تحليل النزاعات الدولية

المصلحات المساوقة لمفهوم النزاع

إن المفاهيم التالية: الإختلاف ، الخلاف،  التوتر، الازمة الحرب ،الصراع والنزاع  متقاربة من حيث المعنى ، متباعدة من حيث الأسلوب فهي كلها  متقاربة لكونها حالات غير عادية  أو طارئة تظهر في المجتمع الدولي ثم تزول وتختفي ، ومتباعدة لأن أسلوبها ومجالها أوعناصرها ومسبباتها مختلفة .وسنتطرق إلى الاختلاف بينها فيما يلي: 

‌أ.الاختلاف: الاختلاف يرجع الى فروق طبيعية بين شخص وآخر، على سبيل المثال: الاختلاف الناتج عن الانتماءات الجغرافية كفرد من الريف وآخر من المدينة، أيضا الاختلاف البيولوجي بين الرجل والمرأة.

‌ب.الخلاف: لايرجع الى الفروق الطبيعية بين الافراد او الجماعات، وإنما يرجع إلى التمسك الشديد بالرأي أو المواقف ورفض التنازل عنها وهو مفهوم يعبر عن المعارضة، والتضاد وعدم التطابق.

‌ج.التوتر: يظهر في الشكوك و التخوف وتصور لتباين في المصالح أو الرغبة في السيطرة و تحقيق الانتقام  لكنه يبقى في هذا الإطار دون أن يتعداها ليشمل تعارضا فعليا و صريحا و غالبا ما يلازم  النزاعات كما قد يكون سببا أو نتيجة لها .     

‌د.و يختلف التوتر عن النزاع في كون بمجرد حدوث توتر في العلاقات تبقى العلاقات التعاونية  قائمة و هذا على عكس النزاع أو الحرب إذا قاما كل أشكال  التعاون تختفي ، أي عادة يأتي التوتر بعد علاقات طبيعية يمكن أن يطول أو يقصر، و إذا طال التوتر يصبح نزاعا.

‌ه.الأزمة: تعتبر الازمة نتيجة نهائية لتراكم العديد من التأثيرات، وتنتج عن حدوث خلل مفاجئ يؤثر في المقومات الرئيسية للنظام، وتشكل تهديدا صريحا واضحا لبقاء الفرد أو المنظمة أو النظام نفسه.موقف مؤثر جدا في العلاقات بين طرفين متخاصمين لا يصل الى مرتبة الحرب بالرغم من قوة المشاعر العدائية و الحرب الكلامية بين الأطراف و الأزمة تبدأ عندما تقوم دولة ما بفعل تكون تكلفته كبيرة لدولة أخرى و هي لا تعني نشوب الحرب بل تذهب الى اتخاذ القرار فاصل إما بتسوية الأزمة سلميا و التخلي عن فكرة الصدام المسلح أو بتصعيدها الى حالة الحرب بين الأطراف و عليه فان الحرب لا تدخل في سياق الأزمة بل هي مرحلة متميزة عنها و قد تكون نتيجة لها اذا ما تم اتخاذ قرار بذلك ”                                     

‌و.الصراع : النزاع الناتج عن الاختلاف جرّاء تباين الرؤى والعقائد والأفكار والبرامج والمصالح بين مجموعتين أو أكثر و رغم ذلك  يختلف الصراع عن النزاع في أنه حالة من الاختلاف في المواقف و الاتجاهات يمكن اعتباره أعمق من النزاع و لذلك عادة ما يكون الحديث عن إدارة الصراع و ليس حله خلافا للنزاع الذي يمكن حله باستخدام مختلف وسائل حل النزاعات فالصراع أوسع : مثل الصراع الحضاري بين الاسلام و الغرب و الصراع الاديولوجي بين المعسكر الشرقي و الغربي. و العلاقة بين الصراع و النزاع تبدو من خلال إبقاء النزاع على مسائل معينة لفترة طويلة دون أن يكون هناك حل لها فعند هذه الحالة يكون النزاع صراعا أو عندما يهدد أحد الأطراف باللجوء الى استخدام العنف  في حل النزاع و هو ما يجعل المصطلحين في تداخل أحيانا ،اذ ينقلب الصراع الغامض الى نزاع مع وجود عوامل أخرى قد تتدخل في هذا و ذاك ، و مقابل الصراع يبدو النزاع قابلا للتسوية لأنه يحفظ مصالح معينة للأطراف بينما قابلية التسوية في الصراع أصعب من النزاع و غالبا ما يستخدم المفهومان و كأنهما مفهوما واحدا .

‌ز.العنف: سلوك يتسم بالعدوانية يصدر من طرف فرد او جماعة بهدف استغلال وإخضاع طرف آخر، مما يتسبب في إحداث أضرار مادية أو معنوية أو نفسية ، وهو انتهاك للشخصية الغنسانية (ماديا او معنويا)، وتعد على الىخر أو غنكاره أو إقصاؤه او تهميشه، وهو استخدام للقوة استخداما مفرطا أو غير مشروع وهو مباشر وغير مباشر.

‌أ.الحرب:

يرتبط بذكر مصطلح النزاع الكثير من المفاهيم التي تستخدم في كثير من الأحيان كمصطلحات  مترادفة، غير أن التدقيق في طبيعتها يفرض بعض أوجه الاختلاف بينها و بين مفهوم النزاع، و يعتبر مصطلح الحرب من بين هذه المفاهيم التي تستخدم خطأ للتعبير عن حالات النزاع المختلفة.

و يمكننا تحديد أوجه الاختلاف بين الحرب و النزاع فيما يلي:

– يعتبر مفهوم النزاع أشمل و أكثر تعقيدا من مفهوم الحرب، لأن هذا الأخير يستخدم للتعبير عن حالات التصادم التي تتضمن استخدام العنف المادي كالسلاح، في حين أن النزاع يشمل حالات التناقض و الاختلاف حتى دون وجود العنف المادي.

– على هذا الأساس تعرف الحرب بأنها: الصراع المسلح بين دولتين أو أكثر في إطار القوانين و الأعراف الدولية، و يكون الهدف من هذا الصراع هو الدفاع عن المصالح الوطنية للدول الأطراف في النزاع ( هذا التعريف يستثني النزاعات المسلحة التي لا يكون أطرافها من أشخاص القانون الدولي العام كالحروب الأهلية و الثورات الداخلية (تعريف تقليدي)

–  كما يعرفها “برتراندراسل” بأنها: ” نزاع بين مجموعتين أو أكثر، تحاول كل منهما قتل أو تشويه أو تعطيل أكبر عدد ممكن من المجموعة الأخرى للوصول إلى هدف تعمل له.”

– يقدم كل من ” دايفييد سينغر / كارل دويتش / إلفن سمول” تعريفا دقيق للحرب، اعتمدوا في وضعه على معايير كمية تتضمن وجود 03 شروط:

  • وجود 1000 قتيل كحد أدنى في السنة من العســكريين خــلال المعارك ( العسكريين كل من يحمل السلاح و ليس المنظمين رسميا لجيش نظامي).
  •  تحضير مسبق للنزاع عبر وسائل التعبئة و التجنيد و التدريب لنشر القوات المسلحة، و اعتماد الخطط للقتال و السلم.
  •  وجود تغطية شرعية: من خلال وجود دولة أو وحدة سياسية معينة تعتبر أن ما تقوم به ليس بمثابة جريمة بل واجب لخدمة أهداف جوهرية و شرعية عن الدولة.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى