؤوف العيادي، ” الحظر على العراق “، مجلة أم المعارك، العدد الخامس، كانون الثاني 1996، ص108-113.

([8]) المصدر السابق ص108-109.

([9]) المصدر السابق ص110.

([10]) المصدر السابق ص109-110.

([11])  تأميم جليل العزاوي، “الحصار وأثره على الطفولة في العراق”، ندوة بغداد الدولية للاحتفال بالذكرى الخمسين للاعلان العالمي لحقوق الانسان، بغداد، وزارة الخارجية، 1998، ص233.

([12]) طاهر كنعان، ” الامكانات الاقتصادية العربية”، مجلة المستقبل العربي، العدد 252، شباط 2000، ص95-96.

([13])  سيف الدين المشهداني، السلطة التقديرية لمجلس الأمن واستخدامها في حالة العراق، بغداد، وزارة الثقافة والاعلام، دار الشرون الثقافية العامة، 1999، ص43-45. وانظر أيضاً:

  • الامم المتحدة، “ القرارات التي اتخذها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فيما يتعلق بالحالة بين العراق والكويت “، ص1.

([14]) المصدر السابق ص37.

  • وقد نصت المادة (40) على (منعاً لتفاقم الموقف ، لمجلس الأمن قبل أن يقدم توصياته أو يتخذ التدابير المنصوص عليها في المادة 39 ، أن يدعو المتنازعين للأخذ بما يراه ضرورياً أو مستحسناً من تدابير مؤقتة ، ولا تخل هذه التدابير المؤقتة بحقوق المتنازعين ومطالبهم أو بمركزهم ، وعلى مجلس الأمن أن يحسب لعدم أخذ المتنازعين بهذه التدابير المؤقتة حسابه).
  • أما المادة (41) فقد نصت على (لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته ، وله أن يطلب الى أعضاء الامم المتحدة تطبيق هذه التدابير ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفاً جزئياً أو كلياً وقطع العلاقات الدبلوماسية).
  • المصدر السابق ص37.

(*) ورد تعريف العدوان بقرار الجمعية العامة للأمم للأمم المتحدة رقم 3314 في 14 كانون الثاني 1974 بأن العدوان يعني استخدام القوة المسلحة من جانب دولة ضد سيادة ووحدة الأراضي الاقليمية ، والاستقلال السياسي لدولة أخرى ، أو بأية طريقة لا تتمشى مع ميثاق الامم المتحدة… وقد أورد القرار مجموعة من الأعمال التي اعتبرها أعمالاً عدوانية.

    أنظر: سيف الدين المشهداني، مصدر سابق، ص52-53.

([15]) الامم المتحدة، القرارات التي اتخذها مجلس الأمن…، مصدر سابق، ص1 و 37.

([16])  منى محمد علي الطائي، ” التحليل الاقتصادي لآلية العقوبات الاقتصادية في الأزمات الدولية – دراسة في النظرية والتطبيق “، النفط والتنمية، العدد الثاني ، السنة 14، آذار – نيسان ،1989، ص100-101. وانظر أيضاً:

  • كزافيه دو زوشوميز، ” الدبلوماسي الستراتيجي “، مجلة الدفاع الوطني الفرنسية، عدد مايس 1987، ترجمة رياض عزيز هادي ، نشرت في مجلة آفاق ، عدد 155 ، السنة الثالثة عشرة، شباط 1988.

([17]) صلاح نصر، الحرب الاقتصادية…، مصدر سابق، ص85. وانظر أيضاً:

– وليام كير وجيمس غيزفورد، ” سياسة العقوبات الاقتصادية: التنفيذ المتقطع – ملاحظات حول زيادة فاعلية العقوبات “، ترجمة ناصرة السعدون، مجلة أم المعارك، العدد 17، نيسان، 1999، ص8.

([18])  منى محمد علي الطائي، التحليل الاقتصادي لآلية العقوبات…، مصدر سابق ص101.

([19])   المصدر السابق، ص102-103.

([20]) المصدر السابق ص103-107.

([21]) المصدر السابق، وانظر أيضاً:

    – الو دوتي Alow Dowty، ” أثر العقوبات الاقتصادية على العراق “، مركز الدراسات العالمية والاستراتيجية ومعهد ماساشوست التكنولوجي، مجلة واشنطن الفصلية، صيف 1994، هيئة التصنيع العسكري، دائرة الرقابة الوطنية، 11/8/1994، ص9-14.

([22]) صلاح نصر، الحرب الاقتصادية…، مصدر سابق، ص59-63.

(*) الضغوط الاقتصادية هي (الاعمال ذات الطابع الاقتصادي التي تحاول بها دولة ما أن تعطل أو تمنع دولة أخرى من تنفيذ سياستها الاقتصادية القومية ، على أن يصحب هذا اجراءات سياسية وسيكولوجية تستهدف ارغام هذه البلدان الاخرى ، تحت ضغط الحاجة الملحة ، بتعديل موقفها السياسي والتمشي مع اتجاهات البلدان التي تمارس الضغط عليها).

   المصدر السابق، ص303.

([23]) المصدر السابق ص303.

(3) حميد الجميلي، دراسات في الأوضاع الاقتصادية المعاصرة لعالم الجنوب، الطبعة الأولى، بغداد، وزارة الثقافة والاعلام، دار الشؤون الثقافية العامة، 2001، ص66، وانظر أيضاً:

    – روبير شارفان، ” دعوة الى رفع العقوبات التي تعانيها الشعوب ضحايا الحظر “، ترجمة لمياء رحيم جاسم، مجلة أم المعارك، العدد 8/9، تشرين الأول، 1996، ص154.

([25]) لمزيد من التفاصيل أنظر: صلاح نصر، مصدر سابق، ص307-315. وانظر أيضاً:

  • معهد الإنماء العربي، دور البنك الدولي في العلاقات الاقتصادية الدولية، الطبعة الأولى، بيروت، 1977، ص63.
  • جان بيير فيريه، “أفكار بشأن عدم فاعلية استخدام الحصار في العلاقات الدولية”، ترجمة غازي فيصل حسين، مجلة أم المعارك، العدد 8/9، تشرين الأول، 1996، ص135-136.
  • روبير شارفان، دعوة الى رفع العقوبات…، مصدر سابق، ص157.
  • تيري دوفي، ” العقوبات الدولية والديمقراطية العالمية و (النظام الدولي الجديد) “، ترجمة وتلخيص جاسم زبون جاسم، مجلة أم المعارك، العدد 10، أيار، 1997، ص164-165.
  • شريل باير، فخ القروض الخارجية – صندوق النفد الدولي والعالم الثالث، ترجمة بيار عقل، الطبعة الأولى، بيروت، دار الطليعة للطباعة والنشر، آب، 1977، ص77.

([26])  منى محمد علي الطائي، التحليل الاقتصادي لآلية العقوبات…، مصدر سابق، ص115.

([27])   لمزيد من التفاصيل انظر:

  • المصدر السابق، ص110-115.
  • الامم المتحدة، القرارات التي اتخذها مجلس الأمن…، مصدر سابق، ص1-2.
  • سيف الدين المشهداني، السلطة التقديرية لمجلس الأمن…، مصدر سابق، ص131.
  • عبدالحسين شعبان، ” العقوبات الاقتصادية وحقوق الانسان “، المستقبل العربي، العدد 252، شباط، 2000، ص127-130.
  • جان بيير فيريه، مصدر سابق، ص135.

(*)  أشار السيد طارق عزيز في لقائه مع وفد القوى الشعبية الاردنية الى أن العراق قد قدم مساعدات انسانية (سيارات إسعاف) الى روديسيا ، تم شحنها وإدخالها الى روديسيا عن طريق جنوب افريقيا.

(**) يلاحظ هنا ضآلة تأثير العقوبات على اقتصاد روديسيا الجنوبية مقارنة بتأثير العقوبات على الاقتصاد العراقي كما سنرى فيما بعد.

([28]) انظر بهذا الصدد:

  • الامم المتحدة، القرارات التي اتخذها مجلس الأمن…، مصدر سابق، ص2.
  • عبدالحسين شعبان، العقوبات الاقتصادية…، مصدر سابق، ص128-129.
  • سيف الدين المشهداني، السلطة التقديرية لمجلس الأمن…، مصدر سابق، ص58-59،

ويلاحظ هنا ان مجلس الأمن الذي لم يفرض عقوبات اقتصادية خلال أربعين عاماً سوى في حالتين ، قد أصدر خلال العقد الأخير من القرن العشرين سيلاً من القرارات بها الشأن ، ويعود السبب في ذلك كما نعتقد الى تفرد الولايات المتحدة الامريكية وهيمنتها على مجلس الأمن واستصدارها قرارات باسم المجلس ضد البلدان التي ترفض السير في ركب سياسة الولايات المتحدة الامريكية.

(*)  تم التوصل الى اتفاق ساهم فيه الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان ، اضافة الى الأمير بندر (السعودية) والزعيم الافريقي نلسون مانديلا ، يقضي بتسليم المتهمين لتتم محاكمتهما في لاهاي (هولندا) ووفقاً للقضاء الاسكتلندي مع ضمانات لسلامتهما وتجميد العقوبات ضد ليبيا. وقد تم ذلك فعلاً إذ برئت ساحة أحدهما وحكم على الثاني.

  • عبدالحسين شعبان، مصدر سابق، ص127.

ولمزيد من الاطلاع على الحظر الذي فرض على ليبيا، أنظر على سبيل المثال لا الحصر:

  • رشيد مجيد محمد الربيعي، ” دور الأمم المتحدة في قضية (لوكربي)”، مجلة أم المعارك، العدد 10، ايار، 1997، ص59-74.
  • تيري دوفي، مصدر سابق، ص165-166.

([29]) عبدالحسين شعبان، العقوبات الاقتصادية…، مصدر سابق، ص129.

([30]) المصدر السابق، ص130.

([31]) حسين المشهداني واسامة الراوي، البعد السياسي…، مصدر سابق ص1.

([32]) المصدر السابق، ص2-3. وانظر أيضاً:

    – منير الله ويردي، دور التكنولوجيا السياسية في تخلف الدول،  مصدر سابق، ص68.

([33]) ILO, “Automation in Developing Countries”, Geneva, 1972, P. 15.

(4) A. Reddy, An Asian Science to Combat Asian Poverty, New Delhi, 1973, P.3.

([35])  طه ياسين رمضان وآخرون، مشكلات وتجارب التنمية في العالم الثالث، بغداد، جامعة بغداد، مركز دراسات العالم الثالث، 1990، ص54-55. وانظر أيضاً:

  • فالح الشيخلي، ” التعاون الاقتصادي بين دول العالم الثالث “، النفط والتنمية، العدد 12، أيلول، 1978، ص95-96.

([36])  فلاح سعيد جبر، النقل الافقي للتكنولوجيا، مصدر سابق، الملحق، ص34.

    وانظر أيضاً حول هذا الموضوع:

  • فلاح سعيد جبر، ” العلم والتكنولوجيا وأهمية خلق القدرات الذاتية “، النفط والتنمية، العدد 9-10، حزيران – تموز، 1981، ص2 (الملحق).
  • ———–، ” القيادة العلمية الادارية لمراكز البحوث العلمية “، النفط والتنمية، العدد 2 و 3، ت2 ك1، 1980، الملحق، ص4-5.
  • ———–، ” العون العلمي والتكنولوجي بين الالزام والهبات والصدقات “، النفط والتنمية العدد 11، آب، 1980، الملحق، ص2-5.
  • فائق عبدالرسول، النظام الاقتصادي الدولي…، مصدر سابق، ص109.
  • نجيب نجم الدين، ” تطور ونقل تكنولوجيا الطاقة الجديدة والمتجددة الى البلدان النامية “، النفط والتنمية، العدد الثاني، آذار- نيسان، 1984، ص124-126.
  • فالح الشيخلي، التعاون الاقتصادي…، مصدر سابق، ص104.
  • عدنان عبدالكريم جميل، النظرية التكنولوجية والتاريخ التكنولوجي، الطبعة الاولى، وزارة الثقافة والاعلام، دار الشؤون الثقافية العامة، 1990، ص176-178.
  • M. Avakov et al, Op. Cit., PP. 134-138.

([37])  W.A. Lewis, The Theory…, Op. Cit., PP. 183-185.

([38]) جورج قرم، ” الشركات المتعددة الجنسية ومنفذ العالم الثالث الى التكنولوجيا الحديثة “، مجلة الفكر العربي، معهد الانماء العربي للعلوم الانسانية، العدد 7، ك1/ 1987، ص15-18.

([39])  محمد السيد سعيد، الشركات عابرة القومية ومستقبل الظاهرة القومية، الكويت، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 1986، ص54. وانظر أيضاً:

   – فالح الشيخلي، التعاون الاقتصادي بين بلدان العالم الثالث، مصدر سابق، ص104.

([40])  محمد السيد سعيد، الشركات عابرة القومية…، مصدر سابق، ص55.

([41])  فلاح سعيد جبر، العون العلمي التكنولوجي…، مصدر سابق، ص2. وانظر أيضاً:

     – نور الدين محمد، نظرات على هامش التنمية، بغداد، وزارة الثقافة والاعلام، دار الشؤون الثقافية العامة، دار الحرية للطباعة، 1986، ص11.

([42])  فلاح سعيد جبر، العون العلمي…، مصدر سابق، ص2-3.

([43])  فلاح سعيد جبر، مناقشة مع منظمة اليونسكو ومع  عزيز الحاج، النفط التنمية، العدد 5، شباط، 1980، ص158-162.

([44])  فالح الشيخلي، التعاون الاقتصادي..، مصدر سابق، ص104-109. وانظر أيضاً:

    – قسم دراسات العلوم المتكاملة، معالم تجربة العرب مع التكنولوجيا عبر التاريخ، مصدر سابق،ص151

([45]) طلعت أحمد مسلم، ” الامكانات العسكرية العربية “، المستقبل العربي، العدد 252/2/2000، ص121.

([46]) حسين المشهداني وأسامة الراوي، البعد السياسي…، مصدر سابق، ص10-12.

([47]) انطوان زحلان، العرب وتحديات العلم والتقانة…، مصدر سابق، ص308-312.

(*)   يشير ميخائيل جورباتشوف الى أن (سياسة الانفراج وتوسيع العلاقات الاقتصادية أدت الى التوقف عن بعض الأبحاث والتطورات التكنولوجية متطلعين الى تقسيم العمل الدولي على أساس أن شراء بعض الآلات من الخارج أفضل من إنتاجها في الداخل. لقد تعرضنا لعقاب شديد نتيجة سذاجتنا وجاءت فترة من الحظر والمقاطعة والتحريم والقيود وتخويف من يتاجرون معنا…. وبشكل عام ساعدت العقوبات وأعمال الحظر على توضيح الأمور – لكل سحابة اطاراً فضياً – لقد استخلصنا الدروس من الحظر التكنولوجي الذي فرضته امريكا على الاتحاد السوفيتي).

– ميخائيل جورباتشوف، البيريسترويكا – تفكير جديد لبلادنا وللعالم، ترجمة حمدي عبدالجواد، مراجعة محمد المعلم، الطبعة الرابعة، دار الشروق، 1990، ص107-109.

([48])  أنظر في ذلك:

  • International Research Center for Nuclear Proliferation, “Briefing Book – Treaties, Agreements and other Relevant Documents”, Volume 11, Eighth Edition, University of Southampton, U.K. 2000, PP. L3-L4.
  • عبدالرزاق الهاشمي، “مفاعل تموز.. وتحديات المشروع النهضوي في العراق”، الندوة الدولية في الذكرى العشرين للعدوان على مفاعل تموز، بغداد، بيت الحكمة، حزيران، 2001، ص2.
  • هاني حسن أحمد العاني، “المبادئ التوجيهية المضافة لدول اوربا ومقارنتها مع آلية الاستيراد والتصدير لقرار مجلس الأمن 1051 “، بحث غير منشور، منظمة الطاقة الذرية العراقية، 2001، ص1-3.

([49]) حسام محمد أمين، ” الصواريخ البالستية ومستقبل نظام السيطرة على تكنولوجيا الصواريخ (MTCR)، مجلة أم المعارك، العدد 25، عدد خاص، ص109-121. وانظر أيضاً:

     – انطوان زحلان، العرب وتحديات العلم والتقانة…، مصدر سابق، ص312.

الصفحة التالية…تابع

vote/تقييم
الصفحة السابقة 1 2 3 4الصفحة التالية

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى