دراسات استراتيجيةدراسات جيوسياسيةدراسات سياسية

أفغانستان ـ تنافس دولي وإقليمي بعد الانسحاب الأمريكي

انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في الناتو من أفغانستان في مراحله الأخيرة، بعد عقدين من أطول حرب خاضتها واشنطن. ويضع سحب القوات الأمريكية الحكومة الأفغانية دون غطاء أمام مواجهة حركة طالبان لاسيما أن الجيش الأفغاني اعتمد على الدعم المالي والعسكري والاستخباراتي الأمريكي. وبالفعل استثمرت طالبان الانسحاب وواصلت تقدمها و فرضت سيطرتها على مناطق عديدة في البلاد. وعلى أرض الواقع ليست طالبان الجماعة الوحيدة التي تهدد الحكومة الأفغانية فهناك ثمة مخاطر داخلية من تنظيمات أخرى كتنظيمي “داعش” و”القاعدة”. وعلى الصعيد الخارجي يفتح الانسحاب من أفغانستان الباب على مصراعيه لقوى إقليمية مثل الصين وروسيا وإيران وتركيا للعب دور أكبر في أفغانستان.

لماذا الانسحاب الأمريكي من أفغانستان؟
وتنشر الولايات المتحدة وألمانيا وتركيا والمملكة المتحدة وإيطاليا في أفغانستان ما مجموعه (6)آلاف من أصل (9592) عسكريا من (36) دولة أعضاء في حلف شمال الأطلسي أو شركاء له على غرار أوكرانيا (عشرة عسكريين) يعملون في إطار مهمة “الدعم الحازم”. وتقدر التكاليف التي أنفقتها الولايات المتحدة حوالي (978) مليار دولار على الحرب في كل من أفغانستان وباكستان وربما تكون تلك التكاليف الباهظة سببا في الانسحاب من أفغانستان وتوجيه تلك النفقات نحو دول أخرى.
ذكرت “مايا كارلين” الباحثة والمحللة في مركز السياسة الأمنية في واشنطن في 24 يونيو 2021 أن هناك تحولاً كبيراً في سياسة إدارة بايدن في الشرق الأوسط؛ لأنها تهدف إلى إعادة توجيه اهتمامها نحو الصين وروسيا. وتقول كارلين، إنه إذا لم يتمكن حلفاؤنا الإستراتيجيون في الشرق الأوسط من الاعتماد على الولايات المتحدة للحصول على تكنولوجيا الدفاع الجوي والدعم، فقد يلجأون إلى خصومنا للقيام بذلك.

الولايات المتحدة الأمريكية
أعلنت واشنطن في 13 يوليو 2021 انسحاب ما يزيد عن (95% )من قواتها من أفغانستان، وسلمت ما يزيد على (7) منشآت لوزارة الدفاع الأفغانية. وأقرّ البنتاغون مغادرة القوات الأميركية “قاعدة باغرام” تشير التصريحات الرسمية الصادرة من “البنتاغون” في 7 يوليو 2021 إلى تحويل المهمة العسكرية الأميركية من القتال إلى هدفين جديدين، هما حماية الوجود الدبلوماسي الأميركي المستمر في كابول، والمحافظة على التواصل مع الجيش الأفغاني، بعد تسليم قاعدة باغرام العسكرية للقوات الأفغانية في البلاد.
أكد “جو بايدن” الرئيس الأمريكي في 8 يوليو 2021 على أن 31 أغسطس2021 سيكون تاريخ انتهاء انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان. أشار “جون كيربي” المتحدث باسم البنتاغون في 2 يوليو 2021 إلى إن البنتاغون لا يستبعد إمكانية التعاون العسكري مع أوزبكستان وطاجيكستان، بالإضافة إلى دول أخرى على الحدود مع أفغانستان التي تعمل واشنطن على سحب قواتها منها. غادرت القوات الأمريكية والتابعة لحلف شمال الأطلسي قاعدة باغرام الجوية الأفغانية في 2 يوليو 2021 وتم تسليم المطار إلى قوات الأمن والدفاع الوطني الأفغانية بالكامل.
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” في 8 يونيو 2021 تقريرا مفاده أن (CIA) ستواجه صعوبات عدة في جمع المعلومات الاستخباراتية من أفغانستان وتنفيذ ضربات لمواجهة الإرهاب، بسبب الانسحاب. ستخسر قواعدها في أفغانستان التي كانت مركزا أساسيا لعملياتها على مدار 20 عاما، بعد أن استخدمتها لتنفيذ مهمات قتالية وشن هجمات بطائرات مسيرة، ومراقبة حركة طالبان وتحركاتها، بالإضافة لجماعات إرهابية تنشط وتعمل في أفغانستان مثل تنظيمي القاعدة وداعش. وأوضح “دانيل إلكينز” المنتسب لفرقة خاصة بالحرس الوطني الأميركي، أن الخيارات المتاحة لأميركا للاستمرار في جمع المعلومات في تلك المنطقة محدودة للغاية.

قلق روسي من الصراع في أفغانستان
تمتلك روسيا قاعدة عسكرية في طاجيكستان يبلغ قوامها (6) آلاف جندي. مجهزة وتضم دبابات وطائرات وطائرات مسيرة ستساعد في تأمين الحدود مع أفغانستان إذا تطلب الأمر سواء بشكل مباشر أو من خلال تكتل أمني إقليمي. كذلك تمتلك قاعدة في قيرغيزستان، على بعد حوالي (500) ميل من الحدود الأفغانية. وعرضت موسكو على واشنطن في يوليو 2021 استخدام قواعده العسكرية في آسيا الوسطى لجمع المعلومات الاستخبارية من أفغانستان. واقترح بوتين أن تستخدم الولايات المتحدة قواعد عسكرية في قيرغيزستان وطاجيكستان لجمع المعلومات، بما في ذلك من خلال الطائرات بدون طيار التي يتم إطلاقها عبر الحدود
شددت روسيا على دعوة كافة الأطراف في أفغانستان لمحادثات وحوار سياسي شامل، بالتزامن مع القلق الروسي من احتدام الصراع في أفغانستان وانتقال المعارك إلى مواقع أخرى وقربها من الحدود الطاجيكستانية، وأعلنت أنها لن تتخذ خطوات طالما أن القتال داخل الحدود الأفغانية. وسعت موسكو من اتصالاتها مع طاجيكستان وأوزبكستان، وأعلنت استعدادها لضمان أمن حدود البلدين مع أفغانستان على خلفية سيطرة “طالبان” على جزء من المناطق الحدودية طاجيكستان.

الصين وسدّ الفراغ بعد الانسحاب الأمريكي
تأمل الصين بسدّ الفراغ بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان عبر تبنى مجموعة من الاستراتيجيات أبرزها الجانب الاقتصادي. تدرس السلطات في كابول تمديد الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني وهو مشروع اقتصادي ضخم يضم عددا من مشاريع البني التحتية بقيمة (62) مليار دولار، ويهدف لإنشاء طريق بري يربط بين مدينة “كاشغر” في الصين وميناء كوادر الباكستاني، ويعد جزء من مبادرة “الحزام والطريق” الصينية. وسعت طالبان أفغانستان إلى طمأنة استثمارات الصين في كابول، ورحبت باستثمارات الصين في إعادة إعمار أفغانستان، واصفة الصين بالدولة الصديقة.
اعتبر الخبير في الشؤون السياسية لجنوب آسيا “مايكل كوغلمان”في 5 يوليو2021 أن رحيل واشنطن من أفغانستان، يمنح بكين فرصة استراتيجية غير مسبوقة. وأضاف “كوغلمان”سيكون هناك بالتأكيد فراغ يجب ملؤه، لكن لا ينبغي أن نبالغ في قدرة الصين على القيام بذلك. مع خروج الوضع الأمني في أفغانستان عن السيطرة، هناك الكثير الذي تستطيع الصين القيام به لترسيخ وجودها”. وبيّن أن ذلك “سيعتمد ترسيخ تواجد الصين في أفغانستان بشكل كبير على ما إذا كانت بكين ستتوصل إلى تفاهم مع حركة طالبان”.

طموحات تركيا في أفغانستان
تمتلك تركيا ورقة مهمة في أفغانستان وهي القبائل من أصول تركية (المناطق الشمالية والوسطى) والتي لها وزن قوي مثل الأوزبك والتركمان، الذين غالبا ما يُشار إليهم باسم “الأتراك الخارجيين”، بينما تُعرف المنطقة التي يعيشون فيها باسم “تركستان الجنوبية”.
عقد ” خلوصي أكار” وزير الدفاع التركي ونظيره الأميركي “لويد أوستن” في 7 يوليو 2021 اجتماعا لبحث خطة أنقرة لإدارة مطار كابول وتأمينه و بشأن الدعم المالي والسياسي واللوجستي بعد انسحاب الناتو من أفغانستان. في الوقت الذي أكد فيه مجلس الأمن القومي الأفغاني أن ليس هناك قرار بشأن حماية القوات التركية لمطار كابول وفق المقترح الذي تبحثه أنقرة مع الولايات المتحدة. ويرجح “أندريه إيسيف” المحلل المتخصص في الشؤون التركية ألاّ يقتصر طموح الرئيس التركي على تأمين أمن المطار، فهو يريد المزيد.
يقول مراقبون في إن أنقرة تفكّر في لعب دور مّا بعد رحيل القوات الغربية أكثر من تفكيرها في نتائج هذه الخطوة على الأرض خاصة أن مهمتها في مطار كابول ستكون دفاعية وقتالية، مرجّحين أن يكون الهدف الأول من هذه الخطوة هو التحرك كدولة محورية في الملف الأفغاني خاصة أنها قريبة من المنطقة وقادرة على تحقيق ما عجزت عنه القوات الغربية. وتعرف أنقرة جيدا أنها لن تكون أقدر عسكريا من الولايات المتحدة أو من الاتحاد السوفييتي اللذين اضطرا بعد سنوات من المعارك إلى الانسحاب من أفغانستان، وهو ما يظهر أنها تمتلك إستراتيجية بديلة غير الرهان على القوة العسكرية المباشرة.

رهان إيراني وموقف متناقض لتوسيع النفوذ في أفغانستان
تراهن إيران على توسيع نفوذها الإقليمي ومصالحها السياسية في أفغانستان من خلال المشتركات الثقافية والعرقية والغوية والتاريخية والدينية. تشترك إيران وأفغانستان في حدود تصل إلى (945) كلم وتنظر إيران إلى الحدود مع أفغانستان أنها تشكل “عبئًا ماليًا وأمنيًا” لما تسببه من مشاكل أمنية لطهران كالهجرة غير الشرعية وغياب الأمن عن المناطق الحدودية ومهاجمة النقاط الأمنية الحدودية. وما زاد مخاوف وقلق إيران سيطرة طالبان على أكبر المعابر الحدودية.
حذر ” حسام رضوي” مدير عام مكتب الشؤون الخارجية لوكالة أنباء “تسنيم”، إحدى أذرع الحرس الثوري الإيراني الإعلامية، الشيعة الهزارة في أفغانستان من التطوع للمشاركة في الحرب ضد طالبان. ويرى المحللون في دعوة إيران للشيعة الهزارة إلى عدم القتال ضد طالبان اعترافا من قبل طهران بطالبان بدافع الضرورة باعتبارها جهة فاعلة لا يمكن إنكارها.
تدعم إيران بشكل علني حكومة طالبان وتنظر إيران إلى هذا الدعم أنه تعاون استراتيجي ضد مصالح واشنطن. وكانت قد ساندت إيران حكومة أفغانستان في الغزو الذي أطاح بطالبان في الفترة من 1996 و2001. واقترحت إيران في وقت سابق على حكومة أفغانستان الاستفادة من “لواء فاطميون.” وحينها أكد ظريف أن “لواء فاطميون” أفضل القوات التي يمكن للحكومة الأفغانية استخدامها إذا أرادت ذلك.” فمن المتوقع أن يتم استخدام “لواء فاطميون” لفرض نفوذها وسياستها. تم الكشف في يوليو 2021 عن تأسيس طهران لميليشيا جديدة في أفغانستان تحمل اسم “الحشد الشيعي” لقتال طالبان وقد ظهرت الميليشيا في الأحياء الشيعية في العاصمة كابول، وباتت تستعد لقتال حركة طالبان. وترفض الحكومة الأفغانية تحركات إيران على أراضيها، إذ قال المشرف على وزارة الاستخبارات الأفغانية، قاسم وفائي زاده، “يخلق النظام الإيراني بهذه الأعمال أبعاداً أكبر للحرب الأفغانية، التي يُمكن أن تكبر نارها وتصل بنارها إلى داخل الأراضي الإيرانية نفسها”.

مخاوف بريطانية من انزلاق أفغانستان إلى حرب أهلية
بدأت القوات البريطانية انتشارها في أفغانستان في 2001 بعد هجمات 11 سبتمبر ولعبت دورا كبيرا في العمليات القتالية حتى 2014. كشف ” بوريس جونسون” رئيس الوزراء البريطاني في 9 يوليو 2020 عن استكمال بريطانيا سحب معظم القوات من أفغانستان دون إعلان مسبق، مبررا ذلك بوجود “أسباب واضحة” لم يكشفها حيث تواجد نحو (750) جنديا بريطانيا في أفغانستان.
حذر ” نيك كارتر” رئيس الأركان البريطاني من احتمال انزلاق أفغانستان إلى حرب أهلية مع انسحاب القوات الأجنبية من البلاد. وأضاف بعد الإعلان عن مغادرة معظم القوات البريطانية أفغانستان إنه من “المنطقي” أن تنهار الأوضاع في البلاد في ظل غياب القوات الأجنبية. وتابع أن أفغانستان قد تشهد وضعا مماثلا للحرب الأهلية في التسعينات “حيث قد نرى انقسام بعض المؤسسات المهمة مثل قوات الأمن على أسس عرقية أو قبلية”. وأضاف “إذا حدث ذلك أعتقد أن طالبان ستسيطر على جزء من البلاد، لكنها لن تسيطر على البلاد كلها بالطبع”. وأكد السير”أليكس يونغر” السابق لجهاز المخابرات السرية في 8 يوليو، إن “التهديد الإرهابي لبريطانيا سوف يتزايد إذا تخلى الغرب عن أفغانستان”.

ألمانيا وإيطاليا تغادران أفغانستان رسميا
حمل الاتحاد الأوروبي في 15 يوليو 2021 حركة طالبان المسؤولية كاملة عن تصاعد العنف في أفغانستان، وأكد أن تحركات طالبان تشكل عائقاً حقيقياً أمام السلام في البلاد. ويصف الأوروبيون بـ”غير المقبول” تمدد الحركة عبر القوة العسكرية في أفغانستان، داعين إياها إلى الالتزام بمقتضيات اتفاق السلام المبرم مع الولايات المتحدة الأمريكية في فبراير عام 2020.
أعلنت ألمانيا رسمياً في 29 يونيو 2021 مغادرة آخر جنودها من أفغانستان وعودتهم إلى موطنهم. وصرحت ” أنيجرت كرامب كارنباور” وزيرة الدفاع الألمانية في 2 يوليو 2021 ، بأنه ليس مقرراً ترك أفغانستان بمفردها بعد سحب القوات الدولية من هناك. وعند بدء الانسحاب الألماني في مايو 2021 كان عديد القوات الألمانية في أفغانستان (1100) جندي يعملون في إطار القوة الدولية للمساعدة الأمنية ومهمة “الدعم الحازم”. تشير التقديرات إلي سقوط (59) جنديا ألمانيا قتلى في أفغانستان بينهم (35) في القتال أو في هجمات، الأمر الذي جعل حرب أفغانستان أدمى مهام الجيش الألماني منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
أعلن ” لورينزو غويريني ” وزير الدفاع الإيطالي اكتمال عملية انسحاب قوات بلاده من أفغانستان بعد أن غادرها آخر عنصر من الكتيبة العسكرية في 30 يوليو 2021. وأعرب عن قلقه من ناحية أفغانستان في 6 يوليو 2021 ، مشيراً إلى الحاجة لالتزام المجتمع الدولي بهذا البلد. وتابع “من الواضح أننا ننظر بعناية، بل وبقلق أيضاً إلى الوضع على الساحة في أفغانستان، لأن انسحاب قواتنا قد أدى بالتأكيد إلى زيادة العنف، ولهذا السبب يجب أن يكون التزام المجتمع الدولي فيه عاليا جداً”.

طاجيكستان تجري مناورات عسكرية كبيرة
تتشارك طاجيكستان مع أفغانستان قرابة (1200) كيلومتراً من الحدود. وسارعت طاجيكستان في 22 يوليو 2021 إلى إجراء مناورات عسكرية بسبب تدهور الأوضاع في أفغانستان. ووضعت حوالي (230) ألف جندي من الجيش وقوات في حالة تأهب في أنحاء البلاد للمشاركة في تدريبات “مارز-2021.” ولجأ أكثر من(1000) من الجنود الأفغان ومئات المدنيين الى طاجيكستان منذ يوليو 2021 بعد فرارهم من مناطقهم على وقع تقدّم مقاتلي طالبان. وأبدت طاجيكستان استعدادها لاستقبال (100) ألف لاجئ أفغاني.

تداعيات الانسحاب من أفغانستان
سيطرة طالبان على أفغانستان: يرى “بيير إنرو” المستشار العسكري والأمني السابق في الناتو في 10 يوليو 2021 أن “في نهاية المطاف، ستستولي طالبان على البلد بأكمله، حتى لو احتفظت الوحدات الخاصة التابعة لحكومة كابول، المدربة جيدًا من قبل الأمريكيين، بجزء من الأراضي في أيدي مجموعات القوة ذات التوجه الغربي.” وتابع “لا أعتقد أن حكومة كابول الرسمية للرئيس أشرف غني ستكون قادرة على السيطرة على البلاد بعد مغادرة آخر جندي أمريكي. جيش كابول الرسمي غير مجهز نسبيًا ويفتقر إلى الذخيرة ويبدو أن معنوياته منخفضة للغاية. وأضاف أنه على الرغم من أن الجيش الأفغاني يحاول الدفاع عن المدن الرئيسية، إلا أن طالبان يمكن أن تسيطر عليها بسرعة كبيرة.
أعلنت حركة “طالبان” 10 يوليو 2021 سيطرتها على أكثر من (150) منطقة في أفغانستان بما يقارب (85%) من أراضي أفغانستان. سيطرت في 9 يوليو 2021 على معبر تورغندي الحدودي الرئيسي مع تركمانستان، وعلى معبر حدودي مع إيران. كما استطاعت السيطرة على أكثر من ثلثي الحدود بين أفغانستان وطاجيكستان.
عودة تنظيم القاعدة و داعش: التعاون الوثيق بين الحكومة الأفغانية والولايات المتحدة لمكافحة تهديد تنظيمي القاعدة و داعش أدى إلى احتواء تهديدات التنظيمات الإرهابية في أفغانستان بشكل جزئي. ويتطلع كل من تنظيم القاعدة وتنظيم “داعش ـ ولاية خراسان” إلى الاستفادة من رحيل قوات الناتو لتوسيع النفوذ في أفغانستان. وتبنى تنظيم “داعش” في 20 يوليو 2021 سقوط (3) صواريخ من طراز كاتيوشا،على مقربة من القصر الرئاسي في العاصمة الأفغانية كابول. يحذر مراقبون بالمنطقة من أن “داعش خراسان” بدأ أيضا التطلع إلى ما وراء أفغانستان نفسها، ويحاول اكتساب موطئ قدم في كازاخستان، وقيرغيزستان، وأجزاء من طاجيكستان.
يقول ” الدكتور ساجان غوهيل ” محلل شؤون الأمن والإرهاب في 8 يوليو 2021 “إن انسحاب بايدن من أفغانستان يجعل سيطرة طالبان أمرا حتميا ويمنح القاعدة الفرصة لإعادة بناء شبكتها، لدرجة قد تغدو مها قادرة على تدبير هجمات حول العالم مرة أخرى”. يقول “جون جودفري” المبعوث الأمريكي الخاص بالإنابة للتحالف الدولي ضد داعش، إن واشنطن تعتقد حاليًا أن داعش قد يعود إلى قوته السابقة في غضون عامين. وأضاف : “إن احتمال إعادة تشكيل هذه المجموعة لقدراتها في غضون عامين يتوافق مع ما سمعناه من جهات أخرى في الحكومة الأمريكية ، لذلك فإننا نردد هذا [التقييم]”.
وكان قد حذر “الجنرال فرانك ماكنزي” قائد القيادة المركزية للجيش الأمريكي ، في فبراير 2021 ، إن تنظيم داعش في خراسان عزز قدراته العام 2020. و تشير التقديرات الأخيرة للمراكز الفكرية والمجموعات الاستخباراتية إلى أن عدد مقاتلي تنظيم “داعش” في خراسان يتراوح بين(1000 و 3000).
موجة لاجئين: حذرت فنلندا في 7 يوليو 2021 من أن التقدم العسكري السريع لطالبان عبر أجزاء من أفغانستان قد يطلق العنان لموجة جديدة من اللاجئين الفارين من البلاد وطلب اللجوء في أوروبا. في السنوات الثلاث الماضية نزح أكثر من (395) ألف أفغاني بسبب النزاع؛ بحسب وزارة اللاجئين في 7 يوليو .2021
إغلاق المقرات الدبلوماسية: بعد إعلان واشنطن إنجاز نحو (95%) من عملية الانسحاب وتزامنا مع توسع مناطق نفوذ حركة “طالبان” والذي تسبب في وجود مخاوف أمنية لدى عديد من الدول أغلقت وقيدت عدة دول أنشطة بعثاتها الدبلوماسية في أفغانستان . فعلى سبيل المثال أعلنت ألمانيا وتركيا وروسيا، إغلاق مقراتها الدبلوماسية في مدينة مزار شريف، شمالي البلاد، بينما قررت طاجيكستان وأوزبكستان، والهند، وإيران وباكستان، تقليص أنشطة قنصلياتها في أفغانستان.
حرب أهلية: أطلقت الحكومة في دليل على القلق السائد، نداء لتعبئة ميليشيات لمحاربة طالبان. ويتخوف بعض المحللين من أن يؤدي ذلك إلى تأجيج الوضع بشكل إضافي. يقول متخصص أجنبي في الشأن الأمني في 6 يوليو 2021 “يجب تنفيذ هذه الإستراتيجية وأن تنظم ويجري التحكم بها بشكل جيد، وإلا فإنها قد تأتي بنتائج عكسية”. مع العودة التدريجية لأمراء الحرب السابقين إلى الساحة، فإن الخطر كبير بأن تغرق البلاد في حرب أهلية، وأن تظهر فصائل جديدة مسلحة للاستيلاء على السلطة.
تراجع الاقتصاد والمانحين: قطع المانحون الدوليون في نوفمبر 2020 تعهدات حتى عام 2024 لدعم أفغانستان، وسط مخاوف وقلق أفغاني من تراجع المانحين عن وعودهم بعد رحيل القوات الأجنبية. خاصة وأن الاقتصاد يشهد أساساً تراجعاً كبيراً، ومعدل البطالة الكارثي سينفجر”.
حقوق الإنسان: تتصاعد المخاوف إذ تفقد المرأة الحقوق التي اكتسبتها إذا سيطرت طالبان بشكل كامل على أفغانستان بعد اكتمال الانسحاب الأمريكي. فطالبان كانت لها تجربة حين كانت في السلطة، منعت النساء من العمل وبعد سقوط نظام طالبان، دخلت العديد من الأفغانيات معترك السياسة أو أصبحن صحافيات أو ناشطات أو قاضيات. الناشطة “هوساي أندار” تقول “هناك شعور عام بانعدام الأمن في صفوف النساء اللواتي يعتقدن أن المتطرفين سيودعهن مجددا داخل المنازل”. وأضافت “لكنهن لن يستسلمن هذه المرة، ستكون هناك مقاومة”.

التقييم
فشلت واشنطن خلال فترة تواجدها في أفغانستان في هزيمة طالبان أو حتى في إضعاف قدراتها. وجاءت تداعيات الانسحاب من أفغانستان أسرع مما تصورته واشنطن والحلفاء. فبعد الانسحاب الأمريكي نجد أن طالبان استطاعت توسيع رقعة نفوذها واستطاعت السيطرة على العديد من المعابر الحدودية والمناطق الهامة، ما يعكس قدرة طالبان على استئثارها بالسلطة.
تطلع قوى إقليمية ودولية كباكستان وإيران وروسيا والصين وتركيا للعب دور أكبر واستثمار الفراغ الذي يخلقه الانسحاب الأمريكي في أفغانستان لتحقيق مصالح إستراتيجية وسياسية واقتصادية. فيفتح نجاح أنقرة في تأمين مطار كابول أمنيا وسياسيا الطريق لتوسيع النفوذ ومزيد من التغلغل لاقتصادي والأمني في أفغانستان. وبات النظام الإيراني يخشى انقلاب حركة طالبان عليه والذي من شأنه أن يضرب المصالح الأمنية والاقتصادية السياسية لإيران. وتعتبر الخطوات الإيرانية هي خطوات استكشافية لنوايا الحكومة وطالبان لإعادة تحديد الأولويات ومراجعة إستراتيجية التعامل مع الملف الأفغاني.
خسرت القوات الحكومية دعما حيويا وهو سلاح الجو الأميركي حيث كثيرا ما شكل عاملاً حاسماً في النزاع للقوات الحكومية في مواجهة طالبان. ولا تزال طالبان تحتفظ بعلاقات وثيقة مع كل من تنظيمي “القاعدة” و”داعش”، ما يشكل تهديداً للأمن الإقليمي والدولي. وتشير التقديرات إلى أن أفغانستان أضحت بوابة الانضمام إلى فرع “داعش” و”القاعدة” في أفغانستان ما يجعلها ملاذا التنظيمات الإرهابية من مختلف أنحاء العالم.
اعتمدت بشكل كبير قوات الدول الأوروبية المتواجدة داخل أفغانستان على البني العسكرية التحتية لواشنطن والدعم الاستخباري واللوجيستي لهذا لم تتردد أي دولة أوروبية باتخاذ قرار الانسحاب من أفغانستان. وبالتزامن مع انسحاب قوات الدول الأوروبية تستمر المخاوف الأوروبية من تدهور الأوضاع في أفغانستان، وأن يؤدي احتدام الصرع بين الحكومة الأفغانية وطالبان إلى نشوب أزمة لجوء جديدة تهدد دول أوروبا. بالإضافة إلى تنامي القلق من تسلل لإرهابيين داخل اللاجئين وقيامهم بتنفيذ عمليات إرهابية على الأراضي الأوروبية.

الهوامش

خبراء: طالبان سوف تستولي على أفغانستان بأكملها
https://bit.ly/ HYPERLINK “https://bit.ly/2VvOIKo”2 HYPERLINK “https://bit.ly/2VvOIKo”VvOIKo
طالبان تسيطر على معبر تورغندي الحدودي مع تركمانستان
https://bit.ly/ HYPERLINK “https://bit.ly/3k2pWvt”3 HYPERLINK “https://bit.ly/3k2pWvt”k HYPERLINK “https://bit.ly/3k2pWvt”2 HYPERLINK “https://bit.ly/3k2pWvt”pWvt
موسكو تدعو الأطراف الأفغانية لمحادثات وحوار سياسي
https://bit.ly/ HYPERLINK “https://bit.ly/2UxDZi1″2 HYPERLINK “https://bit.ly/2UxDZi1″UxDZi HYPERLINK “https://bit.ly/2UxDZi1″1
أفغانستان..استعدادات لإطلاق معركة لاستعادة “معبر” من طالبان
https://bit.ly/ HYPERLINK “https://bit.ly/3qZW84h”3 HYPERLINK “https://bit.ly/3qZW84h”qZW HYPERLINK “https://bit.ly/3qZW84h”84 HYPERLINK “https://bit.ly/3qZW84h”h
بريطانيا تسحب معظم قواتها من أفغانستان
https://bit.ly/ HYPERLINK “https://bit.ly/36rEVXM”36 HYPERLINK “https://bit.ly/36rEVXM”rEVXM
«طالبان» تطمئن موسكو: لن نسمح بوجود «داعش»
https://bit.ly/ HYPERLINK “https://bit.ly/3e5o69g”3 HYPERLINK “https://bit.ly/3e5o69g”e HYPERLINK “https://bit.ly/3e5o69g”5 HYPERLINK “https://bit.ly/3e5o69g”o HYPERLINK “https://bit.ly/3e5o69g”69 HYPERLINK “https://bit.ly/3e5o69g”g
الحماس لمهمة مطار كابول واجهة لطموح استراتيجي تركي في وسط آسيا
https://bit.ly/ HYPERLINK “https://bit.ly/3xEepGY”3 HYPERLINK “https://bit.ly/3xEepGY”xEepGY
البنتاغون يدافع عن إخلائه سراً قاعدة باغرام الجوية في أفغانستان
https://bit.ly/ HYPERLINK “https://bit.ly/3r3blS1″3 HYPERLINK “https://bit.ly/3r3blS1″r HYPERLINK “https://bit.ly/3r3blS1″3 HYPERLINK “https://bit.ly/3r3blS1″blS HYPERLINK “https://bit.ly/3r3blS1″1
ما الذي تريده إيران في أفغانستان وما الذي تخشاه
https://bit.ly/ HYPERLINK “https://bit.ly/3kjFawz”3 HYPERLINK “https://bit.ly/3kjFawz”kjFawz
شبح عودة تنظيم القاعدة يخيم على أفغانستان بعد انسحاب القوات الأجنبية
https://bbc.in/ HYPERLINK “https://bbc.in/2TWMovv”2 HYPERLINK “https://bbc.in/2TWMovv”TWMovv
Finnish Foreign Minister Warns of Afghan Refugee Crisis in Light of Taliban Advance
https://bit.ly/ HYPERLINK “https://bit.ly/3r0qzaz”3 HYPERLINK “https://bit.ly/3r0qzaz”r HYPERLINK “https://bit.ly/3r0qzaz”0 HYPERLINK “https://bit.ly/3r0qzaz”qzaz
لماذا تغلق بعض الدول مقراتها الدبلوماسية في أفغانستان؟
https://bit.ly/ HYPERLINK “https://bit.ly/2UBT8ij”2 HYPERLINK “https://bit.ly/2UBT8ij”UBT HYPERLINK “https://bit.ly/2UBT8ij”8 HYPERLINK “https://bit.ly/2UBT8ij”ij
الحكومة الأفغانية تنشر قوات خاصة وميليشيات موالية لها لمواجهة هجوم طالبان
https://bit.ly/ HYPERLINK “https://bit.ly/3k2hsoh”3 HYPERLINK “https://bit.ly/3k2hsoh”k HYPERLINK “https://bit.ly/3k2hsoh”2 HYPERLINK “https://bit.ly/3k2hsoh”hsoh
أميركا ما بين جدل الانسحاب من أفغانستان… «وحماية السفارة»
https://bit.ly/ HYPERLINK “https://bit.ly/3hwOf2W”3 HYPERLINK “https://bit.ly/3hwOf2W”hwOf HYPERLINK “https://bit.ly/3hwOf2W”2 HYPERLINK “https://bit.ly/3hwOf2W”W
سيناريوهات مستقبل أفغانستان بعد انسحاب القوات الأميركية
https://bit.ly/ HYPERLINK “https://bit.ly/3e45bMa”3 HYPERLINK “https://bit.ly/3e45bMa”e HYPERLINK “https://bit.ly/3e45bMa”45 HYPERLINK “https://bit.ly/3e45bMa”bMa
US predicts ISIS-Khorasan resurgence if Afghan government falls
https://bit.ly/ HYPERLINK “https://bit.ly/3wuSVux”3 HYPERLINK “https://bit.ly/3wuSVux”wuSVux
بعد 20 عاما.. ألمانيا تسحب آخر جنودها من أفغانستان
https://bit.ly/ HYPERLINK “https://bit.ly/3r0wQ65″3 HYPERLINK “https://bit.ly/3r0wQ65″r HYPERLINK “https://bit.ly/3r0wQ65″0 HYPERLINK “https://bit.ly/3r0wQ65″wQ HYPERLINK “https://bit.ly/3r0wQ65″65
بعد الانسحاب من أفغانستان.. هذه أبرز العقبات أمام واشنطن
https://bit.ly/ HYPERLINK “https://bit.ly/3xyegor”3 HYPERLINK “https://bit.ly/3xyegor”xyegor
وزير الدفاع الإيطالي: قلق من ناحية أفغانستان وحاجة لالتزام المجتمع الدولي
https://bit.ly/ HYPERLINK “https://bit.ly/3yQTXTr”3 HYPERLINK “https://bit.ly/3yQTXTr”yQTXTr
الصين تسعى لسد فراغ أميركا في أفغانستان باستثمارات عملاقة
https://bit.ly/ HYPERLINK “https://bit.ly/3k8bcvk”3 HYPERLINK “https://bit.ly/3k8bcvk”k HYPERLINK “https://bit.ly/3k8bcvk”8 HYPERLINK “https://bit.ly/3k8bcvk”bcvk

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى