الاتجاهات العشر: خريطة القوى المحركة لمستقبل التفاعلات العالمية

هل ينقلب العالم رأساً على عقب في المستقبل؟ تغيرات كبيرة يُتوقع حدوثها خلال العام التالي ستكون لها تداعيات على السياسة والاقتصاد والمجتمع والبيئة. ستخلق هذه التغيرات عالماً مثيراً للاهتمام يصعب توقعه. ويمكن تلخيص أهم تلك التغيرات في النقاط العشر التالية:

1- تفاقم التوترات السياسية بين القوى العالمية: من المتوقع أن يزداد الاستقطاب والانقسامات بين الدول والمناطق المختلفة، خاصة بين الولايات المتحدة والصين، مع تعرض المشهد السياسي العالمي لتغيرات ملحوظة، بالإضافة إلى صعود قادة جدد للسلطة وتحدي التحالفات القائمة. وبينما تحاول الدول أن تجد طريقها للبقاء في عالم شديد التشابك والتعقيد؛ تهيمن حالة من عدم الوضوح على المستقبل السياسي، وهو ما قد يؤدي إلى المزيد من عدم الاستقرار، ليس فقط خلال 2023، بل على مدار العقد التالي.

2- صعود اتجاهات سياسية مثل الشعبوية والقومية: بدأت الحركات السياسية الشعبوية في اكتساب المزيد من الزخم خلال السنوات الماضية على مستوى عدة دول، فرأينا قادة شعبويين يكتسبون المزيد من القوة، ورأينا المزيد من الانقسامات السياسية. تصارع الدول مع العديد من القضايا الملحة، على رأسها الهجرة وتغير المناخ، وهناك مخاوف من تراجع المبادئ والمؤسسات الديمقراطية. وفي هذا السياق، من المتوقع أن تشكل الشعبوية والقومية السياسات العالمية في مجالات مختلفة بما فيها التجارة والاقتصاد.

3- تغيير الذكاء الاصطناعي للحياة اليومية: من المتوقع أن يزداد تأثير الذكاء الاصطناعي في عدة مجالات، من القطاع الصحي، والتنقل، والتواصل، والترفيه، إلى الاستثمار.. وغيرها. فالذكاء الاصطناعي قد يساعد العديد من القطاعات في العمل بشكل أكثر فاعلية، وزيادة إنتاجها بشكل لا يمكن حصره، كما أن له تأثيرات سلبية واضحة على بعض الوظائف التي قد تبدأ في الاختفاء، وهو ما يؤكد أهمية التأقلم مع الفرص والتحديات الجديدة على اقتصادات العالم.

4- نمو اقتصاد الأعمال المستقلة (Gig Economy): يشير مصطلح اقتصاد الأعمال المستقلة إلى انتشار وظائف بعقود قصيرة المدى أو مؤقتة أو بشكل حر، وهو أحد الاتجاهات التي من المتوقع نموها بسرعة في 2023. ويرجع ذلك إلى عدة عوامل أبرزها جائحة كورونا، بالإضافة إلى زيادة الاعتماد على الإنترنت والهواتف المحمولة، مما يسهل إيجاد مثل هذه الفرص. سنرى المزيد من الناس يعملون عن بعد، أو بشكل حر ومستقل، مع زيادة التأكيد على مهارات المتقدمين للعمل وقدرتهم على التأقلم.

5- انتشار الطاقة النظيفة والابتعاد التدريجي عن الوقود الأحفوري: مع زيادة حدة التغيرات المناخية وتداعياتها على الكوكب، تجد الحكومات والشركات والأفراد أنفسهم تحت ضغوطات هائلة للتقليل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، والتأقلم مع التغيرات البيئية الجديدة التي تجلت في كوارث طبيعية، وتغيرات حادة في الطقس. كما أن الاعتماد المتزايد على الطاقة النظيفة سيخلق كذلك فرص عمل جديدة، وستنخفض تكلفة الطاقة الشمسية والرياح وستتحسن تقنياتها، وسنرى المزيد من الأفراد يتجهون لاقتناء السيارات الكهربائية، مما سيحسن من جودة الهواء، ويُقلل الاعتماد على الوقود التقليدي للمحركات.

6- توجه المزيد من الشركات للعمل افتراضياً وعن بعد: مع تزايد رقمنة الاقتصاد، من المتوقع أن تتوجه المزيد من الشركات للعمل أونلاين من خلال تبني تقنيات جديدة، مثل البلوك تشين وإنترنت الأشياء، وهو الأمر الذي يوفر فرصاً للنمو والابتكار لكنه يفرض تحديات على العمال والصناعات التقليدية. إن انتشار تقنية مثل البلوك تشين سيوفر معاملات إلكترونية آمنة وشفافة. وفي المستقبل القريب من المتوقع أن تدرك المزيد من الشركات والمنظمات أهمية هذه التقنية لتعزيز خدماتهم وتأمينها.

7- تصاعد أهمية القطاع الصحي في مواجهة الأوبئة والجوائح: عصفت جائحة كورونا بجميع اقتصادات دول العالم، وأودت بحياة الملايين من البشر، وتأثير هذه الجائحة ما زال ممتداً حتى اليوم، مع صعوبة تعافي بعض الدول حتى اللحظة. ولكن لن تكون هذه الجائحة الأخيرة، فمن المتوقع أن تظهر جوائح وأوبئة أخرى، خاصة مع تزايد حدة التغيرات المناخية، وهو ما يشير إلى ضرورة تبني سياسيات لحوكمة القطاع الصحي بشكل أكثر فاعلية، والاستثمار في البنية التحتية للمستشفيات والمراكز العامة.

8- تنامي تهديدات الهجمات السيبرانية: مع زيادة الاعتماد على الشبكات في كافة المجالات، أصبح العالم أكثر تشابكاً. وفي المستقبل سنرى المزيد من الاستثمارات في تأمين الشبكات في محاولة لضمان الأمن السيبراني وحماية المعلومات الحساسة للأفراد والأعمال ضد الهجمات المحتملة. كما سيدخل الأمن السيبراني ضمن استراتيجيات الدول لتأمين معلوماتها السرية والحساسة، وسيغير هذا الأمر من طريقة التواصل بين الأفراد وكيفية إدارة الشركات وتنظيم الأعمال.

9- نمو متزايد في التجارة الإلكترونية: شهدت اقتصادات العالم طفرة نمو للتجارة الإلكترونية خلال جائحة كورونا، مع توجه الشركات إلى تقديم خدماتها إلكترونياً. وفي المستقبل القريب من المتوقع أن يستمر هذا النمو، حيث إن الاعتماد المتزايد على الهواتف المحمولة والسرعة العالية للإنترنت سيدفعان نمو هذه السوق الإلكترونية. كما ستدفع “البيانات الضخمة” (Big Data) انتشار التجارة الإلكترونية، حيث تزداد قيمة هذه البيانات المجمعة من مستخدمي الشبكة حول العالم خاصة بالنسبة للشركات والاقتصادات لتقديم خدمات مفصلة لاحتياجات المستخدمين واتخاذ قرارات مدروسة لتحسين عملياتهم.

10- انتشار التقنيات المتقدمة وتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة: من التطورات في الذكاء الاصطناعي والروبوتات، إلى الاستخدام واسع النطاق للواقع الافتراضي والواقع المعزز، أصبحت التكنولوجيا جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية، وفتحت إمكانيات جديدة للاتصال والترفيه والأعمال. ستشهد تقنيات الواقع الافتراضي المزيد من التطور السريع في المستقبل كما ستنخفض تكلفتها للمطورين والمستهلكين. وستستمر التقنيات المتقدمة بما الروبوتات والبلوك تشين وإنترنت الأشياء في إحداث تغيرات جذرية في جميع القطاعات. وبينما قد توفر هذه التقنيات فرصاً جيدة، إلا أنها ستزيد من مخاطر تقليل فرص التوظيف وظهور مشكلات أخلاقية فيما يتعلق بالعلاقة بين التكنولوجيا وخصوصية الأفراد.

وفي المحصلة النهائية، من الصعب التنبؤ بالقوى الحقيقية المحركة للمستقبل، لكن يمكن للعديد من العوامل أن تؤثر على اتجاه العالم. ومن المرجّح أن تكون التحولات التكنولوجية والتغيرات في موازين القوى السياسية والاقتصادية في العالم والتأثير المستمر لتغير المناخ من بين العوامل الرئيسية المشكّلة للمستقبل. وبالإضافة لما سبق، تؤثر اتجاهات النمو السكاني وتوافر الموارد بقوة على مستقبل العالم. وفي النهاية، سيتوقف المسار المستقبلي على الخيارات والإجراءات التي يتخذها القادة والحكومات والمنظمات خلال السنوات القادمة.

ملاحظات المحرر

قام بكتابة هذا المقال كاملاً تطبيق “شات جي بي تي” دون تدخل من المحرر سوى في اختيار الموضوع. كتب التطبيق أكثر من 7 نسخ مختلفة من المقال، وكل نسخة تتضمن محتوى مختلفاً، وتكشف تجربة التعامل مع هذا التطبيق الثوري عن عدة ملاحظات رئيسية:

1- السرعة الخاطفة في كتابة المقال: يستغرق التطبيق دقائق معدودة في كتابة كل نسخة، ويمكنه صياغة المحتوى في وقت أقصر من قدرة البشر على تجميع وترتيب المعلومات. ويمكنه الاستجابة لتعليمات المحرر من حيث عدد الكلمات، وجعل المقدمة أكثر تشويقاً، وصياغة العناوين، وترتيب الفقرات، بل أيضاً تحويل النص كله إلى أبيات من الشعر إن أردت!

2- محدودية التدخل التحريري في الصياغات: يمتلك البرنامج قدرة كبيرة على الصياغة وصناعة المحتوى، بحيث يكون دور التحرير في التدقيق اللغوي وترتيب الأفكار ومراجعة دقة المعلومات، لكن ترتيب الأفكار واسترسال وترابط الفقرات يجعل مهمة المحرر أسهل مقارنة بالبشر.

3- تضمن بعض المقالات معلومات خاطئة: يبدو أن البرنامج لا يزال في مراحل التطوير الأولية، لأن نسخاً محدودة من المقالات تضمنت معلومات خاطئة، مثل وصف السيناتور الأمريكية إليزابيث وارن بأنها ستصبح رئيسة الولايات المتحدة، أو بعض المعلومات غير الدقيقة حول الجغرافيا ومواقع الدول.

4- الافتقاد للتوازن في الإجابات عن الأسئلة: يهيمن المنظور القيمي الغربي على كافة إجابات ونصائح التطبيق فيما يتعلق بالأسئلة الحياتية والشخصية، وهو ما يجعل استخدامه محفوفاً بالمخاطر، كما أن بعض الإجابات التي يطرحها تبدو غير واقعية وغير قابلة للتطبيق في بعض الأحيان.

5- عمومية المحتوى والافتقاد للتخصص: لا يمكن للتطبيق طرح رؤى متخصصة أو التنبؤ بالمستقبل أو صياغة سيناريوهات معقدة، فقط يمكنه طرح رؤى عمومية تتضمن أفكاراً سائدة في النقاش العام، وهو ما يجعله أقرب لطالب متوسط المستوى لكنه غير فائق الذكاء.

6- محدودية الإلمام بالأحداث بعد عام 2021: يشير مطورو التطبيق في الصفحة الرئيسية إلى أن إلمامه بالأحداث والتطورات بعد عام 2021 محدود، كما أنه غير متصل بالإنترنت، بحيث يبدو أن عالم عام كامل بالنسبة له يبدو غائماً وغير مكتمل الملامح، ويؤثر ذلك بالقطع على إجابات ومقالات التطبيق.

7- افتقاد الذاكرة والقدرة على الأرشفة والاستدعاء: لا يزال التطبيق لا يمتلك قدرة على تخزين الأسئلة والإجابات بينه وبين المستخدم، إذ لا يمتلك ذاكرة تمكنه من ذلك، ولذلك يبدو أنه يجيب كل مرة بصورة مختلفة على السؤال نفسه، ومع التكرار تتكرر أيضاً الإجابات والمعلومات الواردة بها لكن بصياغات مختلفة.

وفي الختام، يكشف التطبيق ملمحاً لما يمكن أن يكون عليه مستقبل صناعة المحتوى والتأليف والكتابة الإبداعية. لا يزال التطبيق موضع مراجعة وتطوير، لكنه حين يكتمل ويصل لأقصى قدراته سيكون من الصعب التفرقة بين ما يكتبه الذكاء الاصطناعي ونظيره البشري، وقد تتفوق الآلة على صانعها وتجعله عاجزاً عن مجاراتها في هذا السباق.


Menan Khater – إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى