الجامعة و البحث العلمي

واقع تخصص العلوم السياسية في الجزائر

إنه والله يأسفني الحديث مجددا عن واقع تخصص العلوم السياسية وحال منتسبيه من اساتذة وطلبة وخريجين، والذي اصبح يزداد تعقيدا كل يوم، وآخرها قضية قسم الجلفة والتي آثارت صدى واسع لدى اسرة العلوم السياسية، وجعلت الجميع يتبع كل ما هو جديد بشأنها، لكن للاسف قد كان آخر قرار لوزارة التعليم العالي والمتمثل في توجيه أكثر من 300 طالب سنة أولى بعد أكثر من ثلاثة اشهر من التحاقهم بمقاعد الدراسة من حاملي شهادة بكالوريا القديمة والحاصلين عليها منذ أكثر من 5 سنوات، وهذا بحجة أنه لا يمكن تأطيرهذا العدد الهائل من الطلبة، وهو القرارالذي يثبت دون مجال للشك بأن الوزارة الوصية وبهذا الوزير الجديد ماضية في سياستها في تحطيم تخصص العلوم السياسية من خلال السياسة المعتادة والمعروفة بغلق الاقسام وتقليص عدد الطلبة وتوجيه حاملي شهادة البكالوريا الجدد الى تخصصات اخرى، غير تخصص العلوم السياسية، وعلى الرغم من تقلد عدة وزراء لوزارة التعليم العالي فهم جميعهم سائرون على نفس نهج الوزير السابق حجار، ولن يتغر اي شيء.

ان المسؤول والمتسبب الوحيد فيما يعيشه هذا التخصص وما جرى من قبل وما سيجري من بعد، هو الاستاذ الذي يشرف على تدريس هذا التخصص هو الطرف الرئيسي في القضية، بداية هو الذي كان وراء تبني الوزير الحجار الحملة الشرسة للقضاء على تخصص العلوم السياسية، من خلال دخول القائمين عن كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر-3- في صراع شخصي مع الوزير طاهر حجار، والذي كان ضحيته الاقسام الاخرى وتخصص العلوم السياسية بشكل عام، والشيء الذي يدعوا للاسف أكثر أن هذا القسم والقائمين عليه من اساتذته وقفوا متفرجين حيال كل هذا، ولم يتحملوا مسؤولياتهم الكاملة لما وقع للتخصص بسببهم، ولم ينددوا ضد سياسات الوزارة على الرغم من ان الكلية لا تبعد سوى بضع امتار عن الوزارة ولم يسعوا الى رد الاعتبار لهذا التخصص خصوصا بعد تصريح الوزير بأنه تخصص غير منتج، ولم يعيروا لهذا الموضوع اي اهتمام.

والأدهى والأمر من ذلك كله، أن أساتذة الأقسام المغلقة كقسم بسكرة،جيجل، مسيلة، خميس مليانة، ….وغيرها لم يتحركوا الى القلة من الاساتذة، وهم يعدون على أصابع اليد، وكان تحركهم قبل فوات الأوان، بعد ان رأوا بان مصالحهم مهددة، في ظل عدم وجود طلبة سنة اولى جدد لسنوات متتالية، فاصطدموا امام الأمر الواقع وهو امكانية تحويلهم الى اقسام اخرى خاصة بعلم الاجتماع والحقوق والاقتصاد…والبعض منهم طلب منهم التدريس في قسم الادب العربي لمقياس الحكمة الراشد واخلاقيات المهنة.

أما اساتذة الاقسام التي لم تغلق كقسم تيزي وزوا، سطيف، باتنة، قسنطينة،…وغيرها استغلوا علاقاتهم الشخصية بالوزارة الوصية، كي تعدل الوزارة عن قرار غلق اقسامهم، وقد نجحوا في ذلك، وأداروا ظهرهم لأساتذة الاقسام المغلقة، ولم يساندوهم، ولم يحضروا للوقفات الإحتجاجية التي تطالب برفع التجميد عن تخصص العلوم السياسية، متناسين ان الدور سيأتي عليهم عاجلا ام آجلا، في حين حضر الى هذه الوقفات طلبة الدكتوراه الذين لايملكون سوى مصاريف المواصلات، وقدموا من ولايات بعيدة، والله ان هذا الشيء يدعوا الى الخجل.

لكن الشيء المحير كيف لاستاذ واعي تلقى تكوين في هذا التخصص، ينتسب له، ويقوم بتدريسه لسنوات، ويمارس النشاطات العلمية التابعة له، ويستفيد من تربصات علمية إلى الخارج، ولا يغار على هذا التخصص، كان لزام على كل استاذ من جميع اقسام ربوع الوطن، ان يناضل من اجل ارجاع التخصص الى مكانته المعهودة من باب الواجب ويلبي النداء … لكن خذلونا وخانوا القضية على الرغم من انها تهم الجميع.

من العيب ان ينتسب مثل هؤولاء الاشخاص الى تخصص نخبوي مثل العلوم السياسية ويدعوا انهم اساتذة، كما لا يشرفنا ان يكونوا زملاءا لنا، فكل هؤولاء اثبتوا انهم انتهازيين وأنانيين وجشعين لأبعد الحدود ، كيف لا وقد وصلت ببعض الاقسام خاصة التي تم غلقها بفتح مشاريع الدكتوراه وهذا من أجل حصول اساتذته المحاضرين على ترقية الى رتبة بروفيسور، وليس حبا لاقسامهم وللتخصص، حيث كان الاجدر بهم ان يرفعوا التجميد المفروض على التخصص، قبل ان يفكروا في فتح مشاريع الدكتوراه لطلبة، وهم يعلمون مسبقا ان شهادة الدكتوراه اصبحت مميعة، وان شبح البطالة ينتظرهم، وفتح مشروع دكتوراه لن يقابله منصب علم، خصوصا في ظل الكم الهائل من دكاترة العلوم السياسية العاطلين عن العمل.

والاكثر من ذلك اثبت الحراك ان هذا التخصص غير منتج، اذ لم تكن لاساتذته الجرأة والشجاعة لمواكبة الحراك، وإثراء الرأي العام بتحليل الوضع السياسي والامني في الجزائر، وتبني مواقف وخريطة طريق من الممكن ان تفيد هذه المرحلة على الرغم من ان تخصص العلوم السياسية يقع في لب الازمة التي تعيشها الجزائر، حيث اثبتت نخبة عجزها و خوفها ومحدوديتها وجبنها أكاديميا وميدانيا، مقارنة بنخبة واساتذة التخصصات الاخرى التي لم تتملص من مسؤلياتها.

اصبح تخصصنا لا قيمة له واصبح الطالب الذي يدرس هذا التخصص لا قيمة ولا مستقبل له، والله اصبحنا نستحي من انفسنا لاننا ننتسب لهذا التخصص وهذا بسببكم يا اساتذة العلوم السياسية، إن الأجر الذي تتقاضونه لا تستحقونه، لانه لا فائدة منكم: لا مخرجات، لادراسات راقية، لا تحكم في اللغات الاجنبية، عدم مساهمتكم في القطاع الاقتصادي والاجتماعي،…. كان على الوزارة فتح مناصب عمل لأساتذة باحثين جدد في تخصصات اخرى مقابل الاجور التي تتقاضونها، ويتم حرمانكم من الرحالات السياحية التي تستفيدون منها سنويا بجحة التكوين الاقامي في الخارج وتحسين المستوى…مع احتراماتي لقامات العلوم السياسية وهم قلة قليلة جدا.

 بقلم Sofiane Addal  

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى