دراسات سياسية

قراءة في كتاب الحركة القومية العربية بين التراجع والنهوض

تحت هذا العنوان، صدر للرفيق الدكتور محمد صالح الهرماسي عضو القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي كتاب جديد ، يعالج قضية أساسية تلامس وجدان العرب وتدغدغ مشاعرهم، ويركز على ما تشهده أمتنا العربية من تطورات ومستجدات، تضع الحركة القومية وأحزابها ومنظماتها أمام مسؤولياتها المصيرية، وتتطلب منها إعادة صوغ الفكر القومي وبنائه من جديد لتحسين أدائه وممارساته، والارتقاء به بما يلبي طموحات الأمة وحاجاتهم، ويسهم في نهوض الحركة القومية العربية ودعم هدفها في تعزيز صمود الأمة العربية ومقاومتها للمشروع الامبريالي – الصهيوني، وأدواته المدمرة بدءاً من الاحتلال الصهيوني، وحتى الإرهاب التكفيري، وصولاً إلى تحقيق مشروعها النهضوي القومي، وعودة الحضور العربي ودوره الفاعل الحضاري في مجمل المتغيرات العالمية .

يطرح المؤلف سؤالاً محورياً كبيراً، يحاول من خلاله طرح أسئلة فرعية تدور حول موضوعات موجودة في ثنايا الكتاب، ويحاول تقديم إجابات بشأنها، والسؤال هو: هل ستخرج الحركة القومية منتصرة من الصراع التاريخي مع المشروع الصهيوني الامبريالي؟.

القومية قوة اجتماعية مستقلة

ينطلق المؤلف بداية من الجذور التاريخية لتشكل الحركة القومية، فيرى أنها نشأت بالتدريج، ولم تأت من فراغ، إذ تعود جذورها إلى تاريخ وجود الشعب العربي، وهي متأصلة فيه، وكانت اللغة (لغة اللسان) أول الأسس المشتركة لتوطيد أركان القومية العربية، وجاءت قبل الوعي بوحدة الجغرافيا والعادات والتاريخ والعيش المشترك.

يرى المؤلف أن القومية قوة اجتماعية مستقلة روّجت لها النخبة وتجاوبت معها الجماهير كمحدّد للهوية والواضح تاريخياً أن الحركة القومية، دولاً وأحزاباً وجماهير واجهت عدواً قوياً شرساً، وأن الامبريالية والصهيونية مازالتا تريان فيها التهديد الأخطر لمصالحها وهيمنتها بل واحتلالها للمنطقة.

تناول الدكتور الهرماسي بدايات تشكل الوعي القومي في العصر الحديث للعرب، وبلورة مفهوم العروبة، والتأكيد على وحدة العرب وفكرة الأمة العربية، والاستناد إلى رابطة اللغة ووحدة الثقافة والدور التاريخي للعرب؛ فأشار إلى تشكل الجمعيات الثقافية في الشرق العربي، ودورها في التنبيه من مخاطر سياسات التتريك والظلم والفساد في ظل الدولة العثمانية واحتلالها للأقطار العربية، إلا أن تأثيرها على جماهير الأمة كان عاطفياً، ولم تثر حماسهم ليتحول إلى عمل مقاوم على أرض الواقع، إلا بعد الاحتلال الأوربي الغربي(الاستعمار القديم)، ثم الاحتلال الصهيوني والسيطرة الاقتصادية والسياسية الامبريالية على المنطقة(الاستعمار الحديث).

أشار الرفيق الهرماسي في كتابه الجديد إلى التحول المهم الذي شهدته الحركة القومية بعد الحرب العالمية الثانية، بتحولها إلى حركة شعبية تجمع بين العداء للاستعمار الأوربي والكفاح ضد النخب والطبقات الاجتماعية الارستقراطية.

البعث الحزب القومي الأول

عرض الكتاب أبرز القوى القومية في الساحة العربية وأهدافها، كما عرض أفكار المفكرين القوميين العرب، وجوهر الحركة القومية للانتقال بالعرب من عصر القبيلة والعشيرة إلى عصر المدنية الحديثة التي تقوم على دعائم أرستها الحركة القومية الديمقراطية الأوربية التي تأثرت بها الحركة القومية العربية، مؤكداً أن الوحدة العربية تقوم على أركان جوهرية هي: اللغة والقومية والمصلحة، منوهاً بأن البعث كان الحزب القومي الأول الذي دعا إلى إنشاء جامعة عربية شعبية سنة 1946-1947.

يضع المؤلف بين يدي القارئ الأسباب الحقيقية لتراجع الحركة القومية، فيعرضها بلغة الخبير والتحليل العميق وتوصيف المجرب على قاعدة التجربة خير دليل، فيرى الدكتور الهرماسي أن هذا التراجع يعود إلى أسباب داخلية تتحملها الحركة القومية وقواها القومية الفاعلة، وإلى أسباب خارجية تتمثل فيما تتعرض له الأمة العربية والحركة القومية من ضمنها، من استهداف وعدوان وغزوات خارجية ثقافية وسياسية واقتصادية وعسكرية.

أسباب ضعف أداء الحركة القومية

يرى عضو القيادة القومية أن التراجع يعود إلى ضعف أداء الحركة القومية، واضعاً مسؤولية ذلك على دور أحزاب ومنظمات التيار القومي وتقاعسها وانكفائها، إن كان على صعيد مكونات الحركة القومية، إذ وصل أحياناً إلى حد العداء بين القوى القومية نفسها، واعتماد القوى القومية على المفاهيم المستوردة من الغرب مثل مفاهيم: الدولة – الحرية – الديمقراطية، دون الأخذ بعين الاهتمام اختلاف البيئات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

يعود ذلك وفق المؤلف، إلى الخلافات الفكرية بين هذه الأحزاب واختلاف وسائل النضال بين البعث وحركة القوميين العرب والناصريين (أبرز الأحزاب القومية)، فضلاً عن تعدد الرؤى والتجارب وغياب الحوار والتنسيق فيما بينها، مما زرع بذور الخلافات بين القوى القومية. وإلى جانب ذلك ما اتسمت به برامج تلك القوى وخطابها السياسي من ضعف في الممارسة السياسية، وهشاشة تحليلها للأوضاع القائمة في الوطن العربي، واستهانتها لبعض المحددات الأساسية للعمل السياسي، فضلاً عن إهمالها لقضايا مصيرية، فلم تعد تركز على قضايا التنمية(الفقر – البطالة)، ومشروعات الحداثة كافة مثل التعليم والمفاهيم والبنى والديمقراطية، التي تعيد الاعتبار للمواطن ودولة القانون، إضافة إلى تراجع الدور الإعلامي للقوى القومية أمام الإعلام الآخر.

 زد على ذلك فإن نتيجة ضعف الحراك الداخلي للقوى القومية- برأي المؤلف-، تحولت قيادات هذه القوى إلى سلطة وتسيّد الجمود الثقافي.وفي بعض الأحزاب الحاكمة حل الحزب محل الدولة، كما تراجعت عن المواجهة مع الصهيونية وعن شعار التحرير الذي كانت رفعته في القرن الماضي، وأقامت سلاماً مع الكيان الصهيوني.

ووفق الكتاب، فقد أخفقت الحركة القومية عن تحقيق أهدافها، منها: إقامة دولة الاستقلال – إقامة الوحدة العربية – هزيمة الرجعية العربية – تحرير فلسطين – إقامة علاقات صحيحة مع الشعب. فضلاً عما تعانيه الحركة اليوم من حالة داخلية مجزأة وخلافات فكرية وإيديولوجية، ومحاولة إقصاء الشبيه. كل ذلك أفضى إلى تصاعد قوة التيار الاسلامي المتطرف في الواقع العربي، الذي أراد تصفية الحركة القومية، وإزالتها من الوجود، بالتعاون مع القوى المعادية لأمتنا العربية، إذ رأت في أهداف الحركة زوالاً لمشروعات الهيمنة والسيطرة.

الأسباب الخارجية

أما الأسباب الخارجية التي أسهمت في تراجع أداء الحركة القومية، وما أصابها من أزمات ونكسات… وفي ضوء ما يلوح في الأفق من مخاطر وتهديدات لهذه الحركة، حمل المؤلف كثيراً في كتابه على النظام الرسمي العربي وتبعيته للأجنبي، وحمّله المسؤولية عن حالة التردي القائمة والتي وصفها ب «الحالة الانهيارية»، كما شخص الوضع العربي الراهن في ضوء ما تشهده دول المنطقة من أزمات وما تتعرض له من تهديدات، وتوصيفه لمكامن الخلل، ولعناصر الإخفاق والفشل.

هذا لا يوحي برأي الرفيق الهرماسي، بوجود وضع عربي موحّد، والحال أن هذا ليس دقيقاً وفق ما يراه أن هناك اختلافاً في أوضاع  كل قطر من الأقطار العربية. لكن الكتاب يشير إلى تشابه في هذه الأوضاع رغم الاختلاف طبعا. فعلى مستوى النظام الرسمي العربي يعيش كل قطر أزمات عصيبة ومشكلات صعبة تهدد وحدته وسيادته واستقلاله، والأمثلة عديدة (العراق – اليمن –  السودان الصومال- مصر- سورية) ، والأقطار التي لا تعاني مشكلات من هذا النوع تتخبط في معضلات تعثّر التنمية وانسداد آفاقها وتفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، إضافة الى الازمات السياسية وما تنطوي عليه من مشكلات التهميش السياسي، وغياب الحريات العامة، وعدم احترام حقوق الإنسان… إلخ.

وفي ظل هذه الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تكبل المواطن تكبيلاً خطيراً يسلبه الكرامة، يرى الرفيق الهرماسي هذه الأنظمة تبتعد عن بعضها البعض إلى حدّ الصراع والتناحر، في حين لا يتورّع عدد منها عن التقرّب المذلّ من الكيان الصهيوني، العدو التاريخي للعرب، لعلها بذلك تنال شهادة حسن سيرة وسلوك من الإدارة الأمريكية تضمن استمرارها وحمايتها من مواطنيها.

هي باختصار وفق الدكتور الهرماسي أن العرب يتجهون أكثر فأكثر الى التنكّر لقضاياهم والتنصّل من مسؤولياتهم، وهو ما يهددهم جميعاً، ويجعلهم لقمة سائغة لقوى الهيمنة والتسلّط.

أما على المستوى الشعبي فإن الجماهير العربية المكبلة، كما أشار المؤلف تدفعها مشاعر الغضب العفوي أحياناً إلى التعبير عن تنديدها بما تتعرض له الأمة من عدوان امبريالي وصهيوني مسنود بتواطؤ داخلي، وعن تضامنها مع قوى الممانعة والمقاومة. لكن موقفها لا يرقى بأي حال إلى مستوى الفعل المنظم القادر على التأثير في مجريات الصراع وتحقيق التغيير المنشود.

وليست أحوال الاحزاب القومية العربية والتنظيمات الشعبية عموماً برأي المؤلف أفضل حالاً، فهي أيضاً غارقة في أزماتها الذاتية وانعدام فاعليتها وتأثيرها.

وفق الرفيق الهرماسي ، فإن مكامن الخلل، تتمثل أساساً في التبعية العربية العمياء للقوى الخارجية لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية، وانغلاق معظم الأنظمة العربية على الداخل ما يجعلها في قطيعة حادة مع شعبها العربي. وهو ما يفسّر الإخفاق في التصدي للعدو الخارجي، والإخفاق في تحقيق التطلعات والأهداف الداخلية.

المستقبل هو للحركة القومية العربية

مع ذلك يرى المؤلف أن المستقبل هو للحركة القومية العربية، وليس هذا من باب التمني بل نتيجة قراءة للواقع، كما يرى أن الأمة العربية موجودة ولا يطعن في وجودها أو يُنكر أحد أنها مجزّأة إلى 22 دولة. كما أن إخفاقها حتى الآن في تحقيق وحدتها السياسية لا يعني بأي حال من الأحوال أنها غير موجودة، كما يروّج لذلك أعداؤها. ثم إن الأمة وفق المؤلف، “مسألة بديهية وحقيقة لا ينفيها وجود الدولة القطرية بل ولا يتناقض معها إلا إذا كانت هذه الدولة قطرية بمعنى الانعزال والعداء للتكامل العربي وهذا ينتمي إلى مواقف السلطة والحكومات أكثر مما يعبّر عن حقيقة الدولة القطرية الموضوعية”؛ فمن هذه الناحية الموضوعية تكمن مصلحة الدولة القطرية في الوحدة العربية.

يرى الدكتور الهرماسي في نهوض الحركة القومية أنه من الضروري أن نتعرّف أولاً على التعويذة الأمريكية التي ترفع للخلاص من قيود الجهل والتخلف في زمن لا يتجاوز تشغيل جهاز الكمبيوتر والاندماج في الشابكة (الانترنت)،أي العولمة، وبرأيه أنه إذا كانت الحداثة الأوروبية قد اختزلت أمريكياً في تحويل الإنسان إلى حيوان منتج ومستهلك، وبالتالي الحضارة الإنسانية إلى حالة علمية ومادية تفتقر إلى القيم الأخلاقية ووسائل ردع عدوان وهمجية الأسلحة المتطورة والصواريخ العابرة للقارات، فإنها (أي العولمة) تعتمد على إزالة الحواجز بين الأسواق تلك الحواجز التي تفرضها المصالح الاقتصادية الوطنية.

ويؤكد المؤلف أن المشكلة في العولمة لا تكمن إذاً في أنها تخلق تواصلاً غير مسبوق بين البشر، وتزيد في توسيع ما هو مشترك بينهم فكل هذا يمكن أن يكون مفيداً، بل هو قطعاً مفيد للبشرية كل البشرية وإذا نظرنا إلى الإنجاز العلمي والتكنولوجي والمعلوماتي ومدى ما يقدمه من فائدة للإنسان فإن العولمة ليست ظاهرة شيطانية بالمطلق كما يصورها البعض.

إلا أن شيطنتها تكمن برأي الكاتب عندما تحاول العولمة فرض نموذج ثقافي أوحد على الشعوب فإنها بذلك تشنّ الحرب على ثقافات تلك الشعوب وهي ثقافات متنوعة وذات خصوصيات عقائدية وأخلاقية وفكرية مختلفة، وهذه حرب أكثر خطورة لأنها تغزو العقل والروح والوجدان.

تاريخنا العربي أنجب أعظم الآثار الفكرية

يعود الكاتب ليؤكد أنّ تاريخنا العربي الإسلامي يحفل بكل ما هو تفاعل ثقافي خلاّق أنجب أعظم الآثار الفكرية والفنية، وعندما تعرف العرب والمسلمون إلى الحضارة الغربية، رغم أنها جاءتهم من خلال الاستعمار، فقد تفاعلوا معها، ومازالوا حتى الآن يتفاعلون، مفرقين تماماً بين ما هو إنساني مشترك فيها يمكنه المساعدة في نهوضهم وتقدمهم، وبين ما هو عدائي يستهدف أرضهم وثرواتهم وثقافتهم وهويتهم.

وهذا ما يوضحه المؤلف في العلاقة مع العولمة، فيؤكد أن الهوية العربية الإسلامية ليست هي التي تشن حرباً هجومية على العولمة ولا هي ترفض العولمة رفضاً مطلقاً أعمى، ولكنها تنظر بعين التقييم النقدي إلى هذه العولمة، وتميز فيها بين المفيد والضار، وعندما تصبح العولمة وسيلة للهيمنة السياسية والاقتصادية والثقافية، فإنّ هذه الهوية تتحول إلى سلاح حقيقي وفعّال للدفاع عن الوجود والاستقلال.

ضرورة مراجعة نقدية شاملة للمشروع

يخلص المؤلف إلى أنّ حجم التحديات التي تعيشها الأمة العربية اليوم وعظمة المشروع القومي ترتبطان أشد الارتباط بدور الإنسان العربي الحر الواعي وهذا الدور قد صودر، للأسف إلى حد بعيد من طرف الأنظمة العربية وبعض الأحزاب السياسية صادرته لتستمد منه شرعية البقاء والاستمرار دون أن يكون لفعلها التأثير المطلوب في التصدي للتحديات وإنجاز الخطوات المنشودة على طريق تحقيق المشروع القومي.

وعلى صعيد مقومات النهوض، يرى الدكتور الهرماسي أن صوغ المشروع النهضوي العربي الجديد، يستلزم مراجعة نقدية شاملة للمشروع، من بدايته وحتى اليوم، وبمختلف تياراته القومية والماركسية والإسلامية المتنورة، وأن يبدأ من إيجاد منظومة معرفية عربية يستخرج منها الأدوات التحليلية التي يجب استعمالها في مقاربة الواقع، وتحديد الواقع وتعريفه وفقاً لمعايير نابعة من التراث العرب وحضارتهم.

يعرض المؤلف خطوات المراجعة والقراءة النقدية التي من المفيد للباحث والمهتم الاطلاع عليها وقراءتها بتمعن، للخروج بأفكار تساعد الحركة القومية وتياراتها وأحزابها للنهوض من جديد، وإعادة تأسيس شرعيتها الجماهيرية. ويصبح وقتها السؤال المحوري الذي طرحه المؤلف قابلاً للتحقق.

الكتاب مهم ومفيد، يغني المكتبة العربية، واعتمد لغة سهلة ممتعة وغير مملة، ويصلح مضمونه دليل عمل للوقوف عند التحديات والمخاطر التي تواجه الحركة القومية العربية وتتهددها وتعترض مسيرتها، وتقدم للقائمين على الحركة ومن يعتبر نفسه قومياً مفاتيح الحل للقيام بمسؤوليات النهوض.

أهمية الكتاب لا تأتي مما احتواه من مضمون وتحليل فكري معمق وتقديم نتائج ومقترحات وبدائل طموحة للنهوض، وإنما تأتي أيضاً من مؤلف الكتاب ذلك البعثي العتيق والخبير في التجارب الحزبية والقارئ السياسي والمفكر للحركة القومية العربية.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى