دراسات أمنية

لا يمكن قيام نظام عالمي جديد عادل دون قيام دولة فلسطينية

من نتائج نظام العالمي الحالي القائم بعد الحرب العالمية الثانية  هو قيام دولة الكيان الصهيوني سنة ١٩٤٨ في فلسطين بعتمادها على سياسة التهجير والإستطان و قوانين عنصرية ضد الفلسطينين مما خلق المقاومة كحتمية للدفاع عن المقدسات الإسلامية و معركة الوجود والمطالبة بحل عادل وهو دولة فلسطينية و عاصمتها القدس.

إعتمدت إسرائيل من بين إستراتيجياتها ضد المقاومة  الفلسطينية على مبدأ “فرق تسد” فتم دعم تقسيم الفلسطينيين بقيادة نتنياهو بدعم حماس للوصول للحكم الذاتي لغزة من اجل غاية اساسية وهي عرقلة قيام دولة فلسطينية موحدة سياسيا واقتصاديا  “فلغاية تبرر الوسيلة” و من أهداف تقسيم الفلسطينيين هو المواصلة في سياسة الإحتلال الهمجي عن طريق الإستطان المكثف و الغير المشروع  قانونيا فوق الأراضي الفلسطينية والذي يعتبر انتهاك للقانون الدولي.

فدعمت حكومة إسرائيل و امريكا حركة حماس للوصول للسلطة في غزة بطريقة غير مباشرة لأنه يعرف عنها أنها تنتهج أسلوب الكفاح المسلح ضد المستوطنين لضغط عليهم لترك بيوتهم  و كذلك تلجأ لوسيلة خطف المدنيين من أجل المطالبة بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين (الذي يقدر عددهم ب ٦٠٠٠ أسير فلسطيني) عن طريق مبادلة الاسرى إلإسرائيلين المختطفين. فمبدأ حركة حماس قائم على أن “ما أخذ بالقوة لا يمكن استرجاعه إلا بالقوة”. وتدعو لحق عودة اللاجئين الفلسطينيين  الموجودين في الخارج إلى فلسطين دون أي شروط.

تصنف إسرائيل وأمريكا والاتحاد الأوربي حركة حماس كحركة إرهابية لكن معضم الدول العربية والإسلامية  تعتبرها حركة مقاومة ضد الإحتلال الإسرائيلي وليس لها اي علاقة تربطها مع الإرهاب لأنها لم تهاجم اي دولةو لأنها تعتمد على الكفاح المسلح لتحرير أراضيها عوض التفاوض عبر القنوات الدبلوماسية. فقامت حكومة نتنياهو بتشويه صورتها لدى رأي العالمي وحليفتها امريكا مما ترتب من نتائج سلبية على الشعب الفلسطيني وهي عرقلة الخطوات الدبلوماسية والمفاوضات اللازمة لقيام دولة فلسطينية و حصار إقتصادي للشعب الفلسطيني في غزة منذ اكثر من ١٦ سنة.

  فمادامت حماس لا تمثل سياسيا إلا سكان غزة  فهذا  الإنقسام داخل البيت الفلسطيني يعتبر عائق في وجه قيام دولة فلسطينية موحدة لكل الشعب الفلسطيني وهذا الإنقسام  يريح ويخدم مصالح حكومة نتنياهو مادام الشعب الفلسطيني لايزال مقسما وليس قادرا على تنصيب حكومة وحدة فلسطينية تدير شؤون كل الفلسطينين  ويتبين ذلك في حكم السلطة الفلسطينية في الضفة اما حماس فتدير شؤون غزة.

 حزب اليمين المتطرف الإسرائيلي وحلفائه غايتهم هو القضاء على قيام دولة فلسطينية وتصفيتها بواسطة تغليط الرأي العام العالمي بتشويه المقاومة فتم تسليط الضوء من طرف الإعلام الغربي على الهجمات الأخيرة لحماس ٦ اكتوبر ضد المستوطنين ووصفها بلمنظمة الإرهابية و عدم الحديث على الحصار الاقتصادي والسياسي في حق سكان غزة الذي أدى إلى تدهور المعيشة وتفاشي الأمراض والأوبئة ورغم ذلك كثفت إسرائيل دعمها للقصف الهمجي على المدنيين الفلسطينين في نفس الوقت  نجد المجتمع الدولي ومجلس الامن عاجزين على توقيف الاقتتال بين حماس وإسرائيل بواسطة الفيتو الأمريكي لكل مشروع يطالب بهدنة إنسانية.

 الحرب ضد غزة يعتبر جريمة إنسانية وكارثة انسانية في حق الأبرياء من الأطفال والنساء وكبار السن  كما يمكن تشبيه غزة  على سبيل المثال كأكبر سجن من حيث الكثافة السكانية حيث تنعدم في هذة المنطقة أبسط حقوق الحياة من مياه وكهرباء و غذاء راجع للحصار إلإسرائيلي للقطاع. وكذلك بالنسبة لقتل المدنيين الإسرائييلين العزل من طرف حماس يعتبر جريمة إنسانية.

تنتهج حركة حماس النضال المسلح في عقيدتها وتعتمد على جناحها العسكري على كتائب القسام بينما حركة فتح فقد انتهجت الحل الدبلوماسي والمفاوضات مع دولة الكيان الصهيوني في السنوات الماضية.

ترى حركة حماس في خيار التسوية والمفاوضات الذي انتهجته حركة فتح بأنه خياراً عبثياً يعمل على تصفية القضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين وفي مقدمتهم حق العودة.

لذلك فمن الضروري إتفاق كل الممثلين السياسيين لشعب الفلسطيني وكل فصائل المقاومة حول قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية من أجل عدم ترك فرصة لليميين المتطرف الإسرائيلي لتشويه قضيتهم الفلسطينية فعند قيام دولة فلسطين فلا يحق لإسرائيل التدخل في الشأن الداخلي لدولة فلسطين المستقلة.

الحل الوحيد من اجل السلام الدائم في المنطقة هو قيام دولة فلسطينية يراع بداخلها  القانون الذي يضمن حق الفرد الفلسطيني كامل حقوقه وواجباته في أحضان دولته المستقلة وحقه في العيش الكريم من تعليم وصحة وعمل ومسكن وتنقل بحرية.  مما قد يؤدي للاستقرار المنطقة أمنيا واقتصاديا وسياسيا وتقليل من مطامع نفوذ الأمريكي والإيراني لخدمة مصالحهم عبر قضية شعب عان اكثر من 70 سنة مع تصادم المصالح بين أمريكا وإيران والسعودية في منطقة الشرق الأوسط و لا يزال يعاني الى يومنا هذا.

 من مقترحات النظام العالمي الجديد بقيادة الصين و روسيا وحلفائهم  هو دعوة الصين إلى عقد مؤتمر دولي عاجل لحل القضية الفلسطينية، مجددة موقفها بأن حلّ الدولتين هو السبيل الوحيد القابل للتطبيق لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وكذلك المحادثات  الأخيرة بين ممثللين عن حركة حماس مع روسيا في موسكو حول الأوضاع الخطيرة جراء تصعيد من طرف إسرائيل في غزة وناتئجه السلبية في المنطقة.

عادل عبد الرحيم باحث في جيوبوليتيك

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى