قراءة في جهود المؤسسات الإقليمية الإفريقية في مكافحة الإرهاب: المجموعة (G5) للساحل الأفريقي نموذجا

شكّلت قضية الإرهاب ظاهرة عالمية، شغلت الرأي العام الوطني والإقليمي والدولي، ومن أجل احتوائها وُضعت آلياتٌ واستراتيجياتٌ متنوعةٌ، بعضها أخذ طابعاً وطنيّاً، وبعضها الآخر أخذ الطابع الإقليمي أو الدولي، وبما أنها ظاهرةٌ تعدُّ من أكثر الظواهر التي عرفها المجتمع الدولي تعقيدا، لا تمضي فترةٌ من الزمن إلا وتظهر مبادراتٌ جديدةٌ تهدف إلى تطوير الآليات والاستراتيجيات الموجودة، للأخذ في الاعتبار التطورات الجديدة في الساحة؛ سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي أو الدولي، ومن أجل توحيد الجهود والآراء بذلت منظمة الأمم المتحدة جهوداً رمت إلى وضع استراتيجية عامةٍ تجمع أعضاءها من الدول في إطار واحدٍ لمكافحة الإرهاب، فأقرَّت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 أيلول (سبتمبر) 2006، استراتيجية الأمم المتحدة العالمية المشتركة لمكافحة الإرهاب، وتضمّنت على خطّة عمل تهدف إلى معالجة الظروف التي تساعد على انتشار الإرهاب، ومنعه ومكافحته، واتخاذ تدابير لبناء قدرات الدول، وهي وإن كانت خطوة مهمة من حيث المبدأ، إلا أنها لم تحقق  حتى الآن نجاحاً يذكر في هذا الصدد، ولذلك شرعت المنظمات الإقليمية في وضع آلياتها الخاصة بجانب الجهود التي تقوم بها الدول على المستوى الوطني؛ لتحمل المسؤولية اللازمة تجاه القضية.

وعلى مستوى أفريقيا لوحظ تأخرا كبيرا من قبل الاتحاد الإفريقي في المبادرة بوضع استراتيجية إفريقية لمكافحة الإرهاب، ولذلك كان حتماً على المنظمات الإقليمية أن تتحمل مسؤوليتها لمواجهة تحدي الارهاب الذي تفشَّى في القارة، ومن هذا المنطلق –في نظري- جاءت نشأة المجموعة (5) (G5) للساحل؛ التي جمعت بعض دول الساحل الإفريقي، حيث يعدُّ الساحل المنطقة الأكثر تعرُّضاً للعمليات الإرهابية في الآونة الأخيرة، أضف إلى ذلك أنها تحتضن مجموعات إرهابية تعتبر من أخطر المجموعات الإرهابية في العالم.

وفي هذا السياق تأتي هذه الدراسة للإجابة عن الأسئلة الآتية:

إلى أي مدى نجحت جهود الاتحاد الإفريقي ومؤسساته الفرعية في احتواء جريمة الإرهاب في القارة؟

ماهي مبررات نشأة المجموعة (5) للساحل الأفريقي؟

ماهي فرص ومهددات المجموعة (5) للساحل أمام تحدي الإرهاب في المنطقة؟

وتنقسم الدراسة إلى اربعة محاور هي على النحو الآتي:

محور الأول: عوامل ومنطق الاأمن في الساحل بين الواقع والمستقبل

المحور الثاني : جهود الاتحاد الإفريقي، والمؤسسات الإقليمية تجاه التحدي الإرهابي.

المحور التالث: المجموعة (5) للساحل الإفريقي، النشأة والتكوين.

المحور الرابع : مستقبل المجموعة (5) للساحل والدور الفرنسي المشبوه.

Table of Contents

محور الأول: عوامل ومنطق الاأمن في الساحل بين الواقع والمستقبل

 

مما لا شك فيه درجة الإهتمام البالغ للأجندات السياسية بالساحة الإفريقية ، بمختلف القضايا و المسائل الرّاهنة و المستجدة بين الحين و الآخر ، و التي تؤثر من قريبٍ أو بعيد ، بشكل مباشر أو غير مباشر بالمصالح   و الاهتمامات المحلية و العالمية و في شتّى المجالات ، سواءٌ منها السياسية أو الإقتصادية ، إجتماعية أم أمنية .

وفي هذا الإطار فإن كل من السّلطات و النخب الكونية ، تنظر بالهتمام شديد و دائم و تسعى لتصنيف  هذه القضايا و المسائل الإفريقية ، من حيث درجة أهميتها ، منفعتها أو خطورتها على المصالح و موازين القوى ، بحيث تصنفها بالشكل الذي يعزّزُ من توثيق علاقاتها بالدول الإفريقية من جهة ، و يدعم مكانتها بالسّاحة الإقليمية ، على إعتبار أنها أحد أهم الدول المحورية الأساسية بالعالم القديم و الحديث ، و ذلك لِما تتمتع به بقدرٍ من الإستقرار الأمني و السياسي والإقتصادي النسبي ، مقارنة بباقي الدول بصورةٍ عامة ، و بدول الجوارالتقليدي بشكلٍ خاص .

وفي خِضمِ هذا الترقب المتواصل ، لمختلف القضايا الإفريقية الرّاهنة و المُستجدة ، من قِبل السّلطات و النخب السياسية على حد سواء ، نجد مسألة بناء السِّلم و التنمية بمنطقة السّاحل الإفريقي ، تكاد تحتل أولى الأولويات بالنسبة لإهتمام الجماعة العالمية حاليا ، و صنّاع القرار السياسي بالدّول الافريقية قاطبة ، و ذلك لِما يمثله هذا الموضوع من أهمية قصوى ، ومن خطورةٍ بالغة على الأمن العالمي ، و على إستقرار دول المنطقة ووحدة  و سلامةِ أراضيها ، خاصّةً و أنّ هذه المسألة لها أبعادٌ متعددة و متشعبة ، و تفرضُ على دول الجوار خاصة (الجزائر، مالي ، النيجر ، موريتانيا) إتباع سياسات و إجراءات جماعية توافقية ، في سبيل درءِ جميع المخاطر       و الإنعكاسات السلبية لها ، و تُلقي على كاهلها جملةٌ من  التحديات الأمنية و السياسية و التنموية العميقة ، في سبيل الوصول بهذه الدّول و مجتمعاتها إلى برّ الأمان .

ومن المعلوم أن ترسيخ الأمن و النهوض بالتنمية بدول الساحل الإفريقي ، إزدادت الحاجة إليها ، خاصة بعد تزايد وتيرة الأحداث و المستجدات السياسية الأخيرة ، و التي كان أبرزها التدهور الأمني بالدولة الليبية عقِب سقوط نظام العقيد القذافي ، و ما سبّبه من إنتشار رهيبٍ للأسلحة و وقوعها بيد مختلف الجماعات الإرهابية المتشددة ، المنتشرة بشكلٍ واسع بجنوب الصحراء الجزائرية ، ومن جهةٍ أخرى حالة عدم الإستقرار التي تعيشها الدولة في افريقيا عموما و الساحل خاصة ، و التي أفضت في اخر تجلياتها إلى تدخلٍ عسكري فرنسي ، بهدف القضاء على “حركات التّمرد” المتمركزة بشمال مالي .

ومن هذا المنطلق تحاول هذه الورقة البحثية ، أن تعالج موضوع المقاربة بناء السلم   و التنمية في السّاحل الإفريقي ، و ذلك من خلال التركيز على التحديات الأمنية المختلفة بمنطقة الساحل، و المتمثلة أساساً في التهديدات اللاتماثلية المتمثلة اساسا : الإرهاب العابر للحدود – الجريمة المنظمة – الهجرة غير الشرعية .

إنّ هذه الأبعاد الثلاثة ، هي من بين أهم التحديات التي يجب على الدول الافريقية ان تجتهد في الموضوع الى حلها من خلال تبني منطق تنموي و فلسفة امنية متعددة الابعاد و ذات استراتيجية شاملة، ، لأنها بمثابة المفتاح بالنسبة إلى أي حلٍ ناجع في سبيل تحقيق الهدف الرّئيسي المنشود ، و المتمثل في تحقيق الأمن و التنمية في منطقة السّاحل الإفريقي و افريقيا عامة.

و مما لا شك فيه ، مدى الإرتباط الوثيق بين هذه الأبعاد الثلاثة ، ومدى التأثير و التأثر فيما بينها ،    و التي تمثل مجتمعةً أحد أبرز التحديات التي تواجهها دول الساحل ،او دول الميدان المتبقية (النيجر ، مالي ، موريتانيا) ، في سبيل سعيهم إلى بسط الأمن ، و وضع سياسات تنموية فعالة في المنطقة تتصف بالتوافقية        و الجماعية ، من شأنها أن تقلل من أي أثرٍ سلبي محتمل ، جرّاء تسارع الأحداث السياسية و الأمنية بالمنطقة المذكورة ، و تزايد حدّة تداعياتها على الأمن الافريقي .

و بناءاً عليه قام الباحث بطرح إشكالية أساسية متمثلة في الآتي :

ماهي أهم الملامح المهددة لبناء الدولة في افريقيا و ما سيناريوهات الوصول الى توافق اثنونخبوي كأساس لحل المعضلة الامنية و التنموية في الساحل.

ومن خلال هذه الإشكالية الرّئيسية ، حاول الباحث أن يتّبِعَ منهجية محدّدة ، بالشكل الذي يمكننا من الإحاطة المتكاملة بمختلف جوانب الموضوع الرّئيسية ، وعليه فإنه للإجابة على الإشكالية يجب التطرق إلى النقاط الأساسية التالية :

  • التعريف بمنطقة الساحل الإفريقي و توضيح الأهمية الإستراتيجية له ، وتسليط الضوء على معوقات بناء السلم و التنمية بالمنطقة.
  • إبراز أهم التحديات الأمنية بمنطقة السّاحل الإفريقي ، و المتمثلة أساساً في : الإرهاب العابر للحدود – الجريمة المنظمة – الهجرة غير الشرعية ، والتعرف على أهم الإنعكاسات السلبية لهذه التحديات على أمن منطقة السّاحل بصفة عامة ، و الأمن الوطني الجزائري بصفة خاصة.
  • توضيح معالم المقاربة التنموية السيولوجية و الانتروبولوجية في معالجة مشكلة الساحل الإفريقي
  1. الأهمية الإستراتيجية لمنطقة الساحل الإفريقي :

في البداية و قبل الخوض في توضيح الأهمية الإستراتيجية لمنطقة السّاحل الإفريقي ، لابد أن نتطرق إلى التحديد الجغرافي إلى هذه المنطقة من القارة الإفريقية ، لكي نتمكن من معرفة الوحدات الدولية الفاعلة فيها ، الأمر الذي يمكننا فيما بعد إدراك أبعاد التنافس الدولي ، الذي جعل من المنطقة على قدرٍ عالٍ من الأهمية الإستراتيجية ،    و عليه فإننا في هذا الإطار يمكن أن نرصد العديد من التصنيفات المختلفة لمنطقة الساحل نذكر منها :

  • هي المنطقة الفاصلة بين شمال إفريقيا و إفريقيا جنوب الصحراء ، أي من البحر الأحمر شرقاً إلى المحيط الأطلسي غرباً ، و تشمل كل من : السودان ، تشاد النيجر ، موريتانيا ، السينيغال.
  • هو الإقليم الذي يغطي القوس الممتد من السودان شرقاً إلى موريتانيا غرباً ، و ذلك مروراً على كل من مالي ، النيجر و تشاد ، و كلها بلدان تتميز بالشساعة الجغرافية ، و البُعد الصحراوي ، و محدودية السكان ، و ليس بهذه البلدان أي منفذ بحري يذكر . [1]
  • إن بلدان الساحل وفقاً لتصنيف لجنة مكافحة الجفاف بالساحل الإفريقي ، فإن السّاحل الإفريقي يضم تسعة بلدان هي كل من : بوركينافاسو، جزر الرأس الأخضر ، غامبيا، غينيا بيساو، مالي ، موريتانيا، النيجر ، السينيغال، تشاد .
  • الساحل هي المنطقة الجافة الواقعة مابين الصحراء الكبرى في الشمال و السافانا في الجنوب ، و تمتد من السينيغال ، موريتانيا، مالي ، النيجر ، شمال تشاد ، السودان ، إثيوبيا .

لقد أصبحت منطقة الساحل الإفريقي من أهم المناطق الجغرافي التي تستحوذ على إهتمامات الدول الكبرى ، و في هذا الإطار يمكن التركيز على دولتين محددتين هما كل من الولايات المتحدة و فرنسا ، و عليه فإنه من الضروري إيراد أهم العوامل التي تدفع بهذه الدول إلى الإهتمام بمنطقة الساحل الإفريقي ، بحيث نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الآتي :

  • الموقع الجغرافي الهام لمنطقة الساحل ، جعل كل من دول المغرب العربي ، و الدول الأوروبية ، تهتم ببسط الأمن و الإستقرار بهذه المنطقة ، و ذلك لما يتميز به الإقليم من ميزة مساعدة على إنتشار ظواهر سلبية عديدة أهمها : الإرهاب العابر للحدود و الجريمة المنظمة .
  • إن ما تحويه دول الساحل الإفريقي من ثروات طبيعية ، جعلت الولايات المتحدة و فرنسا على وجه التحديد ، يحرصان على التواجد العسكري بالمنطقة ، و ذلك لضمان أمن مصالحهما الإقتصادية بهذه الدول [2].
  • عقب أحداث 11 من سبتمبر ، و نظراً لإتساع نشاط جماعات تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي ، دخلت منطقة السّاحل الإفريقي ضمن السياسة و الإستراتيجية الأمنية الأمريكية في ما يسمى بالحرب على الإرهاب ، و ذلك عن طريق التعاون العسكري المشترك مع دول الميدان ، و التي تعتبر الجزائر أبرزها على الإطلاق .

ومن جانبٍ آخر فإن العديد من الكتابات و الدراسات تركز على الدور الجزائري في منطقة السّاحل الإفريقي ، و ذلك في البعدين التنموي و الأمني ، و إن المتتبع إلى الأوضاع السياسية و الإقتصادية لدول الساحل الإفريقي ، يدرك تمام أسباب التركيز هذه ، و عليه يمكن أن نحدد أهمية الجزائر في منطقة الساحل الإفريقي في النقاط الأساسية التالية :

  • يمثل السّاحل الإفريقي العمق الإستراتيجي للجزائر ، و الفضاء الأمني المهتز لها، و ذلك بالنظر إلى الحدود الواسعة التي تربط الجزائر بدول الساحل من جهة ، و ضعف أدائها الأمني الداخلي من جهة أخرى .
  • الخبرة الأمنية و العسكرية الجزائرية البارزة في مكافحة الحركات الإرهابية و الجريمة المنظمة  مقارنةً بدول الميدان الأخرى ، باعتبار هاتين الظاهرتين من أبرز معوقات بناء الأمن و التنمية بمنطقة الساحل.
  • بالنظر إلى الظروف السياسية و الأمنية الرّاهنة ، فإن الجزائر تمثل أكثر دول الميدان إستقراراً سواءٌ من الناحية السياسية أم الأمنية .
  • كذلك سعي الدبلوماسية الجزائرية للعب الدور المحوري بالمنطقة الإقليمية و الإفريقية بصفة عامة .
  • تمثل الجزائر من الناحية الإقتصادية ، أكثر دول الساحل الإفريقي إتزاناً واستقراراً ، ما يمكنها من رسم سياسات تنموية بالمنطقة أكثر ، و يمكنها أيضاً من الضغط السياسي باتجاه إستصدار قرارات إقليمية و دولية في هذا المجال .

التحديات الأمنية بمنطقة الساحل الإفريقي مشاكل ام فرص:

أولاً : الهجرة غير الشرعية:

عُرِفت الهجرة قديماً وكانت تتّسم بالإنسيابية تبعاً لأغراضٍ كانت تتّسم بالإنسانية ، فمن هجرةٍ لاستكشاف أراضٍ جديدة ، إلى هجرةٍ للتبادل الحضاري والثقافي والإجتماعي، ثم إلى هجرةٍ قسرية نتيجةً لأوضاعٍ إنسانية كالزلازل والفيضانات ، أو نتيجة الحروب بين القبائل والإمارات ، لكنها في المجمل  كانت تتميز بالبساطة ، فلم تشكّل مشكلة وليس فيها أي تعقيدات متعلقة بجواز السفر والإقامة والجنسية أو غيرها من الإجراءات الحالية.

هناك من يعرّف الهجرة على أنها ظاهرة جغرافية تعبر عن ديناميكية سكانية ، أو جزء من الحركة العامة للسكان ، على شكل تنقلهم من مكان لآخر ، و ذلك بتغير مكان الإستقرار الإعتيادي للفرد ، أما الهجرة غير الشرعية فتُعرّف على أنها إنتقال الأفراد و الجماعات من مكان إلى مكان آخر ، بطرقٍ سرية مخالفة لقانون الهجرة كما هو متعارف عليه دولياً .[3]

يمكن أن تصنف الهجرة في صنفين إما شرعية “نظامية” أو غير شرعية “غير نظامية” ، أما الهجرة الشرعية فتعني الرّحيل و ترك الأهل و الوطن بهدف البحث عن الرّزق أو بحثاً عن ملاذٍ آمن أو لتحسين الأوضاع الثقافية و العلمية للفرد ، أو اللجوء الإنساني طلباً للأمن من التخويف و الإرهاب ، أو الحروب و النزاعات  [4] ، و وفق هذا التعريف فإن صنفي الهجرة يشتركان و يهدفان إلى تحقيق منافع و مقاصد تختلف من إقتصادية أو إجتماعية أو لتحقيق غاية إنسانية بحتة ، متعلقة بالنأي عن جميع مظاهرة التخويف و الترهيب الناتجة أساساً من النزاعات  و الحروب الأهلية ، أو غيرها من مظاهر العنف الأخرى

ويرى عدد من الباحثين بأن ظاهرة الهجرة غير الشرعية ، أضحت من أكبر المعضلات الإجتماعية في هذا العصر ، و ذلك لِما لها من إنعكاسات سلبية على الأبعاد الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية للدول             و المجتمعات ، و أصبحت بذلك تؤثر على الأمن و الإستقرار فيها ، وقد تولّدت عن هذه الظاهرة العديد من أوجه الجرائم أهمها ما يعرف بعصابات التهريب البشري[5]، و التي تعرّف على أنها : “تدبير الدخول غير المشروع لشخصٍ ما أو عدّة أشخاص إلى دولةٍ أخرى ليست موطناً له ، أو لا يُعدُّ من المقيمين الدّائمين فيها ، من أجل الحصول بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على منفعة مالية أو منفعة أخرى ، من دون تقديم أية ضمانات أمنية      و صحية خلال عملية التهريب ”

إن منطقة الشمال الإفريقي شأنها شأن الكثير من أقاليم العالم النامي ، تواجه ظاهرة الهجرة غير الشرعية أو الهجرة السّرية باتجاه أقاليم أخرى أكثر تطوراً في العالم ، و تزداد هذه الهجرة غير الشرعية كثافةً و حجماً و تأثيراً ، كلما كان الفارق الإقتصادي و الإجتماعي كبيراً بين إقليمين متجاورين في العالم ، مثل الضفة الإفريقية من البحر المتوسط ، و البلدان الأوروبية بالضفة المقابلة منه [6].

يتضح من التعاريف السّابقة مدى إرتباط ظاهرة الهجرة غير الشرعية و تأثيراتها المختلفة بقضايا الأمن الإنساني بصفة عامة ، و الأزمات المترتبة عن الخلل الناجم عن عدم تحقيقها ، و كذا الإرتباط الوثيق بين الظاهرة محل الدراسة و بين مختلف التناقضات الإقتصادية و الإجتماعية ، السياسية و الأمنية الحاصلة بين دولةٍ أو إقليم ما مقارنةً بأقاليم أخرى ، و لذلك نجد أنّ معالجة آثار هذه الظاهرة قد تعدّدت وسائلها وطرقها بين دولةٍ و أخرى ، سواءٌ تلك المصدّرة للهجرة بصنفيها أو المستقبلة لها  ، و أخذت هذه الأساليب أوجهاً عدّة تباينت ما بين الأساليب الأمنية و التنموية .

فبالنسبة للجزائر ، و بالنظر إلى النظم القانونية المنظمة للهجرة ، فإننا يمكن أن نميز بين ثلاثة حالات رئيسية هي كلٌّ من (المنع من الدّخول ، الإبعاد ، الطّرد ) ، أمّا المنع من الدخول فهو الإجراء الذي يلحق الأجنبي عند دخوله أو عقب دخوله مباشرة و يُفضي إلى إخراجه فوراً من دون أيّة مهلةٍ للتنفيذ ، و ذلك لأسباب أمنية تتعلق بمصالح الدّولة العليا ، و لدخوله غير المشروع ، أو عدم قيامه بالإجراءات الشّكلية المتّبعة لدخول الأجانب [7]،    و فيما يخص الإبعاد و الذي هو بمثابة قرار تصدره السُّلطات العامة في الدّولة ، لأسبابٍ تتعلق بسلامتها و أمنها الداخلي أو الخارجي ، تطلب بمقتضاه من الأجنبي مغادرة إقليمها خلال مدّةٍ معينة ، و إلا تعرض للجزاء        و الإخراج بالقوة ، أما  الطرد ففي المجمل هو عبارة عن قرار إداري يتم بمقتضاه إخراج شخصٍ أجنبي من إقليم الدولة لأسباب تتعلق بالنظام العام أو سيادة الدّولة .

وفي سياقٍ متصل بمسألة أثر الهجرة غير الشرعية على الأمن و التنمية بمنطقة السّاحل ، فإن ولاية تمنراست الواقعة بأقصى الجنوب الجزائري ، هي من بين أكثر ولايات الوطن تأثراً و وانتشاراً لمظاهر الهجرة غير الشرعية ، وتعتبر من أكبر نقاط عبور المواطنين الأفارقة باتجاه ولايات الشمال الجزائري ، و منه إلى ضفاف المتوسط الشمالية بأوروبا ، وقد إكتسبت ولاية تمنراست هذه الأهمية لِما يربطها من حدودٍ شاسعة مع كلٍّ من دولتي النيجر (1300 كلم) و مالي (7011 كلم) ، بحيث عرفت تزايداً واضحاً و متسارعاً في نسبة تواجد المهاجرين غير الشرعيين ، فمن 5430 مهاجر غير شرعي سنة 2000 إنتقل عددهم إلى 10702 مهاجر سنة 2004 ، أي بنسبةٍ قاربت %60.13 [8] .

ثانياً : الجريمة المنظمة  

          الجريمة لغة من جرم -جريمة أي أجرم وهي بذلك الجرم والذنب وهي تعبر عن مخالفة القواعدا لقانونية المنصوص عليها في القانون والمقرر لها عقوبات قانونية. والمنظمة لغة تشتق من المنظم أي مكان النظم ومجموعه  أي ما يشكل إجراءات أو قوانين تشتمل تدابير أو علاقات الأفراد داخل (0rganized Crime)  الجماعة بشكل منهجي. وبذلك يكون التعريف اللغوي للجريمة المنظمة كمفهوم يطلق على الجريمة المرتكبة من قبل مجموعة او تنتج عنها [9].

نشأت الجريمة المنظّمة منذ قرونٍ بعيدةٍ، مع نشأة المافيا الإيطالية  ، ولكن هذه المنظّمات ظّلت تباشر نشاطاتها على نطاقٍ محلي ، إلى أن اكتسبت طابعاً دولي في أواخر القرن العشرين ، ومع بداية القرن الحادي والعشرين احتّلت هذه الجريمة مكان الصدارة بين المشكلات الأمنية الأكثر خطورةً في العالم، وذلك نتيجةً للمتغيرات الكبيرة التي أفرزتها الظروف والمعطيات السياسية والاقتصادية و الاجتماعية،  التي من أبرزها النمو الشامل و المتسارع للنشاطات التجارية والمالية و الاقتصادية، وما صاحبها من تطور هائلٍ في وسائل الاتصالات والنقل والتقدم التقني، وعولمة النظم الاقتصادية والمالية التي أسهمت في تحرير التجارة الدولية، وتجاوز الحدود الوطنية بين الدول، ولاسيما المجال المصرفي وتداول الأموال، فضلاً عن انهيار سلطة الدولة  أو ضعفها في بعض الدول .

لم يحظ أي تعريفٍ للجريمة المنظّمة بالإجماع، فلا يزال مفهومها غامضاً وغير واضح المعالم فهو يخفي أنواعاً متعددةً من الأفعال الإجرامية وأشكالاً مختلفةً من المنظمات الإجرامية ، و يرجع عدم الاتفاق على تعريفٍ واضحٍ محددٍ إلى عدة اعتبارات،  أهمها حداثة مصطلح الجريمة[10] المنظّمة وذلك  لوجود خلافاتٍ وصعوباتٍ عمليةٍ حول صياغة تعريفٍ عالمي لها، نظراً إلى اختلاف الأنظمة القانونية من دولةٍ إلى أخرى، لذلك كثرت تعريفات الجريمة المنظمة، ومن هذه التعريفات نجد :”  أن الجريمة المنظمة تتضمن نشاطاً إجرامياً معّقداً وعلى نطاقٍ واسعٍ، تنّفذه مجموعة من الأشخاص على درجةٍ عالية  من التنظيم، وتهدف إلى تحقيق الثراء للمشتركين فيها على حساب المجتمع و أفراده، وهي غالباً ما تتم عن طريق الإهمال التام للقانون، وتتضمن جرائم تهدد الأشخاص، وتكون مرتبطةً في بعض الأحيان بالفساد السياسي” . ويعاب هذا التعريف بسبب عدم إشارته إلى عنصُرَي الاستمرارية والتخطيط، وهما ما يميزان هذا النوع من الجرائم.

تكتسب الجريمة وصف الجريمة المنظمة وفقاً لتعريفٍ آخر إذا توّفر فيها شرطان هما : شرط الخطورة الذي يستخلص من مجرد كونها جريمةً يعاقب عليها بعقوبةٍ سالبةٍ للحرية لمدة تزيد على أربع سنواتٍ أو بعقوبةٍ أشد ،  أما الشرط الثاني فهو: شرط التنظيم الذي يستخلص من ارتكابها بواسطة جماعةٍ منظمةٍ محددة البنية، تتأّلف من ثلاثة أشخاصٍ فأكثر ، وتقوم معاً بفعلٍ مدبرٍ بهدف ارتكاب واحدةٍ أو أكثر من الجرائم الخطيرة أو الأفعال المجرمة وفقاً لهذه الاتفاقية، من أجل الحصول بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشرٍ على منفعةٍ ماليةٍ أو منفعةٍ ماديةٍ أخرى .

وهناك من يعرّفها على أنها : “النشاطات المرتكبة بواسطة منظماتٍ محترفةٍ ومهيكلةٍ بصورةٍ  تامةٍ، هذه المنظّمات تميل إلى الإجرام، ولا ينطبق نموذج المجرم العادي على أعضائها، وهي ترتكب جرائم جسيمةً كوسيلةٍ للحصول على الربح المالي، أو بهدف توسيع سلطاتها، أو ممارسة تأثيرٍ اقتصادي، أو استغلال الأشخاص”. [11]ومن الممكن القول إن هذا التعريف منتقد لأّنه ذو طابعٍ فضفاضٍ وواسعٍ.

و تعرّف أيضاًعلى أنها ” مؤسسة إجرامية ذات تنظيمٍ هيكلي متدرجٍ، تمارس نشاطات غير مشروعةٍ، بهدف تحقيق أرباحٍ ماليةٍ، مستخدمةً الطرائق المتاحة كّلها لتمويل مشروعها الإجرامي وتحقيق هذا الهدف، وذلك في سريةٍ تامةٍ لتأمين وحماية أعضائها “.

ويركّز هذا التعريف على بعض خصائص الجريمة المنظمة كالبناء التنظيمي المتدرج، والسعي إلى تحقيق الربح، ويتجاهل بعضها الآخر كاستمرارية التشكيل، وممارسة النشاط عبر الحدود الوطنية.

لكي تكون الجريمة جريمةً منظمةً وفقاً للاتجاه السائد فإّنه يشترط توافر الشروط الآتية: ·

فمن ناحية السلوك الإجرامي المكون للجريمة يجب أن يكون هذا السلوك على درجةٍ من التعقيد أو التشعب ،  وعلى درجةٍ عاليةٍ من التنظيم والتخطيط الدقيق ،  وأن يكون تنفيذه قد تم على نطاقٍ واسعٍ ،  وأن تنطوي وسيلة تنفيذه على درجةٍ من العنف، أو على نوعٍ من الحيلة يتجاوزان المألوف في الجريمة العادية، وأن يكون من شأنه توليد خطرٍ عام على النطاق الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي.

أما من ناحية الجناة [12] فإن المنظمات الإجرامية المنظّمة تتكون من جماعةٍ يتجاوز عددها العدد المألوف عادةً في المساهمة الجنائية العادية  ، ويشترط أن يكون بين الجناة من اتخذ الإجرام حرفةً يكتسب منها ،  وأن يكونوا على درجةٍ كبيرةٍ من التنظيم، وقدرةٍ على التخطيط الدقيق، ويجب أن تتلاقى إرادة هؤلاء في ارتكاب الجريمة أو الجرائم محلّ التنظيم .

تشمل النشاطات الإجرامية المنظمة العابرة للحدود الوطنية في السنوات الأخيرة عدة مجالاتٍ منأهمها:[13]

(غسيل الأموال ذات المصدر غير المشروع، وجرائم الحاسوب من قرصنةٍ واختراقٍ غير مشروعٍ لأنظمة الغير وبرامجهم، من خلال تقليد البرامج أو نسخها أو تدميرها، وجرائم النصب و التزوير، والاتّجار بالأشخاص، والنشاطات الإرهابية، والاّتجار بالأسلحة المحظورة أو بالمخدرات وتهريب الآثار، والاتّجار غير المشروع بالأعضاء البشرية ، وغير ذلك من الجرائم التي ترتكبها الجماعات الإجرامية ) .   المفهوم الأمني للجريمة المنظمة:

حاولت الأجهزة الأمنية مثل مكتب التحقيقات الفيدرالية FBI و الانتربول “INTERPOLE” أن تقدم مفهوما عمليا للجريمة المنظمة ٤ عن طريق وصفها بقائمة من المعايير و الدلائل التى تشكل خطورة على الأمن العام [14]، و أهمها ما يلى:

أ- الدلائل المتعلقة بأساليب التخطيط و التحضير: كالإعداد الدقيق و المنظم، و التوافق الجيد مع الأسواق المشروعة و غير المشروعة .

ب- الدلائل المتعلقة بتنفيذ الأفعال الإجرامية: كاستخدام أساليب المعرفة و التكنولوجيا الحديثة .

ج- الدلائل المتعلقة بأساليب استخدام متحصلات الجريمة: كالاتجاه إلى الربحية المرتفعة، اللجوء إلى غسل الأموال و إعادة ضخها فى الاقتصاد المشروع .

د- الدلائل المتعلقة بالروابط و الصلات بين الأفعال الإجرامية و الفاعلين كالوطنية ، الاقليمية، الدولية، العابرة للجدود .

ه- الدلائل المتعلقة بأنماط العلاقات الداخلية بين الفاعلين:  كالفصل أو الملاحظة المتبادلة، و استخدام أسماء حركية و لغات مشفرة .

و- الدلائل المتعلقة بهيكل التنظيمات:  كالتدرج، و علاقات السلطة و التبعية المعقدة .

ز- الدلائل المتعلقة بأساليب مساعدة أعضاء الجماعة: كالمساعدة على الهرب، اللجوء إلى المحامين و المستشارين القانونين ، سداد الكفالات الكبيرة، التهديد و الترويع و خطف الشهود، المساعدة أثناء الحجز و إعانات المعيشة للأقارب .

ح- الدلائل المتعلقة بأساليب الضغط و استغلال النفوذ : كفرض التبعية عن طريق المخدرات ، والجنس، و القروض، و شراء أصوات الناخبين، و الرشوة.

ط- الدلائل المتعلقة باستراتيجيات الاحتكار:  كالسيطرة على أسواق المخدرات وابتزاز المال بالتهديد.

ى- الدلائل المتعلقة بالدعاية و العلاقات العامة: كالضغط، و التأثير على وسائل الاعلام.

و قد أُنتقدت هذه التعريفات الأمنية لأنها ذات طابع واسع ، فهي تتكون من عناصر متناثرة ولا تقيم توازنا فى التأثر النوعى لكل منها  .

وقد عقد مؤتمر الانتربول الأول حول الإجرام المنظم بفرنسا فى شهر مايو 1988 وانتهى إلى تعريف الجريمة المنظمة بأنها ” جماعة من الأشخاص تقوم بارتكاب أفعال غير مشروعة بصفة مستمرة، و تهدف إلى تحقيق الربح بصفة أساسية ، دون التقيد بالحدود الوطنية.” وكان هذا التعريف هو الآخر محلا للنقد، حيث ركز على بعض خصائص الجريمة المنظمة، وبصفة خاصة سعيها إلى تحقيق الربح، و استمرارية التشكيل، وممارسة النشاط الجريمة المنظمة ماهيتها و خصائصها عبر الحدود الوطنية، و تجاهل البعض الأخر منها كالبناء التنظيمي المتدرج   و استخدام العنف ، ولذلك أعادت وحدة الجريمة المنظمة بالانتربول تعريف الجريمة المنظمة بأنها:”جماعة من الأشخاص تتمتع بهيكل تنظيمي و تهدف إلى تحقيق الربح عن طريق ارتكاب أنشطة غير مشروعة، مستخدمة التخويف و الرشوة “.

المفهوم القانونى للجريمة المنظمة

ليس من السهل ترجمة المفهوم الإجرامي – المتقدم – للجريمة المنظمة الى مفردات القانون الجنائى. فعناصر التعريفات المتقدمة كلها فضفاضة و غير محددة ، بحيث لا تتماشى مع مبدأ شرعية الجرائم و العقوبات ، و يؤكد هذه الملاحظة أن أغلب التشريعات الجنائية الوطنية تفادت المغامرة بوضع تعريف للجريمة المنظمة خشية المساس بحقوق الانسان و القيم الديمقراطية .

و قد خصصت العديد من المؤتمرات و اللقاءات العلمية لمناقشة الجريمة المنظمة، و من أهمها المؤتمر السادس عشر للجمعية الدولية لقانون العقوبات الذي عقد فى بودابست فى الفترة من  5 إلى 11 سبتمبر 1999 ، و الذى انتهت أعماله استخلاص الخصائص الأساسية للجريمة المنظمة ، هذه

الخصائص تتمثل فيما يلي :  –  التنظيم والبنيان الهيكلي المتدرج الاستمرارية-  الربحية-  تقسيم العمل-  السرية –  المزج بين الأنشطة المشروعة وغير المشروعة-  استخدام العنف والرشوة – اللجوء إلى غسل الأموال .

من خلال ما سبق من تقديمٍ للإطار المفاهيمي لمصطلح “الجريمة المنظمة” ، يتضح مدى خطورة هذه الظاهرة على جميع المجتمعات بصفة عامة ، و على المجتمع الجزائري بشكلٍ خاص ، و يتضح أيضاً مدى العلاقة الترابطية بين الجريمة المنظمة ، و بين التطورات التكنولوجية و التقنية المعلوماتية السائدة ، بالشكل الذي أضفى على الجريمة المنظمة العديد من الأوجه ، و أصبحت تتصف بالإحترافية العالية .

وعليه فإنه من الضروري جداً مسايرة هذه التغيرات ، التي من شأنها أن قوة الجريمة المنظمة في منطقة السّاحل الإفريقي ، خاصة و أنها تشترك مع ظاهرة الإرهاب العابر للحدود ، في مسألة البحث الدائم على مصادر التمويل المالي بشتى الوسائل و الطرق .

ولذلك فإن الجريمة المنظمة، وبالأخص المتعلقة بالاتجار بالمخدرات، تهديدا جديدا  للأمن الجزائري يمس بتأثيراته السلبية جميع الوحدات المرجعية للأمن  الجزائري والمجتمع ، والذي يتطلب أيضا استراتيجيات  أمنية شاملة، أي قائمة على إجراءات عسكرية وأخرى غير عسكرية (قضائية،  اقتصادية، اجتماعية) للتصدي له.

وقد ساهمت عوامل القرب الجغرافي من مناطق  إنتاج وعبور المخدرات في إفريقيا جنوب الصحراء. (خليج غينيا بالدرجة الأولى،  بالإضافة إلى السنغال، ساحل العاج، غانا، التوغو، البنين، نيجيريا  والكاميرون). وكذا ضعف الأنظمة الجنائية في إفريقيا جنوب الصحراء وفسادها،  وطبيعة بنية الحروب والنزاعات فيها وكذا انكشاف الجزائر من الجنوب بسبب ضعف  التغطية الأمنية لحدودها الجنوبية في تفاقم التأثير السلبي للمخدرات على  أمن المجتمع والأفراد الجزائريين[15]. وتشير أرقام كميات القنب الهندي،  الكوكايين، الهروين المضبوطة في الجزائر كل سنة والمقدرة بالأطنان ،  بالإضافة إلى مئات الآلاف من الأقراص المهلوسة، إلى خطورة التهديد الآتي من  المخدرات وشبكات تهريبها والاتجار بها على الأمن القاري .

ثالثاً : ظاهرة الإرهاب العابر للحدود

تشكل قضية تعريف الإرهاب مسألة مثيرة للجدل على المستوى السياسي والأكاديمي ، فهذه الظاهرة التي تسمى الإرهاب ، طالت أخطارها وتبعاتها كل بقعة من العالم، بأشكال وصور مختلفة ، ولم تستثن أحدا ،  لذلك يسعى كل طرف لإيجاد صيغة معينة يصف بها الإرهاب بما يتوافق مع رؤيته وتوجهاته إزاء معطيات أو نتائج هذه الظاهرة ، وبما يضمن له أفقا مفتوحا لفعل أي شيء من أجل مكافحة الإرهاب الدولي .

وفيما يتعلق بإشكالية التعريف فإننا نلمحها في تعدد التعريفات التي أعطيت لهذه الظاهرة من قبل المنظمات الدولية والحكومات والأفراد الباحثين والسياسيين، لذلك يرى بعض الباحثين[16] أن: “التعريف الشامل والتام لظاهرة الإرهاب إنما هو ادعاء كبير لا يقدر مدى صعوبته إلا من يدرك مدى تشعبه وارتدائه الأشكال المختلفة والمتعددة ، والأهداف المختلفة والمتناقضة التي يمكنه أن يسعى إليها، والمعاني التي يحتملها والتي ترتبط أبعادها ودلالاتها بالقضايا والدوافع والقيم التي يستحيل تعميمها وتوحيدها في عملية ذهنية واحدة “.

ولذلك فإننا هنا سنقوم بعرض عدة تعريفات لهذه الظاهرة لنبين فقط تعدد الرؤى والتحليلات حولها رغم ما قد نحمله من تصورات من أن الإرهاب أمر واضح وبيّن ولا يحتاج إلى كل هذه الجهود المضنية . فالإرهاب في أحد تعريفاته المهمة”:  هو استخدام العنف غير القانوني أو التهديد به بأشكاله المختلفة ، كالاغتيال والتعذيب والتخريب والعنف بغية تحقيق هدف سياسي معين مثل كسر روح المقاومة عند الأفراد وهدم المعنويات عند الهيئات والمؤسسات أو كوسيلة للحصول على معلومات أو مال ، وبشكل عام هو استخدام الإكراه لإخضاع طرف مناوئ لمشيئة الجهة الإرهابية”.

ويربط ريمون آرون بين الإرهاب وآثاره النفسية حيث يقول: “إن ما نسميه فعلا إرهابيا ًهو فعل العنف الذي تتجاوز أهمية تأثيراته السيكولوجية أهمية نتائجه المادية البحتة”. فالإرهاب إذا يقوم على استعمال العنف دون تقدير أو تمييز بهدف تحطيم كل مقاومة ، وذلك بإنزال الرعب في النفوس.  يبدو إذا أن فعله سيكولوجي بجوهره ،  فهو لا يرمي فقط وكما يفعل العنف إلى القضاء على أجساد الكائنات وتدمير الممتلكات المادية بل يستعمل العنف بشكل منسق ليخيف النفوس ويرهبها ، أي أنه يستعمل العنف ليزرع اليأس في قلوب الأحياء.  فمن هذا المنطلق يتضح أن المحرك الأساسي للإرهاب هو تخويف النفوس، وهذا هو المحور الذي ترتكز عليه الظاهرة .

وعليه فإن الهدف الذي يرمي إليه الإرهاب يقتصر على تخويف النفوس وزرع الرعب والهلع في قلوب الأحياء ، وحسب الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا فإنه يرى: ” أن الفعل الإرهابي يهدف إلى خلق مؤثرات نفسية واعية أو غير واعية ، كما أنه يهدف إلى خلق ردود أفعال رمزية ، أو إثارة أعراض مرضية قد تأخذ جميعها أشكالا ملتوية عديدة، أو في الحقيقة أشكالا لا عدد لها ولا حصر لها ، فنوعية وكثافة المشاعر التي قد يسببها الفعل الإرهابية واعية أو غير واعية ”

لطالما مثلت مسألة الإرهاب أحد أكثر المشاكل العويصة التي واجهتها الأجهزة الأمنية الجزائرية ، وغير خفي على أي متتبع للشأن الجزائري ، بأن فترة العشرية السوداء التي شهدتها الجزائر في التسعينات ، و التي تميزت بقدرٍ كبير من إستفحال ظاهرة الإرهاب ، و تشعبر للجماعات المتطرفة المحسوبة خطأً على الفكر الإسلامي الذي هو منه بريء ، وبالرغم ما كان لتلك الفترة من سلبيات وخسائر كثيرة بشرية واقتصادية و غيرها ، إلا أنه من الضروري أن نذكر أن تلك الفترة أيضاً أكسبت الجزائر خبرةً نوعية في مكافحة كافة أشكال الإرهاب         و التطرف ، و أضحت بالنسبة للدول الأوروبية و الولايات المتحدة ، أحد أهم دول المنطقة في هذا المجال –مكافحة الإرهاب-

وعليه إعتبرت الولايات المتحدة الأمريكية الجزائر أهم طرف في منطقة المغرب العربي ، لذلك أولت إهتمامها بهذا البلد ، و ذلك لما للجزائر من إمكانات عسكرية ، ومن مصادر للطاقة ، ومن نزوع إلى الإسهام في الأنشطة الدولية ، ومن المعروف أن للولايات المتحدة الأمريكية نمطين من المصالح السياسية في المنطقة المغاربية[17] ، هما:

1.    المصالح  المرتبطة بمكافحة الإرهاب، وذلك إشارة إلى الاهتمام الأمريكي بمعاداة  الأيديولوجيات الراديكالية الداعية إلى استخدام العنف ضد الوجود الأمريكي  من منشآت وأفراد ، وإلى الدول التي تؤيد هذه الأيديولوجيات، فعلا وقولا وفي  هذا الإطار، برز في السابق كل من ليبيا والجزائر كدولتين سعت الولايات  المتحدة إلى احتوائهما، وقد نجحت في ذلك.

2.    المصالح  المرتبطة بالنفوذ الأمريكي، سواء كان ذلك، في الوطن العربي أو في غرب  المتوسط وجنوب أوربا. وهذه المصالح تشير إلى الوجود العسكري والتنسيق  الاستراتيجي، بل والتبعية الاستراتيجية لبلدان المنطقة، للولايات المتحدة  الأمريكية. وهنا تبرز تونس والمغرب كنقطتي ارتكاز لهذه المصالح ، إذ أنه  خلال الإدارة الثانية لريغان نجحت الولايات المتحدة نجاحا باهرا في دمج  تونس والمغرب في إطار هذه المصالح.

وفي إطار أثر ظاهرة الإرهاب العابر للحدود على الأمن في منطقة السّاحل ، يمكن أن نحدّد حدثين أساسيين ، أثّرا و بشكل واضحٍ و عميق في تزايد التوترات الأمنية بالمنطقة ، و الرّفع من درجة الإستنفار لدى مختلف الأجهزة الأمنية الجزائرية ، و الحدثان هما كل من : سقوط النظام الليبي وما نتج عنه من إنتشارٍ هائلٍ للأسلحة بين مختلف الجماعات المتطرفة بمنطقة السّاحل ، أما الحدث الثاني فيتمثل في تجدد الصراع في شمال مالي ، و إعلان قيام كيان الأزواد ، ما أدّى مؤخراً إلى التدخل الفرنسي بهدف ضرب أهداف لجماعات “إسلامية متشددة” متمردة على الحكومة المالية، و إن للأزمة المالية الآثار والخطورة البالغة على أمن واستقرار الجزائر ،      و تتجلى هذه الخطورة حسب العديد من الباحثين في التداخل الإثني الموجود بين الدول خاصة  الجزائرية و المالية و النيجيرية ، و إمكانية تأثير أي مستجدات بالساحة المالية على الأمن المجتمعي بهذه الدول .

وفي هذا الإطار أعتبرت  منطقة انتشار الطوارق من البؤر ذات الجغرافيا السياسية البالغة الحساسية  أمنيا، كما عدت أزمة الطوارق من أقدم وأعقد التحديات التي تواجه الأمن  القومي لدول الساحل بل ويعتبر حضورها ضمن الشواغل الأمنية منذ زمن  قديم مقارنة بمشكلات وتهديدات دوائر إستراتيجية أخرى.

وتعد أزمة الطوارق  موروثا استعماريا ملغما يرجع تاريخه إلى استقلال كل من ليبيا 1951، والنيجر  1960، ومالي 1960، وبوركينافاسو1960 والجزائر1962، عندما وجدت القبائل  الطوارقية المتمركزة في الصحراء الكبرى نفسها مشتتة بين هذه الدول ذات  السيادة[18] ، والتي اتفقت على احترام مبدأ “عدم المساس بالحدود الموروثة عن  الاستعمار” المنصوص عليه في ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية سنة 1963. ومعلوم  أن التقسيمات الجغرافية للصحراء التي تمت بالاتفاق بين فرنسا، التي كان  أكبر جزء من الصحراء تابعا لها، ولإسبانيا وإيطاليا تم تقطيعها بشكل  اعتباطي لم يراع الحدود (العرقية والدينية) للمجتمعات  الإفريقية والقبائل الصحراوية .

وقد ولّدت هذه الظروف أوجهاً جديدة من التحالف مابين الجماعات الإرهابية المنتشرة في الصحراء من جهة ، و شبكات الجريمة المنظمة ، فأقامت التنظيمات المسلحة  علاقات تعاون وتبادل مع عصابات الجريمة المنظمة والمافيا، وبعدما صارت لا  تتوانى عن ممارسة أي نشاط إجرامي (الاتجار بالمخدرات، البشر والسلاح) من  أجل التموين وتمويل نشاطها بسبب مصادر التمويل والمؤونة التي كانت تعتمد  عليها في التسعينات من القرن الماضي [19].

رابعا: اشكالية الدولة الهشة كمهدد لبناء السلم و التنمية.

     ولهذه الدول العديد  من السمات التي تشترك بها و لعل ابرزها مايلي:

– لا تملك هذه الدول القدرة على تعبئة الموارد الداخلية و الحصول على عائدات ضخمة من الضرائب.

– انخفاض معدلات التنمية البشرية.

– انخفاض الكثافة السكانية بالنسبة لمساحتها الاجمالية.

– ضعف البنية التحتية المادية و غير المادية منها.

– تركز الصادرات.

– خطر التعرض انشوب نزاعات مسلحة.

– تراكم الديون الخارجية.

و من خلال هذه المؤشرات نحاول القول بان تكاليف هشاشة الدول الافريقية و خاصة دول الساحل باهظة و مكلفة جدا في مجال ابناء التنموي و ارساء قواعد التعددية و السلم عبر مقاربات و مسارات مختلفة لان هذه الدول اغلبها رهين الخيار الوحيد و ليس البدائل.

ابعاد المقاربة النخبوية لحل المعضلة الأمنية في منطقة الساحل :

لقد حرصت الدول محل تماس مع الساحل  على نهج العديد من المقاربات ، في سبيل ترسيخ الأمن بمنطقة السّاحل الإفريقي ،و ذلك بالتركيز على مسألة العمل الجماعي لدول  الساحل و الميدان ، وقد كان للشّق الأمني في المساعي الجزائرية ، الإهتمام الأكبر ضمن هذه المقاربات ، و ذلك وفق عديد الخطوات و الإجراءات نذكر منها :

  • توقيع إتفاقية مكافحة الإرهاب و الوقاية منه سنة 1999 .
  • إنجاز ما سمي بـ “مخطط التحرك” ، الذي يسمح بتقوية الإمكانات المتاحة لدى دول الميدان (الجزائر، النيجر ، مالي ، موريتانيا) بهدف مكافحة مختلف الجرائم العابرة للحدود الوطنية .
  • العمل على تجريم دفع الفدية للجماعات لإرهابية ، الذي تجسد في اللائحة رقم 1904 الصادرة عن مجلس الأمن الدولي بـ ديسمبر 2009 .
  • النجاح في إستصدار قرار من مجلس السلم و الأمن الإفريقي بـ سبتمبر 2009 ، القاضي بتشكيل جيش نظامي قوامه 25 ألف جندي مشكل من الدول التالية : (الجزائر ، ليبيا،مالي، النيجر، موريتانيا) .

وقد ركزت الجزائر من خلال مقارباتها الأمنية ، على التأكيد على ستة 06 نقاط أساسية هي :

  • إنشاء قاعدة بيانات موحدة تتضمن كافة المعلومات المتاحة حول تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي .
  • إتفاق كل من الجزائر ومالي والنيجر، ليبيا وموريتانيا على السماح لهيئات الأركان للجيوش الخمسة بالمطاردة المستمرة للجماعات المسلحة .
  • الإتفاق على التعاون العسكري بين هذه القوى النظامية الموحدة ومقاتلي قبائل الإفريقية المتفرقة عبر أراضي دول الميدان الأخرى .
  • تقديم حوافز مادية لمن يعلم السلطات الأمنية عن أماكن تواجد الجماعات الإرھابية .
  • تجفيف مصادر تمويل الإرھاب والتصدّي للمهربين وتنفيذ مشاريع إستثمارية في مالي والنيجر.
  • تكثيف الرقابة على منطقة الصحراء ومراقبة مناطق الأودية والمرتفعات التي يسهل فيها إختفاء المركبات .

اعداد : حفيان عبد الوهاب –  أستاذ جامعي –  المركز الجامعي أمين العقال الحاج اخموك بتامنغست 

 

المحور الثاني : جهود الاتحاد الإفريقي، والمؤسسات الإقليمية تجاه التحدي الإرهابي.

المطلب الأول: التحدي الإرهابي في أفريقيا.

يعد الإرهاب واحداً من التحديات التي أرهقت القارة الإفريقية، وشهدت القارة في العقد الأخير تطوراً ملحوظاً في قضية الإرهاب، متمثلاً في تزايد الحركات والجماعات، وفي ارتفاع نسبة العمليات الإرهابية، ووفقاً لبعض الإحصاءات فإن معظم هذه  الجماعات (1)  ينتشر من أقصى الساحل الأفريقي بالغرب إلى أقصى الساحل الأفريقي في الشرق،  وصدرت بيانات قام بجمعها مركز الديانات والجغرافية السياسية (CRG) تشير إلى أن القارة الأفريقية عانت ما لا يقل عن 1426 حادثة من حوادث العنف المتعلقة بالإرهاب فيما بين 1 يناير 2016 و 30 سبتمبر 2016 وقد يرجع السبب في ذلك إلى عدة عوامل، منها البنية الهشة للدولة الإفريقية، وعدم الاستقرار السياسي، وتفشي العنف والحروب المسلحة، وتداخل الأفكار المتطرفة مع التركيبة التاريخية والاقتصادية والاجتماعية للقارة.

ولا يقتصر هذا الانتشار المرعب للإرهاب في القارة في منطقة بعينها، بل لا تخلو منطقة من مناطق القارة من وجود تهديدٍ إرهابيٍّ، حيث جاء في مذكرة للرئيس الجزائري “بوتفليقة” بصفته منسِّقاً لشؤون مكافحة الإرهاب بالاتحاد الإفريقي عُرضت أمام قمة الاتحاد “أن هناك أكثر من 5000 أفريقي من جنسياتٍ مختلفةٍ ينشطون مع  الجماعات الإرهابية في القارة وفي مناطق النزاعات المسلحة الأخرى” (2)  ومع ذلك يمكن القول أن قوَّة وفاعلية الجماعات الإرهابية في القارة تختلف من منطقة إلى أخرى، كما أن تداعياتها أيضا تختلف من دولة إلى أخرى، ففي عام 2013 بلغ عدد الهجمات في أفريقيا 789 وسببت في وفاة 11,180 شخص، ومقارنة مع السنتين 2012 و2013 ارتفعت عدد الهجمات إلى 155% و 104 % على التوالي، وفقاً لتقرير المركز الإفريقي للبحوث والدراسات الإرهابية.

ففي منطقة الشمال والساحل الإفريقي التي تعتبر أكثر المناطق تعرضا للعمليات الإرهابية في أفريقيا، يشير تقرير صادر من مركز «دراسات الإرهاب» بالولايات المتحدة لعام 2016 على ارتفاع نسبة الهجمات فيها من 206 عملية إلى 235 عملية، وفي تقرير سابق لنفس المركز، جاء فيه أن معدلات العمليات الإرهابية (3) التي وقعت في المنطقة ارتفعت إلى 289 عملية إرهابية خلال 2014 (4) ما يمثل ارتفاعًا بنسبة 800%، مقارنة مع سنة 2001، وهي سنة توسيع تنظيم القاعدة لعملياته الإرهابية في مناطق مختلفة من العالم (5).

وفي نيجيريا استغلت جماعة “بوكو حرام” الحـدود الـتي يسهل اختراقها بين نيجيريا والكاميرون وخطفت رعايا أجانب في كاميرون، كمـا تـسببت الأنـشطة الإرهابيـة الـتي قامت بها الجماعة في نـزوح مـا يقـدر بــ 45.000 مـن اللاجـئين والمهـاجرين العائــدين النــيجيريين، إلى تــشاد وكــاميرون والنيجــر(6)،   كما أصـبح وسـط أفريقيـا أيـضاً الـساحة الرئيـسية لعمليـات جـيش الـرب للمقاومـة (The Lord’s Resistance Army)، والـذي يعتـبره الاتحـاد الإفريقي جماعة إرهابية، وهو مسؤول عن ارتكاب انتهاكات خطيرة واسعة النطاق، وقام بتنفيذ معظم المذابح التي شهدتها جمهورية إفريقيا الوسطى عام 2015م.

وما بين كلٍّ من مالي وموريتانيا شاهدنا نشاطاً واسع النطاق لجماعاتٍ إرهابية توصف بأنها خطيرة، منها تنظـيم القاعـدة في بـلاد المغـرب الإسـلامي، وجماعـة التوحيـد والجهاد في غرب أفريقيا، وجماعة أنصار الدين، حيث استغلت هذه الجماعات التدهور الأمني في كلا البلدين، فتضاعفت قدراتهم العسكرية والهجومية، فإذا أضفنا إلى ذلك تلك العمليات الإرهابية التي وقعت في شـرق أفريقيـا مــؤخراً كالهجوم الذي وقع علـى “مجمـع ويـست غايـت” التجـاري في نـيروبي في سـبتمبر 2013 و سلـسلة الحوادث الفردية التي تراوحت بين تفجـيرات والقبض على أشخاص متورطين بالإرهاب في منطقة جنوب أفريقيا، نعلم يقينا مدى انتشار وتوطُّن الإرهاب في القارة، وحتَّم ذلك ضرورة تحرك المسؤولين في الاتحاد الإفريقي وفي المؤسسات الإقليمية لتجاوز هذه الأزمة.

المطلب الثاني: جهود الاتحاد الإفريقي في مكافحة الإرهاب.

كان ظهور الإرهاب الدولي  في أفريقيا في مطلع التسعينات، وبدأت خطورتها تتوسع وتكبر يوما بعد يوم، وخاصة بالتزامن مع تفجيرات نيروبي عام 1998، ثم تبعتها أحداث 11 سبتمبر، بعد هذين الحدثين بدأ تعاطي الاتحاد الإفريقي مع الإرهاب يتّخذ بعداً أكثر جدّية، فبعد أحداث “نيروبي” بسنةٍ واحدةٍ وأثناء القمة الـ 35 لمنظمة الوحدة الإفريقية عام 1999 تبنت المنظمة اتفاقية الجزائر، واعتُبر أول اتفاقية على مستوى المنظمة والدول الإفريقية في إطار مكافحة الإرهاب (7) وفي عام 2002 تم تعزيز الاتفاقية بوضع برنامج عمل بين دول الاتحاد وذلك لتأكيد تعهدات الدول الإفريقية في تحجيم ومضايقة الجماعات الإرهابية، من خلال سن تشريعاتٍ تهدف إلى توقيع أشد العقوبات على من تورط في الأعمال الإرهابية، بالإضافة إلى التعاون البوليسي، وتبادل المعلومات، وقمع وسائل تمويل الإرهاب، وفي يوليو 2004 تم تبني البروتوكول الإضافي على الاتفاقية؛ والذي كان الإطار القانوني لإنشاء مجلس السلم والأمن الأفريقي والذي مهمته مكافحة الإرهاب الدولي بجميع أشكاله (8) . 

بداية من تلك الحقبة إلى الآن تأرجح مستوى تعامل الاتحاد مع قضية الإرهاب بين القرارات والتعهدات والبرامج التي تبناها بين الفينة والأخرى حيال القضية، ففي عام 2009 قرر الاتحاد الإفريقي تجريم الفدية التي تقدم إلى الجماعات الإرهابية من أجل تحرير الرهائن، وفي عام 2010 تم تعيين ممثل عام للاتحاد الإفريقي للتعاون في مجال مكافحة الإرهاب، وفي يوليو 2011 تبنى الاتحاد قانونا أساسيا لحث الدول الأعضاء على تعزيز قوانينهم الوطنية في مكافحة الإرهاب(9). 

لم تكن جهود الاتحاد الإفريقي على مستوى التحدي الإرهابي الذي اجتاح القارة، ففي حين ركزت المنظمة جهودها في الجانب التشريعي أهملت في الوقت ذاته جوانب ذات أهمية كبيرة وأساسية في التعامل مع قضية الإرهاب، فعلى الرغم وجود المركز الإفريقي للبحوث والدراسات الإرهابية (ACSRT) –وهو المركز الوحيد على مستوى القارة في هذا الشأن- فدول القارة تفضل الاعتماد على الدراسات الأجنبية في وضع خططها لمكافحة لإرهاب؛ هذا للدلالة على عدم إعطاء الأولوية لأهمية البحوث والدراسات الإفريقية في هذا الشأن، وبالتالي دعم المركز في هذه المهمة، أضف إلى ذلك ضعف التنسيق على مستوى الأجهزة الاستخباراتية للدول ونقص المعدات اللازمة للجيوش والوحدات الخاصة، ويرجع كل ذلك إلى شحٍّ في الموارد التمويلية للمنظمة.

 وبما أن الدول الإفريقية والاتحاد بحد ذاته يفتقدون إلى بحوث ودراسات حقيقة حول الإرهاب المحلي والدولي الموجود في القارة؛ للوقوف على أسبابها الحقيقة لمعرفة طرق معالجتها، وأن معظم الاستراتيجيات توضع وفق الدراسات الدولية التي أغلبها لا تمت بصلة بالواقع الأفريقي، بل روعيت فيها مصالح القوى العظمى بذاتها، وجد الاتحاد نفسه عاجزاً في بلورة استراتيجية مشتركة وناجحة لوضع حد للعمليات الإرهابية أو التقليل منها، وهذا ما خيب الأمل لعديد من الدول الإفريقية، فبدأ التعويل على الجهود الإقليمية والجهود الدولية خارج إطار الاتحاد الإفريقي.

المطلب الثالث: المؤسسات الإقليمية في مكافحة الإرهاب في أفريقيا.

بدأ العمل الإقليمي في القارة الإفريقية بعد استقلال الدول مباشرة، وكان الهدف منها تحقيق التنمية الاقتصادية للدول، حيث كانت هي التحدي الأبرز في أفريقيا آنذاك، تضلعت هذه المؤسسات الفرعية بجانب مهمة التنمية الاقتصادية بالإضافة لمهمات أخرى، حيث وجدت نفسها مضطرة لسد ثغرات منظمة الاتحاد الإفريقي، وفي الآونة الأخيرة أصبح من أكثر الملفات حضورا في أجندة المؤسسات الإقليمية الإفريقية ملفُّ الأمن وسبل تحقيقه؛ كمطلبٍ رئيسي لتحقيق التنمية المنشودة في القارة،  وبما أن الإرهاب أحد أكبر المهددات للأمن الأفريقي ورَّطت المؤسسات الإقليمية نفسها في قضية مكافحة الإرهاب.

في شرق إفريقيا يجتمع 8 دول في منظمة التجمع الإقليمي للتنمية (IGAD) وفي منظمة جماعة شرق أفريقيا   (EAC) (10)، إلا أن الأُولى كان أكثر اهتماماً لملفات الإرهاب، ففي سنة 2006 أطلقت (IGAD)  برنامجاً لمدة أربع سنوات في العاصمة الإيثوبية (أديس أبابا) سماها برنامج بناء القدرات لمكافحة الإرهاب (Capacity Building Program Against Terrorism) اهتم البرنامج ببناء القدرات والثقة في منطقة الشرق الإفريقي، بجانب العمل الجماعي المُركَّز مع الأعضاء في المنطقة والشركاء الدوليين بمختلف المستويات، وركز البرنامج على خمسة عناصر مهمة هي: تعزيز الإجراءات القانونية، العمل لتعزيز التنسيق بين أعضاء المنظمة في مجال مكافحة الإرهاب، تعزيز الرقابة على الحدود، التعاون في مجال التدريب وتبادل المعلومات، وضع إطار استراتيجي مشترك (11).

وفي وسط أفريقيا كان مسرح العمليات الإرهابية في دولتي تشاد وكاميرون باستهداف مباشر من جماعة بوكوحرام، فقرر رؤساء الدول الأعضاء في لجنة حوض وبحيرة تشاد (CBLT) في مؤتمرهم العادي بتاريخ 7 أكتوبر 2014 في نيجر إطلاق قوات خاصة إقليمية لمواجهة الخطر الإرهابي من جماعة بوكوحرام، وتم تحديد تاريخ 20 نوفمبر 2014 لبداية عمل هذه القوات (12) وتأخر تفعيل هذا القرار حتى 20 يناير 2015، حيث أعلنت كاميرون مشاركة 2450 جندي، و أعلنت تشاد مشاركة 3000 جندي (13)، فيما أعلنت دولة بنين إرسال 800 جندي  وبمشاركة من نيجريا والنيجر توقعت الدول أن يصل العدد إلى 8700 جندي، وبدأت هذه القوات بالفعل مطاردة جماعة بوكوحرام وتنفيذ عمليات عسكرية ضد الجماعة.

بينما تنضوي دول غرب أفريقيا تحت مظلة “المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا” وفي داخل المنظمة تضلَّعت لجنة المجموعة (ECOWAS Commission) – وهي إحدى المؤسسات الفرعية للمنظمة- مهمة تحقيق رؤية الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا تجاه السلم والأمن، ويوجد داخل اللجنة قسم إدارة الشؤون السياسية والسلام والأمن (PAPS) وهي المعنية بإدارة ملف الإرهاب داخل المجموعة، ومن أهدافها تعزيز الأمن من خلال المساعدة في مكافحة الجرائم العابرة للحدود، – بما فيها الإرهاب الدولي- وانتشار الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة، والألغام المضادة للأفراد (14)  وفي الاجتماع العادي لدول المجموعة في “دكار” طلب رئيس اللجنة من الرؤساء التفكير في إنشاء قوات إقليمية خاصة للتعامل مع الإرهاب في المنطقة ولم يتلقَّ هذا الطلب خطوات جادة من صناع القرار في المنظمة.

بجانب هذه الجهود الإفريقية من خلال المؤسسات الإقليمية، وهي تُعدُّ قاصرة بالمقارنة مع التحدي الموجود وُجدت مبادرات دوليةٌ أخرى خارج الاتحاد الإفريقي، منها مبادرتان قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية، الأولى هي مبادرة “الشراكة لمكافحة الإرهاب عبر الصحراء” (TSCTP) والتي تأسست عام 2005، وتضم من الشركاء كل من: الجزائر، وبوركينافاسو، والكاميرون، وتشاد، ومالي، وموريتانيا، والمغرب، ونيجيريا، والنيجر، والسنغال وتونس، وقد تطورت هذه المبادرة لتعزيز قدرات الدول المشاركة في ظل الدعم الأمريكي المستمر ومساعدة بعض الدول كالجزائر والمغرب، والمبادرة الثانية هي “الشراكة لمكافحة الإرهاب في إقليم شرق أفريقيا” (PREACT)، وتأسست في عام 2009، بتمويل من الولايات المتحدة أيضا، وتشمل مجموعة من الشركاء هم: جيبوتي، وإثيوبيا، وكينيا، وتنزانيا، وأوغندا، وبورندي، وجزر القمر، ورواندا، وسيشيل، وجنوب السودان، والسودان (15).

فيما أطلق الاتحاد الأوربي مبادرة في 2011 سماها (الاستراتيجية الأمنية والتنموية للساحل)، انطلقت هذه المبادرة بعد أن قتلت القاعدة في المغرب الإسلامي مواطنا فرنسياً، فأنشأ مجلس الشؤون الخارجية للبرلمان الأوربي فريق عمل تمخَّضت منه هذه الاستراتيجية، بمشاركة من المكتب التنسيقي لمكافحة الإرهاب للبرلمان الأوربي.

 وتعتبر هذه الخطوة انتهازية بامتياز، حيث يرجع سبب هذه الاهتمام إلى أن أوربا تنظر إلى منطقة الساحل على أنها منطقة غنية بموارد الطاقة والمعادن، فموريتانيا لها ودائع من المواد الخام من الحديد الذي يحتاج إليه أروبا، والنيجر هي الدولة الرابعة المنتجة لليورانيوم في العالم، ويغطي 8% من الانتاج العالمي، و12% من احتياجات أروبا لهذه المادة، كما أظهر بعض الكشوفات عن ودائع من البترول والغاز على طول تشاد والنيجر وموريتانيا، والآن بدأت أوربا تفكر في سبل استخدام الغاز من نيجريا عبر الأنابيب مباشرة إلى أروبا (16) فكان هذا الاهتمام الأوربي بجانب الاهتمام الأمريكي حلقة أخرى من حلقات صراع النفوذ بين القوتين ووضع السبل الأمثل لامتصاص خيرات القارة.

المحور التالث: المجموعة (5) للساحل الإفريقي، النشأة والتكوين.

المطلب الأول: الساحل الأفريقي الإطار الجغرافي والجيوسياسي.

عند تحديد منطقة الساحل الأفريقي يجب أن نضع في الاعتبار المعيار الجغرافي والمعيار الجيوسياسي والمعيار الاستراتيجي، لأن المنطقة وفق هذه المعايير تتسع وتضيق تبعاً للمعيار الذي تم الأخذ به، ولذا نجد البرامج التي تهتم بالمنطقة تختلف أحيانا في تعريفها وتحديدها.

فمن الناحية الجغرافية يطلق الساحل على الشريط الممتدّ من إريتريا إلى موريتانيا، ويفصل بين أفريقيا الشمالية وأفريقيا جنوب الصحراء، ويشمل كلا من بوركينا فاسو ومالي والنيجر ونيجيريا والسنغال والسودان (17) وهي منطقة قديمة وعريقة تاريخيا، وتطلق أحيانا كلمة الساحل مع كلمة الصحراء (الصحراء-الساحل) لتشمل المنطقة المذكورة بالإضافة إلى بعض الدول من الشمال الإفريقي هي الجزائر وليبيا والمغرب وتونس (18) ومن الناحية الجيوسياسية تعتبر المنطقة ذات أهمية وتأثير مباشر في عدد من الدول المجاورة، ما جعل بعض التعريفات تدمج في المنطقة دولاً مثل غامبيا وغينيا بيساو (19) وفق هذا المعيار يمكن اعتبار كاميرون وساحل العاج وغينيا دولاً ساحلياً لعلاقاتها المباشرة مع دول هذه المنطقة سياسياً وأمنياً.

اعتمدت دول المجموعة (5) للساحل تعريفا ضيقاً للمنطقة، وذلك بالاعتماد على الدول الرئيسية والأكثر تأثيراً فيها، وهي الدول الخمسة التي شكلت المجموعة، (بوركنا فاسو ومالي و النيجر وموريتانيا وتشاد) وهو تعريف أخذ في الاعتبار المعيار الاستراتيجي، ووفق هذا التعريف تبلغ مساحة الساحل 5.097.138 كلم2 ويبلغ عدد المواطنين فيه، 69.161.109 نسمة وفق تقديرات 2015  (20) وإذا ذكر الساحل في هذا السياق تقصد به المنطقة التي تشمل هذه الدول فقط.

 كانت المنطقة ومازالت محور اهتمام دولي كبير، كما شهدت أخيراً صراعاً في النفوذ بين فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، لأن أغلب دولها تعتبر مستعمرات فرنسية قديماً، لذلك تدعي فرنسا حقها التاريخي المزعوم في المنطقة، بينما أمريكا تسعى هي الأخرى إلى فرض وجودها في المنطقة ونجحت بالفعل في إنشاء قاعدة عسكرية لها في نيجر، وبدأت بالفعل بناء هذه القاعدة التي ستكلفها 100 مليون دولار (21) بينما مازالت فرنسا تسيطر على العمليات العسكرية الجارية في “مالي” باسم عملية “سيرفال” التي بدأت 2013 وحلّت مكانها عملية “برخان” في أغسطس 2014م (22).

وفي السنوات الأخيرة شهد الساحل الإفريقي ظروفا استثنائية صعبة بفعل الإرهاب، حيث ورد في تقرير للمركز الإفريقي للبحوث والدراسات الإرهابية (ACSRT) سنة 2013 أن الغرب والساحل الأفريقي هي المنطقة الأكثر تعرضا للإرهاب في أفريقيا (23) ويرجع السبب في ذلك إلى عدة عوامل رئيسية، شكلت تلك العوامل ظروفاً مناسبة لإنشاء المجموعة (5) لدول الساحل.

المطلب الثاني: ظروف نشأة المجموعة (5) للساحل الإفريقي.

في 16 فبراير 2014 اجتمعت الدول الخمس (موريتانيا، بوركنا فاسو، تشاد، نيجر، مالي) في العاصمة الموريتانية نواكشوط للتوقيع على الاتفاقية المنشئة لهذه المؤسسة، ثم سميت بعد ذلك بـ (المجموعة 5 للساحل)، نسبة لعدد الدول الخمس التي وقعت على هذه الاتفاقية، وهي كلها دول تشكل محوراً أساسيا لدول منطقة الساحل وإن لم تحتضن المجموعة كل دولها كما تم بيانه، وقد نشأت المجموعة في ظروف يمكن حصرها في العوامل الآتية:

1- تصاعد وتيرة العمليات الإرهابية في منطقة الساحل:

بعد سقوط جزء من مالي في أيدي بعض الجماعات المسلحة، وفقدت “مالي” السيطرة على جزء كبير من شمال البلاد، وجد بعض الحركات الإرهابية فرصة لتوسيع عملياتهم، وفي الوقت ذاته وجد الإرهاب ذريعة للتمدد بعد توسيع فرنسا عملياتها العسكرية من خلال عملية “برخان”  فكان ذلك بمثابة تنشيط لبعض الجماعات الإرهابية، كما أنه سرعان ما تقوّت هذه الحركات بفضل الدعم المتواصل من جانب نظيراتها في الساحل والغرب الأفريقي، هذا الدعم تجاوز عمليات التدريب وتقديم المساعدات المالية ليشمل المشاركة الميدانية في مواجهة القوات الدولية، وقد جاء هذا الدعم بالأساس لجماعات مثل “أنصار الدين”، و”التوحيد والجهاد” في غرب أفريقيا كما ظهرت تقارير تشير إلى وجود تفاهمات بين التوحيد والجهاد والقوات الفرنسية (24)  وتعهدت حركة أنصار الدين بمواصلة المعارك ضد الجيش الفرنسي والجيوش الإفريقية المشاركة معه، وذلك بعد خروجها من مدينتي “تمبكتو” “وكيدال” اللتين كانت تسيطر عليهما قبل التدخل.

تصاعدُ وتيرة العمليات الإرهابية كان شاملاً لدول الساحل، حيث ورد في آخر تقرير للمركز الإفريقي للبحوث والدراسات الإرهابية سنة 2014، أن الهجمات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء وغرب أفريقيا، ارتفعت من 220 في عام 2013 إلى 254 في عام 2014 فيما وصل عدد الضحايا إلى 6052 شخص، وهي زيادة وصلت إلى 100% بالمقارنة مع العام الذي سبقه (25).

2- التشكُّل الجديد لخارطة الجماعات الإرهابية.

مع الانفلات الأمني في المنطقة، والتغيرات التي حصل في الساحة الإقليمية والدولية، تغيرت معها تلقائيا خارطة الحركات الإرهابية في المنطقة، بتأثيرٍ من تلك التغيرات، وهذا التغيُّر كان في صالح الحركات والجماعات الإرهابية إلى حد كبير، هذا ما جعل أربع جماعات يدخل في تحالف جديد، يُدعى”جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”، بقيادة “إياد آغ غالي”، ويضم التحالف “أنصار الدين” (آغ غالي) و”المرابطون” (يتزعمها مختار بلمختار) و”إمارة منطقة الصحراء” (تتبع القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي)، و”كتائب ماسينا” (وسط مالي) (26) انضافت إلى هذا العامل مبايعةُ جماعة بوكوحرام لداعش من جانب، ومن جانب آخر تأسيس حركات أخرى منشقة، مثل داعش الصحراء بقيادة “أبي الوليد”، وهذه الجماعة هي التي تبنت هجمات في كل من بوركينافاسو والنيجر، كما كان للوضع الليبي أيضا أثر مباشر في تكوين خلفية قوية للحركات الإرهابية في الساحل، خاصة مع ظهور داعش ليبيا التي سيطرت على أجزاء من ليبيا منذ نهاية 2014م (27). 

3- فشل بعض المبادرات الإقليمية والدولية.

يؤكد بعض الباحثين (28) أن انتشار التنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء هو نتاج تضافر العديد من العوامل، من أبرزها تردَّي الأحوال المعيشية في الدول الأفريقية، والتدخل الأجنبي السافر في شؤون القارة، وانتشار الجماعات التبشيرية بشكل كثيف، وسهولة التنقل بين الدول وبعضها البعض، هذا علاوة على الطبيعة الداخلية، الاقتصادية والعرقية والقبلية، للعديد من الدول التي تشجع على إفراز تنظيمات متشددة، في كل من موريتانيا والجزائر ونيجيريا ومالي، في ظل هذا الانتشار وجدت مبادرات إقليمية ودولية، فيما يخص المبادرات الإقليمية بعضها مجرد تعهُّدات لم تنفذ، كالمبادرة التي تعهدت بها “إيكواس” لإنشاء قوة مشتركة لمكافحة الإرهاب في اجتماعها العادي الـ (49) الذي انعقد في “دكار”، وبعض المبادرات نُفِّذت لكن لم تؤت ثمارها حتى الآن كمبادرة لجنة حوض وبحيرة تشاد (CBLT)، أما المبادرات الدولية فالراجح أنها لم يكن الغرض منها القضاء على الإرهاب بقدر ما أنها اتَّخذت من الإرهاب ذريعة للتدخل في الشؤون الإفريقية وتبرير سياساتها التوسعية والاستعمارية، وليس التدخل الفرنسي وبناء القاعدة الأمريكية في النيجر استثناء من هذا التوجه.

ففي ظل هذه الظروف والعوامل تأتي نشأة المجموعة (5) للساحل، ولا شك أن الاعتبار الأمني كان الأوفر حظا في اهتمامات المجموعة، وتكونت المجموعة من خمسة أجهزة، منها أمانةٌ عامةٌ تنفيذيةٌ، تضلَّعت بالأمور الإدارية للمجموعة.

المطلب الثالث: أجهزة المجموعة.

حصرت المادة (6) من الاتفاقية المنشئة أجهزة المجموعة في خمسة أجهزة هي:

– مؤتمر رؤساء الدول.

– مجلس الوزراء.

– لجنة الدفاع والأمن.

– الأمانة الدائمة للمجموعة.

– لجان التنسيق الوطنية.

فمؤتمر رؤساء الدول يتألف من جميع الرؤساء الأعضاء في المجموعة، وهو الهيئة العليا لها، وهو جهاز اتخاذ القرار ووضع السياسات العامة والخيارات الاستراتيجية، كما يضمن إدارة جميع الأعمال السياسية والأمنية للمجموعة، ويجتمع المؤتمر في دورة عادية مرة في كل سنتين، بينما مجلس الوزراء والذي يضم الوزراء المسؤولين عن التنمية، هو الهيئة المسؤولة عن تنفيذ سياسة المجموعة على النحو الذي حدده مؤتمر رؤساء الدول، ويجتمع مجلس الوزراء مرتين في السنة، ولجنة الدفاع والأمن هي المنوطة بالمسائل الأمنية لبلدان منطقة بما فيها مكافحة الإرهاب، وتتألف اللجنة من رؤساء الأركان وضباط الأمن المندوبين من دولهم، ويرأسها رئيس الأركان العامة للجيوش للدولة التي ترأس المجموعة.

ووُكِّلت الأعمال الإدارية إلى الأمانة الدائمة وإلى لجان التنسيق الوطنية، فتكون الأمانة مسؤولة عن رصد وتقييم تنفيذ استراتيجية التنمية والأمن، وعن حشد الموارد المالية لتمويل استراتيجية التنمية المستدامة، وتتألف من فريق من الخبراء ذوي اختصاصات متعددة، فيما تتألف لجنة التنسيق الوطنية أيضا من خبراء وطنيين وتكون مسؤولة عن رصد وتنفيذ البرامج والمشاريع في قطاعاتهم (29).

هذا من حيث التنظير أما من حيث الواقع وممارسات المجموعة فإن معضلة سيادة المجموعة واستقلاليتها تبقى محكاًّ كبيرا في واقع المجموعة، وسيتضح ذلك عندما نورد الدور الفرنسي المشبوه في منطقة الساحل في المطلب الأخير من الدراسة.

المطلب التالث:قوات تحالف الساحل G5 : المنهجية .. التحديات

لقد تفاقم الوضع في الساحل الأفريقى فى السنوات العشر الأخيرة، خاصة في مجال الأمن،  وسقطت مساحات شاسعة من الأراضي في حلقة مفرغة للجماعات الإرهابية ، وتنامت الأنشطة غير المشروعة، ومازالت المنطقة مهددة بتزايد الجماعات الإرهابية بعد انتكاسة داعش فى سوريا والعراق، والمواجهة بين التنظيمات الإرهابية، وأيضاً خريطة التحالفات فى السنوات الأخيرة بين الجماعات الإرهابية، وهل ستكون حروب صليبية واستعمار جديد لمنطقة الساحل الأفريقى ؟

وجاءت قوات تحالف الساحل G5 من حتمية التشابه الجغرافي، التاريخي، الثقافي واللغوي، استجابة لتفاقم الأزمة في دولة مالي وتداعياتها الإقليمية، وللحد من توغل الجماعات المسلحة وأهمية تضافر القوى الإقليمية فى ظل تزايد الجماعات الإرهابية وحروب العصابات.

وتسعى هذه الورقة البحثية للإجابة على هذه التساؤلات التالية :
ما قوات التحالف G5 ؟ وما الدوافع المؤدية لتشكيل هذا التحالف ؟ وما التحديات والمنهجية الجديدة لقوات التحالف فى الساحل الأفريقى؟ وهل قوات التحالف G5 مبادرة أفريقية أم فرنسية؟

أولاً- السياقات العامة لتشكيل قوة عسكرية إقليمية فى منطقة الساحل:

تم إطلاق القوة المشتركة للساحل G5، فى فبراير 2014 وفُعلت رسمياً فى 2يوليو 2017، فى العاصمة المالية (باماكو)  من قبل دول الساحل الأفريقس: (بوركينافاسو، مالى، موريتانيا، النيجر، تشاد)، تتألف القوة من 5000 جندي من الدول الخمس، وهذه القوى تجمع بين مدنية، عسكرية، شرطية، وتتوزع على ثلاثة مناطق:

1- الغربية: مالى وموريتانيا .

2- الوسطى: بوركينافاسو ومالى والنيجر.

3- الشرقية: تشاد والنيجر.

خرطة رقم (1): توضح قوات التحالف الخمسة فى الساحل الأفريقي

*المصدر: http://www.aberfoylesecurity.com/?p=3978

وهذه القوة المشتركة G5 ، جاءت دافع من الدول الأفريقية كنمط جديد من المبادرات الجماعية للدفاع الجماعي، لفشل المنظمات الإقليمية والقارية فى الحفاظ على الأمن في منطقة الساحل الأفريقي، ويطلق المتخصصون على هذا النمط الجديد من التحالف قوى مخصصة .

والسند القانوني لهذه القوات يرجع إلى قرار مجلس الأمن وأطلق على هذا التحالف (العملية الاستراتيجية)، أما الاتحاد الأفريقي فأطلق عليها (مبادرة استراتيجية) .

ويقدم الاتحاد الأوروبي دعم لتحالف G5  على ثلاث مسارات رئيسية على النحو التالي:

• الشراكة السياسية: من خلال اللقاءات والحوارات التى يتم عقدها مع وزراء خارجية الدول الخمس لتحالف الساحل من أجل تعزيز التعاون في مجالات الاهتمام المشتركة مثل الأمن،  الهجرة، مكافحة الإرهاب، توظيف الشباب، الاستجابة الإنسانية والتنمية على المدى البعيد.

• المساعدة التنموية: بتقديم المساعدات الإنمائية، ودعم جهود التنمية  للمنطقة.

• الدعم الأمني: يشن الاتحاد الأوروبي المبادرات الأمنية الإقليمية، لتحسين الأمن الإقليمي ومكافحة الجماعات الإرهابية.

وتؤمن دول التحالف بأن العمل المشترك هو الحل لمواجهة التحديات الراهنة والمقبلة، ويثار لدى البعض بأن قوة التحالف G5 مبادرة فرنسية، لكنها مبادرة أفريقية بعد التدخل الفرنسي في مالي من أجل إعادة استغلال إدارة الصراعات، فالعمليات التي قامت بها فرنسا : سيرفال ، برخان تفتقد أجندة زمنية وأهداف محددة وتغطية مالية ولابد ترك الحكومات المحلية حل الأزمة بنفسها . فهى مبادرة حقيقية من جانب الحكومات الفرنسية الخمس ، ولكن هناك تشجيع سياسى من جانب فرنسا ودعم مالى من دول الخليج ، ولكن لماذا كل هذا الزخم المؤيد لقوات تحالف الساحل الأفريقى ؟ نلاحظ أن دولة فرنسا تعمق تواجدها فى منطقة الساحل وغرب أفريقيا نظراً للإرث الاستعمارى لها فى هذه المنطقة ، فكانت الدول الخمس ( مالى ، النيجر ، بوركينافاسو ، تشاد ، موريتانيا ) جزء من الإمبراطورية الفرنسية ومن بعدها الاتحاد الفرنسى ، أما بالنسبة لدول الخليج ، وفى مقدمتها المملكة العربية السعودية ، والإمارات ، فقوات التحالف الخمس توفر لهم وسيلة لمواجهة الحركات الإرهابية التى تهدد أسرهم الحاكمة .

ثانياً:  تطور  و تفعيل المنهجية الجديدة لقوات التحالف G5

الاستجابة لابد أن تكون سياسية ، عسكرية ، متعلقة بالتنمية ، والمنهجية الجديدة لتحالف الساحل أكثر شمولية ، من أجل مواجهة انعدام الأمن ومكافحة الجماعات الإرهابية فى هذه المنطقة . و من نهج العلاقة بين الأمن والتنمية ، تكُمن  أداة التنمية فى الدفاع والأمن من ناحية ، والتطوير من ناحية أخرى ، وتأتى استراتيجية التنمية لتحالف G5 فى إطار الأمانة العامة للتحالف .

فهل تنجح مجموعة الخمس لقوات تحالف الساحل الأفريقى كما نجحت مجموعة الثمانى والتى تضم الدول الصناعية الثمانية الكبرى فى العالم ، وأيضاً مجموعة العشرين والتى أنشئت تبعاً لمجموعة الثمانى ؟

شكل رقم (1) يوضح العلاقة بين الأمن والتنمية

ثالثاً: التحديات

• الإرهاب والجماعات المسلحة .

ودول ( النيجر _ مالى _ تشاد ) من أكبر 30 دولة  فى مؤشر الإرهاب العالمى تأثراً بالهجمات الإرهابية العنيفة من قبل تنظيم القاعدة وبوكو حرام والاندماج الاخير لأربع تنظيمات رئيسية مرتبطة بالقاعدة وهما على النحو التالى : تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى ، المرابطون ، أنصار الدين ، إمارة الإسلام . والتى أصبحت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين ، وسيؤدى ذلك إلى توسيع رقعة الصراع فالبعض ينشط على مستوى محلى والبعض الاخر إقليمى . وتصبح المنطقة ملاذاً أمناً للجماعات الإرهابية . ووفقاً لأدبيات التنمية البشرية نجد أن منطقة الساحل الأفريقى تعانى من : هشاشة كبيرة ، مشكلة فى السيادة ، الحدود بين الدول ، الكفاءات العسكرية وهناك ضمور لوجود الدولة .

وهناك تهديات هجينة وتعنى تداخل التهديدات من التجارة غير المشروعة وتجارة السلاح والمخدرات ، وهذه الجماعات الإرهابية لاتتوقف لعدم وجود إيديولوجية معينة ، وتنتشر بسرعة فى منطقة الساحل الأفريقى لوجود الفجوات الجيوسياسية بين حدود الدول ، ومعظم دول الساحل الأفريقى ذات أغلبية مسلمة وتقوم هذه الجماعات الإرهابية بجذب واستمالة سكانها عن طريق الطرق الصوفية ومزاعم نصرة الإسلام وغيرها … .

والسؤال الذى يمكن تطرحه : هل الحركات والجماعات الإرهابية بالمنطقة قادرة على مقاومة كافة المبادرات الرادعة لهم ؟

خريطة رقم (2) : توضح أهم بعثات وعمليات السلام فى منطقة الساحل الأفريقى

خلال الفترة ( 2013-2014 )

* المصدر : Global Peace Operations Review ، متاح على الرابط التالى : http://peaceoperationsreview.org/maps/mali-sahel/

وفقاً للخريطة السابقة يمكن تصميم جدول  رقم (1) يوضح أهم بعثات السلام فى منطقة الساحل الأفريقى

بعثات وعمليات السلام فى الساحل الأفريقى (2013-2014 )
البعثات التابعة للأمم المتحدة البعثات الغير تابعة للأمم المتحدة البعثات التابعة للاتحاد الأفريقى
  • بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار فى مالى MINUSMA
  • المبعوث الخاص للساحل
  • مكتب الأمم المتحدة فى مالى  UNOM
  • مكتب الأمم المتحدة لغرب أفريقيا UNOWA
  • قوات الاتحاد الأوروبى فى مالى
  • قوات الاتحاد الأوروبى فى النيجر
  • الممثل الخاص للاتحاد الأوروبى من أجل الساحل
  • عملية سيرفال
  • عملية برخان
  • المبعوث الخاص لمنظمة المؤتمر الإسلامى فى مالى والساحل
  • بعثة التدريب التابعة للاتحاد الأوروبى فى مالى
    • بعثة الاتحاد الافريقى لمالى ومنطقة الساحل MISAHEL
    • بعثة الدعم الدولية التى تقودها أفريقيا فى مالى  AFISMA
    • مكتب الاتحاد الأفريقى فى تشاد
    • المبعوث الخاص للاتحاد الأفريقى فى بوركينافاسو
    • المبعوث الخاص لجماعة الإيكواس فى بوركينافاسو
  • وساطة الجماعة الاقتصادية لغرب أفريقيا  ( الإيكواس ) فى مالى

اللاجئين والنازحين

ووفقاً لأجندة الاتحاد الأوروبى للهجرة عام 2015 ، والتى أطلق عليها الاتحاد الأوروبى أزمة اللاجئين ، وتدفق الاتحاد الأوروبى فى منطقة الساحل أكثر حداثة فى استراتيجية الأمن والتنمية فى منطقة الساحل الأفريقى ، وتواجه منطقة الساحل وخاصة حوض بحيرة تشاد ، حالة من النزوح القسرى فى ظل البيئة الهشة والفقر ، وتكُمن الأزمة فى الزيادة الدراماتيكية لأعداد اللاجئين ، ووجود تدفقات للهجرة المختلطة .

أولاً : اللاجئين فى تشاد

تعتبر تشاد فى المرتبة السادسة لاستضافة اللاجئين فى أفريقيا بعد أوغندا ، إثيوبيا ، جمهورية الكونغو الديمقراطية ، كينيا ، والسودان ، وحالة اللاجئين فى تشاد تنجُم عن ثلاثة صراعات فى البلدان المجاورة  على النحو التالى : حالات العنف فى دارفور فى غرب السودان ، الأزمة فى جمهورية أفريقيا الوسطى ، الاعمال العنفية التى تمارسها بوكو حرام فى نيجيريا .

ثانياً: اللاجئين فى النيجر

ويرجع تزايد أعداد اللاجئين فى النيجر إلى الأزمة التى اندلعت فى مالى عام 2011 ، والتى أدت إلى عواقب وخيمة على دول الجوار ، ويمكن رصد أعداد اللاجئين والمشردين داخلياً حسب الدولة  خلال عام ( 2012) من خلال الشكل التالى :

جدول رقم (2) : يوضح أعداد اللاجئين والمشردين داخلياً خلال عام 2012

مالى تشاد النيجر موريتانيا بوركينافاسو
عدد اللاجئين __ 347,191 61,880 54,117 37,626
المشردين داخلياً 198,558 120,000 __ __ ___

*المصدر: من تصميم الباحث استناداً إلى : Sahel Regional Strategy 2013, United Nations.

والاستجابة لحل أزمة اللاجئين تتطلب إتباع نهج شامل ، من خلال تحسين الظروف المعيشية فى الدول المضيفة ، ومعالجة نقاط الضعف التى يواجهها اللاجئين ، فيمثل النزوح القسرى أزمة للتنمية فى منطقة الساحل الأفريقى ، وتشاد والنيجر أكبر دول الساحل الأفريقى فى استقبال أعداد اللاجئين ، وضعتا خطة لمعالجة أزمة اللاجئين على النحو التالى : تعزيز الجهود القانونية للوضع القانونى للاجئين ، حرية الحركة ، الحق فى الخدمات العامة مثل الرعاية الصحية ، التعليم ، الحصول على الاراضى ، ….

وتتعاون كلاً من تشاد والنيجر مع شركاء خارجيين لإدارة أزمة اللاجئين فى منطقة الساحل مثل مفوضية الأمم المتحدة لشوؤن اللاجئين .

الجريمة المنظمة عبر الوطنية والإتجار بالمخدرات والبشر

وهناك مجموعة من العوامل التى تجعل منطقة الساحل الأفريقى جاذبة لأنشطة الجريمة عبر الوطنية  ومنها : انهيار وجود الدولة والاقتصاد التقليدى القائم على الرعى ، الفساد ، ووجود الأسلحة ، وهناك ترهُل وفساد فى المؤسسات العسكرية وحركية الحدود والمشكلات القبلية ، ومنطقة الساحل الأفريقى تربط بين أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وشمال أفريقيا ، الشرق الاوسط وأوروبا .

والجريمة المنظمة المتعلقة بتهريب الأسلحة ، نفذت من كافة التدايبر المحكمة للدول عبر التشغيل السرى لنظام النقل والوسطاء ، فتم اكتشاف مستودع سلاح حزب الله فى كانو ، نيجيريا ، وضبط حاوية محملة بأسحلة نارية ومتفجرات فى ميناء لاجوس فى عام 2011 ، وهذا دليل على إتاحة الأسلحة والإتجار بها على نطاق واسع .

وفقاً للطرح السابق ، نلاحظ مدى تقاطع المصالح بين الجماعات الإرهابية المسلحة ومهربى المخدرات والجريمة المنظمة بكافة أنواعها ، على الرغم من اختلاف الإيديولوجيات ، من خلال استفادة كلا الطرفين فالجماعات المسلحة تأخذ ضريبة الرسوم على تهريب هذه المواد المخدرة وغيرها من الأنشطة غير المشروعة ، وتأتى هذه المواد المخدرة من أمريكا اللاتنية وتتنقل عبر الساحل إلى الشمال الأفريقى ومنها إلى أوروبا .

شكل رقم (2) : يوضح الاضرار الناجمة عن الجريمة المنظمة

*Source: Mark Shaw, Tuesday Reitano and Marcena Hunter,” Comprehensive Assessment of Drug Trafficking and Organised Crime in West and Central Africa “, African Union,( 2014) .

ويظل تحديد آثار الجريمة المنظمة عملية ذاتية  ، ويرجع ذلك إلى أمرين : الأول يتمحور حول عدم توافر بيانات حول الجريمة المنظمة ، أما الأمر الثانى فيدور حول صعوبة القياس .

ويمكن معالجة أنشطة الجريمة المنظمة عبر الوطنية من خلال التالى :

تقديم برامج تدريب على الحاسوب  CBTلجميع دول الساحل الأفريقى التى ينفذها مكتب الأمم المتحدة المعينة بمكافحة الجريمة وتجارة المخدرات .

تعزيز التعاون عبر الحدود بين الدول بالتركيز على مراقبة الحدود وإنفاذ القانون المشترك .

توفير التدريب على كشف حالات الإتجار بالبشر والتحرى عنها وملاحقة مرتكبيها مع تعزيز الاحترام التام لحقوق الضحايا .

ويدعم مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة وتجارة المخدرات UNODC،جماعة الإيكواس ECOWAS  فى الجهود الرامية لمكافحة الجريمة والإتجار غير المشروع ، من خلال مجموعة من المبادرات مثل مبادرة الساحل WACI .

استراتيجيات التنمية فى منطقة الساحل الأفريقى

وتحقيق التنمية فى الساحل الأفريقى يتطلب المزيد من الجهود لاستعياب العدد المتنامى من الشباب وتهيئة الظروف الاقتصادية وتنوع عدد الشركاء الرئيسين للمساهمة فى صُنع عملية التنمية من خلال التنمية الريفية ، خلق فرص عمل للشباب ، تحسين البنية التحية للطاقة ، تعزيز الحكم الرشيد والأمن .

الجدول رقم (3): يوضح المساعدات الإنمائية والانسانية من قبل الاتحاد الأوروبى لدول الساحل الأفريقى

مالى النيجر بوركينافاسو تشاد موريتانيا
المساعدات الإنمائية( 2014 -2020) 665مليون يورو

إصلاح الدولة وتوطيد السلام
التنمية الريفية والأمن الغذائى
التعليم والبنية التحية
686 مليون يورو

الأمن الغذائى
الخدمات الاجتماعية
البنية التحية
الأمن والسلام
628 مليون يورو

الحكم الرشيد
الصحة
الزراعة
الطاقة المستدامة
الخدمات العامة
المياه
العمالة
الثقافة
542 مليون يورو

الأمن الغذائى والتغذية
التنمية الريفية
الموارد الطبيعية
تعزيز سيادة القانون
160 مليون يورو

التنمية الريفية
الحكم الجيد
الصحة
البنية التحية
المساعدات الانسانية( 2017) 34مليون يورو 42,6 مليون يورو 6,5 مليون يورو 53 مليون يورو 11,8 مليون يورو

*المصدر : من إعداد الباحث استناداً إلى تقرير صادر عن المفوضية الأوروبية لعام 2018 .

ومن خلال الجدول السابق يتضح ، حصول النجير على أعلى معدل من المساعدات الإنمائية مقارنة بباقى دول الساحل الاخرى . يليها مالى ، بوركينافاسو ، تشاد ، وتأتى دولة موريتانيا فى أقل الحاصلين على المساعدات الإنمائية ، بينما نلاحظ أن تشاد تأتى فى مقدمة دول الساحل الأفريقى فى الحصول على المساعدات الانسانية .يليها النجير ، مالى ، موريتانيا ، ونجد أن دولة بوركينافاسو الأقل فى الحصول على المساعدات الانسانية .

ويسمح التدفق النقدى من الاتحاد الأوروبى من الناحية النظرية لمجموعة التحالف الخمس بتمويل عامها الاول من العمليات وفقاً للهدف المعلن فى  الميزانية ، وعقب المؤتمر الدولى للساحل فى بروكسل فى 23 فبراير الماضى ، تم الاتفاق على تنفيذ أكثر من 500 مشروع فى الخمس سنوات المقبلة ، وذلك فى إطار التحالف مع فرنسا ، ألمانيا ، الاتحاد الأوروبى ، البنك الدولى ، بنك التنمية الأفريقى ، برنامج الأمم المتحدة الإنمائى ، ايطاليا ، أسبانيا ، والمملكة المتحدة ، ويهدف هذا التحالف المشترك إلى تحويل منطقة الساحل الأفريقى بحلول عام 2022 ، وهذه المشروعات المتعلقة بالتنمية تتمثل فى ستة قضايا رئيسية على النحو التالى :

التنمية الريفية .

توظيف الشباب .

الأمن الغذائى .

الطاقة والمناخ .

الخدمات الاساسية .

الحوكمة والحكم الرشيد .

ولكى تكون ناجحة لابد من اقتران المبادرة العسكرية بالمشاريع التنموية ، وهى أداة أمنية وتنموية ، وهذا التحالف يمثل فرصة للسكان المحليين للقضاء على الفقر وتحقيق التنمية .

البيئة

تعانى منطقة الساحل الأفريقى من تداعيات التغير المناخى بالمنطقة ، والتأثيرات البشرية من إزالة الغابات ، التصحر مماأدى إلى ارتفاع معدلات الحرارة والتى ارتفعت إلى درجتين ، ووفقاً لاتفاقية باريس للمناخ ،سيصل معدل درجات الحرارة إلى 5-6 درجات ، فضلاً عن تباطؤ سقوط الامطار .

التمويل 

وهناك ثلاث رهانات على مدى نجاح هذا التحالف لمجموعة الخمس ، الأول : الدعم العسكرى ، الثانى : التمويل ، الثالث : الاوضاع فى مالى ، وبالنسبة للتمويل تحتاج هذه القوة الجديدة إلى تمويل ضخم ، ويجب مراعاة ملائمة حجم الاستراتيجية مع التطيبيق الفعلى بالنسبة لتحالف الدول الخمس .

موقف الجزائر

وعدم التعاون الحالى مع الجهات الإقليمية الفاعلة مثل الجزائر والمغرب سيحد من تنفيذ أهداف بصورة فورية وذلك لمعرفة هذه الدول معلومات استخباراتية عن الجماعات المسلحة الإقليمية ، وترفض الجزائر تكوين هذه القوة بالقرب من حدودها الجنوبية ، ونلاحظ عزوف الجزائر على الرغم من علاقتها بالأمن فى المنطقة ، وتبرر الجزائر موقفها فى ذلك بأنها صاحبة المبادرة وهى أكثر دراية بشمال مالى ، وعلى وجه التحديد بعد فشل الخيار السلمى بين فرنسا والجزائر فى مالى .

والتحدى الرئيسى الذى يواجه قوات التحالف الخمس هو مدى تماسك هذه القوى والتنسيق الكامل بين الدول الأعضاء ، فهل ستكون عبارة عن كتائب مع قيادات وطنية أم كتيبة متكاملة ؟

وختاماً ، نلاحظ أن الدولة والحدود والارض من العوامل الرئيسية فى معادلة الأمن والتنمية فى منطقة الساحل الأفريقى ، فى إطار العلاقة بين الدولة والشعب ، والغموض حول مفهوم الدولة بين الشعب والنخبة الحاكمة ، واتساع الأراضى ووجود الصحارى يؤدى إلى فوارق تعيق وجود الدولة ، وما ينتج عنه المناطق الرمادية التى لاتستطيع الدولة فرض سيطرتها عليها وتصبح مرتعاً للإرهاب والأنشطة غير الشرعية ، وتصبح حماية الحدود أكثر تحدياً .

وعليه ، فلابد من وجود استراتيجية متكاملة ( وطنية ، إقليمية ، دولية ) . والوجود الأمنى العسكرى والمعلوماتى الاستخبارتى . وتحتاج G5 التركيز على المشروعات على المدى المتوسط ، القضايا عبر الحدود ، ومعالجة قضية التوافق مع عملية نواكشوط ، تنظيم مؤتمر للمانحين لمجموعة الدول الخمس على أساس قائمة محددة المشاريع المستهدفة وجدول تنفيذ فعلى . ويجب تجنب إنسياق هذه القوى إلى مجرد منتدى لرؤساء الدول أو الوزراء .

قوات تحالف G5 في الساحل ومواجهة الجماعات المسلحة

ترجمة: سيدي.م. ويدراوغو

تعزز مجموعة G5 في الساحل فاعلية قواتها المشتركة لمواجهة تهديدات المجموعات المسلحة العاملة في الساحل؛ وتتطلع إلى أن تجعل من نفسها نقطةً مركزية للجهود الأمنية عابرة الحدود في المنطقة.

أُنشِئَت قوات مجموعة G5 في الساحل عام 2014م نتيجة الشراكة فيما بين حكومة كل من بوركينافاسو، وتشاد، ومالي، وموريتانيا؛ وذلك لتعزيز التعاون الاقتصادي والأمني في المنطقة الساحلية؛ لكنَّ تصعيد وتيرة المجموعات المسلحة -التي تَستغِلُّ قلة الكثافة السكانية في المناطق الحدودية- تُشَكِّل أحد أبرز التحديات التي تواجه تخطيط قوات المجموعة.

ولمواجهة تلك التحديات عزَّزت مجموعة G5 جهودها الأمنية المشتركة من خلال تكوين (قوات مجموعة  G5في الساحل) في 2017م؛ وذلك لمكافحة الإرهاب، وتهريب المخدرات، والاسترقاق؛ فاعتمدها -لاحقًا- مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، ثم اعترف بها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، كما حظيت بدعم الكثير من الشركاء الدوليين.                                                                                   

غير أنه يتعين على قوات المجموعة أن تلعب دورًا رائدًا في الجهود الأمنية عابرة الحدود في المراحل القادمة على مستوى الساحل؛ لكن ما هي هذه القوات؟ وما أهدافها؟ وما هي المنهجية التي ستتبعها؟ ومع مَن ستكتمل المبادرات الأمنية المحلية أو الإقليمية؟

  لماذا كُوِّنت القوات المشتركة لمجموعة G5 في الساحل؟

جاء إنشاء قوات G5 عن خلفية اعتبار الدول الأعضاء في المجموعة بأن ضرورة الردّ على تدهور الأوضاع الأمنية الإقليمية من الأولويات الاستراتيجية، ويرجع ذلك إلى قيام مجموعات مسلحة بتهديد أمن المواطنين على مستوى الإقليم؛ مما أفرز تداعيات أمنية، واختلالات أمنية نجم عنها النزوح القسري، وتفشي الجرائم المنظَّمَة والاسترقاق.

  هذه التحديات لا تزال قائمة على الرغم من الانهيار الذي تعرضت له المجموعات المسلحة في شمال مالي في عام 2013م على يد تحالف القوة الفرنسية الإفريقية التي تم نشرها في المنطقة؛ ردًّا على استحواذ المجموعات المسلحة على مساحات كبيرة في شمال مالي، وتفعيل عملية السلام للأمم المتحدة في مالي التي تلت عملية MINUSMA إلى جانب مواصلة عملية براكان، والجهود المتواصلة لتعزيز فاعلية قوات الأمن الوطني لجميع دول المنطقة؛ مما أدَّى إلى تخفيف وتيرة التهديد.

ومع ذلك، لا تزال هناك ثمة تحديات حيث رُصِدَت ثمان مجموعات مسلحة ارتبطت بقتل 1100 ضحية منذ 2014م وحوالي 400 منها في عام 2017م، وأنشَط هذه الجماعات هي “القاعدة في المغرب الإسلامي”، وفروعها العاملة بشكل جماعي تحت شعار” جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”، و”حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا” عطفًا على “الدولة الإسلامية في منطقة الصحراء الكبرى”، وتشمل أنشطتها شنّ الهجمات على المدنيين في القرى المعزولة، ونَصْب الكمائن في المعسكرات العسكرية، والعبوات الناسفة في الفنادق والمطاعم الشهيرة في المدن الكبرى المنطقة.

ففي حادثين منفصلين وقع أحدهما في يناير 2018م، أودى بحياة 39 ضحية إثر تعرُّض سياراتهم لألغام أرضية في وسط مالي، وآخر وقع في الوسط وشمال مالي في أغسطس 2017م عندما تعرضت ثلاث قواعد عسكرية للأمم المتحدة، وسقط فيها ثمانية جنود من ذوي القبعات الزرقاء. وتعتبر MINUSMA أخطر البعثات الأممية بعد أن فقدت 118من عناصرها منذ 2014م .

وتجدر الإشارة إلى أن أربعة من الجنود الأمريكيين لقوا حتفهم في كمين نُصِبَ لدوريتهم في شهر أكتوبر 2017م في النيجر على حدود مالي، واستهدفت المجموعات في وقت لاحق جنودًا عسكريين، مما أسفر عن مقتل 13 جندياً من رجال درك النيجر، وقد سبق قيامها باعتداءات على الفندق والمطعم في واغادوجو في يناير 2016م أدت إلى قتل 30 بريئًا.

لكن الطبيعة المتبعثرة للهجمات وسهولة التسلل عبر الحدود إلى جانب ضآلة تواجد العناصر الأمنية في المناطق النائية وغير المأهولة بكثافة، تعتبر من العوامل المساعدة في توسيع الجماعات المسلحة لدائرة أنشطتها في المنطقة. وبمجرد السيطرة على الطرق التجارية تقوم تلك المجموعات بممارسة أنشطة غير مشروعة على غرار المتاجرة بالمخدرات وتهريب الأسلحة؛ مما يُفْرِز تأثيرات سلبية على التجارة المشروعة والانعكاسات على الظروف الاقتصادية بأكملها على مستوى منطقة الساحل.

فضلاً عن أن المنطقة تعاني من النزوح القسري غير المسبوق؛ حيث تعتبر تشاد في المرتبة الخامسة في حجم استضافة اللاجئين على مستوى القارة؛ وذلك لاستيعابها قرابة 391000 من اللاجئين، معظمهم من نيجيريا والسودان وجمهورية إفريقيا الوسطى. غير أن الماليين يشكِّلُون 22% من اللاجئين في النيجر، في حين أن المتشردين من نيجيريا جراء هجمات بوكو حرام يشكِّلُون 78% في المائة المتبقية.

يُشار إلى أن هجمات بوكو حرام أدَّت إلى نزوح 248000 شخصًا في منطقة ديفا بالنيجر بما في ذلك 105 ألف نيجيري، و15 ألف من النيجر، وقد ذكرت OIM (المنظمة الدولية للهجرة) بأنها رصدت عبور حوالي 63 ألف شخص عبر سيغيدين وأرليت بالنيجر 2017م، وأضافت أن ما متوسطه 208 أشخاص يغادرون يومياً من المنطقة في مالي و230شخصاً من بوركينا فاسو.

 لكن الهدف من إنشاء القوات المشتركة G5 في الساحل هو تغيير معادلة عدم الاستقرار في المنطقة الناجم من المجموعات المسلحة التي تعرقل التنقل والتجارة والنشاط الاقتصادي، ما يسبب النزوح الجماعي للسكان.

ما منهجية عمل القوات المشتركة؟

يتمحور مفهوم عمليات G5 في الساحل على أربعة أسس:

– مكافحة الإرهاب؛

– المساهمة في استعادة سلطة الدولة وعودة النازحين واللاجئين؛

– دعم العمليات الإنسانية، وتسهيل توصيلها إلى المتضررين؛

– المساهمة في وضع استراتيجية للتنمية في منطقة G5 في الساحل.

وتتكون تلك القوات المشتركة من 5000 جندي من القوات المسلحة لخمس دول أعضاء من بينها سبع كتائب من 550 جندياً، وأكثر من 100من رجال الشرطة والدرك، وهي متوزعة في ثلاثة قطاعات: الغرب (مالي وموريتانيا)، وفي الوسط (بوركينافاسو ومالي والنيجر) وفي الشرق (تشاد والنيجر).

وفي نهاية عام 2017م تم تشكيل الإدارة العليا في مدينة سيفاري في مالي مع التطلع إلى إنشاء المقرات الثانوية في كل حارة، إضافة إلى تحديد مناطق على بعد 50 كيلو مترًا على طول الحدود للسماح للقوات المشتركة بالقيام بالعمليات أو مطاردة الأهداف خارج حدودها.

جدير بالذكر أن القوات المشتركة تحت قيادة الجنرال ديديي داكو، رئيس هيئة أركان القوات المسلحة المالية الأسبق.

      المصدر: نيكولاس د يسجريس  “القوات المشتركة لمجموعة G5 في الساحل (FC-G5s) أو ازدهار تخطيط جماعي الخاص بالساحل”

التحديات المتعلقة بنشر القوات والتنسيق:

 يُذكر أن الأمم المتحدة شجَّعت المساهمات الدولية في الميزانية الأولية للقوات المشتركة، والبالغة 523 مليون دولار، كما أبدت رغبتها في أن تقوم الدول الأعضاء G5 بالتزاماتها في تمويل العملية؛ حيث وعدت كل منها بمساهمة 10ملايين دولار، في حين قرر الاتحاد الأوروبي -في المؤتمر المنعقد في بروكسل في نهاية فبراير- رفع سقف مساهمته من 61مليون دولار إلى 143مليون دولار. وفي هذا السياق دفعت فرنسا وألمانيا 21,7مليون دولار، وشرعت في حملة تعبئة لتلبية احتياجات التمويل لأعضاء G5 الأخرى؛ من خلال المساهمات الثنائية؛ والجهود التي أدت إلى جمع مساهمات إسبانيا، هولاندا، والنرويج، اليابان، الدانمارك، بلجيكا، لوكسمبورج، التشيك، سلوفانيا، إلى جانب عهود أخرى.   

 ومن جابها وعدت المملكة العربية السعودية بدفع 100 مليون دولار، في حين أعربت الإمارات العربية المتحدة عن نيتها بدفع 30 مليون دولار، عطفًا على 60 مليون دولار إضافية من الولايات المتحدة الأمريكية.

وقد تعهدت فرنسا أيضًا بتقديم المزيد من الإعانات للتنمية في الساحل بقيمة 1,5مليار دولار خلال السنوات الخمس القادمة، وينوي الاتحاد الأوروبي استثمار 9,8 مليار دولار في المنطقة خلال الفترة نفسها.

وإلى جانب المساهمات المالية تقدم فرنسا دعمًا كبيرًا عبر عملية “براكان”، وهي مبادرة أمنية من فرنسا بالتعاون مع دول الساحل وقد انطلقت منذ 2014م، ويشارك في العمليات 4000 جندي فرنسي من المعسكرات الفرنسية في تشاد، وبوركينافاسو، ومالي، ويقومون بعمليات في منطقة جنوب الصحراء؛ علمًا بأن “براكان” امتدادٌ لعملية سيرفال 2013م التي قادتها فرنسا وتشاد في شمال مالي؛ لاستعادة الأراضي التي سيطرت عليها المجموعات المسلحة، وتهدد بالاستيلاء على بماكو.

ويتعين على القوات المشتركة -عطفًا على مكافحة الإرهاب- إيجاد انسجام بين توجهاتها المؤسسية وبين المبادرات الإقليمية الجارية فيما يخصُّ القضايا الأمنية؛ فبينما تشمل مهمات MINUSMA دعم العملية السياسية في مالي، وتنفيذ المهام المتعلقة بإحلال الأمن والاستقرار في البلد، ووضع خارطة طريق لحكومة انتقالية، تسعى نظيرتها MNJTF (القوات المتعددة الجنسيات المشتركة) المكوّنة من 10000 جندي من كل من بنين والكاميرون وتشاد والنيجر ونيجيريا، وكذا احتواء انتفاضة بوكو حرام الإرهابية، وهي جزءٌ من عمليات التعاون في المنطقة.

وقد أدَّى وجود بعض الشركاء في المجال الأمني في كل من هذه البعثات إلى اتخاذ الإجراءات الجارية لتوضيح الأدوار، وإيجاد الانسجام بين الصلاحيات المنوطة بالأطراف العاملة في مكافحة الإرهاب، وتعزيز الاستقرار في المنطقة.

يُذْكَر أن ثمة تداخل بين البلدان المساهمة بالوحدات في الأجهزة الأمنية المختلفة على غرار تشاد والنيجر اللتين تزوِّدان كلا من بعثة MINUSMA وMNJTF بالوحدات، شأنهما في ذلك شأن موريتانيا التي تشارك وحداتها في بعثة MINUSCA؛ فبالتالي يتعين على الحلفاء في المجال الأمني التأكد من ضبط مشاركتهم في البعثات المختلفة.. وهذا الجدول البياني يوضح أبرز هذه الالتزامات:

  

الدولة

مجموع الوحدات

عدد العناصر في البعثات الأممية وغيرها

الالتزامات تجاه  G5

بوركينافاسو

                   9 100

(الدرك 3500)

البعثات الأمم المتحدة 2 900  عنصر

550 جنديًّا و100/من الدرك والشرطة

تشاد      

30 000

1250 لأمم المتحدة وأكثر من 2000لـ MNJTF

 550 جنديًّا و100/ من الدرك والشرطة

مالي    

14 700

 لبعثات الأمم المتحدة40

1100جندي و200من رجال الدرك 

موريتانيا

16 000

لبعثات الأمم المتحدة 900

 550جنديًّا و100/من الدرك والشرطة

النيجر   

6 000

1200 للأمم المتحدة وأكثر من 1000لـ  MNJTF

1100جندي و200من الدرك

   

      غير أنه يتعين أن تتطابق ضرورات القوات المشتركة G5 مع الآلية الإفريقية للأمن والسلم التابعة للاتحاد الإفريقي، والتي نُظِّمت بشكل يُسهِّل التعاون في المجال الأمني المشترك من خلال CER (الجماعات الاقتصادية الإقليمية)، لكنَّ الإشكالية تكمن في أنَّ كل أعضاء G5 أو MNJTF لا ينتمون إلى CER.

 وللمزيد من الفاعلية يجب على مجموعة G5 أخذ اعتبارات أخرى خارج مكونات القوات المسلحة؛ كما ورد ذلك في مفهوم التعاون بين المجموعة؛ حيث إن تنمية اقتصاد المناطق المُهمَّشَة أمرٌ في غاية الأهمية؛ لأنه يمكن أن يُسْهِم في منع تجنيد الجماعات المتطرفة العنيفة ويساعد في استقرار المنطقة.

ويجب كذلك التأكد من أن قوات التحالف تحترم المعايير المهنية العسكرية فيما يخص حقوق الإنسان؛ حتى لا يتعرض السكان المحليون للانتهاكات والتهميش، والتنفيذ الفعَّال لهذه المبادرات الإنمائية بالتنسيق مع العمل العسكري يتطلب مستوًى عاليًا من التكامل بين مختلف الجهود.

إنه لمن المبكر التنبؤ بفاعلية الجهود المكرِّسة من مجموعة G5، غير أن إنشاءها تعكس الاعتراف بضرورة إيجاد إطار أمني إقليمي في الساحل، قادر على مواجهة التهديدات الأمنية عابرة الحدود الناجمة من المجموعات المتطرفة، وإيجاد مبادرات ناجعة فيما يخصُّ الجانب الاقتصادي  والإداري في المناطق الحدودية المهمَّشة منذ فترة طويلة.

المحور الرابع: مستقبل المجموعة (5) للساحل والدور الفرنسي المشبوه.

المطلب الأول: تحديات المجموعة.

نشأت المجموعة في إقليمٍ كثُرت فيه المنظمات الإقليمية والبرامج المتنوعة، وأثر فيه التدخلات الدولية الداعية إلى مكافحة الإرهاب، ما جعله منطقة مليئة بالتناقضات إلى حد كبير، ولا يمنع ذلك القول بأن مجرد استشعار القادة مسؤوليتهم، والقيام بطرح هذه المبادرة يمكن اعتباره خطوة إيجابية، إلا أن فرص نجاح المجموعة تكمن في مدى قدرة قادتها على إدارة ملف الإرهاب داخل المجموعة، والتغلب على التحديات الماثلة أمامهم،  ويمكن حصر هذه التحديات في الآتي.

1- التحدي البنيوي.

 التهديد الإرهابي في منطقة الساحل لا ينحصر فقط في هذه الدول الخمسة المنضوية تحت مظلة المجموعة، بل يتعداها إلى دول ساحلية مثل نيجيريا والسنغال وإلى دول مجاورة للساحل مثل كاميرون ساحل العاج، فلو تم استيعاب تلك الدول في المنظمة أو الاتفاق على صيغة أخرى تضع في الاعتبار شمول هذا التحدي لجميع هذه الدول، لكانت بنيةُ وشكلُ المجموعة أكثر قدرة وفاعلية في مكافحة الإرهاب، علما بأن السنغال تربطها بهذه الدول مؤسسات أخرى مثل “اللجنة الدولية المشتركة  لمكافحة الجفاف في منطقة الساحل”، ولا يُستثنى من التهديدات الإرهابية فحركة “تحرير ماسينا” مثلا تدعو لـ”إحياء مجد إمبراطورية ماسينا” التي حكمت ثلاثة بلدان (مالي، والنيجر والسنغال) مع نهاية القرن الـ18، ونفذت الحركة منذ نشأتها 14 هجوما إرهابيا أخطرها كان في فندق “راديسون بلو” واستهدفت فيها سياحا أوربيين (30) بينما ساحل العاج تعرضت بالفعل لعملية إرهابية تبنتها “القاعدة في المغرب الإسلامي” في مارس 2016 واستهدفت فيها منتجعا سياحيا (31) فمن غير المتصور أن تنجح الدول الخمسة في إقصاء الإرهاب من المنطقة؛ في حين تكون في الدول المجاورة ثكناتٌ وخلفياتٌ لانطلاق عمليات ارهابية تستهدف المنطقة بأكملها.

2- التحدي الموضوعي.

من الناحية الموضوعية ذكرت المجموعة في الاتفاقية المنشئة لها أهدافها الخاصة بها (32) ويأتي في مقدمة هذه الأهداف تحقيق الأمن في المنطقة من خلال إيجاد استراتيجية التدخل العسكري في مواجهة الجماعات الإرهابية، وفي هذا إشارة واضحة إلى تبني الخيار العسكري لمكافحة الإرهاب، كما أن البرامج التي قدمتها المجموعة منذ نشأتها ركزت في الجانب العسكري، ولا أحد يشك في أهمية هذا الخيار، ولكن يجب أن لا يكون هناك انتقاء في آليات مكافحة الإرهاب، ومن الضروري استصحاب العوامل الأخرى، كالمشاكل الاقتصادية والسياسية ولاجتماعية التي تغذي الفكر الإرهابي، مع وضْع برامج أخرى منسجمة مع هذه العوامل.

3- التنافس الإقليمي.

التعدد غير الرشيد أو المنضبط للمنظمات الإقليمية يؤدي إلى تفتُّت الصف الإفريقي لتباين المصالح الاقتصادية والسياسية وتنافسها وصعوبة التنسيق بين الشبكة المتشعبة لمصالحها وأنشطتها، بالإضافة إلى أنه كلما ازداد عدد المنظمات التي تشترك فيها دولة معينة، كلما قلت درجة التزامها تجاه المنظمات الأخرى، وهذا من أكبر المشاكل التي تعاني منها أفريقيا، حتى يرجح البعض أن إنشاء بعض المنظمات ليس إلا للتسابق في تلقي الدعم الدولي من المانحين، فإذا أرادت المجموعة استئصال جريمة الإرهاب في المنطقة، يجب أن تنآى بنفسها عن الدخول في تنافس إقليمي مع المنظمات الأخرى، وتستحضر مسؤوليتها الأساسية في القضاء على الإرهاب.

المطلب الثاني: الدور الفرنسي المشبوه في منطقة الساحل.

من الواضح أن فرنسا تضع عينها دائما على أفريقيا، وهي تلعب في كل الأوراق وخاصة إذا تعلق الأمر بمنطقة الساحل أو الغرب أو الشمال الإفريقي، حيث مازالت حتى الآن تريد الاحتفاظ بنفوذها في هذه المناطق، وخاصةً في ظل مزاحمة الولايات المتحدة الأمريكية لها في المنطقة، لقد لعبت فرنسا دورا أساسيا في إنشاء المجموعة، فأول من باركها بعد إنشائها هو الجنرال الفرنسي “بيير دفيي” بعبارته المشهورة “الوقت المناسب لتحسين الوضع الأمني في الإقليم” (33) وعلى غراره أيضا استبشر المجلس الأوربي خيراً بميلاد المجموعة، كما كان الإعلان الرسمي لتشكيل قوات المجموعة البالغة 5000 جندي في 2 يوليو الماضي في “بماكو” عاصمة “مالي” بحضور الرئيس الفرنسي “إمانويل مكرون” مع الرؤساء الأعضاء في المجموعة (34).

  وبعد إنشائها بستة أشهر قامت فرنسا بإعلان نهاية عملية “سيرفال” وإبدالها بعملية جديدة اسمها “برخان” لم تكن نهاية العملية بإرادة من الحكومة المالية كما تدّعي فرنسا، بل كانت فقط  للتكيف مع الوضع الجديد، والتوسع في سيطرتها على الإقليم، فعملية “سيرفال” كانت تقتصر في مالي، بينما عملية “برخان” أعادت فيها فرنسا توزيع جنودها وقواعدها العسكرية في دول المجموعة الخمسة، ويبلغ عدد هذه القوات الفرنسية 4000 جندي أي ما يساوي تقريبا عدد القوات الخاصة للمجموعة مجتمعة، ويقود هذه القوات جنرال فرنسي مقيم في مقر له في تشاد، ويستند مخطط هذه القوات على ثلاث نقاط دعم رئيسية “غاوو” في مالي و”نيامي” في النيجر و”نجامينا” في تشاد وستِّ قواعد مؤقتة متقدمة في (كيدال، وتيساليت، وأغلال، ومداما، وفايا، وأبيشي) وثلاث نقاط للدعم البحري في “دكار” و”أبيدجان” و”دوالا” (35). 

يوجد لفرنسا حضور مكثف ومؤثر في المجموعة، فتحضر اجتماعات الجنرالات الخمس للمجموعة وكان آخرها في 17 أبريل 2017 في تشاد، كما تشارك في العمل مع اللجان التي هي المسؤولة عن وضع الخطط والاستراتيجيات ضد الهجمات الإرهابية، وتخطيط عمليات مشتركة (36). 

 في 20 مايو 2014 كان تبني الوزراء الداخلية للدول الخمس إعلان نواكشوط بحضور وزير الداخلية الفرنسي “برنارد كازنف”، وكان الإعلان يدعو إلى تسهيل تبادل المعلومات في المجال الأمني وإدارة الحدود، وفي الفترة من 20 إلى 27 ديسمبر 2014 تم تنفيذ أول عملية عسكرية للمجموعة باسم “عملية Mangouste ” (37) وكانت بمشاركة القوات الفرنسية الموجودة في عملية “برخان”، وبقيادة من القاعدة العسكرية الفرنسية البرية في “مداما”.

والمثير في الأمر أن هذه التوظيف الفرنسي للمجموعة تم إقراره في وثيقة تحت عنوان “خارطة الطريق لتعزيز الحوار والتعاون بين المجموعة (5) للساحل والاتحاد الأوروبي”  حيث وردت فيها أن آلية التعاون بين المجموعة والاتحاد الأوربي يرتكز في الآتي:

– مشاركة الاتحاد الأوربي في القمم التي تقيمها المجموعة.

– لقاءات سنوية بين الوزراء الخارجية للمجموعة والممثل العليا للاتحاد للشؤون السياسية والخارجية والأمنية.

– المشاركة المحتملة حسب الموضوعات لأعضاء اللجنة الأوربية في لقاءات المجموعة (38).

هذا التوغل الفرنسي الذي وصل إلى درجة التحكم على المجموعة، قد يثير شكوكا في مدى استقلالية المجموعة، وقد يجعلها آلة في يد فرنسا، أو مجرد واجهة أخرى لعملية “برخان” كما يزيد التعقيد أيضا في المنطقة، لأن حسابات وأولويات فرنسا في المنطقة تجعل التحالف معها في هذا الشأن من قبيل التناقض، أضف إلى ذلك أن التحكم الفرنسي لعمليات المجموعة ستساهم في  تحفيز الجماعات الإرهابية الموجودة في المنطقة لتزيد من حملاتها الهجومية ضد دول المنطقة.

خاتمة:

 وصلت جريمة الإرهاب إلى مستوى غير مسبوق في أفريقيا، وهي الآن تهدد حاضر القارة ومستقبلها، وهذا ما توصل إليه صناع القرار في القارة، إلا أن حماسهم في استدراك القارة من الوقوع في الإفلاس بسبب الإرهاب لم يترجم فعليا في برامج عمل ذات فعالية تكون على مستوى التحدي الموجود، والجهود الموجودة ينقصها أبسط شروط النجاح، حيث لا يخلو أغلبها من الارتجال وتكرار التجارب السابقة، بالإضافة إلى الاعتماد الزائد والتبعية غير المبررة للغرب، كما يرجع الفشل الذي مني به الاتحاد الافريقي والمؤسسات الإفريقية في مكافحة الإرهاب إلى البناء الهش لهذه المؤسسات، وفشلها في تلبية متطلبات التنمية وبناء دولة المؤسسات، ثم القضاء على الصراعات ذات الأبعاد المختلفة في القارة.

كان الأمل -ومازال- هو أن تصنع المجموعة (5) للساحل فارقاً في تعاملها مع ملف الإرهاب، وذلك بتبني نهج وتجربة مختلفة عن التجارب السابقة، إلا أن الخلل البنيوي للمجموعة، واعتمادها الكبير على القوى الدولية خاصة فرنسا، شكل مصدرا للتوجّس والشكّ في مدى قدرة المجموعة على الالتزام بتعهداتها في خلق بيئة أمنية خالية من الإرهاب وآثاره.

الهوامش والإحالات :

(1) محمد بسيوني، الإرهاب الأسمر: خريطة الجماعات الإرهابية في أفريقيا، www.ida2at.com  3/5/2016

(2) مذكرة الرئيس بوتفليقة بشأن آفاق منع ومكافحة التطرف العنيف والإرهاب في أفريقيا، وكالات الأنباء الجزائرية، 03  يوليو 2017

(3)  African Centre for the Study and Research on Terrorism (ACSRT), The African union terrorism situation analysis report (AU-TSAR) 2014 January-December 2014, p 15

 (4) Yonah ALEXENDER, Terrorisme in north Africa and the sahel in 2016, March 2017, p 8

  (5) محمد بسيوني، الإرهاب الأسمر ، مرجع سابق.

  (6) تقريـر الأمين العام عـن الأعمال الـتي تــضطلع بها الأمــم المتحــدة لمساعدة الدول والكيانات الإقليميـة ودون الإقليميـة في أفريقيـا في مجـال مكافحة الإرهاب، 9 يناير 2014  3/31

  (7)Joseph Léa NKALWO NGOULA, L’Union Africaine à l’épreuve du terrorisme : forces et challenges de la politique africaine de sécurité Cameroun, avril 2016, p 4

(8)   Pascal DE GENDT, L’Union Africaine face aux défit du continent, analyses et etudes politique international,  2016 p 12

 (9) Mathieu OLIVIER, Kadhafi, Obiang, Mugabe… ces présidents de l’Union africaine qui font polémique, http://www.jeuneafrique.com, 02 février 2015

(10)  Camilla ELOWSON and Adriana Lins de ALBUQUERQUE Challenges to Peace and Security in Eastern Africa: The role of  IGAD, EAC and EASF, Studies  ın African security, February 2016, p 1

 (11) Patrick KİMUNGUYİ, Terrorism and counter terrorism in East Africa, Research Fellow, Global Terrorism Research Centre and Monash European and EU Centre Monash University, p 14

(12)  Germain Herve Mbia YEBEGA, Terrorisme et contre terrorisme en Afrique Centrale Quelle vision strategique pour le Tchad et le camerou? Etude Prospective et Strategique, Ministere de la defense, Belgique, Janvier 2015, p 13

 (13) Jeanine FANKAM, Commission du bassin du lac Tchad, La force multinationale parée contre boko haram, http://www.camerpost.com 18 -8-2015

(14)  Camilla ELOWSON and Justin MAC DERMORT, ECOWAS Capabilities in Peace and Security, a scoping study of progress and challenges, Swedish defense Research Agency, defense Analysis, December 2010, p 31

 (15) أميرة عبد الحليم، أفريقيا في تقرير الخارجية الأمريكية حول الإرهاب 2016 … قراءة نقدية، مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية   http://acpss.ahram.org.eg    8-8 2107

 (16) Une stratégie cohérente de l’EU pour le sahel, Direction général des politiques externes, Département Thématique, p 9

(17)  Virginia SMİTH, The Sahel region, February 7th, 2008, p 1

 (18) Cahiers de l’Afrique de l’ouest atlas du Sahara-Sahel, Géographie, Economie, et Sécurité p 2

(19)  Marcel  KITISSOU, France and the United States  in western Sahel : cooperation and competition in an interlocking conflict, Cornell Institute for African Development, October 28-29, 2016, p 5

 (20)  Stratégie pour le développement et la sécurité des pays du G 5 Sahel, Secrétariat permanant, septembre 2016, p 13

(21)  Etats-Unis : Une base américaine au Niger, http://www.bbc.com, 30 septembre 2016.

(22)  L’opération militaire française au Mali et au Sahel en chiffres, http://www.jeuneafrique.com,  20 mai 2017

(23) The African union terrorism situation analysis report, African Centre for the Study and Research on Terrorism (ACSRT), January-December 2013, p 25

(24) أميرة عبد الحليم

(25)  African Centre for the Study and Research on Terrorism (ACSRT), The African union terrorism situation analysis report  (AU-TSAR) 2014 January-December 2014, p 71

(26)     تسع جماعات إرهابية رئيسية تزرع الرعب شمالي وغربي إفريقيا، وكالة الأناضول، 21.03.2017 

(27)   داعش” في إفريقيا.. فروعها ومبايعوها وأنصارها وكالة الأناضول  17.11.2015   

(28)  مادي إبراهيم كانتي، الإرهاب الأفريقي، https://futureuae.com 05 /09/2015

(29)  انظر إلى الاتفاقية المنشئة للمجموعة المواد 7-8-10-13-14

(30) أبوبكر دهماس، جبهة تحرير ماسينا.. جهاديو فولان يبحثون عن “الإمبراطورية الضائعة”  https://www.alaraby.co.uk 7 مايو 2016

(31) Côte d’Ivoire : au moins 16 morts dans des attentats revendiqués par le groupe Aqmi, http://www.leparisien.fr, 13 mars 2016

(32) انظر الاتفاقية المنشئة للمجموعة 5 الساحل المادة 4

(33)  General Pierre de villiers, propos tenus devant l’assemble national France 7 octobre 2014

(34)  Dossier de Presse – Opération BARKHANE minister des armes France– Juillet 2017 p 4

(35)  Dossier de Presse p 14-16

(36)  Antonin TİSSERON, G 5 Sahel: une simple organisation de plus? 25 mars 2015 Bruxelles p 2

(37)  TİSSERON p 2

(38)  Feuille de route pour renforcement des dialogues et de la coopération entre le G 5 Sahel et l’Union européenne, p 5

” The G5 Sahel Joint Force Gains Traction “, Africa Center For Strategic Studies , ( 2018 ) . ” Finding The Right Role For G5 Sahel Joint Force “, Crisis Group ,”The European Union’s partnership with the G5 Sahel countries”( European Commission : Fact Sheet, 2018 ) .,”The European Union’s partnership with the G5 Sahel countries”( European Commission : Fact Sheet, 2018 ) .Ashley Bybee,” The Alliance For The Sahel—An Essential Accompaniment To The G5 Sahel Joint Force”, Institute For Defense Analyses ( vol.18,2018 ) . ,” Sahel Refugees: The Human Face Of A regional Crisis “, World Bank Group, ( 2017).” Sahel Refugees: The Human Face Of A regional Crisis “, Op.Cit Moses Ikoh ,” Organized Crime, Security Threats And Governance: The Sustainability Of European Union Programmes In West Africa” ,FES: Peace And Security Services (Nigeria: Regional Office Abuja, 2013).United Nations Office on Drugs and Crime (UNODC).

رسائل جامعية :

  1. حسام حمزة، ”  الدوائر الجيوسياسية للأمن القومي الجزائري”، مذكرة ماجستير العلاقات  الدولية، جامعة باتنة، الجزائر، 2010/2011.
  2. أمينة بوبصلة،”التنافس الفرنسي الأمريكي في منطقة الساحل الإفريقي في مرحلة ما بعد الحرب الباردة”، مذكرة مقدمة لنيل درجة ماجستير علوم سياسية،جامعة الجزائر3 ، كلية العلوم السياسية والإعلام، الجزائر 2012.

مجلات و دوريات :

  1. جهاد عودة، “السياسة الأمريكية تجاه منطقة المغرب العربي”، السياسة الدولية،مركز الأهرام للدراسات السياسية و الإستراتيجية ، العدد 97، القاهرة : 1989.
  2. دوبي بونوة جمال، “ظاهرة الهجرة غير الشرعية دراسة نقدية في المفاهيم و الأسباب”،مجلة الإجتهاد للدراسات القانونية و الإقتصادية، منشورات المركز الجامعي لتامنغست-الجزائر ، العدد 01 ،جانفي 2012.
  3. شفار علي ،”القرارات الصادرة في مواجهة الأجانب غير الشرعيين” ،مجلة الإجتهاد للدراسات القانونية و الإقتصادية، منشورات المركز الجامعي لتامنغست-الجزائر ، العدد 01 ،جانفي 2012.
  4. شوقي نذير،”واقع الهجرة غير الشرعية في ولاية تمنراست”، مجلة آفاق علمية ، منشورات المركز الجامعي لتامنغست-الجزائر ، العدد05، جانفي 2011 .
  5. عارف علايبني، “الجريمة المنظمة و أساليب مكافحتها”،معهد قوى الأمن الداخلي ، البلد غير واضح ، 2008 .
  6. قوي بوحنية،عصام بن الشيخ “ظاهرة الهجرة غير الشرعية و آثارها الدولية:دراسة حالة الجزائر” ،مجلة الأكاديمية العربية ،الأكاديمية العربية في الدانمارك بالتعاون مع جامعة المستقبل باليمن، العدد10 ، 2011 .
  7. مايا خاطر ،”الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية و سبل مكافحتها” ،مجلة العلوم الاقتصادية والقانونية، جامعة دمشق : 2011 ، المجلد 27 ،العدد03  .

ملتقيات و ندوات علمية :

  1. أحمد فاروق زاهر، الجريمة المنظمة : ماهيتها خصائصها أركانها ، دراسة مقدمة في إطار ندوة علمية بعنوان:العلاقة بين جرائم الإحتيال والإجرام المنظم ، جامع نايف العربية للعلوم الأمنية، المنصورة ، 2007 .
  2. أعمال المؤتمر السادس عشر للجمعية الدولية لقانون العقوبات الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، بعنوان “الأنظمة الجنائية في مواجهة الجريمة المنظمة”.  ، بودابست بالمجر بين 5 و 11 أيلول 1999.
  3. علي الحوّات ،”الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا عبر الشمال الإفريقي”، ندوةعلمية بعنوان : الآثار الإجتماعية و الإقتصادية و السياسية للهجرة الدولية على المجتمعات العربية و الإفريقية ، الجمعية العربية لعلم الإجتماع و أكاديمية الدراسات العليا ، الجماهيرية العربية الليبية الإشتراكية العظمى ، جوان 2008 .

مقالات صحفية :

  1. خالد خميس السحاتي،”إرهاب بكل الألوان : حقائق وأرقام حول ظاهرة الإرهاب الدولي” ، جريدة العرب الأسبوعي المصرية ، 04 ماي 2008 .

وثائق إلكترونية :

14.                       -:  بوحنية قوي internet documents : http://bchaib.net/mas/index.php

  1. السيد ولد أباه، “المعادلة الجديدة في الساحل الأفريقي”، في:

www.aawsat.com/léader.asp?section= 3&article=458643&issueno

[1] -السید ولد أباه، “المعادلة الجدیدة في الساحل الأفریقي”، في:

www .aawsat.com/léader.asp ?section= 3&article=458643&issueno=

[2] – أمينة بوبصلة،”التنافس الفرنسي الأمريكي في منطقة الساحل الإفريقي في مرحلة ما بعد الحرب الباردة”، مذكرة مقدمة لنيل درجة ماجستير علوم سياسية،جامعة الجزائر3 ، كلية العلوم السياسية والإعلام، الجزائر 2012 ، ص 14

[3] – دوبي بونوة جمال، “ظاهرة الهجرة غير الشرعية دراسة نقدية في المفاهيم و الأسباب”،مجلة الإجتهاد للدراسات القانونية و الإقتصادية، منشورات المركز الجامعي لتامنغست-الجزائر ، العدد 01 ،جانفي 2012، ص 30

[4]-قوي بوحنية،عصام بن الشيخ “ظاهرة الهجرة غير الشرعية و آثارها الدولية:دراسة حالة الجزائر” ،مجلة الأكاديمية العربية ،الأكاديمية العربية في الدانمارك بالتعاون مع جامعة المستقبل باليمن، العدد10 ، 2011 ، ص 35

[5] – شوقي نذير،”واقع الهجرة غير الشرعية في ولاية تمنراست”، مجلة آفاق علمية  ، منشورات المركز الجامعي لتامنغست-الجزائر ، العدد05، جانفي 2011 ،ص 277

[6] -علي الحوّات ،”الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا عبر الشمال الإفريقي”، ندوةعلمية بعنوان :  الآثار الإجتماعية و الإقتصادية و السياسية للهجرة الدولية على المجتمعات العربية و الإفريقية ، الجمعية العربية لعلم الإجتماع و أكاديمية الدراسات العليا ، الجماهيرية العربية الليبية الإشتراكية العظمى ، جوان 2008 ، ص 427

[7] -لمزيدٍ من التفاصيل أنظر : شفار علي ،”القرارات الصادرة في مواجهة الأجانب غير الشرعيين” ،مجلة الإجتهاد للدراسات القانونية و الإقتصادية، منشورات المركز الجامعي لتامنغست-الجزائر ، العدد 01 ،جانفي 2012، ص 13

[8] – لمزيدٍ من التفاصيل أنظر: شوقي نذير،”واقع الهجرة غير الشرعية في ولاية تمنراست”،  مرجع سابق ، ص 275

[9] – عارف علايبني، “الجريمة المنظمة و أساليب مكافحتها”،معهد قوى الأمن الداخلي ، البلد غير واضح ، 2008 ، ص 05

[10] – مايا خاطر ،”الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية و سبل مكافحتها” ،مجلة العلوم الاقتصادية والقانونية،  جامعة دمشق، المجلد 27 ،العدد03  2011، ص 511

[11] – راجع: أعمال المؤتمر السادس عشر للجمعية الدولية لقانون العقوبات الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية الذي عقد في

مدينة بودابست بالمجر بين 5 و 11 أيلول 1999 بعنوان “الأنظمة الجنائية في مواجهة الجريمة المنظمة”.

[12] – مايا خاطر ،”الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية و سبل مكافحتها” ،مرجع سابق، ص 512

[13] – المرجع السابق ، ص 510

[14] -أحمد فاروق زاهر، الجريمة المنظمة : ماهيتها خصائصها أركانها ، دراسة مقدمة في إطار ندوة علمية بعنوان:العلاقة بين جرائم الإحتيال والإجرام المنظم ، جامع نايف العربية للعلوم الأمنية، المنصورة ، 2007 ، ص 05

[15]– :  بوحنية قوي internet documents : http://bchaib.net/mas/index.php

[16] – خالد خميس السحاتي،”إرهاب بكل الألوان : حقائق وأرقام حول ظاهرة الإرهاب الدولي” ، جريدة العرب الأسبوعي المصرية ، 04 ماي 2008 ، ص 06

[17] – جهاد عودة، “السياسة الأمريكية تجاه منطقة المغرب العربي”، السياسة الدولية،مركز الأهرام للدراسات السياسية و الإستراتيجية ،  العدد 97، القاهرة : 1989، ص139

[18]– :  بوحنية قوي internet documents : http://bchaib.net/mas/index.php

[19] – حسام حمزة، ”  الدوائر الجيوسياسية للأمن القومي الجزائري”، مذكرة ماجستير العلاقات  الدولية، جامعة باتنة، الجزائر، 2010/2011 ، ص 73-75 .

  • حفيان عبد الوهاب –  أستاذ جامعي –  المركز الجامعي أمين العقال الحاج اخموك بتامنغست 
  • تحريرا في30- 5-2017

 

 

 

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button