دراسات سياسيةدراسات مغاربية

مجلس الأمة الجزائري: بعده التمثيلي ودوره في الاستقرار المؤسسي

محمد عمران بوليفة (**)

خلصت أول انتخابات تشريعية تعددية في الجزائر، سنة 1991، إلى إغراق البلاد في مرحلة من عدم الاستقرار السياسي والمؤسسي كشفت عن أزمة الهيمنة التي لازمت الدولة، منذ استرجاع السيادة الوطنية، والتي هي في جوهرها أزمة تمثيل، الوضع الذي أثبت عجز الدستورالية الوطنية عن تنظيم التحوّلات الممكنة للدولة بموجب قواعد دائمة، وأبرز التّفاوت بين الإطار المفاهيمي لقانون المؤسسات السياسية في الجزائر، الذي هو إطار الدستورالية، وضعف المضمون القانوني لإطاره التنظيمي وتفكّك عنصري القانون‏[1]: فالمهم ليس هو أن يكون قانون المؤسسسات السياسية في الجزائر مناقضاً للمعايير الليبرالية من عدمه، وإنما في عدم تأمينه وظيفتَي التوقع والضمان خارج المدى القصير واقتصاره على وظيفة إضفاء المشروعية‏[2]. وقد طبعت هذه الظاهرة كامل مراحل التطور الدستوري في الجزائر؛ إذ أثبتت التجربة استحالة تأسيس سلطة متماسكة ومستقرة، في مجتمع ممّزق تتقاسمه قوى سياسية متناقضة، استناداً إلى هذه الإرادات المتنافرة، الأمر الذي حتّم منع التنافس السياسي المنظّم حولها وتسخيرها لخدمة مشروع اجتماعي موحّد فتحقّق مؤقتاً استقرار النظام السياسي.

ومع التحول الدستوري سنة 1989 نُقض الإجماع السياسي القائم، وفسح في المجال أمام القوى السياسية للتنافس حول السلطة فحصل الصدام غداة أول مواجهة، الوضع الذي أفضى إلى هيمنة الجبهة الإسلامية للإنقاذ على المؤسسة التشريعية مقابل إقصاء عناصر الكتلة المهيمنة من مجال التمثيل الوطني، وهذا على نقيض مبدأ الدمج الذي تقوم عليه الحياة السياسية الوطنية‏[3]، الحال التي فرضت إعادة تنظيم الديمقراطية وعلى وجه الاستعجال.

بلا ريب، لم يُفضِ ذلك إلى التفكير في التراجع عن النظام التأسيسي الذي أرساه دستور 1989؛ فجوهر الإشكال الذي كان مطروحاً ينحصر في ضرورة إقامة نظام تمثيلي يمكّن من إجراء خيارات من دون أن يترك أساس الرباط الاجتماعي موقوفاً على إرادة قوة سياسية بمفردها، ما يفيد أن الاهتمامات الظرفية هي التي فرضت تبني التسيير المؤسسي للنزاعات السياسية بغية استعادة السلم المدني. وعليه، وقصدَ تلاحم الفعل الدستوري الوطني والحقيقة الاجتماعية، يتعين أن يتجاوز مدلوله البعد القانوني؛ فهذا المنحى وحده يمكّن من الوقوف على حقيقة الثنائية البرلمانية الوطنية، ما يفيد أنه وراء المبرّرات التّقنية للثّنائية البرلمانية تختفي الرّهانات السياسية‏[4]، فعلاوة على اعتبارها وسيلة لعقلنة الوظيفة التشريعية تسوق الغرفة البرلمانية الثانية إلى بحث فكري حول الهوية الوطنية. وعليه فإن كل مقاربة تهدف إلى فهم أعمق لأزمتَي التمثيل السياسي والاستقرار المؤسسي للدولة تسوق إلى التساؤل حول مدى استجابة أساليب التمثيل داخل مجلس الأمة لعدم تجانس البنية الاجتماعية للدولة وللكتلة المهيمنة داخلها، ومدى قدرة المجلس على تأمين الاستقرار السياسي والمؤسسي ومساهمته في تأمين وظيفتَي الضمان والتوقع على المدى البعيد؟

لا غرو في أن بناء نظام تعددي في الجزائر لم يتطلب إجماعاً حول حدّ أدنى من القيم فحسب، وإنما تجسيدها أيضاً عن طريق أدوات دستورية، ما جعل المسألة الدستورية تشكّل أحد الرّهانات الكبرى للأزمة السّياسية التي عرفتها الجزائر، مطلع سنة 1992‏[5]، فإقرار المؤسس لتقنيات الدستورالية التعددية جعل الدستور يحتل مكانة تقع في عمق عملية ضبط النزاعات السياسية‏[6]، وهو الأمر الذي أدى إلى توافق إقرار العملية التأسيسية سنة 1996 بوجود نزاعات على المسرح السياسي مع اعتماد وسيلة مؤسّسية تؤمّن حلّها، هي تأسيس غرفة ثانية في البرلمان. وعليه، يعدّ تأطير النزاعات السياسية والحؤول دون المظاهر العنيفة لها الوظيفة الأساسية للثنائية البرلمانية في الجزائر، الأمر الذي انعكس على تمثيلية مجلس الأمة، ما يفيد أن الثنائية البرلمانية الوطنية تحرص، في أول المقام، على دمج عناصر الكتلة المهيمنة ضمن دائرة التمثيل الوطني، وهو ما يجعلها تندرج ضمن طائفة الثنائية البرلمانية السياسية‏[7]. غير أن هذه الثنائية البرلمانية الجمهورية لا تريد أن تتميز بطابعها السياسي فحسب، بل بطابعها الوظيفي الفعّال أيضاً.

فنتيجة المفاعيل السلبية التي رتبتها التناقضات التي تخللت عناصر الكتلة المهيمنة، قام المؤسس سنة 1996 بدمج عناصرها في أجهزة التمثيل الوطني بواسطة فاعل دستوري يبدو الأكثر كفاءة لإقامة توازن بينها (رئيس الجمهورية). حظيت الجزائر عقب استقلالها بثلاث شرائح للبرجوازية‏[8]. وقد كان للتنمية الاقتصادية، التي خاضتها في ظل مرحلة رأسمالية الدولة، بالغ الأثر في تطورها ووجدت كل الامتيازات لحمايتها وازدهارها‏[9]. غير أن أهمّ انعكاس لهذه التنمية تمثل بتضخّم مذهل للبرجوازية العمومية المحلية: البيروقراطية والتقنوقراطية‏[10]. لقد أمّنت البيروقراطية الجزائرية مسؤولية تاريخية، إذ سخرت قوة الدولة السياسية من أجل توسيع نمط الإنتاج الرأسمالي، ممهدة بذلك لبروز بيروقراطية معاصرة وإلى جانبها برجوازية صناعية. بناءً على ذلك أفرزت هذه المرحلة برجوازية جديدة ذات صبغة تقنوبيروقراطية احتلت مكانة مهمة داخل النظام السياسي. فالبيروقراطية والتقنوقراطية تمثلان محور الطبقة المهيمنة على الدولة والحاملة لمشروع تنمية الأمة، وظلتا تشكلان عمود الدولة الجزائرية وفق الهيكلة التي رسمت منذ 19 حزيران/يونيو 1965‏[11]. ومع هذا التضخم للبرجوازية فإن شرائحها لم تكن متجانسة في مركزها ومكانتها في علاقات الإنتاج؛ الأمر الذي انتهى إلى بروز صراعات اجتماعية داخلها، أفضت إلى تباين استراتيجية كل طرف منها بعد انتهاء التحالف الاجتماعي الذي كان قائماً‏[12]. وقد رتب ذلك تباعد استراتيجية كل شريحة منها إزاء القطاع العام‏[13].

لقد ساق انتقاد شرائح البرجوازية، وبخاصة البيروقراطية منها، للتجربة التنموية إلى توجيه الدولة نحو تحويل سلطتها الاقتصادية إلى القطاع الخاص مع الأخذ بعين الاعتبار استراتيجية كل فئة‏[14]، الأمر الذي حرمها الانسجام البنيوي لاحقاً، ومنعها من الوصول إلى التماسك والترابط القيادي المطلوب لكل طبقة قائدة. فحتى وإن سيطرت البرجوازية الصغيرة والمتوسطة على جهاز الدولة، فإنها لم تستطع أن تطوّع باقي القوى الاجتماعية وتخضعها إلى برنامج مجتمع محدّد الأمر الذي يفسر جانباً كبيراً من أزمة النظام السياسي وطبيعته‏[15].

وحتى مع التحول الدستوري لسنة 1989 ظل الوضع على حاله، إذ لم يكن بوسع البرجوازية تحمّل مسؤوليتها التاريخية بالظهور بمظهر الطبقة المهيمنة، فهي «في إطار التكوين، بعيدة من أن تمثل طبقة اجتماعية مشكَّلة بصفة تامة»‏[16] ولها امتداد اجتماعي عريض. مع أن ذلك لا يعني تفريط البرجوازية في مصالحها العامة. ولما كانت مؤسسات دستور 1989 التمثيلية عاجزة عن أن تكفل لها ذلك، فقد تحتم إيجاد صيغة جديدة لفرض سيطرتها السياسية، الوضع الذي كرّسه تأسيس مجلس الأمة وتمكين رئيس الجمهورية من التحكم في تدفق الاتجاهات السياسية داخله، لتبقى الجزائر تركز وضعية للسيطرة على صعيد ممارسة السلطة السياسية بلا هيمنة‏[17]. فاستبعاد فكرة الوحدة الاجتماعية للمجتمع الجزائري‏[18] ساق إلى الإقرار بالتنافس السياسي وإلى إيجاد إطار مؤسسي لاحتواء هذه التناقضات سانحاً لها التواجه بحثاً عن أرضية مشتركة بينها. وقد استجاب أسلوب التعيين من طريق مجسّد وحدة الأمة‏[19] لمأسسة هذه التناقضات ضماناً لحالة من الاستقرار والتوازن بينها‏[20]، وهو توازن موجّه ومتحرّك؛ فهو موجّه لأن الهدف المتوخّى منه هو توجيهه لفائدة القوى المنتصرة سياسيّاً (التقنوبيروقراطية بالأساس)، ليتبين أن الأمر يتعلق بثنائية برلمانية تستجيب لتعقيدات الواقع السياسي وتسمح بتلطيف ضغوطه، بتوفير عدد أكبر من المقاعد للتوزيع‏[21]. وما يزيد هشاشة البناء الوطني حدّةً، هو حضور تنافس نزاعي بين هذه القوى السياسية المنتصرة. وإذا كان رفض هيمنة الإسلاميين على السلطة التشريعية يبدو هو الباعث لاعتماد الثنائية البرلمانية، فإن رفض الهيمنة على أجهزة الدولة من طرف عنصر واحد من عناصر الكتلة المهيمنة يبدو دافعاً رئيساً لاعتمادها، ذلك أن التنافس بين عناصر هذه الكتلة هو الذي يسبب الوضعيات النزاعية ومن ثم عدم الاستقرار السياسي. ومن أجل مواجهة التنافس على اكتساب مواقع في النظام يأتي اعتماد هذه التركيبة لمجلس الأمة لكونها توفر إمكانات أكثر لتوزيع مناصب سياسية على مختلف عناصرها. فالثنائية البرلمانية تقنية لا غنى عنها للنظام السياسي لأنها تؤمّن لعناصر الكتلة المهيمنة تولي مناصب إضافية لتمثيل الأمة وتسهيل عملية التفاوض بين عناصرها، من طريق سلطة التعيين الشخصية التي يحظى بها رئيس الجمهورية‏[22].

ومع هذا، تجد هذه السلطة بعض الحدود، إذ على رئيس الجمهورية ممارستها في ظل احترام شرط اختيار الأعضاء من بين الشخصيّات والكفاءات الوطنيّة في المجالات العلميّة، الثقافيّة والمهنيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة‏[23]. لكن بخلاف ذلك، سجلت الممارسة تعارضاً بين تشكيلة هذا الثلث وإرادة المؤسس الذي سعى لأن يجعل منها مجالاً لاختيار الكفاءات‏[24]. يبرز ذلك من خلال تعيين الشخصيات من فئة المجاهدين وأعضاء جيش التحرير الوطني، والشخصيات السياسية القديمة التي عرفتها الساحة السياسية منذ الاستقلال.

يُبرز هذا الواقع عدم انسجام الممارسة مع الأهداف التي رمى المؤسس إلى تحقيقها، فهذه الممارسة تكشف عن علة ظلت لصيقة بالتطور الدستوري الوطني، هي انغلاق النظام الدستوري ورفضه تجديد النخب السياسية‏[25]، وهو الأمر الذي يفسر قيام رئيس المجلس الدستوري بإلحاق سلطة التعيين بالسلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية تأميناً لمراقبة أجهزة التمثيل.

فقبل العملية التأسيسية لسنة 1996 لم يرصد المؤسس من الحلول ما هو كفيل لمواجهة العامل الأغلبي الذي كانت له انعكسات كشفت عن ضعف النظام الدستوري، الأمر الذي أوجب تأسيس غرفة برلمانية ثانية تتقاسم دورها في تحقيق الاستقرار المؤسسي مع رأس السلطة التنفيذية. لقد عمد المؤسس إلى منح رئيس الجمهورية وظيفة الموجّه وحماية الدولة في حال وجود أزمة حادة تهدّد البلاد، ما جعل مؤسسة الرئاسة هي المفتاح الحقيقي لبناء الدولة المستقلة‏[26]. وحتى وإن ظل تعزيز مكانة السلطة التنفيذية على حساب السلطة التشريعية هو العامل الموجه في هذا البناء، فإن مسألة المؤسسات تتجاوز المجال السياسي والقانوني؛ فهنالك فاعلان أساسيان بحثا عن ضبط طرق إدارة وتمثيل المصالح داخل المجتمع وفق عوامل الفعالية، يتعلق الأمر بالتقنوقراطية العسكرية والمدنية والبيروقراطية.

لقد وقع اختيار هاته الأطراف على نمط إدارة «علمية» للدولة تتم وفق الوسائل الاقتصادية على حساب الانسجام القانوني؛ فالأولوية الاقتصادية في اتخاذ القرار السياسي هي العامل الذي جمع هذه العناصر بهدف تعزيز مكانتها وحتى تكون حليفاً لمؤسسة الرئاسة‏[27]، فضـلاً عن الحذر من البرلمانيين السياسيين باعتبارهم أدوات للتفرقة‏[28]، ما يبرر استغلال الثنائية البرلمانية والتركيبة المكيّفة للغرفة الثانية فيها لدمج هذه القوى في مؤسسات التمثيل الوطني وجعلها الحليف الموضوعي لرئيس الجمهورية لرقابة أغلبية برلمانية مغايرة للأغلبية الرئاسية.

وعليه فإنه يتعذر فهم حقيقة الثنائية البرلمانية في الجزائر كاملة، وطريقة تصميمها، ما لم يؤخذ في الحسبان اهتمام جوهري للمؤسس يكمن في مواجهة عدم الاستقرار الحكومي، في حال غياب أغلبية برلمانية مساندة لرئيس الجمهورية. وبما أن الأغلبية البرلمانية تظل حبيسة القانون الانتخابي، الذي ليس بوسعه تحديد لونها ولا تركيبتها مسبقاً، فإنه من الواجب أن تترتب على النظام الدستوري. من أجل ذلك تم تسخير كل مصادر الهندسة الدستورية لهذا الغرض، وحتى لا يلجأ إلى وسائل دستورية تفضي إلى طرح نزاعه مع أغلبية برلمانية مضادة على التحكيم الشعبي، كيّف المؤسس تركيبة مجلس الأمة على نحو جعل ثلث طبقته السياسية مساندة لرئيس الجمهورية. فالسماح لهذا الأخير بتعيين ثلث الأعضاء لا يقتصر على دوره كضمانة لاختيار توجهاتهم السياسية، بل أن يجد فيهم سنداً في مواجهة الغرفة النظيرة لها تمكّنه من تعطيل كل مسار تشريعي لا يحوز موافقته‏[29].

هذا التوجه في إقصاء الاختيار الشعبي من اختيار ثلث أعضاء المجلس، تم تعزيزه بالتوسّل بمبدأ تمثيل الجماعات الإقليمية للحد من تأثيرات قوة الرأي العام في اختيار ما تبقى من أعضاء وتعزيز الوحدة الوطنية. فمن وجهة نظر قانونية، يتعذر في دولة بسيطة كالجزائر قيام التمثيل السياسي على بعد واحد ديمغرافي أو إقليمي، حتى وإن كان البعد الديمغرافي هو الغالب. إلا أن تطور وضعية المواطنين حيال الدولة أوجب عليها تثمين إقليمها وفق قاعدة التمثيل الجغرافي. وعلى هذا، فإنه حتى وإن كان من الواجب أن يأخذ التمثيل السياسي مكانه في إطار إقليمي فإنه يحظى بالأساس بقاعدة إنسانية، ومن ثم من العسير الجزم بقيام مجلس الأمة بتمثيل الإقليم، لمجرد إغفال مبدأ التوازن الديمغرافي في تحديد عدد ممثلي كل دائرة انتخابية لحساب مبدأ المساواة الإقليمية.

نتيجة لذلك فإن تمثيل الدوائر الانتخابية الأقل كثافة سكانية على قدم المساواة مع الدوائر الأكثر كثافة، في مجلس الأمة، هو في حقيقته تثمين لسكانها. وعليه يبدو أن المشرع أراد أن يعكس، من خلال هذا المعطى داخل المجلس بعداً محافظاً، وهذه الروح المحافظة هي روح السكان لا روح الإقليم. فمن أجل إقصاء قانون العدد قرر المشرِّع منح كل دائرة انتخابية عدداً مساوياً من الممثلين، بغض النظر عن المعطى الديمغرافي، لأن في هذا وسيلة للحد من تأثيرات الدوائر الانتخابية الأكثر تركيزاً ديمغرافياً‏[30]؛ بينما يعكس هذا التوجه، أيضاً، وضعية المواطنين حيال الدولة التي لم يعد بمقدورها الاكتفاء بحماية إقليمها على نحوٍ سلبي وإنما تثمينه ضماناً لعدم هجره من طرفهم أو تفضيلهم الخضوع لسلطة أخرى‏[31].

من هذا المنطلق، وتبعاً لتعثر محاور التنمية المتوازنة لكل الإقليم الوطني، ظلت الجزائر تواجه مصاعب بخصوص طريقة تأمين تجانس شروط الحياة على مجمل مناطقه، تفادياً لظاهرة الإقصاء التي قد تخلص إلى تفكك الترابط الاجتماعي وقصور الآليات التقليدية للدولة لضمان تماسك الأمة في مجموعها‏[32]. وفي مواجهة ذلك عمل المؤسس على تحقيق حد أدنى من التجانس على الصعيد السياسي، من خلال تمثيل المواطنين وفق معيار جغرافي. فأمام فشل سياسة تهيئة الإقليم، الوضع الذي أذكى الشعور بظاهرة الإقصاء فضـلاً عن هشاشة الوحدة الوطنية، وإتساع رقعة الإقليم الوطني وعدم التوزيع المتوازن للسكان عليه، تم اعتماد التمثيل المتساوي لمختلف الدوائر الانتخابية على أساس جغرافي. ولما كان القانون يعنى بتنظيم الإنسان لا التراب، فإنه ليس بوسع الإقليم أن يعكس عدم التوازن وإنما السكان. وعليه، ومن أجل تجاوز هذه الفروق الإنسانية والاجتماعية ومعالجتها على نحوٍ موضوعي، يأتي هذا النوع من التمثيل كحل من بين عدة حلول أخرى. فالعبرة إذاً على هذا المستوى ليس هم الأفراد المعرفون بجنسهم أو بثقافتهم أو بلغتهم وإنما باعتبارهم سكاناً متميزين بانتمائهم إلى دوائر إقليمية تمثل عائقاً‏[33] في وجه تحقيق قواعد العيش نفسها لكل المواطنين.

هذا ما يسوق إلى القول بأنه حينما اختار المؤسس التمثيل الإقليمي، فإن ذلك تم بدافع اهتماماته العملية التي من بينها أيضاً جعل المجلس كعائق في مواجهة الاقتراع العام. فقد أبدى مهندسو توقيف المسار الانتخابي تحفظهم بشأن التحكيم الشعبي الذي عكسته نتيجة الانتخابات التشريعية سنة 1991؛ فالنتائج التي أفرزتها جعلتهم يحذرون من هذا التجلي للإرادة الشعبية. إذ إن الإقصاء الكلي لبعض القوى السياسية من المشهد السياسي هو الذي يفسر حجم الصدمة التي منيت بها هذه الأخيرة ورسخت لديها عقيدة خطورة الإرادة الشعبية، فكان من الضروري إخضاع هذه الإرادة غير المنضبطة للرقابة حتى حينما تعبر عن رأيها بطريقة شرعية. هذا القلق من القوة الديمقراطية للشعب كشف عن تعدد السبل التي حاول المؤسس والمشرِّع وضع عقبة في مواجهتها. وإذ لم يقدَّر للقانون الانتخابي، في ظل الحفاظ على الأحادية البرلمانية، إسعاف المشرِّع بوسائل مقبولة لكبحها‏[34]، فإن اللجوء إلى إعمال مبدأ الفصل داخل البناء البرلماني، أشبع مطلب المؤسس هذا.

من أجل ذلك، تم التفكير في إنشاء مجلس عقلاء يتولى دور الوساطة بين السلطات العمومية والجبهة الإسلامية للإنقاذ. غير أن هذا الحل سرعان ما أبان عن صعوبة دمجه في الهندسة الدستورية التي يوفرها دستور 1989، فاستُبعدت الفكرة. مقابل ذلك اقتُرح تأسيس غرفة برلمانية ثانية أثناء مرحلة الإعداد للحوار الوطني. لقد بدا أنه كان في وسع الجزائر تحاشي أزمة سنة 1992 لو أن هندستها الدستورية ضمت غرفة برلمانية ثانية‏[35]. بهذا سعى المؤسس، خلال عمليتين دستوريتين سنتي 1993 و1996 إلى تضمين الثنائية البرلمانية الهندسة الدستورية القائمة، وفي الحالين أخذت العملية الدستورية في الحسبان مطلب كبح الإرادة الشعبية‏[36]. فالمبررات المعلن عنها في مذكرة تعديل الدستور‏[37] تخفي الأسباب الفعلية لاعتماد الثنائية البرلمانية، وعليه فإن الأهداف الحقيقية التي تقف وراء عملية التأسيس يمكن استنتاجها من تسلسل الأحداث السابقة لهذه العملية. ففي إثر الانتقال إلى التعددية الحزبية ظهرت الجبهة الإسلامية للإنقاذ كقوة سياسية اكتسحت الساحة السياسية. وقد شجّعت نتائج الانتخابات المحلية التي حصّلها هذا الحزب على المطالبة بتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية مسبقة. الفوز نفسه الذي حققته الجبهة الإسلامية للإنقاذ على مستوى الانتخابات المحلية تكرر على مستوى الانتخابات التشريعية، الأمر الذي كان سيسمح «… لها بتشكيل حكومة «تيوقراطية» وزوال النظام الجمهوري. وتحسباً لاحتمال تكرار هذه التجربة، وقصْد ضمان دوام النظام الجمهوري، تم التفكير في وسيلتين دستوريتين هما تدعيم سلطات وصلاحيات رئيس الجمهورية… وإنشاء مجلس الأمة»‏[38]، الذي يظهر كوسيلة تقي الماسكين بالسلطة من كل لحظة تاريخية حرجة محتملة شبيهة بتلك التي عرفتها الجزائر في سنة 1991‏[39]؛ فالسبب الحقيقي الذي يقف وراء تعديل الدستور سنة 1996 هو طريقة لتجنب حزب، يقدّم سيادة الله على المسائل الزمنية ومن ثم معادٍ للديمقراطية ولسيادة الشعب، من أن يستفرد بالسلطة بطريقة شرعية عن طريق الصندوق‏[40].

لكن من غير المنصف قصر تأسيس مجلس الأمة على هذا السبب، فحقيقته تبدو أكثر تعقيداً. هذا ما جعل الدور الذي صمّمه المؤسس له، على الصعيد المؤسسي، متمشياً والسّماح له بالتأثير في ماجريات الحياة الوطنيّة على نحوٍ مؤثّر وفعّال. وعليه، يحكم مساهمته في اتخاذ القرار السياسي مبدآن مديران: الحوار والوفاق في اتخاذ القرارات التي تخص الحياة العامة، وضمان التوازن والاستمرارية في الممارسة المؤسسية.

ما من شك في أن مساهمة مجلس الأمة في إعداد القانون تعد أهم وظيفة له؛ فأهمية مساهمته ونوعيتها تبرزهما خصوصية طرق عمله، على نحو يخلص إلى إثراء المسار التشريعي. وإذ تضفي خصوصية تركيبته والمصالح التي تحرّك أعضاءه صفة الخبير عليه في المجال التشريعي، فإن هذه الميزة التقنية لعمله وطيدة الصلة بزمن تدخله أثناء المسار التقريري، فهو صاحب النظرة الأخيرة على النصوص القانونية والماسك بسلطة تقرير مدى الصلاحية التقنية والسياسية لها‏[41]. وإذ يشكّل مبدأ المساواة بين غرفتَي البرلمان مظهراً مميّزاً للثنائية البرلمانية الوطنية، فإن الإجراءات التشريعية تكشف عن منع المجلس من المساهمة في رسم السياسة التشريعية للدولة. فالظاهر أن الدستور يلازمه خلل من الناحية النظرية بسبب تنازع مبدأين دستوريين: يقر أولهما‏[42] مساواة تامة بين غرفتي البرلمان في إعداد القانون، بينما يحدّد الثاني‏[43] مصادر العمل الذي تنطلق به الإجراءات التشريعية التي لا يعد مجلس الأمة أحدها.

لكن مقابل سحب حق المبادرة باقتراحات قوانين منه، مكّن المشرع مجلس الأمة من سلطة التأثير في مضمون النصوص التشريعيّة عن طريق إعمال حقه في التعديل‏[44]، ليمثّل هذا الحق الشكل الأساس – وليس الوحيد – للمبادرة البرلمانيّة لمجلس الأمة. وقد دفعت ضرورات فاعليته العمليّة التشريعيّة إلى إقرار هذا الحق للجهاز الأساس الذي يكفل منهجة عمله التشريعي، اللّجان الدائمة، دون الأعضاء‏[45] الذين وفّر لهم النظام الداخلي حق تقديم ملاحظاتهم المكتوبة حول النص الذي أَعدّت بشأنه اللّجنة المختصّة تقريرها التمهيدي‏[46]. غير أن الممارسة أكدت منع رئيس المجلس والحكومة الأعضاء من ممارسة حقهم هذا تارة تحت مبرر أن ممارسته تخلص إلى تعطيل وعرقلة العملية التشريعية، وتارة أخرى تحت مبرر أن القانون لا يجيز لأعضاء المجلس مثل هذا الحق‏[47].

ولئن ثبت أن مجلس الأمة لا يشكل جهازاً للمبادرة، فهو لا يبرز أيضاً كجهاز للمناقشة البرلمانية التي تمتاز بكونها متعددة الأقطاب، إذ تسهم فيها عدة أجهزة تعمل جميعها على التحضير للجلسة العامة لتتجلى، في نهاية المطاف، كثمرة لعمل مكثّف تحتكر اللجان الدائمة جلّه؛ فهذه الأخيرة تشكل مصفاة إلزامية لكل نص أحيل عليها بهدف المصادقة. فهي، إلى جانب الدور الحاسم الذي تتولاه على مستوى دراسة النصوص تقنياً، تمثل ظاهرة سياسية لتقسيم الجسم البرلماني بهدف إقامة نوع من التحقيق يبدأ بمناقشة أوّليّة لها داخلها، لينتهي بإعداد تقرير يكون أساس المناقشات في الجلسة العامة‏[48]. ومع ذلك، فرغم ما تحظى به اللجان الدائمة من صلاحيات فهي لا تشكل «مخابر تشريعية فعلية».

وما دام مجلس الأمة هو صاحب تقرير مدى الصلاحية السياسية والتقنية للنصوص القانونية فإن بوسعه أن يكوِّن عائقاً في وجهها، الأمر الذي يجعل وظيفته هذه تتخذ طابعاً سلبياً، ولا سيَّما أن المصادقة على النصوص تتطلب نسبة تصويت معززة. فهذا المظهر السلبي لسلطته، رغم صحة ملاحظته لا يبدو العنصر الوحيد الذي يطبع المسار التشريعي، حيث حاول المؤسس تركيز وسائل تدخله على فكرة تحقيق الإجماع عند اتخاذ القرار التشريعي، علاوة على مبدأ الحوار والتسوية الذي يطبع مسار مشاركته في القرار السياسي، ولا يتجلى الطابع السلبي لسلطته في الكبح إلا حينما تعوزه أدوات الاقتراح والتوافق.

من هذا المنظور، يأتي تأسيس اللجنة المتساوية الأعضاء قصد التوفيق بين موقفَي غرفتَي البرلمان بشأن كل نص تشريعي تعذرت المصادقة عليه من قبلهما، ليبدو البحث عن التسوية بين مختلف الفاعلين التشريعيين كاهتمام رئيس في مسار اتخاذ القرار التشريعي‏[49]. لقد أقر نص المادة 120 من الدستور ثنائية متساوية على هذا المستوى، إلا أنه انطلاقاً من طلب اجتماع اللجنة المتساوية إلى غاية منح الكلمة الأخيرة لمجلس الأمة، تتوقف الإجراءات التشريعية على إرادة الحكومة، كما أنها مصممة لمصلحة المجلس. فهذا المسلك وإن كان ضرورياً فإنه يتم تحت إدارة الحكومة ووفق ما يقرره تصويت مجلس الأمة، ذلك أن الإجراءات التشريعية داخله تقوم على جملة من القرارات تسهم جميعها في تشكيل القانون، وبانتهاء هذا المسار يخلص المجلس إلى المصادقة على النص المحال عليه، لتبرز المصادقة كتصرف ينهي المداولات التشريعية وكتجسيد لهذه القرارات المتتالية. فالتصويت يعبر عن شكل أغلبية والموقف المعتمد هو الذي يحصّل نصاب ثلاثة أرباع الأصوات المعبَّر عنها.

إن الهدف الذي يرمي إليه المؤسس من وراء ذلك هو أن يجعل منه جهازاً يعبّر عن إجماع، أو شبه إجماع، الطبقة السياسية حول القرارات التي تخص الحياة العامة. ولما كان تأمين الإجماع في العملية التشريعية أمـلاً لا رجاء في تحققه في الجزائر، فإنه أمام تصميم الأقلية على عدم الخضوع لرأي الأغلبية فرض الحفاظ على استقلال الأقلية اعتماد هذه الأغلبية المعززة عند التصويت على النصوص القانونية، أياً كانت طبيعتها وبلا استثناء‏[50]. هذا ما يجعل من مجلس الأمة «مكاناً – وسطاً» يخدم مختلف المصالح الحاضرة في المجتمع، ومجالاً يحقق الإجماع الذي لا يراد به اتفاق مسبق بين مختلف القوى السياسية حول الموضوع أو حول المحتوى، ولكنه اتفاق حول «قواعد اللعبة» الواجبة الاحترام من أجل مناقشة هذا الموضوع أو هذا المحتوى في حد ذاته‏[51].

بيد أن الأبعاد الديمقراطية لهذا الاختيار تحجب طابعاً تحكّميّاً، فالهدف من ورائه هو أن يشكل مجلس الأمة سلطة تعويقية في وجه الأغلبية. وجليّ أن المؤسس لم يراهن في ذلك على كامل تركيبة المجلس، بل اختار الثلث المعين لأدائها. ومهما يكن من أمر، فإن هذه المهمة ليست موقوفة على هذا الشرط فحسب، بل إنها مرتبطة أيضاً بوعي الطبقة السياسية المشكلة للمجلس بالمهمة المنوطة به: فتعديل سلطة الأغلبية يجب تأديتها مهما كان لون الأغلبية من دون أن يضلّ المجلس الطريق فيتحول إلى جهاز للانسداد وعدم الاستقرار حيناً، أو مجرد غرفة للتأييد ومن ثم عدم التأثير، حيناً آخر‏[52].

وحتى وإن برز المجلس، حتى اللحظة، كاستجابة منطقية للاختلالات التي طبعت الحياة السياسية على نحو جعل سماته العضوية والوظيفية تجيء انعكاساً لهذا الواقع، فقد أراد له المؤسس أن يكفل للنظام المؤسسي، وللسبب نفسه خصائص لا غنى له عنها. فعند هذا المستوى من التفكير تتخذ الثنائية البرلمانية الوطنية أبعاداً جديدة، يتجلى مجلس الأمة، من خلالها، كضامن وكحام للنظام المؤسسي.

فبمجرد إقرار التعددية السياسية، عجزت الحيادية القانونية لمفهوم المواطنة عن تجاوز الخلافات التي تعبر الجسم السياسي، ما فرض على القانون الدستوري الوطني ضرورة الإجابة عن مسألة تعريف الهوية الجماعية الوطنية، والأقليات، وتنظيم الدولة والتعددية الوطنية‏[53]. وقد أتاح هذا الوضع للقانون الدستوري الوطني فرصة التّكيّف مع الواقع المستجد تحقيقاً للحق في الاختلاف وتوفيقاً بينه وبين تماسك المجموعة الوطنية، بالربط الحميم بين مجلس الأمة ونظرية سيادة الأمة. لقد تعرض مفهوم الأمة في بعض المراحل من تاريخ الجزائر المعاصرة لأخذ وردّ بلغ حدود التنكّر له‏[54]، الوضع الذي جعل من مأسسته أمراً ضرورياً. وإذا كانت بعض العوائق ذات الطبيعة النظرية، تقوم على تمييز أوّلي بين مفهومَي الشعب والأمة تحول دون تفرّد المجلس بتمثيل الأمة، فإن جملة من المصاعب هي على صلة ببنية النظام السياسي الجزائري تحول دون احتكار المجلس هذا الدور. فتاريخ الجزائر المستقلة لم ينشئ دولة – أمة وإنما أنشأ أمة من جهة، ودولة من جهة أخرى، تربطهما علاقة تبعية تنتج أزمات على الدوام يعود مصدرها إلى التصورات التي تؤسس للأمة والحدود المفروضة على الدولة‏[55]. ذلك أن الانتماء إلى الأمة يتم وجوباً عبر وساطة الجيش، بوصفه مجسد الأمة وبالتبعية مصدر السيادة الوطنية، لا الدولة.

وتعزيزاً للبعد الحمائي للنظام المؤسسي، أوكل المؤسس للثنائية البرلمانية الوطنية مهمة حماية سلطة الدولة من أي شغور من طريق ضمان الاستمرار المؤسسي للدولة، وتأمين احترام التوازنات الأساسية للمجموعة الوطنية. فإذا كانت مساهمة مجلس الأمة في الوظيفة التشريعية تحكمها ثنائية متوازنة، فإن ثنائية تامة هي التي تطبع دوره في مجال السلطة التأسيسية الفرعية على نحو جعلت منه حارس قواعد الحياة المشتركة للمجموعة الوطنية. لقد ارتسم في أفق التعددية السياسية التي تبنتها الجزائر نظام حقيقي للتداول على السلطة تتأسس من خلاله حكومات «رأي» ينتج من تداولها تغير مشروع المجتمع ذاته، الأمر الذي من شأنه تهديد الوحدة الوطنية، ما فرض إعطاء النظام السياسي التعددي إطاره المنسجم، من خلال وفاق سياسي وطني حول إحترام المبادىء الأساسية والثوابت الوطنية التي تشكل أسس النظام السياسي التعددي.

ومهما يكن من أمر، فإن مقابلة الخروقات المحتملة لهذا الوفاق الوطني بأحكام جزائية لم تبدُ كافية بالنظر إلى الطبيعة الهجينة لها، ومن ثم، وتأميناً لعدم خروج الممارسة السياسية عن الإطار الذي رسمه هذا الوفاق، عزّز المؤسس تلك الحماية بضمانة مؤسسية لوضع حد لكل ممارسة من شأنها المساس بهذه القاعدة المشتركة لكل المجموعة الوطنية، من خلال اعتماد صيغة مركبة للجهاز الدستوري الذي يعكس الصراعات السياسية. إلا أن هذه الحماية تتخذ أبعاداً متباينة تبعاً للجهة مصدر المساس بهذه الأرضية الأيديولوجية. ففي الوقت الذي يتمتع مجلس الأمة بحق الاعتراض على مبادرات الغرفة النظيرة له على هذا الصعيد، فإنه يتحول إلى مساند لمبادرات رئيس الجمهورية، فهو مصمم لحماية قواعد الحياة المشتركة، ولكن بصورة نسبية، الوضع الذي بالوسع رصده أيضاً بمناسبة ممارسة رقابة الدستورية. فلا يزال القانون في الجزائر يمنح حقاً مطلقاً على نحو تسيء فيه الأغلبية إلى غيرها، فليس بمقدور الدستور وضع حد لسيادة القانون نتيجة قيام تعارض بين البعد التمثيلي لمجلس الأمة وممارسة رقابة الدستورية: فإذا كان توسيع مجال التمثيل الوطني هو أحد مبررات تأسيس المجلس، بما يكفل تمثيل الأقليات الوطنية، فإنه من دون الإقرار لهذه الأخيرة بمركز دستوري ومنحها سلطة الإخطار يفقد هذا المبرر مدلوله. فضـلاً عن ذلك، فإن تقاعس رئيس المجلس عن ممارسة حقه في إخطار المجلس الدستوري يعوق فاعلية رقابة الدستورية ‏[56].

والأكيد أن المكانة الموكلة إلى رئيس مجلس الأمة داخل الدولة، ولا سيَّما تأمين استمرار الوظيفة الرئاسية، هي وليدة ما عرفته الجزائر من شغور للسلطة في مطلع سنة 1992 نتيجة تزامن الشغور المزدوج لرئاسة الجمهورية والمجلس الشعبي الوطني. وعليه، فمن أجل الحؤول دون شغور السلطة ودون السماح بالانقلابات العسكرية، أوكلت مهمة تأمين الاستمرار المؤسسي للدولة لرئاسة مؤسسة تجهل الشغور والقطيعة نتيجة طريقة تجديد تركيبتها ولعدم قابليتها للحل، الأمر الذي يجعل رئيس مجلس الأمة رمزاً لديمومة مؤسسات الدولة. على أنه يتعين عدم التسليم بهذه المقتضيات على إطلاقها، فقد أثبتت التجربة إمكان الحؤول دون تأمين رئيس مجلس الأمة استمرار الوظيفة الرئاسية. لا ريب في أن هذا الوضع يثبت مدى هشاشة النص الدستوري في مواجهة الممارسة، ولا سيَّما إذا تعلق الأمر بمنصب رئيس الجمهورية.

هذا ما يكشف مجدداً عن هشاشة فكرة مأسسة السلطة في الجزائر، فضمان الاستمرار المؤسسي للدولة غير موقوف البتة على وجود مؤسسة دائمة تجهل القطيعة من عدمه، بقدر ما هو وثيق الصلة بالإجماع الحاصل حول الشخصية التي تتولى منصب رئاسة الدولة‏[57]، إلى جانب مدى سرعة قيام هذا الإجماع، ذلك أنه في حال غياب مثل هذا الإجماع سوف يصعب تصور تولي رئيس مجلس الأمة رئاسة الدولة وتنظيم انتخابات رئاسية في الآجال التي يحددها القانون الأساسي.

لا ريب في أن هذه النقائص لا تفقد هذه الغرفة البرلمانية قيمتها العمليّة، ما دامت تسمح بتحقيق السلم المؤسسي. فإذا كانت الثنائيّة السياسيّة ذات الصلة بعلاقة مجلس الأمة بالحكومة قد كرست احتجابه على هذا الصعيد، الوضع الذي جرّد أدواته في تقييم السياسات العمومية من كل أثر، لم يتوان المؤسس في أن يؤمّن له دوراً مركزياً حينما تطرح المسؤوليّة السياسيّة للحكومة، أمام المجلس الشعبي الوطني، فأناط به مهمّة تأمين التوازن السياسي بين الأغلبيتين البرلمانيّة والرئاسيّة في حال تقابلهما، توازن قد يختل لمصلحة الأغلبيّة الرئاسيّة من طريق تدعيم مجلس الأمة للمركز السياسي لرئيس الجمهورية عندما توضع الحكومة موضع الأقليّة.

لا ريب في أن مجلس الأمة مصمم كي يمثل مختلف العناصر الوطنية، يحقق اعتدال السلطة يبحث عن التسوية ويضمن الاستمرارية، وهي وظائف تحدد غايات تأسيس غرفة ثانية في البرلمان. غير أن استمراره وعصرنة عمله لا يتوقفان عند هذه الحدود، بل يتعين البحث داخله عن الخطوط الموجهة والمكرسة لمركز الأقليات والكفاءات العلمية الوطنية؛ ففي هذا يكمن شرط عصرنة عمله بل شرط استمراره. بهذا فقط تجد الثنائية البرلمانية الوطنية مبرر استمراريتها ويتحقق للعمل البرلماني داخل مجلس الأمة شروط عصرنته وإلا سيكون تراكماً فارغاً.

المصادر:

(*) تمثّل هذه الدراسة خلاصة الكتاب الذي صدر بالعنوان نفسه عن مركز دراسات الوحدة العربية عام 2018. اضغطوا على الرابط التالي للحصول على الكتاب:

مجلس الأمة الجزائري : بعده التمثيلي ودوره في الاستقرار المؤسسي

وقد نُشرت هذه الدراسة في مجلة المستقبل العربي العدد 469 في آذار/مارس 2018.

(**) محمد عمران بوليفة: أستاذ محاضر في جامعة قاصدي مرباح في ورقلة – الجزائر.

البريد الإلكتروني:   boulifa.mo@univ-ouargla.dz

[1] لا يعني ذلك قيام تعارض بين أيديولوجيا قانونية ذات طابع ليبرالي وبين نظام قانوني تسلّطي وإنما تفكك عنصرَي القانون. فكل قانون يحوي في طياته مقوّمين: مقوّم المشروعية، أي الإيديولوجيا القانونية، يليه المقوّم التنظيمي الذي يراد به النظام القانوني؛ علماً أن المقوّمين مترابطان وظيفياً على اعتبار أنه في اللحظة التي يعمل فيها القانون على التنظيم فإنه يستخدم لإضفاء المشروعية على ما يقوم بتنظيمه. انظر: Michel Camau: «Caractère et rôle du constitutionnalisme dans les Etats maghrébins,» Annuaire de l’Afrique du nord (1977), p. 380, et Pouvoirs et Institutions au Maghreb (Alger: Office des publications universitaires, 1983), pp. 148‑151.

[2] أفضل تجسيد لهذا التفاوت هو عجز الجزائر عن إيجاد بنى قادرة على ضبط النزاعات السياسية بمناسبة التنافس حول السلطة السياسية ولعب دور المعدل بمناسبة ذلك. انظر: Camau, «Caractère et rôle du constitutionnalisme dans les Etats maghrébins,» p. 381.

[3] Bernard Cubertafond, La République algérienne démocratique et populaire (Paris: Publication universitaire de France, 1979), pp. 124‑147, et Nasser-Eddine Ghozali, Cours de systèmes politiques comparés, tome 1: Les Systèmes libéraux (Alger: Office des publications universitaires, 1983), p. 10.

[4] Karen Fiorentino, La Seconde chambre en France dans l’histoire des institutions et des idées politiques (1789‑1940), bibliothèque parlementaire et constitutionnelle (Paris: Dalloz, 2008), p. 7, et A. Djebbar, «Conseil de la nation sagesse d’un Etat ou sagesse d’une Nation,» El Watan, 1/12/1997, p. 7.

[5] Mohamed Boussoumah, La Parenthèse des pouvoirs publics constitutionnels de 1992 à 1998 (Alger: Office des publications universitaires, 2005), p. 46.

[6] Keutcha-Tchapnga Célestin, «Droit constitutionnel et conflits politiques dans les Etats francophones d’Afrique noire,» Revue française de droit constitutionnel, no. 63 (juillet 2005), p. 452‑453.

[7] G. Tsebelis et J. Money, cité par, A. Laquièse, «L’histoire du bicaméralisme en France,» Revue politique et parlementaire, no. 1007 (juillet-aout 2000), p. 12.

[8] توجد البرجوازية التقليدية التي يشكل العقار والصناعة الصغيرة أساس ثرائها، البرجوازية البيروقراطية التي ورثتها الجزائر نتيجة تعمير الفراغ الذي تركته الإطارات الفرنسية بعد رحيلها، وتطورت فئة جديدة للبرجوازية هي التقنوقراطية. انظر: Cubertafond, La République algérienne démocratique et populaire, p. 121.

[9] A.-H. Ben Achanhou، ورد في: الأمين شريط، «خصائص التطور الدستوري في الجزائر،» (أطروحة دكتوراه غير منشورة، جامعة قسنطينة، 1991)، ص 286 وما بعدها.

[10] Ammar Koroghli, «Constitutionnalisme et développement en Algérie, analyse du processus institutionnel par la base en vue du développement,» (Thèse pour le doctorat en Droit, Université de Paris I, Panthéon- Sorbonne, 1985), pp. 254‑255.

[11] المصدر نفسه، ص 250 – 266.

[12] قويدر سمير ناير، ورد في: شريط، المصدر نفسه، ص 285.

[13] اعتمدت التكنوقراطية الموقف الدفاعي للحفاظ على سلطتها الاقتصادية عند محاولة البيروقراطية تهميشها من خلال إعادة هيكلة المؤسسات. إلا أن مقاومة هذه الأخيرة أدى إلى فشل إعادة الهيكلة تلك، وعادت الهيمنة للتكنوقراطية. بينما شكّل الموقف الهجومي عامـلاً مشتركاً لكل فئات البرجوازية الصغيرة المحلية، ولا سيَّما البيروقراطية التي كانت تبحث عن سلطة اقتصادية من خلال محاربة التقنوقراطية للتحكم فيها، الأمر الذي قادها إلى أن تخدم مصالح مختلف فئات البرجوازية. انظر: A.-H. Ben Achanhou، ورد في: شريط، المصدر نفسه.

[14] L. Addi، ورد في: شريط، المصدر نفسه، ص 290.

[15] قويدر سمير ناير، ورد في: شريط، المصدر نفسه، ص 285.

[16] Mohamed Brahimi, «Le Droit de dissolution dans la constitution de 1989,» Revue algérienne des sciences juridiques économiques et politiques (mars 1990), p. 82.

[17] المصدر نفسه.

[18] شريط، «خصائص التطور الدستوري في الجزائر،» ص 616.

[19] المرسوم الرئاسي الرقم 96 – 438 مؤرّخ في 7 كانون الأول/ديسمبر 1996، يتعلّق بإصدار نص تعديل الدستور، المصادق عليه في استفتاء 28 تشرين الثاني/نوفمبر 1996، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 76، مؤرخة في 8 كانون الأول/ديسمبر 1996، المادة 70 ف 1.

[20] Ghozali, Cours de systèmes politiques comparés, 1 Les systèmes libéraux, p. 10.

[21] Kossi Somali, «Le Parlement dans le nouveau constitutionnalisme en Afrique Essai d’analyse comparée à partir des exemples du Bénin, du Burkina Faso et du Togo,» (Thèse en vue de l’obtention du doctorat, université Lille 2, 2008), p. 206, et Mohammed Hachemaoui, «La Représentation politique en Algérie entre médiation clientélaire et prédation (1997‑2002),» Revue française de sciences politiques, vol. 53, no. 1 (février 2003), p. 205.

[22] المرسوم الرئاسي الرقم 96 – 438، المادة 101 ف 2، و Hachemaoui, Ibid., Somali, Ibid., pp. 207‑208.

[23] المرسوم الرئاسي نفسه، المادة 101 ف 3.

[24] صالح بلحاج، السلطة التشريعية ومكانتها في النظام السياسي الجزائري، ط 2 (الجزائر: مخبر دراسات وتحليل السياسات العامة في الجزائر؛ مؤسسة الطباعة الشعبية للجيش، 2012)، ص 132.

[25] شريط، «خصائص التطور الدستوري في الجزائر،» ص 621.

[26] Bastien François, «A quoi sert l’élection du président au suffrage universel?,» Parlement[s], vol. 2, no. 4 (2005), p. 128.

[27] المصدر نفسه، ص 128 – 130، وJean Leca, «Paradoxes de la démocratisation: L’Algérie au chevet de la science politique,» Pouvoirs, no. 86 (1998), pp. 15‑16.

[28] المصدر نفسه.

[29] Somali, «Le Parlement dans le nouveau constitutionnalisme en Afrique Essai d’analyse comparée à partir des exemples du Bénin, du Burkina Faso et du Togo,» p. 206, et Hachemaoui, «La Représentation politique en Algérie entre médiation clientélaire et prédation (1997‑2002),» p. 38.

انظر أيضاً: بلحاج، السلطة التشريعية ومكانتها في النظام السياسي الجزائري، ص 129.

[30] François Robbe, La Représentation des collectivités par le sénat, étude sur l’article 24 alinéa 3 de la constitution française du 4 octobre 1958, bibliothèque constitutionnelle et de science politique (Paris: Librairie générale de droit et de jurisprudence, 2001), pp. 165‑265.

[31] Jean Paul Markus, «La Continuité de l’Etat en droit public interne,» Revue du droit public et de la science politique en France et à l’étranger, no. 4 (1999), pp. 1070‑1087.

Célestin, «Droit constitutionnel et conflits politiques dans les Etats francophones d’Afrique noire,» p. 1098.

[32] Hubert-Gerald Hubrecht, «Quarante ans après, un Etat garant de la cohésion nationale,» Revue du droit public et de la science politique en France et à l’étranger, nos. 5‑6 (1998), p. 1363.

[33] المصدر نفسه، ص 1374.

[34] اقتُرح اشتراط بلوغ سن 25 لاكتساب صفة الناخب بدلاً من سن الثامنة عشرة المقررة قانوناً، لكن لم يلق هذا الاقتراح القبول على اعتبار أن الجزائر سوف تتنكّر للمكاسب السياسية العالمية على هذا المستوى منذ القرن التاسع عشر، وعليه كان من غير الممكن التراجع عن هذا المكسب الديمقراطي. ويبدو أن استبعاد هذا الاقتراح ليس مرده الحفاظ على المكاسب الديمقراطية، بقدر ما هو مرتبط بعدم تلبيته لرقابة هذا الجسم على نحوٍ فعّال. انظر: Robbe, La Représentation des collectivités par le sénat, étude sur l’article 24 alinéa 3 de la constitution française du 4 octobre 1958, p. 279, et Boussoumah, La Parenthèse des pouvoirs publics constitutionnels de 1992 à 1998, pp. 47‑48.

[35] Boussoumah, Ibid., pp. 18‑48.

[36] المصدر نفسه، ص 51، و O. Berbiche, «Institutions vers la créations d’un sénat,» El Watan, 19‑20/2/1993.

[37] مقران آيت العربي، «نظرة على مجلس الأمة في نهاية العهدة الأولى،» الفكر البرلماني، عدد خاص (كانون الأول/ديسمبر 2003)، ص 65 – 66.

[38] المصدر نفسه، ص 65 – 66.

[39] Hachemaoui, «La Représentation politique en Algérie entre médiation clientélaire et prédation (1997‑2002),» pp. 38‑39, et Ahmed Mahiou, «Quelques observations sur les partis politiques et la démocratie en Algérie,» dans: Kalthoum Meziou, ed., Mélanges en l’honneur du Doyen Yadh Ben Achour: Droits et Culture (Tunis: Centre de publication universitaire, 2008), p. 1061.

[40] Boussoumah, Ibid., p. 11.

[41] Murielle Mauguin Helgeson, L’Elaboration parlementaire de la loi, Etude comparative (Allemagne, France, Royaume-Uni), coll. Thèmes et commentaires (Paris: Dalloz, 2006), pp. 341‑342.

انظر أيضاً: الطاهر طالب، «دور اللجنة البرلمانية المتساوية الأعضاء في تسوية الخلاف بين الغرفتين البرلمانيتين،» في: نظام الغرفتين في التجربة البرلمانية الجزائرية والأنظمة المقارنة، ج 2: وزارة العلاقات مع البرلمان (الجزائر: دار هومة، 2002)، ص 72، وعمر صدوق، «تساوي وتمايز غرفتي البرلمان في ممارسة السلطة التشريعية حسب الأحكام الدستورية»، في: قراءة تحليلية للمادة 98 من الدستور، وزارة العلاقات مع البرلمان، تشرين الثاني/نوفمبر 2002، ص 35.

[42] تنص المادة 98 من المرسوم الرئاسي الرقم 96 – 438 على أنه: «يمارس السلطة التشريعية برلمان يتكون من غرفتين، وهما المجلس الشعبي الوطني مجلس الأمة. وله السيادة في إعداد القانون والتصويت عليه».

[43] تنص المادة 119 ف 1 من المرسوم الرئاسي الرقم 96 – 438 على أن «لكل من الوزير الأول والنواب حق المبادرة بالقوانين».

[44] القانون العضوي الرقم 99 – 02، المادة 28 ف1؛

Arnaud Tardan, «Le Rôle législatif du sénat,» Pouvoirs, no. 44 (1988), p. 105.

[45] القانون العضوي نفسه، المادة نفسها.

[46] النظام الداخلي لمجلس الأمة، المادة 63 ف 1.

[47] الجريدة الرسمية لمداولات مجلس الأمة: الفترة التشريعية الثانية، الجلسة الأولى، الدورة الربيعية، العدد 6 (2004)، ص 39، والفترة التشريعية الثانية، الدورة الخريفية، العدد 11 (2008)، ص 47.

[48] Georges Langrod, «Quelques aspects de la procédure parlementaire en France, en Italie et en Allemagne fédérale,» Revue internationale de droit comparé, vol 5, no. 3 (juillet – séptembre, 1953), p. 497.

[49] الطاهر خويضر، «دور اللجان البرلمانية المتساوية الأعضاء في العملية التشريعية (دراسة مقارنة للتجربة الجزائرية الأولى)،» الفكر البرلماني، العدد 5 (نيسان/أبريل 2004)، ص 83.

[50] المرسوم الرئاسي الرقم 96 – 438، المادة نفسها، الفقرة نفسها.

[51] Nadji Safir, «Contribution à l’analyse de la problématique culturelle algériènne contemporaine: Dynamiques culturelles et enjeux de société,» Revue du monde musulman et de la méditerranée, vol. 65, no. 1 (1992‑1993), p. 118.

[52] Jean Grangé, «Le Système d’élection des sénateurs,» Pouvoirs, no. 44 (1988), p. 56.

[53] Stéphane Pierré-Caps, «Les Mutations de la notion de constitution et le droit constitutionnel,» Cuestiones constitucionales, no. 10 (enero-junio 2004), pp. 177‑180.

[54] الأمين شريط، «بعض الجوانب التأسيسية والتشريعية لمجلس الأمة،» في: دراسات ووثائق: الجوانب التأسيسية والتشريعية في النظم البرلمانية المقارنة، «حالة الجزائر» (الجزائر: نشريات مجلس الأمة، 1998)، ص 12.

[55] Lahouari Addi, «L’Armée, la nation et l’État en Algérie,» Confluences Méditerranée, no. 29 (1999), p. 43.

[56] محمد بجاوي، «المجلس الدستوري: صلاحيات… إنجازات… وآفاق،» الفكر البرلماني، العدد 5 (نيسان/أبريل 2004)، ص 41.

[57] تبين أن الفراغ المؤسسي سنة 1991 كان مفتعـلاً لسببين: رفض دوائر في السلطة تولي رئيس المجلس الشعبي الوطني رئاسة الدولة بالنيابة نتيجة ميوله السياسية القريبة من الجبهة الإسلامية للإنقاذ، إلى جانب وضع حد للانتخابات التشريعية.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى