السياسات العامة

نشأة السياسة العامة: بحث سياسي شامل

Par Megrous Mohamed Akram, 

مقدمة:

تأثرت السياسة العامة في مراحل تطورها بمختلف القفزات النوعية التي حققها علم السياسة، خاصة معذلك الجديد الذي أتت به الثورة السلوكية في حقل العلوم الإنسانية ،وكذلك الفكرةالتي يراد التأسيس لها حول الدور الجديد للدولة وهو الذي باتت تمليه ظروف المرحلةالراهنة ،فبعد أن كان تدخل الدولة محورا بمجالات تحقيق الأمن و الدفاع عن السيادةالوطنية ،أصبح يتجاوزها إلى مسائل أوسع تدخل في نطاقها قضايا مثل البيئة ، الأسرة…،وهو ما جعل برنامج الحكومة المتضمن السياسة العامة للدولة يتسع ليشمل مجالاتكانت بعيدة كل البعد عن اهتمام الرجل السياسي .

لقد جعلت كلهذه المعطيات السياسة العامة تشهد دفعا جديدا في محتواها و فواعلها ،فقد أصبحتتناقش مواضيع متنوعة تصنع من طرف فواعل كانوا سابقا من جمهور السياسة العامة ،ولم يكنلهم أي يد في صناعتها أو تنفيذها ،وذلك خاصة أثناء المرحلة التقليدية أين كانالتركيز كل التركيز منصبا على مؤسسات الدولة ،التشريعية ،القضائية ،التنفيذية وهيالتي كانت تتولى وحدها مهمة صنع وتنفيذ السياسة العامة في المجال الضيق الضيق جدا،إلا أن معطيات عدة شهدها القرن العشرين وخاصة فترة مابين الحربين العالميتينالأولى و الثانية متى ارتفعت الأصوات بضرورة إقحام الدولة في مختلف المجالات وهوما جعل عملية صنع السياسة العامة على تلك الدرجة من التشعب و التعقيد نتيجةالأدوار المتعددة للدولة و الهادفة إلى تخطيط وتنظيم كافة جوانب الحياة في المجتمعو أصبحت السياسات العامة المتنوعة ،والمتعددة التي تبلور الإرادة المجتمعية وتحددالأطر الفكرية ،و المناهج العملية لتوجهاتها ،و أساليب عمل المؤسسات الحكومية،فأصبحنا نتحدث عن سياسة عامة ل: الصحة، التعليم ،الإسكان ،الاقتصادالقومي،الرعاية الاجتماعية ،البيئة … ،و غيرها

مع كل هذهالتطورات لاقت موضوعات السياسة العامة عناية خاصة في الدول الغربية ،وهو الأمرالذي يمكن أن نلحظه من خلال حيز البحث المخصص لها في الجامعات و المنظمات ،والهيئات البحثية التي أسهمت في دراستها وتحليلها وسوف نحاول في هذا البحث أن نتطرقإلى أكثر المحطات الفاصلة في تطور السياسة العامة من خلال طرحنا الإشكالية التالية
كيف ساهمتالأطروحات الفكرية و الأحداث التي عرفها القرن العشرين في انتقال السياسة العامةمن مرحلتها التقليدية ضيقة النطاق إلى المرحلة الحديثة التي ذهبت بالسياسة العامة بعيدافي محتواها وفواعلها ؟
كما يمكن أنندرج تحت إطار هذه الإشكالية الرئيسية الإشكاليات الفرعية التالية
-ما هي السياسةالعامة وما هي الأسباب الداعية إلى تعاظم الاهتمام بها ؟
– ماهو الجديدالذي أضافته فكرة توسيع دور الدولة على حقل السياسة العامة ؟
– إلى أي مدىساهمت أطروحات المدرسة السلوكية في تطور دراسة السياسة العامة ؟
وسوف نعطيإجابات مؤقتة عن هذه الأسئلة من خلال الفرضيات التالية :
-تعبر السياسةالعامة عن الطريقة التي تتعامل بها الحكومة مع المشكلات الاجتماعية.
-أدى توسيع دورالدولة إلى تزايد اهتمام رجال السياسة والمفكرين بضرورة تحديد الطرق السليمةلصياغة سياسة عامة ناجحة.
-ساهمت أطروحاتالمدرسة السلوكية في تعدد موضوعات وفواعل السياسة العامة الأمر الذي أثرى محتواهابصورة كبيرة.

وفي محاولتناللتحقق من صحة هذه الفرضيات سوف ندرس الموضوع وفق الخطة التالية :
مقدمة:
I- ماهية السياسةالعامة .
I –1 – تعريف السياسةالعامة.
I -2- أسباب الاهتمامبدراسة السياسة العامة.
-IIمراحل نشأةالسياسة العامة
II – 1 – المرحلةالتقليدية
II – 2 -مرحلة ما بينالحربين
II – 3 مرحلة ما بعدالحرب العالمية الثانية
II- 4 السياسية العامةفي المرحلة ما بعد السلوكية
III- الأطروحاتالنظرية للسياسة العامة
1-III نظريات نشأةالسياسة العامة
2-III السياسة العامةبين الطرح الانجلوساكسوني والاوروبي
الخاتمة

-ماهية السياسةالعامة

I -1- تعريف السياسةالعامة
يعتبر مجالالسياسة العامة مجالا حديثا وهاما في علم السياسة، فهو أداة هامة لتقويم أداءالنظام السياسي وفعاليته، إذ انه لا يكتفي بدراسة مضمون السياسة، وإنما يتطرق إلىكيفية صنعها وتكلفتها وبدائلها وكيفية تنفيذها والمطابقة بين أهدافها المعلنةوالنتائج العملية للتطبيق ويدخل في ذلك تحليل الآثار المتوقعة من تنفيذ سياسة ما(1).
تظهر السياسةالعامة للدولة في عدة أشكال ،إما في قرارات منفردة كالقرار المتعلق بتنظيم احدالمرافق العامة أو قرار الميزانية وإما في قواعد قانونية أي نصوص عامة مجردة سواءصدرت من الهيئة التشريعية كالقوانين التي تصنع البرامج الصحية أو ترسم السياسةالزراعية أو السياسة التعليمية أو صدرت من الهيئة التنفيذية باستعمالها للسلطةاللائحية كلوائح الضبط و اللوائح التنظيمية ومع ذلك تظل السياسة العامة عمليةسابقة على اتخاذ القرارات وهكذا يتضح مفهومها الحقيقي من زاويتين :
-زاوية ماهيتهاعلى أنها مبادئ مرشدة
– زاوية طبيعتهاالتي ترتبط بالإدارة العامة وإدارة التنمية وخاصة في المجتمعات النامية
و أخيرا بعلمالاقتصاد باعتباره علم سلوكي مثال ذلك ماتدل عليه التجربة التاريخية للمجتمعاتالمتقدمة من أن عملية النمو الاقتصادي تقتضي توافر عامل هام هو إدارة التنمية أيحدوث تغيير جوهري للفكر السائد(2 )
وقد حاول بعضالمفكرين إعطاء تعريفات للسياسة العامة اختلفت حسب الزاوية التي ينظر إليها كلمنهم و تجدر الإشارة إلى أن هذه التعريفات صنفت عموما إلى ثلاث أنماط رئيسية:
أولا: السياسةالعامة كمتغير تابع:أو كنتيجة لقيام النظام السياسي بممارسة نشاطاته من خلالالسلطة التشريعية التي تنظم الحياة العامة في اطار الدولة، ويلاحظ أن هذا التعريفيؤكد على السياسة العامة في حد ذاتها، وبالتالي ينصب محور التركيز على السبلالمتاحة لتحسين المحتوى حتى يمكن صناعة قرارات أفضل، ويعكس هذا المفهوم عموما رأي أصحابالمدرسة الكلاسيكية في اطار علم الإدارة العامة الذي يؤكد على الأخذ بمبدأ فصلالسلطات الذي ينحصر إصدار القوانين والتشريعات وفقه في السلطة التشريعية، أماالسلطة التنفيذية فان مهمتها تنحصر في عملية التنفيذ الحرفي والمنظم
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1)وصال نجيبالعزاوي :مبادئ السياسة العامة،ط1،دار اسامة للنشر و التوزيع ،الاردن،عمان،2003،ص3
(2)محمد نصرمهنا:الادارة العامة وادارة الخصخصة ،ط1،المكتب الجامعي الحديث،الاسكندية،مصر،2006،ص45.

للقانون،وقد أكدالرئيس الأمريكي السابق وودرو ولسون في مقالته التي نشرت عام 1887 على الحيادالوظيفي للجهاز التنفيذي أو السلطة التنفيذية أي كانت مسمياته
ثانيا: السياسةالعامة كمتغير مستقل: حيث يركز هذا النوع من التعريفات على أهمية الدور الذي تلعبهالسياسة العامة كعامل مؤثر في العديد من المجالات داخل وخارج اطار الدولة،فالسياسة العامة وفق هذا المنظور تؤثر على القطاعات المختلفة مثل: التعليم، الصحة،البيئة، التنمية والفقر والعلاقات الخارجية، إذن فمحور التركيز لم ينصب علىالسياسة العامة في حد ذاتها ولكنه تعدى ذلك إلى تحديد القطاعات والنشاطات المتأثرةبالسياسة العامة خلال مراحل تشكلها المختلفة.
ثالثا:السياسةالعامة كعملية: تعتبر متغير تابعا ومستقلا في نفس الوقت وبالتالي يلاحظ أن هذا المفهوميضفي سمة التعقيد والتداخل على المراحل المختلفة للسياسة العامة، ووفقا لهذاالمنظور فإن السياسة العامة تعتبر عملية تتأثر بالبيئة المحيطة بها وتكون بالتالينتيجة تفاعل العديد من العوامل في البيئة المحيطة من خلال نظام ما يعرف بالنتائج OUT COMESS ونظام التغذية العكسية THE FEED- BACK SYSTEM التي تؤثر بدورها في البيئة المحيطةبأبعادها وجوانبها المختلفة(1).
يعرف بسيونيإبراهيم حمادة السياسة العامة بأنها” ما هي إلا أفكار خاصة في البداية وعندما يشترك عدد كبيرمن الأفراد في هده الأفكار تصبح مقترحات،وعندما تتبنى السلطات الحكومية هدهالمقترحات تصبح سياسة عامة ”
فكرة >اقتراح >سياسة عامة
وقد تكونالسياسة العامة ايجابية في صياغتها مثلما تكون سلبية، فهي قد تأمر بالتصرف باتجاهمعين وقد تنه عن القيام بتصرفات غير مرغوبة، أو قد يعد سكوتها أو عدم التزامهابالتصرف إزاء ظواهر معنية بمثابة توجه فالحكومة قد تتبنى مثلا سياسة عدم التدخلالمسماة LASSEZ FAIR أو رفع اليد HANDSOFF في ميدان أو قطاع ما أو إزاء ظاهرة محددة بذاتها فهي فيكل الأحوال تؤثر بمواقفها على السكان، أو على المعنيين بهده الأمور(2) .
هناك منالتعاريف من أضفى على السياسة العامة الجانب التشريعي حيث أصبح يعتبر السياسةالعامة على أنها (قرار أو مجموعة قرارات سياسية )وعرفت وفق هدا المنطق على أنها”مجموعة قرارات يتخذها فاعلون معروفون بهدف تحقيق غرض عام” وهنا تجدرالإشارة إلى الفاعلين معروفين بدلالة المؤسسات التي تكون مهمتها اتخاذ القراراتهده المسالة ترتبط بالأجهزة العليا في النظام السياسي التي تكون مهمتها الأساسيةسن التشريعات واتخاذ القرارات كالسلطة التشريعية .
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1)مصطفى عبد اللهخشيم ،نظرية السياسة العامة،2007،من الموقع:
WWW.HAWARIBOUMADIAN.1520.MAKTOOBBLOG.COM/1245026/ .
(2)وصال نجيبالعزاوي ،مرجع سابق ،ص14

كما عرفتالسياسة العامة من هذا المنظور بأنها:
“قرار دائميتميز بثبات السلوك الذي يترتب عليه، كما انه يمثل وجهات نظر أولئك الذين اتخذواالقرار و الذين يلتزمون به ”
و هذا يظهر فيالنظم الديمقراطية كون السياسة العامة ترتبط بعملية اتخاذ القرار فمن الضروريتحديد أبعاد العلاقة بين السياسة العامة و صنع القرار (فالقرار اختيار احد البدائللمواجهة موقف معين…)و عملية الحكم تقتضي إيجاد العديد من القرارات… و لضمانالحد الأدنى من التنسيق( بين القرارات) عملت الدول على وضع نظام هرمي بمقتضاه تكونالقرارات فردية تابعة لمجاميع قراريه أسمى وأكثر تجديدا تسمى السياسات ، فكانالسياسة هي بمثابة مرشد للقرارات الخاصة بمشكلة أو ميدان معين .
أما من الناحيةالتنفيذية فعرفت السياسة العامة على أساس الأداء الحكومي و تنفيذ القرارات لذلكعرفت بأنها ( برنامج عمل هادف يوجه و يرشد المتعاملين مع مشكلة أو قضية تثير الاهتمام)
أيضا عرفتبأنها(خطط و برنامج أو أهداف عامة أو كل هذه معا يظهر منها اتجاه عمل الحكومة فيفترة زمنية مستقبلية )بحيث يكون لها مبررات و هذا يعني بان السياسة العامة هيتعبير عن التوجه السلطوي أو القهري لموارد الدولة و المسؤول عن التوجيه الحكومي (1).

I-2- أسباب الاهتمامبدراسة السياسة العامة
سبب نشأةالسياسة العامة …… هو وجود مشكلة عامة

تعريف المشكلةومستوياتها

-حاجات إنسانية حسبنطاقها
-مسببات عدم رضى
-حرمان – مشكلة اجتماعية مشكلة عامة
-ظلم يتطلبتعويض او علاج – مشكلة شخصية
تعتبر السياسةالعامة
أهميتهماوأثرهما محدودان محاولة حكومية لحل
هذا المستوى
ــــــــــــــــــــ
(1)مها عبد اللطيفالحديثي ،النظام السياسي و السياسة العامة،من الموقع:
WWW.VB.ARABSGATE.COM/SHOUTHREAD.PHP

– نتيجة للأزمةالاقتصادية العامة في أواخر العشرينيات و بداية الثلاثينيات الميلادية.
– خلال الحربالعالمية الثانية استعانت الحكومة الأمريكية بعدد كبير من العلماء في بتخصصاتمختلفة و ذلك بقصد دراسة سياسيات مقترحة أو منفذة و التوصية بشأنها.
– أسفرت جهودالعلماء عن ظهور تطورات علمية ساعدت على نمو دراسة السياسية العامة.
– التطوراتالسابقة و التفاعل بين العلماء و نتائج البحوث أدى إلى إحداث تطورات فكرية ذاتأهمية تطبيقية بالنسبة لنشاطات الحكومة مثل ابتكار طرق جديدة لإعداد الميزانية .
– قيام الحكومةالأمريكية بتمويل البحوث العلمية المتعلقة بدراسة السياسية العامة.
– ظهور قلاقل واضطرابات اجتماعية أدت إلى تساؤلات حول قدرة الحكومة على علاج المشاكل الاجتماعيةو الاقتصادية .
-اضطرابات طلبةالجامعات و هجومهم على مؤسسات الدولة و المجتمع بصفة عامة و على الجامعات والأساتذة بصفة خاصة و من أوجه النقد التي وجهها الطلبة للدراسات الجامعية و الأساتذة :
• أنه لا توجدعلاقة بين القرارات العلمية التي تدرس في الجامعات و بين الواقع.
• أن أساتذةالجامعات بتعاقدهم مع الحكومة للقيام ببحوث علمية ساهموا في ابتكار أسلحة دمارشامل و أهملوا البحث عن حلول للمشاكل الاجتماعية و الاقتصادية.(1)

نتيجة لهذهالاسباب وغيرها تشكلت متطلبات جعلت السياسة العامة ضرورة لتنظيم حياة الجماعاتالبشرية وضمان المصلحة العامة ومن هنا أصبحت أهمية دراسة السياسة العامة ضرورةملحة تقتضيها اعتبارات علمية، مهنية (إدارية) وسياسية وهذا ما أشار إليه توماس دايفي كتابه UNDER STANDING PUBIC POLICY بالقول أن هناك ثلاث أسباب لدراسة السياسةالعامة وهي :
1- أسباب علميةبحتة: وهذه تتيح فهم أسباب ونتائج القرارات السياسية لتعميق المعرفة بالمجتمعوالمجتمعات الأخرى فدراستها باعتبارها متغير تابع تتيح البحث في القوى البينيةوخصائص النظام السياسي ودورها في صياغة السياسة العامة، كما أن دراستها باعتبارهامتغير مستقل تدفع إلى البحث في تأثير السياسة العامة على البيئة والنظام السياسيوكلها تؤدي إلى فهم أفضل للروابط بين البيئة والعمليات السياسية والسياسة العامة.
2- أسباب مهنية:بمعنى أن دراسة السياسة العامة توفر للباحث السياسي إمكانية توظيف معارفه في

ـــــــــــــــــــــــ
(1)سياسة عامةوصناعة قرار ،من الموقع:
WWW.KALHARBY.KAIR.EDU.SA

حل المشكلاتالعلمية إذ يغلب أن تخلص هذه الدراسات إلى توصيات بشأن ماهية السياسة الملائمةلتحقيق الأهداف المبتغاة.
3- أسباب سياسية:وهنا ينصرف هدف الدراسة على التأكيد من أن الدول تتبنى الأفضل من السياسات لتحقيقالأهداف العامة فكثيرا ما يتردد من أن علماء السياسة ملزمون بتطوير السياسة العامةوإثراء النقاش السياسي(1).
وقد أصبحنانشهد اهتماما خاصا لدى مراكز صنع القرار بان تكون قراراتها معبرا عنها بسياسة عامةوهذا ماتعلمته الحكومات من تجاربها فنجد مثلا التدخل الأمريكي في جنوب أسيا خلالالستينات والسبعينات أودى بحياة خمسة واربعين ألف جندي أمريكي وجرح الآلاف ،وعشرات المليارات من الدولارات أنفقت في هذه الحرب التي دارت رحاها في الهندالصينية، وقد نظمت المظاهرات واضطر العديد من الشباب الأمريكي إلى الهجرة إلى كنداأو دخول السجون بسبب رفضهم الالتحاق بالخدمة العسكرية والمشاركة في الحرب، كماتزايدت النقمة والكراهية للحكومة من جانب مواطنيها وفقد أغلبيتهم ثقتهم بها
وليست الحربفقط هي التي تتطلب وجود سياسة عامة بل ابسط العوائق التنظيمية التي يواجههاالانسان في حياته اليومية، فابن المدينة الأمريكي الذي يسوق سيارته في الطريقالسريع يضطر لقضاء ساعات من الانتظار خلال أوقات الازدحام مسجونا في سيارته هوالأخر يعاني من تأثير السياسة العامة المتنوعة التي ركزت على الطرق السريعة،وساعدت على إبقاء أسعار الوقود منخفضة، وأهملت النظام المروري ونظام النقل العام،وساعدت على توسع المدن وانتشارها في حين أن سياسيات عامة أخرى بديلة للنقل يمكن أنتحقق نتائج أفضل لو تمت مناقشتها، وباختصار ان نظام الطرق الحالي المعوق للاتصالاتليس طبيعيا وهذه المشاكل النجمة عنه ليست عفوية بل نجمت عن السياسات العامة التياتخذت بالتعاقب(2).
نتيجة لكل ذلكفقد أصبحت السياسة العامة اليوم ضرورية في كافة أوجه الحياة الخاصة والعامةللمواطنين، حيث يلاحظ أن الدولة تشرع القوانين وتصدر القرارات المختلفة لتنظيمالعلاقة بين المواطنين والدولة أو بين الدولة وبقية أطراف النظام العالمي ككل،وعليه نسمع أن الأدبيات تتحدث عن سياسة عامة محلية ،دولية أو خارجية، سياسة عامةللمرأة ، للبيئة، وسياسة عامة نقدية وأخرى ضريبية وهكذا.
إن ارتباطالسياسة العامة بالحياة اليومية للمواطنين يعتبر من المواضيع الهامة التي تستحوذ باهتمامات
ـــــــــــــــــــ
(1)جيمساندرسون:صنع السياسة العامة،تر:عامر الكبيسي ،ط 3 ،دار المسيرة للنشر والتوزيعوالطباعة ،الأردن، عمان ،2007،ص13
(2)دندن عبدالغني، السياسة العامة بين النظرية و الواقع العملي ،2009، من الموقع :
WWW.AHEWAR.QRG/DEBAT/SHOW.ART.ASP?AID=165951

الباحثين والسياسيينومؤسسات البحث العلمي بمختلف اتجاهاتها الفكرية بالرغم من حداثة حقل السياسةالعامة في مجال علم السياسة على وجه الخصوص، وفي مجال العلوم الاجتماعية على وجهالعموم ، إلا أن الأدبيات تشير بوضوح إلى تنامي هذا المجال من مجالات المعرفة بشكلملحوظ خلال العقود الأربعة الماضية لا سيما في الدول المتقدمة حيث يلعب محللوالسياسة العامة أدوار مهمة في المراحل المختلفة للسياسة العامة(1).
وعلى هذا يمكنأن نجمل أسباب الاهتمام بالسياسة العامة فيما يلي :
-أسباب تتعلقبمدى نجاح السياسية العامة في تحقيق الأهداف و من بينهما الحاجة إلى فهم:
1 -كيفية رسمالسياسية العامة ة اتخاذ القرارات الحكومية المتعلقة بها.
2- أسباب فشل بعضالسياسيات في تحقيق أهدافها .
– أسباب مرجعهاأن دراسة السياسية العامة أسلوب علمي منظم للكشف عما إذا كان فهمنا للمشاكل فهمسليم أم لا.
-أسباب مرجعهاالموازنة العامة للدولة و تكلفة تنفيذ السياسية العامة.
– أسباب تتعلقبوظائف ذات صلة برسم و تحليل و تقييم السياسية العامة دعت إلى زيادة الاهتمام بهدهالدراسات.
لقد ترتب علىالاهتمام بدراسة السياسية العامة كحقل علمي :
1-تطور اهتماماتعلم السياسية تطورا جديدا هاما حيث تطور علم السياسية العامة من الشكل التقليديالكلاسيكي و أصبح علم السياسية الحديث السلوكي.
2- التركيز علىدراسة الإدارة الحكومية بقصد رفع مستوى كفايتها الإنتاجية و الاقتصاد في نفقاتهاالمالية و الاهتمام بعناصر العملية الإدارية .
3-نمو غير عاديفي مظاهر اهتمام الجامعات و أعضاء هيئة التدريس بهذا الحقل الجديد و الدليل علىذلك ( الكتب المقالات, الأبحاث, المؤتمرات حول مواضيع السياسة العامة و صناعةالقرار(2).
إن تعقد ظروفالحياة البشرية وتداخل المصالح والعلاقات بين المجتمعات و الدول ومن ثمة تضارب هذهالمصالح ،بات لزاما على البشر أن يعدوا التصورات ويضعوا الخطط و البرامج لمواجهةمايمكن أن يواجهوا من مصاعب ،ولا شك أن هذا التطور نشا قبل نشوء الدول القومية ولوبأشكال مختلفة ومتواضعة ،إلا أن نشوء الدول القومية أعطى لموضوع السياسات العامةبعدا إضافيا ،تجلى بحيوية و أهمية هذا الجانب باعتباره هدفا لحماية مصالح المجتمع،و الأفراد الذين أنابوا الدولة في تأمينها والسهر على استمرارها،ومن هنا كانتالسياسات العامة في الدول تمثل احدى مظاهر نجاح الدولة او
ــــــــــــــــــــــ
(1) مصطفى عبد اللهخشيم ،نظرية السياسة العامة: مرجع سابق.
(2) مها عبد اللطيفالحديثي ،النظام السياسي و السياسة العامة، مرجع سابق.

فشلها في تامينمبررات وجودها بحسب المفاهيم التي ارتكزت عليها الكثير من الافكار والمعتقدات التياسست لسياسة الدولة الراعية ،الدولة الام في احتضان مواطنيها و تامين المسائلالحيوية لبقائهم وكذلك وسائل رفاههم (1)

ــــــــــــــــــــــ
(1)خليل حسين،السياسات العامة في الدول النامية ،ط1،دار المنهل اللبناني ، بيروت ،لبنان ،2007،ص6

-IIمراحل نشأةالسياسة العامة:
في نهايةالستينات وبداية السبعينات ظهرت الدعوة إلى ضرورة التركيز على تحليل مخرجات النظامالسياسي خاصة السياسة العامة ولقد ساعد على هذا التطور تفاقم المشكلات الاجتماعيةبين السود و البيض و التورط الأمريكي في حرب فيتنام ، حيث ظهرت الحاجة داخل مؤسساتالحكومة الأمريكية إلى تحليل هذه المشكلات ومحاولة صياغة السياسات التيتعالجها،ومنذ ذلك الحين وعلى مدار عشرين عاما حدث الكثير من التطوير في منهجيةالبحث المرتبطة بالسياسات العامة كحقل علمي له ملامحه المستقلة وكأسلوب للتحليليستخدم بواسطة العلوم الاجتماعية الأخرى وكنقطة التقاء بين العديد من العلومالاجتماعية مثل الاقتصاد العلوم السياسية ،الاجتماع ،الإدارة،وغيرها .(1)
لقد كان مننتائج المجهود الفكري لأعوام الخمسينات من القرن العشرين انبعاث وبروز مصطلح علمالسياسة العامة بطابعيه الفكري والتجريبي الذي تبلور بفضل الجهود الفكرية للعالمالامريكي هارولد لاسويل الذي قدم من خلال كتابه السياسة من يحصل على ماذا، متىوكيف أساسا للعمليات التبادلية وتوزيع القيم والمنافع المتضمنة في رسم السياساتالعامة وتنفيذ عملياتها.
لقد ارتبط مفهومالسياسة العامة وما يختص بعملية تحليلها ضمن هذا التحول الذي طرحه لاسويل إلى حدما وواضح بعلم السياسية و حصرا بما يختص بنظام الحكم في أمريكا، كما ارتبط ذلكالمفهوم أيضا بظهور المدرسة السلوكية بداية أعوام الستينيات وعندما تزايد الاهتمامبدراسة منهج تحليل النظم الذي تحول من تسليط الضوء فقط على الدولة إلى تسليطه علىالأبعاد المتعددة التي تشكل حقيقة اجتماعية ونتيجة لهذا التحول أصبحت الجماعاتوالقوى الاجتماعية هي ركيزة البحث والاهتمام والتحليل وأصبح مفهوم السلوك هو الرمزالمتحكم في دراسة علم السياسة حيث حل مفهوم النظام محل مفهوم الدولة وتمكنتالمدرسة السلوكية من خلال المفــاهيم التي اعتمدتــــــها مثل: السلوك، الجماعات، العمليات،النظم، وغير ذلك من احلال الحركة والقدرات التحليلية في البحث المعني بشؤونالسياسة العامة مما أدى إلى إيجاد مفاهيم وآليات تحليل مناسبة لدراسة الظواهروالقضايا والمشكلات المطروحة أمام المجتمع ، فقد أصبحت دراسة الحقوق السياسيةدراسة تعني بالسلوك الانتخابي وتحولت مفاهيم المصالح وقد تم احتوائها ضمن مفهومجماعات المصالح وغدا تعديل أو تبديل القانون يسمى بالعملية القضائية، وما يختصبالدولة يطلق عليه (مدخلات ومخرجات النظام السياسي) وهذا كله استدعى إيجاد سبلمناسبة في أدوات البحث العلمي للموضوعات
ـــــــــــــــــــــــ
(1)سلوى شعراويجمعة،تحليل السياسة العامة في الوطن العربي ،مركز دراسات و استشارات الادارةالعامة ، القاهرة 2004،ص23.
والتحليلات السياسيةالعامة فتم الاعتماد على الجوانب الكمية خلال قياس الرأي العام، وخلال إجراءالمسوح وتفعيل الاستبيان وإجراء التجريب في ضوء المناهج الإحصائية الصحيحة.

II-1 المرحلةالتقليدية

يلاحظ علىالجهد التقليدي إظهاره الاهتمام المنحصر بالسياسات التي تنتجها الحكومات والإشارةإلى القوى التي تسهم في بلورة السياسات وتأثيرها على المجتمعات من خلال التطرق إلىالبناء المؤسسي، والتركيز على التبريرات الفلسفية للحكومة، ودراسة الترتيباتالهيكلية لها، مثل الفدرالية، فصل السلطات،المرجع القانوني، صلاحيات الهياكلالرسمية وواجباتها،وما يختص به البرلمان ،الرئيس والمحاكم، العلاقات الحكومية،وأعمال السلطات الثلاث ( التشريعية، التنفيذية، القضائية )، وبالتالي اقتصرت هذهالجهود التقليدية على السياسة ذاتها، فبقيت وصفية ظاهرية لم تغص أو تتعمق في تناولالمؤسسات والقطاعات الحكومية غوصا تحليليا، كما لم تعمد إلى فهم وتحليل السلوك السياسيولا التصرفات ولا العمليات المصاحبة والملازمة لصنع السياسة، فأغفلت ترتيبالعلاقات الهامة والاتصالات القائمة بين المؤسسات، وترتب على ذلك كله إبقاء محتوىالسياسات العامة بعيدا عن البحث والتناول، وأن الجهد الوصفي لها بقي غامضاوسطحيا(1)

لقد كانالاهتمام الرئيسي منصبا على التكوين المؤسسي للدولة وتحليل المبررات الفلسفيةوالسياسية لسلطات الحكومة نتيجة لهذا التوجه الرئيسي، فقد ركزت دراسات وأطروحاتالفلاسفة والمفكرين السياسيين التقليديين على الإطار الدستوري للدولة، ومهام المؤسساتالدستورية الثلاث: التشريعية التنفيذية القضائية،(2)

و يمكن إرجاعسطحية الاهتمام بالسياسية العامية في هده الفترة إلى كون علم السياسية مازال فيإطاره الفلسفي الهيكلي و لكن بعدما بدأ بتبلور و يغدوا فرعا من فروع العلومالاجتماعية عقب استقلاله عن الفلسفة الأخلاقية فقد حظي بالدعم العلمي و المعرفياللازم واعتبار أن السياسية صارت تمثل جزءا لا يتجزأ من النشاط الاجتماعي و النفسيللمجتمع و للظاهرة الاجتماعية بعدما كانت
ــــــــــــــــــــــ
(1)فهمي خليفةالفهداوي ،السياسة العامة منظور كلي في البنية و التحليل ،ط1،دار المسيرة للنشر والتوزيع و الطباعة ،عمان ،الاردن ،2007.ص27
(2)حسن ابشرالطيب:الدولة العصرية دولة مؤسسات،الدار الثقافية للنشر و التوزيع ، القاهرة،2000،ص56
السياسية تعتبروجها للقانون و للعلاقة المتفاعلة بين المؤسسات الرسمية في ظل الأطر القانونية,كما و أن الظواهر الاجتماعية و السلوكيات التي كانت سابقا بعيدة عن تدخل السياسيةمثل : الأوبئة ,الكوارث,الحروب ,الفيضانات كنتائج للإرادة الالاهية حسب الاعتقاداتالمجتمعية، التربية ، وضعية المرأة تمثلان قضايا خاصة لا يسمح بالتدخل في نطاقها… كلها انتقلت من حالتها التي تميزت بها (السياسية ضيقة النطاق) للقرن التاسععشر إلى الحالة الجديدة (السياسية في كل مكان)للقرن العشرين وفق الآلية التي منخلالها يجد أمر غير سياسي ذاته واقعا ضمن فئة الأمور و القضايا السياسية(1).

II -2 مرحلة ما بينالحربين
عرف خلالهامفهوم السياسة العامة تطورا مرحليا جراء شيوع انتاجات وتجارب المدرسة السلوكيةوبروز التوجه السلوكي لعلم السياسة الحديث فانتصرت النظرة المتأملة في دراساتوأطروحات الفكر السياسي والاجتماعي في هذه الحقبة واصبحت تشير إلى انتقال الاهتماممن وصف المؤسسات الدستورية وما يتصل بكل منها من صلاحيات إلى العناية والتركيز بمايتم في هذه المؤسسات من أفعال وعمليات وأنماط للسلوك الذي صب اهتمامه
أولا: علىالسلوكيات المصاحبة لأعمال الحكومة وتحليلها، ودراسة القواعد النفسية والاجتماعية لسلوكالأفراد والجماعات، ودراسة محددات التصويت في الانتخابات والنشاطات السياسيةالأخرى، ووظائف الجماعات المصلحية والأحزاب السياسية وعمليات التوزيع المختلفةوالسلوك التصارعي بين السلطة التشريعية، التنفيذية والقضائية، وقد اعتمد هذاالمدخل على آلية واضحة لوصف العمليات السياسية العامة وشرح الأسباب والنتائجلأنشطة الحكومة، والتركيز على وصف واضح لمضمون السياسة العامة من خلال تحليل اثرالقوى السياسية ،الاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن تقويم نتائج السياسات العامة علىالمجتمع(2).
لقد ساعد هذاالتطور الحاصل في زيادة تعميق فهمنا لكيفية تشكيل ووضع السياسات العامة وما يتصلبذلك من توازن بين الجماعات المصلحية وبين توجهات هادفة لبلورة الإرادة المجتمعية،غير أن العناية بمضمون أو محتوى السياسة العامة قد ظلت في هذه الحقبة موضوعاعارضا، لا يجد من المحللين السياسيين إلا اهتمام جزئي محدودا.

ــــــــــــــــــــ
(1)نشاة وتطورالسياسة العامة ،من الموقع :
www.forum.bdr130.net/vb/t722435.rtml.
(2)فهمي خليفةالفهداوي،مرجع سابق.ص28

III -3 مرحلة ما بعدالحرب العالمية الثانية
تعاظم الاهتمامبموضوع السياسة العامة بعد الحرب العالمية الثانية حين جرى التركيز على مفهــومالسياسة العامة وكيفية بلورتها والتبصر في أهدافها ومصيرها وأساليب تنفيذها ضمنإطار تحليلــي بحسب الأولويات والإمكانيات المتوفرة، بفعل تنامي الأصوات المناديةبضرورة تدخل الدولة كمحرك للنشاط الاقتصادي، وإعادة بناء الاقتصاد القومي وتـوجيهالموارد لسد حاجيات عموم المواطنين، ولأجل استيعاب النمو الاقتصادي المتزايد فيالخدمات المطلوبة وضرورة توفيرها وتحقيقيها كالتعليم، الصحة، المواصلات، وإقامةالجسور وتوفير فرص العمل وتنظيم التجارة وإقامة الصناعات وتأميم المشروعات والمنتجاتوغير دلك مما يتعدى حدود القطاع الخاص وقدراته الخدمية، ويستدعي بالمقابل نهوضالدولة بمؤسساتها الحكومية لعرض القيام بذلك والاضطلاع به في اطار السياسة العامةوكانت الضرورات تشكل مطلبا هاما بالنسبة للدول النامية التي حظيت بالاستقلالالوطني والسياسي من الحكم الأجنبي، وسعيها في مباشرة بنائها الاقتصادي التنمويوتحسين أوضاعها المتردية من خلال إشرافها على وضع وتنفيذ العديد من السياساتالعامة الشاملة في المجتمع
هذه الأسباب هيالتي جعلت السياسة العامة ذات أهمية متقدمة في الحياة المجتمعية وتوصف بانهاالمحور الفاعل قي دراسات علم السياسة وأبحاثه وتوجهاته (1).
وقد كانت هذهالدعوة اعتمادا على العديد من الأسباب الموضوعية
أ‌- لقد اقتضت ظروف الحرب العالميةالثانية توافر موارد ونفقات عالية استجوبت تدخل الدولة لتخطيط وتنظيم وتوجيه كلالإمكانات لسد حاجات الحرب وما إن وضعت الحرب أوزارها حتى جابهت الدولة مشاكلإعادة بناء الاقتصاد القومي الأمر الذي اقتضى تدخل الحكومة كأداة حركية للدولةكموجه ومنظم للنشاط الاقتصادي (2) كما رأينا إقرار هذا التدخل خلال الفترة مابينالحربين العالميتين حيث دفعت ظروف الأزمة الاقتصادية الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلتإلى إحداث ثورته الإدارية المعروفة في الولايات المتحدة الأمريكية باسم new deal the والتي بمقتضاها تدخلت الدولة في كثيرمن ميادين النشاط التي لم يكن من تقاليدها اكتنافها ورغم المقاومة التي لقيتها هذهالسياسة من جانب المجتمع الأمريكي في بادئ الأمر فقد أدت النتائج التي حققتها إلى الاعترافبأهمية دور الدولة والى تغيير مفهوم سياسة الاقتصاد الحر التقليدية في الأذهانوأدى مجيء الحرب العالمية الثانية إلى تطبيقات جديدة وناجحة في

ـــــــــــــــــــــ
(1)فهمي خليفةالفهداوي ،مرجع سابق،ص29
(2)حسن ابشر الطيب، مرجع سابق ،ص57
مجال تدخلالدولة وتنظيم طرق هذا التدخل ،كما ساهم في استقرار هذه السياسة و انتشارها فيبلاد العالم(1)
ب‌- إن فلسفة النظام الاقتصادي الحر التينجحت خلال القرن التاسع عشر نجاحا كبيرا قد بدأت تفرز بعض السلبيات كالاحتكار ومايقود إليه من السيطرة على السوق واستغلال المستهلك وتوجيه الموارد الاقتصاديةلإشباع حاجات القادرين على حساب الفقراء،وغيرهما إن هده السلبيات وما يماثلها قددفعت بعض الحكومات إلى التدخل في النشاطات الاقتصادية بوضع التشريعات الهادفةلتعديل الهيكل الاقتصادي وإزالة مسببات السلبيات أو التخفيف من حدتها دون أن يكون هناكتوجه لتحول جذري من سياسة الحرية الاقتصادية إلى سياسات أخرى.
ت‌- النمو المتزايد في الخدمات العامةكالتعليم، الصحة ،المواصلات ومشروعات المنافع العامة التي عادة لا يقبل عليهاالقطاع الخاص كمشروعات الطرق البرية ،إنشاء الجسور ،إقامة الحدائق وكلها أعمال تتمفي اطار سياسات عامة تقوم الحكومة بالأدوار الرئيسية في تنفيذها، يضاف على ذلكأدوار الدولة في توجيه الاقتصاد القومي بسياساتها الهادفة لتوفير فرص العملللمواطنين والتحكم في الأسعار والأجور وتنظيم الأعمال المصرفية والتجارة الخارجية ومايماثل هذه الأدوار، أو قيامها بتأميم بعض المنتجات أو الصناعات الإستراتيجية كماحدث في انجلترا مثلا حيث تم تأميم السكك الحديدية ومناجم الفحم والكهرباء الأمرالذي قاد إلى تعاظم الأدوار التي تقوم بها الحكومة في توجيه وإدارة النشاطالاقتصادي
ث‌- لقد حصلت العديد من الدول النامية بعدانتهاء الحرب العالمية الثانية على استقلالها السياسي من الحكم الأجنبي وقد كان منالطبيعي أن تشرع هذه الدول النامية المستقلة في إعداد وتنفيذ سياسات عامة هادفةلتجاوز الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المردية ، ولتحقيق بناء دولة عصرية مستقلةوتعظيم الإفادة من كل الموارد والإمكانات المتاحة لإرساء البنيات السياسية للتنميةالاقتصادية الاجتماعية الثقافية، إن نهوض الدول النامية المستقلة بكل هذه الأدواراستوجب بالضرورة تدخلها المباشر في مختلف شؤون المجتمع وإشرافها على وضع وتنفيذالعديد من السياسات العامة في مختلف أوجه الحياة.(2) وفي هذا السياق تجدر الإشارةإلى أن قيام عدد كبير من الدول في آسيا و إفريقيا و أمريكا اللاتينية قد فتحأبعادا جديدة في رسم السياسات العامة الإنمائية لهذه
ــــــــــــــــــ
(1)فايز حسين ،سيكولوجيا الادارة العامة ،ط1،دار اسامة للنشر و التوزيع ،عمان ، الاردن،2008،ص16.
(2)حسن ابشر الطيب،مرجع سابق،ص ص57،58
الدول ،غير إنخبراء الإدارة العامة قد تركزت دراساتهم على المجتمعات أكثر منها دراسات عن دولوقد زعم الكتاب عموما الذين طوروا هذا النوع من المجال العمومي منذ أوائلالخمسينات من القرن العشرين، إن رسم السياسة العامة الإنمائية –الاقتصادية هيثقافية بالدرجة الأولى على أساس ماورثوه من الغرب عبر القرنين الماضيين ومن خلالهذه المؤشرات وكون هذا الاختلاف في التوجهات التنموية يرجع إلى اختلاف الجذور والخلفيات الثقافية دفعهم هذا إلى توسيع مجالات دراسات السياسة العامة التنموية كيتأخذ في الاعتبار المظاهر التاريخية ،الثقافية للدول النامية (1)
ج‌- إن تبني بعض الدول لسياسات تنمويةطموحة قد استوجب استثمارات كبيرة وعلما بعجز القطاع الخاص في هذه الدول عن الوفاءبمتطلبات هذه الاستثمارات فلم يكن هناك من حل غير تصدي الحكومة للقيام بهذا الدوربحكم قدرتها على توفير الموارد اللازمة للاستثمارات الكبيرة من الموارد المحلية أوالعون الخارجي وقدرتها في التخطيط والتنظيم والسيطرة على العقبات السياسية،الاقتصادية ،الاجتماعية المعوقة لعمليات التنمية والتحديث(2) .
ح‌- أما خلال مرحلة التسعينات وما بعدهاوانتقالا الى متطلبات القرن الواحد والعشرون حيث حصلت تبدلات في دور الدولةوارتفاع مستويات التفاعل بين مؤسسات ومنظمات القطاعين العام والخاص فضلا عن تزايدوتعاظم الأدوار للشركات متعددة الجنسيات والمنظمات الدولية وكذلك المنظمات غيرالحكومية الدولية في صياغة أوليات السياسة العامة وتحديد مساراتها وقد ساعد علىتبلور هذا الدور التغير في مفهوم السيادة والتسارع في الانجازات المعلوماتية وفيثورة الاتصالات التي منحت للمنظمات الدولية غير الحكومية مثل منظمات حقوق الإنسانالقدرة السريعة على التدخل في السياسات العامة الداخلية للدول ومن ثم التأثير فيمضامين هذه السياسات العامة وعن دور ما يسمى القطاع الثالث( المنظمات غيرالحكومية) في صنع السياسة العامة وهذا كله قد أسهم في بلورة الاتجاهات الحديثةالتي ترى أن السياسة العامة ماهي إلا محصلة متجمعة للتفاعلات الرسمية وغير الرسميةبين عدد من المؤثرين والفاعلين على المستويين المحلي والمركزي، والسياسة العامة فيضوء ذلك تعبير عن إرادة الفاعلين والمؤثرين الذين هم عادة ما يكونون أعضاء في شبكةمنتظمة صارت تعرف اليوم باسم شبكة السياسة(3).

ــــــــــــــــــــ
(1) محمد نصر مهنا،مرجع سابق ،ص45.
(2)حسن ابشر الطيب،مرجع سابق،ص59
(3) فهمي خليفةالفهداوي، مرجع سابق ،ص ص 30 31.
II-4 السياسيةالعامة في المرحلة ما بعد السلوكية :
تعبر عنهانظرية مراحل السياسية العامة التي تعتبر من احدث نظريات السياسية العامة المابعديةو بالتالي فهي قد استفادت من الأطر النظرية الكلاسيكية و السلوكية السابقةلوجودها، فلقد لاحظت رادين أن مسار السياسية العامة قد تغير خلال عقد التسعيناتمقارنة بالستينات من حيث:
– توسيع قاعدةالمشاركة في دائرة السياسية العامة حيث أنها لم تعد مقتصرة على عدد معين من محلليالسياسية العامة.
– زيادة عددالقضايا و تنوعها, نظرا لتوسع مجالات الاهتمام بالنسبة لصانعي القرار.
– عدم الاقتصارعلى الجانب الوصفي للسياسية العامة , حيث أن الحاجة أصبحت ماسة للتوفيق بينالبعدين الوصفي و التحليلي للسياسية العامة .
كما أكدت رادينعلى وجود إطار آخر للسياسية العامة تعتبر أكثر انفتاحا أطلقت عليه الباراديم
و الذي من ابرزخصائصه:
• وجود إجماع علىقيم مشتركة معينة بين محللي السياسية العامة .
• تنوعالاستشارات و الخيارات المتاحة لصانعي القرار من قبل محللي السياسية العامة .
• تعدد الأطرافالفاعلة في عملية السياسية العامة , و عدم اقتصارها على نخبة محدودة إلى جانب وجودنظام اتصالات و تغذية عكسية فعالة.
و يلاحظ عموماأن حقل السياسية العامة اليوم يواجه تحديات مختلفة لم تكن موجودة من قبل نتيجةلتطور و تعقد عالمنا المعاصر على المستويين النظري و العملي، فبينما انصب محوراهتمام محللي السياسية العامة قبل الستينات على الأبعاد المنهجية و الإجرائيةللسياسية العامة ، يلاحظ أن جل الاهتمام في إطار نظرية دائرة السياسية العامة قدانصب على الجوانب الجوهرية و العملية للسياسية العامة مما يجعل الأمور أكثر تعقيدامن حيث الآتي:
• من يصنعالسياسية العامة .
• ضرورة و أهميةتوسيع قاعدة المشاركة في عملية السياسية العامة حتى يمكن إضفاء سمة التفكيرالاستراتيجي على صانعي القرار.
• هل هناك نظريةشاملة للسياسية العامة (1)

ــــــــــــــــــــــ
(1)نظريات السياسةالعامة ،مصطفى عبد الله خشيم، من الموقع :
WWW.ETUDIANTSSETIF3ARABIYA.NET.MONTADA.F23/TOPIC.

III الأطروحاتالنظرية للسياسة العامة
1 -III نظريات نشاةالسياسة العامة
III-1-1 النظريةالبيروقراطية
تعرفالبيروقراطية كما جاء بها ماكس فيبر على انها شكل تنظيمي قائم على التقسيم الصارمللعمل والتقيد بهرمية السلطة ، تسلسل القواعد ، استخدام نطاق الاشراف الضيق والعلاقات غير الشخصية ويعني ذلك ان مفهوم البيروقراطية يعتمد على فكرة الرسمية اياتصاف الهيكل التنظيمي بالتحرير القاطع للمراكز و العلاقات و التحديد الصريح لواجباتكل مركز ، اماالعلاقات غير الشخصية فقد قصد بها ماكس فييبر ان يتم التعامل معافراد التنظيميت طبقا لما يتمعون به من مهارات ، وما يعرفونه من معلومات و ليسوفقا لما يعرفونه من افراد ومع ادراك فيبر ان هذه الدرجة من التنظيم البيروقراطيقد تكون غير موجودة في الواقع العملي لذا اعتبرها بمثابة اطار محدد لما ينبغي انيكون عليه التنظيم المثالي(1) .
يبرزتأثيرالبيروقراطية في التغيرات التي أحدثتها الثورة الصناعية في المجتمعات الغربيةو كذلك في كل التغيرات التي كانت في كل مرحلة تعلن فوز البيروقراطية علىالديمقراطية الرأسمالية أو بعبارة أخرى فوز الأنظمة السياسية التي يكون فيها الحكملحرب واحد ولا يسمح فيها للمعارضة، فبعض هده الأنظمة كانت تستهدف تحقيق نزاعات وطنيةأو عنصرية مثل الفاشية، النازية و أخرى تستهدف تحقيق المساواة الفعلية بين الأفرادو هذا مع التضحية بالمساواة القانونية ،خاصة في الأنظمة الاشتراكية و السؤالالمطروح هنا هل المجتمعات الصناعية يمكنها أن تستغني عن الدولة ؟
خاصة وأنهمياخدون بفكرة هيجل : لما هيجل يتطرق إلى الدولة البيروقراطية أو تطورها فانه يرى في دلك انه وصول إلىالصواب في التاريخ
هي ثورة فيالمفاهيم التي تشرح فعالية المجتمعات المصنعة بالنسبة للمجتمعات التقليدية فخاصيةالبيروقراطية هي تنظيم مختلف بطريقة مستقلة على المكلفين بتطبيقها إذن لماذاالإدارة تعتمد على مثل هده المبادئ،و هل هي فعالة ؟لأنها تطور في نتائجها وكذلكنظامها محدد خارج إطار الصفات الايجابية أو السلبية للأفراد المطبقين للأعمال إذن منهنا يلتقي ماكس فيبر بتايلور في فكرة معينة وهي الأداء الجيد الصناعي أو الإداريالذي يمر حتما بإرادة أبعاد عدم الاستقرار المرتبط بالسلوك الإنساني الطابع غيرالإنساني البيروقراطية ،وهو الذي يوضح أو يشرح فعاليتها الاجتماعية، وهذا سواءلتحقيق الفائدة السياسية أو الإدارية من جهة ، وكذا لفائدة المقاول أو صاحبالمؤسسة من جهة أخرى(2).
ـــــــــــــــــــ
(1)طارق طه ،ادارةالاعمال منهج حديث معاصر ،دار الفكر العربي، الاسكندرية ،مصر ،2007،ص ص135 ،136.
(2) رياض بوريش،محاضرات في السياسة العامة ،جامعة جيجل ،2010.
لقد ظلت إلىغاية العام 1970,الأعمال الخاصة بتحليل السياسة العامة ,لاسيما الأمريكية متجاهلة بشكل كبيرلتنفيذ السياسات العامة وعدم الاهتمام هدا يرجع إلى كون الأعمال الأولى خاصة فيإطار العلوم السياسية ظلت مركزة على القرار وكيفية تطويره على أساس إن تطبيقهسيكون سهلا,هدا الوضع مستند إلى النموذج المثالي ل فيبر عن الإدارة البيروقراطيةوالمبالغة في تقدير فعالية القواعد القانونية على إحداث آثار اجتماعية واقتصاديةمراقبة بشكل كبير من طرف النشاط الإداري .ومن دلك تفهم لماذا الأعمال الأولىالمهتمة بالتنفيذ قائمة على التسيير الواقعي للإدارات، يعتبر تحليل ماكس فيبر في ECONOMIE DE SOCIETIE نقطة الانطلاق للأعمال الأولىللسياسات العامة .
فيبر يرى أنالتوجه الإداري البيروقراطي يشكل النوع النقي للسيطرة القانونية التي من معاينتهاالأساسية يتضح أنها نشاط للوظائف العامة المتواصلة والمرتبطة بقواعد في وسط منالاختصاص مما يعني أن مجال وظيفة التنفيذ محدد موضوعيا بموجب توزيعه و ذلك بإضافةصلاحيات القيادة المجندة لتحقيق هده الغاية وتحديد دقيق لوسائل الإلزام ومعطياتتطبيقها ،فيبر يؤكد أن الإدارة البيروقراطية تتكون من موظفين فرديين يتميزونبكونهم لا يخضعون سوى للالتزامات الموضوعية لمهامهم .في إطار تدرج وظيفي قائم بقوةبموجب عقد(1).
III-1-2 نظرية المنظماتأو التنظيمات:
ظهرت في و-م-افي العشرينيات لعدم الرضي بنتائج النظرية التايلورية التي اهتمت بالتنظيم داخلالمؤسسة الشيء الذي أدى إلى ظهور بحوث كانت مركزة على بعض المجموعات أو الأفرادداخل التنظيمات ثم بعد ذلك امتدت إلى تنظيمات كبيرة ومؤسسات عالمية ومن خلال نتائجهده البحوث العملية كان بالإمكان استخلاص بعض المفاهيم :
1. مفهوم الجهازالمنظم :
المنظمة اكبربكثير من مكوناتها و أقسامها فهناك الجانب التسويقي، الإنتاجي ،…وحتى من مجموع الأسهمالتابعة لأصحابها،المنظمة تعتبر عنصر أساسي للمجتمع التنظيمي الشيء الذي يسمحبتحليل تدخلاتها وعلاقاتها مع المحيط إذن تحدد المنظمة لنفسها مجموعة من القواعد التنظيميةالتي تحكمها والتي تفرض على مختلف العناصر التنظيمية الأخرى.
2.مفهوم السلطةأو القدرة :
أي قدرةالقائمين على الأعمال داخل المنظمة على استعمال كل الوسائل التي هي بحوزتهم،الخبرة المعلوماتية، الموارد التسييرية ،المعلومات الخاصة بهم من الناحية المالية للمنظمة،الإنتاج ،العلاقة بين البيئة و المنظمة كل هذا من اجل تطوير مواردهم وفوائدهمالخاصة وتقوية مناصبهم داخل المنظمة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1)PATRIK HASSENTEUFEUFEL ,SOCIOLOGIE POLITIQUE :L’ACTION POLITIQUE ARMANDCOLIN EDITEUR ,PARIS,P P 83 ,84 .

3 .مفهومالإستراتيجية:
إن أعمالالقائمين على التسيير داخل المنظمة لا يعتمد على المؤشرات البسيطة مثل المحاباة,الفائدة المصلحة لكن على الاستعمال الحاذق للقواعد الرسمية وغير الرسمية للمنظمةفكل الوسائل التي بحوزة المنظمة تتمحور حول الإستراتيجية.
إن تسييرالمنظمة يعتمد على الأقل التمكن من هذه القواعد أو الاستراتيجيات غير المكتوبة والتي تحدد نشاطاها و عملها. إذن إعطاء أهمية لهده القواعد أو الاستراتيجيات يمثلالشيء الايجابي لسيسيولوجية المنظمات
ادن الشيءالايجابي الذي جاءت به النظرية هو وضع سيسيولوجيا المنظمات مع إعطاء أهمية لمفهومالاستراتيجة و حتى مفهوم القدرة و الجهاز المنظم(1).
انطلاقا من1940مع الأعمال الرائدة ل (1940) MERTON ،(1949) SELZNICK BLAU(1955)وهي كلها أعمال في تيار علم اجتماعالمنظمات الرامية إلى تحليل التباعد بين النموذج المثالي الفيبري الخاصبالبيروقراطية و الملاحظة التجريبية للهياكل الإدارية من خلال إظهار الاختلالاتالوظائفية المتعددة للإدارات . في المقابل هذه الأعمال و كل ما توحي به ، خاصة تلكالمنسوبة GOZIER MICHEL (1964) في فرنسا هي أكثر تمسكا بتحليل نشاطالإدارات في الواقع و إبراز تعاظم الاختلالات الوظيفية البيروقراطية ( الملفات المفرغة للبيروقراطية الموضحةمن طرفGOGIER ) الذي يسجل أعماله في إطار السياسية العامة النقدالسوسيولوجي للنموذج المثالي الفيبري عن الإدارة البيروقراطية، فهو يشكل إذا شرطأولي لفهم النشاط العمومي في الواقع .
الارتباط بينتحليل السياسية العامة، سوسيولوجيا الإدارات ,علم اجتماع المنظمات حول مسألة تنفيذالسياسات ظهر مع بداية سنوات 1970 بنشر مؤلفWILDAWSKY و PRESSMAN
وقد كان الغرضمن المؤلف معرفة الاختلالات المتعددة في واشنطن و تحقيقها المحدود و المخيب للآمالفي كاليفورنيا هذا المؤلف ينظر إليه دائما على انه الرائد لأنه يتصور التنفيذ علىأنه إتمام للهدف المحدد في نطاق القرار العمومي
في إطارالمنظور القانوني التمييز بين القرار و التنفيذ يعود إلى الفصل بين السياسية والإدارة, القرار يصدر عن فواعل رسمية (حكومية و برلمانية) التنفيذ بصدر عن فواعلإدارية, التنفيذ مرتبط بالنتيجة بكل المراحل بعد البرلمانية ، للسياسية العامةالتي تكلف بها الإدارة ذات المفهوم القانوني المتأثر بشكل عميق بالنموذج المثاليالفيبري عن الإدارة البيروقراطية (2)
ـــــــــــــــــــــــ
(1)رياض بوريش،مرجع سابق.
(2) PATRIK HASSENTEUFEUFEL ,OP,CIT.P84

III-1-3 التسييرالعمومي:
التسييرالعمومي حسب فيليب ايسونو PHILIPPE HOSSOUNOE هو” مجموعة من الطرق أو الأساليبالرشيدة في خدمة أصحاب القرار العمومي أو السياسي “،ما يعني وضع الطرق العلميةالمتطورة للتسيير في القطاع العمومي، بعبارة أخرى تطوير التسيير العمومي يعتمدبالدرجة الأولى على الاستعمال الأمثل لعناصر اتخاذ القرار و إدخال المعلوماتية والمعلومات في بعض الأعمال الإدارية و كذلك استعمال الإشهار في الاتصال العمومي،إذن ظهور التسيير العمومي بالتطوير و ترشيد الإدارة هو عبارة عن تنظيم جديد لدورالدولة في المجتمع في أعماله الخاصة في تسيير الأنظمة الإدارية.
كما نجد رومان يحددثلاثة مراحل لتطور السياسية العامة :
1- امتدت من 1880إلى 1900 سادتها القوة العمومية إذن لغة الإدارة كانت قانونية
2- امتدت من 1900-1945 سادها مصطلح الخدمة العمومية إضافة للقواعد القانونية نجد الجانب التقني فيكل قطاع دو خدمة عمومية
3- 1945 – 1960 إلى يومنا هذا سادتها أزمة في مقياس الخدمة العمومية
أزمة خاصةبحدود القطاع العم و الخاص في هده المرحلة ظهور ما يسمى بلغه التسيير العمومي .
في الخلاصة ومن خلال مراحل ” رومان” نجد المصادر الثلاثة للسياسية العامة:
المرحلةالأولى:خطاب و لغة الإدارة كان يوافق القانون و البيروقراطية و تطور أشكالها.
المرحلةالثانية: خطاب و لغة الخبرة كان يوافق تطور المنظمات.
المرحلةالثالثة: خطاب و لغة التسيير العمومي الشيء الذي كان يحدد الإدارة كمكان لتسيير كلالتعقيدات الخاصة بالمجتمع (1) .

ـــــــــــــــــــــ
(1) رياض بوريش،مرجع سابق .

III-2 السياسة العامةبين الطرح الانجلوساكسوني الطرح الأوروبي:
في سنواتالأربعينات ظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية تكوين جديد للدراســات السياسية فيالحقل الأكاديمي عرف بتأثره بالنظريات الوظيفية لاسيما فيما يتعلق بالدراسات التـيتتنـاول الإدارة العامة ، وبعد مرور عقدين من الزمن تمخض عن المقاربات الممنهجةالتي تتناول البــحوث التـي تختص بمعالجة تحليل البرامج الحكومية والتي بقيت نظريةإلى حد ما، وفي إطـار وضع لبنة قاعدية في التخصص سواء كان ذلك في الإطـارالأكاديمي أو السـياسي ، فالأعمال الســائدة في سنوات الستينات السبعينات من القرنالعشرين ،أدمجت بشكل واسع الحدود الكلاسيكية للوظيفية عـلى غرار نظرية النموذج لديفيد ايستون و بالخصوص أبعاده التطورية وهي ميكانيكية مبنية على نظـــرة تزامنيةكلية ،شاملة بدون أن تحدث مشكلة فيما يخص تاريخية الظواهر التي يتم معالجتها
إن هذه النظرةالعقلية الوظيفية منهاج للقـرار و السياسات العـامة بالدولة أثارت انتقادات واسعةالنطاق في الجانب الأكاديمي ،إلا أنها عرفت في الوقت نفسه نجاحا واسعا في مجالالخبرة بالاستعانة بالقرار العام
وفي الوقت نفسهسادت موجة سخط كبـير من طرف المفكرين أنفسهم وذلك مانقله هاربرت سايمون من خلالمفهوم الرشادة المحدود وكذلك هي نفس أفكار شـارل لامبلوم –روبرت الذين قاموابتطوير التيارات المتدرجة وأيضا تعدد مراكز القرار و أيضا قاموا بانتقاد و بشكلجدري الدراسات التي تمس الإدارة العامة و التي تحكم بصفة عادية مبتعدة عن الحقائقالسائدة كما تبدوا لنا، وأيضا للســلوكات الإنسانية التي تعرض على أنها حجج تقدمالملاحظات المختلفة على التجارب التاريخية
نشر روبرت نهايةالعام حتى 1947 واكثر ماكان يضايقه هو هل صياغة القانون العام هو الذي يضبط العاملالإداري ومن ثمة فانه اعتمد على فكرة تواجد مبادئ تحكم الإدارة وبانتقاداتهلكتابات (والفي- ثوليك)
إن الرجلالإداري ليس إنسان ميكانيكي يتمتع برشادة كاملة تمزج مع التطبيقات العامة لعـلمالإدارة وقال إن علم الإدارة لا يكتب له التمكين إذا كانت القيم القاعدية غير واضحةالمعالم ، وأيضا إن هـذا الإنسان مساره مبهم ،وإذا لم يكن هناك كم كاف من الدراساتالمقارنة التي تعطينا مبادئ و عموميات تتجاوز التجارب الزمكانية فأسس انتقاداتهعلى خلل إهمال الرابطة بين مبادئ الإدارة العامة و دراسة تطبيقاتها في الوسطالاجتماعي (1)
يحدد بييرموليير مفهوم السياسة العامة على انه أساسا ذو أصل انجلوساكسوني وأنها عرفت تطوراجد مهم في الولايات المتحدة الأمريكية منذ سنوات الخمسينات،من هذا المنطلق فان التقاليد
ــــــــــــــــــــــ
1- gilles pollet ,riqueMquel(s) tournant(s) socio –historique(s) esquisse d’unethèorie du changement dans l’actionM: Revue francaise de science politique ,fevrier 2005,p133-134
الانجلوساكسونيةالمؤسسة على مفهوم الدولة متجدرة في الدراسات و البحوث المتعلقة بالسياسة العامة،وفي هذا السياق تطرح المسالة المركزية الموصوفة بالبرغماتية هي كيف يمكن للمصالحالمحققة أن تؤدي إلى ظهور سياسات جيدة وفعالة تتوافق مع الأهداف المرجوةالاقتصادية للمواطنين على عكس ذلك تؤكد التقاليد المنشقة عن max weber و Hegel على مبدأ الدولة مؤسسة سائدة مسيطرة،تنظم وتوجه المجتمع ،إذن لم يكن سهلا على مفهوم السياسة العامة أن يتغلغل في محيطعلمي يتغذى على ثقافة قضائية وعلى فلسفة الدولة وان محاولة التقريب بين هذينالتقليديين المختلفين تماما هو الذي يسمح بطرح السؤال الجيد للبحث :أين احدث تحويلنماذج حركة الدولة خلال الخمسين سنة الأخيرة التغيير (تغيير مكانه )ودوره فيالمجتمعات الصناعية الغربية .
انطلاقا من هنايمكننا أن نؤكد الفرق بين مايسميه الانجلوساكسونيين policy بمعنى حركة الحكومات المنتخبة والإدارة و بين مايسمونه politics بمعنى السياسة كنشاط عام( مرحلةالمنافسة السياسية بالنظر إلى الوصول إلى السلطة) .
لا يمكن شرحالتحويلات العميقة التي طرأت على نماذج تقنين المجتمعات الصناعية منذ نصف قرن عنطريق نظريات الدولة فقط ،حيث تقدم نفسها بشكل انتصار للدولة المنظمة وتتجلى أكثرعبر المضاعفات التعجيزية للتدخلات العامة في جميع مجالات الحياة اليومية لكن هذاالانتصار ترافقها أزمة هامة في نماذج الحركية التي صنعت نجاح الدولة ،خلالالسبعينات كما يبينه تطور النظريات النيوليبيرالية(1) .
إن العودةللدولة في القضايا الجوهرية للعلوم السياسية منذ العام 1980تكون أولا عبر دراساتمقارنة للحظات أزمة سياسية ، اقتصادية ونخص هنا بالذكر أعمال tskocpol عن الثورات و p.gouveritch حول الأزمات الاقتصادية وعند التقاءالنظريات الاجتماعية للثورات ،التي يمكن تدعيمها بمبدأ الحرمان النسبي ل:t.gurr أو النهج النيوماركسي ل:b.moore كما أن tskocpol. يدافع عن فكرةالشرط الضروري رغم انه غير كاف في حد ذاته لأي ثورة اجتماعية وهو الإضعاف المسبقللدولة ، وفي غياب هذا السبب الداخلي فلا مزيج من القوات الاجتماعية و الاقتصاديةأهل لقلب دولة حديثة .
إذن يجب البحثداخل كل جهاز الدولة عن الأسباب الشرعية للثورات سواء كان ذلك بالنسبة للثورة الفرنسيةسنة 1789 أو الثورة الروسية سنة 1917 وتهتم دراسة ejorevitche بوضعيات خاصة اقل دراماتيكية واستثنائية خاصة :الازمات الاقتصادية لسنوات 1870،1930،1970 وبالتعارض مع التحليل التعددي ل:coalition الذي يدعم فرضية أن الأزماتالاقتصادية يجب أن تخضع للتحليل

1- PIERRE MULLER,POLITICS ET POLICY DANS LES APPROCHES AMÉRICAINES DESPOLITIQUES PUBLIQUES :EFFETS INSTITUTIONNELSET DYNAMIQUES DU CHANGEMENT,Revuefrançaise de science politique,vol. 52, n° 1, février 2002, p5-6.
كلحظات استقلاليةهامة خاصة بمؤسسات الدولة حيث تعمل هذه الأخيرة على الاختيار بين مختلف السياساتالممكنة للتعامل مع الملابسات الاقتصادية من هذا المنطلق ،تعتبر دراسة ejorevitche الأقرب من تلك الخاصة ب tskocpolإلى تحليل السياسة العامة بمعنىالكلمة ، ولا يتعلق الأمر بتاتا بالتغيير الثوري ولكن بأكثر من ذلك الدولةالحركية، إن إعادة الاكتشاف للدولة هذه يكرسها الكتاب الجماعي ل: bringing the state back in حيث يشرح tskocpot في المقدمةالنظرية لهذا الكتاب كيف يتقلب كليا أفق الدولة المتبناة من طرف التعدديين والنيوماركسيين
لم تعد الدولةساحة لصراع الاهتمامات المختلفة أو أداة في خدمة هدف طبقة اجتماعية.
يضع tskocpot في المقدمة أفقا قاريا مستوحى من tocqueville ,weber,hinze. في الإطار الذي تمتعت فيه الدولة بنوعمن الاستقلالية بالنظر إلى القوى الاجتماعية ولكن أيضا بإمكانها بأفعالها تحويلالمجتمع نفسه مع gevernmy the economy لp. Hall تم تحقيق الكثير من الخطوات الهدف فقطتسيير الأزمات الاقتصادية أو السياسية ، ولكن أكثر من ذلك (التحكم في الاقتصاد ) فالعوامل الاجتماعية و الملابساتالدولية ليسوا غائبين عن التحليل ،لكن الدراسة التفصيلية للبنى الداخلية للدولة فيفرنسا و في المملكة المتحدة تمر في المخطط الأول
يعتقد ejorevitche و p. Hallإن طريقة المقارنةتلعب دورا مركزيا يجب أن نفهم لماذا تختار الأمم مسالك مختلفة واستراتيجياتاقتصادية متباينة لمواجهة مشاكل اقتصادية متشابهة (1).

1- MARC SMYRL POLITICS ET POLICY DANS LES APPROCHES AMÉRICAINES DES POLITIQUESPUBLIQUES :EFFETS INSTITUTIONNELSET DYNAMIQUES DU CHANGEMENT,Revue française descience politique,vol. 52, n° 1, février 2002, p. 39.

خاتمة:
تمكنت السياسةالعامة عبر مختلف المراحل التي مرت بها من أن تبرز كحقل علمي شغل الكثير منالسياسيين ،الإداريين ،القادة ،الخبراء ،و الاكادميين الذين أسالوا الكثير منالحبر في محاولة منهم
لصياغة طروحاتونظريات تفسر نشأة هذا العلم وأساليب الدراسة والتحليل التي يعتمدها، وهو الأمرالذي يساعد صانعي السياسة العامة على إدراك انشغالات المواطنين و الاستجابة لهابكيفية تحقق أعلى درجات الرضا،وتقدم أفضل الخدمات الممكنة لهم مع الاخد بعينالاعتبار الأسبقيات وتقديم الأهم على المهم عند التعامل مع المشاكل، أو تلبيةطلبات المواطنين خصوصا في حالة ندرة الموارد ،وهذا مايدعوا إلى الاهتمام بصياغتهاأو رسمها بشكل يؤدي إلى زيادة فرص نجاحها وتحقيق المنافع المتوقعة عند تنفيذها وتقليلاحتمالات فشلها إلى اقل نسبة ممكنة، فالسياسات العامة التي تصاغ بشكل دقيق بالاعتمادعلى معلومات و معطيات صادقة وصحيحة تجنب المجتمع الكثير من التضحيات والإحباط الذييصاحب تنفيذ السياسات العامة الفاشلة أو المرسومة بشكل غير صحيح ،وهو ما قد يهددالأهداف الكبرى للسياسة العامة .

قائمة المراجع:
أولا: باللغةالعربية
1- الكتب :

1-(أندرسون،جيمس):صنع السياسة العامة،تر:عامر الكبيسي ،ط 3 ،دار المسيرة للنشر والتوزيعوالطباعة ،الأردن، عمان ،2007.
2-(جمعة، سلوىشعراوي) ،تحليل السياسة العامة في الوطن العربي ،مركز دراسات و استشارات الادارةالعامة ، القاهرة 2004.
3-(حسين، فايز) ،سيكولوجيا الادارة العامة ،ط1،دار اسامة للنشر و التوزيع ،عمان ، الاردن،2008.
4- (حسين ،خليل)،السياسات العامة في الدول النامية ،ط1،دار المنهل اللبناني ، بيروت ،لبنان ،2007
5-(طه ،طارق)،ادارة الاعمال منهج حديث معاصر ،دار الفكر العربي، الاسكندرية ،مصر ،2007.
6-(الطيب، حسن ابشر):الدولةالعصرية دولة مؤسسات،الدار الثقافية للنشر و التوزيع ، القاهرة 2000
7-(مهنا ،محمدنصر):الإدارة العامة وإدارة الخصخصة ،ط1،المكتب الجامعي الحديثالإسكندرية،مصر،2006.
8-(العزاوي، وصالنجيب) :مبادئ السياسة العامة،ط1،دار أسامة للنشر و التوزيع ،الأردن عمان،2003.
9-(الفهداوي، فهميخليفة) ،السياسة العامة منظور كلي في البنية و التحليل ،ط1،دار المسيرة للنشر والتوزيع و الطباعة ،عمان ،الاردن ،2007.

الدراسات غيرالمنشورة:
1-( بوريش ،رياض)،محاضرات في السياسة العامة ،جامعة جيجل ،2010.

2-مواقع الانثرنث:
1-(مصطفى ،عبدالله خشيم) ،نظرية السياسة العامة،2007،من الموقع:
WWW.HAWARIBOUMADIAN.1520.MAKTOOBBLOG.COM/1245026/
2-(ــــ ،ــــ)،نظريات السياسة العامة ، ، من الموقع :
WWW.ETUDIANTSSETIF3ARABIYA.NET.MONTADA.F23/TOPIC

3-(مها عبداللطيف، الحديثي) ،النظام السياسي و السياسة العامة،من الموقع:
WWW.VB.ARABSGATE.COM/SHOUTHREAD.PHP

4-(دندن، عبدالغني)، السياسة العامة بين النظرية و الواقع العملي ،2009، من الموقع :
WWW.AHEWAR.QRG/DEBAT/SHOW.ART.ASP?AID=165951
5-سياسة عامةوصناعة قرار ،من الموقع:
WWW.KALHARBY.KAIR.EDU.SA

6-نشاة وتطورالسياسة العامة ،من الموقع :
www.forum.bdr130.net/vb/t722435.rtml.

ثانيا: المراجعباللغة الأجنبية :
LIVRE:
(1)patrik hassenteufeufel ,sociologie politique :l’action politique armandcolin editeur ,paris

REVUE:
(1) MULLER PIERRE,POLITICS ET POLICY DANS LES APPROCHES AMÉRICAINES DESPOLITIQUES PUBLIQUES :EFFETS INSTITUTIONNELSET DYNAMIQUES DU CHANGEMENT,Revuefrançaise de science politique,vol. 52, n° 1, février 2002, p5-6.

(2) pollet gilles ,rique Mquel(s) tournant(s) socio –historique(s) esquissed’une thèorie du changement dans l’action M: Revue francaise de sciencepolitique , fevrier 2005,p133,134

(3) SMYRL MARC ,POLITICS ET POLICY DANS LES APPROCHES AMÉRICAINES DESPOLITIQUES PUBLIQUES :EFFETS INSTITUTIONNELSET DYNAMIQUES DU CHANGEMENT,Revuefrançaise de science politique,vol. 52, n° 1, février 2002, p. 39

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى