دراسات سياسية

قرارات ترامب…..رد فعل الولايات المتحدة الأمريكية على عالم متعدد الأقطاب

بقلم بن أحسن أنيس عبد الوهاب.(وجهة نظر)
أسيل الكثير من الحبر، و قيل الكثير من الكلام حول القرارات التي اتخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب و في مقدمتها قرار حظر سفر مواطني 7 دول اسلامية إلى الولايات المتحدة الامريكية بحجة ضمان أمن وسلامة أمريكا و كذلك عدم استقبال اللاجئين.
القرار الذي اثار موجة استياء و احتجاج عارمة في الولايات المتحدة الامريكية من منطلق انه يتعارض و قيم الأمة الأمريكية، كذلك تعرض لموجة انتقاد من العديد من الدول الاسلامية و الغربية، و كذلك من طرف العديد من المنظمات الحقوقية العالمية.
كذلك تهديد ترامب بتخفيض مساهمة بلاده في تمويل برنامج الغذاء العالمي. و هو الامر الذي لو نفذ حقا فإنه سيؤدي إلى تفاقم وضع اللاجئين و سكان الدول الفقيرة.
بالاضافة إلى سعي ترامب للتقليل من النفقات العسكرية عن طريق تخفيض مساهمة الولاياتالمتحدة الامريكية في حلف شمال الاطلسي ( الناتو).
الولايات المتحدة الامريكية التي تزعمت العالم عقب انهيار الاتحاد السوفياتي مطلع العقد الأخير من القرن الماضي قدمت نفسها على أنها الدولة التي تدافع عن الديمقراطية و الدولة التي تكافح ما يسمى بالإرهاب و على أساس ذلك دخلت جيوشها بلدان عدة على غرار باكستان و أفغانستان و العراق، و كان حلف شمال الاطلسي الأداة العسكرية المساهمة في تحقيق ذلك، تمكنت الولايات المتحدة مع مطلع الألفية الجديدة من فرض نفسها القوة الأولى في العالم و القطب الوحيد الذي يسيطر على النظام الدولي، تحملت خلاله أعباء كثيرة على غرار اللاجئين و كذا تمويل المنظمات العالمية و في مقدمتها منظمة الامم المتحدة، بيد أن هذه الاعباء في حقيقتها ما هي إلا اوراق اكتسبتها الولايات المتحدة بغرض استعمالها لاحقا.
و مع مطلع العقد الثاني من الالفية الجديدة و بروز ما يسمى بالربيع العربي او الثورات العربية أبرزت مدى الاختلاف حول تقسيم العالم الاسلامي بين مختلف القوى الكبرى، هذا الامر الذي أفقد الولايات المتحدة الامريكية زعامتها على العالم . الاختلاف في المصالح ولد أقطاب إقليمية تنافس على مكانة القطب العالمي على غرار إيران و تركيا و أعاد أخرى عالمية للواجهة على غرار التنين الصيني و أيقظ الدب الروسي قطب الامس من سباته بينما دخل المعسكر الغربي في مرحلة انشقاق إيذانا بتحول دوله إلى أقطاب عالمية.
لقد عملت الإدارة الأمريكية السابقة بقيادة باراك أوباما على ضمان استمرارية هيمنة أمريكا على النظام الدولي بيد أن ذلك اصطدم بمصالح قوى أخرى و في مقدمتها روسيا الاتحادية حتى أن الكثير من المراقبين توقعوا حربا بين القطبين على الاراضي السورية، حرب لو حدثت فإنها كانت ستعجل بفناء العالم. فكان من الضروري تدخل اليهود لمنع ذلك و ضرورة إشراك روسيا و بقية الأقطاب في سايكس بيكو جديدة.
كذلك المدقق للحملة الانتخابية الرئاسية الأمريكية و تحركات الرئيس الامريكي انذاك (باراك أوباما) يدرك على أن ترامب هو الذي سيفوز بالانتخابات الرئاسية من منطلق قدرته على خوض صراع الزعامة العالمية.
صراع الزعامة العالمية الذي لن يكون على شاكلة الحرب العالمية الأولى و الثانية أو الحرب الباردة فذلك لن يكون لصالح اليهود الذين يتمركزون في مواقع حساسة بالبيت الأبيض و إنما سيكون صراع الاستراتيجيات الاقتصادية تارة و صراع الاستراتيجيات العسكرية تارة أخرى و ذلك ما يجيده الرئيس الأمريكي الحالي رفقة كوادر إدارته.
و بالتالي سيعمل دونالد ترامب و إدارته على التخلص من كافة الاعباء التي تحملتها الولايات المتحدة الأمريكية فطالما أن في العالم أقطاب أخرى فعليها ان تتحمل أعباء صراع المصالح.
إن الدور الامريكي في حماية أوروبا و التكفل بمفرازات ما يحدث في الشرق الأوسط نتيجة لصراع المصالح لن يكون إلا من خلال اعطاء الولايات المتحدة الأمريكية الحصة الاكبر من الشرق الاوسط و الاعتراف بسيادتها على العالم.
و هو الامر الذي لن تقبله بقية الأقطاب مما سيؤدي إلى صراع استراتيجي رهيب بين مختلف الاقطاب العالمية و تغيبب دور منظمة الأمم المتحدة .و بالتالي ترسيخ لعالم متعدد الاقطاب و ذلك ما تنبأ له رواد النظرية الواقعية الهجومية على غرار جون مير شيمر. لكن الأمر المؤكد أن الصراع الناتج عن بحث كل قطب على مصالحه لن يكون إلا على حساب دول العالم الاسلامي خصوصا و دول العالم الثالث عموما في ظل عدم وجود رؤية موحدة للتصدي للامبريالية الجديدة و في ظل تنامي تأثير وسائل الاعلام التي يحكمها الامبرياليون على شعوبنا.

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى