دراسات تاريخيةنظرية العلاقات الدولية

تاريخ العلاقات الأمريكية – الروسية 1900-2021

خطة البحث

مقدمة

الفصل الأول مدخل مفاهيمي

المبحث الأول: مفهوم النزاع ـ الصراع – التعاون – الشراكة

المبحث الثاني: مفهوم السياسة الخارجية.

الفصل الثاني: تاريخ العلاقات الامريكية – الروسية 1900-2015

المبحث الأول: مرحلة العلاقات الامريكية – السوفياتية 1917-1939م

المبحث الثاني مرحلة العلاقات الامريكية-السوفياتية في فترة الحرب العالمية الثانية

المبحث الثالث: مرحلة الحرب الباردة 1945-1990

المبحث الرابع مرحلة العلاقات الامريكية – الروسية ما بعد الحرب الباردة

الفصل الثالث: محددات السياسة الخارجية الامريكية والروسية ما بعد الحرب الباردة

المبحث الأول: محددات السياسة الخارجية الامريكية

المبحث الثاني: محددات السياسة الخارجية الروسية

الخاتمة

الفصل الأول مدخل مفاهيمي

المبحث الأول: مفهوم النزاع ـ الصراع – التعاون – الشراكة

تختلف درجات النزاعات الداخلية من دولة عربية إلى أخرى. وتتردد ردود الفعل الرسمية والشعبية تجاه ذلك بين محاولات وقف الحروب الأهلية، وحماية وتقوية السلام الوطني لئلا يستبدل به مواجهات داخلية. ويمثل احتواء النزاع العنيف، وتخفيف المعاناة، ونزع فتيل الصدام، التحدي الكبير والرئيسي في دول مثل الجزائر والسودان. كما يلزم الدول التي خرجت من صدامات وحروب أهلية مثل لبنان وعمان ومصر واليمن، دون أن تنتهي جيوب الاحتقان فيها بشكل نهائي، أن تسارع في تنفيذ برامج إعادة الإعمار، والتنمية الاجتماعية، والإصلاح السياسي لتنتج جميعها سلاما ووفاقا اجتماعيين. ويتطلب كل ذلك بناء علاقة المواطنة بين الجماعات العرقية والدينية والثقافية، وتعميق مفاهيمها لقطع الطريق أمام أي محاولة لإعادة استخدام الفروق العرقية والدينية والثقافية في إشعال نزاع داخلي.

سيحاول هذا البحث تقديم إطار نظري لمفهوم النزاع، وموضوعاته، وأنواعه والمراحل التي بينه وبين السلام. كما يذكر محددات النزاع العنيف وكذلك السلام. وبرغم تعدد مناهج البحث في موضوع النزاعات باختلاف العلم الناظر فيه ما بين مناهج اجتماعية ونفسية وفلسفية، فإنه تم استخدام التصور السياسي للنزاع الداخلي، مع بعض إشارات إلى مقولات اجتماعية ونفسية. وأخيرا فإن التقرير لخص بأسلوب مكثف ما ورد في الدراسة المعدة من قبل مؤسسة:
(Creative Associates International) والتي حملت عنوان: (Preventing and Mitigating Violent Conflicts) إلى جانب النظر في مجموعة من المصادر الأخرى.

ملاحظات أولية

  1. النزاع والسلام ليسا عشوائيين، إنهما ظاهرتان يمكن تفسيرهما، ولوجودهما أو عدمه أسباب، كما يمكن التأثير عليهما.
  2. ليس النزاع والسلام ساكنين بل حيويين (ديناميكيين)، ويتطوران بعامل الزمن.
  3. لا ينتهي كل نزاع بالعنف فهناك العديد منها يحل بشكل سلمي.
  4. يتطلب منع ظهور النزاع العنيف (Violent Conflict) أو وقفه فهم حيوية (Dynamism) النزاع السلمي والعنيف، وإدراك مكونات السلام.
  5. لتكون الإجراءات المتخذة لمنع أي نزاع أو تسكينه فاعلة لابد من فهم مسببات ذلك النزاع بشكل خاص، وتطبيق سياسات وبرامج وآليات متعددة تناسب نوعه والمستوى الذي وصل إليه.

تعريف النزاع
عرف بعض الباحثين النزاع الداخلي بأنه التنازع بين مجموعات مختلفة (عرقية، سياسية، دينية..) من خلال مخالفات غير منطقية لأعراف الحياة اليومية للمجتمع. غير أن ممارساتها غير المنطقية لا تمنع وجود أسباب وأهداف منطقية تقف وراءها، كما هو مشاهد في مطالب العديد من الأقليات الدينية والعرقية والسياسية. وفي التاريخ الإسلامي أثر عن الصحابي أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قوله “عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يحمل سيفه ويخرج باحثا عنه”، وهو ما يعبر بوضوح عن وجود أسباب منطقية لما تعيشه المنطقة العربية من نزاعات داخلية.


يتطلب منع حدوث النزاع بناء علاقة المواطنة بين الجماعات العرقية والدينية والثقافية وتعميق مفاهيمها، لقطع الطريق أمام أي محاولة لإعادة استخدام الفروق العرقية والدينية والثقافية في إشعال نزاع داخلي

وهناك من عرف النزاع بأنه انهيار أو تعطل في النظام الاجتماعي والسياسي القائم دون أن يصحبه بالضرورة بروز نظام بديل كما كان في الصومال وقبله لبنان. وتحدث آخرون عن مفهوم النزاع من خلال تحديد الظروف الموضوعية لبروزه، فيوجد النزاع عندما تلاحظ مجموعتان أو مجموعات أن مصالحها متناقضة أو التعبير عن مواقفها أصبح يتم بعدائية أو تحاول تحقيق أهدافها بأعمال تؤدي إلى الإضرار بالمجموعات الأخرى. وقد تكون هذه المجموعات أفرادا أو مجموعات صغيرة أو كبيرة.

موضوعات النزاع
حددت بعض الدراسات العناصر المتنازع عليها في التالي:

  1. الموارد أو الثروة، مثل: الأقاليم والمال ومصادر الطاقة والغذاء، وكيفية توزيع تلك الموارد.
  2. السلطة إذ يتم التنازع بشأن كيفية تقسيم آليات الحكم والمشاركة السياسية في عملية صناعة القرار.
  3. الهوية وتتعلق بالمجموعات الثقافية والاجتماعية والسياسية.
  4. الأوضاع الاجتماعية والسياسية، ومنها مدى شعور الناس بأنهم يعاملون باحترام وتقدير وأن حكومتهم تحافظ على تقاليدهم الاجتماعية.
  5. القيم وخاصة تلك المتمثلة في أنظمة الحكومة والدين والأيديولوجية.

هذه المصالح المتناقضة المولدة للنزاع من الممكن أن ترى في:
أولا- تغيرات الظروف الموضوعية، مثل: تدني مستوى المعيشة، وتغيرات التركيبة السكانية أو حركة السكان، والتحولات التكنولوجية التي تزيد التواصل، والإمكانات المادية، وتوافر الأسلحة.


النزاع لا يحدث إلا بعد تنامي الشعور بتهديد المصالح من حزب أو جماعة أخرى

ثانيا: تغيرات الظروف غير الموضوعية (الشخصية أو الخاصة)، مثل: شعور جديد بالامتعاض الاجتماعي، أو بروز أيديولوجية قومية جديدة. وتنشأ الظروف الخاصة حتى في حال غياب التغيرات الموضوعية. والانفعال الحزبي والذهنية الحزبية الظاهرة (الشعارات والبرامج) تؤثر في النزاع. كما أن الزمن عامل فعال حيث تحصل المكونات الشخصية للنزاع -بمرور الزمن- على أهمية التشابه التي تملكها المكونات الموضوعية. وفي النهاية النزاع لا يحدث إلا بعد تنامي الشعور بتهديد المصالح من حزب أو جماعة أخرى.

النزاع الكامن والظاهر
قد يعتقد بعض المراقبين بتناقض مصالح الأحزاب أو الجماعات داخل المجتمع، غير أن تلك الأطراف غير عابئة بتلك التناقضات. وهذا قد يكون بسبب غض طرف متعمد، أو بتقديم مبررات عقلانية ومنطقية لعدم وجود حاجة لتحويل التناقض إلى نزاع، وقد يكون بسبب نقص المعرفة عند تلك الجماعات لما هو كائن من تناقض، أو نتيجة لطمس المعلومات التي تؤكد تلك التعارضات. إلا أن كل ذلك لا يعني صحة الركون إلى هذه الأسباب القابلة للتغير، وبالتالي بروز النزاع.

أنواع النزعات
يعتبر علما النفس والاجتماع أن النزاع هو كل تنافس بين الأفراد والجماعات في المجتمع. وبناء عليه انقسم النزاع إلى سلمي وعنيف:

1- النزاع السلمي (Peacefull Conflict)
عندما تتحقق المصالح والمطالب المتعارضة باستخدام آليات مقننة ومنضبطة يصبح النزاع سلميا. ومن هذه الآليات: الدساتير والقوانين، والتكوين الأسري والعشائري، ونظم التحاكم، والأحكام الدينية، والأعراف والتقاليد، والحوار والمؤتمرات. وتراوح هذه الآليات بين كونها غير رسمية وكامنة في العقل الاجتماعي والفردي، وبين كونها رسمية ومدونة. ومن أمثلة الأخيرة الانتخابات وما يعطيه الدستور من حقوق للأفراد والجماعات من وسائل للتعبير والمطالبة بالحقوق العامة والخاصة. وتسمى هذه الضوابط مجتمعة “نطاقات السلام” فتمنع تلك التناقضات من أن تتحول إلى نزاع عنيف ومدمر.

2- النزاع العنيف (Violent Conflict)
يصبح النزاع عنيفا عندما تتخلى الأطراف عن الوسائل السلمية، وتحاول السيطرة أو تدمير قدرات المخالف لها لأجل تحقيق أهدافها ومصالحها الخاصة. وكما ذكر سابقا فإن النزاع لا يحدث إلا في ظل توفر ظروف موضوعية أو شخصية محددة.

أبعاد النزاع العنيف
حدد بعض الباحثين أبعاد النزاع العنيف في أربعة عناصر يلزم التمعن في كل نزاع لتحديدها بدقة بقصد وضع سياسات منع نشوء النزاع أو التخفيف منه. وهذه العناصر هي:

  1. المسائل الجوهرية (الأصلية)، وتكون في احتدام الجدل بشأن التنافس على الموارد الطبيعية، والسيطرة على الحكم، وتحديد صلاحيات الأقاليم والمناطق، والأيديولوجيات الحاكمة.
  2. الأطراف أو مجموعات النزاع، سواء أكانت عرقية، أم دينية، أم إقليمية، أم تيارات سياسية.
  3. أنواع القوة المستخدمة وطرق الإكراه، مثل أسلحة الدمار الشامل، والإرهاب، والانقلابات، والإبادة الجماعية، وانتهاك حقوق الإنسان، والتطهير العرقي.
  4. الفضاء الجغرافي، حيث تتم المجازر وعمليات التخريب، والنزاعات الدولية والداخلية.

ينشأ النزاع العنيف من أسباب مركبة وهناك عوامل رئيسية أو متغيرات ترجح تطور النزاع إلى عنف، أو أنه سينتهي بشكل سلمي

الانتقال من السلام إلى النزاع
تختلف مستويات النزاع (سلميا كان أم عنيفا) في درجات التعاون والعداء، فبعضها ينتهي بسلام ودون أي إكراهات أو عنف. في حين يرتفع بعضها الآخر إلى أعلى درجات الصدام والمواجهة، وتشمل الاضطهاد والإيذاء الجسدي. ويمكن توزيع هذه المستويات لتبدأ من التناغم (Harmony) بين المصالح المختلفة للأطراف إلى الحرب الشاملة (All-Out-War). ويعني هذا وجود تداخل بين السلام والعنف (الحرب). ويظهر هذا التداخل في مصطلحات متدرجة مثل: الحرب المشتعلة، والحرب الباردة، والوجود المشترك أو التعايش، والتنافس، والخمود، والتحالف، والاتحاد، والعلاقات الخاصة، وغير ذلك. وفيما يلي عرض موجز لمستويات النزاع:

1- التناغم (Harmony)، ويعرف بأنه العلاقة بين الأطراف (عرقية، دينية، سياسية، ثفاقية..) عندما لا توجد فعليا أي صراعات مصالح أو قيم متناقضة. ويظهر ذلك في تعاطف الأطرف مع أي طرف يتعرض لمشكلة أو أزمة.

2- السلام الدائم (Durable Peace)، ويتميز بمستوى عال من التعاون والاتصال بين الأطراف، وإدراك لكيفية تحقيق المصالح المتعارضة. وتعطي الأطراف قيمة أكبر لعلاقاتها العامة أكثر من التركيز على مصالحها الخاصة. ويسعى كل طرف لتحقيق مصالحه من خلال آليات سلمية ومؤسسية. ولذا لا يحتاج إلى استخدام العنف لتحقيق ذلك.

3- السلام الثابت (Stable Peace)، ويسمى “السلام البارد” وفيه يقل الاتصال، والتعاون بين الأطراف ويتم ذلك من خلال نسق من النظم الأساسية، والاحترام المتبادل وغياب عام للعنف. وتبقى الأهداف والقيم المتعارضة. وتتنافس الأطراف بطرق عديدة لكن ضمن ضوابط مقبولة، والتنازع يتم بطريقة غير عنيفة. ومن الممكن أن تحدث نزاعات عنيفة في هذا المستوي لكنها عمليا غير مرجحة الحصول.

4- السلام غير الثابت (Unstable Peace)، ويسمى “الحرب الباردة”. وتنشأ فيه توترات ملموسة واتهامات بين الأطراف. ومن المحتمل أن تتحول إلى عنف علني متقطع. وبالرغم من قلة العنف فيه إلا أن التعايش معدوم فيه. والأطراف لا تعنى كثيرا بعلاقاتها المتبادلة بشكل كاف، ولا تسعى لوضع ضمانات تبعد احتمال استخدام الإكراهات والعنف المادي لتحقيق أهداف محددة. ويبدو السلام هنا ضعيفا، ومستويات التوتر بين ارتفاع وانخفاض، وتسعى الأطراف لامتلاك السلاح بقصد الردع، والاتفاقات غير واضحة ومن السهل الإخلال بها.

5- الأزمة (Crisis)، وهي مواجهة متوترة بين مجموعات مسلحة معبأة معنويا، قد تصل إلى درجة التهديد وصدامات ظرفية (آنية). وتمهد هذه الأوضاع إلى حرب أهلية وشيكة، أو انهيار عام للقانون ونظام الحكم.

6- الحرب (War)، وهي حرب شاملة تتحارب فيها مجموعات مسلحة منظمة. وقد تحتوي على كثافة منخفظة في نطاق المواجهات مثل حروب العصابات، والفوضى السياسية. ومثال ذلك الوضع في الجزائر والصومال، وجنوب السودان.

في الأوضاع الواقعية لا تحدد هذه المستويات بشكل هندسي، بل تلاحظ عند بروزها بشكل كبير. والمقصود هنا أن النزاعات والسلام لا يبرز بشكل مفاجئ، أو ينتقل بشكل سريع من مستوى إلى آخر، أو ينتهي أيضا بشكل مفاجئ. فالعلاقات لا تنتقل من السلام الكامل إلى الحرب الشاملة دون المرور بمستويات وسيطة.

عوامل الانتقال بين مستويات السلام والنزاع
معرفة العوامل المذكورة في الأسفل تمثل خطوة مهمة لتحديد أنجع الإجراءات لمنع النزاعات من التطور إلى الأسوأ. وهذه العوامل هي:

  1. شدة وحجم الشكاوى ومواقف التذمر.
  2. مدى إدراك الأطراف لاختلافاتهم وتطلعاتهم ومواقفهم تجاه بعضهم.
  3. حجم التفاعل المباشر والاتصالات التي تملكها الأطراف في تعاملها مع بعضها البعض.
  4. مستوى التعبئة السياسية والتنظيم الواقفين خلف أوضاع الأطراف المختلفة.
  5. حجم التلاحم والالتصاق بين قيادات الأطراف والقواعد في الدوائر الانتخابية.
  6. حجم السلوك العدائي.
  7. المدى الذي يمكن أن تصل إليه تهديدات الأطراف باستعمال السلاح.
  8. عدد الأحزاب والجماعات في كل طرف من أطراف النزاع.

احتواء نزاع قائم أو منع آخر كامن يعتمد على مدى إدراك العوامل والأسباب والظروف المتعلقة بذلك النزاع

محددات النزاع العنيف والسلام
ينشأ النزاع العنيف من أسباب مركبة. وهناك عوامل رئيسية أو متغيرات ترجح تطور النزاع إلى عنف، أو أنه سينتهي بشكل سلمي. وهذه العوامل من الممكن أن تكون أسبابا للعنف أو أسبابا للسلام. وبالتالي يمكن تقسيم محددات النزاع إلى بنيوية، ووسيطة، ومباشرة.

1- العوامل البنيوية (Systemic Causes: Structural Conditions)، وهي أسباب موضوعية (Subjective) تتعلق بالظروف الأساسية للمجموعات، والتدهور البيئي، والنمو السكاني، وندرة الموارد، والتنافس، وانهيار القيم والتقاليد، والفقر، والتهميش الديني والإثني. والإجراءات التي تتخذ لوقف النزاعات ذات الأسباب البنيوية تظهر نتائجها بعد فترة طويلة من التطبيقات.

2- العوامل الوسيطة (Proximat: Political and Institutional Factores)، وتشكل أساس المشاكل في العمليات الاجتماعية والسياسية والاتصالات. وهي عوامل حاسمة تؤثر في تحول الأوضاع البنيوية إلى ردود أفعال عنيفة، أو إلى سلوك طرق سلمية للتعامل مع المصالح المتناقضة. وتدرك بسهولة العلاقة بين الأسباب الوسيطة ومظاهر النزاع العنيفة. كما أن أثرها أكثر مباشرة. ومن الأسباب الوسيطة: السياسات الحكومية، والمنظمات الاجتماعية، وبرامج الإصلاح الاقتصادي، ومشاكل التحرر السياسي، والتسلح.

3- العوامل المباشرة (Immediate Causes: Acts and Events)، وهي الأعمال والأحداث التي تشعل (تقدح-Trigger) أعمال العنف. ومثال ذلك اتخاذ الحكومة إجراءات متشددة نحو جماعة مضطهدة مما يدفعها إلى العصيان والتمرد. ونظرا لظهور هذه الإجراءات فإنها أكثر تأثيرا من غيرها.

يتبين من هذا العرض الموجز أن النزاع أو السلام يتكونان إثر تفاعلات مركبة بين مجموعة من العناصر. وأن السلام والحرب تفصل بينهما مجموعة من المراحل فلا ينشآن بطريقة مفاجأة. وأن النزاع محكوم بعوامل عدة منها ما يعتبر من بنية أطراف النزاع ومنها ما هو وسيط، ومنها ما هو مباشر. كما اتضح أن احتواء نزاع قائم أو منع آخر كامن يعتمد على مدى إدراك العوامل والأسباب والظروف المتعلقة بذلك النزاع.

أما مفهوم الشراكة مفهوما حديثا، حيث لم يظهر في القاموس إلا في سنة 1987 بالصيغة الآتية ” نظام يجمع المتعاملين الاقتصاديين والاجتماعيين “، أما في مجال العلاقات الدولية فإن أصل استعمال كلمة شراكة تم لأول مرة من طرف مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (CNUCED) في نهاية الثمانينات.[1][2][3]

لقد تم استعمال كلمة شراكة كثيرا من طرف الباحثين دون إعطائها مفهوما دقيقا، وفي هذا الإطار يقترح B.Ponson ” أنها تتمثل في كل أشكال التعاون ما بين مؤسسات أو منظمات لمدة معينة تهدف إلى تقوية فعالية المتعاملين من أجل تحقيق الأهداف التي تم تحديدها “, فمفهوم الشراكة بهذا الشكل يشمل التحالف الإستراتيجي، لكن ينبغي أن نفرق بين التحالف والاندماج والاقتناء والشراكة، فيعتبر B.Garrette Et P.Dussage أن الاندماج والاقتناء هو زوال المؤسسة المعنية لميلاد وحدة أو مؤسسة جديدة، أما في التحالف والشراكة تبقى المؤسسة تحافظ على استقلاليتها من حيث الأهداف والمصالح الخاصة وتقيم علاقات مشاركة لتحقيق بعض الأهداف المشتركة.

* التعريف الأول

” الشراكة الأجنبية هي عقد أو اتفاق بين مشروعين أو أكثر قائم على التعاون فيما بين الشركاء ويتعلق بنشاط إنتاجي (مشاريع تكنولوجية وصناعية) أو خدمي أوتجاري وعلى أساس ثابت ودائم وملكية مشتركة، ولا يقتصر هذا التعاون فقط على مساهمة كل منهما في رأس المال (الملكية), وإنما أيضا المساهمة الفنية الخاصة بعملية الإنتاج واستخدام براءات الاختراع والعلاقات التجارية، والمعرفة التكنولوجية، والمساهمة كذلك في كافة عمليات ومراحل الإنتاج والتسويق وسيتقاسم الطرفان المنافع والأرباح التي سوف تتحقق من هذا التعاون طبقا لمدى مساهمة كل منهما المالية والفنية”.

* التعريف الثاني

” يعرف الاستثمار المشترك على أنه ينطوي على عمليات إنتاجية أو تسويقية تتم في دول أجنبية أو يكون أحد الأطراف فيها شركة دولية تمارس حقا كافيا في إدارة المشروع أو العملية الإنتاجية بدون السيطرة الكاملة عليه”.

انطلاقا من التعاريف السابقة يمكننا تقديم تعريف شامل للشراكة على أنها تتمثل في نشاط اقتصادي ينشأ بفضل تعاون الأشخاص ذوي المصالح المشتركة لإنجاز مشروع معين، ويمكن أن تكون طبيعة التعاون: تجارية، مالية, تقنية أو تكنولوجية.

عقد شراكة هو التزام بين طرفين يتطلب حشد التعاون والتضامن لتحقيق أهداف مجتمعية عامة.وهو أسلوب يمكن من إشراك الطرفين الفاعلين.كل حسب قدراته الحقيقي وما يجب الإشارة إليه أن كل التعاريف السابقة تتعلق بالمستوى الجزئي للاقتصاد، أما على المستوى الكلي فإن مفهوم الشراكة (أو المشاركة كما يسميها البعض) في العلاقات الاقتصادية بين الدول يطرح تساؤلا أساسيا هو أين تقع الشراكة من سلم التدرج في التكامل الاقتصادي الذي يعتبر من أشهر صيغ العلاقات الاقتصادية بين الدول، حيث مرت أشكال التعاون بين الدول الصناعية المتقدمة والدول النامية بعدة تطورات، فقد انتقلت من اعتماد الدول النامية على الدول الصناعية في تلبية متطلباتها إلى الشراكة فيما بينها بغرض تفعيل مبادئ تحرير التجارة وإعادة تقسيم العمل الدولي على نحو يتفق مع أهداف المنظمة العالمية للتجارة.

وفي هذا الإطار يمكننا تعريف الشراكة على المستوى الكلي على أنها:

تعاون دولتان أواكثر في نشاط إنتاجي أو استخراجي أو خدمي، حيث يقوم كل طرف بالإسهام بنصيب من العناصر اللازمة لقيام هذه الشراكة (رأسمال، العمل، التنظيم)، وقد يتخذ هذا التعاون المشترك شكل إقامة مشروعات جديدة أو زيادة الكفاءة الإنتاجية لمشروعات قائمة فعلا عن طريق إدماجها في مشروع مشترك يخضع لإدارة جديدة، ولايقتصر الأمر في الشراكة التي دعى إليها الإتحاد الأوروبي مع الدول المتوسطية على الجانب الاقتصادي فقط، بل يتعداه ليشمل الجوانب الأخرى (السياسية، الاجتماعية والثقافية).

خصائص الشراكة
إن الشراكة ما هي إلا وسيلة أو أداة لتنظيم علاقات مستقرة ما بين وحدتين أو أكثر (دول أو مجموعات إقليمية), وتتطلب هذه العملية جملة من الخصائص منها :

التقارب والتعاون المشترك، أي لا بد من الاتفاق حول حد أدنى من المرجعيات المشتركة Les références communes)) تسمح بالتفاهم والاعتراف بالمصلحة العليا للأطراف المتعاقدة (Les Partenaires).
علاقات التكافؤ بين المتعاملين.
خاصية الحركية في تحقيق الأهداف المشتركة.
اتفاق طويل أو متوسط الأجل بين طرفين أحدهما وطني والآخر أجنبي لممارسة نشاط معين داخل دولة البلد المضيف.
قد يكون الطرف الوطني شخصية معنوية عامة أو خاصة.
لا تقتصر الشراكة على تقديم حصة في رأس المال، بل يمكن أن تتم من خلال تقديم خبرة أو نقل تكنولوجي أو دراية أو معرفة… إلخ.
لا بد أن يكون لكل طرف الحق في إدارة المشروع (إدارة مشتركة)، التقارب والتعاون المشترك على أساس الثقة وتقاسم المخاطر بغية تحقيق الأهداف والمصالح المشتركة.
التقاء أهداف المتعاملين (على الأقل في مجال النشاط المعني بالتعاون) والتي ينبغي أن تؤدي إلى تحقيق نوع من التكامل والمعاملة المماثلة على مستوى مساهمات الشركاء والمتعاملين.
تنسيق القرارات والممارسات المتعلقة بالنشاط والوظيفة المعنية بالتعاون.
ومن هذا المنطق يمكننا القول أن الشراكة الاقتصادية تختلف في أسسها عن الاستثمار الأجنبي المباشر الذي يقوم على الانفراد بالإنتاج والملكية الكاملة لرأس المال، بالرغم من أن الشراكة هي وجه من أوجه الاستثمار الأجنبي المباشر والذي يعرفه صندوق النقد الدولي على أنه “ذلك النوع من أنواع الاستثمار الدولي الذي يعكس هدف حصول كيان مقيم في اقتصاد ما على مصلحة دائمة في مؤسسة مقيمة في اقتصاد آخر، وتنطوي هذه المصلحة على وجود علاقة طويلة الأجل بين المستثمر المباشر والمؤسسة، بالإضافة إلى تمتع المستثمر المباشر بدرجة كبيرة من النفوذ في إدارة المؤسسة”.

ففي هذا الإطار نمت الإتجاهات نحو تحرير التجارة والمبادلات الدولية وتوسيع الأسواق، بالإضافة إلى أن التقسيم الدولي للعمل يفترض تنمية وتطويرالأقاليم والدول المختلفة وذلك بخلق أنشطة إنتاجية وصناعية بها لرفع قدرتها الإنتاجية وبالتالي الطلب المحلي ورفع طاقاتها التصديرية.

المزايا التي توفرها الشراكة
من بين المزايا التي توفرها الشراكة ما يلي :

تبادل الخبرات والتكنولوجيا بين تلك الموجودة في دول المركز (الشركات الأم) وتلك الناشئة في مختلف الفروع في الدول الأجنبية.
اكتساب المزيد من الخبرة بظروف الأسواق المحلية والأجنبية من خلال الصادرات والاستثمار المباشر.
زيادة فرص التوظيف الاستثماري للمدخرات ورؤوس الأموال المحلية عند توظيفها مع المشروع الأجنبي، وتشجيع الأفراد والمستثمرين المحليين على عدم تهريب أموالهم للخارج، باعتبار أن المشروع المشترك يعمل على تحقيق أهداف الاقتصاد الوطني، عكس الاستثمار الأجنبي المملوك بصفة كاملة للطرف الأجنبي الذي يخدم مصالح دول المركز أساسا.
تساعد الشراكة على تخفيف العبء على ميزان المدفوعات حيث سيتم التقليل من التحويلات الرأسمالية إلى الخارج في شكل أرباح إلا بقدر نصيب الشريك الأجنبي فقط، كون أن المشروع المشترك قائم في جزء كبير من رأسماله على المدخرات الوطنية، كما تساعد أيضا على رفع الطاقات التصديرية للبلد والتقليل من الواردات وتوفير مناصب الشغل.
تشجيع المساهمة المحلية إلى جانب الشريك الأجنبي، وهذا في الواقع يمثل ضمانا لهذا الأخير وتقليلا للمخاطر.
سهولة اكتساب الأسواق المحلية والحصول على المواد الأولية وبراءات الاختراع والابتكارات واليد العاملة الرخيصة.
الحصول على امتيازات وإجراءات تفضيلية في هذه الدول لا يمكن أن تحصل عليها في بلدانها الأصلية.
الإنتاج بتكاليف منخفضة.
التحويل التكنولوجي وتحويل مناهج التسيير وإمكانية الحصول على التمويل.

أهداف الشراكة
التعاون بين أطراف الشراكة
خدمة العملاء في الوقت المناسب
تجنب التأخير
طرح بدائل جديدة
المشاركة في الخطط
الأداء الجيد
جمع الطاقات
تبادل الخبرات
خفض التكاليف
المشاركة في التكاليف الثابتة
السيطرة على المخاطر
تحسين أساليب الاستعمال
المشاركة في تحمل المخاطر
توفير قيمة أكبر للمستهلك
زيادة الفهم المتبادل
تقديم خط منتجات أقوى
خلق منتجات جديدة
تسويق منتوجات إضافية
مساندة وخدمة العملاء
زيادة القدرات التسويقية
ابتكار أنماط استهلاكية جديدة
تحسين صورة المؤسسة
إعلانات مشتركة
التكامل بين الخبرات
التنسيق في البرامج
انعكاسات وسلبيات الشراكة

قد يطغى هدف الربح والتوسع والابتكار على حماية المستهلك، وذلك بتقديم سلع أو خدمات ضارة أو ذات جودة ونوعية رديئة وبأسعار مرتفعة، أو زرع عادات استهلاكية أو استعمالية تتنافى مع منظومة قيم المجتمع ومبادئه.
يترتب أحيانا على قيام تحالفات بين الشركات الكبرى خلق مراكز تجارية ضخمة مما يؤدي إلى غياب المنافسة وتدهور القدرة التنافسية لبقية الشركات، وبالتالي ظهور عدم تكافؤ الفرص التنافسية.

تؤدي التحالفات التجارية إلى ظهور أسواق للبائعين وغياب أسواق للمشترين، حيث تصبح قوى السوق في أيدي عدد قليل من التحالفات نتيجة الاحتكار.
يحتمل أن تؤدي هذه التحالفات إلى فقدان المركز التنافسي للمؤسسات والصناعات الصغيرة والمتوسطة، وبالتالي تدهور فرص نمو وتطور هذه الصناعات.
يؤدي التحالف أو الشراكة إلى إنشاء كيانات كبرى تقلل من القدرة التنافسية للصناعات الوطنية في ظل إلغاء الحماية، هذا ما قد يؤدي إلى القضاء على الصناعات الوطنية.

المبحث الثاني: مفهوم السياسة الخارجية.

السياسة الخارجية مصطلح سياسي يعني كل ما يتعلق بعلاقات الدولة الخارجية، الدبلوماسية مع البلدان الأخرى، سواءً كانت مجاورة أو غير مجاورة.[1][2][3] وفي أغلب البلدان والأمم تهتم وزارة الخارجية بتنظيم هذه السياسة.هي احدى فعاليات الدولة التي تعمل من خلالها لتنفيد اهدافها في المجتمع الدولي وتعتبر الدولة الوحدة الاساسية في المجتمع الدولي وهي المؤهلة لممارسة السياسة الخارجية بما تملكه من سيادة وإمكانية مادية وعسكرية يعرفها بلاندوا ولتون انها منهج تخطيط للعمل يطوره صانعي القرار في الدولة تجاه الدول أو الوحدات الدولية الأخرى بهدف تحقيق اهداف محددة في اطار المصلحة الوطنية وهناك خمسة عوامل محددة للسياسة الخارجية قي أي دولة وهما الموقع الجغرافى وعدد السكان والموارد الطبيعية والقوة العسكرية والمعنوية وأخيرا النظام الداخلى للدولة

السياسة الخارجية هي ( مجموعة الاعمال التي يقوم بها جهاز متخصص لدولة لتسيير علاقاتها مع دول أخرى أو أطراف دولية أخرى) ويقصر ها البعض علي علاقاتها السياسية بين الدول .ونستنتج من ذلك هي جزء من السياسة العامة لهذه الدولة أو الشكل الذي تسير به دولة علاقاتها مع دول أخرى، فدراسة السياسة الخارجية تقتصر علي ظاهر القرار سياسي للدول الخاص بعلاقاتها الخارجية وتعاونها الدولي دون أن تشمل علاقات الدولية بكاملها صناعة السياسة الخارجية يقصد بصنع السياسة الخارجية تحويل الهدف العام للدولة إلى قرار محدد. و السياسة الخارجية للدولة هي من صنع أفراد وجماعات يمثلون الدولة ويعرفون بصناع القرارات. لذا فصناعة قرارات السياسة الخارجية يمكن أن تدرس في ضوء التفاعل بين متخذي أو صناع القرارات وبيئتهم الداخلية.

إن ما يميز قرارات السياسة الخارجية عن بقية القرارات هي أنها تخضع لتفاعل فريد من نوعه ألا وهو التفاعل بين البيئة الداخلية والخارجية وما يحتويه ذلك التفاعل من ضغوط مختلفة ومتعارضة.

وأن عملية صناعة القرار الخارجي تختلف من دولة إلى أخرى حسب تركيبة النظام السياسي للدولة. إلا أنه رغم هذا الاختلاف في النظم السياسية للدول فإن هناك أصولاً مشتركة في صنع السياسة الخارجية. فبغض النظر عن طبيعة النظام السياسي يشارك في صناعة القرار الخارجي عدد من الأجهزة الحكومية والتي عادة ما يكون لها مفاهيم ومواقف مختلفة. . . إلا انه خلال عملية صناعة القرار تقلل التناقضات بين الأجهزة المختلفة وتقرب وجهات النظر بقدر الإمكان. . .

عموماً يمكن أن نميز بين مجموعتين تساهمان في صنع السياسة الخارجية. المؤسسات الحكومية والمؤسسات غير الحكومية. المؤسسات الحكومية تتمثل بالسلطة التنفيذية وما يتبعها من أجهزة فرعية مثل الوزارات والمؤسسات العامة، وكذلك السلطة التشريعية وما تشمله من لجان مختلفة. أما المؤسسات غير الحكومية فهي تشمل الأحزاب السياسية، وجماعات المصالح، والإعلام، والرأي العام.

السياسة الخارجية بطبيعة الحال بيئة متجددة تواكب الأحداث والتفاعلات التي يشهدها النظام العالمي على المستويات السياسية، والاستراتيجية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية. عليه، يمكن القول بأن السياسة الخارجية للدول تتغير وتتكيف باستمرار مع التغييرات الخارجية والداخلية على حد سواء. وكلما تقاعست الدول في تكييف سياساتها الخارجية مع التغييرات البيئية المحيطة، كلما زادت الفجوة التي تفصلها عن العالم الخارجي، الأمر الذي يضفي سمة العزلة أو الشذوذ عما هو مألوف في إطار الجماعة الدولية.

وفى السياسة الخارجية على وجه التحديد فالتخطيط يمكن الدولة من توقع التطورات المستقبلية وتوفير الأدوات اللازمة للتعامل مع تلك التطورات ومن ثم فهو يقلل من حالة عدم اليقين التي تميز السياسة الخارجية بحيث لا يفاجأ صانع السياسة الخارجية بمواقف جديدة ليس مستعدا للتعامل معها. بالإضافة إلى أن سياسة الدول الخارجية تغدو قائمة على الفعل أكثر من رد الفعل وقد زادت أهمية تخطيط السياسة الخارجية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ذلك أن تطور العلاقات الدولية في تلك الفترة تميزت بظهور وتعاظم ظاهرة الاعتماد المتبادل وينصرف الاعتماد المتبادل إلى حالة من الترابط بين وحدات النسق الدولى تتميز بكثافة المعاملات بين وحدات النسق الدولى وتوازنها النسبى ويتسم الاعتماد المتبادل في النسق الدولى الراهن بعدة خصائص أساسية أهمها 1ـ زيادة عدد وتنوع قضايا السياسة الخارجية: ويقصد بذلك ظهور قضايا جديدة في أجندة السياسة الخارجية للدول، كقضايا الطاقة، والموارد البيئية، واستعمال الفضاء الخارجى والسكان، بحيث لم تعد تلك الأجندة مقصورة على قضايا الأمن العسكرى والصراع الإقليمى. 2 ـ تزايد الأهمية النسبية للقضايا الاقتصادية وتدهور الأهمية النسبية للقضايا العسكرية: فمن بين القضايا الجديدة التي ظهرت في أجندة السياسة الخارجية، أصبحت القضايا الاقتصادية تمثل القضايا المركزية في تلك الأجندة، مقابل ذلك، فقد تدهورت أهمية القضايا المتعلقة بالأمن العسكرى، ويرتبط بذلك أن القوة العسكرية لم تعد هي الأساس الوحيد أو حتى الرئيسى للقوة وإنما أصبحت القوة الاقتصادية وغيرها من أشكال القوة تشكل عناصر هامة في القوة السياسية فالدول المنتجة للبترول تمارس دورا كبيرا في العلاقات الدولية رغم أنها لا تتمتع بقوة عسكرية هامة كذلك، فمع تعدد وتشابك قضايا السياسة الخارجية ظهرت قضايا يصعب التعامل معها بالقوة العسكرية، كقضايا تلوث البيئة، والإرسال المباشر بالأقمار الصناعية أضف إلى ذلك أن توازن الرعب الدولى وتشابك القضايا والمصالح الدولية جعل من احتمال اللجوء إلى القوة العسكرية أمرا غير وارد في كثير من نواحى العلاقات الدولية ومن ثم، تدهورت أهمية القوة العسكرية كأداة لتنفيذ أهداف السياسة الخارجية بصفة عامة وبالمقابل زادت أهمية الأدوات الاقتصادية لتنفيذ أهداف السياسة الخارجية. 3 ـ تسييس السياسة الخارجية: فلم تعد السياسة الخارجية مجرد ظاهرة مرتبطة ـ بالسياسة العليا High Politics ومعزولة عن المؤثرات الاجتماعية المتباينة، وازداد اهتمام الجماعات الداخلية المختلفة بقضايا السياسة الخارجية، لأن تلك السياسة أصبحت تؤثر بشكل مباشر على مصالح تلك الجماعات بعبارة أخرى، أصبحت السياسة الخارجية جزءا لا يتجزأ من العملية السياسية التي تميز السياسات الأخرى في المجتمع. 4 ـ ظهور وحدات دولية جديدة: ذلك أنه نتيجة لتعدد وتشابك المشكلات الدولية الجديدة، ازدادت الحاجة إلى تسوية تلك المشكلات في إطار جماعى دولى، من خلال إيجاد أطر تنظيمية دولية، ومن ثم، فقد ازدادت أهمية التنظيمات الدولية وأدوات الدبلوماسية الجماعية كمورد من موارد السياسة الخارجية، من خلال توظيفها كمراكز للاتصال الدولى وتبادل المعلومات، كذلك، فقد ظهر دور التنظيمات الحكومية غير العاملة في ميدان السياسة الخارجية بشكل مباشر، كشركات الطيران، وغيرها، وذلك في مجال الاهتمام بالسياسة الخارجية والعمل في الميدان الدولى أدت الخصائص الراهنة لعملية الاعتماد المتبادل إلى تعقيد عملية صياغة السياسة الخارجية بدرجة غير مسبوقة، ومن ثم إلى ظهور الحاجة إلى تخطيط السياسة الخارجية، فقد ادى ظهور قضايا جديدة على أجهزة صنع السياسة الخارجية لمتابعة تلك القضايا ولتوفير الخبرات الفنية اللازمة للتعامل معها، والتعامل مع الأجهزة الحكومية الأخرى المهتمة بتلك القضايا كذلك أصبح على أجهزة صنع السياسة الخارجية أن تتعامل في بعض الأحيان مع القوى السياسية الداخلية للحصول على تأييدها للخيارات التي تدافع عنها تلك الأجهزة.

الفصل الثاني: تاريخ العلاقات الامريكية – الروسية 1900-2015

لقد قسم الباحثين والمتخصصين في تاريخ العلاقات الأمريكية إلى مراحل عدة وكانت كل مرحلة تعكس نمطاً من العلاقات بين البلدين تبعاً لتضارب أو توافق المصالح السياسية خلال المدة الزمنية من 1900 – 2021.

بداية بتاريخ العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة في القرنين 18 و19

بدأ التجار الروس منذ اواسط القرن السابع عشر بممارسة التجارة بنشاط في أراضي أمريكا الشمالية وفي جزر المحيط الهادئ وشبه جزيرة ألاسكا وفي أراضي ولايات كاليفورنيا واوريغون وواشنطن الحالية، واسسوا مراكز سكنية ومدنا خاصة بهم اطلقت عليها تسمية ” أمريكا الروسية”. وفي عام 1799 شيد الكسندر بارانوف رئيس الجاليات الروسية في أمريكا حصنا على جزيرة ارخبيل الكسندر وبنى إلى جانبه مدينة نوفوارخانغلسك (مدينة سيتكا حاليا) التي أصبحت في عام 1808 عاصمة المستوطنات الروسية في القارة الأمريكية.

جرى أول اتصال روسي – أمريكي على ارفع مستوى حين التقى القيصر بطرس الأكبر مع وليام بين مؤسس المستوطنة البريطانية بنسلفانيا في أمريكا في عام 1698 والذي يعتبر في الواقع أحد مؤسسي الدولة التي أصبحت فيما بعد الولايات المتحدة الأمريكية. وناقش الارستقراطي البريطاني مع القيصر الروسي فكرة نظام الدولة العادل.

وفي الواقع ساعدت روسيا على أن تكسب الولايات المتحدة الاستقلال حين رفضت تقديم المعونة العسكرية إلى بريطانيا من اجل إخماد الانتفاضة التي اندلعت في عام 1775 في 13 مستعمرة بريطانية في أمريكا واعلنت روسيا حيادها لاحقا.

وجرى تبادل السفراء بين الدولتين في عام 1809. وكان الشاغل الرئيسي للسفراء هو معالجة القضايا المتعلقة بالاساكا والممتلكات الروسية الأخرى في أمريكا والتي تم بيعها في عام 1867 إلى الولايات المتحدة. وفي الفترة من 1842 إلى 1851 كان المهندسون الأمريكيون المستشارين الرئيسيين لمد طريق السكك الحديدية بين موسكو وبطرسبورغ. وشارك الخبراء الأمريكيون في مد أولى خطوط التلغراف في روسيا.

وفي عام 1900 افتتحت الشركة الشرقية-الآسيوية الروسية خط الملاحة لنقل الركاب المنتظم مع القارة الأمريكية، وكانت بواخر هذه الشركة تقوم برحلات في كل 10 ايام في ” خط الملاحة الروسي – الأمريكي”.

وفي أثناء الحرب العالمية الأولى التي بدأت في عام 1914 دعمت الولايات المتحدة بلدان انتانتا – تكتل البلدان الذي ضم روسيا أيضا. وبعد قيام ثورة عام 1917 في روسيا رفضت الدولة الأمريكية الشمالية الاعتراف بحكومة البلاشفة التي استولت على السلطة وقدمت الدعم إلى الجيش الأبيض الذي حارب السلطة الجديدة بتزويده بالمال والمواد الغذائية. وفي اعوام 1918–1920 شاركت القوات الأمريكية سوية مع قوات بريطانيا وفرنسا واليابان في التدخل العسكري في شرق وشمال روسيا.

المرحلة الأولى: العلاقات الامريكية – السوفياتية في بداية القرن 20م

لقد اتخذت الولايات المتحدة موقفا عدائيا من الاتحاد السوفيتي منذ بداية نشؤ دولته، وتجلى ذلك عندما أرسلت دول الحلفاء في الحرب العالمية الأولى قوات لمساعدة الثوار ضد البلاشفة في عام 1918. وشاركت اليابان والولايات المتحدة في جبهة سيبيريا لمساعدة الحكومة التي أسسها ألكسندر كولشاك وهو عسكري سوفييتي من أبرز قادة المعارضة ضد حكم البلشفي، وتمكن من إقامة حكومة في سيبيريا الا انه انهزم على يد الجيش الأحمر وحكم عليه بالإعدام عام 1920.

ويمكن تلخيص أسباب الصراع والعداء بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي في النقاط التالية

1/ لقد أدت ثورة 1917 م الى بروز دولة جديدة هي الاتحاد السوفييتي: اول دولة عمالية اشتراكية في العالم تطمح الى بناء نظام اشتراكي بديل للنظام الرأسمالي المهيمن أنداك، ومنذ تلك الفترة ظهر انقسام واضح بين الشرق والغرب بسبب وجود تناقضات جوهرية في المصالح الاستراتيجية والأيديولوجية بين الدول الرأسمالية والدول الاشتراكية.

2/ كانت الولايات المتحدة تخشى من الطبيعة التوسعية للأيديولوجية الشيوعية وان هذه الأيديولوجية هي في طبيعتها ثورية ومعادية للرأسمالية، ولها رغبة في تحويل العالم الى عالم غير طبقي. وذلك من خلال نشر الأفكار الشيوعية عن طريق الأحزاب السياسية الشيوعية في العالم والتي يساندها الاتحاد السوفييتي معنويا وماديا.

3/ اعتبار الاتحاد السوفييتي أمريكا خطر على مصالحه واستراتيجيته التوسعية باعتبار ان النظام الذي تمثله أمريكا هو نظام عدواني استغلالي للطبقات العاملة وللفئات الضعيفة والهدف هو كسب الثورة بكل الوسائل. (1)

المرحلة الثانية: العلاقات الامريكية – السوفياتية ابان الحرب العالمية الثانية 1939-1945

بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية عام 1939 دخل الاتحاد السوفييتي الحرب منذ 1941م الى جانب الحلفاء وقد شكل هذا التحالف نقطة تحول مهمة أدت الى هزيمة ألمانيا النازية.

ونظرا لكون المانيا تشكل خطر مشتركا، فكان لابد أن يكونوا واقعيين و براغماتيين و قرروا التعاون و التقارب و تنسيق الجهود من اجل هزيمة هتلر، و يرجع أسباب التقارب الأمريكي السوفييتي الى مجموعة من الأسباب:

(1) ايناس سعدي عبد الله، السياسية الامريكية تجاه الاتحاد السوفييتي و دورها في مواجهة المد الشيوعي في أروبا 1945-1950، (بغداد:أشوردبانيبال للكتاب الالكتروني ،ط.1، 2013) ص ص 8-11.

1/ وجود مصالح مشتركة وهي هزيمة المانيا.

2/ إدراك كبار السياسيين الامريكان وفي مقدمتهم الرئيس الأمريكي روزفلت المزايا الجغرافية والاستراتيجية التي يتمتع بها الاتحاد السوفييتي والتي تكون نهمة لضرب الالمان

3/ تخوف أمريكا من سقوط الاتحاد السوفييتي على يد الجيش الألماني مما سيساهم في حصولهم على ثروات كثيرة من جهة واضعاف الحلفاء من جهة أخرى. ولهذا دعمت أمريكا الاتحاد السوفييتي بمساعدات عسكرية ومالية قدرت ب 11 مليار دولار ابان الهجوم على بيل هاربر.

كانت الولايات المتحدة في مطلع الثلاثينيات من القرن العشرين الدولة الكبرى الوحيدة التي لم تعترف بالاتحاد السوفيتي حيث كانت تطلب كشرط مسبق لذلك تسديد جميع الديون وتعويض ارباب الأعمال الأمريكيين عن الاضرار التي لحقتهم بنتيجة مصادرة ممتلكاتهم بعد الثورة.ومع ذلك فأن الاهتمام المتبادل في تنسيق افعال البلدين بسبب توسع العدوان الياباني في الشرق الأقصى قد أدى إلى إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة في عام 1933.

لكن التعاون الاقتصادي السوفيتي – الأمريكي بدأ تطوره منذ عام 1920 بالرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية بين البلدين.

وقام بوظائف المبعوث السوفيتي والممثل التجاري الفعلي في أمريكا لودفيغ مارتينس الذي أسس ” شركة المساعدات الفنية إلى روسيا السوفيتية “. وفي عام 1923 أصبحت الشركة الأمريكية المتحدة “الاميريكو” الممثل التجاري الرئيسي للاتحاد السوفيتي في الولايات المتحدة الأمريكية.

وقام رجل الأعمال الأمريكي ارمان هامر بتوريد القمح إلى الاتحاد السوفيتي مقابل الفرو والكافيار الأسود والنفائس الفنية والمجوهرات. وفي عام 1926 جرى بمبادرة منه بناء معمل لصنع الأقلام الرصاص في الاتحاد السوفيتي. وفي الفترة اللاحقة جرى في الاتحاد السوفيتي بمشاركته شخصيا بناء مصنع لإنتاج الامونيا (عام 1979) وكذلك مد خط انابيب نقل الامونيا” تولياتي- اوديسا”. وفي عام 1922 قام هامر بدور ممثل شركة ” فورد” في موسكو. علما ان الشركات التي كانت تتعاطى تسويق سيارات الشركة كانت موجودة في روسيا قبل الثورة. واشترت الحكومة السوفيتية كمية كبيرة من شاحنات وجرارات الشركة وتلقى الاختصاصيون السوفيت التدريب في مصنع هنري فورد. وشيد بمساعدة خبراء مصنع ” فورد” في ضواحي مدينة نيجني – نوفغورود أول مصنع للسيارات في الاتحاد السوفيتي وهو مصنع تجميع السيارات رقم 1 الذي تحول فيما بعد إلى المصنع العملاق “غاز”.

وفي عام 1930 احتل الاتحاد السوفيتي المرتبة الأولى ومن ثم في عام 1931 المرتبة الأولى في استيراد السيارت والمعدات من الولايات المتحدة. لكن واشنطن فرضت القيود المجحفة على الصادرات إلى الاتحاد السوفيتي بعد أن اتهمته بالتدخل في شئونها الداخلية. وجرى في الولايات المتحدة أيضا شن حملة ضد الحركة الشيوعية والاشتراكية وفرض الحظر على نشاط المنظمات اليسارية وابعد من البلاد الأشخاص الذين اعتبرتهم السلطات من ذوي الخطر عليها.

المرحلة الثالثة: العلاقات الامريكية – السوفياتية ابان فترة الحرب الباردة

أ/ مرحلة المواجهة 1945-1953

1/ في عام 1945 انتهت الحرب العالمية الثانية لتأخذ العلاقات الدولية منحنى جديد في تاريخها ويبدو أن قادة الولايات المتحدة على الأقل كانوا وقبل نهاية الحرب يرون إن المهمة القادمة كانت تتطلب إخضاع الاتحاد السوفيتي وفي اقل تقدير إضعاف نفوذه القادم في أوربا ويتضح ذلك جليا في ما قاله العالم النووي الأميركي “لي زيلارد” في مذكراته التي نشرها بعنوان: «التاريخ الشخصي للقنبلة النووية”، أن وزير الخارجية الأمريكي بيرنز اجتمع به في البيت الأبيض وأن بيرنز كان يؤكد على أن “امتلاكنا للقنبلة (الذرية) وإظهار فعاليتها سوف يجعل الاتحاد السوفيتي أكثر طواعية في أوروبا.

2/ لقد تميزت سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية ومنذ عهد الرئيس ترومان بتوجه جديد يحدد معالم السياسة الخارجية الأميركية في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية. وكان هذا التوجه قائماً على تدخل الولايات المتحدة في شؤون العالم بهدف احتواء انتشار الشيوعية في العالم وبالقوة إذا اقتضى الأمر. إذ قال: «يجب على كل دولة في المرحلة الراهنة من التاريخ البشري أن تختار نمطها من بين أنماط الحياة”. وقال كذلك: «من بين أنماط الحياة الموجودة، نمط يقوم على رغبة الأغلبية، ويتميز بوجود مؤسسات حرة”. و”أما نمط الحياة الثاني، فيقوم على رغبة أقلية تفرض على الأغلبية بالقوة وتقوم على الترهيب والقمع”. وبعد ذلك، مضى ترومان إلى الإعلان عن الأسس الجديدة للسياسة الخارجية الأميركية، أو ما عرف لاحقاً بـ «مبدأ ترومان.”

3/ لقد تميزت هذه المرحلة بعدة صراعات داخل أوروبا كان أهمها الصراع الشديد لاقتسام قارة أوربا، إذ انقسمت ألمانيا إلى جمهورية ألمانيا الديمقراطية والتي كانت تدعم من قبل السوفييت وجمهورية ألمانيا الاتحادية والتي كانت تدعم من الولايات المتحدة ورفض كل من الطرفين الاعتراف بالأخر، فقد كان انقسام ألمانيا بادرة أولى نحو انقسام أوربا بين الكتلتين المتصارعتين. فضلا عن ظهور عدد من الاضطرابات في تركيا نتيجة مطالبة الاتحاد السوفييتي من تركيا بتصحيح الحدود الشرقية وإعادة ولايتي قارص وأردهان إلى الاتحاد السوفييتي وكذلك تعديل معاهدة (مونترو) ونظام حماية المضايق البحرية التركية.

4/ على الرغم من أن أوربا كانت آنذاك الجبهة السياسية للصراع بين الشرق والغرب، ولكن الأزمات التي بدأت بالعلاقات الأمريكية-السوفييتية تقترب بها لم تؤدِ إلى المجابهة العسكرية المباشرة بينهما وإنما أدت إلى سلوك تميز بالمرونة المتبادلة وهذا مما ساعد على تصعيد احتمالات الحرب النووية.

 5/ ظهر في هذه المرحلة مجموعة من الأحلاف الدولية إلي أعلنها كلٌ من الطرفين، إذ أعلنت الولايات المتحدة إنشاء مجموعة من الأحلاف الدولية التي ربطت موجبها مجموعة الدول الغربية وكان من أهم هذه الأحلاف حلف الناتو 1949.وكما أعلن الاتحاد السوفييتي مجموعة من الأحلاف ربطت الكتلة الشرقية بعدد من الأحلاف أهمها حلف وارسو 1953.

ب/ مرحلة التعايش السلمي 1956 –1969

شهدت العلاقات السوفيتية الأمريكية هدوء نسبيا في بداية هذه المرحلة ولاسيما في منتصف عام 1958، وقد ظهرت بوادر التعاون التجاري بعد أن أدرك الطرفان إن كلا الدولتين تمتلكان قوة اقتصادية كبيرة وتظهر بوادر التفاهم في الرسائل المتبادلة بين رئيس الوزراء السوفيتي خرشوف والرئيس الأمريكي إيزنهاور الا ان الامر لم يدم طويلا بسبب عدة قضايا عكرت العلاقات بين البلدين مثل

اسقاط طائرات تجسس والتي قامت بمهام جوسسة من 1956-1958. فقد أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية طائرات الاستطلاع والتجسس الاستراتيجي الاستطلاعية فوق الأراضي السوفيتية على الارتفاعات العالية جدا. وأزمة الصواريخ الكوبية عام .1962.

في حقبة الستينيات حدوث تصدعات وانقسامات داخلية خطيرة ضمن كل من المعسكرين ففي الشرق الاشتراكي برز الخلاف السوفييتي-الصيني الذي فرق وحدة الشرق وأنهى تفرد الاتحاد السوفييتي بزعامة الشرق وكما شهد الغرب الرأسمالي انقساما خطيراً تمثل بخروج فرنسا على الإدارة الأمريكية وانسحابها من القيادة العسكرية لحلف الشمال الأطلسي ودعوتها لاستقلال أوربا من الهيمنة الأمريكية. إن هذه الانقسامات التي ميزت مدة الستينيات دفعت كلاً من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي إلى إجراء مراجعة شاملة والقيام بتقييم لمعرفة حجم المكاسب والخسائر التي حصلت خلال السنوات منذ نهاية الحرب العالمية الثانية واتضح للاتحاد السوفييتي أنه استطاع أن يحافظ على مد نفوذه في أوربا الشرقية وأصبح له تأثير في معظم حركات التحرر في دول العالم الثالث، وكما حقق الاتحاد السوفييتي أكبر الانجازات عندما أطلق أول صاروخ عابرة لل قارات1957، وإرسال مركبة سبوتنيك إلى الفضاء عام 1957.

أما الولايات المتحدة فقد لاحظت بأنها أصبحت الدولة النووية الأولى في العالم، وكما تمتلك أعظم قوة اقتصادية دون منازع، إذ تحول الاقتصاد الأمريكي خلال هذه السنوات إلى اقتصاد كوني قادر على تعزيز هيمنة الولايات المتحدة السياسية والدبلوماسية على العالم المعاصر.

كان برنارد باروخ مستشار رئيس الولايات المتحدة هو الذي استخدم لاول مرة يوم 16 أبريل / نيسان عام 1947 مصطلح “الحرب الباردة ” الذي كان يعني المجابهة العالمية والجيوسياسية والاقتصادية والايديولوجية بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة والاتحاد السوفيتي وحلفائه من جهة أخرى، ويرى الكثير من المؤرخين ان خطاب ونستون تشرشل المشهور – علما انه لم يكن يشغل حينذاك منصب رئيس الوزراء البريطاني – الذي القاه بمدينة فولتن بولاية ميسوري الأمريكية والذي طرح فيه فكرة تشكيل حلف عسكري للدول الانجلوسكسونية بهدف مكافحة الشيوعية العالمية يعتبر البداية الشكلية للحرب الباردة.

وبدأت المجابهة في منتصف الاربعينات من القرن الماضي وانتهت بتفكك الاتحاد السوفيتي في مطلع التسعينات.

وقد اثبت كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي مجالين لنفوذهما بتشكيل الكتلتين السياسيتين العسكريتين، وهما حلف شمال الأطلسي أو الناتو الذي تم تشكيله عام 1949 ومنظمة معاهدة وارسو (1955–1991).

ظهرت أول تناقضات بين الحلفاء في التحالف المضاد لهتلر في أعقاب الحرب العالمية الثانية حين خرج الاتحاد السوفيتي من عملية المباحثات لدعمه فكرة وحدة ألمانيا. فيما خشيت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا توسع النفوذ السوفيتي على دول أوروبا، وقامت بدمج مناطق الاحتلال الثلاث في إلمانيا ضمن منطقة واحدة ودعت إلى اجراء الانتخابات هناك وتشكيل حكومة. وفي عام 1949 تم اعتماد الدستور في تلك المناطق. هكذا نشأت جمهورية ألمانيا الاتحادية. وبعد مضي فترة قصيرة تم إعلان جمهورية ألمانيا الديموقراطية في منطقة الاحتلال السوفيتية. ومنذ ذلك الحين أصبحت أرض البلاد المقسمة حلبة للمواجهة بين المصالح والاستخبارات. ثمة واقعة تعتبر أكثر إثارة، وهي حفر نفق تحت أرض برلين المقسمة إلى القسمين السوفيتي والغربي في عام 1953 من قبل عملاء وكالة المخابلرات المركزية الأمريكية وشركائهم من جهازالاستخبارات البريطانية “مي -6”. وذلك بغية التصنت على الاتصال الهاتفي العسكري السوفيتي. لكن المخابرات السوفيتية (كي جي بي) حصلت على معلومات تكشف عن هذا المشروع، وبدأت بتزويد زملائها الغربيين بمعلومات مزيفة. وفي عام 1956 عقدت السلطات السوفيتية مؤتمرا صحفيا كشفت فيه هذه الفضيحة.

أدت الاختلافات الايديولوجية بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بقليل إلى حدوث مواجهة حقيقية حيث تنامى الوزن السياسي للأتحاد السوفيتي وظهر عدد كبير من الدول السائرة في النهج الاشتراكي في أوروبا الشرقية ومن ثم في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية مما أدى إلى تنامي المخاوف في البلدان الغربية (ولاسيما في الولايات المتحدة وبريطانيا). وبدأت في الولايات المتحدة نفسها هستيريا معاداة الشيوعية أي ما يسمى ” صيد الأشباح”. لكن لم تحدث عمليات عسكرية رسميا بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة. فيما أصبحت النزاعات المسلحة التي اندلعت في العالم أجمع ميدانا للمواجهة بين الدولتين. وفي أثناء الحرب في شبه جزيرة كوريا في اعوام 1950–1953 قدم الاتحاد السوفيتي المساعدة العسكرية إلى كوريا الشمالية بينما قدمت الولايات المتحدة مساعدتها إلى كوريا الجنوبية.الأمر الذي أدى فيما بعد إلى انقسام البلاد على أساس ايديولوجي والذي لا يزال قائما لحد الآن. ووجدت الولايات المتحدة نفسها بدعمها لحكومة جنوب فيتنام منجرة إلى الحرب الأهلية في هذه البلاد الآسيوية. وكان الاتحاد السوفيتي يقدم المساعدة إلى فيتنام الشمالية التي دعمت بدورها حركة المقاومة في جنوب البلاد التي كانت تواجه الدكتاتورية والاحتلال الأجنبي.

أصبحت الحروب العربية الإسرائيلية أيضاً مجالا للصراع بين الأسلحة السوفيتية والأمريكية الصنع. وكان الاتحاد السوفيتي يرسل اسلحته إلى الدول العربية ويقوم باعداد الخبراء العسكريين. اما الولايات المتحدة فكانت تمارس السياسة نفسها حيال إسرائيل.

وكان التنافس المستمر بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة يتسبب أحيانا في تغير في توجهات بعض الدول العربية. وعلى سبيل المثال بدأت مصر بممارسة سياسة الانفتاح بعد الحصول على تعهدات أمريكية بتقديم المساعدة لها. وأدت هذه السياسة إلى انسحاب المستشارين والخبراء السوفيت من هذا البلد في منتصف السبعينات. ثمة مثال آخر. فان العراق الذي كان مقرا لمنظمة المعاهدة المركزية المبنية على أساس حلف بغداد صار يميل إلى التقارب مع الاتحاد السوفيتي بعد قيام ثورة عام 1958 وخروج البلاد من الحلف عام 1959.

أهم ما اتصفت به الحرب الباردة هو سباق التسلح. وبحلول عام 1945 صنعت الولايات المتحدة السلاح النووي. فيما حصل عليه الاتحاد السوفيتي في عام 1949 فقط. وبات الجيشان الأمريكي والسوفيتي يمتلكان السلاح النووي الحراري في عامي 1952 و1953. كانت كلتا الدولتين تنفقان أموالا طائلة على الصناعة الحربية. وكان يمكن أن تتحول الحرب العالمية الثالثة إلى واقع.

وأصبحت أزمة الكاريبي عام 1962 من أكثر الاحداث شهرة حيث كان العالم على وشك وقوع كارثة. وسبقت الازمة واقعتان. اولهما هي ثورة عام 1959 في كوبا والتي اوصلت إلى الحكم نظام بدأ يتقارب بعد فترة مع الاتحاد السوفيتي، وثانيهما نشر الولايات المتحدة الصواريخ المتوسطة المدى في تركيا، الأمر الذي شكل خطرا مباشرا على المدن الواقعة في غرب الاتحاد السوفيتي، بما فيها موسكو والمراكز الصناعية الكبرى.

وبدأت الازمة في 14 أكتوبر/تشرين عام 1962 حين اكتشفت طائرة استطلاع أمريكية في كوبا الصواريخ المتوسطة المدى السوفيتية الصنع من طراز “ار-12″ و”ار-14”. وفي 22 أكتوبر/تشرين الأول توجه الرئيس الأمريكي جون كنيدي إلى الشعب واعلن وجود السلاح الهجومي السوفيتي في كوبا، مما اسفر عن وقوع ذعر بين سكان الولايات المتحدة. وقامت الولايات المتحدة بفرض الحصار على كوبا. وكانت تناقش آنذاك احتمالات القصف المكثف لهذه البلاد. لم تثر الإنذارات الأخيرة التي وجهتها الولايات المتحدة الا استياء الاتحاد السوفيتي. الأمر الذي اوصل العالم إلى شفير الحرب العالمية الثالثة. وعلى الرغم من أن الجانبين وجدا أخيراً حلاً وسطاً وافق الاتحاد السوفيتي بموجبه على سحب الصواريخ من كوبا مقابل سحب الصواريخ الأمريكية من تركيا، بينت ازمة الكاريبي التي استمرت 38 يوما، الحد الذي يمكن أن تصل اليه البشرية للقضاء على نفسها. وغدا انفراج الازمة منعطفا في تاريخ الحرب الباردة وبداية للانفراج الدولي.

ج/ مرحلة الوفاق الدولي 1969 – 1976.

بعد انتهاء أزمة الصواريخ الكوبية أخذ كل من الطرفين بتحسين علاقاتهما واكتشاف آفاق التفاهم فيما بينهما ولقد بدأ التوجه يتبلور في شكل سياسات ملموسة مع إقدام فرنسا على اتخاذ خطوات جريئة لتحسين علاقاتها مع الاتحاد السوفييتي ورغبتها في الانفتاح على دول الشرق وكما حرصت ألمانيا على إتباع خطوات فرنسا وأعلنت عن سياسة خارجية جديدة عرفت باستراتيجية (الانفتاح على الشرق) وارتبطت هذه السياسة الجديدة باسم المستشار الألماني (ويلي براندت).

وتنفيذاً لسياسة التعايش السلمي عقدت قمة موسكو 1972 بين بيرجينيف رئيس الاتحاد السوفييتي ونيكسون رئيس الولايات المتحدة، وأعلن نيكسون ومستشاره هنري كيسنجر مبادئ سياسة التعايش السلمي وهي:

1.أن تعارض محاولة قيام أي بلد لتحقيق موقع السيطرة عالمياً أو إقليمياً.

2.أن تقاوم أية محاولة لاستغلال سياسة الانفراج لإضعاف تحالفاتها.

3.سنقوم بالرد إذا كان تحقيق التوترات قد أستخدم كغطاء لإشعال النزعات في مناطق المشاكل العالمية.

لقد تراجعت الحرب الباردة تدريجياُ أمام الانفراج بين الشرق والغرب نتيجة ظهور العديد من المستجدات أهمها:

1/. حدوث تغيرات داخلية هامة في الاتحاد السوفييتي بعد وفاة ستالين.

2/. تزايد كميات الأسلحة النووية وتزايد مخاطر اندلاع حرب نووية عابرة.

3/. تصاعد نفقات سباق التسلح والحاجة المعيشية والاقتصادية لوضع حد لهذا الإنفاق العسكري المرهق.

4/. حاجة الاتحاد السوفيتي إلى الحصول على التقنية من الغرب لإنجاز وإكمال التنمية والتحديث الاقتصادي.

5/. اكتشاف الولايات المتحدة فشل سياسة الاحتواء وفشل سياسة المواجهة مع الاتحاد السوفييتي ورغبتها في التأثير في السلوك السوفييتي من خلال التعامل معه.

6/. بروز الصين كدولة فاعلة ورغبة الاتحاد السوفييتي في وضع حد للتقارب الأمريكي-الصيني.

وتم عقد المؤتمر الثاني عام 1973، ثم عقد المؤتمر الثالث 1975 على مستوى رؤساء الدول حضرته (33 دولة) ووقعت هذه الدول على الوثيقة النهائية التي عرفت بــ (وثيقة هلسنكي)، وتضمنت هذه الوثيقة على عدة مبادئ منها:

1.الامتناع عن استخدام القوة أو التهديد باستخدام القوة بين الشرق والغرب والتعهد بحل المنازعات بينهما بالطرق السلمية.

2.التعهد بعدم انتهاك الحدود الإقليمية القائمة في أوربا أو التعديل فيهاو الاعتراف بشرعية الوضع الجغرافي القائم.

3.التعهد بعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سيادة كل دولة.

4.وجوب احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية.

5.توسيع وتعميق التعاون الاقتصادي والعلمي والفني بين الشرق والغرب.

6.تعزيز روابط الاتصال بين الشرق والغرب.

7.التعهد بإزالة أسباب سوء التفاهم والتقليل من أخطار النزاعات المسلحة في القارة الأوربية والعمل على تخفيض حجم القوات المسلحة المتواجدة في أوربا.

ج/ المرحلة الرابعة: انتكاسة الوفاق 1976 –1985.

بعد تولي (رونالد ريغان) رئاسة الولايات المتحدة استخدم سياسة الترهيب للسوفييت واستنزاف قدراتهم الاقتصادية في سباق التسلح، وإطلاق مبدأ عسكرة الفضاء أو مبادرة الدفاع الاستراتيجي (SDI)،كان هذا بداية لانجرار السوفييت وراء الولايات المتحدة لتصفية المشاكل العالمية التي كان لكلا الطرفين يد فيها لذلك اعتمدت سياسة ريغان على تقوية القوة العسكرية والبناء العسكري الذي يجب أن تكون له الأولوية المطلقة وإن اتفاقيات الحد من التسلح لم يستفد منها إلا الاتحاد السوفييتي وان هذا البناء سينتج عدداً من الحلول للتحديات الخارجية التي تواجهها الولايات المتحدة الأمريكية، وهي:

1.سيمكنها من التفاوض من موقع القوة.

2.سيجبر موسكو على التفاوض حول اتفاقيات نزع السلاح بشروط أقل.

من جانب أخر عندما زحفت القوات السوفيتية على الأراضي الأفغانية في مطلع عام 1980م كان الهاجس الأهم والرئيسي الذي كان يشغل القيادة السوفيتية في ذلك الوقت هو تصور مفاده إن القيادة الأفغانية سوف تنصرف إلى العالم الغربي وإلى الولايات المتحدة الأمريكية إذا لم تجد مساعدة من الجيش الأحمر السوفيتي ولذلك رأت القيادة السوفيتية في ذلك الوقت إن التدخل في أفغانستان هو الذي سوف يوقف الوجود الأمريكي في هذا الجزء من العالم.ويشير البعض إن من أسباب التدخل السوفيتي في أفغانستان هو رغبة الاتحاد السوفييتي في ترجمة تقدمه العسكري إلى نفوذ وقوة سياسية في الساحة الدولية.

جرت أول زيارة رسمية في تاريخ العلاقات السوفيتية الأمريكية قام بها نيكيتا خروشوف زعيم الحزب الشيوعي السوفيتي ورئيس الحكومة السوفيتية إلى الولايات المتحدة في 15 – 27 سبتمبر 1959 وتزامنت مع انعقاد دورة الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة.

والتقى خروشوف عدة مرات في أثناء هذه الزيارة بدوايت أيزنهاور رئيس الولايات المتحدة. وأعلن الجانبان في بيانهما المشترك الصادر في 28 سبتمبر/ايلول ضرورة حل المسائل المتنازع عليها خلف طاولة المباحثات وبطرق سلمية ودون استخدام القوة. اما محاولة الوفد السوفيتي مناقشة موضوع الاقتراحات الخاصة بنزع السلاح الشامل التي طرحها نيكيتا خروشوف في خطابه بالجمعية العامة للامم المتحدة يوم 18 سبتمر/ايلول فقبلها الجانب الأمريكي بنوع من البرودة. وأصبحت القضية الألمانية حجر عثرة في المباحثات. ودعا الاتحاد السوفيتي إلى توقيع اتفاقية سلام بين جمهورية ألمانيا الاتحادية وجمهورية ألمانيا الديموقراطية. لكن في حال توقيع مثل هذه المعاهدة مع ألمانيا الشرقية كان من الضروري طرح مشكلة الوضع القانوني لبرلين الغربية بصفتها جيبا داخل ألمانيا الشرقية ومنطقة محتلة من قبل القوات الغربية، الأمر الذي كان يمكن أن يؤدى إلى وقوع نزاع بسبب ان المعاهدة المفترضة كان من شأنها ان تقضي بحصار برلين الغربية. ولذلك تم تأجيل النظر في هذه المسألة. وتقرر عقد قمة بهذا الخصوص في 16 مايو 1960. لكن في 1 مايو 1960 تم إسقاط طائرة تجسس أمريكية في اجواء مدينة سڤردلوڤسك (يكاترينبورگ حالياً) السوفيتية، مما أدى إلى إفشال القمة.

إلى جانب مناقشة المسائل السياسية أبدى خروشوف أثناء زيارته للولايات المتحدة اهتماما بنجاحات الاقتصاد الأمريكي حيث زار عشرات الشركات والمزارع الأمريكية، بينها مزرعة الذرة التي أثارت داعجاب الزعيم السوفيتي. الذي باشر بعد عودته إلى الوطن بترويج خبرة زراعة الذرة. فطرح شعار ” الذرة هي ملكة الحقول الروسية”.

وفي أكتوبر/تشرين الأول عام 1960 زار خروشوف الولايات المتحدة مرة ثانية بصفة رئيس الوفد السوفيتي إلى الجمعية العامة للامم المتحدة. وتضمن خطابه في الأمم المتحدة دعوات إلى نزع السلاح الشامل والقضاء الفوري على الاستعمار وقبول الصين في هيئة الأمم المتحدة. وتميزت هذه الدورة للجمعية العامة بان خروشوف نزع فردة حذاءه وبدأ يطرق الطاولة بها للتعبير عن عدم موافقته على كلام أحد الخطباء.

وفي يونيو/حزيران عام 1961 التقى خروشوف بالرئيس الأمريكي جون كنيدي وعاد يطرح مطالبه تجاه برلين. وصارت السياسة الخارجية السوفيتية تتصف بالشدة طيلة صيف عام 1961. وتمخض اشتداد السياسة هذا عن خرق الاتحاد السوفيتي لحظر تجارب السلاح النووي الذي كان قد اعلنه منذ 3 سنوات فاجرى سلسلة من التفجيرات النووية.

كان ريتشارد نيكسون أول رئيس للولايات المتحدة في تاريخ العلاقات الثنائية قام بزيارة رسمية إلى الاتحاد السوفيتي. وجرت الزيارة في 22- 30 مايو/آيار عام 1972. ووقع رئيس الولايات المتحدة خلال لقائه بليونيد بريجنيف الامين العام للحزب الشيوعي السوفيتي عددا من وثائق التعاون الثنائي وبصورة خاصة معاهدة الحد من نشر منظومات الدرع الصاروخية والاتفاقية المؤقتة الخاصة ببعض الإجراءات في مجال الحد من الأسلحة الإستراتيجية الهجومية، وكذلك اسس العلاقات المتبادلة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، ناهيك عن تحديد بعض التدابير الرامية إلى تطوير التجارة وغيرها من العلاقات الاقتصادية.

هذا وقام ليونيد بريجنيف الامين العام للحزب الشيوعي السوفيتي في يوليو/ تموزعام 1973 بزيارة واشنطن حيث تم توقيع عدد من الاتفاقيات الجديدة. لكن في أكتوبر/تشرين الأول شهدت العلاقات السوفيتية الأمريكية مزيدا من المشاكل من جراء نشوب الحرب (حرب أكتوبر 1973) بين إسرائيل والدول العربية. وتلقى نيكسون معلومات عن احتمال تدخل الاتحاد السوفيتي في الحرب. فاصدر امرا بوضع الوحدات الأمريكية الإستراتيجية والتكتيكية في حالة التأهب. وتمت تسوية الازمة بعد توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار بين الدول العربية وإسرائيل.

وبعد استقالة نيكسون تمسك الرئيس الأمريكي الجديد جيرالد فورد بنهج الانفراج. وقام الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة في عام 1975 بتحقيق البرنامج الفضائي المشترك “سيوز – ابولو”. وفي مايو/آيار عام 1976 وقعت في واشنطن اتفاقية التجارب النووية تحت الأرضية المحققة للأغراض السلمية.

هذا والتقى جيرالد فورد بليونيد بريجنيف مرتين، وذلك في مدينة فلاديفوستوك الروسية عام 1974 حيث تم التنسيق في كافة القيود الناجمة عن معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجة وفي مدينة هلسنكي عام 1975 حيث تم توقيع اتفاقية الامن والتعاون في أوروبا. واثارت سياسة الانفراج نقدا لاذعا من قبل الجناح اليميني للحزب الجمهوري الأمريكي الذي اتهم فورد بانه ثبت في واقع الأمر هيمنة الاتحاد السوفيتي على أوروبا الشرقية، الأمر الذي تسبب في وقوع موجة برودة في العلاقات السوفيتية الأمريكية وخاصة بعد بدء الحرب في أفغانستان.

“بيرسترويكا” (إعادة البناء) للعلاقات السوفيتية الأمريكية

عند صعود الامين العام الجديد للحزب الشيوعي السوفيتي ميخائيل غورباتشوف إلى السلطة في الكرملن وإعلانه نهج الـ”بيرسترويكا” اكتسبت السياسة الخارجية للاتحاد السوفيتي ملامح الانفتاح الأكثر والتوجه نحو إقامة التعاون مع دول العالم الأخرى.

في 19-21 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1985 عقد في جنيف لقاء غورباتشوف بالرئيس الأمريكي رونالد ريغان. ونوقشت أثناء القمة المسائل الرئيسية للعلاقات السوفيتية الأمريكية والوضع الدولي الراهن.

والتقى ميخائيل غورباتشوف بصفته أول رئيس للاتحاد السوفيتي تم انتخابه في مارس/آذار عام 1990 برئيس الولايات المتحدة جورج بوش الأب خلال زيارة الدولة التي قام بها إلى الولايات المتحدة في 30 مايو/آيار – 5 يونيو/حزيران عام 1990. وتم خلال الزيارة توقيع رزمة من الوثائق ضمت اتفاقية اتلاف السلاح الكيميائي وعدم تصنيعه والتدابير الرامية إلى المساهمة في عقد الاتفاقية المتعددة الجوانب حول حظر السلاح الكيميائي واتفاقية العلاقات التجارية واتفاقية التعاون العلمي التقني في مجال الاستخدام السلمي للطاقة الذرية.

هذا والتقى أول رئيس في روسيا الاتحادية بوريس يلتسين برئيس الولايات المتحدة جورج بوش الأب في 1 فبراير/شباط عام 1992 في كامب ديفيد حيث اعلن رسميا انتهاء الحرب الباردة وتم توقيع البيان الذي ثبت صيغة جديدة للعلاقات الروسية الأمريكية.

في 3-5 يونيو/حزيران عام 2000 عقد في موسكو أول لقاء بين رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية بيل كلينتون. ووقع زعيما الدولتين في أثناء المباحثات بعض الوثائق، بينها البيان المشترك حول مبادئ الاستقرار الاستراتيجي والمذكرة حول الاتفاق الروسي الأمريكي على إنشاء المركز المشترك الخاص بتبادل المعلومات الواردة من منظومات الإنذار المبكر والإبلاغ عن إطلاق الصواريخ.

في 6 أبريل 2008 عقد في مدينة سوتشي الروسية لقاء رئيس روسيا المنتخب دميتري مدفيديف بالرئيس الأمريكي جورج بوش الابن الذي وصل إلى سوتشي في 5 أبريل/نيسان بزيارة استغرقت يومين.

اوصلت الـ”برسترويكا” وما اعقبها من مميزات عصر بوريس يلتسين العلاقات بين البلدين إلى مستوى جديد. ولكن اعترف المسؤولون الروس الكبار فيما بعد بخيبة آمالهم، إذ ان موسكو التي ضعفت نتيجة تفكك الاتحاد السوفيتي تنازلت امام الغرب وبالدرجة الاولى امام الولايات المتحدة الأمريكية في اتجاهاتلكثيرة دون ان تحصل على اي بديل عملي، فيما تزايد النقد حيالها من طرف الغرب وخاصة فيما يتعلق بحملة مكافحة الإرهاب في الشيشان، الامر الي ادى إلى وقوع توتر في العلاقات بين موسكو وواشنطن وخاصة في مسائل مثل العلاقات بين روسيا والناتو والاختلاف في الاراء إزاء الوضع في الجمهوريات السوفيتية السابقة. وتفاقم الوضع في فترة رئاسة جورج بوش الابن على الرغم من وجود العلاقات الشخصية الجديدة بينه وبين الرئيس بوتين.

والتقى الرئيس الروسي الجديد دميتري مدفيديف بعد توليه الرئاسة في روسيا برئيس الولايات المتحدة جورج بوش الابن في 7 يوليو/تموز عام 2008، وذلك في اطار قمة الثماني الكبار في جزيرة هوكايدو باليابان.

واشار مدفيديف إلى انه يعول على اقامة الحوار مع الولايات المتحدة في كافة المسائل سواء كان مع الإدارة الحالية في البيت الأبيض أو الإدارة القادمة. وبحسب قول الرئيس فان أكثر القضايا حدة هي قضايا الامن الأوروبي والدرع الصاروخية.

في 1 أبريل/نيسان عام 2009 عقد لقاء الرئيس دميتري مدفيديف بالرئيس باراك اوباما الذي رسم نهجا نحو اعادة اطلاق العلاقات الروسية الأمريكية.

د/ مرحلة انتهاء الحرب الباردة 1985 – 1991

تبدأ هذه المرحلة بتولي ميخائيل غورباتشوف زعامة الاتحاد السوفييتي وفي توليه الحكم طبق برنامج إعادة البناء (البيروسترويكا) وقد ساعدت هذه السياسة في تفكك النظام الشيوعي في أوربا الشرقية وكذلك تغيرات عميقة في الاتحاد السوفييتي نفسه. ومع توليه الحكم عادت الحيوية للسياسة السوفييتية التي كانت تعاني من القصور في مدة بير جينيف، واستطاع غورباتشوف أن يفرض رؤية واقعية جديدة للعلاقات بين الشرق والغرب التي أدت إلى تخفيف حدة التوتر في العالم بأسره وكما دعا غورباتشوف إلى لقاء قمة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي للنظر في وضع العالم ووضع العلاقات بين الدولتين، وتم عقد هذه القمة في جنيف 1985 بين ريغان وغورباتشوف ويعد هذا أبرز لقاء في مدة الثمانينيات، حيث وضع حداً للحرب الباردة الثانية التي أججها ريغان وثم توالت بعد ذلك لقاءات القمة حيث عقد قمة ريكيافيك في سنة 1986 وقمة واشنطن سنة 1987 وقمة موسكو 1988.وكان العالم يتوقع إن لقاءات القمة ما هي إلا إعادة الحياة السياسية  التي أعلنها غورباتشوف لكن في واقعها كان إزالة وحل المشاكل العالمية العالقة وإيقاف نشر الصواريخ النووية والحد من التسلح وانسحاب السوفييت من أفغانستان. وبالرغم من السياسات الإصلاحية التي قام بها غورباتشوف إلا إنها لم تصل إلى نتيجة في تطوير الأوضاع في الاتحاد السوفييتي، فقد أخفق غورباتشوف في تحقيق التقدم الاقتصادي المطلوب والمتوقع كما أنه كان سببا في إطلاق الحركات القومية غير الروسية من عقالها، وهي الحركات التي كانت قد قمعت لأجيال من قبل السلطة الروسية ومن بعدها بواسطة السلطة السوفيتية وهو ما جعل انهيار الاتحاد السوفيتي مسألة حتمية.

مرحلة الرابعة: العلاقات الامريكية – الروسية 1990-2021

شهد تاريخ العلاقات الروسية الأمريكية تباين ما بين صراع وتنافس وشراكة منذ عهد روسيا القيصرية مروراً بالإتحاد السوفيتيي تفككه في السبعينات . فبعد تفكك الإتحاد السوفيتي تطورت العلاقات الروسية الأمريكية ؛ حيث قامت روسيا بإعتبارها وريثته بإنتهاج سياسة جديدة قوامها الإتجاه نحو الغرب بصفة الشراكة . وذلك لأن صناع القرار السياسي يعتقدون بأن الشراكة مع الغرب سوف تُخرج روسيا من ضائقتها الإقتصادية التي كانت السبب في تفكك الإتحاد السوفيتي ، بينما سباق التسلح مع الولايات المتحدة إلي نتائج كارثية علي الإقتصاد السوفيتي . وحث التحول في العلاقات الروسية الأمريكية ؛ فبدلاً من الصراع أصبح التعاون هو السمة المميزة للعلاقات بينهما وأستمر هذا الوضع حتي بدايات القرن الحالي ([73]) .

ولكن روسيا بعد أن إستطاعت أن تحقق نجاحات إقتصادية من خلال إرتقاء قيادتها التي عانت كثيراً منها روسيا و تحولت العلاقات الروسية الامريكية من التعاون إلي التنافس وليس الصراع ، حيث أرادت روسيا ان تعود إلي دورها ومكانتها قبل إنهيار الإتحاد السوفيتي . فقد تحول الروس بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي  إلي رأسماليين ، وبعد سقوط جدار برلين عام 1989 قامت الحكومات الغربية بعقد العديد من إتفاقيات الشراكة مع الروسيين الشيوعيين في محاولة منها لنقل نفوذها إلي ما وراء جدار برلين . في ذلك الوقت كان يلستن هو رئيس روسيا الذي وافق بالشراكة مع الغرب ورضي بالدرور الإقليمي بدلاً من الدور العالمي الذي كان للإتحاد السوفيتي السابق . وقامت روسيا بالإنضمام إلي المؤسسات الغربية الإقتصادية والسياسية والتعامل مع أوربا في إطار السياسة الأوروبية لروسيا وعدم وجود سياسة روسية متميزة  تجاه دول شرق أوروبا ومواصلة سحب القوات الروسية منها . إبرام الإتفاقيات في إطار محادثات نزع السلاح ، حيث رأت روسيا ان لا إمكانية لديها من إستمرار إنتاجه أو تحمل تكاليف تحديثة وإدامته ([74]) .

أما بالنسبة لموقف الولايات المتحدة من موقف روسيا ؛ رأت في التوجه الروسي أنه إستسلاماً وإعلاناً للخسارة في الحرب الباردة فقد قام جورج بوش الأب بالإعلان أمام الأمم المتحدة بداية عصر جديد تقوده الولايات المتحدة الأمريكية حيث تري في روسيا قوة إقيلمية ليس لديها القدرة علي لعب أي دور عالمي . لذلك كامن من أسباب فشل التوجه الروسي عدم مساندة الولايات المتحدة لها بل علي العكس قامت بإضعاف روسيا وتجاهل رغبة روسيا في أن تصبح شريكاً لها.  فعلاقات روسيا بالولايات المتحدة الأمريكية لم تتعدَ حدود العلاقات السياسية الودية لإنهاء مظاهر الحرب الباردة . ولم تصبح الولايات المتحدة الأمريكية أحد الشركاء الإقتصاديين الرئيسيين لروسيا حيث أن حجم التبادل بينهما مازال محدوداً . ومن المُلاحظ أن بالرغم من تقارب روسيا من الغرب ؛ إلا أن  المساعدات الغربية بروسيا ظلت محدودة حيث إستمرت السياسيات الأمريكية عدائية تجاه روسيا و هو ما أدي إلي بحث روسيا عن إعادة تعريف علاقاتها بالولايات المتحدة الأمريكية ، وكان بداية ذلك مع وصول الرئيس فلاديمير بوتين إلي السلطة في روسيا ([75]) .

ومع تولي الرئيس فلاديمير بوتين منصب رئيس روسيا عام 2000 حدث تحول في العلاقات الروسية الأمريكية ، حيث وصل الي البيت الأبيض إدارة جديدة محافظة تتسم بالعدوانية والتطرف والهمجية ، حيث نظرت إلي العالم نظرة سلبية وعنصرية فهذه الغدارة تميز بين الابيض المؤيد للسياسات الأمريكية ، و الأسود المعارض لها ، وفي مقابل ذلك وصل إلي روسيا قيادة واقعية تنظر إلي العلاقات الدولية نظرة واقعية ، مما أدي إلي الصدام والتصارع بين الفريقين وقد إستافدت العديد من القوي من هذه العلاقة ومنهم إيران التي تمثلت في ورقة ضغط علي الولايات المتحدة  ، حيث تحالفت روسيا مع إيران لتوسيع برنامجها النووي . ومع إتجاه روسيا لإستعادة مكانتها الدولية ، إتجهت اللايات المتحدة لإستمالتها من جديد نحو أوروبا من خلال إقناعها بعدم جدوي محاولاتها لاستعادة مكانتها بسبب الأزمات الإقتصادية التي تعاني منها ، وقامت الولايات المتحدة بضم روسيا إلي مجموعة الدول الصناعية السبع ، وإنشاء لجنة خاصة بالأمن يكون لروسيا العضوية فيها ، وقامت علي الجانب المعاكس بتطويق روسيا من خلال توسيع حلف شمال الأطلنطي (الناتو )  وقامت الولايات المتحدة بإلغاء جميع الإتفاقيات التي كانت قد عقدتها مع الإتحاد السوفيتي سابقاً وإستبدلتها بمنظومات إقليمية تحجم روسيا وتضعها في دائرة صغري لا تستطيع بسببها الخروج من العزلة التي فُرضت عليها . أما بوتين تمحور تفكيرة لنقل العلايقات الروسية الامريكية إلي مجال آخر ([76]) .   

وسوف نتناول في هذا الفصل أثر الصعود الروسي علي العلاقات الروسية الأمريكية من خلال ثلاث مباحث ؛ الأول يتحدث عن العلاقات الروسية الامريكية الإقتصادية ، والمبحث الثاني عن التأثير علي العلاقات العسكرية ، والمبحث الثالث عن تأثير الصعود الروسي علي العلاقات السياسية .

العلاقات الإقتصادية

مع تولي بوتين الحكم في روسيا وهو يحاول النهوض بإقتصاد روسيا المنهار مع إنهيار الإتحاد السوفيتي منذ الحرب الباردة ، ونجحت بالفعل سياسات بوتين في إستعادة الإقتصاد الروسي إلي عافيته ليحقق معدلات متزايدة مما أثر ذلك علي مكانة روسيا عالمياً وعلي علاقاتها بالولايات المتحدة التي تحولت علاقتها معها الي علاقة تنافس تارة ، والتعاون تارة أخري .

أولاً التجارة والإستثمارات :

ويتميز إقتصاد روسيا بالتنوع في القوي العاملة ، فالبرغم من عدم وجود دولة قادرة علي أن تقدم للولايات المتحدة نطاق واسع من فرص الشراكة أو قدرات للتعاون في كل المجالات سواء العلمية أوالتقنية ، إلا أن روسيا تمتلك قدرة كبيرة علي توفير سوق كبيرة لإستيعاب قاعدة واسعة من المنتجات الأمريكية المتطورة تطوراً عالياً من الناحية التكنولوجية ، حيث إستمدت روسيا قوتها الإقتصادية  من النمو الأخير في جزء كبير من الموارد الطبيعية ” النفط والغاز والمعادن ” ، حيث تم إستثمار أرباح هذه الصناعات في روسيا ، و إستمرار الإستقرار السياسي والإقتصادي الذي شجع الصناعيين الناجحين للبحث عن فرص الإستثمار في القطاعات ذات النمو المرتفع في روسيا ، سواء الصناعات الزراعية ، والصناعات الغذائية، والسيارات، وتجارة التجزئة والاتصالات السلكية واللاسلكية  ([77]) .

كان هناك إعتقاد أن العلاقات التجارية والإقتصادية بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا ضعيفة وضئيلة ولكن هذا الرأي بعيداً عن الواقع ولا يمت له بأي صلة ، فالعلاقات بين البلدين قائمة في كثير منها علي التعاون في مجال الاعمال ، فقد كانت روسيا منذ زمن قديم أكبر مستورد للحبوب من الولايات المتحدة الأمريكية .  وبالرغم من الإنخفاض الكبير في التجارة الثنائية بين البلدين ووجود العديد من المناطق التي لم تتأثر بالعقوبات ، إلا أن التعاون بين روسيا والولايات المتحدة لا يزال واسع إل حد ما والدليل علي ذلك ؛ صناعة الطيران ، وتعتبر روسيا أكبر مورد للتيتانيوم لشركة بوينغ وإيرباص ، وبالإضافة إلي ذلك تعتبر رزوسيا سوقاً هاماً بالنسبة لطائرات بوينغ سواء المستعملة أو الجديدة . ولم تقف روسيا عن توريد التيتانيوم الخام ، بل أيضاً إلي تصدير قطع الغيار ومكونتات التيتانيوم التي جددت كثيراً من مستوي الشراكة بين البلدين . عناك علاقات أيضاً جيدة في الصناعات المعدينية والتي لا تشمل فقط الإمدادات الروسية من الفرَّاغات الصلبة إلي الولايات المتحدة ولكن الإستثمارات أيضاً . وقد فتحت الشركات الروسية أبوبها لشراء الأصول الأمريكية ، وللتعاون  في مجال تصنيع الانابيب عالية الجودة التي تستخدم لإنتاج الصخر تالزيتي وغيرها من المشاريع ([78]) .

يعتبر إستكشاف الفضاء ، المجال التقليدي للعلاقات بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية اللتان تتصدرا العالم في هذا المجال . لم يتأثر هذا المجال بالعقوبات ، والتعاون أيضاً ينطبق علي توريد محركات الفضاء الروسية إلي الولايات المتحدة ، بالإضافة إلي محطة الفضاء الدولية للتعاون التي لا تزال جارية لإطلاق الأقمار الصناعية التجارية بإستخدام صواريخ روسية . وهناك العديد من الشركات الامريكية التي يتم إستثمارها مثل شركة ” فورد وجنرال ” ، ولكن من السئ قرار الولايات المتحدة بإغلاق عملياتها في روسيا بسبب الأزمة علي سوق السيارات ، وبرغم تأثير العقوبات الإقتصادية  السئ علي العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا في أعاقة التعاون بينهما ولكنها لم تقلص منه ، ولكنها كانت ضربة خطيرة لمشاريع ذات صلة بمصادر النفط غير التقليدية من ناحية ، ومن ناحية أخري يمكن لقطاع الاعمال الامريكية العودة لهذه المشاريع إذا ما رُفعت تلك العقوبات ([79]) .

كان من ضمن التأثير الخطير للعقوبات ضد القطاع المالي الروسي هو ضرب عناصره الفاعلة الرئيسية مثل “Sberbank, VTB and Vnesheconombank ” ، وكانت عامل مهم في رفع العقوبات بما في ذلك في مجال التمويل والتي من شأن ذلك أن يسهل من إعادة العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة الامريكية . وإعادة العلاقات تعني العلاقات الطبيعية ، وليس الوصول إلي الوضع التفضيلي للشراكة والتعاون .  و ما جعل حجم التعاون بين البلدين متواضع ومحدود ؛ هو صغر حجم الإقتصاد الروسي فهو أصغر بمقدار 10 مرات مقارنة بالصين  ، بالإضافة إلي الشراكة الرئيسية بين روسيا والإتحاد الأوروبي ([80]) .

في 14 ديسمبر 2012 ، وقع الرئيس أوباما تشريع بأغلبية ساحقة في مجلس النواب الامريكي لإنهاء تطبيق جاكسون – فانيك وتوسيع العلاقات الطبيعية الدائمة لروسيا ومولدافيا . وفي 21 ديسمبر 2012 ، قدمت الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا علي حد سواء رسائل مع منظمة التجارة العالمية (WTO) ، لسحب إشعارات عد التطبيق والموافقة علي تطبيق منظمة التجارة العالمية بينهم . ومن خلال تطبيق إتفاقية منظمة التجارة العالمية بين الولايات المتحدة وروسيا ، تستفيد الشركات الامريكية والعمال من خلال تحسين فرص الوصول لأسواق الصادرات للولايات المتحدة  من السلع والخدمات وجلب  روسيا إلي قبول تطبيق قواعد التجارة المعمول بها ، وسيكون للولايات المتحدة عدد قليل من الفرص في التصدير بسبب عضوية روسيا في منظمة التجارة العالمية . تحاول الإدارة الامريكية تأسيس عضوية روسيا في منظمة التجارة العالمية ، وتعمل علي توسيع العلاقات الإقتصادية الثنائية مع روسيا . و في إجتماع مع مجموعة العشرين في يونيو  في ولاية لوس كابوس ؛ إاتفق الرئيسان أوباما وبوتين أن الولايات المتحدة وروسيا تفعل المزيد من قدراتها لتلبية قدراتهم كشركاء تجاريين . وفي 20 ديسمبر 2012 ، وافقت الولايات المتحدة الامريكية وروسيا علي خطة عمل لتحسين حقوق الملكية الفكرية وإنفاذ ما أُصدر من قوانين بشأنها ، بما في ذلك مكافحة القرصنة علي حقوق التأليف والنشر علي شبكة الإنترنت ([81]) .

روسيا تعتبر أكبرشريك تجاري  في مجموعة الـــ23 ولديها  38.1 بليون دولار ، وبلغت صادرات  السلع 112 مليار دولار ، وإجمالي واردات السلع 27.0مليار دولار وكان العجز في تجارة السلع للولايات المتحدة مع روسيا حوالي 1508 بليون دولار في عام 2013 . كانت صادرات البضائع الأمريكية لروسيا في عام 2013 حوالي 11.2 بليون دولار ، وكانت فئات رأس الصادرات من ماكينات (2-digit HS) في عام 2013 حوالي 23 بليون دولار ، والمركبات 2.0 مليار دولار ، وبلغت صادرات الولايات المتحدة من المنتجات الزراعية إلي روسيا 1.2 مليار دولار وكان العجز في تجارة السلع من الولايات المتحدة مع روسيا 158 بليون دولار . وعجز السلع من الولايات المتحدة مع روسيا تمثل 2.3٪ من العجز في تجارة السلع الامريكية الشامل في عام 2013. والإستثمار الاجنبي المباشر في روسيا حوالي 14.1 مليار دولار من الاسهم ، وتمثل الإستثمار الأجنبي المباشر في ثطاعيالصناعات التحويلية والخدمات المصرفية والتعدين ([82]) .

مع كبر مساحة روسيا الشاسعة والموارد الطبيعية واسعة النطاق ووجود أكثر من 142 مليون مستهلك ، وإحتياجات البنية التحيتة الحادة، لا تزال روسيا سوقاً كبيراة وواعدة لمصدرين الولايات المتحدة .  وبالرغم من تعافي روسيا سريعاً من الأزمة المالية العالمية في عام 2009 ، إلا أن النمو الإقتصادي في وقت لاحق تباطأ بشكل كبير مما يدعو لإنكماش الناتج المحلي الإجمالي. وكانت روسيا أكبر سوق للصادرات بالنسبة للولايات المتحدة من بين 29 دولة وأكبر مصدر للولايات المتحدة من بين 20 دولة وذلك عام 2014 ، وتعتبر روسيا أكبر شريك للولايات المتحدة ، وكانت أسهم شركات الاستثمار الأمريكي في روسيا حتى عام 2013 ما يقرب من 18 مليار دولار . والولايات المتحدة هي عاشر أكبر مستثمر أجنبي في روسيا. نضمت روسيا الى منظمة التجارة العالمية (WTO) في أغسطس 2012. المؤتمر أيضا سن التشريعات اللازمة لتوسيع العلاقات التجارية الطبيعية الدائمة لروسيا في العام نفسه . و عضوية روسيا في منظمة التجارة العالمية لديها القدرة على خلق الفرص لصادرات الولايات المتحدة والاستثمارات ([83]) .

ثانياً العلاقات الاقتصادية والعقوبات الإقتصادية :

القاعدة التعاقدية والقانونية. تعتبر اتفاقية العلاقات التجارية بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الموقعة في عام 1990 وبدأ تنفيذها حيال روسيا في عام 1992 الوثيقة الأساسية التي تتحكم بالعلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين.

وفي عام 1993 بدأ سريان مفعول المعاهدة الموقعة في 17 يونيو/حزيران عام 1992 بين روسيا والولايات المتحدة حول تجنب الضريبة المزدوجة والحيلولة دون التهرب من الضرائب فيما يخص ضريبة الدخل والرأسمال.

وقعت معاهدة التشجيع والحماية المتبادلة لرؤوس الأموال في عام 1992 لكنها لم تبرم من قبل روسيا لأنها كانت تتجافى مع مواقف روسيا المعلنة في عملية المفاوضات الخاصة بانضمامها إلى منظمة التجارة العالمية. وقد اختتمت المفاوضات بهذا الشأن فقط بعد مرور 15 عاما.

في 19 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2006 وقع بروتوكول اختتام المباحثات الثنائية مع الولايات المتحدة حول شروط انضمام روسيا إلى منظمة التجارية العالمية وكذلك ست اتفاقيات بين الحكومتين هي: الاتفاقية حول التكنولوجيا الحيوية الزراعية واتفاقية تجارة لحوم البقر والاتفاقية حول تفتيش المؤسسات واتفاقية تجارة لحوم الخنازير واتفاقية حماية حقوق الملكية الذهنية والاتفاقية حول تدابير منح رخص استيراد السلع الحاوية على وسائل الشيفرة.

التبادل السلعي

تعتبر الولايات المتحدة واحدة من أكبر الشركاء التجاريين لروسيا. وازداد التبادل السعي الروسي – الأمريكي في ختام عام 2008 بنسبة 35 بالمائة وبلغ 1 ر36 مليار دولار. علما ان حجم الصادرات الروسية إلى الولايات المتحدة ازداد بمبلغ 5 ر7 مليار دولار وبلغ 8 ر26 مليار دولار بينما ازداد الاستيراد منها بمقدار 9 ر1 مليار دولار.

وازداد حجم الفائض التجاري بالنسبة إلى روسيا بنسبة 45 بالمائة (4 ر5 مليار دولار) وبلغ 5 ر17 مليار دولار، علما ان الزيادة في الصادرات من روسيا بلغت نسبة 38 بالمائة، اما استيراد السلع من الولايات المتحدة فقد ازداد بنسبة 27 بالمائة. وتشغل روسيا المرتبة الثالثة والعشرين في قائمة الشركاء التجاريين للولايات المتحدة من حيث حجم السلع.

وتحتفظ الصادرات الروسية بالتوجه نحو توريد المواد الخام، وتهيمن فيها موارد الطاقة وفي مقدمتها النفط ومشتقاته (17 مليار دولار أو نسبة 4 ر63 بالمائة من الارساليات). وتشكل نسبة كبيرة صادرات المعادن ومصنوعاتها (9 ر3 مليار دولار) ومنتجات الصناعة الكيميائية (8 ر1 مليار دولار) وكذلك المعادن والأحجار الثمينة ومصنوعاتها (6 ر1 مليار دولار).

وكانت غالبية الاستيرادات الروسية تتألف من وسائل النقل البري والمائي والجوي وقطع الغيار لها ومعداتها(7 ر2 مليار دولار) والسيارات والمعدات والآليات (6 ر2 مليار دولار) والمواد الغذائية (4 ر1 مليار دولار).

وفي نهاية عام 2008 شغلت الولايات المتحدة المرتبة الثامنة (8 ر8 مليار دولار) من حيث حجم الاستثمارات الأجنبية في روسيا(أو نسبة 3 ر3 بالمائة من الحجم العام ويقدر بحوالي 265 مليار دولار). بينما تشغل الولايات المتحدة المرتبة السادسة من حيث حجوم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الاقتصاد الروسي (2 ر3 مليار دولار).

ويتم توظيف الاستثمارات الأمريكية المباشرة في صناعة النفط والغاز. ويتم ذلك بصورة أساسية في مشاريع ” ساخالين -1″ (“ايكسون موبيل”) و” كونسرتيوم انابيب بحر قزوين”(“شيفرون” و” ايكسون موبيل” و” كير ماك غي”).

ويعتبر الحوار في مجال الطاقة عموما أحد الاتجاهات الواعدة للتعاون الثنائي. واتجاهات تطور التعاون الثنائي في هذا المجال هي إقامة البنية التحتية من اجل توريد النفط إلى الولايات المتحدة من محطة الشحن في بحر بارنتس واستثمار مكامن النفط والغاز في الجرف القاري في ساخالين وبضمنها القدرات الصناعية والبنية التحتية من اجل ارساليات الغاز المسيل.

وتشكل الاستثمارات الأمريكية في المجالات غير الإنتاجية بروسيا نسبة 25 بالمائة من الاستثمارات الأمريكية المباشرة الموجهة قبل كل شيء إلى القطاع المصرفي (“سيتي بنك” وغيره) وقطاع التأمين (“اي –اي – جي ” وغيرها) وكذلك إلى مجال الخدمات المعلوماتية والاستشارية.

ونورد أدناه بعض الامثلة على ذلك:

تتعاون الشركات الأمريكية الكبرى في مجال الطيران والفضاء (“بوينغ” و” لوكهيد مارتن” و”برات اند وتني”) على مدى الأعوام الأخيرة تعاونا نشيطا مع المؤسسات الروسية في اطار مشاريع إطلاق الأجهزة الفضائية وإنتاج محركات الطائرات وتصميم نماذج جديدة من الطائرات.

وتبدي شركة ” بوينغ” أكبر نشاط في هذا الميدان. وتنص الاتفاقية الموقعة بين وكالة الفضاء الروسية و” بوينغ” على توسيع التعاون في تنفيذ البرامج الفضائية ومجال صناعة الطائرات. ويذكر من بين أكبر المشاريع المحطة الفضائية الدولية ومنصة إطلاق الصواريخ في المحيط الخاصة بإطلاق الأجهزة الفضائية لأغراض تجارية(” مورسكوي ستارت”). ويوجد في موسكو مركز التصاميم والتشكيل الذي افتتحته شركة ” بوينغ ” مع عدد من معاهد البحوث العلمية الروسية الخاصة بالطيران من اجل تصميم بعض أجزاء الطائرات وعقدها. وقد استثمر في المشاريع المذكورة 2 ر1 مليار دولار. كما تقدم شركة ” بوينغ” المشاورات إلى شركة ” طائرات سوخوي المدنية” في العمل في الاتجاهات الرئيسية لصنع الطائرة الإقليمية الروسية ” سوبر جيت 100 “. وتوجد مشاريع أخرى.

ويزداد نشاط شركة ” جنرال الكتريك” في السوق الروسية. وتعمل في روسيا حاليا جميع فروعها الحيوية. ويزداد التعاون في صناعة السيارات. وتنفذ شركة ” فورد ” في مدينة فسيفولجسك بمقاطعة لينينغراد منذ عام 2002 مشروع إنتاج السيارات من طراز “فوكوس”، بموجب الاتفاقية الاستثمارية الموقعة مع وزارة الاقتنصاد والتنمية الروسية في يوليو/تموز عام 1999. وبلغت القدرة الإنتاجية للمصنع 60 ألف سيارة وتجاوزت الاستثمارات مبلغ 230 مليون دولار. ويعتبر هذا المشروع أول مشروع للاستثمارات الأجنبية ينفذ في روسيا بصورة مستقلة ويعمل بموجب التكنولوجيا المتكاملة.

وتنتج شركة ” جنرال موتورز” سوية مع شركة ” افتوفاز” السيارة ” شيفي – نيفا” الخاصة بالطرق الوعرة بمصنع السيارات في مدينة تولياتي (تبلغ قدرة إنتاج المصنع 75 ألف سيارة سنويا وكلفة المشروع 330 مليون دوزلار). وبدأ في روسيا تجميع النموذج المدني للسيارة ” هامر ” الخاصة بالطرق الوعرة.

ويعمل الأمريكيون بنجاح في السوق الروسية في عدة فروع مثل صناعة الاغذية والتبغ ومطاعم الخدمة السريعة.

كما يبدي البزنيس الروسي نشاطا كبيرا في السوق الأمريكية. ففي عام 2008 بلغ حجم رؤوس الأموال الروسية الموظفة في الاقتصاد الأمريكي 5 ر5 مليار دولار منها 7 ر4 مليار دولار بشكل استثمارات مباشرة.

ونذكر من بين المستثمرين الكبار : ” لوك اويل” (شبكة محطات البنزين) و” نوريلسكي نيكل” (مصنع لإنتاج معادن مجموعة البلاتين) و” سيفيرستال”(عدة شركات لإنتاج الصلب ومنجم لأستخراج الفحم) و” يفرازجروب”(إنتاج الانابيب ومصنع إنتاج الفاناديوم) وغيرها.

الحواجز التجارية

تشكل الحواجز التجارية التي تقيمها الولايات المتحدة امام روسيا عقبة كبيرة امام تطوير العلاقات التجارية المتبادلة. وقد وعدت إدارة بوش مرارا بأن تحل مشكلة إلغاء تعديل جاكسون – فينيك على قانون التجارة لعام 1974. ان بقاء هذا التعديل حتى لحظة انضمام روسيا إلى منظمة التجارة العالمية يمكن أن يؤدي إلى رفض الولايات المتحدة تنفيذ الاتفاقيات الخاصة بمنظمة التجارة العالمية. علاوة على ذلك فان التعديل يخلق ظروفا غير مناسبة بالدرجة الأولى إلى المصدرين الأمريكيين بحرمانهم من التسهيلات المتأتية عن انضمام روسيا إلى منظمة التجارة العالمية. وشكل رجال البزنيس الأمريكي ائتلافا تحت رعاية مجلس الأعمال الروسي – الأمريكي يرمي إلى العمل مع الكونغرس بغية إلغاء التعديل المذكور.

ونعيد إلى الأذهان ان تعديل جاكسون – فينيك قد حظر منح وضع الدولة الأولى بالرعاية في التجارة وتقديم قروض الدولة والضمانات الائتمانية إلى البلدان التي تنتهك أو تقيد كثيرا حقوق مواطنيها في الهجرة. كما نص التعديل على فرض تعريفات جمركية ورسوم مجحفة على سلع البلدان حيث لا يوجد اقتصاد السوق والتي يجري استيرادها في الولايات المتحدة.وقد طبق هذا التعديل شكليا بسبب فرض القيود على هجرة المواطنين السوفيت لكنه طبق أيضا ضد الصين وفيتنام وألبانيا. علما ان الاتحاد السوفيتي قد زال من الوجود منذ وقت طويل لكن الولايات المتحدة لا تلغي هذا التعديل بينما تعتبر مسألة هامة بالنسبة إلى روسيا الحصول على وضع الدولة الأولى بالرعاية (حسب المصطلح الأمريكي إقامة علاقات تجارية طبيعية)في التجارة مع الولايات المتحدة.

زد على ذلك فرضت الولايات المتحدة العقوبات ضد عدد من المؤسسات والشركات الروسية لاتهامها بالتعاون مع إيران وسورية بزعم انها تساعد على انتشار سلاح الدمار الشامل والتكنولوجيات العسكرية.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني عام 2005 عمد جورج بوش، بسبب الوضع الصعب الذي اضحت فيه وكالة الفضاء الأمريكية(ناسا) الناجم عن حدوث مشاكل ل ” المكاكيك”، مما أدى إلى عدم تنفيذ التزاماتها بموجب برنامج المحطة الفضائية الدولية، عمد إلى توقيع مشروع قانون يتضمن تعديلا على القانون ” حول عدم الانتشار حيال إيران ” الصادر في عام 2000 يلغي القيود السياسية على التعاون مع روسيا الاتحادية في المحطة الفضائية الدولية. وبهذا حصلت ” ناسا” على إمكانية شراء المعدات والخدمات من المؤسسات والمصانع الروسية العاملة في صناعة الصواريخ والأجهزة الفضائية للفترة حتى 1 يناير /كانون الثاني عام 2012 من اجل ضمان مشاركة الولايات المتحدة في برنامج المحطة الفضائية الدولية.

ويعتبر تطبيق تدابير مكافحة التخفيض المقصود للأسعار في الأسواق العالمية حيال المصدرين الروس عاملا كبيرا في عرقلة التجارة الروسية – الأمريكية.

تم في أعقاب المباحثات الروسية الأمريكية التي جرت في موسكو على ارفع مستوى يوم 6 يوليو/تموز توقيع البيان المشترك حول التقليص والحد من الأسلحة الإستراتيجية الهجومية والبيان المشترك لرئيسي روسيا والولايات المتحدة حول الدرع الصاروخية.

وبالإضافة إلى ذلك وقع الجانبان الاتفاقية بين الحكومتين حول ترانزيت الأسلحة والمعدات والمواد العسكرية عبر الأراضي الروسية نظرا لمشاركة القوات المسلحة الأمريكية في الجهود الرامية إلى ضمان الامن والاستقرار والاعمار في جمهورية أفغانستان الإسلامية. وتم توقيع مذكرة تطوير التعاون بين القوات المسلحة لروسيا الاتحادية والولايات المتحدة ومذكرة اقرار خطة العمل الخاصة بتطوير التعاون العسكري بين جيشي البلدين في عام 2009. ووقع الجانبان البيان الخاص بالتعاون في المجال النووي والبيان المشترك حول أفغانستان.

وبالإضافة إلى ذلك تم اقرار خطة العمل الرئاسية. وافاد سيرغي بريخودكو مساعد الرئيس الروسي ان خطة العمل هذه تتضمن التكليفات الملموسة للوزارات المعنية فيما يتعلق باتجاهات التعاون المتبادل في المجالين الاقتصادي والتجاري. وحسب قول بريخودكو فان هذه الخطة يجب أن تصبح أساسا لإقامة الحوار الاقتصادي بين الحكومتين واستحداث هيئة التنسيق اللازمة لذلك. واتخذ في اعقاب المباحثات قرار بتشكيل اللجنة الرئاسية الروسية الأمريكية الخاصة بتطوير التعاون.

هذا وتم تبادل مذكرتين حول عمل اللجنة الخاصة بشؤون الاسرى والمفقودين.

ووقع الجانبان أيضا مذكرة بين وزارة الصحة والتنمية الاجتماعية في روسيا ووزارة الصحة في الولايات المتحدة.

  • وسط المواجهات الروسية الأمريكية حول العالم: وفد من گازپروم الحكومية الروسية وصل أنكوردج للتباحث في الاستثمار في مشاريع الطاقة في ألاسكا. الوفد، غير المسبوق في حجمه، يضم عدة مساعدين مباشرين لپوتين.[1]

كانت هناك حالة الصراع والتوتر والتنافس التي كانت توجد بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى وحلفائهم من الفترة في منتصف الاربعينيات حتى أوائل التسعينيات. وفي ظل غياب حرب معلنة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي قامت القوتان بالاشتراك في عمليات بناء عسكرية وصراعات سياسية من أجل المساندة .

في 6 مارس 2014 ، وقع الرئيس أوباما الامر التنفيذي 13660 الذي يجيز فرض عقوبات على الأفراد والكيانات مسؤولة عن انتهاك السيادة والسلامة الإقليمية لأوكرانيا، أو لسرقة ممتلكات الشعب الأوكراني. هذه العقوبات وضعت قيودا على سفر بعض الأفراد والمسؤولين وأظهرت الجهود المتواصلة لفرض تكلفة على روسيا والمسؤولين عن الوضع في شبه جزيرة القرم. و في 17 مارس 2014، أصدر الرئيس أوباما الأمر التنفيذي 13661 تحت حالة الطوارئ الوطنية فيما يتعلق أوكرانيا التي تجد أن تصرفات وسياسات الحكومة الروسية فيما يتعلق أوكرانيا – بما في ذلك من خلال نشر قوات عسكرية روسية في منطقة القرم من أوكرانيا – تقويض العمليات والمؤسسات الديمقراطية في أوكرانيا؛ يهدد سلامها وأمنها واستقرارها وسيادتها وسلامة أراضيه. والمساهمة في اختلاس أصولها. ومن خلال هذه الأوامر التنفيذية ، زادت الولايات المتحدة الامريكية من التكاليف الدبلوماسية والمالية بسبب تصرفات روسيا العدوانية تجاه أوكرانيا ، وتم فرض عقوبات للحد من التمويل الموجه لستة من اكبر البنوك في روسيا وأربعة من شركات الطاقة ، وأيضاً تم تعليق تمويل الإئتمان الذي يعمل علي تشجيع الصادرات إلي روسيا وتمويل مشاريع التنمية الإقتصادية ([84]) .

قامت الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي بفرض مجموعة من العقوبات الإقتصادية علي الأفراد والشركات الروسية ردأً علي ضم شيبه جزيرة القرم والازمة في شرق أوكرانيا . حيث قام الإتحاد الاوروبي بتشديد العقوبات بسبب وفاة 298 شخصاً في 17 يوليو كانوا علي متن طائرة علي الخطوط الجوية الماليزية . وقامت الولايات المتحدة بنشر قوائم الأفراد والشركات التي تم حظر السفر لها وتجميد الاصول في 19 مارس ، 20 مارس ، 28 أبريل ، 16( تموز) و 12 سبتمبر (أيلول) . صدرت قوائم الاتحاد الأوروبي يوم 17 مارس 23 مارس 29 أبريل، 12مايو ، 25 يوليو، 30 يوليو، 12 سبتمبر و 18 ديسمبر كانون الاول وقد استهدف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أيضا بعض القطاعات الرئيسية للاقتصاد الروسي والتي ترتبط ارتباطا وثيقاً بالنخبة الحاكمة ([85]) .

تزايدت مشروعات ضخ الغاز والنفط إلى اوروبا في الوقت الذي انتشرت فيه الدعوات لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي حيث تفتقر اوروبا لمصادر الطاقة التي هي بأمس الحاجة لها؛ لان اقتصادها قائم على الصناعة وحتى مناخها البارد بحاجة للطاقة للتدفئة؛ ولذلك فمعظم شركات توليد الكهرباء في اوروبا او الشركات البتروكيماوية الكبرى تقيم علاقات مباشرة مع شركات الطاقة الروسية ويوجد بينهم الكثير من المصالح المشتركة، وليس من السهل قطع هذه العلاقات القائمة منذ سنين من اجل اوكرانيا او من اجل اسقاط طائرة. ولقد استطاعت روسيا وبكل ذكاء ان تتغلل الى اوروبا وتعمل على حملها على الاعتماد على مصادر الطاقة الروسية ([86]) .

و يستثنى الآن البنوك الروسية من رفع القروض طويلة الأجل، وحظر تصدير المعدات ذات الاستخدام المزدوج للاستخدام العسكري في روسيا ويحظر صفقات مستقبلية الأسلحة الاتحاد الأوروبي وروسيا. و إستثناء رفع حظر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على صادرات بعض التقنيات والخدمات في صناعة النفط، على الرغم من الغاز لا تزال تتأثر. تستهدف عقوبات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أيضا العديد من كبار المسؤولين في حركات التمرد الانفصالية الموالية لروسيا في شرق أوكرانيا، بما في ذلك شبه جزيرة القرم، والمنظمات المرتبطة بها ([87]) .

وغيرت الأحداث الاخيرة في أوكرانيا المشهد في العلاقات التجارية والإستثمارية الثنائية بين الولايات المتحدة وروسيا ، فقد أجبرت الأعمال الاسفزازية التي قامت بها روسيا من ضم شبه جزيرة القرم بالإضافة الي الانشطة المزعزعة للإستقرار في جنوب شرق أوكرانيا ، مما دعت الولايا المتحدة وآخرين في المجتمع الدولي لفرض عقوبات علي الأفراد الروس والمؤسسات المالية . وقامت حكومة الولايات المتحدة بتعليق التعاون الإقتصادي مع الحكومة الروسية في العديد من الجبهات ، بما في ذلك التجارة الثنائية ومجموعة العمل الإستثمارية التي تسعي لتوسيع العلاقات الإقتصادية والتجارية . وكان هناك مجموعة من المعايير التي تمثلت في أنه يمكن لشركات الولايات المتحدة الإستمرار في تصدير سلعها وخدماتها إلي روسيا ومواصلة العمل مع الروس للحفاظ علي مكانتها في هذا السوق ، ومع ذلك يتعين علي الشركات الامريكية بإستمرار مراقبة أي تطورات تطرأ بشأن العلاقات السياسية و الإقتصادية للولايات المتحدة وروسيا ([88]) .

أثرت العقوبات الإقتصادية التي تم فرضها علي روسيا وعلي إقتصادها تأثيراً خطيراً ، حتي صرح الرئيس أوباما حديثاً بأن الإقتصاد الروسي أوشك علي التوقف نتيجة للعقوبات الأمريكية والأوروبية . وقد صرح أوباما قبل ذلك بأن العقوبات ستزيد من ضعف الإقتصاد الروسي وقد شددت واشنطن والاتحاد الأوروبي الشهر الماضي العقوبات الاقتصادية على روسيا ردا على تدخلها في الأزمة الأوكرانية، وشملت العقوبات الجديدة قطاعات روسية حيوية مثل البنوك والصناعة العسكرية، وذلك عقب إسقاط الطائرة الماليزية في شرقي أوكرانيا . وذكرت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي لورا لوكاس ماجنوسون أن حظر روسيا واردات زراعية وحيوانية من أميركا والاتحاد الأوروبي ردا على العقوبات التي فرضاها عليها “لن يسفر إلا عن تعميق عزلة روسيا الدولية، وربما يتسبب في زيادة التضخم“. . وقالت ماجنوسون إن تصرفات روسيا في أوكرانيا والعقوبات التي فرضت عليها جعلت الاقتصاد الروسي الضعيف أكثر ضعفاً، واستدلت على قولها بتحذير صدر عن البنك المركزي الروسي من أن معدل التضخم المرتفع حاليا سيزيد مع تنفيذ حظر على واردات غذائية، وبلغ التضخم في روسيا في يوليو/تموز الماضي 7.5%. ([89].

العلاقات العسكرية

تجري المناقشة العامة للقضايا السياسية والعسكرية ليس على ارفع مستوى أو على مستوى الوزراء فقط، بل وفي محافل نزع السلاح التقليدي ودوائر الرقابة على التصدير والهيئات المختصة التي تشكلت في اطار المعاهدات الثنائية والدولية.

ويعار الاهتمام الرئيسي إلى قضايا الاستقرار الاستراتيجي والامن الدولي.

(يمكن أن تطالعوا أيضا المرجع حول الحوار في مجال تقليص الأسلحة الإستراتيجية)
وبحثت على هامش مناقشة قضايا الدفاع المضاد للصواريخ الاقتراحات الأمريكية حول تدابير تعزيز الثقة والشفافية فيما يخص منطقة التموضع الثالثة التي يخطط لأقامتها في أوروبا والتي لا تتفق عموما مع مصالح روسيا. وتتخذ إدارة اوباما موقفا متزنا أكثر حيال نشر عناصر هذه المنظومة في بولندا وتشيكيا بتركيزها على تقييم نفقات هذا المشروع واختبار قدرة المنظومة على العمل في أثناء الاختبارات الشاملة وواقعية الخطر الصاروخي من جانب إيران وضرورة اجراء مشاورات مع الحلفاء في الناتو وروسيا. وفي أثناء اللقاء بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيرته الأمريكية هيلاري كلينتون في لاهاي في 31 مارس/آذار عام 2009 سلمت إلى الأمريكيين الصيغة المجددة ” للاقتراح الجامع” الذي ينص على تحليل التهديدات الصاروخية في مختلف مناطق العالم وإمكانيات إقامة منظومة متعددة الأطراف للرقابة على إطلاق الصواريخ بمشاركة روسيا والولايات المتحدة وغيرهما من الدول المعنية. (المزيد من التفاصيل فيما ادناه وعلى موقعنا).

ويجري العمل في تنفيذ الاتفاقات مع الولايات المتحدة في اطار مبادرة ” مجموعة الثماني” حول الشراكة الشاملة ضد انتشار سلاح ومواد الدمار الشامل. واقيم التعاون من اجل تنفيذ القرار رقم 1540 الصادر عن مجلس الامن الدولي بمبادرة روسيا في أبريل/نيسان عام 2004 وايدته الولايات المتحدة حول عدم انتشار سلاح الدمار الشامل وكذلك في اطار مبادرة الولايات المتحدة حول الامن في مجال مكافحة انتشار سلاح الدمار الشامل. وفي سبتمبر/ايلول عام 2005 كان الرئيسان الروسي والأمريكي في طليعة الموقعين على الاتفاقية الدولية لمكافحة افعال الإرهاب الدولي والتي صادقت عليها الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة بمبادرة من روسيا.

كما يتطور التعاون الروسي الأمريكي حول القضايا الدولية والإقليمية الآنية. وتتعاون روسيا والولايات المتحدة في المنظمات والمحافل الدولية ولاسيما في هيئة الأمم المتحدة ومجموعة ” الثماني” وكذلك على الصعيد الثنائي في مجال مواجهة التحديات الجديدة للامن الدولي مثل انتشار سلاح الدمار الشامل ووسائل ايصاله والإرهاب عبر الحدود وتهريب المخدرات. وتعتبر مجموعة العمل الروسية – الأمريكية في مكافحة الإرهاب من أهم عناصر هذا التعاون.

اما جدول العمل الإقليمي للتعاون الروسي – الأمريكي فقد تركز على دعم الجهود الدولية في مضمار اعمار العراق وأفغانستان بعد الحرب وتنشيط تسوية قضية الشرق الأوسط وكذلك تحريك المفاوضات السداسية حول القضية النووية في شبه الجزيرة الكورية.

تعتمد إستراتيجية الأمن الروسية علي السعي لعالم متعدد الأقطاب علي أساس ان ميزان قوي العلاقات الدولية حالياً ، لا يختلف عن تلك التي شهدتها أوروبا في نهاية الحروب النابليونية والحرب العالمية الأولي والسعي لتحقيق التوازن بين القوي العالمية .  ما لا تُفصح عنه الحكومة الروسية علناً ، هو سعي الولايات المتحدة الدائم للحفاظ علي القدرة العسركية الأمريكية وأن لا يكون مثيل لها ، وهذا يعتبر واحدة من الركائز الأحادية القطبية الأمريكية . وتدعو الإستراتيجية الامنية الروسية موسكو ليكون طرفاً لا غني عنه في تسوية النزاعات الاقليمية ، وذلك كما  أظهرته الأزمة السورية والأبنية الإقليمية مثل منظمة الامن الجماعي ، والإتحاد الاوراسي ، الإتحاد الجمركي ، الفضاء الإقتصادي ، وشانغهاي للتعاون (SCO) ، وذلك في محاولة لمواجهة التحالفات الإستراتيجية وبوجه خاص منظمة حلف شمال الأطلسي . الجيش الروسي القوي كان واحد من اهم الأركان التي ترتكز عليها ما يسمي ” مذهب بوتين ” ، والهدف منها هو استعادة الأصول الاقتصادية والسياسية والجيوستراتيجية التي فقدتها الدولة السوفيتية في عام 1991 عن طريق صندوق الأدوات الكامل حالة الطاقة والاقتصادية والثقافية، ولكن أولا وأخيرا، تسعى القوي العسكرية للكرملين للسيطرة الروسية في ” الخارج القريب ” أو ما يسمي بالفضاء السوفيتي السابق ، حيث كثيراً ما وُصفت الكرملين بأداة للاستعمار الروسي الجديد ([91]) .

تحديث الجيش الروسي له العديد من الإنعكاسات الهامة علي الاإستعداد العسكري للولايات المتحدة الامريكية ، وهيكل القوة، والموقف العسكري في القيادة المركزية، والقيادة الأوروبية، وقيادة المحيط الهادي . وتؤثر المصالح الروسية المتنامية _ في منطقة الشرق الاوسط وجمهوريات الإتحاد السوفيتي السابق _ علي القوات الأمريكية وحلفائها . حيث قد إرتكبت الإستخبارات الأمريكية علي مدي الــ12 سنة الماضية في الشرق الاوسط وأفغانستان العديد من الأخطاء ، لذلك سينخفض التركيز في جمع الإستخبارات الآسيوية والقوة العسكرية في المسارح الروسية . لذلك يكون من الحكمة بالنسبة لروسيا أن تقوم هي الأخري بتخفيض جمع المعلومات الإستخبارية مع التركيز علي القدرات العسكرية الصناعية العقيدة العسكرية، والقدرات والاستعداد والتخطيط . ويؤثر التحديث الروسي علي خصوم الولايات المتحدة وعلي أسواق الاسلحة . وكانت روسيا مورد السلاح الرئيسي للصين والهند، وإيران، وبيعها أنظمة أسلحة متطورة لسوريا وفنزويلا. لذلك فالولايات المتحدة وحلفائها في حاجة الى معرفة بالضبط ما تنامي من  قدرات منظومات الأسلحة الروسية الجديدة، وكثير من هذه الأسلحة يتم تصديرها إلى الشرق الأوسط ([92]) .

مع تعزيز الجيش الروسي وتخفيض ميزانية الدفاع الامريكية ، تم تخفيض توجيه التفوق العسكري الامريكي لمواجهه روسيا والصين . ومن غير المرجح أن يكون هناك حرب واسعة بين الولايات المتحدة وروسيا . روسيا هي الدولية الوحيدة في العالم التي تمتلك الثالوث النووي مثل الولايات المتحدة ، بالإضافة إلي أنها تقوم  بتحديث ترسانتها النووية المماثلة للولايات المتحدة . دائما ما تأمل روسيا والصين وإيران الإضرار بالولايات المتحددة وذلك بدون إطلاق أي رصاصة وذلك من خلال منطقة مثيرة للقلق وهو الامن السيبراني ؛ و تمتلك روسيا الآن قدرة كبري في الإنترنت تستطيع من خلالها إيزاء الولايات المتحدة . جاء هجوم إستونيا عام 2007 وجورجيا التي وقعت ضحية لهجمات السيبرانية القادمة من سوريا عام 2008 خلال خمسة أيام حرب في أبخاريا وأوسيتيا الجنوبية . تزايد الإصرار الروسي في أوروبا يثير القلق بشأن أمن العديد من البلدان الاوروبية وخاصة في أوروبا الشرقية ودول البلطيق ([93]) .

ما تطمح إليه روسيا هو القضاء علي الدفاع الصاروخي الامريكي في أوروبا وذلك منت دون أن تقدم أي تنازلات . التعزيزات العسكرية الروسية والتحديث له آثار خطيرة على السياسة الخارجية للولايات المتحدة وأهداف الأمن القومي لها ؛ فأولاً قد تصبح أكثر تهديداً لحلفاء الناتو وخاصة في شرق ووسط أوروبا ، ثانياً كذلك الزيادة في القوة العسكرية تؤثر علي دول الإتحاد السوفيتي السابق ، و التي يتم لو تحصل علي  مزيد من الحرية من روسيا وتحاول التخلص من ماضيهم كمواضيع الإمبريالية، بما في ذلك أوكرانيا ومولدوفا وروسيا البيضاء، وبلدان جنوب القوقاز و آسيا الوسطى. وأخيرا، فإن القوة العسكرية الروسية قد تكون عاملا على أن تأخذ في الاعتبار النزاعات في الشرق الأوسط، بما في ذلك بلاد الشام، مثل الاحتكاك القريب مع الولايات المتحدة على سوريا ([94]) .

قامت إدارة أوباما علي عدد من الإجراءات لإحتواء الحشود العسكرية الروسية وكان منى بينها : زيادة نوعيوة وحجم المعلومات الإستخبارية التي يتم جمعها ، وتحليل التحديثات العسكرية الروسية والاهداف الإستراتيجية والتكتيكية والبرامج والخطط . وتحتاج الولايات المتحدة إلي أن تستند إلي تخطيط وتنفيذ العمليات العسكرية الروسية في شبه جزبرة القرم وضد أوكرانيا وتحتاج إلي برامج جديدة للتعليم واللغة وحاجة الي تمويل ذلك حتي لا تفقد الولايات المتحدة المهارات الحرجة والقدرات التي وُضعت خلال الحرب الباردة . الإجراء الآخر يتمثل في التركيز علي ديناميات التعاون التقني العسكري الروسي مع بلدان أخري . ضمان استمرار التزام الولايات المتحدة للأمن الأوروبي، والحفاظ على القوات النووية والتقليدية في أوروبا للحفاظ على الأمن الإقليمي في مستوياتها الحالية، بما في ذلك الاستعداد والقدرات والتدريب والتمارين. الولايات المتحدة لا يمكن أن تترك جيشها في وضع يمكنها من حيث أنه لا يمكنه من الحفاظ علي أمن الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم بسبب قدراتها، والتدريب، والمنصات المتدهورة. توسيع التعاون العسكري مع حلفاء الناتو المركزي الأوروبي وشركاء الناتو، وخاصة في الاتحاد السوفيتي السابق . وموسكو تتدخل بشكل متزايد في السياسات الداخلية والخارجية لمعظم بلدان الاتحاد السوفيتي السابق، وسحبها إلى منطقة نفوذها. لمواجهة هذا الاتجاه، ينبغي على الولايات المتحدة نشر الأصول العسكرية اللازمة مؤقتاً لحماية حلفائها في أوروبا الوسطى؛ زيادة عدد مرافق التدريب العسكري الولايات المتحدة، بما في ذلك في رومانيا وبلغاريا ودول البلطيق ([95]) .

لا تزال الأسلحة النووية تلعب دورا هاما للغاية في العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، بل ودورهم المحتمل في الازدياد. وتعرف العلاقات بين واشنطن وموسكو في هذا المجال عن طريق التوازن الاستراتيجي التي تتسم بدرجة عالية من الضعف المتبادل. ومن جانب روسيا هناك العديد من المخاوف حول إمكانية الطرف الآخر من القدرة علي الإعتراض أو حتي إستباق جزء كبير من القوات الإنتقامية وخاصة بإستخدام التقنيات الجديدة . ومن جانب روسيا أيضاً ؛ نظراً لاحتمال نشوب صراع بين الناتو وروسيا، فهذه العوامل تعني أن الأسلحة النووية ( والاستراتيجية الدفاعية وموقف أكثر على نطاق واسع ) يتلقون اهتماما متزايدا في عواصم التحالف، وهذا الاهتمام من المرجح أن ينمو. لذلك فإن تدابير الحد من التسلح والإستقرار أصبحت أكثر قيمة ومناسبة للتخفيف من فرص نشوب الصراع أو من التصعيد ([96]) .

من الواضح أن الطرفين سواء روسيا أو الولايات المتحدة لهما القدرة علي إلحاق الدمار الذي لم يسبق له مثيل إذا تم إستخدام الأسلحة النووية من جانب الطرفين . وتقوم الولايات المتحدة ان تنشر ععداً كبيرا من الرؤوس الحربية علي غواصات الصواريخ الإستراتيجية . العديد من هذه السفن في عرض البحر وعلى استعداد لتلقي أوامر لتوجيه ضربة مدمرة لروسيا التي ستكون عاجزة عن وقفه . كما تمتلك الولايات المتحدة عدة مئات من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات التي ستكون آثارها التدميرية شاملة . فضلا عن قوة مؤلفة من نحو 100 القاذفات الاستراتيجية التي يمكن وضعها على حالة تأهب . كما تنشر روسيا ثالوث من أنظمة التوصيل الاستراتيجية القادرة على حمل مئات من الرؤوس الحربية ضد الولايات المتحدة.  كما أن لديها ترسانة كبيرة جدا ومتنوعة سواء  قصيرة المدى أو عدد من الأسلحة النووية “التكتيكية”، و مصممة لتكون للتأثير العسكري على أرض المعركة. كما تمتلك موسكو نظام القيادة والسيطرة النووية قادرة كذلك على الإنذار المبكر ([97]) .

هناك العديد من الإحتمالات التي تري بأنه سيحدث تصادم عسكري بين الولايات المتحدة وروسيا بسبب غزو موسكو لأوكرانيا ، ولكن تحقق هذه الإحتمالات ضعيفة جداً . أوكرانيا ليست عضواً في حلف شمال الاطلنطي ، والرئيس أوباما ليس من المرجح ان  يتطوع للحرب مرة أخري . ولكن العديد من جيران أوكرانيا أعضاء في منظمة حلف شمال الأطلسي، بما في ذلك بولندا ورومانيا وسلوفاكيا والمجر. وهكذا هي دول البلطيق – ليتوانيا، لاتفيا، واستونيا – شمالا والحق على الحدود الروسية . من تلك البلدان تأتي المساعدات إلي أوكرانيا وتجد نفسها في حرب مع روسيا ويكون حلف شمال الأطلسي  مضطر للتدخل ([98]) .

بشرت الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا ما أُطلق عليه عصر جديد في مراقبة الأسلحة النووية ، وذلك بعد أن وقع الرئيس أوباما والرئيس الروسي ميدفيديف معاهدة تخفيض الأسلحة وافقت على العمل بطريقة موحدة ضد خطر البرنامج النووي الإيراني . وكان هناك إتفاق بين الدول علي تقليص ترسانتها النووية ، وتم الإتفاق علي أن يجب على الولايات المتحدة وروسيا خفض الحد على الرؤوس الحربية وقاذفات الاستراتيجية المنشورة بنسبة 25٪ و 50٪ على التوالي. وأيضا تنفيذ نظام التفتيش الجديد. و بسبب المقاومة بين الجمهوريين في الكونغرس، الذين إدعوا ان التحقيقات السابقة و الذين كانوا مستعدين بشكل عام إلى حل وسط مع الديمقراطيات، فإنه من غير الواضح في قرب نهاية دورة الكونغرس أن تتم الموافقة على المعاهدة ([99]) .

الصراع في أوكرانيا هو نتاج صراع جيوسياسي مكثف بين روسيا والغرب بوجه عام ، والولايات المتحدة علي وجه خاص . وهناك خطر آخر هو الصدام العسكري بين الناتو وروسيا . والتدخل العسكري الروسي في سوريا يعتبر خطوة كبري تزيد من خطر حدوث مواجهه عسكرية مباشرة بين الولايات المتحدة أو حلف شمال الاطلسي وروسيا . وهناك العديد من التقاري التي تقول أن الولايات المتحدة قامت بتعليق عدد من عمليات الطيران المأهول علي إمتداد الحدود التركية السورية إلي الغرب من نهر الفرات وهذا يشمل ما يسمى “عزاز الممر”، وهو خط الإمداد الحيوي للقوات المناهضة للأسد للقتال على جبهات حلب وإدلب. ([100]) .

قررت روسيا، بعد مضي خمس سنوات على الحرب المستعرة في سوريا، التدخل بقوة في تلك الأزمة، بعد إعلان الكرملين منح الرئيس فلاديمير بوتين تفويضا بنشر قوات عسكرية في سوريا، بعد طلب الرئيس السوري بشار الأسد مساعدة عاجلة من موسكو. لتدخل الروسي في سورية جاء لدعم نظام بات واضحاً أنه يضعف ويخسر، بعد التقدم العسكري في الجنوب والشمال الغربي خصوصاً في سهل الغاب. ولهذا تمركزت الغارات الروسية على الجيش الحر الذي تقدم في هذه المناطق، وكما يبدو هي مقدمة لتقدم قوات إيرانية ومن حزب الله لإعادة السيطرة على مناطق خسرها النظام خلال السنة الحالية ([101]) .

رد فعل واشنطن علي ما قامت به روسيا من التدخل العسكري في سوريا تمثل في عدد من السناريوهات : البدء بالتعاون مع موسكو ضد ISIS وآل النصرة او الجماعات الجهادية ، الخطوة الثانية ؛ في محاولة لتحويل سوريا الى مستنقع لموسكو بجعل تدخلها أكثر تكلفة ، أو الخطوة الثالثة ؛ لا تعارض ولا تتعاون عسكريا (بغض النظر عن باجراءات اجتثاث نشوب النزاعات) ولكن الاستمرار في الحملة العسكرية الحالية ضد ISIS وجهودها الدبلوماسية للتفاوض على تسوية سياسية . ومن المعروف أن السيناريو الاول من الصعب حدوثه فالولايات المتحدة لن تتعاون بنشاط مع روسيا عسكريا . ولكن سيكون من الصعب للغاية، إن لم يكن من المستحيل، بالنسبة لإدارة أوباما للدفاع عن هذا التعاون على الصعيد المحلي، وخاصة في عام الانتخابات. والخط العام في وسائل الإعلام وفي دوائر السياسة هو أن الأسد تتحمل الجانب الأكبر من المسؤولية عن الكارثة السورية، بينما ينظر إلى روسيا باعتبارها خصما معاديا. هناك بعض الأصوات المؤثرة التي تدعو للتعاون مع روسيا في سوريا، ولكنها مع ذلك أوباما، أو في الواقع خلفه، سيدفع ثمناً سياسياً كبيراً لو كان مساعدة ​​روسيا من خلال مساندتهم للدولة عميلة وحشية في منطقة الشرق الأوسط ([102]) .

أما بالنسبة للخيار الثاني – مما يجعل تدخل روسيا أكثر تكلفة – الطريق إلى تحقيق ذلك سيكون بزيادة المساعدات العسكرية الامريكية للقوات “المعتدلة” التي تقاتل النظام في المناطق الرئيسية من حلب وإدلب وحمص ودمشق والقنيطرة. و إلى حد ما قد حدث بالفعل – وكانت هناك زيادة في إيصال أسلحة أمريكية الصنع BGM-71 TOW (التي تطلق من المواسير، تعقب بصريا، الموجهة سلكيا) ATGMs (المضادة للدبابات الصواريخ) لمختلف المتمردين “المعتدلين” وخلافا للحملة ضد ISIS، هذه العملية الأخيرة هي أكثر أو أقل سرية .    و كان الخيار الأخير، التواصل مع الحملة العسكرية ضد ISIS في الشرق والشمال الشرقي و السماح بتدفق معركة في غير ISIS-المناطق التي تسيطر عليها ليأخذ مجراه. وقد زادت الولايات المتحدة من شدة ضرباتها الجوية ضد ISIS، وأنه قد ارتكب عدد قليل من قوات العمليات الخاصة لحملة الرقة. وما هو أبعد من ذلك، فإن هذه الإدارة، أو ربما خليفتها، قد تقرر في مرحلة ما اعلان منطقة حظر الطيران و هذه المناطق  ربما تكون في أقصى الجنوب بالقرب من مرتفعات الجولان و / أو على طول الحدود التركية السورية إلى الشرق من الفرات. وعلى الرغم من ذلك، فإن المشكلة الرئيسية بالنسبة لواشنطن لا تزال قائمة، وهي غياب القوات المحلية التي يمكن الاعتماد عليها لاحتلال الأراضي المحررة من ISIS أو أي من المقاتلين الآخرين المعادية لواشنطن ، بما في ذلك النظام. و من الناحية الاستراتيجية ، فإن الرد سيكون له مزايا معينة. فإنه تجنب تورط الولايات المتحدة في حرب أخرى دموية ومكلفة علي الارض لفترات طويلة مع عدم وجود نهاية للعبة السياسية . كما أنه ترك موسكو مثقلة بحملة طويلة وصعبة في سوريا، و زيادة من اللوم من العرب السنة لكانت لدعم  الدولة العلوية المتحالفة مع إيران الشيعية وحزب الله ([103]) .

العلاقات السياسية

شهدت العلاقة بين الولايات المتحدة والاتحاد الروسي تجاذباً وتنافراً، وإن كانت طبيعتها تختلف عن الصراع الإيديولوجي بين الرأسمالية والاشتراكية. إنّ العلاقات “الأمريكية – الروسية” يشوبها دائما عامل انعدام الثقة، ومما زاد في توتر هذه العلاقات أنّ الإدارة الأمريكية السابقة لم تأخذ بعين الاعتبار “الإطار الإستراتيجي” الذي تضمنه الإعلان الروسي – الأمريكي في نهاية “قمة سوتشي” في أبريل 2008. عملت روسيا على استغلال مواردها الطبيعية من الطاقة لاستعادة المكانة القوية التي فقدتها, وتوظيفها في المجالات السياسية والاقتصادية والإستراتيجية, في مواجهة توسع الهيمنة الأمريكية والغربية في أوربا الشرقية وآسيا الوسطى اللذين يعتبران المجال الحيوي لروسيا – قديمًا وحديثًا – وكذا مناطق نفوذ طبيعية لا يمكن التساهل تجاهها مثلما لا يمكن تجاهل ما يمثله المشروع الأمريكي لنشر الدروع المضادة للصواريخ في أوربا الشرقية (بولندا، جمهورية التشيك) من خطورة على الأمن القومي الروسي حيث تعارض موسكو هذا المشروع معارضة شديدة متهمة واشنطن بأنها تهدد جديًا القوى الإستراتيجية النووية لموسكو وبأن المشروع سلسلة من التوسع والهيمنة الأمريكية وهو ما ترفضه موسكو([104]) .

إن الحرب الباردة التي تتجه إليها العلاقات الروسية – الأمريكية ستكون هذه المرة سياسية مع وضع العامل العسكري في الاعتبار، وأن الأمر لا يقف عند حد التلويح باستخدام أوراق ضغط دبلوماسية بل إنه قد يتعداه إلى مجالات أخرى كالتجارة والاقتصاد خاصة (اقتصاد الطاقة)، وهو الأمر الذي يضعه الجانب الروسي والأمريكي والأوربي في الحسبان، وقد بدأت روسيا بإعادة بناء مواقع نفوذها وتكريس امتدادات تحالفاتها وتعزيز أوجه وجودها السياسي والأمني والاقتصادي (الطاقة)، وبالتالي نفوذها الإستراتيجي ، وبدأت هذه السياسة تؤتي ثمارها ([105]) .

منذ أكثر من 200 سنة، تشترك روسيا والولايات المتحدة في  علاقات دبلوماسية متعددة الأوجه، فهم يتقاسمون في  الحدود البرية عندما تأسست روسيا في تسوية في فورت روس، كاليفورنيا. خلال هذه الفترة، قد تنافس البلدين على النفوذ السياسي والاقتصادي، وتعاونت لمواجهة التحديات العالمية المشتركة. في عام 2007، توض المنظمات الخاصة والحكومية في الولايات المتحدة وروسيا _ بمناسبة الذكرى المئوية الثانية لعلاقات دبلوماسية _ عمق وتاريخ العلاقات بين البلدين . شهدت الفترة التي تم فيها بيع ألاسكا من روسيا إلي الولايات المتحدة في منتصف القرن 19 ، نشاط عدد من المشروعات التجارية المشتركة والدعم الروسي للولايات المتحدة خلال الحرب الامريكية الاهلية . وفي أوائل القرن العشرين شهدت هذه العلاقات العديد من التوترات ، فالبرغم من عدم إعتراف الولايات المتحدة بالإتحاد السوفيتي عام 1933 ، إلا ان روسيا قدمت العديد من المساعدات الإنسانية للولايات المتحدة أثناء المجاعة (1921-1923) ، وبالرغم من الخلافات بين الروسيين والامريكان ، إلا أنهم كانا متحدين ضد عدو مشترك من خلال الحرب العالمية الثانية . وشارك الاتحاد السوفيتي في برنامج الإعارة والتأجير التي تقدم بموجبها الولايات المتحدة للحلفاء الإمدادات، وانتهت تلك الفترة مع بداية الحرب الباردة ([106]) .

قامت جورجيا باستفزاز روسيا عسكريا وتصرفت روسيا برد فعل عسكري زائد، فإن ذلك سيتيح للدعاية الأميركية استعادة أجواء الحرب الباردة وانتقاد روسيا المتسلطة ضد جار صغير, هنا تستطيع الإدارة الأميركية إنجاز الخطوة قبل الأخيرة في خطة استكمال محاصرة روسيا بالكامل، والذي قوبل بشن القوات الروسية حربا على جورجيا حين إتهمت روسيا جورجيا باستخدام القوة بشكل مفرط في إقليم أوسيتيا الجنوبية وحذرتها من تصعيد الأزمة هناك مما دعا إلى التحرك العسكري في المنطقة وشن الحرب لإعلان انفصال إقليمي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا و الإعتراف بهما دولتين مستقلتين, ولم تكتفي بذلك بل استعرضت قوتها بتجاوز الحدود إلى أقاليم أخرى من جورجيا رغم جولات المدمرات الأمريكية في البحر الأسود ،  حيث أثار هذا الإجراء الانفرادي من الجانب الروسي حفيظة الإدارة الأمريكية التي وجدت في الخطوة الروسية تصعيد ليس له مبرر خاصة و أن جورجيا دولة حليفة لها وموطئ قدمها في المنطقة, مما أدى إلى تبادل الاتهامات بين موسكو وواشنطن، فالروس ينظرون إلى الحرب بأنها عمل مشروع لحماية مواطنيها وأن ممارستهم لهذا الحق أمر طبيعي حتى لو أدى ذلك إلى قيام حرب باردة مع الغرب،  وأن تحجيم النفوذ الأمريكي في المنطقة سيكون بداية لانحصار وانكسار نفوذها انطلاقا من إدراك موسكو بان جورجيا وليدة لمشروع الولايات المتحدة في المنطقة  ([107]) .

إن الأزمة الجورجية التي اشتعلت عام 2008 أصابت العلاقات الأمريكية الروسية بصدمة كبيرة أكثر من أي أزمة أخرى منذ نهاية الحرب الباردة، وهو الأمر الذي جعل العلاقات الأمريكية – الروسية تحتل مكانة متقدمة في السباق الرئاسي الأمريكي هذا العام في لحظاته الأخيرة . التغير في نظرة واشنطن تجاه روسيا، يبدو للوهلة الأولى تغيرًا جوهريًّا. فمنذ خمس سنوات مضت، اعتبر السفير الأمريكي في موسكو، ألكسندر فيرسبو، أن العقبة الرئيسة التي تعترض العلاقات الروسية الأمريكية هي “فجوة القيم” Values Gap فالجانبان كانا يتعاونان في عديدٍ من القضايا العملية، وكان الخلاف منحصرًا في قضايا مثل “حكم القانون وتعزيز المؤسسات الديمقراطية” وخلال فترة حكم الرئيس الروسي الأسبق (رئيس الوزراء حاليًّا) فلاديمير بوتن، كانت العلاقات بين الجانبين الروسي والأمريكي، لحديث الأخير كثيرًا عن أن الرئيس “بوتن” يقوض الديمقراطية الروسية. انتقلت التوترات بين الجانبين إلى مستوى آخر عندما قال الرئيس بوتن: إن الولايات المتحدة تقوض الردع النووي الروسي ولكن دخول الدبابات الروسية إلى جورجيا شكل تحولاً جذريًّا في العلاقات بين البلدين ، بعد الأزمة الجورجية فإن السياسة السابقة التي كانت تحكم العلاقات بين البلدين القائمة على التعاون في قضايا التهديد المشترك كالحرب على الإرهاب والانتشار النووي وأمن الطاقة وتجارة المخدرات والتغير المناخي، لم تتغير، ومن المتوقع ألا تتغير في المستقبل القريب( . ([108]

المواجهة التي بدأت بين روسيا والولايات المتحدة خلال أزمة جورجيا تعتبر إيذان ببداية حقبة جديدة من العلاقات الدولية, فقد أخطأت واشنطن باستمرارها للتصعيد مع موسكو بتأكيد أنه سيتم ضم جورجيا إلى حلف الأطلنطي مستقبلا, وما صاحب ذلك من مناورات أمريكية أوكرانية في البحر الأسود, مما دفع روسيا إلى الاستمرار في التصعيد وذلك بتوعد بولندا بإمكانية استخدام السلاح النووي ضدها, وتعليق تعاون روسيا مع حلف الأطلنطي حيث أن هذه الأزمة كشفت عن التغير في النظام الدولي وما ستنطوي عليه العلاقات من تفاعلات بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية ([109])

بعد أن استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية ضم بولندا وبلغاريا ورومانيا إلى حلف الأطلسي، بل استطاعت ضم استونيا ولتوانيا ولاتفيا التي كانت جزءاً من الاتحاد السوفيتي إلى الحلف المذكور لاكمال حلقة تطويق روسيا، وبادرت لتشجيع القوى الفاشية في أوكرانيا، التي كانت قد انفصلت من الاتحاد السوفيتي على أثر انهياره، واحتفظت بعلاقات طبيعية مع روسيا، على اسقاط النظام القائم فيها سعيا إلى ضمها لحلفها العدواني لإكمال حلقة تطويق روسيا فيما سمي بالثورة البرتقالية، واستطاعت أن تنجح في مسعاها ولكن إلى حين. لكن الانتخابات البرلمانية التي تلت ذلك التغيير في اوكرانيا اسقطت النظام الذي جاءت به الثورة البرتقالية، وفازت القوى التي تقف إلى جانب اعادة العلاقات مع روسيا إلى سابق عهدها، ما اثار غضب القيادة الأمريكية التي راعتها نتائج الانتخابات، وبدأت تعد العدة من جديد لإسقاط النظام الجديد في أوكرانيا بالقوة مستخدمة القوى الفاشية المسلحة التي استطاعت اسقاط النظام في ثورتها المضادة والاتيان بنظام فاشي موالٍ لها على المكشوف ويدعو إلى ضم اوكرانيا إلى حلف الناتو([110]) .

كان من نتائج ذلك الانقلاب الدموي المدعوم من الولايات المتحدة أن ردت شبه جزيرة القرم التي تظم القاعدة البحرية الروسية في البحر الأسود معلنة انفصالها عن اوكرانيا، واجراء انتخابات برلمانية فيها، وقرر برلمانها المنتخب الانظام إلى روسيا. .  كما اشتعلت الحرب الأهلية في المنطقة الشرقية من أوكرانيا ذات الأغلبية الروسية التي أعلنت انفصاله، و قيام جمهوريتي لوكانسك ودوباس مطالبين بالحكم الذاتي، ورغم كل الجهود التي بذلت في مؤتمر منسك لحل النزاع القائم شرق اوكرانيا وإيقاف العمليات الحربية، فما زالت حكومة اوكرانيا، بتحريض من الولايات المتحدة، ترفض تطبيق الاتفاقية لحل النزاع سلميا، وما زالت الولايات المتحدة ترسل السلاح إلى حكومة أوكرانيا، وتفرض العقوبات على روسيا بالاشتراك مع دول الاتحاد الأوربي، تلك العقوبات التي اضرت بالاقتصاد الروسي والدول الغربية على حد سواء، وقد ظهرت بوادر وضجر وتململ من سياسة الولايات المتحدة التي سعت إلى تمديد أمد العقوبات، ومطالبة المانيا وفرنسا وإيطاليا لحكومة أوكرانيا وروسيا بتنفيذ اتفاقية منسك حيث اضرت العقوبات الروسية بالمقابل اقتصاد هذه الدول ([111]) .

في أواخر عام 2015 ، حان الإعتراف أن العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا أصبحت توصف بــــ “حرب باردة جديدة ” فالمواجهه بينهما بسبب أوكرانيا كان طريق مسدود ، ولكن هناك نهاية للأزمة في الولايات المتحدة روسيا ، والعلاقات بين الغرب وروسيا وسيبدأ الجانبان  بتحديد “وضعها الطبيعي الجديد “. ولكن الإدارة الأمريكية والروسية وجهت الكثير من طاقتها في إتجاه المنافسة الجديدة التي حدثت بينهما . وإذا إستمر الوضع كذلك فإنه حتماً يؤدي إلي تعميق المواجهه الداخلية في كلا البلدين . ما وراء المشاركة المتبادلة في هذه العمليات الدبلوماسية والولايات المتحدة ، روسيا مهددة من قبل التطرف الآتي من الشرق الأوسط، وأبرزها من الدولة الإسلامية في العراق وسوريا (ISIS). جهودها لمواجهة هذا التهديد  دون علاقة ثنائية فاعلة، لا تكون فعالة . وكانت هذه الديناميكية في عرض حي في خريف عام 2015، عندما بدأت روسيا غاراتها الجوية في سوريا. في حين أن كلا الجانبين يشتركان فى نفس الأهداف العامة لمكافحة التطرف، ولكن الوسائل التي تستخدم لتحقيق تلك الأهداف كانت تتعارض جذريا. موسكو، من جهة، تصرفوا بدافع من الاقتناع بأن ISIS لا يمكن أن تهزم إلا من خلال تعزيز نظام الأسد. واشنطن، من جهة أخرى، كانت تري في وحشية الأسد كمفتاح تمكين شرطه نجاح ISIS في سوريا.  ورفضهم لتلبية كل نصف الطريق بالإضافة الي الانهيار في العلاقات الثنائية والاختلافات في استراتيجياتها. في أعقاب تفجير طائرة Metrojet 9268)  ) في مصر والهجمات الإرهابية في باريس، بدأت واشنطن وموسكو تعرف تكاليف هذا النهج . و في أوائل عام 2016، كان بالفعل واضحا للطرفين أن تدخلات كل منها في الحرب الأهلية السورية أنجزت قليلا من تحقيق الهدف المشترك النهائي لها ([112])  .

محددات السياسة الخارجية الروسية ما بعد الحرب الباردة

يتعين القول ابتداءً أنه إبان حقبة انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991، وإعلان جمهورية روسيا الاتحادية، واستقلال دول الكومنولث الواحدة تلو الأخرى، حدث تدهور وانهيار شديدين في الدولة الروسية داخليًّا (الاقتصاد، التجارة، الاستثمار… إلخ) وخارجيًّا (السياسة الخارجية، المكانة الدولية… إلخ)، حتى أُطلِق على روسيا لقب “الرجل المريض”، وذلك في عهد الرئيس الروسي الراحل بوريس يلتسن.

وبعد تولي بوتين السلطة في أبريل 2000، اعتمد استراتيجية تهدف لدعم سلطة الدولة المركزية، وتشديد قبضتها على المؤسسات الاقتصادية والسياسية وتقوية قدراتها الاستراتيجية. وبالتالي بدأ في تقويض سلطة أباطرة رأس المال والسياسة في روسيا واعتقال بعضهم، كما اتجه إلى تعيين حكام الأقاليم الروسية بدلاً من انتخابهم، واختيارهم ممن يعرفهم ويثق في قدراتهم.

وقد أحكم بوتين كذلك سيطرته على ثروات روسيا من النفط والغاز اللذين، حيث تزامن هذا مع ارتفاع أسعارهما في السوق العالمي، ما أدى إلى انتعاش الاقتصاد الروسي، وارتفاع مستوى معيشة الفرد في الدولة الروسية، الأمر الذي زاد من شعبية بوتين داخليًّا بشكل غير مسبوق.

انعكس هذا بوضوح على سياسة روسيا الخارجية حينما أعلن رئيسها أن سنوات الضعف والمهانة قد ولَّت، وطالب الولايات المتحدة وأوروبا بمعاملة روسيا باحترام، وكقوة لها مكانتها ودورها العالمي. واتجه بوتين إلى بناء علاقات شراكة مع كلٍّ من الصين والهند، وإلى استثمار ميراث الاتحاد السوفييتي السابق، وما بناه في مناطق مثل الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية.

أولاً: أهداف السياسة الخارجية الروسية

الواضح أن بوتين قد كرَّس قدرًا ملحوظًا من اهتمامه لصياغة اتجاه جديد للسياسة الخارجية الروسية، تحاول استعادة المكانة التي كان يتمتع بها الاتحاد السوفييتي السابق في مرحلة الحرب الباردة، مع إحداث بعض التغييرات الجوهرية بحيث تتفق مع الوضع الجديد؛ ليمكِّنها من تحقيق طموحاتها في عصر العولمة وحرية الأسواق. ولهذا فقد اعتمدت روسيا الاتحادية في سياستها الخارجية عدة دوائر تعتمد على مراحل نموها ومدى استقرارها السياسي والاقتصادي. وفي كل هذه الدوائر كان الهدف الأسمى هو تحقيق الاستراتيجية الأمنية على المدى البعيد. (1)

ويمكن القول إن أهم أهداف السياسة الخارجية الروسية في هذه المرحلة تتمثل فيما يلي:

1/-إضفاء الطابع القومي على السياسة الخارجية الروسية، والتأكيد على ضرورة استرداد روسيا المكانة التي افتقدتها منذ قيامها، وإنهاء الانفراد الأمريكي بموقع القمة. وحسب رؤية القيادة الروسية، فيجب إتباع خطة استراتيجية وعقلانية تفضي إلى إحلال التعددية القطبية محل هذا الانفراد، وعلى نحو يتناسب أكثر واتجاهات العالم الجديد.

2/-السعي إلى بناء علاقات متميزة وتعاون استراتيجي مع أصدقاء الاتحاد السوفييتي السابقين، لا سيما الهند وإيران والصين.

3/-الاتفاق مع دول الجوار الإقليمي حول كيفية إقرار السلام والاستقرار في المنطقة.

4-الواقعية في التفكير، وزيادة التعاون وتعزيز العلاقات مع كومنولث الدول المستقلة. (2)

5-السعي إلى تعزيز النفوذ الروسي في الفضاء السياسي للاتحاد السوفييتي السابق.

6-منع انتشار الصراعات السياسية والعسكرية المؤدية لعدم الاستقرار بآسيا الوسطى.

7-تعزيز الديمقراطية في روسيا.

وكان من أهم الخطوات التي اتخذها لتقوية سياسة بلاده الخارجية في مواجهة القوى العالمية الكبرى الأخرى اندماج روسيا في العديد من نشاطات السياسة الخارجية مثل مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى، ومنتدى آسيا-باسيفيك للتعاون الاقتصادي، ورابطة الأمم لجنوب شرق آسيا، ومؤتمرات القمة الروسية مع الاتحاد الأوروبي… إلخ. (4)

ثانيًا: ملامح تحركات السياسة الخارجية الروسية

قبل وصول بوتين مرة أخرى إلى سدة الحكم، لوَّح بخطوات قوية لسياسة روسيا الخارجية تنطوي بلاده اتخاذها ضد “الشركاء الغربيين” بسبب ما يقومون به مما أسماه “الخطوات الانفرادية على الساحة العالمية، والتي لا تراعي رأي روسيا ومصالحها”.

وأكد الرئيس الروسي أنه لا يجوز تحديد قواعد اللعب في الاقتصاد والسياسة الدولية من وراء ظهر روسيا، أو بمعزل عنها وعن مصالحها، مشيرًا إلى أن التعاون الدولي طريق ذو اتجاهين، ومشددًا على السعي إلى التعاون البنَّاء والحوار في شأن قضايا مكافحة الإرهاب الدولي، والرقابة على الأسلحة، وصون الأمن العام. وألمح إلى أن الخطوات الانفرادية المشار إليها سلفًا سوف تلقى التقويم المناسب والرد المقابل. (5)

وأشار إلى أن روسيا استعادت خلال السنوات الأخيرة موقعها بين القوى العالمية الرئيسة، معتبرًا أن مكانتها الحالية وقدراتها تؤهلها للعب دور أوسع، وتجعل مشاركتها في الشئون الدولية ضرورية أكثر فأكثر.

وفي خضم حملته الشديدة اللهجة على الغرب قبل وعقب انتخابه رئيسًا لروسيا لفترة جديدة، حدَّد بوتين أولويات عمله كرئيس للدولة، مؤكدًا أن إعادة تسليح روسيا أصبحت ضرورية لمواجهة سياسة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في مجال الدفاع الصاروخي، مما يفرض عدم تخلي الدولة الروسية عن قدراتها للردع الاستراتيجي، التي اعتبرها مُشكِّلةً للضمانة الأساسية لبلاده، في إشارة إلى السلاح النووي، والصواريخ العابرة للقارات، والمقاتلات، والغواصات، وذلك من خلال أضخم برنامج للتسليح في روسيا منذ استقلاها عام 1991.

وفي هذا الإطار، فقد عارض الرئيس الروسي سياسات الولايات المتحدة والغرب في مد مظلة حلف الناتو إلى الحدود الروسية، ورفض بشدة -ولا يزال-المشروع الأمريكي لبناء قواعد صواريخ مضادة في بولندا وجمهورية التشيك، مستخدمًا لغة قوية في رفض الهيمنة الأمريكية.

وعلى ما سبق يمكن القول بأن ثَمَّة عدة تطورات على المستوى الوطني قد حدثت؛ من أجل تعزيز الدور الروسي على الساحة الدولية، كان من أهمها ما يلي:

1-السعي إلى وضع مساوٍ، واستغلال حيز دبلوماسية القوى الكبرى، حيث كانت تلك في قمة أولويات السياسة الخارجية الروسية في تطوير العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا الغربية.

1-تقوية منظمة الأمن والتعاون في أوروبا OSCE؛ كي تمارس دورًا رئيسًا، وفي ذات الوقت السعي نحو منع توسع حلف شمال الأطلسي NATO نحو الشرق، والحد من قدرته على لعب دور في شئون منطقة النفوذ الروسي.

2-وضع استراتيجية لإحياء الاقتصاد الروسي، ومحاولة التغلب على الصعوبات الاقتصادية العديدة، لا سيما نقص الأرصدة البنكية، والاحتياطيات الأجنبية بالبنوك، وصعوبات الاستثمار، وتفاقم مشكلة البطالة في روسيا… إلخ.

3-تقوية الموقف والتأثير الروسي كقوة أوراسية، خاصةً بعد توسع حلف شمال الأطلسي شرقًا في أواخر تسعينيات القرن الماضي، حيث سعت القيادة الروسية إلى محاولة إيجاد عالم متعدد الأقطاب، وتوجهت بدبلوماسيتها جنوبًا نحو الصين والهند والدول الآسيوية الكبرى الأخرى؛ بهدف تقوية الدور الروسي في الشئون العالمية. (8)

  1. نبية الأصفهاني، “مستقبل التعاون الروسي- الإيراني في ضوء التقارب الأخير”، السياسة الدولية، العدد 144، المجلد 36، (القاهرة: مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، أبريل 2001)، ص 164.
  2. د. عبد العزيز مهدي الراوي، “توجهات السياسة الخارجية الروسية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة”، دراسات دولية، العدد 35، ص ص 162- 163.
  3. د. عبد العزيز مهدي الراوي، “توجهات السياسة الخارجية الروسية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة”، دراسات دولية، العدد 35، ص ص 162- 163.
  4. أحمد دياب، “عودة بوتين: تحديات وطموحات روسيا بعد انتخابات الرئاسة”، السياسة الدولية، العدد 188، المجلد، 47، (القاهرة: مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، أبريل 2012)، ص 106.
  5. د. السيد أمين شلبي، “بوتين وسياسة روسيا الخارجية”، السياسة الدولية، العدد 175، المجلد 44، (القاهرة: مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، يناير 2009)، ص 257.

محددات السياسة الخارجية الامريكية ما بعد الحرب الباردة

I/ خصوصيات السياسة الخارجية الأمريكية في عهد كلينتون:

    من ابرز تقاليد برامج الحزب الديمقراطي الأمريكي التركيز على المسائل المتعلقة بقضايا الاقتصاد والانفتاح الاقتصادي، وتشجيع نماذج الحكم الديمقراطية، واحترام المنظومة الدولية لحقوق الإنسان في العالم، وتميزت السياسة الخارجية الأمريكية في عهد بيل كلينتون بالاعتدال والاهتمام الكبير بالسلام حتى سميت سياسته الخارجية ( بالولسونية الجديدة ( .

اهتمام الولايات المتحدة بالسلام نابع من تخوفها من حدوث نزاع كبير يهدد تفوقها، وتكمن استراتيجية كلينتون المفضلة للمحافظة على السلام في المحافظة على الوجود الأمريكي في أوربا وأسيا مع المحافظة على علاقات وثيقة مع القوى الكبرى الأخرى، ودعم جهود السلام الإقليمية حيثما يكون ذلك ملائما، وتستند هذه الاستراتيجية على الاعتقاد بأن الوجود العسكري الأمريكي المتقدم مازال هو الحاجز المعتمد عليه أمام المنافسين الجدد من القوى الكبرى.

قامت الاستراتيجية العامة للسياسة الخارجية لإدارة كلينتون على أربعة مبادئ أساسية:

  1. / السعي إلى كبح التنافس الأمني وتخفيض مجازفة حدوث حرب كبيرة في أوربا وشرق آسيا والشرق الأوسط، وذلك بتدعيم وجودها العسكري في كل من هذه المناطق.
  2. / عملت الإدارة الأمريكية على تخفيض تهديد أسلحة الدمار الشامل.
  3. / حاولت الإدارة الأمريكية تعزيز اقتصاد عالمي منتج ومفتوح، وهي ترى في ذلك انه عامل هام لازدهار الاقتصاد الأمريكي.
  4. / بناء نظام عالمي ينسجم مع القيم الأمريكية عن طريق تشجيع نموذج الديمقراطية، وباستخدام القوة العسكرية ضد الإساءات إلى حقوق الإنسان الرئيسية.

II /   خصوصيات إدارة الرئيس جورج بوش:

   على اعتبار أن هذه الإدارة إدارة جمهورية يتزعمها الحزب الجمهوري منذ عام 2001، فان السياسة الخارجية في هذه الفترة تختلف في جزئياتها عن السياسة الخارجية في عهد     بيل كلينتون خاصة بعد بروز العديد من المتغيرات التي يأتي على رأسها الإرهاب الدولي.

فأحداث 11 سبتمبر 2001 أعطت أمريكا الفرصة لتزعم العالم و القيام بدور الزعيم على أكمل وجه، خاصة بعد وضوح العدو المتمثل في العالم الإسلامي المقترن بالتطرف و العنف و منبع الإرهاب و الراعي له و المجسد لأطروحة صدام الحضارات التي قال بها صامويل هانتغتون , فهذه الأحداث دعمت التوجه الأمريكي الساعي إلى الهيمنة على العالم من خلال الدبلوماسية القهرية .

والمتأمل إلى السياسية الخارجية للرئيس جورج بوش يجد أنها تتميز عن السياسة الخارجية في عهد بيل كلينتون إذ اقترنت ببروز العديد من المصطلحات وعلى رأسها ” الحرب الوقائية “التي تبرر استخدام القوة العسكرية لإزالة تهديد متخيل كما جرى في العراق، واتسمت من ناحية أخرى بالطرح الإيديولوجي اليميني بعديه السياسي والديني الذي يملك تصورات تتعدى وتتجاوز الحدود الأمريكية إلى العالم ككل الأمر الذي جعل الدين مكون أساسي في السياسة الخارجية الأمريكية.

على صعيد أخر أصبحت توظف ثلاث عناصر لتحقيق المصالح القومية الأمريكية و أن كانت في عهد بيل كلينتون ليست على قدر الأهمية مما عليه في الإدارة الحالية و هذه العناصر هي (الهيمنة الدينية و الثقافية إلى جانب ممارسات القوة بمستوياتها)؛ إذ أن الجمهوريين يرون أن متغير القوة شهد تراجعا خلال عهدتي بيل كلينتون و هو ما لا تسمح به إدارة الجمهوريين الساعية إلى نشر القيم ببعديها السياسي و الديني إضافة إلى الهيمنة الاقتصادية من خلال هيئة الأمم المتحدة و الحلف الأطلسي و البنك العالمي و صندوق النقد الدولي.

أن سياسة التدخل الأمريكية البارزة عقب إحداث 11 سبتمبر 2001 في كل من أفغانستان و العراق هدفها هو حماية أمن إسرائيل كما كلفتها هذه التوجهات من الحرب على الإرهاب إلى رعاية المصالح القومية لها زيادة في الاعتماد على التوجهات الاقتصادية (حصار , فرض عقوبات اقتصادية التي أخذت مكان المواجهة أو التهديدات العسكرية حيث تعتبر الإدارة الحالية إدارة حرب وفي هذا الصدد تختلف عن الإدارة السابقة التي تميزت بدرجة اكبر بالجانب الاقتصادي ..الخ )[1] , من جهة ومن أخرى العودة إلى أفكار ماكس فيبر .

                 مخرجات السياسة الخارجية لكلا الادارتين.

  1. باتجاه الأوراسيا:
    • ا/ إدارة بيل كلينتون:

الأهداف: من بين أهداف السياسة الخارجية الأمريكية في إدارة بيل كلينتون ما يلي:

– العمل على توسيع الاتحاد الأوربي بما يضمن زيادة النفوذ الأمريكي داخل هياكل الاتحاد بما يضمن المصالح الأمريكية.

– ملء فراغ القوة الذي تركه الاتحاد السوفييتي بعد نهاية الحرب الباردة.

– تشجيع الإصلاح السياسي والديمقراطية في أوربا الشرقية، وجنوب شرق آسيا وتدعيم تواجدها العسكري في جمهوريات آسيا الوسطى لاحتواء الصين وإيران.

الوسائل:

 لقد قامت الإدارة الأمريكية بتعزيز تلاحم حلف الناتو على الرغم من الاتجاهات المعارضة المتنامية، والنزاعات الشديدة حول خطط الحلف، وكرر كلينتون التزام أمريكا إزاء أوربا، واستطاع فريقه المختص بالسياسة الخارجية توسيع الحلف بضم بولونيا، هنغاريا وتشيكيا، كما نجحت السياسة الخارجية الأمريكية في إقناع أوكرانيا، بلروسيا وكازاخستان على التخلي عن ترسانتها النووية التي ورثتها عن الاتحاد السوفييتي، أما الإنجاز الأهم هو نجاح إدارة كلينتون في

التصديق في أفريل 1997 على معاهدة الأسلحة الكيماوية، حيث التزمت روسيا بعد ذلك بتدمير أكبر ترسانة كيماوية في العالم بحلول عام 2007[2].

وبالنسبة لتعامل كلينتون مع القوى الآسيوية الأخرى ماعدا الصين، فكان هدف الإدارة الأمريكية هو الاحتفاظ بالتزاماته الحالية إزاء تحالفاتها في آسيا والحفاظ على وجودها العسكري المتقدم.

فدائما في إطار الوسائل السياسية تم التأكيد على معاهدة الأمن اليابانية-الأمريكية المعقودة في أبريل 1995[3].

كما توصلت إدارة كلينتون بعد مفاوضات شاقة مع كوريا الشمالية إلى إطار عمل وافقت من خلاله كوريا الشمالية من التوقف عن إنتاج البلوتنيوم في المفاعل المعد للأبحاث في مدينة بيونغ يونغ مقابل تعهد اليابان، كوريا الجنوبية والولايات المتحدة على تزويد كوريا الشمالية بمفاعلين لإنتاج الماء الخفيف لسد الحاجيات المتعلقة بالطاقة ، لكن هذا النجاح لم يكتمل حيث فشل كلينتون في إقناع الكونغرس ( ذو الأغلبية الجمهورية ) على المصادقة على منع معاهدة منع التجارب النووية في أكتوبر 1999 .

من ناحية الوسائل العسكرية قادت إدارة كلينتون الحملة الجوية على البوسنة وأرغمت الصرب على الدخول في مفاوضات التي أدت إلى اتفاقية دايتون 1995 وبشكل مماثل قادت الحملة الجوية في كوسوفو في مارس 1999 مارس بدون تخويل من مجلس الأمن.

  • إدارة جورج بوش:

الأهداف والوسائل:

  تتمثل أهداف السياسة الأمريكية تجاه اورو أسيا في عهد جورج بوش الابن فيما يلي :

 يوضح بريجنسكي في كتابه ” رقعة الشطرنج ” أن الرهان الرئيسي بالنسبة للولايات المتحدة هو السيطرة على اورو آسيا , هذا المجال الرحب انطلاقا من أروبا الغربية و حتى الصين عم طريق آسيا الوسطى ؛كمنطقة أكثر استراتيجية و الأكثر أهمية في العالم , فانطلاقا من مقولة ماكندر أن من يسيطر على قلب العالم يتحكم في جزيرة العالم ومن يتحكم في جزيرة العالم يتحكم في العالم ككل .. لذا أدركت الولايات المتحدة أن الأهمية الاستراتيجية لا تكمن فقط في احتواء روسيا بل السيطرة على أروبا الشرقية و الوسطى ناهيك عن التوجهات نحو القارة الآسيوية. أمام هذا الطرح كانت السياسة الخارجية للولايات المتحدة تحمل توجهات و أبعاد تجاه هذا المسرح الجيوسياسي؛ لفرض قوة يمكنها أن توضع هنا موضع تساؤل فان كانت السياسة الخارجية لها تحاول التركيز على مجموع هذه القارة؛ فان التمحور يأتي من الجزء الشرقي و الأوسط للاتحاد الأوربي و آسيا كمنطقة البلقان و القوقاز الغنيتين بالبترول و الغاز الطبيعي. وأمام هذا الطرح نجد أن للولايات المتحدة هدفين في المنطقة: يتمثل الأول في تخليد التبعية للاتحاد الأوربي من خلال الجهاز العسكري الاستراتيجي المشترك – حلف شمال الأطلسي -تابع للولايات المتحدة , و الثاني رغبة الإدارة الأمريكية في إحداث تغييرات أو إصلاحات فعلية في المنطقة كذا الاستمرار في ممارسة الضغوط على بروكسل لتوسيع الحلف نحو أروبا الشرقية أي العمل على ضم حلفاء استراتيجيين في المنطقة[4] .

و يمكن القول أن السياسة الأمريكية في منطقة اورو آسيا في عهد جورج بوش الابن تتمحور حول تحقيق السلم بالنسبة لضفتي الأطلسي كما يشكل الإرهاب و أسلحة الدمار الشامل أكثر التهديدات الاستراتيجية جديدة كما تتفق السياسة الخارجية للولايات المتحدة مع السياسة المتبعة في المنطقة حول تشجيع الديمقراطية الليبرالية و التطور الاقتصادي و تحرير التجارة الدولية[5] ؛ لكن التوجهات الأمريكية في المنطقة تخفي بعض الانقسامات السياسية و الثقافية و الدينية الموجودة بين المجتمعين إذ أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه ورواسيا تخضع لسلم أولويات الدولة الأمريكية.

الخاتمة :

من الواضح أن العلاقات  بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا شهدت عبر تاريخها تباين في طبيعة هذه العلاقات بين علاقات صراع – تنافس – تحالف – شراكة منذ عهد روسيا القيصرية مرورا بالاتحاد السوفييتي وتفكك هذا الأخير في بداية التسعينات. وقد أدخل تفكك الاتحاد السوفيتي بيانات جديدة على صعيد العلاقات الروسية – الأمريكية، فروسيا (وريثة الاتحاد السوفيتي السابق)، التي ورثت معظم ما كان للاتحاد السوفيتي وعليه، انتهجت سياسة جديدة قوامها الاتجاه نحو الغرب بصفة الشراكة، وليسر بصفة القوة المضادة، رغبة من القائمين على القرار الروسي بكسب منافع محددة، اعتقادا بأن الشراكة مع الغرب ستخرج روسيا من ضائقتها الاقتصادية، وهي الضائقة التي كانت السبب الأساس في تفكك القوة العظمى السابقة، حينما أدى سباق التسلح مع الولايات المتحدة إلى نتائج كارثية على الاقتصاد السوفيتي. من هنا، حدث التحول في العلاقات الروسية -الأمريكية، فبعد أن كان الصراع هو محور العلاقات بينهما، أضحى “التعاون” هو العلامة المميزة التي أريد لها أن تطبع العلاقات البينية. وطوال المدة الممتدة منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، وحتى بدايات القرن الحالي، ظلت العلاقات الروسية -الأمريكية أقرب إلى التعاون من الصراع . ([113])

شهدت العلاقات الروسية – الأمريكية تحولا جديدا ابتداء منذ العام 2000 ‏صعودا، والقول إن التحول يقترن بـ “الألفية الجديدة” له مسبباته ودواعيه، وهو مرتبط بالتحول الذي طرأ على نوعية القيادة أو الزعامة في كلا الطرفين الروسي والأمريكي ([114]) .

وكما تم ذكره في المبحث الأول من الفصل الثاني أن روسيا تعتبر أكبرشريك تجاري  في مجموعة الـــ23 ولديها  38.1 بليون دولار ، وبلغت صادرات  السلع 112 مليار دولار ، وإجمالي واردات السلع 27.0مليار دولار وكان العجز في تجارة السلع للولايات المتحدة مع روسيا حوالي 1508 بليون دولار في عام 2013 . كانت صادرات البضائع الأمريكية لروسيا في عام 2013 حوالي 11.2 بليون دولار ، وكانت فئات رأس الصادرات من ماكينات (2-digit HS) في عام 2013 حوالي 23 بليون دولار ، والمركبات 2.0 مليار دولار ، وبلغت صادرات الولايات المتحدة من المنتجات الزراعية إلي روسيا 1.2 مليار دولار وكان العجز في تجارة السلع من الولايات المتحدة مع روسيا 158 بليون دولار . وعجز السلع من الولايات المتحدة مع روسيا تمثل 2.3٪ من العجز في تجارة السلع الامريكية الشامل في عام 2013. والإستثمار الاجنبي المباشر في روسيا حوالي 14.1 مليار دولار من الاسهم ، وتمثل الإستثمار الأجنبي المباشر في ثطاعيالصناعات التحويلية والخدمات المصرفية والتعدين ([115]) .

و تأثرت العلاقات الروسية الامريكية الإقتصادية كثيراً بالعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الامريكة علي روسيا من جراء التصرفات في جزيرة القرم .  حيث ذكر في المبحث الأول أيضاً التأثير الخطير الناتج من جراء هذه العقوبات حيث صرح أوباما بأن العقوبات ستزيد من ضعف الإقتصاد الروسي .

أما بالنسبة للعلاقات العسكرية تأثرت كثيراً بالتحديثات التي قام بها بوتين في الجيش الروسي و في االعقيدة العسكرية الروسية حيث أثر كل هذا علي هيكل القوة وعلي الموقف العسكري الامريكي في القيادة المركزية والقيادة الاوروبية وقيادة المحيط الهادي .

أما العلاقات علي المستوي السياسي  نجح بوتين في وقف التدهور والتخبط اللذين عانتهما روسيا في نهاية حقبة التسعينيات، واستطاع تكوين إدارة قوية. وبدلا من تراجع دور روسيا دوليا، عادت لتؤدي دورا مؤثرا، وكان حضور موسكو في عدة ملفات مهمة تعارض فيها الموقف الغربي خاصة في القضية الأوكرانية والقضية السورية .

  1.  “معلومات عن سياسة خارجية على موقع eurovoc.europa.eu”. eurovoc.europa.eu. مؤرشف من الأصل في 23 أغسطس 2020.
  2. ^ “معلومات عن سياسة خارجية على موقع academic.microsoft.com”. academic.microsoft.com. مؤرشف من الأصل في 3 نوفمبر 2020.
  3. ^ “معلومات عن سياسة خارجية على موقع britannica.com”. britannica.com. مؤرشف من الأصل في 1 نوفمبر 2020.
  1. ^ “معلومات عن شراكة على موقع psh.techlib.cz”. psh.techlib.cz. مؤرشف من الأصل في 09 ديسمبر 2019.
  2. ^ “معلومات عن شراكة على موقع catalog.archives.gov”. catalog.archives.gov. مؤرشف من الأصل في 15 مايو 2019.
  3. ^ “معلومات عن شراكة على موقع snl.no”. snl.no. مؤرشف من الأصل في 23 أكتوبر 2016.
  • فريد النجار، التحالفات الإستراتيجية، من المنافسة إلى التعاون، خيارات القرن الحادي والعشرين، ايتراك للنشر والتوزيع، مصر، 1999، ص (24)، بتصرف.
  • بن عزوز محمد، الشراكة الأجنبية في الجزائر، واقعها وأفاقها، كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير، جامعة الجزائر، 2001، ص (12)
  • Marie Françoise Labouz, op.cit,PP(39-40)
  • Bruno Ponson, op.cit، P(26)
  • سميح مسعود برقاوي، المشروعات العربية المشتركة، الواقع والأفاق، مركز دراسات الوحدة العربية، سلسلة الثقافة القومية، الطبعة الأولى، بيروت، ماي، 1988، ص (18-19).
  • أخرمبالي ولد محمد، الأثار الاقتصادية للشراكة العربية – الأوروبية على الاقتصاديات العربية (تجربة تونس والمغرب)، رسالة ماجستير، معهد البحوث والدراسات العربية، مصر 2003، ص (12).
  • [73])) ــــــــــــــــــــــ ، ” تطور وتحول العلاقات الأمريكية – الروسية “ ، الموسوعة الجزائرية للدرسات السياسية ، مايو 2015 ، https://www.politics-dz.com/threads/ttur-u-txhul-alylaqat-almriki-alrusi.2559/  ، تاريخ الدخول 14 – 4 – 2016 .

    [74])) المرجع السابق .

    [75])) المرجع السابق.

    [76])) المرجع السابق .

    ([77]) MOSCOW.RUSSIA ” embassy of the united sates ” , available on : http://moscow.usembassy.gov/trade_investment.html , access date 10-5-2016 .

    ([78]) Andrei klepach , ” Russia – U.S . mutual investments have a future “ , January, 2016 , available on : http://www.washingtontimes.com/news/2016/jan/21/us-russia-crosstalk-russia-us-mutual-investments-h/?page=all , access date 10-5-2016 .

    )[79] )ibid .

    )[80] ) ibid .

    ([81])” President Obama’s Signature Paves Way for Permanent Normal Trade Relations with Russia and Moldova  ” , office of the united states trade representative , available on : https://ustr.gov/Russia , access date : 10-5-2016 .

    ([82](  ibid .

    ([83] ) Doing Business in Russia ” , export.gov , may, 2015 ,available on :  http://www.export.gov/russia/doingbusinessinrussia/index.asp , access date : 10-5-2016

    )[84] ) U.S.Department of state , ” Ukraine and Russia Sanctions ” , available on : http://www.state.gov/e/eb/tfs/spi/ukrainerussia/  , access date :11-5-2016 .

    ([85]) “ Ukraine crisis: Russia and sanctions “ , BBC News , December 2014 , available on : http://www.bbc.com/news/world-europe-26672800 , access date : 10-5-2016.

    [86])) إيهاب شوقي ، ” العقوبات الإقتصادية أحدث أسلحة الحروب “ ،  شبكة الأخبار العربية (ANN) ، مايو 2016 ، متاح علي الرابط : http://www.anntv.tv/new/showsubject.aspx?id=90297#.VzJQmIR97IW  ، تاريخ الدخول : 11-5-2016 .

    )[87])ibid .

    ([88] ) ” Doing Business in Russia ” , export.gov , may, 2015 ,available on :  http://www.export.gov/russia/doingbusinessinrussia/index.asp , access date : 10-5-2016

    ([89]) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ” , أوباما: اقتصاد روسيا يكاد يتوقف بفعل العقوبات “ , الجزيرة .نت , اغسطس 2014 ، متاح علي الرابط : http://www.aljazeera.net/news/ebusiness/2014/8/7/%D8%A3%D9%88%D8%A8%D8%A7%D9%85%D8%A7-%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A7-%D9%8A%D9%83%D8%A7%D8%AF-%D9%8A%D8%AA%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%A8%D9%81%D8%B9%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D9%88%D8%A8%D8%A7%D8%AA , تاريخ الدخول 11-5-2016 .

    ([90] ) Ariel Cohen , ” A U.S. Response to Russia’s Military Modernization ,heritage foundation , may,2014 , available on : http://thf_media.s3.amazonaws.com/2014/pdf/BG2901.pdf , access date : 11-5-2016 .

    ([91]) ibid .

    ([92] ) ibid .

    ([93])ibid .

    ([94] ) ibid .

    ([95]) ibid .

    )[96] (Elbridge Colby , ” the role of nuclear weapons in the U.S._Russian Relationship ” Carnegie endowment for international place , February,  2016 , available on : http://carnegieendowment.org/2016/02/26/role-of-nuclear-weapons-in-u.s.-russian-relationship/iujk , access date : 11-5-2016 .

    )[97] ) ibid .

    ([98](  peter weber , ” A New Era for U.S., Russia, and Nuclear Arms” , U.S.News ,2010 , available on : http://www.infoplease.com/news/year-in-review/2010/nuclear-arms.html , access date :11-5-2016

    ([99](  ibid .

    ([100]( Edward W.Walker , ” US options in responding to Russia’s military intervention ” , Eurasian Geopolitics , November 2015 , available on : https://eurasiangeopolitics.com/2015/12/18/us-options-in-responding-to-russias-military-intervention-in-syria/ , access date : 11-5-2016 .

    [101])) سلامة كيلة ، ” التدخل الروسي في روسيا .. يخدم من ؟ “ ، الجزيرة. نت ، أكتوبر 2015 ، متاح علي الرابط : http://www.aljazeera.net/news/survey/2015/9/30/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AF%D8%AE%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D9%8A%D8%AE%D8%AF%D9%85-%D9%85%D9%86  ، تاريخ الدخول : 11-5-2016 .

    ([102])peter weber , Op.Cit .

    ([103])peter weber , Op.Cit .

    [104])) شوكت الياس البشارة ، ” العلاقات الروسية الأميركية “ ، منظمة صوت العقل ، يناير 2015 ، متاح علي الرابط : http://thevoiceofreason.de/article/15310 ، تاريخ الدخول : 12-5-2016 .

    [105])) المرجع السابق .

    ([106]) U.S.Department of state , ” 200 Years of U.S.-Russia Relations ” , available on : http://www.state.gov/p/eur/ci/rs/200years/ , access date : 12-5-2016 .

    [107])) فارس فائق ظاهر ، ”  التحول في العلاقات الروسية الامريكية بعد حرب القوقاز ” ، شبكة أمين الإعلامية ، يونيو 2010 ، متاح علي الرابط ، http://blog.amin.org/faresdahaher/2010/06/02/%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85/  ، تاريخ الدخول : 12-5-2016 .

    [108])) محمود عبده علي ، ” روسيا..تحدٍ صعب أمام أوباما “ ، معهد الامام الشيرازي الدولي للدراسات – واشنطن ، متاح علي الرابط : http://www.siironline.org/alabwab/maqalat&mohaderat(12)/1345.htm ، تاريخ الدخول : 12-5-2016 .

    [109])) مرجع سابق ، فارس فائق ظاهر .

    [110])) حامد الحمداني ، ” أزمة العلاقات الأمريكية الروسية من حرب جورجيا إلى حرب أوكرانيا ” ، البينة الجديدة ، متاح علي الرابط : http://albayyna-new.com/?p=24523 ، تاريخ الدخول : 12-5-2016 .

    [111])) المرجع السابق .

    )[112]) Samuel charap , ” A functional relationship between the US and Russia after the Ukraine crisis” , IISS , December 2015 , available on : https://www.iiss.org/en/expert%20commentary/blogsections/2015-23ef/december-f84a/united-states-and-russia-after-ukraine-53b2 , access date : 12-5-2016 .

    [113])) مرجع سابق ، ” تطور وتحول العلاقات الأمريكية – الروسية “ ، https://www.politics-dz.com/threads/ttur-u-txhul-alylaqat-almriki-alrusi.2559/ .

    [114])) مرجع سابق ، ” تطور وتحول العلاقات الأمريكية – الروسية “ ، https://www.politics-dz.com/threads/ttur-u-txhul-alylaqat-almriki-alrusi.2559/ .

    ([115])” President Obama’s Signature Paves Way for Permanent Normal Trade Relations with Russia and Moldova  ” Op.Cit .  

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى