فواعل السياسة العامة العالمية وانعكاسها على دور الدولة بعد الحرب الباردة
تشكل العقود الزمنية التالية لانتهاء الحرب الباردة مجالا خصبا لتبلور وتشكل، وكذا تنامي اهتمامات بحثية ودراسية جيدة في ميدان العلوم السياسية والعلاقات الدولية تعنى بالتغيرات والتطورات التي تحصل على المستوى العالمي، والتي تؤثر تأثيرا شاملا على حياة كل الإنسانية، وهو ما أفضى إلى إنتاج منظومة قيمية و مفهوماتية جديدة بديلة لتلك المنظومة التي كانت تحمل في طياتها العديد من المفاهيم والقيم التي كانت سائدة، والتي اعتقد بشأنها بكونها مبادئ ثابتة غير قابلة للتغيير.
ويعتبر تدخل الدولة في أغلب إن لم نقل كل المجالات والمنظومات السياسية والاقتصادية والبيئية… أحد أهم هذه المبادئ التي هيمنت لزمن طويل على الاهتمامات الدراسية والبحثية في حقل العلوم السياسية والعلاقات الدولية ، واعتبر ذلك متغيرا ثابتا حسب المنظور الواقعي، غير أن تغير مسارات الأحداث ونتالي إخفاقات الضبط الدولاتي للقضايا والتحديات التي تواجه حياة الناس على المستويين المحلي والعالمي أدى إلى اتساع المجال للحديث عن بداية تلاشي وانتهاء أدوار الدولة في رسم التوجهات العامة وصنع البرامج والسياسات المعالجة القضايا والأزمات، والحد من انبعاثاتها على المستويين المحلي والعالمي من جهة، وبالمقابل بداية الحديث عن أدوار متنامية لفواعل وشبكات جديدة غير تلك الفواعل الدولاتية، وهو ما قد نلمسه فعلا في میل اهتمامات باحثي ومفكري وعلماء السياسة نحر الاهتمام والتركيز على دراسة مساهمات وأدوار هذه الفواعل والشبكات الجديدة في إدارة القضايا ورسم رصناعة السياسات العامة العالمية.
إن هذا الوضع ترجمه أساسا ظروف تغير أهمية الفواعل المساهمة في صناعة ورسم السياسات العامة على الساحة العالمية بين مختلف الأطراف والشبكات الراسمة والصانعة للسياسات المحلية والإقليمية والعالمية.
