المكتبة الأمنيةالمكتبة التاريخيةالمكتبة السياسيةدراسات أمنيةدراسات تاريخية

ملخص لكتاب أراضي العرب المغتصبة وقضايا معاصرة

تحميل الكتاب

عالج الدكتور سرية في كتابه قضيتين رئيستين: (أراضي العرب المغتصبة)، والثانية (قضايا معاصرة). ويتبادر لذهن القارئ كأن كل قسم منها لا علاقة له بالآخر. ولكنني بعد استكمال قراءة الكتاب كاملاً، وجدت أن بينهما ترابطاً متكاملاً يندرجان تحت عنوان (الاغتصاب)، اغتصاب الأرض العربية الذي حصل فعلاً، واغتصاب العقل العربي الذي تجري المحاولات الحثيثة من أجل تنفيذه ولو بنفَس طويل، ووسائل ثقافية خادعة بمصطلحاتها وعناوينها.

وأما عن جانب اغتصاب الأرض، فلا بُدَّ من إعادة التذكير بحقائق تاريخية، والكشف عن المخطط الأم الذي على أساسه قام التحالف الغربي – الصهيوني باقتطاع مساحات واسعة من الأراضي العربية، وتوزيعها كهبات ممن لا يملك إلى مالكين جدد من غير العرب.

وُضع المشروع الأم في العام (1905 – 1907)، والذي عُرف بمشروع كامبل بانرمان. وصُمَّم في حينه من أجل الحؤول دون قيام وحدة عربية، وجاء ذلك القرار بنص جامع مانع لا يقبل التأويل. فكانت اتفاقية ساسيكس – بيكو وليده الأول، بحيث تم تقسيم الأرض العربية إلى دول عدة حسب خطوط جغرافية، تظهر في أكثرها خطوطاً مستقيمة.

وكأن الأرض العربية كانت ملكاً لـ(لآبائهم) استُكملت اتفاقية سايكس – بيكو، بضم أجزاء منها إلى دول الإقليم الجغرافي المجاور للوطن العربي، وذلك كرُشى لتلك الدول ثمناً لجرِّها للمشاركة في الحرب العالمية الثانية.

وأما عن القسم الثاني من الكتاب الموسوم (قضايا معاصرة)، فقد جاءت في سياق القرار الثاني من مشروع بانرمان، والذي ينص صراحة وبوضوح، على إبقاء المنطقة العربية متخلفة، يجب أن يُمنَع عنها كل أنواع المعرفة التكنولوجية. وإن المنع سوف يتم بتصدير الكثير من المفاهيم الثقافية المغرية. تلك المفاهيم تعبِّر بوضوح عن الأدوات المعرفية التي تعمل على تسويقها في الثقافة العربية والهدف منها غسل الدماغ العربي من كل ما له علاقة بالتراث العربي، غثُّه وسمينه من جهة، وحشوه بكل ما يصب في المنهج الأيديولوجي الرأسمالي – الصهيوني من جهة أخرى.

انطباعاتي الشخصية بعد قراءة الكتاب:

1-حول القسم الأول من الكتاب: من أجل أن يوفِّر على القارئ العربي جهداً في المتابعة والبحث والملاحقة، جمع الدكتور سرية كل قضايا الأراضي العربية المغتصبة في كتاب واحد، وفَّر فيه جهدً ووقتاً على القارئ من جهة، ومن جهة أخرى استعان بأهم الأبحاث ونتائجها الموثَّقة علمياً لكي يقدم للقارئ ورقة معرفية موسوعية ذات قيمة ثقافية في الوقت الذي تتعرض فيه أمتنا العربية للنهش والتقطيع والمزيد من التفتيت. وقد أكد على أن من قام بتلك الجرائم تحالف واضح الحدود في العلاقة بين الغرب الرأسمالي وحليفته الصهوينيةمن جهة، والأكثر سوءاً ومدعاة للأسف ضلوع الدول الإقليمية المجاورة للوطن العربي في تلك المؤامرة من جهة أخرى.

وهنا، فرز الكاتب حيِّزاً للبرهان على أطماع الدول الإقليمية في الأرض العربية والكيان العربي من أجل تجهيل الهوية القومية العربية. وذلك إما بوسائل عسكرية، وإما بوسائل أيديولوجية إسلامية.

2-حول القسم الثاني من الكتاب:

كان التقطيع الجغرافي للوطن العربي الوجه الأول من وجوه المؤامرة، وأما الوجه الآخر فكان حاضراً في المحاولات الحثيثة لغزو فكري ثقافي شاركت فيه أطراف التحالف المذكور. واستخدم كل من طرفيه، الغربي – الصهيوني، والإقليمي الإسلامي، مصطلحات خادعة ظاهرها جميل وباطنها موبوء بعوامل التقسيم والتفتيت.

فإذا كان طرف التحالف الأول، قد استخدم مصطلحات العولمة والديموقراطية ذات الأهداف الرأسمالية لترويج سلعة المصانع الغربية بوسائل جذابة لاستقطاب المستهلك العربي لإبقائه في دائرة الاستهلاك وإبعاده عن دائرة الإنتاج، فإن الطرف الثاني استخدم مصطلحات الأممية الدينية واستخدم النص الإسلامي لمحاربة الشعور القومي، وطمس معالم الهوية القومية العربية؛ ووضعهما في مواجهة دائمة، واحتراب دائم؛ وبهما راح يجتثُّ مفهوم الوطنية من نفوس أتباعه من العرب، ويُعزِّزها في نفوس مواطنيه، فكانت النتيجة أن من انطلت عليه الخديعة راح ضحية وأصبح تابعاً لقرارات خارجية يأتمر بأوامرها، وبهما راح يرتكب الخيانة الوطنية، بمفاهيمها الحديثة، وهو لا يدري إلى أي مسلخ سوف يُقاد إليه لكي يُنحَر كأضحية من أجل مصالح الدول الإقليمية.

3-في النتائج:

يساعد على اكتمال الثقافة عاملان: الكاتب والقارئ، ولن تنجح الثقافة في أهدافها من دون علاقة متبادلة بين الكاتب الموضوعي والقارئ الواعي. ولأن الكاتب القومي العربي يقوم بواجبه بتقديم الكثير من النصوص التي تصب في مجري التغيير، ومنها الكتاب القيِّم الي صنَّفه الدكتور سرية، تبقى المسؤولية على عاتق القارئ النخبة الذي عليه أن يقرأ بوعي والتزام بمصلحة أمته العربية ليعمِّم نتائجها في محيطه. وبمثل هذه التبادلية بين الكاتب والقارئ، يمكننا الوصول إلى نتائج تغييرية تحيط بكل القضايا العربية، ونسير بها على طريق الخلاص.

بقلم المفكر العربي حسن خليل غريب – لبنان –

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى