محاضرات في علم الاستراتيجية – الدكتور البير رحمة
في البداية لا بد من تحديد مصطلح الاستراتيجية لتبديد أي لبس او تأويل حولها ، بحيث يمكن أن تكون الإستراتيجية “فن” كما هي علم وذلك أثناء تطبيقها وممارستها عملية في الاشتقاق الروسي، وبشكل دقيق ، هناك تمييز مثلا في المجال العسكري بين النظرية العسكرية و العمل العسكري: “كل قطاع ، وكل مستوى في الحقل العسكري له هذين الجانبين ، النظري والعملي”. إن كل نشاط أو فعل يطيق وفق القوانين ، والمبادئ والطرق ، وهذا الفعل أو النشاط يبرز أولا من خلال النظرية . ثم يأتي الفعل والممارسة ليزيد من غنى النظرية . إذا في “التخطيط الإستراتيجي” لابد من معرفة الكثير نظرية من أجل الحصول على القليل عملية
يقول الإستراتيجي الصيني الشهير “Sun Tzu”: ” إن الأكثر تميزة من القادة بيننا هم هؤلاء الأكثر حكمة و الأكثر استشرافا و رؤية”. بعد عشرين قرنا من مقولته أتي القانون العسكري الياباني متأثرة بشكل عميق بهذه المقولة وفرض على العسكريين ” العسكر يجب أن يعرفوا في نفس الوقت الفنون و النظريات العسكرية”. ثم أتي “فريدريك الثاني ” في أوربا ليؤكد أن “قراءة الأدب و الرسائل الجميلة هي ضرورية لهؤلاء الذين يعملون في الحياة العسكرية”.
هناك ضرورة قصوى لقراءة الإستراتيجية “كعلم” من أجل الحصول على تطبيق عملي في غاية الكمال و الحصول على الإستراتيجية “کفن” في أرقى أشكالها . هنا يرى بعض الإستراتيجيين الفرنسيين:” النظرية التي تريد دائما السير بشكل مزدوج مع التجربة فإنها ستسقط آنيا أو لاحقا و ستهمل”. إذا هنا نرى التركيز على المعرفة النظرية كسابقة على العمل التنفيذي وهذه من حقائق الفكر الإستراتيجي ، و للإستراتيجية قواعدها كبقية العلوم والفنون ، وهي متغيرة ولكنها ثابتة في بعضها ، والجهل بقواعدها لابد أنه يقود إلى السقوط. هذا ما يؤكده أحد الإستراتيجيين الفرنسيين :” إن مراقبة المبادئ و معرفتها لا يكفى دائما للحصول على النصر….