دراسات سياسية

الزوايا وسيلة للتسويق السياسي في الجزائر

د. لقرع بن علي (استاذ العلوم السياسية في جامعة مستغانم)

تعتبر الزوايا في حقيقة الامر كجزء من البنى الدينية والرمزية المنتشرة في المجتمع الجزائرى منذ سنوات بعيدة، وقد لعبت ادوار مهمة على مر الفترات التاريخية التي مر بها المجتمع الجزائري في مساره وتطوره. ففي بعض الفترات تشهد نموا وتاثيرا وفي فترات اخرى تضعف ويتراجع دورها. وفي هذا السياق، يظهر ان السلطة الحاكمة في الجزائر منذ الاستقلال لم تغفل الدور الذي تلعبه الزوايا في المجتمع ولهذا عملت على توظيفها سياسيا لخدمة اغراضها ومصالحها. إن الملفت للانتباه هنا، ان الرئيس بوتفليقة منذ وصوله الى سدة الحكم في افريل 1999 عمل على اعادة الاعتبار للزوايا كبنى دينية في الحياة الاجتماعية، وعمل على توظيفها في الحياة السياسة. وقد تجلى ذلك بوضوح في الترويج لسياسة الوئام المدني والمصالحة الوطنية، وكذلك اعتمد عليها لكسب الولاء الشعبي وكوسيلة للبقاء في السلطة لاربع عهدات متتالية، بمعنى ان الرئيس وظف الزوايا كمصدر لاضفاء نوع من الرشرعية الدينية على حكمه. أن الدور الذي قامت به الزوايا سواء في الترويج لسياسة السلم والمصالحة او في تدعيم شرعية السلطة هو امر مفهوم وليس بالضرورة ان يكون سلبيا، وقد يعتبره البعض امرا ايجابيا وعاديا في مجتمع مازال محافظا على بنياته التقليدية. لكن الغريب في الامر هو ان تتحول الزوايا الى وسيلة للتسويق السياسي لشخصية اتهمت سابقا من طرف اجهزة الدولة بالفسادن والكلام هنا ينطبق على الزيارات المتتالية التي قام بها الوزير السابق للطاقة شكيب خليل في العديد من الزوايا شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، الى الحد الذي اصبح يثير شكوكا حول امكانية ان يصبح مرشحا رئاسيا. وهنا يبدو ان السلطة الحاكمة وجدت نفسها في مازق كبير، فهي ارادت تلميع صورة شكيب خليل من جديد واظهاره بمظهر الشخصية الوطنية النزيهة والنظيفة ولهذا لجأت الى توظيف الزوايا كوسيلة للتسويق السياسي لهذه الشخصية التي كانت في الماضي القريب متهمة ومتابعة بقضايا فساد تتعلق بسوناطراك. ولأن حزب جبهة التحرير الوطني فقد الكثير من رمزيته وشرعيته التاريخية في المجتمع وبالاخص لدى الاجيال الجديدة، وفي نفس الوقت لا يمكن الاعتماد على حزب جهاز كلالارندي للقيام بهذه المهمة، كان لزاما اعطاء هذا الدور الى الزويا التي مازالت محافظة على رمزيتها وفي نفس الوقت متغلغلة في المجتمع، ويبدو من خلال الجولة التي يقوم بها شكيب خليل في بداية حملته ان الزوايا نجحت في القيام بهذا الدور في انتظار ما تسفر عنه الايام القادمة. لكن مهما كانت الظروف يجب القول ان الزويا اصبحت تقوم بدور الاحزاب السياسية في التسويق السياسي، وفي نفس الوقت تقوم بدور القضاء في اثبات البراءة لشكيب خليل، وهذا يدل ان ان الدولة في الجزائر تعيش فراغا مؤسساتيا.

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى