دراسات تاريخية

قالوا عن الإعلام المصري في معركة الكرامة

لا شك أنها الانتصارات العظيمة لا تنسى رغم مرور السنوات، تتوارثها الأجيال وتظل علامة فارقة في تاريخ الشعوب، وكلما مر عليها عام زاد رونقها وعلت قيمتها وأفصحت عن كنوزها، رغم مرور الأعوام على حرب أكتوبر، إلا أنها ما زالت حاضرة. فالحديث عن كل الجوانب في حرب أكتوبر يحتاج لسنوات وفرق عمل لحصر كل ما حدث وفي هذا التوقيت وبتلك الدقة التي أذهلت أعتى أجهزة الاستخبارات في العالم بعملية غير معهودة في أجهزة إعلام الدول التي غالبا ما ينحصر عملها بين “التضخيم في الذات أو التهوين من العدو” وفي كلتا الحالتين تكون القيادة والشعب تحت تأثير الهالة الإعلامية التي يمكنها تحويل النصر إلى هزيمة والعكس، وهو الواقع الذي مرت به مصر وبشكل بعيد جدا عن الواقع قبل وبعد الخامس من يونيو 1967.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

   قبل 1967 لم يكن ليسمح للإعلام أن يتحدث إلا بنغمة التبجيل والتمجيد والمدح للحاكم ولم يكن هناك أي مجال للمصارحة وكشف الأوراق والتحذير من كوارث قد تكون قادة، حتى كشفت الأيام والوقائع كل شيء وعلى مرأى ومسمع من العالم كله، فكانت صدمة قاسية للقادة قبل الشعب، استيقظت مصر كلها بل والعالم العربي من غفوتها ومن الأحلام التي كانت تطير بها في السماء، بدأت الأقدام تلامس الأرض ولكن بكل أسف كانت الأرض مليئة بالأشواك والقنابل وحطام قواتنا، تغير كل شيء بعد هذا التاريخ المؤلم “في الخامس من حزيران 1967”.

   لقد خاضت مصر حرب استنزاف طويلة الأمد واستطاعت خلالها تنفيذ الكثير من العمليات القتالية الناجحة ضد العمق في قلب اسرائيل أو في سيناء، خلال تلك الفترة كانت مصر تقوم ببناء حائط الصواريخ وتنحى جانبا إعلام النكسة، وبدأ نوع جديد من الإعلام مبني على العلم والنظريات وكيفية استخدام هذا السلاح الخطير لتحقيق مكاسب على الأرض، بدأت مصر وبالتعاون مع سوريا في التنسيق باستخدام المتاح من الأسلحة الروسية والتشيكية وغيرها من الأسلحة بعدما قرر السادات تنويع مصادر السلاح، كان أبرز ما في تلك المرحلة وضع وزارة الثقافة والإعلام حملة “اعرف عدوك” في مقدمة الحملات حتى لا يتم تغطية الجندي الإسرائيلي بهالة لا يستحقها وليصبح الجندي والقائد يعرف عدوه جيدا قبل أن يلقاه.

الرئيس الأمريكي نيكسوت

    في مذكراته: “إنها لخيبة أمل كبيرة لكل من المخابرات المركزية الأمريكية والمخابرات الإسرائيلية التي كنا نظن أنها ممتازة، بل إن ما حدث يعد فشلا، فلم نعرف أن الحرب ستندلع إلا قبل ساعات قليلة من اندلاعها”.

هل أمر السادات باغتيال موشيه ديان

الجنرال ياكوف هداي

 ياكوف الذي كان عضوا في لجنة التحقيق العسكرية حول ما حدث في حرب أكتوبر قال “إن مصر وضعت نهاية الثقة الإسرائيلية بأنفسهم كما أنها أنهت تفاؤلهم”.

الجنرال “إبراهام كامير”

   هو أحد قادة القوات الإسرائيلية بعد انتهاء الحرب “لا يوجد أي فرد في القوات الإسرائيلية على أي مستوى تنبأ بأن مصر ستدخل الحرب حتى جميع تقارير الـ CIA المخابرات الأمريكية والموساد الإسرائيلي لم يكن لديها أي اتجاه بأن الحرب ستحدث ولكن حدثت المفاجأة التي هزت إسرائيل هزًا، وذلك لأن الإعلام المصري قام بسلسلة من الخداعات “الخطط الخداعية والتعتيم الإعلامي” على استعداد مصر للمعركة طوال عام كامل.

صحيفة الأوبزرفر

   في 7 /10 /1973: كتبت الصحيفة البريطانية في هذا التاريخ تعليقًا حول الوضع أيام 1967 والوضع الحالي في الشرق الأوسط قائلة “الاختلاف الكبير بين مصر في حربها اليوم ومصر منذ ستة أعوام هو أنه في عام 1967 انتشرت حمى الحرب بين أفراد الشعب المصري قبل أن تبدأ الاشتباكات بحوالي ثلاث أسابيع فقط وأعطى جهاز الدولة للدعاية صورًا لانتصار عربي ساحق واستمر ذلك حتى أيام الحرب القليلة وتحت تأثير الحملة الدعائية المحمومة كان أفراد الشعب خاضعين لحرب نفسية حقيقية وغير قادرين على تقدير الموقف-  ومن كلمات تلك الصحيفة يتضح بجلاء الأسلوب العلمي الذي اتبعه الإعلام المصري في المعركة والذي أعلن عنه أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة وهو يرتكز على دعائم رئيسية كشفت عنها الصحيفة منها: “عدم التهوين بين قوتنا أو قوة العدو ورفع شعار إعرف عدوك، وتقديم صورة حقيقية وصادقة للمواطن عن الموقف وهو ما جعل الشعب يعرف أين يقف بالضبط دون تهوين أو تهويل.

صحيفة بروتكايل طوكيو

    في يوم 10 /10 /1973:كتب مراسل الصحيفة بالقاهرة “يقول بمقارنة البيانات التي تصدر الآن بتلك التي كانت تصدر أثناء حرب الأيام الستة يونيو 1967 نجد أن البيانات التي تصدر هذه المرة حول المعركة الحالية موثوق بها ويعتمد عليها وهذه الحقيقة لم يعترف بها المصريون فحسب وإنما الدبلوماسيون والمراقبون الآخرون في القاهرة وأن مضمون تلك البيانات تؤكد دائمًا ما يعرضه التلفزيون”.

وكالة الأنباء الفرنسية

   قالت في برقية لها يوم 10/10 /1973 “ومما يذكر أن لهجة البيانات العسكرية مازالت مقنعة على عكس ما حدث عام 1967 فإن البيانات تشير دائمًا إلى أن هناك ثمة نجاح ولكنها لا تشير إلى النصر الكامل أو تدميرًا للعدو وهكذا فإن درس 1967 قد أثمر وكل شيء بدا على أن الحكومة المصرية تحسب حساب الأيام القادمة.

وكالة رويترز

 قال مراسل الوكالة بالقاهرة إن تنظيم حضور المراسلين الأجانب لعملية استسلام الموقع الإسرائيلي كان أكثر من رائع.

الإكسبريس الفرنسية

    نقلت الصحيفة في عددها الصادر يوم 18 /10 /1973 تصريح الجنرال ماني فيليب أحد القادة الإسرائيليين في جريدة معاريف الإسرائيلية قوله “لطالما هددنا القادة بالأوهام بيد أنه في الوقت الذي تفرغنا فيه لتعلم الكذب تعلم العرب كيف يقاتلون”.

اسرائيل بين مسيرة الأعلام.. ومسيرة الأوهام!

   هي بدايات لــ«مسيرة الأعلام» الإسرائيلية بأجوائها وصورها ورسائلها أقرب إلى «بروفة مبكرة» لما يمكن أن يحدث في المستقبل المنظور من تفاعلات وصدامات وحروب. قد لا توجد في الأفق السياسي الملغم أية إشارات على حلول سياسية محتملة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وجوهره الحساس القدس المحتلة. في تلك المعركة، التي جرت وقائعها في (21) مارس (1968) بعد شهور قليلة من نكسة (1967)، تمكنت جماعات الفدائيين من إلحاق هزيمة مذلة بالقوات الإسرائيلية بمشاركة بطولية من الجيش الأردنى، عندما حاولت احتلال نهر الأردن تحت غطاء جوى مكثف. في تلك الأيام البعيدة إثر نكسة يونيو راهن «جمال عبدالناصر» على أنه قد آن الأوان أن تبدأ حرب فدائيين داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، قال بالنص لقائد «فتح» «ياسر عرفات» عندما التقاه لأول مرة بترتيب من الأستاذ «محمد حسنين هيكل»: «أريد أن أسمع طلقة رصاص واحدة كل يوم داخل الأراضي المحتلة».

حرب أكتوبر.. ملحمة عظيمة تفتخر بها الأجيال

    بطولات وتضحيات كثيرة دونت في سجلات العسكرية المصرية من أجل الحفاظ على أغلى بقعة في أرض الوطن.. إنها «أرض الفيروز» سيناء الغالية على نفوس المصريين، بوابة مصر الشرقية وخط دفاعها الأول عن أمنها واستقرارها.. وسيظل نصر أكتوبر المجيد ملحمة عظيمة ورمزًا خالدًا تفتخر به الأجيال، وتجسيدًا عمليًا لكفاءة وعقلية المصريين ورفضهم للانكسار.

   في كل عام يمر على نصر أكتوبر، تتكشف أسرار جديدة من كواليس الحرب ودروسها المستفادة يرويها لنا أبطال القوات المسلحة الذين شاركوا في ملحمة العبور العظيمة، حيث سبق وان التقت «الأهرام» المصرية عددًا من هؤلاء الأبطال، الذين أكدوا أن حرب أكتوبر أثبتت قدرة القوات المسلحة المصرية على فعل المستحيل بمساندة الشعب المصري العظيم.

اللواء اللواء جمال كحيلة

    هو المقاتل المصري المعجزة الحقيقية لرغبته في النصر.. يقول: المصريون أثبتوا خلال الحرب الجدارة والاستحقاق وتحولوا من مرحلة اليأس لمرحلة الأمل. فقد شارك في حرب أكتوبر 73 بالفرقة 18 مشاة، هو اللواء جمال الدين محمد كحيلة، الذى روى لــ«الأهرام» بعضا من كواليس الحرب ومعركة تحرير القنطرة شرق، مؤكدًا أن معركة أكتوبر مستودع وكنز من الإسرار. وشدد اللواء «كحيلة» على ضرورة التعرف على فترة ما قبل حرب 1973 كي يفهم المواطن يعنى إيه نصر أكتوبر المجيد، قائلًا إن الجيش المصري في حرب67 فرضت عليه الهزيمة وفقد أسلحته ومعداته وعاد حزينًا مكتئبًا مهزومًا، وبالتالي حزن الشعب لحزن جيشه، وأصيب في ذاك الوقت جمال عبد الناصر بما أصيب به الجيش المصري وقرر التنحي عن حكم البلاد، ولكن الشعب خرج يومي 9 و10 يونيو بعد المعركة مباشرة وطالبه أن يظل في مكانه وأن يصمد لأنه لا خيار أمام المصريين سوى الصبر والاستعداد. ورفع عبد الناصر شعار «ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة» وباشر بنفسه الإشراف على إعادة تنظيم الجيش وتسليحه وتدريبه على هذه الإعادة إلى أن توفى في عام 1970، ثم جاء بعد ذلك الرئيس أنور السادات، فاستمر الجيش على استعداده وتدريبه كما استمر الشعب المصري على دعم الجيش. فحرب الاستنزاف التي سبقت هزيمة 67 كان فيها تدريب واقعي للجيش على الهجوم على العدو الإسرائيلي وفي بداية حرب 73 كانت القوات المسلحة استعادت قوتها وأصبحت جاهزة لتنفيذ خطته إلى أن الزعيم أنور السادات أمر الجيش باقتحام قناة السويس وتحرير الشرق. ففى يوم 6 أكتوبر وبالتحديد الساعة الثانية ظهرًا، أخذت القوات أوامرها بالهبوط، لافتًا إلى أن قواته عبرت إلى شرق القناة وبدأت التعامل مع العدو، حيث كانت مهمتنا تأمين الجانب الأيسر لمعركة القنطرة شرق، وقام العدو بالهجوم المضاد على الوحدات التي قامت بالاستيلاء على النقاط العسكرية في القنطرة شرق وبدأنا نتعامل مع العدو، وتمكنت السرية من تدمير دبابتين وعربة مدرعة ونجحنا في صد العدو ودحره حتى قام بالانسحاب شرقًا بعمق دفاعاته.

    بقد نوه كحيلة بأن أعمال القتال استمرت وقال: قمنا بتوسيع رءوس الكباري ووصلنا إلى عمق 15 كيلومترا على مشارف منطقة بالوظة ورمانة وبدأنا ندافع بأعمال دفاعية في هذه المنطقة، و«يحضرني في هذه الموقعة العظيمة المقاتل المصري الذى كان المعجزة والمفاجأة الحقيقية لهذه الحرب». فالمقاتل المصري الذى لاحقته الهزيمة منذ 6 أعوام خرج من عقاله يوم 6 أكتوبر وانطلق هذا المارد واستطاع أن يدمر خط بارليف الحصين، مشددًا على أن المصريين أثبتوا خلال هذه الحرب الجدارة والاستحقاق وأنه تحول من مرحلة اليأس التي كان فيها إلى مرحلة الأمل وقام بتغيير الواقع والتاريخ وكتب أول هزيمة على الجيش الإسرائيلي يقوم بها جيش عربي. فالإرادة المصرية تحققت في حرب أكتوبر وسقنا الجيش الإسرائيلي إلى السلام رغم عن أنفه وترك الأرض وعاد إلى حدوده، مشددًا على أن الجيش المصري استطاع أن يحقق إرادته ويستعيد كرامته وأرضه وكبرياءه ويفرض السلام على إسرائيل رغما عن أنفها بالقتال. فالفرد هو المعجزة الحقيقية لهذه الحرب بالإرادة ورغبته في النصر وروحه المعنوية العالية التي جعلته يستوعب كافة تقنيات العصر من الأسلحة الحديثة التي زود بها ورغبته الملحة لمحو الهزيمة التي كانت قوية وأن شعار «النصر أو الشهادة» هو شعار حقيقي تمثل في اقتحام قناة السويس وعبورها وتدمير خط بارليف الحصين.

حمدي بخيت: أحد أهداف حرب أكتوبر 73 هو هدم نظرية الأمن الإسرائيلية

    أكد اللواء حمدي بخيت المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، وأحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة، أن نصر أكتوبر هو ملحمة عظيمة، مرجعًا نجاح القوات المصرية في أكتوبر 73 إلى إخفاء ميعاد الحرب. وذكر اللواء حمدي بخيت، في تصريح لــ»الأهرام»، أنه شارك في حرب أكتوبر وكان برتبة ملازم وقائدًا لمجموعة استطلاع، حيث قال: كان استعدادنا للحرب من خلال الاهتمام بصيانة المعدات والكفاءة القتالية والحالة النفسية والمعنوية لأفراد الفصيلة». ولفت إلى أن الكثير من المجموعة يحتاج لرفع الروح المعنوية لديهم خصوصا وأنهم شاركوا في حرب اليمن والاستنزاف. و«نحن كعناصر استطلاع شغلنا الميدان العقلي كبير جدًا للنظر في المواقف المعقدة، وأنه في فترة الإعداد كنا ننفذ المهام وسرية الاستطلاع وننفذ تدريبات على المحاور التي سنكون عليها وقت الحرب» موضحًا أنه تعرف على توقيت الحرب في الثانية عشرة ظهرًا. فأحد أهداف حرب أكتوبر 73 هو هدم نظرية الأمن الإسرائيلية، حيث نجحت القوات المصرية في تلقين إسرائيل درسًا مهمًا جدًا هو أن إسرائيل ليس لها ذراع طويلة وقطعت بالدفاع الجوي المصري بكل أبعادها وتم تحطيم هذه النظرية في أكتوبر. فنجاح القوات المصرية في أكتوبر 73 هو إخفاء ميعاد الحرب، فالألم التي ألحقته القوات المسلحة المصرية بالقوات الإسرائيلية كان مؤثر حتى صار هاجسًا على المستوى الإسرائيلي والأمريكي وبأجهزة المخابرات في العالم، متسائلًا كيف يتحقق الإنذار مبكرًا؟، فالدول التي تحقق الإنذار المبكر تستطيع أن تأخذ المبادرة وتحقق أهدافها، أما الدول التي يغيب فيها الإنذار المبكر يكون رد فعلها متأخرًا، وهو ما حدث في أكتوبر 73 حيث أخذنا المبادرة وحققنا المفاجأة.

اللواء سمير نوح: شاركت في 35 عملية إغارة على مواقع العدو على خط بارليف والكمائن

      أحد أبطال الصاعقة، أن الجيش المصري نجح في حرب أكتوبر 73 في تحقيق أعظم انتصار عسكري على الجيش الإسرائيلي، لافتًا إلى أن القوات المسلحة المصرية أعادت ترتيب صفوفها استعدادًا لمعركة تحرير الوطن بعد نكسة 67. فمجموعته قامت بــ«92» عملية، وأنه شارك في 35 عملية منها عمليات إغارة على مواقع العدو على خط بارليف والكمائن ضد دوريات القوات الإسرائيلية. «لقد قمنا بعمليات زرع الألغام على طرق المواصلات والمدقات داخل عمق سيناء وعمليات الاستطلاع ورصد وتصوير المواقع الإسرائيلية تمهيداً لضربها، كما قمنا في حرب أكتوبر بضرب مستودعات البترول في مناطق بلاعيم وشراتيب وضرب مطار الطور العسكري ومهاجمة مواقع العدو برأس محمد بالقرب من شرم الشيخ، مما أربك العدو وشل تفكيره لوصول القوات المصرية إلى هذه النقطة».

   لقد «قمنا بالثأر للشهيد البطل عبد المنعم رياض الذى استشهد يوم 9 مارس 69 وقام إبراهيم الرفاعي بالهجوم على موقع «لسان التمساح 1» 19 أبريل 69 ودمرنا الموقع بالكامل، وتم قتل 44 جنديًا وضابطًا إسرائيليًا، وبعد ثلاثة شهور في 7 يوليو 69 هاجمنا الموقع مرة أخرى ودمرنا الموقع.

اللواء طيار وصفى بشارة: نصر 73 المعركة النهائية من الحرب التي بدأت في 67

    هو بطل من أبطال السرب «49» مقاتلات في حرب أكتوبر 73، شارك في حرب الاستنزاف وأسقط طائرة «فانتوم» في إحدى المعارك، هو اللواء طيار أركان حرب وصفى بشارة قليني، الذى كشف عن بعض من كواليس حرب أكتوبر. «في حرب 73 كنت في قيادة السرب المقاتلات «49» المكلف بحماية المنطقة الجنوبية من الجبهة من السويس حتى الغردقة»، مشيرًا إلى أن حرب 73 هي المعركة النهائية من الحرب التي بدأت في 67. فالقوات الجوية قامت بعد نكسة 67 بشهرين بضربات جوية على المواقع الإسرائيلية في سيناء وألحقنا بهم خسائر كبيرة منها مواقع الرادار والمطارات الموجودة في سيناء وقمنا بإسقاط طائرات ودارت اشتباكات قوية، وقمنا بضرب كل مراكز الاتصال على الجبهة ثم بعدها الاستعداد للحرب وكما قال الزعيم عبد الناصر «ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة»، وفعلًا قمنا باسترداد أرضنا بالقوة. واعتبر أن أصعب فترة هي حرب الاستنزاف 67 حتى حرب أكتوبر 73 لأننا كنا ندرب الجنود مع الدفاع عن الوطن، حيث لم يكن هناك حائط صواريخ «الدفاع الجوي»، وكان هناك عبء كبير على القوات الجوية حيث كانت الأسراب ليل نهار واشتباكات في نفس الوقت. وأشاد بالتعديلات التي أحدثها المهندسون المصريون في الطائرات وكذا الأطقم الأرضية والمهندسون الذين استطاعوا أن يقللوا من مدة تموين الطائرات من 45 دقيقة إلى 10 دقائق.

    معركة المنصورة لم تحدث في تاريخ الحروب منذ الحرب العالمية الثانية من حيث الأعداد الضخمة للطائرات واستمرار المعركة لمدة 54 دقيقة فوق مطار المنصورة وإصرار من العدو بإمكاناته على تدميره، حيث قمنا بإسقاط عدد كبير من طائرات العدو وتم تصليح عدد من الطائرات واستمررنا إلى آخر الحرب وذلك بفضل الروح المعنوية وحب البلد.

صائد الدبابات في حرب أكتوبر

 الخبراء الروس أشادوا بالجندي المصري لقوة تركيزه في إصابة الهدف. هو الرقيب إبراهيم السيد عبد العال، كان حكمدار طاقم الصواريخ بالفرقة 16 مشاة  ونجح بمفرده في تدمير 18 دبابة فضلًا عن قنصه لمدرعتين، ومنحه الرئيس الراحل السادات وسام الجمهورية من الطبقة الأولى تقديرًا لأعماله البطولية، ولقب بـ «صائد الدبابات» لإسقاطه العديد من الدبابات، حصل على العديد من الأوسمة منها وسام الجمهورية من الطبقة الأولى وميدالية اللجنة المركزية بالاتحاد الاشتراكي، ودرع القوات المسلحة من المشير حسين طنطاوي ودرع الجيش الثاني الميداني، إضافة إلى العديد من شهادات التقدير وميداليات من مختلف الجامعات المصرية وقصور الثقافة.. إنه الرقيب إبراهيم السيد عبد العال صائد الدبابات. وقال: «إنه التحق بالتجنيد عام 1969 بعد حصوله على دبلوم تجارة بالتل الكبير لإدارة المدفعية بألماظة ثم تدرب على قواعد التعليم الأساسي لمدة 45 يومًا، ونال شرف حكمدارية أحد الأطقم التي كان منها صديقه محمد عبد العاطي صائد الدبابات بالسرية الأولى وكان يجاوره بالسرية الثانية».

    إن مهمتنا كانت تأمين قيادة اللواء وجسر شط القناة وتأمين عبور القوات من الغرب إلى الشرق، حيث قمت بتدمير 18 دبابة وعربتين مصفحتين منذ بداية الحرب حتى وقف إطلاق النار، ومنعنا تقدم أكثر من 40 دبابة معادية كان العدو دفع بها في هجوم على الجيش، وكانت أطقم العدو الإٍسرائيلي، عليها أطقم من القوات الخاصة، وكان هدفهم، اصطياد أطقم قنص الدبابات المصرية، ونجحنا في وقف تقدم اللواء المدرع الإسرائيلي، الذى حاول اختراق خطوط  القوات المصرية، وبرهنت قوات المشاة المصرية على أنها قادرة على مواجهة العدو الإسرائيلي فيما هو متاح من إمكانيات ضد العدو الإسرائيلي. ولفت الانتباه إلى إشادة الخبراء الروس بالجندي المصري لقوة تركيزيه في إصابته للهدف بالعربة الإلكترونية لتلغى فكرة تفاخرهم بأنفسهم في أعقاب إقصائهم، فتم التدريب بالذخيرة الحية وكانت كتيبتنا لها القدرة الفائقة في إصابتها للأهداف وتوالت التدريبات للعمليات للصقل المتواصل على الحرب بعدما تم الانتقال للجبهة بعد انضمام الكتيبة للفرقة 16 وتم أخذ وضع الاستعداد القتالي حتى جاءت ساعة العبور. «أتذكر يوم 6 أكتوبر صباحًا وصلت مظاريف مغلقة للقادة وتم التنبيه عليهم بعدم فتحها إلا في تمام الساعة الواحدة والنصف بعد الظهر، عندما فتح القادة المظاريف، عرفنا أن ساعة عبور القناة التي ننتظرها قد جاءت بعبور 220 طائرة عبر عنان السماء لتدمير كل المطارات والمواقع الحصينة للعدو ثم أعقبها 2000 مدفع هوك لدك حصون خط بارليف، معبرًا عن سعادته وشعور لا يوصف عندما كان يقوم بقنص دبابة العدو فكنا نسجد لله شكرًا عقب تدمير كل مدرعة أو دبابة بصيحات «الله أكبر» التي زلزلت الإسرائيليين وقادتهم.

     يرى عبد العال أن يوم 9 أكتوبر كان يوم النصر على العدو الذى أوهم العالم بأنه الجيش الذى لا يقهر لأنه استطاع تدمير 7 دبابات في 30 دقيقة، ومن سعادته كان يقول بأعلى صوته: «هل من مزيد؟» طالبا التقدم للأمام مسافة نصف كيلو ولكن الرائد بسيوني رفض قائلًا له: «التزم بالتعليمات العسكرية». وذلك فضلًا عن تدمير صديقه 7 دبابات أخرى لنتلقى التهنئة من الرئيس السادات. ويقول أن القائد الإسرائيلي «شارون» كان هدفه خطفه وقتله بعد أن كبد العدو الإسرائيلي خسائر في دباباته الحديثة، فأرسل له فرقة من القوات الخاصة هاجمت سريته ولكن الله نصره بنزوله الخندق وحمل خوزته أعلى سلاحه وظل ينظر إليهم بخوزته ويعتقدون أنها رأسه حتى قربت ذخيرتهم على النفاد وعندما شعر عبد العال بأن ذخيرتهم نفدت، تظاهر بأن إحدى الطلقات أصابته ومات، فأسرعوا إليه بالخندق، فخرج عليهم بمشاركة زملائه، فتم قتل 8 وأسر 8 من ضباط القوات الخاصة الإسرائيلية. وبدأ الهجوم الإسرائيلي على موقع الكتيبة يوم 14 أكتوبر في محاولة الاختراق والوصول للقناة، واستمرت المعركة أكثر من 14 ساعة، تم خلالها تدمير 27 دبابة، وتكبد العدو الإسرائيلي خسائر فادحة وكبيرة، وكانت من إحدى المعارك الفاصلة في الحرب. واعتبر حرب أكتوبر أبرز دليل على صلابة وقوة الجندي المصري الذي قهر المستحيل بكل المقاييس الإستراتيجية والعسكرية.

    لا ينسى قائد سريته «المقدم عبد الجابر أحمد» وكتيبته «المقدم محمد حسين طنطاوي» وزير الدفاع  الأسبق، والعميد «عبد رب النبي حافظ» قائد الفرقة 16 مشاة. وعن ذكرياته بشأن معركة المزرعة الصينية، قال عبد العال: «بدأ الهجوم الإسرائيلي على موقع الكتيبة يوم 14 أكتوبر فى محاولة لاختراقها والوصول للقناة واستمرت المعركة أكثر من 14 ساعة، تم خلالها تدمير 27 دبابة وتكبد العدو خسائر فادحة وكانت من أحد المعارك الفاصلة في حرب أكتوبر 73 حيث شعر العدو بالرعب من بسالة الجندي المصري».

   في النهاية علينا أن نعترف أن حرب أكتوبر لم تكن مجرد حرب حالفنا فيها النصر ولكنها كانت عزيمة وإرادة ودروس للأجيال بأن العرق والجهد والإصرار سيتحصل له النجاح وإن تأخر لبعض الوقت… هل لنا أن نعيش أكتوبر من جديد ونتعلم كيف تحول الهزيمة والانتكاسة إلى نصر…

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى