دراسات اقتصاديةدراسات اقليميةدراسات سياسيةدراسات مغاربية

تطور مفهوم علم العولمة(Glob logy)في عصر العولمة وتطور متغيراتها السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافي

لقد بينا في المدخل التاريخي لظاهرة العولمة كيف أصبحت العولمة كمفهوم سائداً خلال خمسة عشر سنة وزدادت في اكثر في التطور في القرنين العشرين والواحد والعشرين ، ومن خلال ذلك أصبحت رائجاً وشائعاً في أدبيات العلوم الاجتماعية والإنسانية والثقافية في الأبيات الغربية والعربية ، ولكن عندما ننظر إلى مفهوم في حد ذاته نجده مفهوم مازال حتى الآن في قيد الاختلاف فيه ، من قبل العلماء والفلاسفة والمفكرين في العالم خاصة علماء العلوم الاجتماعية والإنسانية كافة ، وفى نفس الوقت مازال في قيد النشأة والتطور والتكوين والتشكيل، ويكتنفه شيئاً من الغموض لأن مازال المفهوم مابين القديم والجديد، وما زال تحت قيد الدراسة العلمية عند الدول .
ومن خلال ذلك أصبح له موضع الجدل والنقاش في وضع حتمية تلك المتغيرات والفروض والاقتراحات في البحث العلمي والوصول إلى النتائج من أجلها وذلك من أجل وضوح مفهوم المصطلح وفهمه من القريب والبعيد ، خاصة عند المنظرين للعولمة والمتخصصين فيها من البحاث والدارسين والعلماء في كافة التخصصات العلمية والبحثية ، وفي مجالات الحياة المختلفة لأنها العولمة ارتبطت بتلك العلوم والتخصصات ، لذلك تستوجب الضرورة العلمية دراسة هذه الظاهرة وذلك لمعرفة مفهومها بدقة ووضوحها .
لأن مازال العالم لم يتفق على مصطلح موحد لمفهوم العولمة بسبب بدائية التشكيل أو بسبب تعدد في آراء عند البحاث والمفكرين والعلماء حول هذا المفهوم .
مما يتضح لنا من ذلك أن العولمة (ظاهرة قديمة من قدم التاريخ ، إلا أنها اتخذت لها أبعاد جديدة ،واكتسبت مضامين وجوهر حديث)(1)، بالرغم ظهور تلك المضامين إلا إنها مازالت في جدل ونقاش المحتدم حول مدلولاتها واتجاهاتها و مؤشراتها وعواملها وأبعادها وحقائق تطورها في مراحلها التاريخية وتبدل المفهوم بمفهوم آخر أو بمفهوم جديد جاء على الإنسانية من أجل توضيح الرؤية الطبيعية للعولمة كمفهوم ومعنى ولفظ , إذاً مفهوم العولمة مازال في الحيرة الفلسفية والحيرة العلمية في التطلع والتفاعل والمضمون واختلاف المقاييس فيها .
فالعولمة تتصف بصفة الشمولية والتكاملية والانفتاح بدون حدود وحواجز بالرغم تواجدها على الخارطة الجغرافية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وذلك بفعل التقدم التكنولوجي وتيار المعلوماتي (التقنية العلمية الدولية الانترنت) وظهور نظام التكتلات الإقليمية والدولية والقارية في المجال السياسي والاقتصادي الاجتماعي والثقافي ومما حملت في طابعها طابع ديناميكي وحركي سريع في التغير وسرعة في ديمومة آلية المجتمعات والدول من مستوى الوطنى إلي مستوى القاري والعالمي .
وبعد ذلك (بمائتي عام وفي ثمانينات القرن العشرين بدأ الناس جميعا يستعملون مصطلح (العولمة) وسرعان ما دخلت هذه الكلمة ضمن المفردات التقليدية لا في الأوساط الأكاديمية و حسب ، بل في أوساط الصحافيين والسياسيين والمصرفيين والعاملين في ميداني الإعلان والترقية)(2), وبدأ الناطقون باللغة الانجليزية (يستخدمون كلمة ((global للدلالة (على العالم بأسره) في نهاية القرن التاسع عشر، وكانت الكلمة تعني في السابق (spherical) (مذهب العولمة) وردتا أولا في كتاب مغمور نشر عام 1944م في حين مصطلح Globalization العولمة دخل القاموس للمرة الأولى عام 1961م ، ومع هذا وبرغم هذه الفترة الطويلة من تداول الكلمات والمصطلحات عن العالم الواحد)(1).
إن العولمة قد عملت على الانتشار الواسع للمصطلح مما جعل وجود هناك العديد من المؤشرات تدل على التغير الاجتماعي والتغير الاقتصادي في العالم،(والعولمة Globalization هي في حد ذاتها مؤشر للتغير الاجتماعي بعيد المدى ، وتعتبر الأثر يجري الآن في ميدان الشؤون الدولية إذاً كان الأمر كذلك فما هي طبيعة هذا التغير على وجه الدقة ؟ لطالما اعترض النقاد وبحق على مصطلح العولمة الذي يرون بأنه يستعمل غالبا بغموض وتباين)(2)والعولمة (تشير إلي العملية التي تكتسب العلاقات الاجتماعية من خلالها سمات مجردة عن المسافات والحدود بحيث يتعايش البشر باطراد في العالم باعتباره مكاناً واحداً منفرداً)(3) ، ومن هنا يمكن لنا أن نفرق بين العولمة والدولية والعالمية وبين العولمة والعالم والأممية وبين العولمة والأقلمة وبين العولمة والقارية , مما يؤثر هذا على تطوير فاعلية علم العلاقات الدولية وعلم الحكومة الدولية الإلكترونية وتطور في ممارسة العلاقات الاجتماعية الدولية في ظل العولمة الجديدة .
وجاء هذا المصطلح مرادفة اللغة الانجليزية(Globalization) و(أول من استخدم هذا المصطلح ، أستاذ الإعلاميات بجامعة تورنتو( مارشال ماك لوهان) ولهذا الفكر الكندي الفخر باعتباره الأول الذي تنبأ بخسارة الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب الفيتنامية وحتى إن لم تهزم عسكريا لأن هذه الحرب قد تحولت إلى حروب تلفزيونية ، والتلفزيون هو أول من حول العالم إلى قرية صغيرة مع المذياع)(4) ، (ومشتقة العولمة من العالم (بصيغة فوعلة) ودلالة هذه الصيغة أنها تفيد وجود فاعل يفعل)(5),(وللعولمة مفاهيم عدة حسب اتجاه التيارات الفكرية والإيديولوجية للمفكرين والباحتين، فهناك عدة ومتغيرات واتجاهات تنظر للعولمة على أنها:-
1-(ظاهرة لتطور تاريخي طبيعي .
2-ظاهرة سياسية .
3-ظاهرة اقتصادية وتكنولوجية .
4-ظاهرة ثقافية اجتماعية)(6) .
(وثمة فريق أن العولمة ما هي إلا خرافة والأساس لها إلا كمصطلح شاع استعماله فى الأدبيات الحديثة عبر المؤتمرات والندوات ووسائل الإعلام , وهو على أرض الواقع لا وجود له من خلال الحقائق والأرقام الاقتصادية)(1)، (وثمة فريق من الباحثين يرى أن العولمة هي حتمية لا خيار لنا في رفضها وليس أمامنا إلا قبولها والتسليم بها ومعايشتها، والعمل قدر الإمكان على درء مخاطرها والاستفادة من إيجابياتها وحسناتها وينظر فريق آخر إلى العولمة على أنها الحقبة الذهبية الممتدة ما بعد عام 1991م أي السنة التي أنهار فيها الاتحاد السوفيتي وقامت حرب الخليج الثانية وحتى عام 2000م وإن هناك ما يسمى بعصر ما بعد العولمة ، ويعزز أصحاب هذا الاتجاه رأيهم بالحجج والبراهين الدالة على انتهاء عصر العولمة وهو تحكم للولايات المتحدة بالعالم بعد أن سقط الاتجاه الشيوعي في الاتحاد السوفيتي وأنهار حلف وارسو)(2)، (فإن مفهوم العولمة بالرغم مما يحيطه من الغموض والإبهام ،واضح التعريف، ليس من الناحية اللغوية حسب ، بل ناحية المضمون ، ذلك أن الدلالة اللغوية للعولمة كظاهرة تاريخية جديدة Globalization)) (بالانكليزية)Mondialization (بالفرنسية) تعنى جعل الشئ على مستوى العالم كله في الأرض و الفضاء ، أي الانتقال من المحدود المرقب إلى اللامحدود الذي ينأى عن كل رقابة . وبذلك فإن العولمة تتضمن مصطلحياً معني الإلغاء لما هو مألوف ، وترك الأمور تتحرك ضمن أنساق جديدة لا محدودة عبر العالم كله . أما العولمة باعتبارها علماً ودراسة ومعرفة فهذا كله ما اصطلح على تسميته (بعلم العولمة) (Glob logy) ويكاد يكون المصطلح في دلالته الفرنسية يفيد أكثر معنى التعميم ،إذ انه الدائرة الواسعة الشاملة للكليات بمختلف أنساقها وجزيئاتها . وبهذا المعنى الفرنسي ، فإن العولمة تعنى تعميم الأنماط المتباينة التي يشتمل عليها العالم كله حتى وإن صدر من جهة معينة أو بلد معين أو بنية بذاتها أساسا)(3). ففي هذا السياق يمكن لنا أن نسمى العولمة علم جديد على العالم الإنساني تشمل جميع معطيات الحياة ونواحها ، ويمكن أن نطلق عليها (عولمالوجى) علم العولمة باللغة العربية .
وبناء على تلك الاتجاهات التي عملت على توضيح غموض المصطلح العولمة وما احتواءه في جعبته من اختلافات وتناقضات ، فان الحركة العملية مازالت تعمل على تحقيق إيديولوجية جديدة لهذه المصطلح ، وذلك من خلال تضافر جهود المفكرين والعلماء في أبحاثهم ودراساتهم العلمية والأكاديمية والمنهجية لمعرفة حقيقة هذا المفهوم ، وما يدور من حوله من حقائق علمية تحاول تفسير المعنى والدلالة ، وفقا للحركات معينة في الفكرية التي جاءت لتعبر عن قضية العولمة بالعقل والمعرفة والعلم والطبيعة .
ومن خلال ذلك توضح لنا فكرة العولمة التاريخية التي ولدت عنها ميلاد هذا المصطلح العلمي بطريقة لا تتفاوت الزمن التاريخي في أحداث نقلة تتجاوز الوطنية والقومية (عبر الوطنيات) أو(عبر القارات) و(عبر الأقاليم) .
ومن خلال ذلك يمكن لنا توضيح مفهوم العولمة في الأدبيات الغربية والعربية وذلك لزيادة توضيح المعنى والدلالة في الفكر والمعرفة (عالمالوجي) (علم العولمة) أكثر كمصطلح علمي شامل، لأنها تحمل صفة العمومية والشمولية والتكاملية والانفتاح على العالم .
وعليه يمكن توضيح أهم التعريفات التي قد قدمت حول مصطلح العولمة من قبل العلماء والمفكرين الغربيين والعرب .
1- مفهوم العولمة في الأدبيات الغربية
يرى عالم الاجتماع جيمس روزناو أن مفهوم (العولمة شمولي بحيث يشمل مظاهر الاقتصاد والسياسة والثقافة والإيديولوجيا إلي جانب مظاهر إعادة تنظيم الإنتاج تداخل الصناعات عبر الحدود ، وانتشار أسواق التمويل ، تماثل السلع المستهلكة لمختلف الدول ، نتائج الصراع بين المجموعات المهاجرة والمقيمة)(1)، ويرى المراقبين للحياة الاجتماعية الدولية على أن العولمة (هي العمليات السياسية والأحداث والأنشطة في عالم اليوم لها بعد كوني دولي متزايد . ويرى بعض الباحثين منهم أن هناك أربع عمليات أربع عمليات أساسية للعولمة ، وهي على التوالي المنافسة بين القوى العظمى ، والابتكار التكنولوجي وانتشار عولمة الإنتاج والتبادل والتحديث)(2) .
ويرى كل من هارس مان مارشال ريتش بأن العولمة هي (اندماج أسواق العالم في حقول التجارة والاستثمارات المباشرة، وانتقال الأموال والقوى العاملة والثقافات ضمن إطار من رأسمالية حرية الأسواق كذلك خضوع العالم لقوى العالمية مما سيؤدي بالتالي إلي اختراق الحدود القومية وانحسار سيادة الدول عن طريق الاستعمار غير المباشر للشركات الرأسمالية الضخمة متخطية عبرة القوميات التي تعد العنصر الأساس لهذه الظاهرة)(3)، أما المفكر الفرنسي باتريللا يرى أن العولمة (هي تلك المعلومات التي يمكن عن طريقها إنتاج وتوزيع واستهلاك سلع وخدمات ، من أجل أسواق عالمية منظمة أو تنظيم بمعايير عالمية ، وعن طريق منظمات ولدت أو تعمل على أساس قواعد عالمية ، وفق ثقافة تنظيم تتطلع للانفتاح على الإطار العالمي وتخضع لإستراتجية عالمية)(4)، وبينما يرى وترز العولمة هي (العمليات الاجتماعية التي يترتب عليها تراجع القيود الجغرافية على الترتيبات الثقافية والاجتماعية ويتزايد في الوقت نفسه إدراك الأفراد لذلك التراجع)(1) ، وأيضاً يعرف الأستاذان غان يونغ لي وينغ وونغ كيم العولمة على أنها (سلسلة من الإجراءات أو التغييرات الحاصلة في المجالات والفعاليات الاقتصادية في مناطق جغرافية متفرقة من أجل توحيد وظائف نظام الاقتصاد العالمي نحو التكامل والاعتماد المتبادل)(2) .
ويعرف صندوق النقد الدولي العولمة هي (التعاون الاقتصادي المتنامي لمجموع دول العالم والذي يحتمه ازياد حجم التعامل بالسلع والخدمات وتنوعها عبر الحدود إضافة إلى تدفق رؤوس الأموال الدولية والانتشار المتسارع للتقنية في أرجاء العالم كله)(3) .
حيث يعرف انطونى جيدنز العولمة على أنها (تكثيف للعلاقات الاجتماعية على مستوى العالم , والتي تربط المجتمعات المميزة بطرق تجعل الأحداث المحلية تشكل بفعل الأحداث التي تقع على مسافة بعيدة والعكس صحيح ،وكما يذكر أن للعولمة أربعة أبعاد وهي نظام الدولة القومية واقتصاد العالم الرأسمالي والنظام العسكري العالمي والتقسيم الدولي للعمل)(4) ، وأيضا يرى انطوني جيدنز. العولمة (هي سلسلة معقدة من العمليات تكتسب من خليط من المؤثرات السياسية والاقتصادية ، أنها تغير مظاهر الحياة اليومية ، وأخذة في تغير مؤسسات المجتمعات التي نعيش فيها)(5) .
أما كوفي عنان يعرف العولمة بأنها (تعنى اليوم أكثر من أي وقت معنى أن يتفاعل الأفراد والجماعات وبشكل مباشر عبر الحدود ، والحواجز دون ضرورة إقحام الدولة في ذلك)(6) ، وبينما يرى توماس فريدمان العولمة هي (تلك العملية التاريخية التي توحد العالم في سوق واحد ثم تتهاوى أمامه أسوار الدول ، الأمم بفضل تحالف الثورات التكنولوجية مع الشركات الاقتصادية العملاقة)(7) .
وتعرف الأمم المتحدة العولمة كما جاء في تقرير التنمية البشرية عام 1999م (هي انكماش المكان وانكماش الزمان واختفاء الحدود ، وهي كلها أمور تربط حياة الناس علي نحو أعمق وأشد وأسرع مما كان يحدث في أي وقت مضى)(1) .
ويرى جيمس روزيناو أيضاً أن العولمة هي (القضاء سياسي مفتوح نتيجة تأكل الحدود بين الشؤون المحلية والخارجية)(2) .
فالمفهوم العام للعولمة يشير إلى أنها (اتجاه متنام يصبح معه العالم دائرة (اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية واحدة تتلاشى في داخلها الحدود بين الدول)(3)، ولكن روزيناو يرى أنه يجب من البداية وضع تعريف واضح للعولمة يحدد محتواها بدقة ، في حين يعترف أنه من المبكر وضع تعريف كامل وجاهز يلائم التنوع الضخم لهذه الظواهر المتعددة ، ويضرب مثالاً على ذلك أن مفهوم العولمة ، وذلك تقيماً للعلاقة بين مستويات متعددة للتحليل الاقتصاد ، والسياسية ، والثقافية ، والايدولوجيا .
إذاً العولمة (هي الاسم الذي يطلق على العملية التي تحدث فيها التفاعلات الاجتماعية بجميع أنواعها ،وبشكل متزايد من دون اعتبار للحدود الوطنية أو حدود الدولة ، الأمر الذي جعل العالم يصبح مجالا اجتماعيا واحدا لا حدود له نسبيا)(4).
ويرى فرانسيس فوكوياما (العولمة هي محاولات جديدة لبناء تاريخ عالمي عن مسارين تاريخيين متوازيين، الأول تحكمه العلوم الطبيعية ومنطق الرغبة والثاني يحكمه الصراع من أجل الاعتراف ويرى أن نهاية المسارين واحدة ألا وهى الديمقراطية الليبرالية الرأسمالية)(5), وهذا يعتبر مخالفاً كما ذهب إليه هنتغتون في تنظيره حول العولمة، (إذ يقول في نهاية الموجة الثالثة إن الديمقراطية كنظام حكم يمكن الرجوع عنه ، لأنه لا يحل المشكلات التي يطمح الشعب ، لحلها وتستبدل بأنظمة شمولية دكتاتورية)(6) .
ونادي الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب بالنظام العالمي الجديد بعد نهاية حرب الخليج الثانية وذلك بعد شاع مصطلح العولمة لفترة معينة من الزمن .
إما المدلولات فهي متعددة الاتجاهات والمتقاربة لمفهوم العولمة هي الكونية ، الغربية ، الأمركة ، الكوكبة ، الدولية ، القارية ، العالمية ، والإنسانية ، ومجمل هذه العبارات جاءت مرادفة لمصطلح العولمة في اللغتين الانجليزية والفرنسية .
2- مفهوم العولمة في الأدبيات العربية
يرى محمد عابد الجابري (أن مصطلح العولمة قد ظهر أول مرة في مجال المال والتجارة والاقتصاد ، والعولمة الآن نظام عالمي أو يراد به أن يكون كذلك ، يشمل المال والتسويق والمبادلات والاتصالات ، كما يشمل أيضاً مجال السياسة والفكر والإيديولوجيا ، وهي أيضاً إرادة للهيمنة وبالتالي هي قمع وإقصاء للخصوصية)(1)، وبينما برهان غليون يرى أن العولمة (تتجسد في نشوء شبكات اتصال عالمية تعمل على ربط جميع الاقتصاديات والمجتمعات والبلدان ، وتخضعها لحركة واحدة أو نظام واحد)(2)، أما محمود أمين يرى أن العولمة (هي ظاهرة تاريخية موضوعية ، وهي تتجه للطابع التوسعي كنمط الإنتاج الرأسمالي فضلاً عن المكتشفات التقنية الحديثة التكنولوجية في المجالات الاتصالية والمعلوماتية)(3)، وأما العولمة عند إسماعيل صبري عبدالله ، هي (التحول الرأسمالي العميق للإنسانية جمعاء في ظل هيمنة دول المركز وبقيادتها وتحت سيطرتها وفي سيادة نظام عالمي للتبادل غير المتكافئ)(4) .
ويشير مصطلح العولمة Globalization إلى زيادة الاندماج الاقتصادي على مستوى العالم ، وذلك نتيجة لتزايد نطاق عمليات تحرير التجارة في السلع والخدمات ، وتحرير تدفقات رؤوس الأموال بين الدول .
أما العولمة عند صادق جلال العظم هي (التداخل الواضح لأمور الاقتصاد والاجتماع والسياسة دون اعتداد يذكر بالدول ذات السيادة أو انتماء إلى وطن محدد أو الدولة معينة ودون حاجة إلى إجراءات حكومية)(5) .
والعولمة عند حسن حنفي (هي وصول الرأسمالية التاريخية عند منتصف القرن العشرين تقريباً إلى نقطة الانتقال من عالمية دائرة التبادل والتجارة والسوق والاستخراج إلى عالمية دائرة الإنتاج وإعادة الإنتاج ذاتها)(6) ، ويرى إسماعيل صبري العولمة هي (التداخل الواضح لأمور الاقتصاد والسياسة والثقافة والاجتماع والسلوك دون اعتداد يذكر بالحدود السياسية ذات السيادة أو انتماء إلى وطن محدد أو دولة)(7) معينة أما سيارا الجميل يرى أن العولمة هي (ظاهرة تاريخية كبرى لها أنماط متعددة الوجوه ومناهج متنوعة الحقول ومخاطر لا متناهية ليس في إعادة إنتاج نظام الهيمنة القديم بل في إنتاج نظام مهيمن واسع في متغيراته القيمية على امتداد القرن المقبل)(1)، كما يشير المفهوم كذلك إلى (سهولة انتقال عنصر العمل والمعرفة الفنية Know – now أو(التكنولوجيا) عبر الحدود الدولية وهناك جوانب أخرى عديدة لتفسير المصطلح ، سواء كانت جوانب سياسة أو ثقافية أو بيئية أو عسكرية)(2) .
ويرى محمد توصيل في كتابه هذه هي العولمة حيث يوضح (بأن العولمة من حيث هي تغير اجتماعي سريع من حيث حالة انضغاط الزمان والمكان ، ومن حيث هي مزاج ذهني تتسبب الآن في نقلنا إلى دورة جديد من التطور الرأسمالي تنحسر تدريجياً من الفوضى والتناقضات القائمة الآن إلى اتجاهات وقيم جديدة أو ربما متجددة)(3) ، ومن يرى بأن العولمة هي أعلى مراحل الرأسمالية (الإمبريالية) والهيمنة على العالم باعتبارها كما يقولون نتاج التطور إيديولوجية النظام الرأسمالي إلى العالمية أنموذجا .
ويرى ناصر الدين الأسد (العولمة في أصلها اقتصادية إلا أنها تقتصر على الاقتصاد والتجارة وإنما تتجاوزهما إلى الحياة الثقافية والاجتماعية بما يتضمنه من أنماط سلوكية ومذاهب فكرية ومواقف نفسية)(4) .
العولمة (هي نظام عالمي جديد من العلاقات بين الثقافات)(5) .
العولمة هي (انفتاح على العالم، هي حركة متدفقة ثقافياً واقتصادياً وسياسياً وتكنولوجياً)(6) .
إن التعريفات السابقة تتميز أغلبها في مضامينها متشابهة في المعني ولكن اختلفت في صياغة المفهوم ، لأن كمصطلح مازال في طور النمو والنشأة والتكوين .
أما من وجهة نظري كباحثة العولمة هي ظاهرة اجتماعية و اقتصادية في الأصل ليست سياسية تحمل في ثناياها صفة الشمولية والتكاملية والانفتاح على العالم , وعبارة عن مجموعة عوامل متداخلة الذي ساهمت في أحداث تغيرات من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والقانونية الإعلامية والثقافية والاتصالية والعسكرية وغير ذلك ، على الصعيد الوطني (المحلي) وعلى الصعيد الدولي والعالمي والقاري في المستقبل الجاري والمتوقع ، وتأثرت بفعل تطور التاريخ الإنساني عبر مراحله التاريخية وبفعل العوامل الطبيعية التلقائية ، وبفعل العوامل الصناعية في أي عصر من العصور ، وهي من صنع البشر في الأصل من العقل الإنساني عقب هذا التغير المطور التي أخذ في تطور المستمر ومع التغير في العقل الإلكتروني عقب هذا التطور المؤثر على المنظومة الدولية وأيضاً الممتدة من الفردية إلى الجماعية وإلى المجتمعية وإلى القارية وإلى الدولية وإلى العالمية والتي مازال العالم يعيش واقعها التاريخي الحاصل الآن في طور التطور والتقدم والنشوء والانفتاح والأحداث وتؤثرات في بعضها البعض بفعل تلك العوامل والمتغيرات ، وأيضاً ترى الباحثة العولمة هي مجموعة من المؤسسات والشركات والمنظمات الاقليمية والدولية والقارية والعالمية اتسعت مجالاتها وأبعادها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية والقانونية والامنية والعسكرية من نطاق المجتمع الواحد ذات سيادة إلى نطاق المجتمع المتعدد والدول المتعددة والقارات المتعددة في المستقبل ذات سيادة ، لأنها ممتدة لجميع الأنظمة والدول والشعوب في العالم في هذا العصر المميز .
إذاً العولمة في هذا السياق تحتوي على مجموعة متغيرات ومعايير يمكن تصنيفها بشكل العام ، منها المعيار السياسي، والمعيار الاجتماعي، والمعيار الثقافي، والمعيار التاريخي ، والمعيار الاقتصادي ، وكل هذه المعايير لها أهداف المرجو لتحقيقها بحيث تكون مترابطة ومكملة مع بعضها البعض كأنساق فعلية ومؤثرة في أحداث التغير الاجتماعي الدولي والتغير الاقتصادي الدولي والتغير السياسي الدولي والتغير العسكري والأمني الدولي والتغير القانوني الدولي الشمولي الاستراتيجي في التغير الوظيفي والبنائي .

الأستاذة والباحثة والكاتبة ومؤلفة كتب والمستشارة القانونية لطيفة مصباح حمير من ليبيا

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى