دراسات سياسيةدراسات قانونية

السيادة ومسألة الاختصاص الاقليمي للدولة العراقية

لقد ظهر واضحا ان مفهوم السيادة رغم تعرضه للانتقادات الحادة ، التي تصل احيانا الى مستوى الطعن بمشروعية المفهوم ، والمحاولات المتكررة من قبل المجتمع الدولي وإداراته بتقيد هذا المفهوم وإسباغ صفة الإيجابية عليه للتفاعل الخلاق في محيط العلاقات الدولية ، إلا انه لا زال مفهوما معترفا به وذلك لسبب بسيط هو انه طالما كانت الدول كانت السيادة لصيقة بها . ولا شك ان المجتمع الدولي رغم تطوره المذهل لكنه لم يجد ادوات متفاعلة في محيط العلاقات الدولية الى الآن غير الدول . ولعل المفارقة في ذلك ان خارطة الدول في أوربا وأمريكا قد استقرت الى حد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية لكنها لم تستقر في محيط دول الجنوب الذي لا زال يضخ للعائلة الدولية دولا جديدة ( آخرها دولة تيمور الشرقية المستعمرة البرتغالية السابقة والتي نالت استقلالها من إندونيسيا في 18 /5/2002)  التي ما ان ترفع علمها الوطني لأول مرة للتعبير عن نيلها الاستقلال ، حتى تنادي باحترام سيادتها وتطلب معاملتها كدولة مستقلة ذات سيادة  .

    ولقد لعبت الأمم المتحدة ومن خلال ميثاقها واحكام محكمة العدل الدولية دورا بارزا في حماية مفهوم السيادة من جهة وتهذيبه من اطلاقيته من جهة اخرى لكنها لم تسع الى إزالته او تغييره بمفهوم اخر . وإذا كان الحال هكذا ، وتلك حقيقة واقعة ، فيبرز التساؤل التالي : وهو هل ان الأمم المتحدة كانت مخلصة لمبادئها في حماية مفهوم السيادة عند تعاملها مع العراق اثر دخول قواته الكويت عام 1990 ؟ .

    ان ذلك ما سوف نبحثه في دراسة ( القضية العراقية ) ومنها هذا الفصل المعني بالعلاقة بين السيادة والاختصاص الاقليمي للدولة العراقية ولكي نتبين من خلاله مدى التزام الأمم المتحدة بالحفاظ على سيادة دولة عضو فيها من خلال قراراتها ذات الصلة بموضوع الكويت . وسوف نقسم هذا الفصل الى مباحث ثلاث فنتكلم في أولها عن الاجتراء على سيادة الدولة في شمال العراق من خلال القرار 688 الصادر عن مجلس الامن عام 1991، وفي المبحث الثاني عن الاجتراء على سيادة العراق من خلال فرض مناطق حظر الطيران . اما المبحث الثالث فنتكلم فيه عن الاجتراء على سيادة العراق من خلال ترسيم الحدود بينه وبين الكويت .

المبحث الأول الاجتراء على سيادة الدولة في شمال العراق

    فكرة التدخل بشكل عام في شؤون الدول من قبل دولة او مجموعة من الدول وتحت ذرائع شتى ، ترتبط الى حد بعيد بنشوء الدولة القومية ذاتها . أي ان هذه الفكرة تعود زمنيا الى القرن السادس عشر وهو تاريخ نشوء الدول وتاريخ بدء التوسع خارج القارة الأوربية ( تحت فكرة واجب التدخل ) في ضم الاراضي والاستحواذ عليها [1] .

    وهذه الفكر ليست بمعزل عن فكرة الحرب العادلة التي سبقتها زمنيا حيث كانت سائدة في العصور الوسطى ، والتي ظهرت بمظهر عدم اباحة الحرب ، فزعمت ان الحرب لا يجب ان تشن إلا لهدف ازالة ظلم او اصلاح ضرر يلحق بدول ومجتمعات ويدافع بها عن القيم والقانون [2] . وعليه فإن الحرب لا تكون   عادلة إلا إذا توفرت فيها شروط  :-

  1. رد الظلم عن الأفراد والجماعات .
  2. الحرب لا تقع إلا لضرورة لا يمكن تجنبها وتؤدي الى حرب عادلة .
  3. ان تكون أما حرباً دفاعية او حرباً أمر بها الله ( سبحانه ) او حرباُ غرضها حماية الحلفاء .
  4. يجب ان لا تكون حرب مغانم او حرب صنع مجد عسكري [3] .

    ويرى جروسيوس ان الحرب تكون عادلة اذا كان الهدف منها الدفاع عن المواطنين في دولة اخرى في حالة تعرضهم لمعاملة قاسية من قبل حكومتهم [4] .

ان فكرة الحرب العادلة هي في حقيقتها قيدا على حق سيادي للدول باللجوء الى الحرب متى ما رأت ان ذلك ضروريا لحماية أمنها ومصالحها . وعلى هذا الأساس فان التدخل الإنساني يبرر اللجوء الى الحرب في ظل تقيد هذا الحق .

    وهكذا تبدو الحرب العادلة وقد احيطت بكل المبررات القيمية والدينية والاخلاقية … ولذا قيل ان الحرب العادلة هي تلك الحرب التي تتفق ومقاصد الكنيسة ، وما لم تكن كذلك فهي حرب ظالمة جائرة . غير ان الدول الأوربية عند لجوئها للتدخل في شؤون بعضها في بداية الأمر تسلقت سلم تبريرات المحافظة على العروش الملكية ضد الثورات الشعبية . وهذا ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر فينا سنة 1815 الذي انعقد بعد القضاء على نابليون ، وما تبعه من تحالفات كان من أهمها الحلف المقدس حيث اقر حق التدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقلة انطلاقا من ان أي تغير في النظم القائمة يعد تهديدا لسلم أوربا وهو ما حدث في إسبانيا والبرتغال ونابولي [5] .

    لقد كونت هذه التحالفات شبه حكومة دولية على رأسها الدول المشاركة فيها       ( روسيا ، النمسا ، بروسيا ، إنكلترا ) لإدارة شؤون أوربا ، حيث نصبت تلك الدول نفسها قيمة على دول القارة الأوربية وتحت ذرائع شتى كان في مقدمتها آنذاك المحافظة على السلم في أوربا . وعلى هذا الأساس تم عقد العديد من المؤتمرات لبحث مسائل متعلقة بدول اخرى وتقرير الإجراءات المناسبة الواجب اتخاذها ، ومن ذلك مؤتمر لندن سنة 1830 المتعلق بالمسالة البلجيكية ، والمؤتمر المنعقد سنة 1840 لبحث القضية المصرية ، ومؤتمر بروكسل سنة 1874 وبرلين سنة 1885 اللذان توليا بحث موضوع المستعمرات الأفريقية [6] .

    لقد عملت تلك الأجواء على ازدياد لجوء الدول الى ممارسة التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى ولكن تحت مبرر جديد هذه المرة هو حماية حقوق الإنسان والإنسانية . فكان التدخل الفرنسي البريطاني الروسي ضد الدولة العثمانية 1829 لمنع انتهاكات حقوق الإنسان في اليونان . وتدخل النمسا ، فرنسا ،   إيطاليا ، بروسيا وروسيا سنة 1866 – 1868 ضد الدولة العثمانية بدعوى وقف انتهاكات حقوق الإنسان التي تتعرض لها الشعوب المسيحية في هذه الدولة [7] . كما تدخلت فرنسا في لبنان سنة 1860 بهدف حماية المسيحيين الموارنة ، وتدخلت روسيا ضد الدولة العثمانية سنة 1877 لمصلحة المواطنين البلغار ، كما وتدخلت الولايات المتحدة الأمريكية في كوبا سنة 1898 [8] .

    ان هذه الممارسات من الدول مكنت القانون الدولي التقليدي من تبني قاعدة عرفية [9] تسمح بالتدخل في شؤون الدول الاخرى لغرض حماية حقوق الإنسان وهو ما أيده عدد كبير من كتاب القانون الدولي أمثال فوشي وشويل وماندلتوم وسيفرياوس ولوفر وموسلر وغيرهم [10] .

    واستنادا الى تلك القاعدة العرفية  فان الدولة الحديثة التي جاءت بها معاهدة وستفاليا عام 1648 ( ومبادئ تلك المعاهدة هي أساس العلاقات الدولية حتى يومنا هذا والتي كانت قائمة على مذهب السيادة الذي اعلن ان السلوك المحلي للدولة ومؤسساتها ليس في متناول الدول الاخرى ) [11] رغم ان ( النظام الوستفالي يواجه اليوم ازمة منهجية وتخضع مبادؤه للتحدي رغم عدم التوصل الى بديل متفق عليه بعد … ) [12] .

    من جانب آخر رفض العديد من كتاب القانون الدولي تأييد وجود قاعدة عرفية في ظل القانون الدولي التقليدي تسمح للدول بالتدخل في الشؤون الداخلية لدول اخرى بدعوى حماية حقوق الإنسان [13] . ذلك ان القواعد العرفية التي تنشا من ممارسات الدول تحتم التأكد من شرعية تلك الممارسات والبواعث الأصلية لتلك الممارسات بغية تحديد صلاحيتها لإنشاء قواعد عرفية .

    ولهذا السبب يرى براونلي (Brownlie ) ان البحث في ممارسات الدول المتعلقة بالتدخل الإنساني يؤكد استنتاجا مهما مفاده عدم حدوث حالة حقيقية للتدخل الإنساني ، وبالتالي فهو يرى ان التدخلات لا تشكل جزءاً من القانون الدولي العرفي [14] . وذلك هو موقف كنجي ( Ganji ) ايضا الذي يرى ان مبدأ التدخل الإنساني لا يبدو كقاعدة عرفية في القانون الدولي [15] .

      ومن هذا المنطلق يعارض عدد من كتاب القانون الدولي شرعية التدخل الإنساني لأنه يمثل انتهاكا لاستقلال الدول ، ولان بقية الدول لا تتأثر بشكل مباشر بالإعمال غير الإنسانية التي تحدث داخل الدولة وهي غير مخولة بالتدخل [16] . ويرى الألماني هافتر ( Huffter ) ان ما يحدث داخل الدولة لا يبرر لبقية الدول التدخل في شؤونها الداخلية فلا توجد دولة مخولة بان تكون قاضيا على بقية  الدول [17] .

     كما ان من الأسباب الاخرى التي تدعو الى التشكيك بفكرة التدخل الإنساني هو ان هذا النوع لم يمارس حينما كانت الحالة تستوجب تدخلا إنسانيا نتيجة للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وفي أماكن مختلفة من العالم سواء ما كان يحصل في جنوب أفريقيا و روديسيا وما يحصل اليوم في فلسطين .  ان مبدأ التدخل يظهر وكأنه قد وضع وصمم بشكل تام من اجل الوضع السائد في فلسطين الآن وكان يتوجب القيام بهذا التدخل منذ مدة طويلة . وهذا ما يؤكد ( ان معظم التدخلات التي حدثت تحت شعار الإنسانية كانت تحركها المصالح الخاصة للدول وليس صالح الإنسانية او الجنس البشري ) [18] .

    فما بين المؤيدين والرافضين لفكرة التدخل الإنساني على مستوى الفقه  القانوني ، نجد ان التطبيقات العملية لهذه الفكرة في ازدياد في الوقت المعاصر ، فالتدخل البلجيكي والأمريكي والبريطاني في الكونغو الديمقراطية بحجة حماية الأجانب سنة 1964 والتدخل الأمريكي في الدومينيكان لإجلاء الرعايا الأمريكيين والأجانب سنة 1965 والتدخل الفرنسي في زائير سنة 1978 وغيرها من التدخلات [19] ما هي إلا أمثلة على نمو وازدياد هذه العمليات التي حظيت بموافقة الأمم المتحدة واغلب دول العالم . ( فلقد جرى التخلي عن سياسة عدم التدخل  في الشؤون الداخلية للدول الاخرى لصالح مفهوم التدخل الإنساني العالمي او الولاية القضائية الدولية … حيث لقي هذا الموضوع مساندة عدد كبير من الدول في القمة الألفية للأمم المتحدة المنعقدة في نيويورك في ايلول / 2000 . في تسعينيات القرن العشرين شرعت الولايات المتحدة في اربع عمليات عسكرية إنسانية في الصومال وهايتي والبوسنة وكوسوفو . وتزعمت دول اخرى عمليتين ، في تيمور الشرقية بقيادة استراليا وسيراليون بقيادة المملكة المتحدة . وحظيت كل هذه التدخلات باستثناء التدخل في كوسوفو ، بموافقة الأمم المتحدة )[20] .

    واستنادا الى هذا التحليل فان سيادة الدول بدأت تواجه تحديا كبيرا وخطيرا منذ تسعينيات القرن الماضي ، في مواجهتها لمفهوم التدخل الإنساني من جهة ، ولكون هذه المواجهة قد تمت بمباركة الأمم المتحدة من جهة اخرى . ورغم ان مواد الميثاق المتعقلة بالسيادة والدومين المحفوظ للدول لم يجر عليها أي تعديل ، فمن الناحية القانونية ( يمكن القول ان التدخل الإنساني يقع برمته في نطاق النظرية السياسية ) [21] خصوصا بعد التطور الهائل في طبيعة العلاقات الدولية في هذه الفترة نتيجة انهيار الاتحاد السوفيتي السابق وافول نظرية القطبين لصالح القطب الآخر ، حيث ألقى بضلاله الثقيلة على الأمم المتحدة وانعكس بشكل مباشر على قراراتها المختلفة التي أضحت مثيرة للجدل والخلاف في المحيط الدولي خصوصا قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالتدخل الإنساني في شؤون الدول المختلفة وفي مناطق متعددة من العالم إبتداءا من العراق والصومال ويوغوسلافيا السابقة وهايتي ورواندا [22] .

    ولقد صعدت الجمعية العامة للأمم المتحدة من وتيرة الجدل ، وضيقت من حجج المناوئين للتدخل بإصدارها القرارين 43/131 ( 1988 ) والقرار      100/45 ( 1990 ) المتعلقين بتقديم المساعدات الإنسانية لضحايا الكوارث الطبيعية وحالات الطوارئ المماثلة حيث جعلت من موضوع التدخل الإنساني قاعدة أخلاقية في طريقها لتكون قاعدة عرفية على نحو ما تم بالنسبة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبقية الإعلانات والقرارات التي أرست بموجبها الجمعية العامة قواعد قانونية عرفية [23] .

    لكن رغم تلك الجهود المبذولة من الأمم المتحدة والمتعلقة بالتدخل لحماية حقوق الإنسان ، فان تلك التدخلات قوبلت بالرفض من الدول ذات العلاقة وعدم الاستحسان والخلاف من دول اخرى في الأوساط الدولية ، خاصة ان هناك من يرى فيها تجاوزا على سيادة الدول وانتهاكا للفقرة السابعة من المادة الثانية من الميثاق والمتعلقة بتحريم التدخل في الشؤون الداخلية للدول [24] .

    وفي ذلك تناقض مع شروط خلق القاعدة العرفية خاصة تلك المتعلقة بوجود حالة من القبول من قبل الأشخاص الموجه إليهم التصرف . كما ان ممارسات الأمم المتحدة لم تجر على وتيرة واحدة ، ففي الوقت الذي تدخلت في العراق ويوغوسلافيا السابقة والصومال وإندونيسيا ، لم تتدخل في الشيشان وايرلندا الشمالية ولبنان ( ضد إسرائيل ) وهذا ما يدلل على ان الاعتبارات السياسية هي التي تحرك عمل الامم المتحدة وخصوصا مجلس الأمن وهي أمور لا تنسجم مع متطلبات إنشاء قاعدة عرفية .

    ومن هذا المنطلق فان إجراءات الأمم المتحدة ( مجلس الأمن ) في شمال العراق تتطابق مع الاعتبارات السياسية السائدة في مجلس الأمن بعد تسعينيات القرن الماضي ، وتفترق عن الاعتبارات القانونية لقواعد القانون الدولي وكما سنرى لاحقا .

    لا شك ولا ريب ان مجلس الأمن هو الجهاز الرئيس في الأمم المتحدة الذي عهد إليه الميثاق في المادة 24 بالمسؤولية الرئيسية للحفاظ على السلم والأمن    الدوليين . وقد وافق أعضاء الأمم المتحدة على ان مجلس الأمن عندما يضطلع بواجباته التي تفرضها عليه هذه المسؤولية ، إنما يعمل نيابة عنهم [25]. ولا بد ان تكون قراراته مقترنه بهدفه او مهمته الأساسية التي هي الحفاظ على السلم والأمن الدوليين ، وبخلافه فان الجدل سيثار حول قانونية وشرعية تلك القرارات . لذلك فان مجلس الأمن قد عمد في 23 آب 1990 الى التوصية الى لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة يدعوها الى دراسة حقوق الإنسان وتطورها في العراق وان تعين شخصا ذا مكانه دولية كمقرر خاص للإشراف على هذه المهمة [26] ( اثر الأحداث والظروف السائدة في أعقاب الحرب واندلاع اعمال العنف التي حفزت عليها وشاركت فيها قوى خارجية … واضطرار أعداد من المواطنين العراقيين الأكراد الذين اجبروا على ترك وطنهم واللجوء الى جبال خارج حدود الوطن )[27].

    لقد كان هذا الوضع البداية نحو التدخل ( الإنساني ) في العراق ليتم ولأول مرة في تاريخ مجلس الأمن الربط بين انتهاك حقوق الإنسان في دولة ما وتهديد السلم والأمن الدوليين لكي يكون قرار مجلس الأمن اللاحق لمعالجة هذه الحالة متوافق مع ميثاق الأمم المتحدة .

    كما ان حكومات الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا قد استغلت الظروف السائدة في شمال العراق للتدخل السافر في شؤون العراق الداخلية وانتهاك سيادته تحت غطاء توفير المساعدات الإنسانية والحماية للسكان المدنيين حتى قبل صدور أي قرار من مجلس الأمن . فلقد عمدت هذه الدول الثلاث الى تشكيل المناطق الآمنة ( SAVE HAVEN) لغرض عودة اللاجئين دون تخويل من الأمم المتحدة او موافقة العراق ، الدولة صاحبة العلاقة وعدم مراعاة لميثاق الأمم المتحدة وخصوصاً الفقرة 7 من المادة الثانية منتهكة بذلك سيادة دولة عضو في الأمم المتحدة رغم ان العراق ( أبدى استعداده للتشاور والتعاون مع الأمم المتحدة كما انه لم يرفض عمليات الإغاثة لأولئك المواطنين لكنه طالب بأن يجري تنسيق جهود الإغاثة وتنظيمها مع السلطات العراقية المختصة ..) [28]  . وبدلا من الاستجابة لطلبات العراق المشروعة في الحفاظ على سيادته الوطنية ووحدة أراضيه الإقليمية فان الأمم المتحدة قد اهتمت بدلا من ذلك بالمذكرة المقدمة من الحكومة التركية الى رئيس مجلس الأمن  [29]  والمذكرة المماثلة المقدمة من الحكومة الفرنسية [30] والمذكرتين [31] المقدمتين من الحكومة الإيرانية للامين العام للأمم المتحدة [32] والتي تشير بمجموعها الى  ( ان القمع الذي تعرض له سكان العراق والذي شمل المناطق الكردية قد أدى الى تدفق اللاجئين على نطاق واسع عبر الحدود الدولية والى حدوث غارات عبر الحدود مما يهدد السلم والأمن الدوليين)  [33] .

    ونتيجة للظروف المهيأة في مجلس الأمن ضد العراق واستنادا الى تلك المذكرات التي كان قسم منها موجهاً للامين العام للأمم المتحدة وليس الى مجلس الأمن لمناقشة موضوع لا يهدد السلم والأمن الدوليين كنزوح اللاجئين خصوصا وانه لم ينشا نتيجة صراع عسكري بين إيران والعراق مثلا ، فلقد عقد مجلس الأمن جلسة في  ( 5 / نيسان / 1991 ) حيث ناقش موضوع المذكرات أعلاه وتقدمت فرنسا بمشروع قرار اعتمد بأكثرية عشرة أصوات ضد ثلاثة وهي كوبا ، واليمن ، وزيمبابوي وامتناع الصين والهند عن التصويت ، وبذلك فلقد ولد القرار  (688 ) في ( 6 / نيسان / 1991 ) ،  وبذلك يعد هذا القرار اقل قرارات مجلس الأمن تأييدا من هذه الأزمة ويعكس في الوقت ذاته الجدل القائم بين مؤيدي ورافضي التدخل .

    ويتضمن القرار ثماني فقرات عاملة وست فقرات في الديباجة ، حيث تشير الفقرة الثانية من الديباجة الى احكام الفقرة السابعة من المادة الثانية من الميثاق . اما الفقرة الثالثة فإنها تنص على ان المجلس يساوره قلق شديد إزاء القمع الذي يتعرض له السكان المدنيون العراقيون في أجزاء كثيرة من العراق . والذي شمل مؤخرا المناطق السكانية الكردية وأدى الى تدفق اللاجئين على نطاق واسع عبر الحدود الدولية والى حدوث غارات عبر الحدود بما يهدد السلم والأمن الدوليين في المنطقة . وبعد ان أحاط المجلس علما برسائل تركيا وفرنسا وإيران أعاد في الفقرة الخامسة من الديباجة تأكيد التزام جميع الدول الأعضاء تجاه سيادة العراق وجميع دول المنطقة وسلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي . وأدانت الفقرة الأولى العاملة القمع الذي يتعرض له السكان المدنيون العراقيون في أجزاء كثيرة من العراق . والذي شمل مؤخرا المناطق السكانية الكردية وتهدد نتائجه السلم والامن الدوليين في المنطقة . وطالبت الفقرة العاملة الثانية العراق بان يقوم على الفور -إسهاما منه في إزالة الخطر الذي يتهدد السلم والأمن الدوليين في المنطقة – بوقف هذا القمع ، ويعرب المجلس عن أمله في إقامة حوار مفتوح لكفالة احترام حقوق الإنسان والحقوق السياسية لجميع المواطنين العراقيين . ونصت الفقرة العاملة الثالثة على ان يسمح العراق بوصول المنظمات الإنسانية الدولية على الفور الى جميع من يحتاجون المساعدة في جميع أنحاء العراق [34] .ولو استعرضنا بإيجاز مواقف الدول الأعضاء في مجلس الأمن خلال المناقشات التي دارت حول مشروع القرار قبل صدوره وبعد التصويت عليه من منطلق القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وسيادة الدول لظهر واضحا ان القرار يمثل إجتراءا على سيادة العراق ويعكس في الوقت ذاته عدم إجماع الدول على فكرة التدخل .

    ونظرا لأهمية تلك المناقشات من الناحية القانونية لموضوع يمثل سابقة خطيرة في عمل مجلس الأمن وما يمثله هذا القرار من تناقض بين مواد الميثاق وفقراته العاملة نورد بعض المناقشات التي تدلل على صحة ما ذكرناه .

    لقد أشار مندوب العراق في كلمته الى ان مشروع القرار ينطوي على تدخل في الشؤون الداخلية للعراق خلافا للفقرة السابعه من المادة الثانية من الميثاق ، وان العراق على استعداد لاستقبال بعثة دولية مؤلفة من الأمين العام او مجلس الأمن لدراسة الوضع الحقيقي وتقديم تقرير بذلك ، وان مشروع القرار لا يشكل إدانة لضحية العدوان فقط ولكنه يبحث عن تبرئة المعتدين الذين شنوا حملة تدميرية ضد العراق .[35]

    وجاء في كلمة مندوب رومانيا ان الهجرة الجماعية الى البلدان المجاورة للعراق تمس أمنها واستقرارها وان المجتمع الدولي يجب ان لا يبقى غير مكترث امام الآلام الإنسانية  ، ولا يمكن ان يتغاضى في الوقت نفسه عن مساس الإجراء بالفقرة السابعة من المادة الثانية من الميثاق ، ويجب ان يؤسس أي إجراء على مبادئ عدم الانتقائية والنزاهة والموضوعية ويجب ان لا يشكل هذا القرار سابقة يمكن ان يساء استخدامها في المستقبل لإهـداف سياسية .

    أما مندوب اليمن فلقد أوضح ان مشروع القرار يشير الى أحداث سياسية داخل العراق لذلك فان مجلس الأمن لا يمكنه ان يتدخل عملا بالفقرة السابعة من المادة الثانية من الميثاق ، وان المشروع  يشكل سابقة خطيرة يمكن ان يحول مجلس الأمن عن صلاحياته ومسؤولياته الأولي التي هي حفظ الأمن وليست مناقشة الشؤون الداخلية للدول ، فقد امتنع المجلس عن ذلك خلال أربعين عاما مضت ، وقد أشرنا حين صوتنا على القرار ( 687 ) الى أننا امام منعطف لمجلس الأمن للالتفاف على الميثاق وها نحن امام مثال آخر .

    وقال مندوب زيمبابوي ان الموضوع يشكل حصرا مسالة داخلية كما هي معرفة في الفقرة السابعة من المادة الثانية من الميثاق ولا يمكن لمجلس الأمن التعرض لها  ، وأننا ندرك الأبعاد الإنسانية لهذه المسالة وآثارها على البلدان المجاورة  ، ولكن هذا لا يبرر تدخل مجلس الأمن في مسالة ناجمة عن صراع داخلي في العراق .

    اما مندوب كوبا فقال ان صحيفة نيويورك تايمز قد نشرت ان المخابرات الأمريكية تحرض علنا منذ كانون الثاني / 1991 الشعب العراقي لإطاحة الرئيس صدام حسين، وإننا إذ عبرنا عن اهتمامنا بالنزاع الذي يجري داخل الأراضي العراقية  ، فليس لنا الحق بالتدخل لانه يدخل في صميم السلطان  الداخلي .

ولماذا لا تتخذ الإجراءات التي جاءت في تقرير مندوب الأمين العام اهتساري بتقديم المساعدة الإنسانية [36] .

    وبعد التصويت على القرار تحدث مندوب فرنسا فقال ان انتهاكات حقوق الإنسان كالتي نعالجها تصبح ذات أبعاد دولية عندما تصل الى حد كونها جريمة ضد الإنسانية . لذلك فان فرنسا بادرت بتقديم مشروع القرار المعتمد قبل قليل والذي يدين قمع السكان المدنيين ويوجه نداءاً لإحترام حقوق الإنسان .

    وجاء في كلمة مندوب الصين ان المجلس لا يمكن ان يناقش هذه المسالة لأنها تمس الشؤون الداخلية عملا بالفقرة السابعة من المادة الثانية من الميثاق . وان الأبعاد الإنسانية لهذه المسالة يمكن ان تعالج بالطرق المناسبة وتدعم جهود الأمين العام بذلك [37] .

    أما مندوب الولايات المتحدة الأمريكية فقد عبر عن قلق بلاده الشديد حول مصير المدنيين النازحين وان هذه المسالة ذات نتائج مأساوية وآثار جدية على السلم والأمن الدوليين . وان القرار يطالب العراق بتحمل مسؤولياته من الناحية الإنسانية ، وليس من مهمات المجلس او نيته الاستجابة لقلق تركيا وإيران . وان الآثار التي تتجاوز الحدود لمعاملة السكان المدنيين في العراق تهدد الاستقرار الإقليمي وهذا ما تناوله المجلس اليوم .

    وجاء في كلمة المندوب السوفيتي انه يشارك مندوبي إيران وتركيا قلقهما من نتائج الأحداث وآثارها على الأمن والسلم الإقليمين وتستدعي إجراءا مكثفا من مجلس الأمن على الصعيدين السياسي والإنساني . وان الاتحاد السوفيتي ينضم للمطالبين بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقلة ، كما هو وارد في الميثاق . لذلك فإننا نرى من الأهمية الإشارة في مقدمة القرار الى الفقرة السابعة من المادة الثانية من الميثاق . ويجب ان تضمن سيادة العراق وسلامته الإقليمية واستقلاله . وعلى مجلس الأمن والمجتمع الدولي بأكمله ان يزيل الأسباب التي دفعت مئات الألوف من المدنيين المسالمين لترك وطنهم والبحث عن ملجأ في البلدان المجاورة مما يهدد الاستقرار في المنطقة ويثير تهديدا لنزاع دولي [38] .

    وجاء في كلمة مندوب المملكة المتحدة ان بعض المندوبين قد أشاروا الى ان الإجراءات المتخذة من قبل مجلس الأمن تتجاوز صلاحياته وانه يتدخل في  مسألة داخلية . وان وفدي يدحض هذه الحجة ، وإنني سعيد لان القرار أشار بوضوح الى ان المسالة ليست كذلك وان الفقرة السابعة من المادة الثانية من الميثاق التي تعتبر جزءاً جوهريا من الميثاق لا تطبق عندما تكون المسائل المطروحة ليست داخلية بحتة ، وغالبا ما ناقشنا حقوق الإنسان في جنوب أفريقيا مثلاً التي يمكن إدراجها ضمن هذا الوصف ، ومهما كانت الحال فان رسائل تركيا وإيران تشير بوضوح الى ان هناك تهديدا واقعا على السلم والأمن الدوليين وان موجات اللاجئين تهدد كامل المنطقة بعدم الاستقرار .

    أما مندوب الهند فقال ان هدفنا لفت نظر المجلس الى التهديد الواقعي للسلام في المنطقة اكثر من البحث عن عوامل المسألة الحالية المطروحة علينا ، ونحن نعتقد ان المجلس كان عليه ان يركز جهوده على الجوانب المتعلقة بالأمن والسلام ضمن صلاحياته ويترك الجوانب الاخرى الى الجهات المختصة في الأمم   المتحدة . لذلك فقد اقترحنا على مقدمي المشروع بعض التعديلات حتى يكون القرار متوازناً ، وكانت الإجابة على مقترحنا جدية ونقدرها . وان وفدي يشيد بالإشارة الى الفقرة السابعة من المادة الثانية من الميثاق في ديباجة المشروع . وفي جميع الأحوال لم يكن ممكناً لمقدمي المشروع قبول تعديلاتنا لذلك فقد امتنعنا عن التصويت [39].

    ان نظرة فاحصة على هذا القرار تقودنا الى القول انه قد أرسى ولأول مرة قاعدة جيدة في القانون الدولي تربط بين انتهاك حقوق الإنسان في دولة ما وتهديد السلم والأمن الدوليين فضلاً عن ذلك فأن هذا القرار أنشأ مسابقة هامة أخرى تتمثل في إصداره أمرا مباشراً للوكالات الدولية الإنسانية بالعمل في أراضى دولة مستقلة ذات سيادة دون موافقتها المسبقة على السماح لتلك المنظمات بالعمل على أراضيها لمساعدة المدنيين وهذا خروج عن الأصل العام الذي يقضي ان قبول المساعدات الإنسانية أمر يتم بموافقة الدولة صاحبة الشأن بل انه ذهب اكثر من ذلك في انتهاك واضح لسيادة الدولة حينما الزمها بأن تتخذ كل التسهيلات المطلوبة لعمل هذه الهيئات الإنسانية لكن نص القرار 688 يؤكد عدم وجود اية نية لتخويل أية دولة الحق الفردي في استخدام القوة في شمال العراق حيث أشار الى الفقرة 7 من المادة 2 من الميثاق التي تكرس مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء كما ان هذا القرار على خلاف باقي القرارات ذات الصلة والتي تبيح صراحة استخدام القوة لم يرد فيه أي عبارة توحي بإمكانية استخدام ذلك لأنه لم يتخذ طبقاً لإحكام الفصل السابع من الميثاق رغم ان تنفيذه وان كان يخالف أحكام الميثاق جرى كما لو كان قد صدر استناداً الى هذا   الفصل . فضلاً عن انه يؤكد التزام جميع الدول الأعضاء باحترام سيادة العراق وجميع دول المنطقة وسلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي [40] وعلى هذا الأساس يمكن القول بأن القرار 688 يعد بمثابة توصية يجوز للعراق ان يغفلها اذا قدر ان مصلحته والاعتبارات السياسية لديه لا تمكنه من تنفيذ هذه التوصية ، وليس صحيحاً كما ذهب البعض ان هذا القرار يقع في إطار الفصل السابع من الميثاق على الرغم من تكرار عبارة السلم والأمن الدوليين في فقراته .[41] ان القرار 688 يعكس تخطي مجلس الأمن للقيود القانونية أسس وشروط الشرعية المحددة في الميثاق بعد عام 1990 بدا بعملية تفسير العوامل والتي تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين . وبدأ فعلاً يشير الى وجود ما يهدد السلام والأمن رغم غياب النزاعات بين الدول والتي تعتبر العامل الرئيس لتلك التهديدات ، بمعنى آخر انه بدأ بتسييس أحكام الميثاق تبعاً للظروف الدولية الجديدة والذي كرسها بيان مجلس الأمن في القمة المنعقدة  في 31 / كانون الأول 1992 . [42]

    ان هذا التوجه من مجلس الأمن قد فسح المجال للدول المتنفذة فيه كالولايات المتحدة الأمريكية للتدخل في الشؤون الداخلية لدول اخرى تحت ذريعة ان ما يجري يشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين مما يبرر لمجلس الأمن التصدي لها ومعالجتها واتخاذ ما يراه ملائماً بشأنها والتي كان من ابرز نتائجها التدخل في شؤون العراق وانتهاك سيادته خلافاً للفقرة السابعة من المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة . [43]

     وإذا كان هذا القرار والقرارات الأخرى التي صدرت إزاء دول اخرى  غير العراق كالصومال ( 733 / 1992 ) وهاييتي ( 841 / 1993 ) و  يوغسلافيا السابقة ( 808 / 1993 ) استندت الى مفهوم التدخل الإنساني لإضفاء صفة الشرعية على مثل هذه القرارات والإجراءات المتخذة تنفيذاً لها ، فان التدخل الإنساني لم يستقر كمبدأ او حق لا خلاف عليه حتى في ظل القانون الدولي التقليدي او كقاعدة عرفية فما بالنا في ظل القانون الدولي المعاصر .[44]كما ان استناد المفهوم على القوة يؤدي الى حدوث اشكالات قانونية وسياسية في آن   واحد ، فالقوة لا تلتقي مع منظومة القيم التي أرساها ميثاق الأمم المتحدة القائمة على نبذ استخدام القوة او التهديد بها في العلاقات الدولية [45]، كما ان القوة تمثل ردة الى عصر ما قبل التنظيم الدولي حيث الفوضى والتي يحكمها قانون القوة وليس قوة القانون كما انه أي التدخل الإنساني لو اصبح مقبولاً لتسبب في خلق جو من الريبة والشك في العلاقات الدولية [46] ولأدى الى قلب الموازين التي وضعها ميثاق الأمم المتحدة وخصوصاً المادة الثانية من الميثاق التي تتحصن بها دول الجنوب منذ تسعينات القرن الماضي ، فهذان المبدآن حظر استخدام القوة في العلاقات الدولية ومبدأ عدم التدخل هما اللذان يحددان مشروعية التدخل وبعبارة اخرى ما مدى مشروعية التدخل الإنساني في ظل هذين المبدأين ؟

    فيما يتعلق بالمبدأ الأول الذي هو حظر استخدام القوة في العلاقات الدولية فقد نصت المادة 2 الفقرة 4 من ميثاق الأمم المتحدة على ان ( يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة او استخدامها ضد سلامة الأراضي او الاستقلال السياسي لأية دولة ، او على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة ) .

وتعد هذه الفقرة الأخيرة أهم إنجازات ميثاق الأمم المتحدة كما إنها تعتبر الإطار المرجعي الذي ينطلق منها رافضوا ومؤيدوا التدخل الإنساني .

    يتضح من النص أعلاه ان ميثاق الأمم المتحدة لا يحظر استخدام القوة فحسب في العلاقات الدولية ، وانما قد تجاوز ذلك الى الالتزام بالامتناع عن التهديد باستخدامها ، كما انه حظر عام يشمل تهديد السلامة الإقليمية او الاستقلال السياسي لأية دولة او على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة ، وعليه فان جوهر الفقرة ( 4 ) هو حظر اللجوء الى القوة بشكل موضوعي بغض النظر عن الأعذار والمبررات التي تقدمها الدول مثل حفظ المصالح الحيوية او الدفاع عن الرعايا او التدخل من اجل الإنسانية او غير ذلك من الأعذار والمبررات وهي بمجملها أعذار غالباً ما تركن إليها الولايات المتحدة الأمريكية لتبرير تدخلها في الشؤون الداخلية للدول الاخرى وكما حدث مع العراق[47].

    غير ان مبدأ حظر استخدام القوة يرد عليه استثناءات تستمد مشروعيتها من ميثاق الأمم المتحدة ذاته ومنها نظام الأمن الجماعي والدفاع الشرعي وحركات التحرر للشعوب الخاضعة للاستعمار او السيطرة الأجنبية او التمييز العنصري لإغراض مباشرة حقها في تقرير المصير[48] .

    ان دراسة وفحص جميع هذه الاستثناءات تظهر لنا عدم تضمن أي منها التدخل الإنساني . هذا وقد رفضت محكمة العدل الدولية في قضية مضيق كورفو لعام 1949 المشار إليها في الفصل الثاني من هذه الرسالة بين بريطانيا وألبانيا استخدام القوة كمظهر من مظاهر العلاقات الدولية لحماية حق معين ، وعليه فقد نددت بتصرف بريطانيا داخل المياه الإقليمية لألبانيا[49].

    ولقد تأكد مبدأ حظر استخدام القوة في العديد من توصيات الجمعية العامة للأمم المتحدة ونخص بالذكر الإعلان الخاص بمبادئ الصداقة والتعاون بين الدول لعام 1970 والذي جاء فيه انه ( ليس من حق أي دولة او مجموعة من الدول في التدخل المباشر او غير المباشر ولأي سبب في الشؤون الداخلية او الخارجية لدولة اخرى ، ليس فقط التدخل المسلح ولكن ايضاً كل أشكال التدخل المخالفة للقانون الدولي ) . ولقد أكدت محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري في قضية الأنشطة العسكرية وشبه العسكرية بنيكاراغوا 1986 على أهمية هذه التوصية ، كما رفضت اللجوء الى القوة كوسيلة لضمان حقوق الإنسان [50].

    ان حظر استخدام القوة في العلاقات الدولية هي قاعدة عرفية بل أضحت قاعدة آمرة ، وعليه فان إقرار التدخل الإنساني يعد تقويضاً لها ولا يستقيم ومنطق القاعدة الآمرة التي تقتضي بطلان أي قاعدة مخالفة لها ما لم تكن هذه القاعدة اللاحقة من قواعد القانون الدولي لها ذات الصفة والتدخل الإنساني ليست له هذه الطبيعة .

    وتجدر الإشارة في هذا المقام الى ان بعض  الشراح ذهبوا في تفسيرهم للفقرة ( 4 ) من المادة ( 2 ) من الميثاق على إنها لا تحظر إلا التهديد او استعمال القوة الموجهة ضد( السلامة الوطنية او الاستقلال السياسي للدولة ) وعليه فان اللجوء الى القوة المسلحة لمنع حدوث الانتهاكات الخطيرة والمنظمة لحقوق الإنسان او وضع حد لنهايتها يعد مشروعاً لأنها لا تعدو إلا ان تكون عملاً ضيقاً ومحدوداً ، فضلاً عن ان احترام حقوق الإنسان تحتل مكانة هامة في اهداف ميثاق الأمم المتحدة . غير ان ما يرد على هذا الرأي انه تفسير حرفي للفقرة (4) وذلك لا يتفق مع ما ورد في الأعمال التحضيرية التي تشير بوضوح الى ان إدراج عبارة (ضد سلامة الأراضي او الاستقلال السياسي ) تستبعد كل تدخل يكيف بأسباب خاصة ، اما عبارة ان التدخل مسموح به إذا لم يكن متعارضاً مع ميثاق الامم المتحدة فقد ادخلت بفعل اصرار الدول الصغرى لتضمن عدم التدخل في شؤونها الداخلية لعلمها بان التدخل يتعارض واهداف ميثاق الامم المتحدة .[51]

    اما ما يتعلق بالمبدأ الثاني ، بعدم التدخل بمقتضى الفقرة 7 من المادة 2 والتي تنص على انه ( ليس في هذا الميثاق ما يسوغ للأمم المتحدة ان تتدخل في الشؤون التي من صميم السلطان الداخلي لدولة ما ، وليس فيه ما للأعضاء ان يعرضوا مثل هذه المسائل لان تحل بحكم هذا الميثاق ، على ان هذا المبدأ لا يخل بتطبيق تدابير القمع الواردة في الفصل السابع ( وعليه فان هذه الفقرة تتعرض للمجال المحجوز[52] للدول والذي لا يجوز التدخل فيه ولكنها لم تحدده بدقة ولم تعين الجهة المختصة بتحديده ، وبذلك تطرح هذه الفقرة مشكلة غاية في الأهمية تتعلق بتوزيع الاختصاص بين الدول ومنظمة الأمم المتحدة ، زيادة على ذلك فان السيادة اليوم ليست بالسيادة المطلقة ، وكما أشرنا بذلك في الفصل الأول، وهو امر يتعين قبوله في ظل انضمام الدول الى الاتفاقيات الدولية ومنها ميثاق الأمم المتحدة ذاته .

    ورغم ان السيادة في عالم اليوم ليست مطلقة إلا ان استباحتها لا زال محرماً حتى على الدول العاتية كالولايات المتحدة الأمريكية التي تحاول ان تجد شتى الذرائع والحجج لتبرير انتهاكاتها . فالواقع العملي يثبت ان المحافظة على سيادة الدولة وحقوق الإنسان في ان واحد امر صعب التحقيق في الوقت الحالي على الأقل ، وذلك لغياب توازن القوى في النظام الدولي فهناك إرادة واحدة تقرر، لقد استطاعت ان تستخدم الأمم المتحدة استخداماً امثل لتحقيق سياستها ومصالحها العالمية فضلاً عن غياب الرقابة التي تمكننا من التحقق من وجود انتهاك لحقوق الإنسان من عدمه وعليه سيكون المراقب هو الخصم والحكم في ان واحد مما يفضي الى التعسف .

    ولقد عبر الأمين العام للأمم المتحدة الأسبق ديكويار في تقريره السنوي عن اعمال المنظمة الدولية خلال عام 1991 عن موضوع التوازن بين حقوق الإنسان وسيادة الدولة بما يلي :( …. فمبدأ حماية حقوق الإنسان لا يجوز ان يتذرع به أحد هنا ويغفله هناك ، كما لا يجوز ان يصار الى استخدامه او إغفاله بشكل انتقائي ، ثم ان أي تدخل للأمم لمتحدة من اجل حماية حقوق الإنسان يجب ان يتخذ بالتجانس مع ميثاق الأمم المتحدة ذاتها ، وإذا كانت المنظمة ملتزمة بميثاقها لغرض الحفاظ على السيادة الدول الأعضاء من جهة ، فإنها ملزمة ايضاً بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان من جهة اخرى ، وعليها اذن المحافظة على هذا التوازن المفروض بين الإنسان ودولته في سياق كل عمل تقوم به .[53]

   والواقع فان التدخل المحظور يتعين الا يقتصر حسب ظاهرة النص ( الفقرة 7 من المادة الثانية ) على التدخل العسكري المسلح فحسب وانما يمتد ليشمل كافة أشكال التدخل المخالفة للقانون الدولي[54]. ومنها التدخل الإنساني رغم ان البعض حاول الالتفاف على المادة الثانية بالاستناد الى نص المادة ( 51 ) من إمكانية القيام بالتدخل الإنساني على اساس مبدأ الدفاع الشرعي لحماية جماعات في دول اخرى ترتبط بنفس رابطة الجنس ، الديانة، اللغة او الثقافة بغض النظر عن رابطة الجنسية .[55] لكن الفهم الصحيح لنص المادة (51) يرفع صفة المشروعية عن هذا التدخل ، لان هذه المادة تسمح باستخدام حق الدفاع الشرعي الفردي والجماعي فقط في حالة الهجوم المسلح ضد أعضاء الأمم المتحدة ، كما تعطي للدولة في الوقت ذاته استخدام حقها الطبيعي في الدفاع الشرعي في حالة العدوان عليها ، ومن غير الممكن القول بان المعاملة السيئة من الدولة لرعاياها تشكل هجوماً مسلحاً ضد أحد أعضاء الأمم المتحدة ، وهذا ما أكدته محكمة العدل الدولية في قضية الأنشطة العسكرية وشبه العسكرية بنيكاراغوا لعام 1986 بقولها :     ( لا يوجد في القانون الدولي العرفي او ميثاق الأمم المتحدة أي حق يسمح بأعمال الدفاع الشرعي الجماعي لوضع حد لأوضاع لا تشكل عدواناً مسلحاً[56])

    وتجدر الإشارة الى ان مبدأ عدم التدخل أيدته الكثير من الإعلانات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ونذكر منها على سبيل المثال الإعلان الخاص بمبادئ القانون الدولي الخاص بعلاقات الصداقة والتعاون بين الدول ، الذي أدان كل تدخل في الشؤون الداخلية للدول اياً كان شكله كما يفرض على الدول ( الالتزام بعدم تقديم أية مساعدة مالية او التشجيع على تغير نظام الحكم في الدولة وكذا عدم التدخل في النزاعات الداخلية للدول الاخرى ) [57] .

   كما أكد هذا الحظر معهد القانون الدولي أثناء دورته في ve sbaden عام 1975 حيث قرر ان الدول الاغيار تمتنع عن مساعدة أطراف الحرب الأهلية المندلعة على إقليم أحد الدول [58] .

   واخيراً لابد من الإشارة الى ان مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية والخارجية للدول جزء لا يتجزأ من القانون الدولي العام العرفي وهو ما أكدته محكمة العدل الدولية في قضية الأنشطة العسكرية بنيكاراغوا عام 1986[59] .

     ورغم الحجج القانونية التي استند عليها معارضي التدخل ، إلا ان هنالك ممن لا يزال يصر على ان القرار 688 لا يمثل انتهاكا لسيادة العراق ولا يتعارض مع الفقرتين 4و7 من المادة الثانية من الميثاق ، مذ قبل العراق التعاون مع الامم المتحدة في موضوع لم يعد من المجال المحفوظ للدول لأنه ذو طبيعة إنسانية دولية [60].

    وخلاصة القول ان الملابسات المحيطة بالقرار 688 قد نالت من مشروعيته لأنه يعبر عن الانتقائية وازدواجية المعايير التي تمارسها الأمم المتحدة منذ تسعينات القرن الماضي ففي الوقت الذي لم يتأخر فيه مجلس الأمن بالرد بعنف على مجرد معلومات مثيرة للشك والجدل ولم يتم التحقق من صحتها بإصداره القرار المذكور ، نراه يبدي تفهماً كبيراً لمطاردة تركيا لأكرادها والتنكيل بهم ضاربة بذلك كل مواثيق حقوق الإنسان وعهودها عرض الحائط [61] كما انه أي القرار لم يكن محل ترحاب حتى من بعض أعضاء مجلس الأمن حيث ان العديد من أعضاء مجلس الأمن مقتنع – وهو على حق – ان هدف القرار الحقيقي لم يكن حماية الأشخاص المعرضين ( للخطر) بل ان الهدف منه إحداث تغير في هيكل النظام السياسي وزعزعة استقرار المجتمع . فلم يكن الغرض (من القرار688 ) حماية الأكراد العراقيين بقدر ما كان الهدف منه تغير بنية السلطة في المجتمع العراقي لذلك فانه لم يصدر إلا بعشرة أصوات وعندما لم تتحقق هذه الأهداف سعت الأمم المتحدة الى تقديم المساعدات تحت إشراف الأمين العام للأمم المتحدة وبالتعاون مع السلطة المركزية في بغداد ، حيث تم التوقيع على مذكرتي تفاهم ما بينها وبين السكرتير العام للأمم المتحدة في  نيسان 1991 [62].

     ان الأزمات الإنسانية الحديثة الناشئة عن مختلف الأسباب بعد نهاية الحرب الباردة أدت الى خروج مجلس الأمن عن دوره المعتاد في الاهتمام بالنزاعات المسلحة الدولية التي تهدد السلم والأمن الدوليين ليتعدى الى النزاعات المسلحة غير الدولية ومشاكل حقوق الإنسان وتقديرها على أنها تهديد للسلم والأمن الدوليين لتعد بذلك المجال البارز في تطاول سلطات و مجال عمل مجلس الأمن . مما شجع الدول المهيمنة فيه الى التصرف بشكل فردي ودون تخويل منه للاعتداء على سيادة الدول الاخرى ، وهذا ما حدث من تصرفات كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا فيما يتعلق بالمناطق الآمنة التي ناقشناها في هذا البحث او مناطق حظر الطيران التي فرضتها الدول الثلاث المذكورة والتي سنناقشها في المبحث القادم .

الهوامش

[1] – Martine Charriot and Christopher Lecureuil . Towards A Right Of Intervention ? Eurepean Parliament . Luxembourg . 1993 .p. 9 .

[2]–  انظر حسن الجلبي . مصدر سابق . ص 135 .

[3]–  انظر عصام العطية . مصدر سابق . ص 190 .

[4] – Jean Fonteyne . The Customary International Doctrine Of Humanitarian Intervention by Military Force . A.J.I.L. vol. 67 . 1973 . p. 278 . 

[5] – Damrosch L.F And Scheffer D.J : Law And Force In The New International Order London. West View Press ,  1991 ,p. 193 .

[6]–  انظر عبد الهادي بوطالب .  هل يعطي حق التدخل شرعية جديدة للاستعمار  . الرباط . الهلال العربية للطباعة والنشر ، 1992 . ص 42 .

[7] – Richard B. Lillich . Law and Civil War In The Modern World . A.J.I.L. vol. 69 , 1974 , p. 232 .

[8] – H. Scott . Humanitarian Intervention And International Law . G.J.I.C.L , vol. 10 , 1980 , pp. 46 – 47 .

[9]–  من مصادر قواعد القانون الدولي . القواعد العرفية والقواعد الاتفاقية . حيث ان الاولى نشات عن طريق الرضا الضمني اما الثانية فلقد نشات عن طريق الرضا الصريح للدول . انظر في ذلك محمد يوسف علوان .  القانون الدولي العام  .  عمان . الروزنا للطباعة ، 1996. ص 18 .

[10] – Jean Fonteyne op.cit. ,p.32 .

[11]–  هنري كيسنجر .  هل تحتاج امريكا الى سياسة خارجية ؟ ودبلوماسية للقرن الحادي والعشرين  . ترجمة عمر الايوبي . لبنان . دار الكتاب العربي . بيروت . 2001. ص 11 .

[12]–  المصدر نفسه . الصفحة نفسها .

[13] – ومن هؤلاء الكتاب Winfield , Patter , Strupp , Trolliet , Higgins , Roxburgh , Accioly . ولمزيد من التفاصيل النظر Jean F. op.cit. , pp. 225 – 226 .

[14] – Ian Brownlie : International Law And The Use Of  Force By  State . London . Oxford press , 1963 p. 240 .

[15] – Richard B. Lillich : op. Cit. P. 232 .

[16] – Jean Foneyne . op. Cit. P. 216 .

[17] – Ibid , p. 217 .

[18]–  وحيد رأفت .  القانون الدولي وحقوق الانسان  . المجلة المصرية للقانون الدولي ، العدد 33 ، 1977 . ص 26 .

[19]–  انظر سعد الدين البرعي . حماية حقوق الانسان في ظل التنظيم الدولي الاقليمي  . القاهرة . مطبعة العاصمة  ، 1985 .  ص 14 .

[20]–  هنري كيسنجر . مصدر سابق . ص 12 .

[21]–  سعد الدين البرعي . مصدر سابق . ص 15 .

[22] – S.D. Murphy . Humanitarian Intervention : The United Nation In An Envolving World Order . University Of Pennsylvania . 1996 , p. 145 .

[23]–  انظر محمد مخادمة .  الحق في المساعدة الانسانية  . الاردن . مجلة ابحاث اليرموك ، العدد 2 ، 1997 . ص 213 .

[24] – UNHCR Refworld : Intervention And Consent . 1998 ,p. 1 .

[25]–  انظر عبد الكريم علوان خضير .  الوسيط في القانون الدولي العام  . الكتاب الرابع ، المنظمات الدولية .  عمان . مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ، 1997 . ص 105 .

[26]–  انظر رقية عواشرية . مصدر سابق . ص 400 .

[27]–  جمهورية العراق / وزارة الخارجية . العرض الذي قدمه وفد جمهورية العراق في الحوار مع الامين العام للامم المتحدة . نيويورك 26 – 27 شباط 2001 . بغداد . دار الحرية للطباعة ، 2001 . ص 34 .

[28]–  المصدر السابق

   3-Doc. S/ 22435 / 3/4/1991

 

[30]–  وثيقة مجلس الامن المرقمة                                              2.  S/  22244 / 4/4/1991 

[31]–  وثيقة مجلس الامن المرقمة                                                3. S / 22436 / 4/3/1991

3–  وثيقة مجلس الامن المرقمة                                               3. S / 22446 /  4/4/1991 

[33]–  باسيل يوسف باسيل . سيادة الدول في ضوء الحماية الدولية لحقوق الانسان . ابو ظبي . مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية ، 2001 . ص 60 .

[34] – EUGENE COTRAN . The Establishment Of  Safe Haven For The Kurdish in IRAQ , In , N- AL Nauimi and R. Meas . International legal issues Arising Under United Nation Decade Of International Law . printed in the Nether Lands , 1995 ,p. 857 .

2 – DOC/ . No S/P .V. 2982 At 5/4/1991 . p .20

[36]–  انظر باسيل يوسف باسيل  .  مصدر سابق . ص 62

[37] – Doc. No. S / P . V.2982 cit. Op. ,p. 22 .

[38] – Doc. No. S/P. V. 298 cit. p. 24.

[39]  Doc  No/ 2982 , cit . op . p .24

[40]–  انظر اميرة عبد الفتاح واخرون . مصدر سابق . ص 85

[41]–  انظر رقية عواشرية . مصدر سابق . ص 402 .

[42]–  انظر بطرس بطرس غالي . خطة للسلام ، الدبلوماسية الوقائية ، صنع السلام وحفظ السلام . الامم المتحدة . نيويورك . مكتب الاعلام 1992 . ص 6 . كذلك انظر عماد الجوبلي . الامم المتحدة وحقوق الانسان تطور الاليات . مجلة السياسة الدولية العدد 117 لسبنة 1994 .ص 190 – 191 .

[43]–  انظر ضاري رشيد السامرائي . مدى شرعية قرارات مجلس الامن ضد العراق . رسالة دكتوراه غير منشورة مقدمة لكلية القانون / جامعة بغداد ، 1995 . ص 147 .

[44]–  انظر ضاري رشيد السامرائي . مصدر سابق .ص 148

[45]–  انظر نص المادة 2/4  من ميثاق الامم المتحدة .

[46]–  انظر رقية عواشرية . مصدر سابق . ص 399 .

[47]–  انظر علي ابراهيم . قانون المنظمات الدولية . القاهرة . دار النهضة العربية ، 1995 . ص 319  .

[48]–  انظر للمزيد من التفاصيل حول هذه الاستثناءات : حازم محمد علتم . قانون النزاعات المسلحة الدولية . الكويت . مؤسسة دار الطباعة للكتب والنشر ، 1994 . ص 84 – ص 197 .

[49] C.I.J.Rec .1949, P.35

[50] MOMTAZ .D. La  Delegation Par Le Conseil Le Par Le Conseil De Securite L execution De Ses  Action Coercitives  Aux organization  Regionales , A. F .D I . , 1997 , PP . 92 –  93   

-[51] MOMTAZ .D OP .cit  ., p. 91 ,

[52]–  يرى هنري رولان الرئيس السابق للمحكمة الاوروبية لحقوق الانسان ان الاختصاص الوطني الذي يحمه الميثاق من كل تدخل من جانب الامم المتحدة يشمل جميع المسائل التي لم ينظمها قانون الشعوب ، والتي لا يمكن ان تهم دولة اخرى ، كما اتيحت الفرصة للمحكمة الدائمة للعدل الدولية في قضية مراسيم الجنسية في تونس والمغرب عام 1939 ان تبدي رأيها في شأن هذا الموضوع حيث قالت ( ان موضوع ما اذا كان امر من الامور يدخل ام لا يدخل في الاختصاص الداخلي لدولة ما هو موضوع نسبي يعتمد في الاجابة عليه على تطور العلاقات الدولية )

انظر في محاولات تعريف المجال المحفوظ للدول علي ابراهيم . قانون المنظمات الدولية . مصدر سابق .        ص 240 .

[53]–  خافير ديكويلار . تقرير عن اعمال المنظمة من الدورة الخامسة والاربعون الى الدورة السادسة والاربعين للجمعية العامة  . ايلول 1991 . الامم المتحدة . ص 98

 

-[54] MOMTAZ  .D. OP.  Cit .,  P . 91

[55]–  لقد اثير استخدام هذا الحق امام مجلس الامن امام 1948بمناسبة ( النزاع العربي – الصهيوني ) حيث احتجت الحكومة المصرية بان تدخل قواتها الى الاراضي الفلسطينية كان يهدف الى حماية السكان العرب في ذلك الاقليم ، لارتباطهم مع اخوانهم المصريين بروابط قوية منذ امد بعيد ، وهي نفس الحجة التي لجأت اليها الهند لتبرير ضمها المستعمرة جوا البرتغالية عام 1961 ، حيث صرح مندوب الهند امام مجلس الامن ان ميثاق الامم المتحدة لم يحظر استخدام القوة بصفة مطلقة وانما اجاز استخدامها في حالة الدفاع الشرعي عن شعب الدولة ، وليس سكان مستعمرة جوا بغرباء عن الشعب الهندي .

انظر في ذلك : بوكرا ادريس .مبدأ عدم التدخل في القانون الدولي المعاصر . الجزائر . المؤسسة الوطنية للكتاب ، 1990 . ص 62 .

[56]  C.I .J. Rec . 1986  .P . 110 .

[57]  MOMTAZ .D. OP .cit  ., P .333

[58]   lbid  . P 334

[59]  C.I.J .,Rec ., 1986 , P. 106

-[60]   EUGENE COTRAN , ap .cit ., P 688 .

[61]–  انظر رقية عواشرية .  مصدر سابق . ص 412

[62]–  المصدر السابق . ص 423 .

تابع… الصفحة التالية

1 2 3الصفحة التالية

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى