الدبلوماسية و المنظمات الدوليةدراسات سياسيةدراسات شرق أوسطية

دور العراق السياسي في جامعة الدول العربية (1979-2001)

 

اولا : دور العراق في مؤتمر الدار البيضاء عام 1985

اجتمع مؤتمر القمة في دورة غير عادية في مدينة الدار البيضاء خلال الفترة 7-9 اب 1985، بناء على دعوة من الملك الحسن الثاني ملك المملكة المغربية لتعزيز التضامن بين الدول العربية ، ودعما لمسيرة العمل العربي المشترك على اساس مبادئ ميثاق جامعة الدول العربية وقراراتها والمعاهدات المبرمة في اطارها ، وبحث المشكلات العربية الراهنة ومنها تطورات الحرب  الايرانية- العراقية(1). وقد ابدى كل من العراق وسورية والسعودية والاردن وتونس والمغرب وجيبوتي والكويت والسودان واليمن الديمقراطية والجزائر وليبيا ودولة الامارات العربية المتحدة ومنظمة التحرير الفلسطينية الموافقة على تلبية دعوة الملك المغربي الحسن الثاني(2).

سبق ان عقد المؤتمر اجتماعات عقدها وزراء الخارجية للدول العربية الاعضاء في الجامعة في الخامس من اب بهدف التمهيد والاعداد للمؤتمر العربي الطارئ وكان الاستاذ طارق عزيز نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية قد ترأس وفد العراق للاجتماع وقد صرح لجريدة الثورة قائلا (( ان عقد المؤتمر يعد في حد ذاته مسألة مهمة للحفاظ على العمل العربي المشترك)) وانه يأمل في  نجاح المؤتمر ليسهم بشكل مباشر في تعزيز وتوحيد التضامن العربي(1).

وانتهى الوزراء العرب من اجتماعاتهم الى تأليف لجان من الاعضاء ومن الامين العام لجامعة الدول العربية للعمل على حل الخلافات بين بعض الدول العربية اذ تسعى لجنة مؤلفة من السعودية وتونس الى التوفيق بين العراق وسورية وكذلك للتوفيق بين الاردن وسورية ، كما تسعى لجنة اخرى مؤلفة من المغرب ودولة الامارات العربية المتحدة وموريتانيا الى التوفيق بين العراق وليبيا . وكذلك بين منظمة التحرير الفلسطينية وليبيا(1). كما قامت الامانة العامة لجامعة الدول العربية بأعداد سبعة ملفات رئيسة حددت جدول اعمال مؤتمر القمة الطارئ، تناول في موضوعات تتعلق بالعمل العربي المشترك والعلاقات العربية والقضايا العربية الراهنة، وقد وزعت الأمانة العامة هذه الملفات بين المندوبيات الدائمة للأقطار العربية الأعضاء لجامعة الدول العربية(2). وخلال انعقاد اجتماعات الوزراء العرب كان رؤساء الدول وممثلوهم يتوافدون على المغرب لتمثيل بلادهم في مؤتمر القمة العربي، وقد مثل العراق السيد طه ياسين رمضان نائب رئيس الجمهورية ، وبالفعل انعقد المؤتمر في وقته المحدد (7-9)اب 1985، وقد اكد نائب رئيس جمهورية العراق في خطابه احترام العراق وتقديره لكل الدعوات السلمية الصادرة عن المنظمات الاقليمية والدولية لانهاء هذه الحرب محملا الجانب الايراني اسباب اخفاقها وبجانب ذلك اعلن قدرة العراق وقوته على رد العدوان بقوله :”ان العراق وهو يمارس حقه الشرعي في الدفاع عن ارضه وشرفه وكرامته يتطلع الى موقف عربي الى جانبه لانه يدافع عن جزء من التراب العربي ويرفع شعار السلام ويعمل برغبة صادقة واكيدة لانهاء الحرب([1]).

وكان العراق كعادته يقدم المشاريع السلمية الى الجانب الايراني ويذكر فيها التزام الاقطار العربية بنصوص القرارات السابقة التي تلزمهم مناصرة العراق والوقوف الى جانبه في صد العدوان ووقف الحرب، اذ طرح السيد نائب رئيس جمهورية العراق على المؤتمرين في الدار البيضاء مشروع قرار ادان استمرار ايران من خلال هجماتهم العسكرية الواسعة القطعات في جبهات القتال لاجتياز حدود العراق الدولية بهدف احتلال اراضيه تحقيقا لمشاريع فارسية توسعية تجاه العراق والامة العربية ، كما حذر مشروع القرار الجانب الايراني من مغبة الاستمرار في حربهم العدوانية ضد العراق بأنه لم يجنوا الا الدمار داعيا الى التزامهم الفوري بوقف اطلاق النار والدخول في مفاوضات لانهاء الحرب بما يكفل الحقوق المشروعة للطرفين ، كما دعا مشروع القرار القادة العرب الى ضرورة ادانة واستنكار استمرار ايران في هجماتها التوسعية على العراق ومحاولة اجتياز حدوده الدولية والتدخل في شؤونه الداخلية وعدم استجابتها للمبادرات السلمية لانهاء الحرب مذكرا القادة بقرارات مؤتمر قمة فاس عام 1982 التي صاغوها بأنفسهم ووقوعها عليها والتي تفضي بالقول : ان الاعتداء على أي قطر عربي هو اعتداء على الاقطار العربية كافة([2]).

وخلص المؤتمر في جلسته الختامية الى جملة قرارات تضمنها بيانه الختامي خص العراق منها بالاتي :”وبخصوص الحرب الايرانية- العراقية ، وبعد استعراضه الوضع في الخليج يلاحظ المؤتمر ببالغ القلق والالم استمرار هذه الحرب بكل ما تسببه من خسائر بشرية فادحة واضرار مادية باهضة للطرفين ، وما تؤدي اليه من تهديد خطر على امن المنطقة واستقرارها وازدهارها وللامن والسلم العالميين ، ويعرب المؤتمر عن استنكاره الشديد واسفه العميق على اصرار ايران بمواصلة الحرب وشنها الهجوم تلو الهجوم على العراق مستهدفا اختراق حدوده واحتلال اراضيه وفرض سلطته عليه ، متحدية قواعد القانون الدولي والاتفاقات الدولية وميثاق الامم المتحدة وقراراتها، ومستهينة بكل المساعي السلمية على اختلافها والمبادرات العراقية الرامية الى وقف القتال وايجاد حل سلمي عادل ومشرف – عن طريق المفاوضات – يضمن الحقوق المشروعة لكلا الطرفين ويقيم علاقات حسن جوار، تأمينا لسيادة الامن والاستقرار في المنطقة بما يعود بالخير على الامة العربية والاسلامية ويؤكد المؤتمر بهذه المناسبة تمسكه بقرار قمة فاس المتعلق بحرب الخليج والموقف العربي منه والالتزامات المترتبة عليه بموجب المادة السادسة من ميثاق الجامعة العربية والمادة الثانية من معاهدة الدفاع العربي المشترك[3].

“كما يؤكد المؤتمر الطلب الذي وجهه مجلس جامعة الدول العربية في دورة انعقاده الطارئة في بغداد في 14 اذار 1984 الى ايران بأن تلتزم فورا بقرارات وقف القتال والاستجابة الى مبادرات السلام ويؤكد المؤتمر مجددا ان استمرار ايران على الحرب ضد العراق لايمكن الا ان يدفع الدول العربية الى اعادة النظر في العلاقات بها واتخاذ الخطوات الضرورية لتنفيذ ذلك”[4].

(( ويعلن المؤتمر تصميمه على تعبئة جميع الجهود من اجل وضع حد سريع للقتال والدخول في مفاوضات للوصول الى حل سلمي عادل ومشرف للنزاع ويدعو لجنة متابعة تطورات الحرب بين العراق وايران الى تكثيف مساعيها واتصالاتها في هذا السبيل في ضوء الواجبات المكلفة بها))[5].

وهكذا جاءت نتائج مؤتمر القمة الطارئ في الدار البيضاء مماثلة لنتائج المؤتمرات السابقة وهي الاكتفاء بالتنديد بالحرب والدعوة الى الجلوس الى طاولة المفاوضات لحل الحرب التي سميت في جلسات الجامعة بالنزاع بين العراق وايران.

ومن جهة اخرى كانت لجان التوفيق العربية تعمل لحل الخلافات بين الاقطار العربية، فسبب الخلاف العراقي مع سورية وليبيا هو تأييد النظامين للجانب الايراني وادعائهما بأن العراق هو البادئ بالحرب فقد تكلم وزير الخارجية السوري فاروق الشرع ، على أن الحكومة السورية كانت اول من ادان الطرف الذي بدأها ، لان من شأنها استنزاف طاقات البلدين وان الحرب يمكن ان تزج في معركة الامة العربية ، وادعى الوزير السوري كذلك بأن حكومته بعثت في حينه برسائل الى الملوك والرؤساء العرب تناشدهم بوقف الحرب وان الرئيس حافظ اسد اجرى اتصالات هاتفية معهم وحثهم اياهم على العمل لانهائها ثم اعرب عن اسفه على عدم الاكتراث بهذه المساعي السورية ، ومضى يقول :”ان اخواننا في العراق لم يستشيروا احدا عندما بدءوا بهذه الحرب ولم يطلبوا اجتماع مجلس الجامعة ولم يكترثوا بنداءات وقف الحرب، بل اعتبروا أي جهد عربي يبذل لوقفها عملا خيانيا للامة العربية”(1). اما وزير الخارجية الليبي علي عبد السلام التريكي ممثل بلاده في المؤتمر فقد اكد الموقف السوري بالاشارة الى قيام الثورة الاسلامية في ايران واعتبار نفسها دولة مواجهة مع الكيان الصهيوني ، ثم انتقل الى موضوع الحرب فقال ” القاتل والمقتول في النار “. واكد سياسة بلاده ازاءها بالقول :”وقد حاولنا بأستمرار مع بعض الاشقاء الا نجعل هذه الحرب حربا بين قوميتين يتسع نطاقها لتصبح حربا عربية فارسية أو عربية ايرانية ، ونرى اليوم ان المنطقة ليست في مأمن واكد ان معالجة الموضوع بطريقة الادانة والاستنكار لا يساعد على تهدئة الموقف وحل المشكلات لذلك اقترح ضرورة اجراء المزيد من المشاورات في سبيل الخروج بقرار ينال الاجماع ويحقق الهدف الرامي للحيلولة دون تصعيد الحرب واتساعها(2).اما السيد طارق عزيز وزير خارجية العراق فقد رد على ذلك :”ان زميلين من زملائنا تحدثا وتقصدا توسيع المناقشة الى الحرب العراقية الايرانية للدخول في تاريخها وكيفية اندلاعها ومن الذي بدأها ، وقد اسمعانا معلومات لم نسمع بها من قبل تتعلق بمبادرات قام بها بلداهما ، ثم مضى قائلا : ان الاخ وزير خارجية سورية قال ان حكومته كانت اول من ادان هذه الحرب والطرف الذي بدأها وقد افترض الاخ السوري ان شقيقه العراقي هو الذي بدأها فبادر الى الادانة ” ان موقف الحكومة السورية معروف من الحرب هو لم يكتف بأدانة الشقيق العربي على الرغم من عدم تأكده من حقيقة من البادئ وانما قرر ان ينحاز الى الطرف الاخر ضد شقيقه بكل الوسائل وفيما يتعلق بادعاء فاروق الشرع بأن حكومته قامت بمبادرات في سبيل انهاء الحرب قال السيد طارق عزيز انا لا اشك في هذا القول من حيث الوقائع ولكنني كممثل لبلدي لست مطلعا عليها”

وعن قول الوزير السوري أن الجانب العراقي لم يستشر احدا عندما بدأ الحرب قال نعم نحن لم نستشر الاخوة في سورية عندما قررنا في تشرين اول 1973الدفاع عن انفسنا ، ولكننا بادرنا الى مساعدتكم وارسلنا جيشنا لينزف الى جانب الجندي السوري، دفاعا عن الارض العربية والحق العربي ان الاستشارة ضرورية في المجالات القومية ولكن ليست ضرورية في حالة الدفاع عن النفس وفي الحالات الضرورية والمفاجئة، وان التزاما كهذا لم يرد في معاهدة الدفاع المشترك” ونفى السيد وزير الخارجية الاستاذ طارق عزيز ما ادعاه الوزير السوري من ان العراق لم يقتنع بالمبادرات العربية ، وان العراقيين اعتبروا أي جهد عربي جهدا خائنا قائلا ” لا اذكر اننا استعملنا هذه العبارة ، ولكننا تعاملنا مع الوساطات العربية على اساس ان الذين وقعوا معاهدة الدفاع المشترك سيقرنون توقيعهم بالفعل والعمل اما ان نكتفي بأن من يوقع المعاهدة ولايطبق التزامه هذا الا عندما يشتهي وفقا لارائه السياسية ومصالحه الاقليمية ، فذلك امر لم نكن نتوقعه ” واخيرا استطرد وزير خارجية العراق قائلا: “قبل ان تنسحب القوات العراقية من الاراضي الايرانية ذهب مندوبون من بعض الدول العربية الى رئيس جمهورية سورية وطالبوا بضرورة وقف الحرب ووقف التحالف مع ايران وقال لهم رئيس الجمهورية السورية : إنه مع ايران ضد العراق لانه يحتل اراضي ايرانية ولكن اذا ما قامت ايران بأحتلال أي شبر من الاراضي العراقية فأنه سيقاتل ايران او يقف ضدها ، الا انه في تموز 1982 قامت ايران بهجوم ضد الاراضي العراقية وهي تحتل كما اعلن مسؤولوها الاراضي العراقية وبالرغم من هذا الاعلان فأننا لم نجد هذا التوازن من الاخوة الذين تحدثوا عنه 00 ففي بداية النزاع ادانوا شقيقهم، ولكن عندما حدث العكس ارادوا التفكير بالادانة”(1).

اما في معرض رده على حديث وزير خارجية ليبيا علي سالم التريكي فقد قال الاستاذ طارق عزيز :”ان ماقلته عن حديث الزميل السوري ينطبق على حديث وزير خارجية ليبيا واشار الى تصريح نشر في الصحف الكويتية بعد مؤتمر القمة الاسلامية المنعقد في الدار البيضاء منسوب الى عبد السلام جلود يقول فيه: “نحن مع ايران في حربها ضد العراق، ولكننا لسنا مع ايران في حربها ضد دول الخليج” ثم علق الاستاذ طارق عزيز على ذلك قائلا :” اذا كان هذا هو الموقف فلماذا يقول الاخ التريكي انه ضد الحرب في حين ان حكومته تقول انها ليست ضد الحرب مع العراق”(2). واخيرا حذر وزير خارجية العراق من تجزئة الموضوع والوقوع في اللعبة الايرانية وخاطب الحاضرين قائلا :” ومن هذه القاعة اقول اذا لم تكن ايران مستعدة لوقف الحرب والاستجابة للدعوة الى السلام والدخول في المفاوضات ، فأننا لم نقبل وساطة تتعلق بأي موضوع وذكر الحاضرين بقبول العراق في 28 ايلول 1980 وقف الحرب ثم تساءل مستغربا من قول وزيري خارجية سورية وليبيا قائلا: هل من الانصاف ان نطلب من العراق وايران على حد سواء وقف الحرب(1).

 

ثانيا : العراق ودورة تونس عام 1986

في 24 اذار 1986 افتتح مجلس جامعة الدول العربية دورته العادية الخامسة والثمانين وقد شارك في الدورة عدد كبير من وزراء الخارجية العرب ومنهم العراق ممثلا بالسيد طارق عزيز ، وعلى الرغم من انعقاد الدورة في احوال وصفها الامين العام للجامعة الشاذلي القليبي في خطابه بأنها استثنائية نظراً الى تصاعد العدوان الصهيوني في فلسطين المحتلة والجولان وجنوب لبنان، فضلا عن التهديدات والاجراءات الامريكية التي استهدفت ليبيا ، فأن الموضوع الذي استأثر بأهتمام الدورة بصورة خاصة واستحوذ على وقت طويل من المشاورات والمناقشات لاسيما تلك التي جرت على هامش الدورة وفي الاجتماعات المغلقة بين عدد محدد من رؤساء الوفود ، ان هذا الموضوع هو دون شك الحرب العراقية الايرانية(1).

لقد خصص الامين العام فِقْرات طويلة من خطابه للتطور الاخير الذي شهدته هذه الحرب “نتيجة الهجوم الواسع الذي شنته ايران على العراق ليلة العاشر من شهر شباط الماضي بهدف احتلال اجزاء من اراضيه معتبرا ذلك التطور في مقدمة الاحداث التي جدت في فترة ما بين دورتي مجلس الجامعة، واكد الامين العام أن هذا الهجوم يزداد خطورة بأقتراب القوة الايرانية من اراضي الخليج وما يشكل ذلك من تهديد لأمن المنطقة بأسرها”(2).

واكد الامين العام قوله :” ويجدر هنا ان نؤكد تضامننا الكامل مع العراق الشقيق في دفاعه عن حرمة وطنه وعن ارضه التي هي جزء من الوطن العربي وما يقلقنا تواصل القتال وخطر اتساع ميادينه ولاسيما تجاه دول الخليج العربي قال :” يحز في انفسنا ان يأتي هذا التحدي الذي تواجهه امتنا من قطر كان يشاركها مجدها وعزتها واسهم معها في بناء حضارة مشتركة ونحن نرغب مخلصين في ان يشترك معنا في بناء المستقبل وان تبدأ هذه المشاركة بوقف القتال الذي نهى عنه الدين وجعله من كبائر الفتن وان تتضافر جهودنا جميعا لحل كل اوجه النزاع وفقا للعدالة والقانون الدولي، وتمهيدا لاقامة علاقات متينة على اساس حسن الجوار والاحترام المتبادل والتعاون البناء وهو امر في متناول ايدينا اذ ان العراق استجاب بروح عالية لنداءات السلام وعبر باستمرار عن استعداده التام لوقف القتال وتسوية النزاع على وفق احكام ميثاق الامم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وبما يحفظ للبلدين مصالحهما الوطنية المشروعة(1).

ومن جانبه اكد وزير خارجية العراق الاستاذ طارق عزيز أن اخطر تهديد تعرض له العراق ولايزال يتعرض له هو من جانب النظام الايراني مؤكدا: “ان هذا التهديد لن ينتهي الا بأنتهاء تصميم الحكم الحالي في ايران على الاستمرار في سياسته التوسعية العدوانية” ثم مضى يقول: “اذا جاءت حكومة ايرانية عاقلة لاتريد أنْ تفرض علينا شاهاً أو إماما “. ولا تهدد دول الخليج فيصبحون اخواننا والموضوع يختلف عن الوضع مع (الكيان الصهيوني) فهي عدو تاريخي ، وان تغير نظام الحكم فيها       لا يغير من كونه عدوا لنا وللامة العربية ، وبشأن موقف العراق من الموقف السوري في الحرب اعرب السيد طارق عزيز عن رأيه بأن الامن العراقي والامن السوري شيء واحد ، واكد انه لايقول ذلك بدافع عاطفي، فأن شعار (الكيان الصهيوني) من النيل الى الفرات معروف ومضى يقول: “لقد اسهم العراق في كل الحروب العربية ضد                 (الكيان الصهيوني) وان لوقوف سورية الى جانب ايران موقف شاذ لاينسجم مع طبائع الاشياء وهذا يعني ان هناك خطأ ينبغي ان يصحح بقطع النظر عن الضغائن والاحقاد”. واخيرا حاول السيد طارق عزيز ان يميز في حديثه في الجامعة العربية وبين الاحتلال العراقي لارض ايرانية والاحتلال الايراني لارض عراقية ، فالعراقيون يطرحون السلام في اثناء دخولهم الاراضي الايرانية ويؤكدون احترامهم للاستقلال والسيادة والحقوق والمصالح المشروعة فأن احتلالهم هذه الاراضي يتم في ضمن برنامج سلمي بينما يؤكد الايرانيون بعد احتلالهم ألفاو وأراضٍ عراقية أخرى قبلها ،بأنهم يعترفون اكمال احتلال العراق ويرفضون وقف الحرب قبل تحقيق أحلامهم العدوانية المريضة”(1).

ثالثا : الحرب العراقية الايرانية في نشاطات اللجنة العربية السباعية التابعة لجامعة الدول العربية

تألفت اللجنة السباعية من (العراق  والاردن والسعودية والكويت واليمن الشمالية وتونس والمغرب ) في مؤتمر القمة العربي في فاس بتاريخ 1982 (1) وقد عقدت هذه اللجنة منذ تأليفها سبعة اجتماعات حسب المواعيد وفي الاماكن الاتية .

الاجتماع الاول في 29 اذار 1984 في تونس

بحثت اللجنة خلال تنظيم عملها وخطة تحركها ، ففيما يتعلق بالموضوع الاول، قررت جمع المعلومات من الدول التي تزود ايران بالاسلحة وتتعاون معها اقتصاديا. كما قررت رصد الموقف السياسي في المنطقة على الصعيد السياسي وفيما يتعلق بخطة التحرك، ناقشت اللجنة علاقات ايران بعدد من الدول وقررت مفاتحة المسؤولين في هذه الدول حول تعاونها التسليحي او الاقتصادي مع ايران، وكلفت عددا من وزراء خارجية الدول الاعضاء في اللجنة لاجراء اتصالات بالمسؤولين في الدول الاتية: (باكستان ، اسبانيا ، سورية ، ليبيا ، فرنسا ، اليابان، اليونان، البرتغال، المملكة المتحدة ، المانيا الاتحادية ، سويسرا ، هولندا، بلجيكا، ايطاليا)(2).

الاجتماع الثاني في 18 ايار 1984 في تونس

هذا الاجتماع قد تم على هامش اجتماعات الدورة الطارئة لمجلس الجامعة في 19 آيار 1984، وقررت اتخاذ عدد من الخطوات ، فطلب الى وزيري خارجية الاردن واليمن الشمالية زيارة ايطاليا استكمالا لخطة التحرك التي اقرت في الاجتماع الاول للجنة ، كما كلف سفراء دول لجنة المتابعة ومنها العراق المقررون في بكين بأن يبحثوا مع المسؤولين في الحكومة الصينية موضوع بيعها اسلحة ومعدات عسكرية لايران، وطلب الى عدد من وزراء الخارجية برئاسة السيد طارق عزيز وزير خارجية العراق زيارة كل من المانيا الديمقراطية ورومانيا وبلغاريا وهنغاريا وبولندة ويوغسلافيا وتشيكوسلوفاكيا لمتابعة الامور التي تفي بها اللجنة ، ودرست اللجنة مسألة امكانية بيع دولة النيجر الافريقية كميات كبيرة من اليورانيوم الى ايران وقررت قيام السعودية وتونس والمغرب بفتح حوار مع الدولة المذكورة حول هذا الموضوع كما درست اللجنة السباعية المعلومات التي قدمها الوفد العراقي حول الاتصالات الجارية بين ايران وباكستان وتركيا في سبيل الوصول الى اتفاق بشأن احياء منظمة التعاون الاقليمي وقررت الاتصال بكل من باكستان وتركيا لثنيها عن الاتفاق مع ايران حول الموضوع بسبب رغبتها في استمرار الحرب القائمة مع العراق(1).

الاجتماع الثالث في 26 اب 1984 في بغداد

بحثت اللجنة في هذا الاجتماع مواقف حكومات تشيكوسلوفاكيا والمانيا الديمقراطية وكوريا الشمالية والمانيا الاتحادية والمملكة المتحدة وسويسرا ، ولاحظت ان التعاون العسكري بين هذه الدول وايران مستمر، وقررت تكليف الشاذلي القليبي الامين العام للجامعة العربية بتوجيه رسائل الى وزراء خارجية تلك الدول من اجل ان تثنيها عن تعاونها العسكري مع ايران ، كما ناقشت اللجنة موقف الحكومة اليابانية من الحرب في محاولة ثنيها عن الاستمرار في شراء النفط الايراني كما ناقشت اللجنة ما تردد حينذاك من ان اليابان تعتزم تقديم مشروع قرار الى مجلس الامن او الجمعية العامة للامم المتحدة يتضمن دعوة دول العالم الى منع تصدير السلاح الى كل من العراق وايران وهكذا قررت اللجنة قيام الامين العام للجامعة ووزراء الخارجية الاعضاء في اللجنة اجراء الاتصالات الدبلوماسية اللازمة مع الحكومة اليابانية لاسترعاء نظرها الى خطورة التحرك الذي تنوي الحكومة اليابانية القيام به[6].

الاجتماع الرابع في 3 تشرين اول 1984 في نيويورك

عقدت اللجنة السباعية اجتماعها هذا على هامش انعقاد الجمعية العامة للامم المتحدة في 3 تشرين اول 1984، وناقشت مع بعض الدول الاعضاء في الجامعة تطورات الحرب وضرورة الضغط على الجانب الايراني لسلوك منطق السلام والاقرار بدعوات السلام المنطلقة من المنظمات الاقليمية الدولية ومنها منظمة الامم المتحدة، وقد ترأس الامين العام لجامعة الدول العربية الشاذلي القليبي هذه اللجنة بمناقشة تطورات الحرب مؤكدا في حديث له في الجمعية :” اننا لم ننفك ندعو كلا من العراق وايران الى تغليب منطق الحوار والاشتراك في الاهداف، وقد استجاب العراق لدعوات السلام والمساعي الحميدة المبذولة من مختلف الجوانب ولكن من المؤسف ان ايران رفضتها واصرت على مواصلة الحرب ، والهجوم الايراني الاخير يؤكد هذا الموقف السلبي الذي يبعث على القلق بالنسبة الى المجتمع الدولي عامة(1).

الاجتماع الخامس في 20 كانون الثاني 1985 في بغداد

عقدت اللجنة السباعية اجتماعها الخامس في بغداد التي قررت فيه تشكيل مجموعات متابعة في عواصم الدول الاجنبية تضم رؤساء بعثات الدول الاعضاء في اللجنة لمتابعة نشاطها ، وطالبت الامين العام للجامعة الكتابة الى نظيره في منظمة المؤتمر الاسلامي يدعوه فيها الى تنفيذ قرار الاجتماع العاشر لوزراء خارجية الدول الاسلامية الخاص بالحرب العراقية الايرانية بأعتبار ان ايران وافقت على القرار خلال انعقاد الاجتماع المذكور ، وقررت اللجنة ايضا مشاركة عدد من اعضائها في مناقشات مجلس الامن عند عرض مشروع القرار الخاص بأوضاع الاسرى ، وتشكيل وفدين من اعضائها يزور الاول ايطاليا بوصفها رئيسة المجموعة الاوربية ويزور الثاني الارجنتين لشرح مخاطر التعاون التسليحي بينها وبين ايران(2). 

الاجتماع السادس في 12 شباط 1986 في بغداد

شهد عام 1986 تصاعد العمليات العسكرية من الجانب الايراني وبشكل واسع على جميع الجبهات مع العراق، وكان اخطرها الهجوم الواسع الذي شن على القاطع الجنوبي ( قاطع شرق البصرة وشط العرب) في شباط 1986، اذ اعلن في بغداد ان “القوات العراقية تقوم بهجوم مضاد لاسترداد المواقع التي تقدمت اليها القوات الايرانية”(1).

ادى ذلك الهجوم الى قيام حكومة العراق بابلاغ جامعة الدول العربية، ويتضح هذا من الرسالة التي بعثها وزير الخارجية طارق عزيز الى الامين العام للجامعة الشاذلي القليبي والتي دعا فيها الى ضرورة عقد اجتماع طارئ للجنة السباعية العربية المختصة بموضوع الحرب  الايرانية العراقية (2).

وتأسيسا على ذلك عقدت اللجنة اجتماعا طارئا في بغداد في 12 شباط من العام نفسه ، واصدرت بيانا طالبت فيه ايران بوقف عدوانها المسلح على العراق وحذرتها من العواقب الوخيمة التي ستمنى بها العلاقات العربية الايرانية في حالة اصرارها على المضي في عدوانها ضد العراق وعدم الاستجابة لدعوات وقف الحرب والدخول في مفاوضات مع العراق واقرت اللجنة دعوة جماعية وقعها وزراء خارجية اعضائها جميعا الى مجلس الامن لعقد اجتماع عاجل لمناقشة (العدوان الايراني الجديد ) والنزاع بشكل عام، وصولا الى حل شامل للنزاع ، وقرر اعضاء اللجنة خطة للتحرك السياسي والدبلوماسي يتضمن قيام وزير خارجية العراق بزيارة موسكو ووزير خارجية السعودية بزيارة فرنسا ووزير خارجية الاردن بزيارة بريطانيا(1).

الاجتماع السابع في 18 شباط 1986 في نيويورك

عقدت اللجنة اجتماعا لها في نيويورك في 18 شباط 1986، قررت فيه التنسيق بين اعضائها بشأن الاتصالات التي سيعقدونها مع الدول الاعضاء بمجلس الامن الدولي ، ولاسيما ضرورة تركيز الاهتمام في التسوية الشاملة للنزاع طبقا لمبادئ ميثاق الامم المتحدة والقانون الدولي، وان يتولى مجلس الامن مواجهة الوضع الخطير الناجم عن العدوان الايراني على العراق والتهديد الفعلي للسلم والامن في المنطقة والعالم اجمع وقام اعضاء اللجنة بمقابلة الامين العام للامم المتحدة (بريان اوركهارت) في 20 شباط 1986، وتم تقديم شرح مفصل لموقف اللجنة من العدوان الايراني المتصاعد ضد العراق وطلبت اليه مواصلة جهوده مع مجلس الامن باتجاه التسوية السلمية الشاملة للنزاع (العراقي – الايراني).

وهكذا استمرت اللجنة على تواصل اجتماعاتها على هامش دورات الجمعية العامة للامم المتحدة من اجل اجراء اتصالات مكثفة بممثلي الدول الاعضاء لمجلس الأمن الدولي ، ولاسيما الدول الدائمة العضوية فيه من اجل ضغطها على الجانب الايراني المصر على استمرار الحرب(2).

الاجتماع الثامن في 10 كانون الاول 1987 في نيويورك

عقدت اللجنة السباعية في العاشر من كانون اول 1987 وعلى هامش اجتماعات الدورة الطارئة (41) للجمعية العمومية للامم المتحدة، بناء على طلب نائب رئيس الوزراء وزير خارجية العراق الاستاذ طارق عزيز اجتماعا تنسيقيا لوضع استراتيجية التحرك ازاء تنفيذ قرار مجلس الامن برقم 598 لعام 1987 والقاضي بانهاء الحرب بين العراق وايران واهم ما توصلت اليه اللجنة هو الاتي :

1. ان تقابل اللجنة رئيس مجلس الامن بصفته ممثلا للاتحاد السوفيتي وذلك لابلاغه رفض ايران قبول احكام القرار.

2. ان تقابل اللجنة اعضاء مجلس الامن لايضاح ذلك.

3. ان تعقد اللجنة اجتماعا لاحقا لوضع خطة التحرك العربي في مجلس الامن.

4. ان تبحث اللجنة هذه المسائل كافة في العواصم العربية المعنية في ضوء النتائج التي سيتم التوصل اليها من خلال اتصالاتها .

وبالفعل قابلت اللجنة السباعية في العاشر من كانون اول المندوب الدائم للاتحاد السوفيتي بوصفه رئيسا لمجلس الامن . واهم النقاط التي تم تأكيدها ما يأتي :

1. ضرورة استمرار الامين العام في المهمة المناطة به بحسب القرار 598 لعام 1987.

2. خطورة الموقف وضرورة الاسراع في استكمال الجهود لتنفيذ القرار.

3. حاجة الامين العام للحصول على تكليف جديد وحازم من مجلس الامن لكي يتسنى له المضي في تنفيذ القرار.

4. اكد الامين العام انه لايعمل بمثابة الحكم او الوسيط وانما اعطي له تفويض ليعمل كحلقة وصل بين طرفي النزاع ومجلس الامن ، وانه سيتابع مساعيه في ضوء توجيهات مجلس الامن .

5. ان على اعضاء مجلس الامن ان يقرروا ما يكفل المضي قدما في الجهود الدولية لتحقيق التسوية السلمية من خلال تنفيذ قرار المجلس كما اجرت اللجنة على هامش الدورة اجتماعا مع مجموعة بلدان عدم الانحياز اعضاء مجلس الامن (الامارات – الارجنتين – الكونغو – غانا – وزامبيا ) وقد حثت اللجنة السباعية اعضاء دول عدم الانحياز على بذل مزيد من الجهود لتنفيذ القرار 598 لعام 1987، مؤكدين ضرورة فرض العقوبات على ايران لرفضها تنفيذ القرار.

كما قابل اعضاء اللجنة السباعية المندوبين الدائميين للصين واليابان وايطاليا والمانيا ، واكدوا ضرورة بدء مجلس الأمن بانتهاج اسلوب جديد حتى يحافظ على مصداقية وفعالية قراراته ، كما ان هذه الدول تأخذ بالاهتمام حساسية الموقف الناتج عن تأخير تنفيذ القرار الملزم(1).

وهكذا يمكننا القول انه على الرغم من اهمية النتائج العملية التي تستطيع اللجنة الحصول عليها من خلال اتصالاتها بالدول الاجنبية بكل ما لديها من وسائل ضغط واقناع لحمل تلك الدول التي تتعامل مع ايران على وفق هذا التعامل وتقليصه قدر الامكان حتى اذا لم تكن هذه الدولة مخلصة وامينة في مواقفها او وعودها فلابد من انها تشعر في الاقل ببعض الحرج حين تبدو انها طرف ثالث يسهم في تأجيج نار حرب شاملة ، وقد يدفعها هذا الشعور بالحرج الى الحد من مساهمتها في تصعيد الحرب او اطالتها او توسيع رقعتها فأن الاهمية الحقيقية لهذه اللجنة تكمن في انها تعبر تعبيرا حقيقيا عن الارادة الجماعية للامة العربية الواجب القيام بها تعبيرا عن العمل العربي المشترك والمصير الواحد.

ولعل الحقيقة اكثر وضوحا في هذا النشاط ويمكن تأكيدها بمتابعة العراق لاعمال اللجنة ونشاطها وحثها على القيام بالمبادرات كلما استجدت الاحوال على جبهات القتال او على الساحة الدولية من تغير في سلوك الدول التي تتعامل مع ايران.فيتطلب ذلك زيادة الزخم في النشاط والعمل بجدية بأسم جامعة الدول العربية من اجل بيان موقف العراق السلمي من مخاطر الحرب المتفاقمة التي تتعدى حدودها وساحة عملياتها العسكرية الى ابعد حد.

رابعا : دور العراق في مؤتمر القمة غير العادي في عمان عام 1987

واصلت ايران تهديدها للملاحة الدولية في مياه الخليج العربي بوضع الالغام فيها واستمرت في هجومها المتكرر على الناقلات النفطية التابعة لدول الخليج العربي متجاهلة جميع القرارات الدولية الداعية الى احترام حرية الملاحة الدولية في الخليج ، ولاسيما في عام 1987 الذي شهد اطلاق صاروخ ايراني اصاب ناقلة النفط الكويتية بالقرب من ميناء الاحمدي وتلا ذلك اعتداء ايراني جديد تمثل في اطلاق صاروخ من نوع “سلك وورم” على جزيرة صناعية خاصة بتصدير النفط(1) .قادت تلك التطورات بمجلس جامعة الدول العربية الى عقد مؤتمر قمة طارئ في عمان خلال الفترة 8-11 تشرين الثاني 1987 (2)، وقد مثل العراق في هذا المؤتمر السيد الرئيس القائد صدام حسين”حفظه الله ورعاه” الذي خاطب في كلمته مواقف بعض الدول العربية التي وصفها بالمتفرج بقوله: ” انني اسأل هل يمكن ان تستقيم الاوضاع العربية مع استمرار المتفرجين على تفرجهم ومع استمرار المتحالفين مع المعتدي الحقود على تحالفهم ” وتساءل سيادته: ” هل يمكن لنا ان يحس بعضنا بأحساس ابناء الامة الواحدة وان تجمعنا في الحد الادنى جامعة واحدة وان تعمل اليوم او في المستقبل لمواجهة اخطار قديمة او جديدة(3) بحماس وايمان وتجرد من الاستعداد لتقديم التضحيات بالنفوس والاموال”(1)خلص المؤتمر الى جملة مقررات تتعلق بالأمن القومي العربي والتحديات التي تواجهه والتي تشكل الحرب العراقية الايرانية الصورة الواقعية لذلك مؤكدين ضرورة التمسك بميثاق جامعة الدول العربية ومعاهدة الدفاع المشترك، ومذكرين بقرارات فاس عام 1982 والدار البيضاء عام 1985 فضلا عن القرارات الصادرة عن مجلس جامعة الدول العربية، ولذا جاءت قرارات مؤتمر قمة عمان بشأن الحرب العراقية – الايرانية بما يأتي :

1. ادانة ورفض استمرار احتلال ايران للاراضي العربية في العراق لما يمثله ذلك من اعتداء صريح لدولة عضو في الجامعة ومساس لسلامتها الاقليمية.

2. التضامن الكامل مع العراق والوقوف معه في دفاعه المشروع عن ارضه وسيادته .

3. استعداد الدول العربية لتنفيذ الالتزامات المترتبة عليها نحو العراق وفيما بينها بموجب ميثاق جامعة الدول العربية ومعاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي بين دول الجامعة .

4. تأييد قرار مجلس الامن رقم 598 المساعي المبذولة لتنفيذه بشكل متكامل بما يؤدي الى حل جوانب النزاع كافة(3).

واعلن اعضاء مجلس الجامعة عن بالغ ارتياحهم لتبني اعضاء مجلس الامن بالاجماع القرار 598 في 20 تموز 1987 فقرروا ما يأتي(1):

1. تأييدهم بقوة قرار مجلس الامن رقم 598 لسنة 1987.

2. اشادتهم بترحيب العراق بالقرار المذكور واستعداده للتعاون مع الامين العام بصورة سليمة وبحسن نية في سبيل الوصول الى حل شامل وعادل ودائم ومشرف للنزاع.

3. دعوتهم مجلس الامن الى العمل من دون تردد على تطبيق القرار 598 كحل متكامل نصاً وروحاً وعلى وفق تسلسل فقراته العاملة استنادا الى صلاحياته بموجب ميثاق الامم الامتحدة مما يؤدي الى تحقيق السلام العادل والشامل بين البلدين وفي المنطقة ويعبرون عن دعمهم لجهود الامين العام للامم المتحدة وفقا لقواعد القانون الدولي، وادانتهم وضع الالغام في الممرات المائية الدولية والمياه الاقليمية التي ليست طرفا في الحرب وعدم التعرض للسفن المتوجهة من والى تلك الــدول وعلى وفق قرار مجلـس الامن رقم 552 لعام 1984 (2)

خامسا : دور العراق في مؤتمر قمة الجزائر عام 1988

اذا كانت الحرب العراقية الايرانية تعد العامل الاساس وراء انعقاد مؤتمرات القمة العربية في فترة الثمانينات ، فأن انطلاق الانتفاضة الفلسطينية عام 1987 كانت العامل الثاني في مؤتمر قمة الجزائر الذي عقد للفترة من 7-9 حزيران 1988 (1)

وعلى الرغم من اهوال الحرب واثارها على العراق حكومة وجيشا وشعبا الا انهم جعلوا الانتفاضة بمستوى قضيتهم في جميع الميادين وهذا ما يتضح في مؤتمر قمة الجزائر اذ مثل العراق فيه السيد طه ياسين رمضان النائب الاول لرئيس الوزراء الذي القى كلمة في اليوم الاول للمؤتمر جاء فيها :”ان اقتدار العراقيين هو اليوم اكثر من أي وقت مضى على ردع العدوان وتأديب المعتدي وقهره حتى نطرد الاوهام الشريرة والاحلام المريضة من رؤوس حكامه” واكد سيادته “ان مانريده ان يفهم من لم يفهم بعد ان العدوان الايراني صنو العدوان الصهيوني وشبيهه وشريكه وبعد ثمانية اعوام من استمرار العراق في المنازلة المستمرة لهذا العدوان ولولا التضحيات العراقية الغالية طوال هذه الاعوام لكان هذا العدوان الان يدق ابواب اكثر من دولة عربية” خاتما كلمته بالتحية لانتفاضة الشعب العربي الفلسطيني كما حيا بأكبار واعتزاز البطولات التي يسجلها الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال الصهيوني الغاصب  وتصميمه على تحرير اراضيه المحتلة ، وممارسة حقه في العودة وتقرير المصير، واقامة دولته المستقلة فوق ترابه الوطني ، بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية ممثله الشرعي الوحيد(1).

وهكذا كان من الطبيعي ان تشغل قضيتا العراق وفلسطين جلسات المؤتمر وبيانه الختامي الذي اكد فيه المؤتمرون من الملوك والرؤساء العرب أن موضوعي الانتفاضة الفلسطينية والحرب العراقية الايرانية قضية واحدة لايمكن الفصل بينهما(2).

وقد بحث المؤتمرون التدابير الكفيلة بدعم الانتفاضة وتعزيز فعاليتها وضمان استمراريتها وتصاعدها واكد التزامه بتقديم المساعدات الضرورية كافة  لاستمرار الانتفاضة حتى يحقق الشعب الفلسطيني اهدافه الوطنية الثابتة(3).

وهكذا قرر المؤتمر تأليف لجنة وزارية ، كان العراق احد اعضائها لدعم الانتفاضة بمواصلة اجراء اتصالاتها بالدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وبمسؤولي الدول الاخرى كما قرر رفض الحلول الجزئية والمنفردة والمشاريع التي تنكر حقوق الشعب الفلسطيني وقرر المؤتمر تخصيص دعم فوري مقداره (128مليون دولار) للمؤسسات الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين لتغطية ما حصل من نقص كبير في الحاجات خلال الاشهر الخمسة الاولى من الانتفاضة فضلا عن تخصيص دعم شهري مقداره (43مليون دولار) لمواجهة الحاجات الملحة ووقف تدهور الحالة المعيشية مما يساعد على استمرار الصمود والتصدي في وجه الاحتلال الصهيوني(1).

كما حدد المؤتمر ادانته ورفضه لاستمرار ايران على احتلالها للاراضي العراقية وعدم استجابتها للمبادرات السلمية العربية والدولية وامتناعها الامتثال لقرار مجلس الامن الدولي رقم 598 الذي قبله العراق مباشرة هدفا للسلام ولعموم الاستقرار في المنطقة ،وحدد المؤتمر تضامنه الكامل مع العراق لتحرير اراضيه المحتلة كافة من جانب ايران كما ادان المؤتمر اشكال الارهاب كافة التي تمارسها ايران ضد دول الخليج العربي وتدخلها في الشؤون الداخلية لتلك الدول(2).

سادسا : العراق ومؤتمر الدار البيضاء عام 1989

قادت تطورات القضية الفلسطينية واستمرار الانتفاضة البطولية في مواجهة الاحتلال الصهيوني الذي امعن كثيرا في ممارسة سياسة القمع والاضطهاد وبناء المستعمرات وتهجير السكان ورفضه الاقرار بالحقـوق الثابتة للشعب الفلسطيني الى مبادرة الملك الحسن الثاني ملك المغرب الى عقد مؤتمر قمة طارئ في الدار البيضاء ، للفترة من 23-26 ايار 1989 من اجل دعم الانتفاضة الفلسطينية والعمل بالوسائل كافة من اجل تحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة يعطي الفلسطينيين حقوقهم الثابتة والمشروعة(1).

وابدى المؤتمرون ارتياحهم لقبول ايران تنفيذ قرار مجلس الامن (598) لسنة 1988 واجراء مفاوضات مباشرة مع العراق برعاية الامين العام للامم المتحدة ، مؤكدين أن وقف اطلاق النار الذي اعلن في 8/8/1988 يجب ان يكون نقطة انطلاق للوصول الى اقامة السلام الشامل والدائم والعادل بين العراق وايران واستقرار الامن والسلام في المنطقة(2).

واكد المؤتمر تضامنه الكامل مع العراق في الحفاظ على وحدة وسلامة اراضيه وحقوقه التاريخية في سيادته على شط العرب ، وايد الدعوة الى تكليف الامم المتحدة بتطهير شط العرب وجعله صالحا وامنا للملاحة(3).

وعلى الرغم من رغبة العراق في الانتقال من حالة وقف اطلاق النار الى مرحلة اقامة السلم بينه وبين ايران ، وذلك على ما يبدو ان ايران وكعادتها قامت بانتهاكات لوقف اطلاق النار، وذلك ما يتضح من الورقة العراقية التي قدمت الى المؤتمر والتي جاء فيها ” ان الانتهاكات الايرانية المستمرة لوقف اطلاق النار تدل بشكل قاطع على عدم احترام ايران أو عدم التزامها بوقف اطلاق النار” واكدت ان هذه الانتهاكات تدل من جديد على عدم رغبة ايران في تحقيق السلام الشامل والدائم مع العراق اذ اشارت الورقة الى ان الجانب الايراني يتمادى في عملية الاغمار بالمياه التي اخذت تهدد أمن القطعات العسكرية العراقية ، وقالت انه خلال المدة من وقف اطلاق النار حتى 15 تشرين الاول 1989 ، بلغ المعدل العام للزيادة في المياه بنسبة (67%) وان رقعة الاراضي المغمورة بالمياه تزداد اتساعا وبشكل تدريجي ومستمر(1).

ولعل هذا ليس بجديد في السياسة الايرانية المعروفة بالمراوغة والتملص من التزاماتها ، ولكن موقف العراق بقي ثابتا مبدئيا على السلام من اجل سيادة الامن والاستقرار في المنطقة .


(1) شبكة المعلومات الدولية الانترنيت ( جامعة الدول العربية ) الوثائق الاساسية

http : // WWW , Leagueofarab States. Org / alas. Asp ? dd = establish

(2) جامعة الدول العربية ، قرارات مؤتمر القمة وبياناتها ، ص187.

(1) حول نص التصريح ينظر: جريدة الثورة العدد 5559 في 16 اب 1985.

(1) شبكة المعلومات الدولية الانترنيت (جامعة الدول العربية) الوثائق الاساسية

http : // WWW . arableague on Line . org/ arableague / index. Jsp .

(2) جريدة الجمهورية ، العدد 5816 في 6 اب 1985.

[1] حول نص الخطاب ينظر : جريدة الثورة ، العدد 5563 في 10 اب 1985.

[2] حول نص مشروع القرار في المؤتمر  ينظر :  شبكة المعلومات الدولية الانترنيت (جامعة الدول العربية ) الوثائق الاساسية ،

http: // WWW. Leagueo farab States. Org/ a- Members. asp

 

[3] حول نص مشروع القرار في المؤتمر  ينظر :  شبكة المعلومات الدولية الانترنيت (جامعة الدول العربية ) الوثائق الاساسية ،

http: // WWW. Leagueo farab States. Org/ a Members. Asp

[4] http : // WWW . League of arab States, arg. org/ aGsecdb . asp .

[5] http : // WWW . League of arab States, arg. org/ alastoday . asp .

(1) جامعة الدول العربية ، الأمانة العامة ، تقرير عن مؤتمر القمة غير العادي في الدار البيضاء، القاهرة ، 1985، ص11.

(2) المصدر نفسه ، ص11-12.

(1) جامعة الدول العربية، تقرير عن مؤتمر القمة غير العادي في الدار البيضاء ، ص12.

(2) المصدر نفسه ، ص12-13.

(1) جامعة الدول العربية، تقرير عن مؤتمر القمة غير العادي في الدار البيضاء ، ص13.

(1) مركز دراسات الوحدة العربية ، قسم التوثيق ، موجز يوميات الوحدة العربية ، اذار 1986، بيروت 1987، ص22.

(2) المصدر نفسه ، ص23.

(1) مركز دراسات الوحدة العربية ، قسم التوثيق ، موجز يوميات الوحدة العربية ، اذار 1985، مصدر سابق ، ص221.

(1) مركز دراسات الوحدة العربية ، المصدر السابق ، اذار 1986، ص223.

(1) جهاد صالح العمر وعناد فواز الكبيسي ، المصدر السابق ، ص123.

(2) مركز دراسات الوحدة العربية ، قسم التوثيق ، موجز يوميات الوحدة العربية لشهر اذار 1984، مجلة شؤون عربية ، العدد 38، 1984، ص205.

(1) حول نشاطات اللجنة الاخرى ينظر : مركز دراسات الوحدة العربية ، قسم التوثيق موجز يوميات جامعة الدول العربية والمنظمات العربية المتخصصة لشهر ايار 1984 ، مجلة شؤون عربية ، العدد 39، ص231.

[6] ينظر : مركز دراسات الوحدة العربية ، قسم التوثيق موجز يوميات جامعة الدول العربية والمنظمات العربية لشهر اب 1984 ، مجلة شؤون عربية ، العدد 40، 1984، ص311.

(1) ينظر : محمد بديع شريف ، القادسية الاولى وقادسية صدام التحليل العلمي والسياسي في مسيرة العرب والفرس في التاريخ من (539 ق . م) الى 1984 ، دار الجليل للطباعة ، مصر 1985، ص290-291.

(2) مركز دراسات الوحدة العربية ، قسم التوثيق موجز يوميات جامعة الدول العربية والمنظمات العربية المخصصة لشهر اذار 1985 ، مجلة شؤون عربية ، العدد 41، ص454.

 

(1) جريدة الثورة ، العدد 5742 في 10 شباط 1986.

(2) جريدة الثورة ، العدد 5743 في 11 شباط 1986.

(1) جريدة الثورة  العدد 5745 في 13 شباط 1986.

(2) جريدة الثورة  العدد 5979 في 1 تشرين الاول 1986.

(1) جامعة الدول العربية ، الامانة العامة ، تقرير عن الاجراءات المتخذة لتنفيذ قرارات مؤتمر القمة غير العادي في عمان والتطورات التي حدثت بشأنها القاهرة 1988، ص31-32.

(1) جامعة الدول العربية ، قرارات مؤتمر القمة غير العادي في عمان ، المصدر السابق ، ص43.

(2) المصدر نفسه ، ص40.

(3) سبعاوي ابراهيم الحسن ، العدوان الايراني والمواقف الدولية والعربية تجاه العراق، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد ، 1989، ص109.

 

(1) حول نص الرئيس القائد صدام حسين (حفظه الله ورعاه) في قمة عمان ، ينظر : سبعاوي ابراهيم الحسن ، المصدر السابق، ص109.

(3) جامعة الدول العربية، قرارات مؤتمر القمة الغير عادي في عمان ، المصدر السابق ، ص28-29

 

(1) جامعة الدول العربية ، قرارات مؤتمر القمة وبياناتها ، ص193.

(2) ادان هذا القرار أي خرق للقوانين الدولية للانسانية ، ووقف العمليات الحربية فورا وكافة في كل منطقة الخليج العربي، وتأكيد حرية الملاحة والتجارة في المياه الدولية ، والطلب الى الامين العام لهيئة الامم المتحدة مواصلة مساعيه في الوساطة بهدف تحقيق تسوية شاملة وعادلة ومقبولة من قبل الطرفين والوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية ضد الاهداف المدنية ، ينظر : مندوب امين الشالجي، مجلس الامن الدولي والحرب العراقية الايرانية ، مجلة العلوم السياسية ، العدد الخامس، السنة الثانية ، نيسان 1990، ص90.

(1) جامعة الدول العربية ، قرارات مؤتمر القمة وبياناتها ، ص219.

(1) حول نص السيد طه ياسين رمضان في المؤتمر ينظر : جريدة الثورة ، العدد 6587 في حزيران 1988.

(2) مركز دراسات الوحدة العربية ، قسم التوثيق ، موجز يوميات الوحدة العربية ، حزيران 1988، مجلة المستقبل العربي ، العدد 165، ايلول 1988، ص175.

(3) شبكة المعلومات الدولية الانترنيت / جامعة الدول العربية / الوثائق الاساسية :

http :// WWW. Arab League online . org / arab/ arabic / Leve 1-ar. Jsp ? Level/ 1-id = so .

(1) للتفاصيل ينظر : جامعة الدول العربية قرارات مؤتمر القمة وبياناتها ، ص220-221.

(2) شبكة المعلومات الدولية الانترنيت /جامعة الدول العربية / الوثائق الاساسية :

http://WWW. Arab League on Line. Org/ arab/ arabic/ Leve/ 2-ar. Jsp? Level- id= 130 .

 

(1) جامعة الدول العربية ، قرارات مؤتمر القمة وبياناتها ، ص230

(2) المصدر نفسه ، ص237.

(3) المصدر نفسه ، ص243.

(1) وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، جامعة البصرة ، اخبار ايران ، نشرة شهرية تعنى بالاخبار  السياسية والاقتصادية يصدرها مركز الدراسات الايرانية بجامعة البصرة ، شباط 1990، ص6.

 

الصفحة السابقة 1 2 3 4 5الصفحة التالية

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى