أخبار ومعلومات

لماذا تفاقم تفشي كورونا بهذه الشراسة؟

زهرالدين سماتي – صحيفة الخبر

تتزايد حالات المرض والعدوى بفيروس كوفيد 19 بصفة مطردة مع تسجيل تزايد مستمر في عدد الوفيات بأرقام لا يستهان بها.من المستحيل القول في هذه المرحلة انه يمكن احتواء هذه الموجة دون تغيير جذري في سلوكنا الفوضوي الذي يحبه الفيروس كثيرا. حيث نلاحظ نوعا من الاسترخاء الجماعي والتهاون في تطبيق أدنى درجات الوقاية كارتداء القناع وتطبيق صارم للتباعد الاجتماعي والجسدي وكل الإحترازات التي يوصي بها جل الخبراء.

إذا لم تتغير أنماط حياتنا ، يستأنف الوباء نشاطه في شكل موجات متتالية يصعب التحكم فيها عندما يكون الفيروس المتحور شديد العدوى كما هو الحال مع متحور دلتا. ويعلمنا تاريخ الأوبئة أن تعاقب الموجات في الأوبئة شائع جدا. وغالبا ما تستمر هذه الموجات حتى نصل إلى تحقيق ما يطلق عليه “بمناعة القطيع”في الأساس ،كلما كان المرض معديا ، زادت نسبة الأشخاص المحصنين ضد الوباء.

والطريقة الوحيدة لإيقاف هذه الدورة الجهنمية هي لقاح يكسر النشاط الدوري المتكرر للوباء وفي انتظار تحقيق تغطية تطعيمية كافية، تؤكد مجموعة متزايدة من الأدلة العلمية فعالية ارتداء القناع في منع انتقال  الفيروس إلى الأشخاص. وأن منظمات الصحة العامة الإقليمية والوطنية والدولية توصي بارتداء القناع في جميع الحالات التي يستحيل فيها احترام المسافة المادية البالغة مترين وفي جميع الفضاءات المغلقة. لكن ما لاحظناه منذ انتهاء الموجة الثانية هو التخلي شبه الكلي عن إرتداء القناع مع تراخي السلطات العمومية في فرض مراقبة صارمة حتى عندما تتراجع حدة الوباء.

لقد فهم الجميع مخاطر الموجة الثالثة التي نعيشها، لكن لم يتوقع أحد مثل هذا التفشي السريع والعنيف وهو يعكس درجة الجهل والتجاهل لدى معظم الجزائريين الذين تخلوا نهائيا عن ارتداء القناع وتحفظوا، حتى لا نقول تجنبوا اللقاح، متأثرين بما تروج له الشبكات الاجتماعية التي تعمل بمثابة ناقل للجهل والغباء. إن الدول التي نجحت في إبطاء معدل انتشار فيروس كورونا المستجد، ومعظمها دول آسيوية، فرضت على مواطنيها ارتداء الكمامات في الأماكن العامة والمغلقة بصرامة القانون ، ففي البلدان التي استخدمت الأقنعة على نطاق واسع منذ بداية الوباء كالصين وهونغ كونغ وكوريا الجنوبية وماليزيا وتايوان واليابان وفيتنام، حققت نتائج جد إيجابية في تقليص نسبة العدوى وعدد الوفيات ويرجع هذا أساسا لدرجة انضباط شعوبها وصرامة السلطات في تطبيق جميع الإحترازات الوقائية.

هل يمكن أن تساعد الكمامات على إبطاء انتشار فيروس كورونا المستجد المسبب لكوفيد 19؟ العلم يقول نعم. يمكن للكمامات أن تفيد في إبطاء انتشار الفيروس عند استخدامها مع التدابير الوقائية الأخرى، مثل أخذ اللقاح وغسل اليدين المتكرر والتباعد الجسدي. الكثير من الجزائريين يجهلون أنه من خلال الرذاذ المحمول بالهواء الناتج عن السعال والعطس يصل إلى رئتي الأشخاص الآخرين إما عن طريق الهواء وإما عن طريق تلويث الأسطح التي يتم لمسها بعد ذلك باليد ومن ثم وصولها إلى الأنف أو الفم أو العين وبالتالي تحصل العدوى. وتوصي منظمة الصحة العالمية بارتداء الكمامة كجزء من استراتيجية شاملة للحد من انتقال الفيروس. وعلى الرغم من ذلك فإن ارتداء الكمامة أو القناع لا يكفي وحده لتوفير الحماية الكافية ولكنه يكون فاعلا أكثر إلى جانب تدابير مكافحة العدوى الأخرى.

هناك استرخاء لدى الشباب وتجاهل من السلطات الوصية على مستوى الرقابة ، حيث يمكن للفيروس أن ينتشر على نطاق أوسع بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و40 عاما منذ شهر جوان ، فهؤلاء كانوا في الغالب بدون أعراض وبالتالي تنتقل الظاهرة بسهولة بعيدا عن رادارات السلطات الصحية. ويجب كذلك التنبيه أنه من المتوقع أن يحصل الأشخاص على مستوى معين من الحماية في غضون أسبوعين بعد الجرعة الأولى، لكن الحماية الكاملة قد لا تحدث إلا بعد أسبوعين من الجرعة الثانية وبالتالي يبقى إرتداء الكمامات ملزما وحيويا طيلة هذه الفترة لتجنب العدوى.

معظم الخبراء يتعاملون بحذر للغاية بشأن التوقعات طويلة المدى حول نهاية الوباء وإمكانية التحكم فيه ويؤكدون أن العودة إلى الوضع الطبيعي ليست الآن  ربما  خلال 2022 أو2023. ربما لا تكون الموجة الثالثة الحالية من وباء كوفيد -19 هي الأخيرة التي نعيشها ، ويمكننا أن نخشى عدة موجات متتالية خلال الشتاء أو الربيع المقبل، ولهذا وجب أخذ المزيد من الحيطة والحذر والإستعداد دائما لمواجهة الأسوأ.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى