قضايا فلسفية

في ذكرىّ استقلال تُونس.. تَظل ثَور اليَاسمين تُعلم العَالم

د.محمـد عبدالرحمن عريـف
  تعود جذور الذكرىّ لمثل هذا اليوم 20 مارس عام 1956 حصلت تونس على استقلالها عن فرنسا بعد فترة استعمار دامت طويلًا، تحديدًا بعد أن فرض عليها الحماية الفرنسية بموجب معاهدة باردو فى 12 مايو 1881، ومن ثم تُبعَت بمعاهدة المرسى 1883، وتعتبر النص المكمل لمعاهدة باردو لترسيخ الإدارة الاستعمارية، ووضعها الإطار القانونى الذى تحتاجه فرنسا كي تدير الشئون الداخلية للبلاد التونسية كما تشاء، فاستعملت عبارة “الحماية” فى الاتفاقية بوضوح تعريفًا للمؤسسة المحدثة. وهدفت الاتفاقية إلى إعلان السلطة المطلقة لفرنسا فى البلاد التونسية.
  تمر السنوات سريعًا وتصل تونس لثور الياسمين في نهاية العام 2010، سنوات مرت على الثورة التونسية أو “ثورة الياسمين”، كان لها فيها ما لها وعليها ما عليها، إلا أنه وفى كل المرات التى نتحدث فيها عن الثورة التونسية، لا نستطيع أن ننكر أنها استثناء عن باقى الثورات، والفضل فى ذلك يرجع إلى أسباب رئيسية، منها ثقافة الشعب التونسي الرفيعة.. وتمتعه بقدر كبير من الثقافة، حيث لم يقم بأعمال تخريب ونهب طوال أيام الثورة، إلا بعض الحالات البسيطة، كما انه أظهر الوجة الجيد لثورات الربيع العربي التى عانت كثيرًا بسبب عوامل التفرقة وعدم التجانس التى ظهرت فيها. كذلك عدم وجود قيادة معينة للثورة.. وهنا يمكن القول بأن ثورة تونس كانت شعبية بحق، حيث لم نجد من يقول على نفسه أنه قائد الثورة، ولا أن هو الوحيد الذى يحق له تقسيم مكتسباتها، كما صعب ذلك من عملية الاعتقالات، حيث لم تستطع الحكومة حبس فئة معينة وقتها لتقضي على الثورة.
  نحن إذًا ما بين نضال الاستقلال الذي تم بعد مشاورات طويلة وعرض القضية التونسية على هيئة الأمم المتحدة أكثر من مرة “1951 _ 1952″، حتى تهيأت الظروف للمطالبة بالاعتراف باستقلال تونس، تم الاتفاق على إرسال وفد للتفاوض فى المطالب التونسية ثم فى يوم 20 مارس 1956 تم التوقيع على الاتفاق الذى تعترف فرنسا بمقتضاه باستقلال تونس “ممارسة تونس لمسئولياتها فى ميادين الشئون الخارجية والأمن والدفاع وتشكيل جيش وطنى تونسي”.
  والنضال الحديث تمثل في ثورة الياسمين.. سيظل يذكر التاريخ للشعب التونسي الكثير من النضال السياسى وحركة المقاومة المسلحة منذ اللحظات الأولى للاحتلال، شاركت فيها جميع فئات الشعب، فدفعت أجيال كاملة من أجل “الاستقلال” التضحيات والدماء الكثير لتحقيق هذا الهدف السامى، لبناء الدولة الوطنية الحديثة لذا سيظل هذا اليوم رمزًا فى تاريخ التونسيين والعرب أجمع. وستظل ثورة الياسمين تعلم العالم… لا نملك إلا أن نقول حماكِ الله يا تونس..
* د.محمـد عبدالـرحمـن عريـف.. كاتب وباحــث في تاريخ العرب الحديث والمعاصر وتاريخ العلاقات الدولية والسياسة الخارجية. عضو الاتحاد الدولي للمؤرخين.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى