دراسات قانونية

مهام صندوق الأمم المتحدة للطفولة “اليونسيف”

صندوق الأمم المتحدة للطفولة “اليونسيف”

United Nations Children’s Fund (UNICEF)

أنشات الجمعية العامة للأمم المتحدة في الحادي عشر من ديسمبر عام 1946 “صندوق طوارئ الأمم المتحدة للطفولة”، بهدف توفير الطعام والمأوى والدواء والملبس للأطفال في الدول التي كانت ضحية للعدوان أعقاب كارثة الحرب العالمية الثانية.[1] بيد أن الجمعية العامة رأت أن يواصل الصندوق عمله بصورة مستمرة، فأصدرت القرار رقم 802(8-د) في أكتوبر 1953، طلبت فيه من المجلس الإقتصادي والإجتماعي أن يستمر في إستعراض عمل الصندوق بصفة دورية والتقدم بتوصيات إلى الجمعية العامة، وبأن يتم تعديل مسمى الصندوق من صندوق طوارئ مؤقت إلى “صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة”. المعروف اختصاراً باليونسيف “Unicef”.[2]

وفيما بعد تطور نشاط الصندوق ولم يعد قاصراً على مساعدة الأطفال في حالات الطوارئ. بل أمتد نشاطه ليضطلع بدور أكبر وأشمل، وهو الإستجابة لحاجات الأطفال خاصة في الدول النامية، وأصبح يغطي جميع مجالات حماية الطفولة. وفي عام 1965، تم منح اليونسيف جائزة نوبل للسلام تقديراً لجهودها في العمل من أجل السلام والتقدم ورفاهية الأطفال، وأصبح جهازاً فرعياً دائماً منذ عام 1973.[3]

ونظراً لما يقوم به الصندوق من دور أساسي في حماية الطفولة على مستوى العالم فان ذلك قد جعل البعض يعتقد أنه إحدى المنظمات الدولية المتخصصة، ويطلق علية وصف “منظمة الأمم المتحدة للطفولة”،[4] في حين أن الصندوق لا يعتبر وكالة دولية متخصصة بالمعنى الدقيق للوصف، بل هو أحد الأجهزة الفرعية التابعة للأمم المتحدة.

وهذا الوصف القانوني يؤكده جانب من الفقه بالقول أن معيار التفرقة بين المنظمات المتخصصة بالمعنى الصحيح وبين الأجهزة الفرعية للأم المتحدة، هو النظر إلى الأداة القانونية التي أنشات هذا الكيان أو ذاك. فإذا كانت إتفاقاً دولياً كنا بصدد منظمة دولية متخصصة، وإذا كانت قراراً صادراً عن أحد الأجهزة الرئيسة الدولية، كنا بصدد جهاز فرعي لا يتمتع بوصف المنظمة الدولية، أياً كانت درجة التميز والإستقلال الذاتي الممنوحة له.[5]

ويتفق بعض الفقه أيضاً مع هذا القول حيث يرى أن هذا العنصر هو الذي يميز الوكالات المتخصصة عن غيرها من الهيئات التي تنشئها الأمم المتحدة بنفسها وتمنحها جانباً من الإستقلال الذاتي في مباشرة ما تمنحة إياها من إختصاصات. مثل “صندوق الأمم المتحدة لإغاثة الأطفال”، المنظمة الدولية لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطنيين”، فهذه الهيئات أنشئت بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولم تنشأ بمقتضى إتفاقيات دولية بين الحكومات مثل الوكالات النتخصصة.[6]

لذلك ينبغي الإشارة إلى أن اليونسيف من حيث النشأة القانونية لا تعدّ وكالة دولية متخصصة، أما من حيث ما تقوم به من خدمات ونشاطات، فإن عملها قد فاق عمل العديد من الوكالات المتخصصة الأخرى.

هذا ويتولى أمر الصندوق مجلس تنفيذي يتألف من واحد وأربعين عضواً يقوم بإنتخابهم المجلس الإقتصادي والإجتماعي للأمم المتحدة.[7] ويضطلع هذا المجلس برسم السياسة العامة للصندوق، وفحص طلبات المعونة المقدمة إليه، وتحديد نوع المساعدات التي يقدمها، والإشراف على نواحي التقدم الذي تحقق. أما المهام الإدارية اليومية فيضطلع بها المدير التنفيذي للصندوق.[8] وتعتمد اليونسيف في تمويل برامجها التي تبلغ أكثر من 100 برنامج لتقديم شتى أنواع المعونة لأطفال ما يقرب من مائة دولة نامية، على التبرعات والمساهمات التطوعية من جانب الحكومات في الدول الصناعية والمتقدمة من العالم والتي تصل إلى ثلثي حجم التمويل. أما الثلث الأخير فيتم تدبيره من مصادر الخاصة وعلى وجه الخصوص من عائد بيع بطاقات معايدة وهدايا اليونسيف، إلى جانب التبرعات باختلاف قيمتها والتي تقدمها آلاف الهيئات ورجال الأعمال والأفراد.

ومنذ إنشاء الصندوق عام 1946 وهو يهدف إلى مساعدة الأطفال على إستيفاء حاجاتهم الأساسية وحماية حقوقهم، وتوسيع خيارات الحياة أمام جميع أطفال العالم. وهو دائب على نشر خدماته في ستة مجالات وهي: الخدمات الصحية، ومكافحة الأمراض، ونشر الغذاء الصحي، والتربية والتعليم، والتوجيه الحرفي، والرعاية الإجتماعية.[9] ويقدم الصندوق مساعداته في هذه المجالات بناءاً على طلب الحكومات صاحبة الشأن وهو بذلك يعمل على التعاون مع الدول النامية في النهوض بأحوال أطفالها وشبابها، عن طريق تشجيع ومعاونة حكوماتها في تنمية خططها لمواجهة إحتياجات أبنائها من الأطفال والشباب ليصبحوا قادرين على الإسهام في النهوض بمجتمعاتهم.[10]

وإذا كانت اليونسيف يوجه مساعداته بصورة أولية لبرامج الأطفال طويلة الأمد، إلا أنه دائماً ما يتحرك بسرعة لمواجهة الإحتياجات العاجلة للأطفال والأمهات في حالات الطوارئ الناجمة عن الكوارث أو الحروب أو الأوبئة والمجاعات.[11] وفي الوقت الحالي يسترشد اليونيسيف في جهوده بإتفاقية حقوق الطفل، حيث يسعى إلى تطبيق هذه الحقوق وتوحيدها لجميع أطفال العالم، كما أن هناك معاهدة أخرى تدعم عمل اليونسيف وتشكل جزءاً أساسياً منه، وهي إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، إذ إن رفاهية الأطفال وسعادتهم في أي مجتمع من المجتمعات مرتبطة إرتباطاً لا ينفصم مع وضع المرأة.[12]

وثمة تعاون وثيق بين اليونسيف ووكالات الأمم المتحدة ومنظمات المعونة المتبادلة، والمنظمات غير الحكومية. حيث تعمل مع هذه الجهات وغيرها على إيجاد واقع يكون فيه الأطفال أصحاب الأولويات في السياسات الوطنية.[13] وفي هذا السياق تؤدي اللجان الوطنية لليونسيف دوراً فريداً وحيوياً في زيادة الوعي العام ودعم عمل اليونسيف، وتقوم (37) لجنة ومعظمها في البلدان الصناعية بجزء كبير من العمل، من تقديم المساعدة للمجتمعات الفقيرة في البلدان النامية، إلى إقناع رؤساء الدول ورؤساء الوزراء بإعطاء الأولوية للأطفال في سياستهم.[14]

ومن ضمن إهتمامات اليونيسيف إجراء الدراسات والأبحاث عن أحوال الأطفال، وينشر عن ذلك مطبوعات وتقارير دورية، بهدف نشر المعارف وتعزيز فهم حقوق الطفل، والإطلاع على التقدم المحرز والمشكلات القائمة. ومن أهم التقارير السنوية الصادرة عن اليونسيف، هي تقرير وضع الأطفال في العالم، وتقرير مسيرة الأمم، التي تحتوي على دراسات وإحصاءات تغطي مجالات حقوق الأطفال في جميع أنحاء العالم.

ويمارس اليونيسيف نشاطه من خلال عدد من المكاتب الإقليمية في مناطق جغرافية معينة، وتتبع هذه المكاتب الإقليمية فروع لها منتشرة في بعض البلدان التابعة للمكتب الإقليمي. وذلك لتغطية نشاطات اليونيسيف المتعددة في خدمة وتقدم ورفاهية الأطفال.[15]

المراجع

[1] – Van Bueren ، the intenational law on the rights of the child . 1995، p 17.

[2] –  أعمال الأمم المتحدة في ميدان حقوق الإنسان، الجزأين الأول والثاني. الأمم المتحدة، نيويورك، 1990، ص 589.

[3] –  د. إبراهيم العناني، الحماية القانونية للطفل على المستوى الدولي، مرجع سابق، ص 10.

[4] – Black، the children and nations: the story of uncief، 1986، p. 492.

[5] – د.محمد سامي عبد الحميد، قانون النظمات الدولية، الجزء الأول، الأمم المتحدة، دار المطبوعات الجامعية، الطبعة الثامنة 1997، ص 229، 230 .

[6] –  د. إبراهيم العناني، المنظمات الدولية العالمية، المطبعة التجارية الحديثة، 1997، ص 132.

[7] –  د.عائشة راتب، التنظيم الدولي، دار النهضة العربية، 1998، ص 252.

[8] –  د.حسين عمر، المنظمات الدولية، هئيات ووكالات منظمة الأمم المتحدة، دار الفكر العربي، 1993، ص 413.

[9] – د.محمد شكري عبد الجواد، حماية حقوق الأطفال والنساء في القانونين الدولي والداخلي، بحث مقدم إلى مؤتمر إدماج إتفاقيتي “القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة “و” حقوق الطفل”، في مناهج كليات الحقوق، منشورات اليونيسيف، مكتب الأردن، ص 8 -11 .

[10] –  د.حسين عمر، المنظمات الدولية، هئيات ووكالات منظمة الأمم المتحدة، 1993، مرجع سابق، ص 412.

[11] –  حقائق أساسية عن الأمم المتحدة، نيويورك، 1982، ص 145.

[12] –  حقائق وأرقام اليونيسيف، لعام 1998.

[13] – UN.Doc E/ICEF/organization /Rev 2 1993 pp 15 -16.

[14] حقائق وأرقام اليونيسيف، لعام 1998.

[15] – من الجدير بالذكر أنه يوجد في عمان – الأردن، مقر المكتب الإقليمي ليونسيف الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما يوجد مكتب فرعي لليونيسف بالقاهرة . ولمزيد من التفاصيل أنظر العنوان التالي على الانترنت: WWW. Unicef org /Jordan

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى