دراسات سياسيةدراسات مغاربية

أثر الانفتاح الثقافي على مفهوم المواطنة لدى الشباب الجزائري

أثر الانفتاح الثقافي على مفهوم المواطنة لدى الشباب الجزائري (دراسة ميدانية على عينة من طلبة جامعة محمد خيضر بسكرة): “دراسـة استكشافية”

 أ:حنان مراد- جامعة محمد خيضر بسكرة

أ: حنان مالكي-جامعة محمد خيضر بسكرة

الملخص :

تعتبر المواطنة من أكبر التحديات التي تواجهها الدولة الحديثة والمواطنين فيها، فإما بناء مواطن فاعل ومسؤول وواعي لمسؤولياته وحقوقه، وإما الغرق في أشكال مختلفة من التشتت والفساد، والولاءات الضيقة التي باتت تحتل الأولوية أحيانا على حساب المواطنة والانتماء والهوية، فالدولة الحديثة ليست مجرد مؤسسات للحكم ودستور مكتوب، وجيش وقانون، بل مشروع مجتمعي متكامل وظاهرة للتعاون والتفاعل الوثيق بين مواطنين واعين وناشطين، فهم مصدر السلطة، وهنا يشكل الشباب الفئة المقصودة والمعنية والمعول عليها للحفاظ على القيم الاجتماعية للمجتمع والاحساس بهويته والاعتزاز بها والتضحية من أجلها مع الانفتاح في نفس الوقت على الثقافات الأخرى والتفاعل معها في جو من الانسجام والموضوعية، وإعادة التوازن بين ما هو محلي وماهو كوني للتخفيف من غلواء قيم العولمة وما صاحبها من تحولات وانهيار للحدود بين الثقافات المحلية والعالمية، وما صاحب ذلك من آثار سلبية أحيانا، فالشباب الجزائري مثلا مطالب بالمحافظة على الهوية الوطنية والخصوصية الثقافية بشكل يضمن الانتماء الذاتي والحضاري للمواطن دون تصادم مع الأفكار الرائجة في محيطه، وهذا ما سنحاول التطرق إليه في دراستنا الاستكشافيه هذه، والتي تتمحور حول: أثر الانفتاح الثقافي على مفهوم المواطنة لدى الشباب الجزائري.

الجانب النظري للدراسة

الاشكاليـة:

تعد المواطنة من القضايا القديمة المتجددة التي ما تلبث أن تفرض نفسها عندمعالجة أي بعد من أبعاد التنمية بالمفهوم الإنساني الشامل بصفة خاصة ومشاريعالإصلاح والتطوير بصفة عامة، وفي هذا السياق احتلت هذه القضية مساحة كبيرة فيالدراسات السياسيةوالاجتماعية والتربوية، وتعددت أبعاد المواطنة في علاقاتهاالممتدة عبر قضاياتتمحور في علاقة الفرد بالمجتمع والدولة من خلال أطر قانونيةمنظمة للحقوقوالواجبات، ومبينة مواصفات المواطن وأبعاد المواطنة حسب المنابعالفكرية للدولةومرجعية نظرياتها السياسية، ومع تغير طبيعة العالم المعاصر منحيث موازين القوى ، وسيطرة القطب الواحد،وظهور التكتلات السياسية والاقتصادية وتنامي البنى الاجتماعية الحاضنة للفكرالليبرالي وعبوره للحدود الجغرافيةوالسياسية على الجسور التي مدتها تكنولوجياالاتصال، والتركيز على خياراتالفرد المطلقة كمرجع للخيارات الحياتية والسياسيةاليومية في دوائر العملوالمجتمع المدني والمجال العام، مع هذه التغيرات العامةبالإضافة إلى التغيراتالخاصة التي تحيط بالعرب والمسلمين شهد مفهوم المواطنةتبدلاً واضحاً في مضمونهواستخداماته ودلالاته والوعي الفردي بمبادئه وما يرتبط بهمن قيم وسلوكيات، وتسلط الضوء على قضايا مجتمعية تمس جوهرهذاالمفهوم لدى الفرد الجزائري، وتعرض إطاراً مفاهيمياً مغلفاً بشعارات تأخذبالمشاعروتؤثر على مسارب تفكير العقول خاصة لدى فئة الشباب ومن هم في سنالقابلية للاحتواءأو الاختطاف الفكري والثقافي بحكم خصائص المرحلة العٌمريةالتي يعيشونها، ويثير ذلكجدلاً في الأوساط السياسية والدينية والتربوية حولمدى تأثر مفهوم المواطنة لدىالشباب، وفي هذا السياق تأتيالدراسة الحالية لاستكشاف أثر الانفتاح الثقافي على مفهوم المواطنة لدى عينةمن الشباب الجزائري الجامعي وتبدأ دراستنا الاستطلاعية من إشكالية مفادها:

إلى أي مدى يؤثر الانفتاح الثقافي على مفهوم المواطنة لدى الشباب الجامعي؟

أهداف الدراسة :

تسعى الدراسة لتحقيق الأهداف التالية :

– التأصيل النظري لمفهوم المواطنة والانتماء .

– استخلاص أهم أبعاد المواطنةبمفهومها العصري من خلال أدبيات الفكر السياسي
والاجتماعي .

-تحديد أهمالمتغيرات العالمية المعاصرة التي انعكست على مفهوم المواطنة .

-التعرف علىطبيعة وعي الشباب الجزائري بأهم بعدي المواطنة ( الهوية – الانتماء).

– الوقوف على الفروق بين وعي الشباب بأبعادالمواطنة باختلاف متغير الجنس – نوع
التعليم – محل الإقامة – المستوى الاقتصاديللأسرة – مستوى تعليم الوالد .
-تقديم رؤية مقترحة حول آفاق تفعيل مبدأالمواطنة ودور مؤسسات المجتمع ذاتالعلاقة في ذلك .

أهمية الدراسة:

   تنبع أهمية الدراسة من طبيعة الموضوع الذي تتناوله،حيث تعد المواطنة منالقضايا ذات الأبعاد السياسية والأمنية التي تعبر عن معايير الانتماء ومستوىالمشاركة من قبل الأفراد في الحماية والذود عن الوطن ، كما تعبر عن وعي الفردبالحقوق والواجبات والنظر للآخر، وصيانة المرافق العامة، والحرص على المصلحةالوطنية، كما تعكس مدى إدراكه كمواطن لدوره في مجابهة التحديات التي تواجهالمجتمعوالدولة في آن واحد. وتتضح أهمية الدراسة أيضاً من خلال ما تسعى إليهمن استكشافطبيعة وعي الشباب بأبعاد المواطنة وتحديد الفروق ذات الدلالةالإحصائية حسبالمتغيرات المختلفة، وتكتسب الدراسة أهمية خاصة من خلال ماتطرحه من مقترحاتلتفعيل مبدأ المواطنة في ظل المتغيرات التي يشهدها المحيطالعالمي والمجتمع المحلي.

تحديـد أهم مصطلحات الموجودة في الدراسة:

أولاً : مفهوم المواطنة.

أ- المواطنة في اللغة:

مشتقة من وطن، وهو بحسب كتاب لسان العرب لابن منظور “الوطن هو المنزل الذي تقيم فيه، وهو موطن الانسان ومحله…ووطن بالمكان واوطن أقام، وأوطنه اتخذه وطنا، والموطن…ويسمى به المشهد من مشاهد الحرب وجمعه مواطن، وفي التنزيل العزيز: ” لقد نصركم الله في مواطن كثيرة …”، والمواطن : الذي نشأ في وطن ما أوأقام فيه وأوطن الأرض: ووطنتها واستوطنتها، أي اتخذتها وطنا، وتوطين النفس على الشيء كالتمهيد(ابن منظور: لسان العرب،1968، ص451).

ب- أما في الاصطلاح: فالوطنية تأتي بمعنى حب الوطن Patriotism في إشارةواضحة إلى مشاعر الحب والارتباط بالوطن وما ينبثق عنها من استجاباتعاطفية ، أماالمواطنة Citizenship فهي صفة المواطن والتي تحدد حقوقه وواجباتهالوطنية ويعرفالفرد حقوقه ويؤدي واجباته عن طريق التربية الوطنية ، وتتميزالمواطنة بنوع خاص منولاء المواطن لوطنه وخدمته في أوقات السلم والحربوالتعاون مع المواطنين الآخرين عنطريق العمل المؤسساتي والفردي الرسميوالتطوعي في تحقيق الأهداف التي يصبو لهاالجميع وتوحد من أجلها الجهود وترسمالخطط وتوضع الموازنات. ولقد عرفها “أحمد حكمت شمس الدين/ الجمعية اللبنانية لحقوق الإنسان”، بأنها: تعني بمفهومها الواسع الصلة أو الرابطة القانونية بين الفرد والدولة التي يقيم بشكل ثابت، وتحدد هذه العلاقة عادة حقوق الفرد في الدولة وواجباته تجاهها، أي يعني المواطن الانسان الفرد العضو الكامل في الدولة، والمواطنة على أنها الوضعية القانونية الأساسية في الدولة المعاصرة، ويقف الفرد أمام الدولة كمواطن قبل كونه أي شيء آخر، وعضويته في الدولة لا في الطائفة، ولا في العائلة، ولا غيرها في الانتماءات الأخرى. وفي قاموس علم الاجتماع تم تعريف المواطنة: بأنها مكانة أو علاقة اجتماعية تقوم بين فرد طبيعي ومجتمع سياسي ( دولة ) ومن خلال هذه العلاقة يقدم الطرف الأول (المواطن) الولاء، ويتولى الطرف الثاني الحماية، وتتحدد هذه العلاقة بين الفرد والدولة عن طريق أنظمة الحكم القائمة(عاطف غيث: قاموس علم الاجتماع، 1995، ص56). ويذهب الباحثون في علم الاجتماع إلى تعريف المواطنة في المجتمع الحديث على أنها علاقة اجتماعية تقوم بين الأفراد والمجتمع السياسي (الدولة)(سعيد عبد الحافظ:المواطنة حقوق وواجبات، ب ت، ص06). ومن منظور نفسي: فالمواطنة هي الشعور بالانتماء والولاء للوطن وللقيادة السياسية التي هي مصدر الإشباع للحاجات الأساسية وحماية الذات من الأخطار المصيرية وبذلك فالمواطنة تشير إلى العلاقة مع الأرض والبلد. أما السيد ياسين فيرى “أن المواطنة جوهرا يعطي مرة واحدة وللأبد”(السيد ياسين: المواطنة في زمن العولمة، 2002،ص22). وتعرفها الموسوعة العربية العالمية بأنها: “اصطلاح يشير إلى الانتماء إلى أمة ووطن”.

والمواطنة بصفتها مصطلحاً معاصراً : تعني علاقة بين فرد ودولة كما يحددها قانون اي بلد او دولة ، وبما تتضمنه تلك العلاقة من واجبات وحقوق – متبادلة – في تلك الدولة، متضمنة هذه المواطنة مرتبة من الحرية مع ما يصاحبها من مسؤوليات(الزبيدي، المواطنة، 1421هـ،10).الموسوعة العربية العالمية، 1996، 311).

فالمواطنة:

–       تعني الارتباط القوي بالدولة والنظام السياسي بكل ما يرتبه ذلك من التزامات وحقوق.

–       ويتمثل الجانب الايجابي من مفهوم المواطنة في ممارسة الحقوق.

ومن ثم تعرف: “بأنها نسق من الحقوق المضمونة دستوريا لكل أعضاء المجتمع السياسي”.

– أبعاد المواطنـة: لتحديد المواطنة يمكن مقاربتها على الأقل من خلال ثلاث أبعاد أساسية:

أ-البعد الفلسفي والقيمي: مادامت المواطنة هي انتاج ثقافي انساني (أي ليس انتاجا طبيعيا)، فهي تنطلق من مرجعية فلسفية وقيمية تمنح دلالاتها من مفاهيم الحرية، والعدل، والحق، والخير، والمصير والوجود المشترك وغيرها.

ب-البعد السياسي والقانوني: حيث تحدد المواطنة كمجموعة من القواعد والمعايير التنظيمية والسلوكية والعلائقية داخل المجتمع؛ التمتع بحقوق المواطنة الكاملة، كالحق في المشاركة والتدبير واتخاد القرارات وتحمل المسؤوليات، القيام بواجبات المواطنة، الحق في حرية التعبير، الحق في المساواة وتكافؤ الفرص

ج- البعد الاجتماعي والثقافي :وهو كون المواطنة تصبح كمحدد لمنظومة التمثلات والسلوكيات والعلاقات والقيم الاجتماعية، بحيث تصبح المواطنة كمرجعية معيارية وقيمية اجتماعية، وكثقافة وناظم مجتمعي..             وقد حاولنا من خلال هذه الدراسة شرح مفهومين آخرين إلى جانب المواطنة لارتباطهما الوثيق بها وهما الانتماء والهوية.

ثانيا: مفهـومالانتماء.

إن الانتماء Belongingness بمفهومه البسيط يعني الارتباط والانسجام والايمان مع المنتمي إليه وبه، “وهو شعور بالترابط وشعور بالتكامل مع المحيط، الانتماء أساس الاستقرار”([1]) ويعرف الانتماء بأنه “النزعة التي تدفع الفرد للدخول في إطار اجتماعي فكري معين بما يقتضيه هذا من التزام بمعايير وقواعد هذا الاطار وبنصرته والدفاع عنه في مقابل غيره من الأطر الاجتماعية والفكرية الأخرى”(نجلاء عبد الحميد راتب: الانتماء الاجتماعي للشباب المصري،1999،ص57). وورد في معجم العلوم الاجتماعية أن الانتماء هو ارتباط الفرد بجماعة؛حيث يرغب الفرد في الانتماء إلى جماعة قوية يتقمص شخصيتها ويوحد نفسه بها مثل الأسرة أو النادي أو الشركة(أحمد زكي بدوي: معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية، 1978،ص16).

رابعا: الهويـة.

        يشير مفهوم الهوية إلى ما يكون به الشيء هو هو، أي من حيث تشخصه وتحققه في ذاته وتميزه عن غيره، فهو وعاء الضمير الجمعي لأي تكتل بشري، ومحتوى لهذا الضمير في نفس الآن، بما يشمله من قيم وعادات ومقومات تكيف وعي الجماعة وارادتها في الوجود والحياة داخل نطاق الحفاظ على كيانها(عباس الجراري: مكونات الهوية الثقافية المغربية(مقال منشور)، 1988، ص22)، وتعتبر الهوية عن حقيقة الشيء المطلقة المشتملة على صفاته الجوهرية التي تميزه عن غيره، كما تعبر عن خاصية المطابقة أي مطابقة الشيء لنفسه أو لمثله، وبالتالي فالهوية الثقافية لأي شعب هي القدر الثابت والجوهري والمشترك من السمات والقسمات العامة التي تميز حضارته عن غيرها من الحضارات(عباس الطائي: آفات اللغة والهوية(مقال منشور بموقع: www.ahwazstudies.org.

ثالثا: مفهوم الانفتاح الثقافي.

هو عبارة عن منهجية ثقافية, قوامها البحث عن المعرفة من كل الثقافات الإنسانية، دون العمل على إلغاء بعض الثقافات وإقصائها من الخريطة الثقافية. وإنما هو تواصل من الثقافات الإنسانية بغية التعرف على الجديد الذي تطرحه، والآفاق التي ترسمها، انطلاقاً من خلفيتها العقدية والفكرية، وعن طريق هذا التواصل والانفتاح الثقافيين, يتمكن المثقف من امتلاك الرؤية المستقبلية، لأنه يعتمد في تكوينه وتعاطيه الثقافي على الانفتاح والتواصل الثقافيين، مع العناية والاهتمام الجدي بالفكر الاستراتيجي. وعلى المستوى العملي لا نجد أن مثقفاً أو مفكراً ,استطاع أن يمتلك رؤية مستقبلية، دون تواصله مع الثقافات العالمية. وإنما دائماً التواصل الواعي مع الإنتاج الثقافي العالمي يوفر للمثقف أدوات معرفية ومفهومية جديدة، تزيد من آفاقه الذهنية والفكرية، وتعمق من طموحاته الثقافية، مما يؤدي الى وصول المثقف الى مرحلة النضج الثقافي والفكري. وحينذاك يبدأ المثقف معرفة قضايا المستقبل ضمن إطار ورؤية علمية ومعرفية.ولا نقصد بالانفتاح هنا التواصل العشوائي مع الثقافات الإنسانية الأخرى، وإنما المقصود الانفتاح مع وجود الناظم الفكري والمنهجي, مما يسهل على المثقف، في المجال العربي والإسلامي، عملية الهضم والاستيعاب لتلك الثقافة. وغياب هذا الناظم المنهجي, يعني دخول المثقف في متاهات المنظومات الثقافية المغايرة، دون الخروج منها بحصيلة ثقافية ومعرفية تتناغم والظروف الذاتية والموضوعية للمحيط العربي والإسلامي. ولذلك نستطيع القول إن توافر الرؤية المستقبلية في حياة المثقف العربي الإسلامي أصبحت من الضروريات القصوى التي تؤهل المثقف لممارسة دوره, والقيام بمسؤولياته المجتمعية والفكرية على أكمل وجه[2].

المتغيرات المعاصرة وأثرها على مفهوم المواطنة:

تشير الأحداث اليومية التييؤكدها الواقع المعاش وتنشغل بها الأوساط السياسيةوالثقافية والإعلاميةوالجماهيرية إلى تحد واضح متجدد لمبدأ المواطنة ومفاهيمها فيالعالم العربيوالإسلامي على وجه الخصوص، وتتعدد هذه العوامل التي يقف خلف هذاالتحدي لتشملمتغيرات فكرية وثقافية وسياسية واجتماعية تبلورت في إطار القوةالواحدة فيالعالم ونظرتها لمن حولها وما تهدف إليه من مصالح جعلتها تروج لمفهومجديدلمواطنة عالمية في عصر يعرف بعصر العولمة تدعمها في السعي الحثيث لتحقيق ذلكالقوة السياسية والعسكرية التي تحت يدها، ومن أهم هذه المتغيرات التي تعد دواعيأساسية لانبعاث هذا المفهوم الجديد للمواطنة والذي سمي (المواطنة عديدةالأبعاد) المتغيرات التالية:

1- إن عولمة الأسواق تؤدي إلى توحيد المقاييسالاقتصادية والاجتماعيةوالسياسية والعلاقات الثقافية بين المجتمعات.

2- إنالنمو في صناعة الاتصالات العالمية سوف يزيد من تأثير اللغةالإنجليزية فيالحياة اليومية لشعوب العالم .

3-الاختلاف الثقافي سوف يصبح النقطة المركزيةللسياساتالقومية والدولية.

4-الهويات الدينية والأخلاقية سوف تزداد بشكلمثير بمايؤثر في مركزية السلطة في العالم

5- في عالم تتزايد فيه إزالةالحدود فإن التعاون بين الأمم يجب أن يلعبدوراً أكبر ويتولى وظائف ومهام الأمة .

6-إن مستوى التوتر الناشئ عن التنافس للنمو الاقتصادي من جهة والمسؤولياتالأخلاقية والبيئية من جهة أخرى سوف تزداد بشكل ملحوظ .

7-إن التطور العلميوكذلك القوة النووية تزداد بشكل مستمر كمصدر هامللطاقة رغم خطورتها البيئية .

8-إن تقنية المعلومات ستشجع الاتصال وستسهم في توحد الإفهام عبر الثقافاتوالأمم والتأثير على الخصوصيات .

9-الصراع داخل الجماعات ( الأخلاقي – الديني – الإقليمي ) سوف يزدادبشكل ملحوظ داخل الأمم وفيما بينها .

10-تأثير الإعلام العالمي في السلوك الإنساني سوف يزدادبشكلمثير .
     وإذا كانت المتغيرات العالميةالمعاصرة تلقي بتبعات ومسؤوليات جديدة على المواطنة،تضاف إلى خللها وتشوهها فيبنية الوعي العربي وما يترتب عليها من ممارسات وانشقاقات، وإذا كان تقدموسائل الاتصال والبث في العصر الحاضر أدى إلى نوع من الانفتاحغير المسبوق الذييؤدي في مجال الفكر والمفاهيم السياسية والثقافية إلى اختلاط فيالأوراق وخللفي الرؤية والاختيارات.

فإلى أيمدى تأثرت أبعاد المواطنة لدى الشباب الجزائري بمضامين الانفتاح الثقافي؟
هذاما سنحاول الإجابة عليه من خلال الدراسة الميدانية .

الدراسات السابقة :تتمثل أهمالدراسات السابقة ذات العلاقة المباشرة بالدراسة الحالية فيما يلي :-

أ- دراسات عربية :

1- دراسة عثمان بن صالح العامر: (المواطنة في الفكر الغربيالمعاصر “دراسة
نقدية من منظور إسلامي”) وخلصتالدراسة إلىأن هناك العديد من الملابسات التي تحيط بمفهوم المواطنة فيالفكر الغربيالمعاصر مما يجعل المفهوم في حاجة إلى مراجعة مدى صلاحيته للدولالعربية .،وأن العمومية والعالمية التي يصبغ بها المفهوم الغربي للمواطنة يخرجبه عن سياقهالتاريخي والاجتماعي وإطاره الزماني والمكاني .

وأن التناولالغربي للمواطنة اعتمد على مفهومي الخطية والجبرية في تحقيقالمساواةوالديمقراطية ، واعتبر نموذجاً يجب اتباعه من قبل كل الدول مما يشير إلىتجاهلالطبائع المختلفة للمجتمعات وأطرها الفكرية ومنطلقاتها الدينية .

ب ) الدراسات الأجنبية :

1-دراسة روبرت وياش: (القيادة في الثقافة المواطنية) ، تناولت الدراسةاهتمام القائمين على الدراسات الاجتماعية – في الوقت الراهن – بالمواطنة وتحسينالثقافة المواطنية في الولايات المتحدة، وتطور مفهوم القيادة وأثرها في تفعيلتلكالثقافة ، ودور التعليم في تنمية كفايات القيادة لتفعيل ثقافة المواطنةوأشارتالدراسة إلى أن هناك ما يزيد على نصف مليون من طلاب المدارس الثانويةيشاركون فيبرامج معدة خصيصاً لتشجيع ثقافة القيادة المواطنية وتطوير مهاراتها،وعالجت الدراسةمفهوم كل من القيادة والمواطنة والروابط بينهما والسماتالأساسية اللازمة لتفعيلدور القيادة في حل مشكلات المواطنة وخلق الدوافع،وأوصت الدراسة بضرورة قيام مدارسالتعليم العام بدورها في تطوير روح القيادةوالمواطنة.

الجانب الميداني للدراسة

مجالات الدراسة:

المجال الزماني: تمت الدراسة في الفترة الممتدة من آواخر شهر سبتمبر إلى آواخر شهر أكتوبر2010، وقد قمنا خلالها بإجراء الدراسة الميدانية بجميع مراحلها من دراسة استطلاعية استكشافية مبدئية إلى مرحلة توزيع الاستبيان على عينة من الطلبة بجامعة محمد خيضر، وصولا إلى تفريغ البيانات واستخلاص النتائج التي تحصلنا عليها في الأخير من خلال الجانبين النظري والميداني لهذه الدراسة.

المجال المكاني: أنشئت كلية العلوم الانسانية والاجتماعية بجامعة محمد خيضر بسكرة بمقتضى المرسوم التنفيذي رقم 09-09 مؤرخ في 21 صفر عام 1430 الموافق 17فبراير سنة 2009، يعدل ويتمم المرسوم التنفيذي رقم 98-219 المؤرخ في 13 ربيع الأول عام 1419 الموافق 7يوليو سنة 1998 والمتضمن انشاء جامعة محمد خيضر بسكرة، ومقر الكلية القطب الجامعي شتمة بسكرة، وتضم ثلاثة أقسام وهي العلوم الاجتماعية، قسم العلوم الانسانية، قسم التربية البدنية والرياضية، تحتوي الكلية على هيكل اداري وبيداغوجي هام يساعد على السير الحسن لها.

المجال البشري: تمت هذه الدراسة على عينة من طلبة الاعلام والاتصال السنة الرابعة والبالغ عددهم الاجمالي323 طلبا وطالبة(205إناث، 118اناث)، ونظرا للظروف الخاصة التي أجريت فيها الدراسة كونها صادفت نهاية الموسم الجامعي، وضيق الوقت، وصعوبة جمع أكبر عدد من الطلبة خاصة مع انشغالهم بالتحضير للامتحانات النهائية، إضافة إلى عدم وضوح مصطلح المواطنة لدى الطلبة الجامعيين (وهذا من خلال اجراء بعض المقابلات مع بعض الطلبة بسؤالهم عن مفهومهم الخاص لهذا المصطلح، فكانت اجابتهم بين لا أعلم ومعناها مواطن)، إضافة إلى صعوبة الاتصال بعدد كبير من الطلبة، مما دفعنا إلى حصر عينة دراستنا في مجموعة من طلبة السنة الرابعة (بما أننا قمنا بتدريسهم في الأعمال الموجهة في العام المنصرم)، ليبلغ عددهم في الأخير 40 طالبا وطالبة من أصل 323.

نـوع الدراسة:

        تدخل دراستنا ضمن الدراسات الاستطلاعية، وتعرف على أنها الدراسات التي يقوم بها الباحث بهدف التعرف على مشكلة ما، وهذا النوع من الدراسات يقوم به الباحث عندما يكون موضوع البحث جديدا عليه لم يسبق أن استكشف من قبل باحثين آخرين أو أن مستوى المعلومات عنه قليلة(أحمد بدر: أصول البحث العلمي ومناهجه، 1996،ص31).

المنهج المعتمد في الدراسة:

إناستخدامواختيارالمنهجيختلفباختلافطبيعةالمواضيعوالظواهرالتيتتناولهاالعلومالاجتماعية، فالباحث بحاجةإلىمنهجيتبعهفيكلمراحلبحثهوالمنهجهوعبارةعنمجموعةالعملياتوالخطواتالتييتبعهاالباحثبغيةتحقيقبحثه (رشيد زرواتي: تدريبات على منهجية البحث في العلوم الاجتماعية، 2002، ً112). وبالتاليفالمنهجضروريللبحثحيثهوعبارةعنمجموعةمنالطرقتطبقمنأجلالكشف عنالظواهروالعلاقاتالتيتربطبينبعضهاالبعضوتتوقفعمليةاختيارمنهجمعيندونسواه، وانطلاقًامنموضوعالدراسةالذينحاولمنخلالهمعرفةأثر الانفتاح الثقافي على مفهوم المواطنة لدى الشباب الجزائري، استخدمناالمنهج الوصفي التحليلي وذلك لتحليل الكتابات ذات الصلةللتعرف على مفهومالمواطنة وعلاقته بمفهوم الانتماء ورصد أهم المتغيرات العالميةالمعاصرة التيتلقي بظلالها على مبدأ المواطنة، كما استخدمنا بعض الأساليبالإحصائيةلتحليل نتائج (الدراسة الميدانية ) كالتكرار والنسب المئوية، والمنهجالوصفيالتحليلي هو طريقة منطرقالتحليلوالتفسيربشكلعلميمنظممنأجلالوصولإلىأغراضمحددةلوضعيةاجتماعيةومشكلةاجتماعية(عماربوحوش.محمدالذيبيات:مناهجالبحثالعلميوطرقاعداد البحث، 1995، ص129)، وتتلخص مراحله في مرحلتين أساسيتين:

المرحلة الأولى: ويطلق عليها بمرحلة الاستطلاع، والمرحلة الثانية يطلق عليها مرحلة الوصف الموضوعي، وتهدف المرحلة الاستطلاعية إلى تكوين أطر يمكن اختيارها، وذلك بعد تحديد واضح لمشكلة الدراسة أو البحث موضوع الاهتمام”(منهجية البحث العلمي، محمد عبيدات وآخرون، 1999، ص47)، والهدفمناستخدامنالهذاالمنهجهووصفنالظاهرةمحلالدراسة،ومحاولتناتسليطالضوءعليهاوتوضيحها بشكلدقيق،وذلكمنخلالجمعالبياناتوتحليلهاوبالتاليالوصولإلىاستنتاجاتعامةفي نهايةالبحث،إضافة إلىاستعانتناببعضالمبادئالإحصائيةلمعالجةالبياناتالتيتمجمعهاعنطريقالمقابلاتالتيأجريتمع المبحوثين.

الأدوات المستخدمة:

المقابلـة:وتعرفالمقابلةعلىأنهاتفاعللفظييتمعنطريقموقفمواجهةيحاولفيهالشخصالقائمعلىالمقابلةأن يستشفمعلوماتأوأداءأومعتقداتشخصآخرأو أشخاصآخرينللحصولعلىبعضالبياناتالموضوعية(طلعتإبراهيملطفي،أساليبوأدواتالبحثالاجتماعي.، 1995، ص86)، كماتعرفأنهاوسيلةتقومعلىحوارحديثلفظيمباشربينالباحثوالمبحوث(فضيلدبليووآخرون،أسسالمنهجيةفيالعلومالاجتماعية، 29004، 191)، كماتعدالمقابلةإحدىأدواتجمعالبياناتفعنطريقهاتقصىالباحثالحقائقالمختلفةالمتعلقةبموضوع الدراسة،وهيتحتلمركزًاهامًافيالبحثالسوسيولوجيوهيأكثرالوسائلشيوعًاواستخدامًالماتمتازبهمن البساطةوالمرونة،ويشترطأنيكونالباحثمحايدًا،أماالمبحوثفهيتتيحلهحديثالإفصاحعنأفكاره ومشاعرهوأدائهحولموضوعالدراسةكماأنهاتسهلملئالاستمارةبالنسبةللفئةالتيتجهلالقراءةوالكتابة.

الاستبيان(الاستمارة):

تمثلالاستمارةأداةهامةفيالبحثالميدانيويعرفبأنهانموذجبضعمجموعةأسئلةتوجه إلىالأفرادمنأجلالحصولعلىمعلوماتحولموضوعأومسالةثمتنفيذالاستمارةإماعنطريقالمقابلة الشخصيةأوأنترسلإلىالمبحوثينعنطريقالبريد(محمدعليمحمد،علمالاجتماعوالمنهجالعلمي، 1980، ص339)، كماأنهاتعرفكأنهامجموعةأسئلةبعضهامفتوحةوبعضها مغلقوالبعضالآخرأسئلةتصنيفيةفهيوسيلةمنوسائلجمعالبياناتاللازمةوالكافةعنموضوعالدراسةحيث تستخدمفيمعظمالبحوثالميدانية. والاستمارةلاتكونذاتأهميةدونالاعتمادفيصياغتهاوفقمايمثلهمجالالبحثماديًاثقافيًاواجتماعيًا(إسماعيلبنالسعدي،أساسياتفيمنهجيةوتقنياتالبحثفيالعلومالاجتماعية، 2005، ص 114). وقد مر تصميم استمارة بحثنا بمرحلتين هما:

المرحلة الأولى: بعد الانتهاء من صياغة أسئلة الاستمارة وترتيبها ووضع عناوين لموضوعاتها الفرعية، تم القيام بتطبيق أولي للاستمارة على بعض الطلبة بالقطب الجامعي بشتمة، والهدف من ذلك هو اكتشاف مدى صلاحية وسلامة الأسئلة سواء ما تعلق منها بالأسلوب أو الغموض الذي يعتريها أو ترتيب عناصرها.

المرحلة الثانية: بعد اجراء التعديلات اللازمة التي لاحظناها ميدانيا تم ضبط الاستمارة في شكلها النهائي والتي شملت 20 سؤالا وزعناه على (04) محاور، فجاءت الأسئلة في المحور الأول أسئلة خاصة بالبيانات العامة (الجنس، الحالة الاجتماعية، محل الإقامة، مستوى دخل الأسرة، مستوى تعليم الوالدين،…الخ)، بينما باقي الأسئلة جاءت من أجل الدراسة الاستطلاعية، رغبة في الحصول على بعض المعلومات التي من شأنها أن تساعدنا في تحليل النتائج التي سنتوصل إليها.

العينة وكيفية اختيارها:

تعتبر مرحلة تحديد مجتمع البحث من أهم الخطوات المنهجية في البحوث الاجتماعية، وهي تتطلب من الباحث دقة بالغة، إذ يتوقف عليها إجراء البحث وتصميمه، وكذا نتائج الدراسة الامبريقية والتي يثبت صدقها كلما زاد أفراد مجتمع البحث والعكس صحيح، لكن هذا الأمر ليس سهلا لذا يلجأ الباحث في الغالب إلى انتقاء عدد محدود من المفردات يأخذها في حدود الوقت والجهد والإمكانات المتاحة. إن العينة في أبسط تعريفاتها المقدمة تعني على أنها: “مجموعة جزئية يقوم الباحث بتطبيق دراسته عليها ويجب أن تكون ممثلة لخصائص مجتمع الدراسة الكلي”(حسن المنسي: منهج البحث التربوي، 1999، ص92). ولقد اقتضى منا البحث استخدام العينة العشوائية البسيطة، وهي: “ذلك النموذج من السكان الذي يختار بالطريقة العشوائية والذي تشتق من خلال دراسته المعلومات، وتستخرج الاستنتاجات وتبنى التعميمات الشمولية الكونية عن مجتمع البحث الذي انتقيت منه العينة، والعينة العشوائية غالبا ما تكون ممثلة لمجتمع البحث وعاكسة للبيانات والحقائق التي يتسم بها، والطريقة هي الطريقة التي تعطي جميع الوحدات السكانية فرصة متساوية للاختيار في العينة المطلوب دراستها وتحليلها(احسان محمد الحسن: مناهج البحث الاجتماعي، 2009، ص202).

        لطبيعة الموضوع ولمتغيري الدراسة فقد شكل مجتمع البحث مجمع طلبة الاعلام والاتصال السنة الرابعة، والذي يبلغ عددهم       ، وقد قمنا باختبار عينة من الطلبة بالطريقة العشوائية فوجين من مجموع     أفواج، فوقع الاختيار على الفوج   والفوج والذي بلغ مجموع عددهما:     طالب، وبالتالي شكلت عينة دراستنا هذه 46 طالبا وطالبة.

نتائج الدراسـة:

     عند قيامنا بنظرة متفحصة على ماأسفرت عنه عملية التحليل الإحصائي في دراستنا هذه من نتائج كشفنا عن مجموعةمن الملاحظاتالهامة التي تعكس الواقع النفسي والاجتماعي والفكري والثقافي والسياسيالذي يعيشه الشباب الجزائري في الآونة الأخيرة، وما يشهده المجتمع الجزائريمثل غيرهمن المجتمعات مجموعة من المتغيرات والمستجدات التي تحدث علىمسرح الأحداث الإقليميةوالدولية، يمكننا تلخيصها في النقاط التالية:

1-  لاشك أن التفتح غير مسبوق لأبواب الإعلام والاتصال من خلال
فضائيات تحمل من الثقافة السياسية أطيافاً وألواناً ، وشبكة المعلومات(الانترنت) وما تقدمه من أراء وأطروحات ذات علاقة وثيقة بالجغرافيةالسياسية للمجتمع الجزائري،والتي تتسم بإيقاع سريع قد أحدثت نوعاًمن الاختلال والاضطراب فيمايعتقده الشباب من قيم وما يؤمن به من مفاهيم وقناعاتوما يتبناه مناتجاهات.

2-  ظهر تناقض في بنية الوعي والصورة الذهنية لدى الشباب عن بعض المفرداتالمرتبطة بالتعددية، والانفتاح على الآخر، والحرية والمشاركة السياسية>

3-  انقسمت أراء المبحوثين بين الترددتارة بين الإقبال على الفكر المطروح عبر وسائل الاتصالوالإعلام وبين التمسكبالجذور وما وقر في ضمير المجتمع من مفاهيم وقناعاتسياسية وثقافية واجتماعية، وإندل ذلك على شيء فإنما يدل على أن عملياتالانفتاح وضعت الشباب الجزائري (عينةالدراسة ) على عتبة الأزمة الفكريةفي تلمس الخطى المناسبة في ظل هذا الزخم المثيروالمشتت من المعلوماتوالأخبار والأحداث.

4-     كما دلت الدراسة على حالة من الصراع الفكريوالأيديولوجي بين التيارات الفكرية والعقائدية المتواجدة في الساحةالجزائرية سواء ذاتالبعد الديني الداعي إلى وجوب الحفاظ على الخصوصيةوالهوية الذاتية أو التياراتذات المنطلقات الغربية الوافدة الداعية إلىالتحررية والانفتاح دونما اعتبار للشروطالدينية والتاريخية والقسماتالحضارية للمجتمع الجزائري.

5-  ولما كان جمع من الشباب الجزائري يعايشالعصر بواقعه ويتأثر به ويستمد أحكامهالقيمية ومعاييره السلوكية منه فإنما يسوده من اضطراب وتناقض في وعيه وتصورهوإدراكه هو محصلة فعلية لهذاالواقع .

6-  ظهور قصور واضح في دور العديد من مؤسساتالمجتمع الثقافيةوالتعليمية في تشكيل ودعم وتنمية الوعي بالصورة التيتقتضيها غايات المجتمع،مستوعبة ما يحدث على أرض الواقع من أحداث وماينفث من أفكار، ساعية إلى تأكيداستمرارية الاحتفاظ بالجذور وتنميةالإحساس بالهوية والانتماء لدى الشباب الجزائري.

7-  أما فيما يختص بالفروق ذات الدلالة الإحصائية التي تعزى إلى متغيراتالجنس ونوعالتعليم ومحل الإقامة، ومستوى دخل الأسرة ، والحالةالتعليمية للوالد ومصادرالثقافة السياسية فإن الفروق الدالة إحصائياًجاءت في بعض أبعاد المواطنة لصالحالتعليم الجامعي ، والإقامة في المدن ،ومستوى الدخل الذي يزيد عن ( 20000دينار)شهرياً والوالد الحاصل على مؤهلجامعي، والشباب الذين يعتمدون على الفضائياتوالإنترنت كمصادر للثقافةالسياسية، وعلى الرغم من وجود هذه الفروق إلا أنها جاءت في بعض الأبعاددون غيرها وتركزت في معظمها على ما يخص الانفتاح، مما يبرهن و يؤكد أثر الانفتاح الثقافي على المفاهيم السياسيةعامة ومفهوم المواطنة خاصة، في حين تظل فئات الشباب من عينة الدراسةالذين يستمدونثقافاتهم السياسية من المصادر التقليدية أكثر ميلاً إلىالمفاهيم السائدة وأكثرتمسكاً بالمألوف وأعمق ارتباطاً بالجذور الثقافيةالتي غرست في التربية الوطنيةالداخلية

الاقتراحات وتوصيات:

1-  على ضوء معالجة الدراسة لمفهوم المواطنة وعلاقته بمفهوم الانتماء ،وكذا العرض
الموجز لأبرز اتجاهات الفكر التي أثرت على الوعي العربي بمبدأالمواطنة، وأهمالمتغيرات العالمية والمجتمعية التي تمثل تحديات حرجةوواضحة للمواطنة،والانعكاسات لعملية الانفتاح الثقافي على أهم أبعادالمواطنة المطروحة في الساحةالعالمية والتي أكدتها نتائج الدراسةالميدانية،وانطلاقاً من أهمية المواطنة(مفهوماً وممارسة ) وضرورةتعزيزها على نحو دائم بمشاركة فاعلة من مختلف مؤسساتالمجتمع تطرحالدراسة في هذا الجزء رؤية مقترحة يمكن أن تسهم في تفعيل مبدأالمواطنة.

2-  إذا سلمنا بأن المواطنة مفهوم يتسع ويتغلل في آن واحد في كلممارساتالأفراد وبنية تفكيرهم المنتجة لمعيار العلاقة بين الفردوالمجتمع ، وما يحيط به منإطار ثقافي قانوني يؤطر آليات مشاركة المواطنفي الشأن العام والحفاظ على المصلحةالوطنية العامة(إذا سلمنا بذلك ) فإنآليات تنمية وتعزيز مبدأ المواطنة بمختلفأبعادها وتعدد مستويات ممارستهاتصبح قضية مجتمع بأكمله تتداخل فيها المسؤولياتوتتشابك لتصبح مهمة وطنيةيحكمها الانسجام وينظمها سياق التناغم .

3-     في هذا السياق تصبح أطروحات الرؤىالمقترحة عمومية نظرية ما لم تلتحممعالمها بآليات مؤسسية محددة. وبحكمما للتعليم من أهمية وصلة مباشرة بسبل التشكيللشخصيات النشء والتنشئةالاجتماعية والثقافية والسياسية بما يجعله بوتقة تنصهر فيهامختلفالتنوعات والانتماءات على أرضية المواطنة ، ونظراً للمسؤوليات الكبيرةالمنوطة بالتعليم في هذا الشأن، وما تعلقه سياسة الدولة من آمال علىالتعليم فيتكريس الممارسات الوطنية وما تفرضه على الباحث بوصفه أحدمنسوبي وزارة التربيةوالتعليم. فإن الرؤية المقترحة تقوم على ركيزيتنرئيسيتين :-

الركيزة الأولى : الآفاق العامة لتفعيل المواطنة .وتتمثل فيما يلي :

– تأسيس العلاقة بينمكونات المجتمع والدولة على أسس دينية وطنية تتجاوز كل الأطر
والعناوينالضيقة ، بحيث يكون الجامع العام لكل المكونات والتعبيرات والأطياف هوالمواطنة المنبثقة من النص الشرعي المراعي لأسس تكوين الدولة الصالحة لكلزمانومكان والتي لا تعني فقط جملة الحقوق والمكاسب الوطنية المتوخاهوإنما تعني أيضاًجملة من الواجبات والمسؤوليات العامة الملقاة على عاتقكل مواطن .

– تطوير قواعد الوحدة والاجتماع الوطني وتعميق الالتزامبالجوامع والمشتركاتالوطنية ومقتضياتها من خلال الممارسات المنضبطةبضوابط العدل والحرية القائمة علىالمفاهيم الشرعية المنصوص عليهاالمراعية للواقع الدارسة للأحداث، إضافة إلى التركيز على إبراز مبدأ المواطنة فيفضائنا الاجتماعي وذلك بتوسيع رقعة ومساحةالمشاركة في الشأن العام شريطةتوافر استعدادات حقيقية عند جميع الشرائح والفئاتلتحمل مسؤولياتهاودورها في الحياة العامة .

الركيزةالثانية: مسؤولية التعليم في تعزيز المواطنة.

– إن الضمانات الحقيقية للممارسة الوطنيةالسليمة لا تكمن في تلك الآفاق التيتحدد معالم الفضاء الاجتماعيوالثقافي، وإنما تتمثل في مدى تشرب أفراد المجتمعلقيم المواطنةالحقيقية منذ الصغر والتدريب على ممارستها عملياً في مختلف المؤسساتوالوسائط التربوية حسب طبيعة المرحلة التي يمر بها الفرد.

خاتمـة:

أدت الثورة الاتصالية ما أفرز ما أسميناه بالتفتح الثقافي في دراستنا هذه إلى تشارك المواطنين في أنحاء العالم الثقافات واختلاطها، مما أدى تدريجيا إلى ظهور مفهوم المواطن العالمي، هذا المواطن المنتمي إلى الانسانية في عمومها، وهو الذي أصبح يدرك ضرورة التشارك الانساني لمواجهة المشكلات التي تشكل خطرا على التكوين بأسره، بداية من مشكلات البيئة وانتهاء بأسلحة الدمار الشامل، وفي المقابل انتشرت ظواهر العزلة والاغتراب وعدم الانتماء بسبب تأثير نفس الوسائل الاتصالية.

وفي ظل هذه الظروف المتردية السائدة على مستوى العالم والمنطقة العربية والتراجع الحاصل على الصعيد الذاتي العام، نحن بحاجة إلى مراجعة ذاتية وموضوعية لكل المتغيرات التي تحدث، من خلال تجسيد الانتماء الوطني بكل قيمه المقدسة، علنا نوقف حالة التدمير التي تحدث على الصعيد الذاتي والعام، خاصة لدى فئة الشباب، محاولين العودة للقيم الاجتماعية السليمة وتعزيز حب الوطن، التضحية، والاستعداد للعطاء والمقاومة من خلال سلوك واع ومنسجم مع الأخلاق والقيم الوطنية لمجتمعنا الجزائري.

المراجع المعتمدة في الدراسة:

1- جمال الدين (ابن منظـور): لسان العرب، دار صادر، المجلد السادس، بيروت (لبنان)، 1997.

2- أحمد حكمت شمس الدين/ الجمعية اللبنانية لحقوق الإنسان: مفهوم المواطنة من موقع الأقصر نت.

3- محمد عاطف غيث: قاموس علم الاجتماع، دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية(مصر)، 1995.

4- السيد ياسين: المواطنة في زمن العولمة، 2002.

5- الزبيدي: المواطنة، 1421هـ.

6- الموسوعة العربية العالمية: تعريف المواطنة، 1996.

7- http://forum.toleen.com/94464.html.

7- أحمد زكي بدوي: معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية، مكتبة لبنان، بيروت، 1978.

8- نجلاء عبد الحميد راتب: الانتماء الاجتماعي للشباب المصري“دراسة سوسيولوجية في حقبة الانفتاح”، مركز المحروسة للنشر، القاهرة، 1999.

9– http://forum.toleen.com/94464.html.

10- رشيد زرواتي: تدريبات على منهجية البحث العلمي في العلوم الاجتماعية، ط3، ديوان المطبوعات الجامعية، قسنطينة(الجزائر)، 2008.

11-عماربوحوش،محمدالذيبيات:مناهجالبحثالعلميوطرقاعداد البحث،                1995.

12- طلعتإبراهيملطفي:أساليبوأدواتالبحثالاجتماعي.، 1995.

13- فضيل (دليـو)، غربي علي: أسس المنهجية في العلوم الاجتماعية، منشورات جامعة منتوري، قسنطينة(الجزائر)، 1999.

14- أحمدعليمحمد:علمالاجتماعوالمنهجالعلمي، 1980.

15- اسماعيلبنالسعدي:أساسياتفيمنهجيةوتقنياتالبحثفيالعلومالاجتماعية، 2005.

16- حسن المنسـي: منهج البحث التربوي، دار الكندي، الأردن، 1999.

17- احسان محمد الحسن: مناهج البحث الاجتماعي، ط2، دار وائل للنشر، عمان(الأردن)، 2009.

18- سعيد عبد الحافظ: المواطنة (حقوق وواجبات)، مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية، بدون تاريخ.

20http://almowatana.maktoobblog.com

21– http://habibslawi.maktoobblog.com/

22- أحمد بدر: أصول البحث العلمي ومناهجه، المكتبة الأكاديمية، مصر، 1996، ص31.

23- أحمد عبيدات، محمد أبو نصار، مقلة مبيضين: منهجية البحث العلمي”القواعد والمراحل والتطبيقات، الجامعة الأردنية، دار وائل للنشر، 1999.

24- عباس الطائي: آفات اللغة والهوية، مقال نشر بالموقع الالكتروني: www.ahwazstudies.org.

25- عباس الجراري: مكونات الهوية الثقافية المغربية، مقال نشر ضمن كتاب: الهوية الثقافية للمغرب، كتاب العلم، السلسلة الجديدة، 1988، ص22.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى