التهديدات الأمنية في الساحل الافريقي وتأثيرها على الأمن الوطني الجزائري
شهد النظام الدولي ما بعد الحرب الباردة تغيرات عميقة مست العديد من جوانبه لا سيما الفواعل، الهيكل، القيم السائدة فيه بما فيه التغيرات التي طرأت على مفهوم الأمن التقليدي و انتقاله من مستوى الحفاظ و البقاء للدولة إلى مستوى مفهوم الأمن الشامل بكل أبعاده السياسية، الاقتصادية و الاجتماعية، هذه النتيجة التي غيرت في صيغة التهديدات الأمنية، حيث ساهمت إشكالية أمن الأفراد في تجديد المفاهيم و المقاربات و الاستراتيجيات المتعلقة بالأمن، و نجد مفهوم الأمن في إفريقيا متعدد الأبعاد : البعد السياسي، و الاقتصادي و الاجتماعي و خرق حقوق الإنسان.
و تعد ظاهرة اللاأمن من أكبر المشاكل التي تكبح التطور الاقتصادي و الاجتماعي في القارة الإفريقية التي تعاني من العديد من الأزمات، و النزاعات السياسية و المسلحة و تفاقم ظاهرة الإرهاب و الظواهر المرتبطة به کالجريمة المنظمة و المتاجرة بالبشر و الأسلحة و المخدرات.
تعد منطقة الساحل الأفريقي الركن الساخن الأكثر استثارا بالنزاعات، في زمن التكتلات الذي شهد بروز المجموعات الإقليمية و النهوض بها، زادت الحاجة إلى التعاون العابر للحدود على أساس علاقات الجوار التي تربط الجماعات و السلطات المحلية على الحدود البرية و البحرية للدول و أضحت هذه العلاقات واقعا معقدا شهد تطورات مستمرة بفعل التغيرات الحاصلة على الصعيد الدولي و خاصة بعد التحولات التي طرأت بعد نهاية الحرب الباردة لتكون سببا في زيادة التركيز على الدراسات الأمنية .
تتجلى التحولات التي عرفتها هذه الفترة على مستوى وحدات النظام الدولي في تزايد الدول القومية من حيث التفكك و تبلور نظام الأحادية القطبية ليحل محل نظام توازن القوى الذي دمرته الحرب العالمية الثانية والذي انصرف إلى عدم حصول الدول الإفريقية وخاصة منطقة الساحل الإفريقي على استقلال سیاسي حقيقي في الإرادة و الحركة، وذلك بتباين حجم التفاوت الشديد في المكانة التباين مستويات النمو الاقتصادي و الاجتماعي، فضلا عن تباین حجم مقدرات القوة التي تمتلكها وحداته