أخبار ومعلومات

الحكومة في مواجهة ذوبان احتياطي الصرف

حفيظ صواليلي – جريدة الخبر

قدر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون مستوى احتياطي الصرف الحالي بنحو 44 مليار دولار، وهو مستوى يغطي نحو 15 شهرا من الواردات، بمقياس سنة 2020 التي سجلت فيها واردات البلاد مستوى يقدر بحوالي 34.4 مليار دولار مقابل 41.94 مليار دولار في سنة 2019، ويظل مستوى الاحتياطي الذي يعد بارومتر قياس احتياطي الصرف على المحك وهو الذي يشكل ضمان للعملة وللبلد والحل الثاني بعد صندوق ضبط الإيرادات عند حصول العجز الحقيقي في ميزان المدفوعات.

وفي وقت اعتمدت حكومة الوزير الأول ووزير المالية، أيمن بن عبد الرحمن، خيار اللجوء إلى إعادة التمويل بمعية البنك المركزي من خلال برنامج خاص لإعادة تمويل البنوك والمؤسسات المالية الوطنية بقيمة تصل إلى 2100 مليار دينار جزائري أو ما يعادل 15.6 مليار دولار بهدف توفير السيولة ودعم المؤسسات وإنعاش الاقتصاد الوطني المنهك، فإن التوازنات المالية العامة تظل تطرح على أساس عدد من المؤشرات من بينها تلك التي حددت في قانون المالية 2021 والتكميلي 2021 على رأسها الحاجة إلى التمويل، حيث تطرح التوازنات المالية إشكاليات تضع الحكومة على المحك لاسيما ما تعلق بمعضلة تغطية العجز المتزايد في الميزانية، مقابل تراجع الموارد والإيرادات، فيما تعد الخيارات والبدائل محدودة وبعضها صعب التطبيق في ظل وضع استثنائي ناتج عن جائحة كورونا، وضغط الجبهة الاجتماعية، وتكشف بعضا من المؤشرات الإحصائية التي أبرزتها قوانين المالية عن زيادة حاجيات التمويل والعجز في الميزانية الذي يتوقع بلوغه برسم عام 2021 نحو 3310 مليار دينار أو ما يعادل 24.82 مليار دولار وهي قيمة تفوق إيرادات المحروقات المتوقعة سنة 2021 والمقدرة بحوالي 23.6 مليار دولار وإن كانت القيمة التقديرية قابلة للارتفاع نتيجة زيادة الأسعار وتوقع مستوى معدل سعر نفط هذه السنة بنحو 65 دولارا إلى 67 دولارا للبرميل.

ويشير الخبراء إلى أن عجز الميزانية هو انعكاس للرصيد السالب للميزانية العامة أو العمومية للدولة، والناتج عن كون النفقات تفوق الإيرادات. وتضطر على إثرها الحكومة إلى تمويل هذا العجز من خلال الاقتراض، مما يؤدي إلى تزايد الدين العام الداخلي أو الاقتراض الخارجي أو التغطية من الاحتياطي العام للدولة على غرار صندوق ضبط الإيرادات الذي شكل في الجزائر، أو اعتماد آليات مثل التمويل غير التقليدي كما حدث سابقا.

وعلى ضوء ذلك، فإن اللجوء إلى صيغة التمويل الجديدة الغرض منها ضمان هامش في مجال توفير موارد مالية إذ تعتمد على آلية تمويل يقوم من خلالها بنك الجزائر بشراء سندات الخزينة التي تمتلكها البنوك مقابل توفير السيولة لهذه الأخيرة، ما سيسمح لها بتحفيز أو إنعاش اقتصادي من خلال تمويل مشاريع استثمارية إنتاجية، وتتم هذه العملية عن طريق عمليات السوق المفتوحة.

إلا أن المؤشرات العامة تبقى تميل إلى الخانة الحمراء، سواء تعلق الأمر بعجز الميزان التجاري وإن يتوقع تقلصه مقارنة بالسنة الماضية التي سجل 10.6 مليار دولار، مع ضبط أكبر للواردات مقابل تحسن مستويات الصادرات، إلا أن العجز يظل قائما وهو ذات العجز القائم في ميزان المدفوعات، وهذه المؤشرات وغيرها تضغط على احتياطي الصرف الذي كان يقدر بـ53 مليار دولار في 2019 وبلغ حسب آخر تصريح لرئيس الجمهورية 44 مليار دولار، أي أن الاحتياطي في ظرف نحو 18 شهرا يكون فاقدا لنحو 9 مليار دولار.

وكان الوزير الأول الحالي أيمن بن عبد الرحمن، قد أعلن بصفته محافظا لبنك الجزائر في فيفري 2020 بلوغ احتياطي الصرف 62 مليار دولار، كما أشار إلى أنه مع نهاية أفريل 2019، بلغ احتياطي الجزائر من العملة الصعبة 72.6 مليار دولار مقابل 79.88 مليار نهاية 2018 و97.33 مليار دولار نهاية 2017، مما يكشف عن المنحى التنازلي للاحتياطي.

وجدير بالإشارة مثلا أن توظيفات الجزائر على شكل سندات الخزينة الأمريكية تقدر بنحو 680 مليون دولار حسب تقديرات الخزينة الأمريكية، وكانت الجزائر تحوز مبلغا أعلى في شكل توظيفات سندات الخزينة الأمريكية، فضلا عن سندات الخزينة في دول أوروبية. وبقدر ما يبقى الاحتياطي على تواضع مستواه مقارنة بالمستويات التي كانت عليه في سنوات 2013 و2015، حيث بلغ مثلا نهاية سنة 2013 نحو 194,012 مليار دولار مقابل 190,661 نهاية 2012 وسيلة ضمان وتغطية، إلا أنه يبقى غير كاف في ظل مؤشرات عديدة لا تدفع بالضرورة إلى تفادي مواصلة تآكله، وإن ساهم ارتفاع سعر النفط وتقليص مستويات الواردات في التخفيف من حدته، علما أن الاحتياطي فقد ثلثي قيمته في ظرف السنوات الست الماضية.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى