دراسات تاريخية

دراسة تاريخية لأسباب انهيار الاتحاد السوفيتي

الإستراتيجية الأمريكية الجديدة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي:

       إثر انهيار الاتحاد السوفيتي، شهد العالم وضعاً دولياً جديداً يتميز ببروز الدور الأمريكي القيادي على المستوى العالمي، وانفرادها بوظيفة القطب الوحيد الذي يتمتع بالهياكل الثلاثة للنظام العالمي الإستراتيجي، والاقتصادي، والتكنولوجي، وقد أحدثت هذه المتغيرات تحولاً في الفكر الإستراتيجي الأمريكي الذي تأسس على الآتي:

  1. إرساء قواعد نظام عالمي جديد تسيطر عليه دولة عظمى واحدة، مع عدم استعدادها للتنازل عن هذا المركز حتى ولو اضطرت لاستخدام القوة.
  2. مد عضوية حلف شمال الأطلسي لتشمل دول شرقي أوروبا، التي كانت في السابق أعضاء بحلف وارسو، وبذلك تستطيع أن تحقق الأمن الأوروبي بوصفه وحدة متكاملة، مع عزل روسيا في إطار محدد داخل آسيا.
  3. استخدام القوة العسكرية لمواجهة الأزمات العالمية، ومن أجل ذلك طورات قدرتها العسكرية لتكون قادرة على التحرك داخل المسارح المختلفة “الأوروبية، والأسيوية، والأفريقية”.
  4. تحجيم دور الأمم المتحدة في مقابل تفعيل دور حلف شمال الأطلسي، وإحلال الحلف محل مجلس الأمن فيما يتعلق بمسؤولية المحافظة على السلم الدولي، مع الحرص على بقاء، غطاء من الشرعية الدولية لاستيفاء النواحي الشكلية لإضفاء تلك المشروعية على سياستها.

الإستراتيجية الأمريكية الجديدة على مستوى الساحة الأوروبية:

       أدت الحاجة إلى الدور الأمريكي الفاعل في القضايا الأمنية والأوروبية إلى إبراز نوع من الهيمنة الأمريكية سواء في السياسات الدولية أو في إطار حلف شمال الأطلسي، حيث برز الدور الأمريكي في توسيع الحلف نحو الشرق، وفي تغيير عقيدته العسكرية التي تعني تغييراً كاملاً لوظيفة الحلف أمنياً وجغرافياً، ووضحت الهيمنة الأمريكية ودورها الأمني في أوروبا من خلال أزمتي البوسنة وكوسوفا، فأزمة البوسنة والهرسك، لم تستطع أوروبا أن تعالجها بمعزل عن دور فاعل ورئيس للولايات المتحدة الأمريكية، أما أزمة كوسوفا، فقد برز فيها الدور الأمريكي المهيمن في أكثر من مؤشر : مثل قيادة العمليات العسكرية امتداداً لقيادة حلف شمال الأطلسي نفسه، وتحمل العبء الأكبر في التمويل وفي حجم القوات الأمريكية التي شاركت في الحرب الجوية، أضف إلى ذلك الدور الأمريكي الذي أدّاه المبعوث الأمريكي “ستروب تالبوت” نائب وزيرة الخارجية الأمريكية في عملية التفاوض مع المبعوث الروسي، “تشيردوميردين” التي انتهت إلى صيغة التسوية السياسية التي أعلن عنها بقرار من مجلس الأمن في السابع من يونيه عام 1999.

الإستراتيجية الأمريكية الجديدة على المستوى الآسيوي:

       استمرت الإستراتيجية الأمريكية في السعي نحو فرض هيمنتها على القارة الأسيوية ومنع قيام قوة أو تحالف معاد لها، مع المحافظة على التواجد العسكري الأمريكي بأقل قدر من خلال الانتشار المتقدم والذي شمل 45 ألف جندي في اليابان، منهم 26 ألفاً في أوكيناوا، علاوة على 26 ألف جندي في كوريا الجنوبية، و27 ألف جندي بمنطقة الخليج، مع نشر عدد من حاملات الطائرات في الباسفيك والمحيط الهندي والخليج، وقد أضحت منطقة آسيا الباسيفيكية تمثل إحدى جهات المواجهة المهمة، جنباً إلى جنب مع جبهتي غرب أوروبا والخليج العربي، وذلك بهدف احتواء كل من الصين وروسيا بوصفهما قوتين مؤثرتين داخل القارة، والحفاظ على الموارد الطبيعية الحيوية بها مصدراً رئيسياً للولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية، وضمان المزيد من الانتشار العسكري الأمريكي في المنطقة عند الضرورة.

       واتجهت الولايات المتحدة الأمريكية نحو بلورة إستراتيجية جديدة في آسيا وهذا التوجه الجديد ينطلق من عدة محاور.

  1.  ردع التهديدات المختلفة الحالية ومنع تطورها، وكذلك منع نشوء تهديدات جديدة.
  2.  السعي لتفادي اشتعال سباق التسلح بين دول المنطقة، وممارسة النفوذ والهيمنة في بعض المناطق.
  3.  الاعتماد على مبدأ تقاسم المسؤوليات الأمنية في المنطقة؛ لتخفيف الأعباء المالية الواقعة على كاهل الاقتصادي الأمريكي.
  4.  دعم عملية السلام داخل القارة بما يحمى المصالح الأمريكية، مع الوضع في الحسبان إمكان حدوث مواجهة بين الكوريتين في المستقبل.

       ومن ثم نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية، ومن أجل تنفيذ هذه الأهداف، لجأت إلى استخدام نمط جديد يمكن وصفه بنمط ممارسة التفوق عن بعد، وهي سياسة تعتمد على الوجود العسكري الأمريكي المحدود بالقارة الآسيوية مع توفير قدر من الردع المرن بهدف:

  1. مواجهة التهديدات التي قد تتعرض لها كوريا الجنوبية، واستمرار التنسيق الأمريكي ـ الياباني بزيادة حجم المشاركة العسكرية اليابانية، مع مساندة تايوان من أجل الوقوف ضد أي تهديد صيني.
  2. القيام بدور أكبر للسيطرة على سباق التسلح النووي بالمنطقة، مع فرض حظر اقتصادي على كل من الهند وباكستان للحد من هذا السباق.
  3. تعزيز شبكة العلاقات والروابط العسكرية الثنائية مع بعض دول المنطقة ولا سيما من خلال التدريب المشترك.
  4. دعم جهود التعاون الإقليمي الأسيوي في مجال الأمن بين دول المنطقة.
  5. مساعدة الدول المتنازعة في شرق وجنوب شرق آسيا على معالجة الجذور الكامنة المسببة للمشكلات بينهما.

الإستراتيجية الأمريكية الجديدة تجاه منطقة الشرق الأوسط:

       حددت الولايات المتحدة الأمريكية سياساتها بعد انفرادها بالقمة تجاه منطقة الشرق الأوسط في الإطار التالي:

  1.  المنطقة العربية تعدّ منطقة مصالح حيوية للولايات المتحدة الأمريكية، ومن أجل ذلك توسع دائرة الحصول عل التسهيلات العسكرية، أو تخزين معدات ثقيلة في العديد من دول المنطقة، بل فرض نوع من الهيمنة على هذه المنطقة والتواجد العسكري الدائم بها.
  2.  فرض نوع من التوازن بين العرب وإسرائيل، بحيث تميل كفه التوازن لصالح إسرائيل، لضمان تفوقها العسكري والالتزام بالحفاظ على أمن إسرائيل واتخاذها شريكاً إستراتيجياً لها في المنطقة، مع استمرار دعم الهجرات اليهودية من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق إلى إسرائيل.
  3.  محاولة إيجاد حل لمشكلة الصراع العربي الإسرائيلي، تتحقق من خلاله مطالب إسرائيل الأمنية والإبقاء على معظم الأراضي المحتلة في إطار يحقق أمن الدولة العبرية، لتصبح دولة إقليمية عظمى في المنطقة، بحيث تستطيع من خلال هذا الدور أن تحقق وتساند المصالح الأمريكية.
  4.  الحد من تسلح دول المنطقة وبصفة خاصة الدول العربية التي لا تسير في فلكها، مع إحباط أي محاولات لحصول دول المنطقة عدا إسرائيل،على أسلحة الدمار الشامل.
  5.  إيجاد نوع من التحالفات الإقليمية تكون إسرائيل محور هذا التحالف، مثل المحور التركي- الإسرائيلي، ليكون قوة رادعة ضد بعض القوى الإقليمية مثل إيران وسورية.
  6.  استمرار سياسة عزل بعض الدول العربية المعادية لسياستها وفرض الحصار الاقتصادي على البعض الآخر، ومن أمثلة هذه الدول ليبيا، والعراق، والسودان، ومن أجل ذلك تتبنى الولايات المتحدة الأمريكية فكراً جديداً تطلق عليه نظرية الاحتواء الشامل[3].
  7.  الاحتفاظ بسوق تجاري دائم لتجارة أسلحتها خاصة في منطقة الخليج.
  8.  السيطرة الكاملة على الخليج العربي ومنع أي قوة أخرى من منافستها.

الدور الأمريكي تجاه الحد من تسلح دول المنطقة

       صدرت عن الولايات المتحدة الأمريكية العديد من المبادرات، مثل مبادرة الرئيس الأمريكي جورج بوش في مايو 1991، من أجل فرض الحظر على نوعيات الأسلحة تجاه الدول العربية، كما مارست الضغط على كل من روسيا والصين وكوريا الشمالية لإيقاف صفقات الأسلحة مع بعض الدول العربية وإيران[4]. وفي الوقت نفسه تحافظ على التفوق الإسرائيلي في مجال تكنولوجيا التسليح، بما يؤدي إلى إحداث خلل في التوازن لصالح إسرائيل ضد الدول العربية، مع مجابهة أي دولة عربية تحاول الحصول على أسلحة دمار شمال أو صواريخ بعيدة المدى،في الوقت الذي تسمح فيه لإسرائيل بالانفراد بالتسلح النووي، ومساعدتها في إنتاج كافة أنواع الأسلحة؛ ومنها نظام الصواريخ المضادة للصواريخ آرو.

       وبطبيعة الحال فإن الإجراءات الأمريكية للحد من إمداد دول المنطقة بالسلاح، تُعد أولاً وأخيراً لصالح إسرائيل، التي أصبحت تمتلك قاعدة صناعية ضخمة لإنتاج كافة أنواع الأسلحة، خاصة الأسلحة عالية القدرة مثل صواريخ باليستية أرض/ أرض ـ صواريخ باليستية مضادة للصواريخ ـ في مجال الفضاء، مع استمرار انفرادها بالتسليح النووي.

انعكاسات الانهيار على الصراع العربي الإسرائيلي

       بدأ الصراع العربي الإسرائيلي منذ قيام دولة إسرائيل في منتصف مايو عام 1948م والاعتراف بها، ومنذ ذلك الوقت، وفي خضم الحرب الباردة بين قوتين عظميين، الاتحاد السوفيتي على قمة حلف وارسو، والولايات المتحدة الأمريكية على قمة حلف شمال الأطلسي. وكان من الطبيعي أن يتأثر هذا الصراع من جراء هذه الحرب الدائرة بين القطبين.

       وقد تأثر طرفا الصراع العرب وإسرائيل، وتطورت علاقاتهما المختلفة مع الاتحاد السوفيتي، وكانت هذه العلاقات تميل لصالح العرب، خاصة في الظروف الحرجة المتمثلة في الجولات للعربية الإسرائيلية فيما عدا الجولة الأولى عام 1948.

       ومن الطبيعي أن يؤثر تفكك الاتحاد السوفيتي بوصفه إحدى القوتين العظميين على العالم، حيث أدى إلى ظهور أقطاب دولية أخرى مثل؛ الصين، واليابان، والاتحاد الأوروبي، مع انفراد الولايات المتحدة الأمريكية في قمة النظام الهرمي العالمي، ومن ثَمّ أدى هذا التفكك إلى التأثير على الدول العربية وإسرائيل في كافة المجالات السياسية والاقتصادية بصفة عامة، والمجال العسكري بصفة خاصة، في وقت اعتمدت فيه معظم الدول العربية على الإمداد العسكري السوفيتي، وقد أدى ذلك فعلياً إلى اختلال التوازن بين أطراف الصراع.

       أدى هذا التفكك إلى تغيير الإستراتيجيات العالمية للأقطاب الدولية القديمة تجاه الصراع العربي – الإسرائيلي، حيث ظهر جليا قيام الولايات المتحدة الأمريكية بتأكيد سيطرتها وانفرادها بمقدرات التسوية السلمية للصراع في الشرق الأوسط، والذي ينحاز دائماً للمطالب والمصالح الإسرائيلية.

       ورغم أن هناك تأثيرات سلبية على العالم العربي ناتجة عن تفكك الاتحاد السوفيتي، إلا أن هناك بعض الآراء التي ترى وجود آثار إيجابية ناتجة عن التعاون الأمريكي – الروسي من أجل تحقيق السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الأوسط.

       إن النظام العالمي ما بعد التفكك وما يفرزه من صعود لمكانة بعض الأقطاب الجديدة، يمكن الاستفادة منه على المستوى العربي، واستغلال القدرات والإمكانات العربية من أجل تحقيق تقارب أكبر مع جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية.

الاتحاد السوفيتي وعلاقته بأطراف الصراع

       على مدى الأربعين عاماً التي سبقت انهيار الاتحاد السوفيتي، استطاع أن يحقق الكثير من الدعم الحقيقي والفعال للعرب، والذي سمح له بدور مهم في تطور هذا الصراع، إلا أنه خلال الفترة نفسها، كان هناك بعض المواقف المناوئة للجانب الإسرائيلي التي يتضح من خلالها أنها كانت لأسباب تتعلق بنواحي سياسية ليس الهدف منها، معارضة المواقف العربية. ومثال ذلك الموقف الذي اتخذه جوزيف ستالين في دعم الحركة الصهيونية في فلسطين ضد الوجود الاستعماري البريطاني.

       وكان هناك وهم شائع ظل قائماً لعدة سنوات، وهو ما يتعلق بتصنيف إسرائيل دولة شيوعية أو دولة تابعة للشيوعية الدولية بقيادة الاتحاد السوفيتي، بينما كانت كل الحقائق التاريخية والسياسية والعلمية في ميادين القتال توضح، أن هوية إسرائيل كانت على العكس من ذلك تماماً، فمنذ صدور تصريح بلفور في عام 1917، كانت جزءاً من المخطط الإمبراطوري الاستعماري في الشرق الأوسط، ثم تحولت بعد تغير موازين القوى لكي تكون جزءاً من المخطط الأمريكي، الذي تمكن من ورث التركة من بريطانيا وفرنسا.

       وفي 15 مايو 1948، وبمجرد إعلان الدولة الإسرائيلية، بدأ التأييد السوفيتي لها سياسياً ودبلوماسياً وعسكرياً، فكان أول دولة تعترف بإسرائيل رسمياً، بالإضافة إلى فتح باب الهجرة من دول شرقي أوروبا وإمدادها بالسلاح وتدريب الطيارين الإسرائيليين في تشيكوسلوفاكيا.

       ومنذ منتصف الخمسينيات، ومع بداية حكم الرئيس السوفيتي الأسبق نيكيتا خروشوف، بدأ يعطي اهتماماً ملحوظاً بمعالجة قضايا الشرق الأوسط، خاصة بعد قرارات اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في يوليه 1955، التي قررت فيها، أن العالم الثالث أصبح مستعداً لقبول الاشتراكية، وأن القوى التقدمية الصاعدة يمكنها إضعاف المعسكر الرأسمالي، وبعد شهرين من هذا الاجتماع كانت هناك موافقة بإمداد مصر بالأسلحة التشيكية.

       وفي عام 1960، عُقد المؤتمر العام للأحزاب الشيوعية، وتم خلاله تحديد مواصفات دول العالم الثالث التي يمكن أن تتعامل معها[1].

       ورغم ضرب القوى الشيوعية بمصر في عهد الرئيس جمال عبدناصر، وفي الجزائر عقب الاستقلال، وفي العراق على أيدي عبدالكريم قاسم، إلا أن خروشوف لم يُغير من استمرار تقديم الدعم الاقتصادي والعسكري للعرب، وذلك لأن الهدف النهائي ـ من وجهة نظره ـ كان هو قيام جبهة معادية للرأسمالية والإمبريالية.

       وعند إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964، لم يكن الموقف السوفيتي واضحاً إزاءها، حيث كان ينظر إلى أعضاء المنظمة في بدايتها مع غيرهم من قيادات التحرير على أنهم مجرد مغامرين يسعون إلي إثارة حرب أخرى مع إسرائيل، وسرعان ما تغير هذا الموقف بعد زيارة الرئيس جمال عبدناصر لموسكو بصحبة ياسر عرفات عام 1968 ولقاء الرئيس السوفيتي ليونيد بريجنيف، حيث بدأ دعم المنظمة عسكرياً، بالرغم من استمرار بعض نقاط الخلاف[2]):

       والواقع أن التحول الحقيقي في السياسة السوفيتية من مرحلة تلمس الخطر في منطقة الشرق الأوسط، إلي مرحلة أخرى تتميز بخطوات أكثر جرأة، قد تم في عهد ليونيد بريجنيف، ومن أمثلة ذلك.

  1.  اتخاذه قراراً بعدم السماح بسقوط أنظمة تُعدّ موالية بصورة أو بأخرى للسياسات السوفيتية، ومن ثم اتخذ قراراً بإرسال ما يقرب من عشرة آلاف خبير ومستشار عسكري إلى مصر بعد نكسة يونيه عام 1967.
  2.  مساندة مصر عسكرياً خلال فترة حرب الاستنزاف وبناء شبكة من الدفاع الجوى في منتصف عام 1970.
  3.  دعم سورية بمعدات وأسلحة جديدة بعد حرب أكتوبر 1973 لتعويض خسائرها، علاوة على دعمها بمعدات دفاع جوي حديثة، بعد أن غزت إسرائيل الأراضي اللبنانية عام 1982 في عملية أطلقت عليها اسم “سلام الجليل”.

       كما كانت هناك مواقف عديدة للاتحاد السوفيتي، لدعم الدول العربية المتعاونة معه، ففي عام 1968 ساند الاتحاد السوفيتي النظام السياسي باليمن الجنوبي بعد الاستقلال عن بريطانيا، كما بدأ في دعم التعاون الاقتصادي والعسكري مع الجزائر بعد استقلالها، وفي بداية السبعينيات وجه تحركه تجاه التعاون الاقتصادي والعسكري مع ليبيا.

       وخلال حرب أكتوبر 1973، وقف الاتحاد السوفيتي موقفاً مؤيداً لصالح العرب، ففي أعقاب صدور قرار وقف إطلاق النار الأول يوم 22 أكتوبر 1973، ومع استمرار انتهاك إسرائيل للقرار، أرسل بريجنيف رسالة إلى واشنطن في23 أكتوبر 1973، وصف فيها السلوك الإسرائيلي: “بأنه أمر غير مقبول وأنه يشكل من جانب الإسرائيليين عملية خداع صارخة يصعب السكوت عليها، ولا بد أن يدينها مجلس الأمن، وأن يطالب بوقفها”، وفي اليوم التالي مع استمرار الانتهاكات الإسرائيلية، استمر التصعيد السوفيتي، فأصدرت موسكو بياناً وقع عليه بريجنيف، أكد فيه على أن استمرار العدوان الإسرائيلي سوف يسفر عن عواقب وخيمة، وأن الاتحاد السوفيتي سوف يقرر بنفسه الخطوات الضرورية والعاجلة لتأكيد احترام وقف إطلاق النار، ورافق ذلك رفع الاتحاد السوفيتي درجة استعداد عدد من فرقه المحمولة، علاوة على تحركات عسكرية سوفيتية أخرى. وواجهت الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي هذا الموقف بإجراءات مماثلة، وبدأت على الفور اتصالات هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي بالقيادة السوفيتية حتى لا يفلت الزمام. وكذلك كان هناك موقف آخر مهم للاتحاد السوفيتي من خلال الجسر الجوي السوفيتي لتعويض بعض خسائر مصر وسورية، ولموازنة الجسر الجوي الأمريكي الإسرائيلي.

       وبعد حرب أكتوبر 1973، بدأت التحركات من أجل تحقيق السلام بمنطقة الشرق الأوسط، فكان اجتماع يوم 2 أكتوبر 1977، بين وزيري الخارجية الأمريكية والسوفيتية والاتفاق على عقد مؤتمر جنيف للسلام وفي إطار مبادئ أساسية من أجل سرعة التوصل إلي تسوية عادلة ودائمة للنزاع بالشرق الأوسط واتفق على عقد المؤتمر في ديسمبر 1977، إلا أن ذلك المؤتمر واجه العديد من العقبات وأصبح من العسير عقده.

       وبدأت السياسية السوفيتية في إعادة ترتيب أوراقها منذ بداية عام 1978 ـ نتيجة لمبادرة مصر للسلام عام 1977 ـ فساندت قرارات قمة بغداد الذي عقد في 3 نوفمبر 1978، والذي أعلن فيه عن تجميد عضوية مصر في جامعة الدول العربية. كما وقفت إعلامياً وسياسياً مع تشكيل جبهة الصمود والتصدي والتي تضم العراق، وسورية، وليبيا، والجزائر، ومنظمة التحرير الفلسطينية، وأعلنت رفضها لإطاري كامب ديفيد الموقع بين مصر وإسرائيل في 17 سبتمبر 1978، وكذلك معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية الموقعة في 26 مارس 1979.

إستراتيجية الاتحاد السوفيتي إزاء الصراع العربي الإسرائيلي في عهد جورباتشوف عام 1985–1991.

       بعد أن ركزت سياسة خروشوف ومن بعده بريجنيف، على ضرب النفوذ الغربي في منطقة الشرق الأوسط، فإن جورباتشوف اتجه إلى إستراتيجية جديدة قوامها، إمكانية دعم المصالح السوفيتية من خلال التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية وإزالة ما من شأنه استمرار السياسة الأمريكية المعادية له، وأصبح من المحتم إجراء تعديل جذري في معالجة الصراع العربي الإسرائيلي خاصة بعد جولات أعوام 1956، 1967، 1973، والتي كادت أن تؤدي إلى مواجهة بين القوتين العظميين، وذلك في الوقت الذي لم يتحقق لسياسة تقديم المساعدات العسكرية والاقتصادية سوى نفوذ سياسي وعسكري محدود للاتحاد السوفيتي داخل المنطقة، لا يتناسب مع حجم الدعم الذي قدمه للدول العربية، إضافة إلى الضغوط الاقتصادية التي بدأ يواجهها والتي حتمت عليه توجيه موارده للتنمية. ومن ثم اعتمدت السياسة السوفيتية الجديدة التي بدأت في عام 1985، على الوفاق بين القطبين[3] والتعاون بينهما بدلاً من التنافس، من أجل التوصل إلى حلول سلمية وخفض التسلح النووي والتقليدي وإزالة الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى من المسرح الأوروبي، وكانت من نتيجة هذه السياسة: الانسحاب السوفيتي من أفغانستان، وتوقيع اتفاقيتي سولت – 1، سولت –2 بين القطبين الأمريكي والسوفيتي.

       أما فيما يختص بالصراع العربي الإسرائيلي فقد اعتمدت السياسة السوفيتية الجديدة على المبادئ التالية:

  1. رفض أي مواجهات عسكرية جديدة مع إسرائيل.
  2. تأييد كل المبادرات السياسية التي تقوم على مبدأ التفاوض المباشر في إطار مؤتمر دولي.
  3. التدرج في العلاقات مع إسرائيل سواء الدبلوماسية أو التجارية أو الثقافية، مع ربط عودة العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل بانسحابها غير المشروط من الأراضي العربية المحتلة.
  4. فتح باب الهجرة اليهودية على مصراعيه، وهو ما يشكل أكبر تحد واجه القضية الفلسطينية.
  5. التمسك بنظرية توازن المصالح أساساً لحل النزاع العربي الإسرائيلي، وقبول مبدأ الأرض مقابل السلام.

       وقد أدت هذه المبادئ والمتغيرات السابقة، وفي ضؤ الوفاق بين القوتين العظميين، إلي تجميد القضية الفلسطينية، وإلى بداية اتساع استيطان اليهود السوفيت بالأراضي العربية المحتلة.

سياسة الاتحاد السوفيتي تجاه النزاع العربي الإسرائيلي قبيل التفكك ديسمبر1991:

       كان الوجود السوفيتي بمؤتمر مدريد للسلام في أكتوبر 1991، أي قبيل انهيار الاتحاد السوفيتي بأقل من شهرين، بوصفه أحد راعيي المؤتمر، أقرب ما يكون إلى الوجود البروتوكولي المراسمي الباهت في حفلات الافتتاح والاختتام.

       وقد بدت واشنطن وليس موسكو،هي الصانعة الحقيقية لقضية الشرق الأوسط والمحرك الرئيس لها.

       إن ما حدث من تغيرات في السياسة السوفيتية في عهد جورباتشوف، وتقديمه لنظرية جديدة قوامها دعم المصالح السوفيتية من خلال التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، وتوجيه الموارد الاقتصادية للبلاد تجاه التنمية وليس نحو تقديم المساعدات.. قد أثَّرت بشكل واضح على الموقف السوفيتي من قضية الشرق الأوسط. بل أدت هذه السياسة إلي حدوث تقارب سوفيتي إسرائيلي، وإلى السماح بالهجرات اليهودية إلى إسرائيل، الذي أضحى متغيراً حاداً في السياسة السوفيتية تجاه قضية الصراع العربي الإسرائيلي خلال الفترة قبيل الانهيار.

تطور العلاقات السوفيتية ـ الإسرائيلية:

أولاً: في المجال السياسي والدبلوماسي:

       أدى الاتحاد السوفيتي دوراً فعالاً في نشأة إسرائيل، وكانت الأغلبية الساحقة من المهاجرين اليهود الذين جاءوا في أعقاب الحرب العالمية الأولى إلى فلسطين من اليهود الروس، هذا وتنقسم العلاقات السوفيتية – الإسرائيلية،ـ منذ بداية المسار حتى قيام دولة إسرائيل بفترات تتمايز كل منها عن الآخرين تمايزاً جوهرياً كالآتي :

  1. الفترة من عام 1947 ـ 1953:

       تميزت هذه الفترة بتوثيق العلاقات بين الدولتين، حيث كان الاتحاد السوفيتي من أوائل الدول التي اعترفت بإسرائيل في 18 مايو 1948، رغم موقف الشيوعية من الحركات العنصرية، حيث أدرك السوفيت أن عدم الاعتراف بالدولة الجديدة التي أقامها الغرب، يعنى انفراد الغرب بحرية العمل في المنطقة.

       وفي عام 1949 ساهم الاتحاد السوفيتي مع الولايات المتحدة الأمريكية في إبرام اتفاقيات الهدنة التي ساعدت على بلورة دولة إسرائيل، وفي العام نفسه قدما سوياً مشروع قرار إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بقبول إسرائيل عضواً في الأمم المتحدة.

       وفي عام 1950، وبعد توالى اعتراف الدول الشيوعية بإسرائيل، توقف الاتحاد السوفيتي عن تزويد إسرائيل بالأسلحة، حيث إن كميات الأسلحة التي سلمت لإسرائيل حققت، إلى حد بعيد، الأهداف السوفيتية في مساعدة إسرائيل ضد العرب، مع اعتقادهم بأن إيقاف إرسال الأسلحة لإسرائيل قد يبعث الأمل في نفوس العرب على طلب العون من موسكو.

  1. الفترة من عام 1953 ـ 1958:

       نتيجة ارتباط إسرائيل الكامل بالغرب، وظهور مصر قوة جديدة في المنطقة تقاوم النفوذ الغربي وسياسة الأحلاف العسكرية، حدث فتور في العلاقات السوفيتية ـ الإسرائيلية، التي أدت إلي إحراق المفوضية السوفيتية في تل أبيب في فبراير 1953، وقد أدى هذا الحادث إلى إعلان موسكو قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.

       وفي يوليه 1953 وبعد انقضاء خمسة أشهر فقط على قطع العلاقات، عادت العلاقات بين الدولتين إلى مجراها الطبيعي، إثر انطلاق الأصوات اليهودية للسماح لليهود السوفيت بالهجرة إلي إسرائيل وانطلاق دعوة الولايات المتحدة الأمريكية لإنشاء منظمة للدفاع عن الشرق الأوسط.

       وفي 17 أبريل 1956، أذاعت الحكومة السوفيتية تصريحاً سياسياً مهماً جاء فيه: يرى الاتحاد السوفيتي أنه من الضروري دعم السلام العالمي، وتأييد اليهود في محاولة الوصول إلي تسوية عادلة على أسس مقبولة لدى الطرفين، مع مراعاة المصالح القومية المشروعة للأطراف
المعنية.

       وباشتراك إسرائيل في العدوان الثلاثي على مصر، وجه الاتحاد السوفيتي إنذاره في الخامس من نوفمبر 1956 إلى كل من بريطانيا وفرنسا، وأرسل نسخة منه إلي إسرائيل، كما بعث بولوجانين برسالة إلى بن جوريون قال فيها: إن إسرائيل أداة للقوى الإمبريالية وحذّر من أن عدوانها وضع وجودها في خطر، وأعلن رسمياً استدعاء الكرملين لسفيره في تل أبيب، ولكن في 16 أبريل 1957معادت العلاقات بينهما مرة أخرى بصورة طبيعية.

  1. الفترة من عام 1958-1961:

       نتيجة لفتور العلاقات بين مصر والاتحاد السوفيتي، بسبب إقدام مصر على تحجيم النشاط الشيوعي بها، بدأت إسرائيل في التحرك من أجل تحقيق قدر من التقارب مع الاتحاد السوفيتي[4]، وبذلت إسرائيل محاولات عديدة لتحسين علاقاتها مع الاتحاد السوفيتي، مثل تعزيز العلاقات الاقتصادية، وتوسيع مجال التبادل التجاري، وتوثيق الروابط الثقافية والزيارات المتبادلة.

  1. الفترة من عام 1961-1967:

       اتجهت السياسية السوفيتية إلى عدم التعاون مع إسرائيل، بسبب التقارب الذي حدث بين الاتحاد السوفيتي والعديد من دول المنطقة، وفشلت جميع الوفود التي زارت موسكو في تحقيق أهدافها ورفضت موسكو استيراد أي سلع إسرائيلية، أو توقيع اتفاق تجاري مع إسرائيل.

       وبعد نشوب حرب يونيه 1967، قطعت الكتلة الشرقية علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل باستثناء رومانيا، ورغم ذلك استمر الاتحاد السوفيتي في إمداد إسرائيل بحاجاتها من البترول، ولكن كان للمبادرة اليوغسلافية التي أعلنها الرئيس جوزيف بروز تيتو أثرها الكبير في الضغط على السوفيت لقطع علاقاته مع إسرائيل، إرضاءً للدول العربية.

  1. الفترة من عام 1967-1973:

       رغم تأييد الاتحاد السوفيتي لمصر والدول العربية سياسياً وعسكرياً بعد حرب يونيه 1967، في نزاعها ضد إسرائيل، إلا أنه كان يسعى، بشكل غير رسمي، إلى تحسين العلاقات مع إسرائيل، وفي عام 1969، حدث تحسن في العلاقات بين البلدين دون إعادتها بشكل رسمي. ويرجع هذا التطور في الاتحاد السوفيتي، نتيجة لانضمام حزب “الماباي” اليساري إلى الائتلاف الوزاري الإسرائيلي، وهو حزب مؤيد للسوفيت، علاوة على مرونة سياسة ليفي أشكول رئيس الوزراء الإسرائيلي تجاه السوفيت، وتأكيده على ضرورة إشراكهم في التسويات الخاصة بالشرق الأوسط.

  1. الفترة من عام 1973-1985:

       اتسمت هذه الفترة باهتمام السوفيت ببحث مشكلة الشرق الأوسط، من أجل إيجاد موضع قدم في حل النزاعات العالمية في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية، ومن ثم كان الاتحاد السوفيتي حريصاً على المشاركة في التسويات السلمية بعد حرب أكتوبر 1973.

       وفي عام 1975، حدد أندريه جروميكو وزير الخارجية السوفيتي، المحددات الأساسية التي ينبغي انتهاجها من أجل التوصل إلى سلام عادل بالشرق الأوسط، وحدد ثلاث نقاط رئيسة هي:

أ.   انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي المحتلة.

ب.              الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وبحقه في تحديد هيكل دولته.

ج. ضمان أن تتمتع كل دولة في المنطقة بحدود آمنة.

       ورأت موسكو أن موافقة إسرائيل على هذه الشروط الثلاثة، يمكن أن يؤدي إلى إعادة علاقاتهما الدبلوماسية. وفي 16 سبتمبر 1977، رفض الاتحاد السوفيتي عرضاً أمريكياً باستئناف علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل من أجل دعم دور موسكو في مساعي إقرار السلام في الشرق الأوسط[5].

       وفي 10 فبراير 1981، عقد الحزب الشيوعي الإسرائيلي مؤتمراً حضره وفد سوفيتي برئاسة ديمتري برونسكي رئيس إدارة العلاقات الدولية باللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي، والذي أكد على تأييد الاتحاد السوفيتي للوصول إلى حل شامل لمشكلة الشرق الأوسط، وفي 27 سبتمبر 1981 التقى أندريه جروميكو وإسحاق شامير في الأمم المتحدة، ولم يسفر لقاؤهما عن تغير في العلاقات بين البلدين وفي أكتوبر 1982، كشف ” إسحاق شامير ” عن وجود اتصالات سرية تستهدف استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

  1. الفترة من عام 1985-1991:

       اتسمت هذه الفترة بمحاولات واتصالات سرية عديدة لإعادة العلاقات الرسمية بين الدولتين. وفي أغسطس 1989 تم إيفاد بعثة قنصلية للقدس لرعاية المصالح السوفيتية بداية لاستئناف العلاقات وسمحت السلطات السوفيتية لليهود بزيارة إسرائيل بتأشيرات سياحية على خلاف ما جرت عليه العادة قبل عشر سنوات.

       وفي السادس من يونيه 1987 اقترح جورباتشوف التخلي عن فكرة حل النزاع العربي الإسرائيلي عسكرياً، والعمل على عقد مؤتمر دولي بشأن الشرق الأوسط، واشترطت إسرائيل لذلك شرطين هما: استئناف العلاقات الدبلوماسية معها و فتح باب الهجرة أمام اليهود السوفيت.

       وفي عام 1988، كان هناك تقدم ملموس في العلاقات بين الدولتين، بالإضافة إلى اللقاءات شبه الدائمة مع إدوارد شيفرنادزه وزير الخارجية السوفيتي، كذلك تمت لقاءات إسرائيلية مع رؤساء حكومات ووزراء خارجية دول الكتلة الشرقية وبشكل علني.

       وفي 25 ديسمبر 1990، قدم القنصل العام للاتحاد السوفيتي أوراق اعتماده إلى وزير الخارجية الإسرائيلي ديفيد ليفي ليكون قنصلاً عاماً لبلاده لدي إسرائيل.

       وفي 9 مايو 1991 قام وزير الخارجية السوفيتي ألكسندر بسمرتنيخ بزيارة رسمية لإسرائيل أثارت الاهتمام، وكانت أول زيارة لمبعوث سوفيتي رسمي منذ إنشاء دولة إسرائيل.

  1. فترة ما بعد عودة العلاقات الدبلوماسية:

       أعادت إسرائيل افتتاح سفارتها بموسكو في 24 أكتوبر 1991، ورشح أربين لفين ليكون سفيراً لإسرائيل في موسكو، ويرجع السبب في عودة العلاقات بين البلدين إلى:

أ.     رغبة السوفيت وضع نهاية لاحتكار الولايات المتحدة الأمريكية لمسار السلام في الشرق الأوسط.

ب.   التغلب على رفض إسرائيل لاشتراك الاتحاد السوفيتي في مؤتمر السلام.

ج.    اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية بانضمام السوفيت إلي مسيرة السلام بالشرق الأوسط رغبة منها في مساعدة جورباتشوف.

ثانياً: في المجال الاقتصادي عام 1948-1991:

       بدأ التعاون الاقتصادي بين موسكو وتل أبيب في 18 مايو 1948، حين اعترف الاتحاد السوفيتي بقيام دولة إسرائيل متمثلاً في استيراد البترول السوفيتي مقابل تصدير الموالح الإسرائيلية، واستمر هذا الوضع حتى ساءت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في أعقاب العدوان الثلاثي على مصر في خريف عام 1956.

       وفي نهاية عام 1966 بدأ التبادل التجاري بين البلدين في الانخفاض من ثلاثة ملايين دولار عام 1966 إلى 30 ألف دولار عام 1968[6]، ولم يمض وقت حتى ظهرت بوادر انفراج الأزمة بين البلدين وإعادة تطبيع العلاقات بينهما في يونيه عام 1969.

       وفي أوائل الثمانينيات أخذت العلاقات التجارية في التزايد، حيث قررت موسكو، وبشكل رسمي، تصدير مختلف المعدات الحربية والمواد الأولية لإسرائيل، وفي عام 1989 تم بدأ تشغيل الخطوط الجوية المباشرة بين تل أبيب وموسكو، ووصل حجم الصادرات الإسرائيلية للاتحاد السوفيتي خلال هذا العام إلى 8.5 مليون دولار، ثم زادت في عام 1990 حيث بلغت في الأشهر الأولى من العام نحو مليوني دولار.

       وفي 24 مايو 1990، قام أرييل شارون وزير السكان الإسرائيلي، في ذلك الوقت، بزيارة خاصة لموسكو للتفاوض حول إمكانية توريد منازل جاهزة الصنع لإيواء اليهود السوفيت، مع زيادة طاقة خط الطيران المباشر بين موسكو وتل أبيب لنقل المهاجرين اليهود السوفيت إلى إسرائيل.

في المجال العسكري:

       منذ نشأة إسرائيل كان الاتحاد السوفيتي أحد الممولين الرئيسيين لإسرائيل بالعتاد الحربي، حيث أمدها خلال الفترة من مارس إلى مايو 1948 بنحو350 طناً من العتاد عن طريق تشيكوسلوفاكيا يتضمن 25 طائرة ميرشميدث، من خلال عملية سميت بلاك. وكان الهدف من هذا الدعم إضعاف نفوذ بريطانيا وحلفائها في المنطقة ودعم الدولة اليهودية التقدمية واحتوائها بصفتها حليفة له.

       وقد تغير جوهر هذه السياسة بعد وفاة ستالين، وانعكس هذا التغيير بوجه خاص نتيجة تغير السياسة السوفيتية تجاه الصراع العربي الإسرائيلي، وظلت العلاقات العسكرية بين البلدين تفتقر إلى التعاون والتطور على مدى العقود الأربعة التالية.

       ونتيجة للمتغيرات التي حدثت في بداية عام 1991 وبعد أحداث حرب الخليج، فقد حرصت إسرائيل على توثيق علاقاتها العسكرية مع الاتحاد السوفيتي، بدأت بزيارة وزير العلوم والطاقة الإسرائيلية يوفال نئمان في التاسع من مايو 1991 للاتحاد السوفيتي، من أجل تطوير التعاون في مجال استخدام الطاقة النووية لتحلية مياه البحر، كما سعت إسرائيل لشراء معدات عسكرية سوفيتية، كما وقعت على أول اتفاق علمي أكاديمي في مدينة بئر السبع، حضره متخصصون في مجال الطاقة، كما تم الاتفاق على تبادل البعثات العلمية بين البلدين.

في مجال الهجرات اليهودية السوفيتية إلى إسرائيل:

       بدأت الهجرة الأولى بشكل منظم خلال الفترة من عام 1884 حتى عام 1903، ومعظمها من روسيا القيصرية، بسبب اضطهاد اليهود نتيجة اشتراكهم في مؤامرة لاغتيال قيصر روسيا، وقدرت هذه الهجرات بنحو20-30 ألف مهاجر. أما الهجرة الثانية فقد تمت خلال الفترة من عام 1904 إلى 1914، ومعظمهم كذلك من روسيا وقدر عددهم بنحو 35–40 ألف مهاجر يهودي.

       وفي الفترة ما بين عام 1914 إلى عام 1936 تزايد عدد اليهود بفلسطين إلى نحو 400% وقاموا بإنشاء 44 مستعمرة، وتركزت معظم الهجرات خلال الفترة من عام 1932 إلى عام 1936، حيث دخل فلسطين 174 ألف مهاجر يهودي من روسيا وشرقي أوروبا، بما رفع عدد السكان اليهود ـ طبقاً لتقدير لجنة بيل ـ إلى 370 ألف نسمة، أما الوكالة اليهودية فقدرتهم بنحو 384 ألف نسمة، تمثل 28% من عدد سكان فلسطين. وفي عام 1948م، وصل تعداد اليهود في فلسطين إلى650 ألف نسمة، تمثل 31% من تعداد فلسطين.

       وفي قمة مالطة في ديسمبر 1989 التي عقدت بين الرئيس السوفيتي ميخائيل جورباتشوف والرئيس الأمريكي جورج بوش، استغلت الولايات المتحدة الأمريكية الظروف الدولية وما يحدث في دول أوروبا الشرقية، وحاجة الاتحاد السوفيتي لتهدئة الصراعات وتخفيف الضائقة الاقتصادية التي يتعرض لها، من أجل الضغط على الاتحاد السوفيتي للسماح بالهجرات اليهودية إلى إسرائيل، التي سميت فيما بعد “هجرات القرن العشرين”، ثم بدأت الهجرات اليهودية من الاتحاد السوفيتي تزداد بشكل كبير منذ شهر أغسطس 1990، حتى وصلت في منتصف يناير 1991 إلى 300 ألف مهاجر، وخصصت عشرات الملايين من الدولارات لإقامة 22 ألف وحدة سكنية في بئر السبع وحدها.

       كما التخطيط لتهويد مدينة القدس الشرقية، وتحويل مواطنيها إلى أقلية، من خلال توطين اليهود السوفيت فيها، ومصادرة العديد من الدونمات لإقامة حي جديد لهم.

تطور العلاقات السوفيتية ـ العربية

  1. خلال فترة حرب عام 1948 – 1949 “الجولة الأولى من الصراع العربي – الإسرائيلي”:

       وبوفاة ستالين حدث تغيير في السياسة السوفيتية تجاه منطقة الشرق الأوسط وتجاه الصراع العربي الإسرائيلي، تجسد في تصاعد إمدادات السلاح السوفيتي إلى الدول العربية المتحررة، وشهد النصف الثاني من الخمسينيات بداية برامج المساعدات العسكرية والاقتصادية التي قدمها الاتحاد السوفيتي لأول مرة لدولة غير شيوعية في العالم الثالث، وكان ذلك من خلال صفقة الأسلحة التشيكية لمصر عام 1955 التي بلغت قيمتها 250 مليون دولار.

       وتبعت هذه الصفقة صفقات مماثلة لكل من سورية عام 1956 والعراق عام 1958، ثم الجزائر عام 1960. وقدرت المعونات العسكرية السوفيتية خلال الفترة من عام 1955 إلى عام 1960 بحوالي 500 مليون دولار، وخلال الفترة من عام 1961 إلي عام 1964، بأكثر من 700 مليون دولار.

       وعندما أُثير موضوع تمويل مشروع السد العالي في الكونجرس الأمريكي، أرسلت لجنة الاعتمادات بالمجلس مذكرة بتاريخ 16 يوليه 1956 برفض تخصيص أموال لمشروع السد العالي، وكان الهدف هو الثأر من مصر بسبب صفقة الأسلحة التشيكية، واعترافها بالصين الشيوعية، ومواجهتها لسياسة الأحلاف العسكرية. وفي 19 يوليه 1956 قررت الولايات المتحدة الأمريكية سحبها لعرض المساهمة في مشروع السد العالي. وبصدور هذا القرار اتجهت مصر نحو الاتحاد السوفيتي لمساندتها في بناء السد العالي، وبالفعل قام بإرسال الفنيين وسفن الإرشاد بعد سحب المرشدين من قناة السويس نتيجة لقرار مصر بتأميم قناة السويس.

       وصدر البيان الثلاثي الأمريكي ـ الفرنسي ـ البريطاني بلندن في الثاني من أغسطس 1956، الذي ندد بعدم شرعية قرار مصر في التأميم، فتحرك الاتحاد السوفيتي لدعم مصر، وسارع بشحن الأسلحة إليها، وزاد من عدد خبرائه ودبلوماسييه الذين أوفدهم إلى مصر.

  1. خلال فترة العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م:

       مع بداية أزمة السويس عام 1956م، وقف الاتحاد السوفيتي بجانب مصر في مجلس الأمن، حتى صدر قرار مجلس الأمن بنقاطه الست في 13 أكتوبر 1956. وفي 5 نوفمبر 1956، وجه الاتحاد السوفيتي رسائل إلى الحكومات الفرنسية والبريطانية والإسرائيلية مطالباً بالوقف الفوري للعدوان، ومحذراً لهم بأن الحملة على بورسعيد قد تتحول إلى حرب عالمية ثالثة، كما أعلنت الحكومة السوفيتية استعدادها لبذل جهودها لردع المعتدين وإرسال قواتها لهذا الغرض، وتضمنت الرسائل تلميحاً إلى أن بريطانيا وفرنسا في متناول يد الاتحاد السوفيتي إذا ما استخدمت الأسلحة الصاروخية الموجهة، وهو ما عرف بدبلوماسية الصواريخ.

  1. خلال الفترة من عام 1967-1972:

       في الخامس من يونيه 1967، اتخذ الاتحاد السوفيتي موقفاً واضحاً من العدوان الإسرائيلي وهو الدعم الكامل للعرب وإجبار إسرائيل على وقف العمليات العسكرية فوراً، حيث جاء في بيان صادر عن الكرملين: أن الاتحاد السوفيتي الذي يدين العدوان الإسرائيلي، يحذر الحكومة الإسرائيلية، ويدعوها إلى وقف العمليات العسكرية فوراً ضد الجمهورية العربية المتحدة وسورية والأردن والبلدان العربية الأخرى، وسحب قواتها إلى مواقع ما وراء الهدنة.

       ورغم أنه للوهلة الأولى يبدو أن حرب يونيه، قد أدت إلى انهيار المكانة السوفيتية في العلاقات السوفيتية ـ العربية، إلا أن البعض يرى أن تلك الحرب، قد أدت إلى مكاسب سوفيتية عديدة بالمنطقة ” فعلى المستوى العسكري، استطاع الاتحاد السوفيتي أن يدعم وجوده العسكري في كل من البحر المتوسط والبحر الأحمر والمحيط الهندي، كما استطاع أن يوسع دائرة نفوذه في اليمن الجنوبي وتحويله إلى دولة اشتراكية، كما حصل على تسهيلات عسكرية كبيرة في كل من مصر وسورية، وزاد من حجم مستشاريه ونفوذهما. وفي مجال دعم الركائز الإيديولوجية، فقد زادت قدرات الاتحاد السوفيتي ومكانته ونفوذه بالمنطقة، فانتشرت المراكز الثقافية السوفيتية وزاد دعمها للأحزاب الشيوعية، كما تعاظم تدفق السلاح السوفيتي إلى دول المنطقة، وحصلت مصر عام 1970م على قدرات ضخمة من أجل بناء شبكة متطورة من الدفاع الجوي في مواجهة الطيران الإسرائيلي.

       وفي 25 مايو 1971 وقعت مصر على معاهدة صداقة مع الاتحاد السوفيتي، في محاولة من الاتحاد السوفيتي لحسم الموقف لصالحه وقطع الطريق على التعاون المصري ـ الأمريكي[7]، ولكن سرعان ما تغير الموقف بسبب عدم وصول مطالب التسليح المصرية، وهي في مرحلة استعداد لحرب تحرير، فاتهمت مصر الاتحاد السوفيتي بالقصور في إمداداتهم من السلاح الفعال والأحدث تكنولوجيا، وكانت دعوة بريجنيف إلى الاسترخاء العسكري في الشرق الأوسط في سياق دعوة الوفاق العالمي، وبالنظر إلى المطالب السوفيتية بتسوية سلمية للصراع العربي الإسرائيلي، مؤثراً مهماً للقيود على تدفق السلاح السوفيتي إلى البلدان العربية، وهو أمر أدي إلى إنهاء مهمة الخبراء والمستشارين السوفيت بمصر في يوليه عام 1972، والذي وافق في الفترة نفسها توقيع اتفاق سولت –1، بين القوتين العظميين بعد انتهاء الحرب الباردة وتوطيد سياسة الوفاق[8].

  1. خلال جولة أكتوبر 1973 وما بعدها:

       شارك الاتحاد السوفيتي بكل ثقله لدعم موقف كل من مصر وسورية، وأصدر بياناً رسمياً بتاريخ 8 أكتوبر 1973 أعلن فيه: أن النزاع في الشرق الأوسط يعود إلى السياسة التوسعية التي تنتهجها إسرائيل، وأنه يدين سياسة الغزو الإسرائيلي، ويؤيد المطالب المشروعة للدول العربية في تحرير كل الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967. كما استمرت إمداداته العسكرية إلى دول المنطقة خاصة لسورية.

       وفي ضوء تطورات عملية التسوية السلمية في الشرق الأوسط بعد حرب أكتوبر 1973، تأرجحت العلاقات السوفيتية العربية بين الارتفاع والانخفاض، كما حاول إجهاض أي محاولات لتحقيق تقدم في عملية السلام تحت رعاية أمريكية. ومثال ذلك ما حدث في مؤتمر مينا هاوس بالقاهرة عام 1977، كما بدأت العلاقات السوفيتية – المصرية في التدهور حيث انعكست آثارها على تجميد مصر لمعاهدة الصداقة مع الاتحاد السوفيتي عام 1976.

       ومن الواضح أن المتغيرات التي حدثت بالاتحاد السوفيتي خلال عقد الثمانينات، أدت إلي انتهاجه سياسة جديدة من أجل خفض الإنفاق على التسلح، فقد أدى ذلك بشكل واضح إلى وقف الدعم العسكري عن الدول التي كان يساندها سابقاً، وهذا بالتالي أدى إلى حدوث خلل إستراتيجي كبير في ميزان القوى بين العرب وإسرائيل، بل أدّى إلى وضع المزيد من العراقيل أمام عملية التسوية، ومن الملاحظ أن السوفيت، وحتى قبل انهياره، كان مؤيدا لكل المبادرات السياسية التي قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية، من أجل التوصل إلى اتفاقيات سلام بين العرب وإسرائيل.

انعكاسات الانهيار على طرفي الصراع العربي ـ الإسرائيلي

أولاً: الانعكاسات على الطرف العربي:

الآثار السياسية:

       في ظل السياسة العالمية الجديدة لإدارة الرئيس ميخائيل جورباتشوف، تغيرت مواقفه تجاه الصراعات الإقليمية في الشرق الأوسط، كما كان لإجراءات إنهاء الحرب الباردة تأثيرات مهمة على اتجاهات تسوية تلك الصراعات، فنرى أن الاتحاد السوفيتي قد استخدام نزعة الانسحاب، وفض الاشتباك، والتعاون، كما حدث في قضايا أفغانستان والصراع العربي الإسرائيلي وحرب تحرير الكويت.

       وبينما ساعد إنهاء الاستقطاب بين القوتين العظميين على تمهيد الطريق لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي بدءاً من مؤتمر مدريد للسلام في أكتوبر 1991، فقد أدى تبدل السياسة الخارجية السوفيتية لخلق عقبات جديدة أمام هذه التسوية، خاصة موضوع تهجير اليهود السوفيت إلى إسرائيل. كما بدأ الاتحاد السوفيتي في التخلي عن دعم النظم الحليفة له في الشرق الأوسط والقرن الإفريقي، الذي انعكست نتائجه في تأثير الولايات المتحدة الأمريكية في مصائر هذه الأنظمة، فسقط نظام الرئيس نجيب الله في أفغانستان ونظام الرئيس منجستو في إثيوبيا.

1.الآثار السلبية للانهيار:

       أدى تفكك الاتحاد السوفيتي إلى تدهور مكانة الدول العربية، وتراجع أهمية قضاياها وضعف تأثيرها في المتغيرات الدولية، وإلى انفراد الولايات المتحدة الأمريكية بالحل، وفي هذا الإطار كانت الحملة الأمريكية لتدمير الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية العراقية، وتحرش الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بليبيا، بالإضافة إلى منع توريد السلاح إلى سورية.

       وقد كان من أهم تأثيرات التوازن الدولي، هو تأييد الدول الاشتراكية لقضايا العالم الثالث سواء في مجلس الأمن أو في الجمعية العامة للأمم المتحدة، أما مع الانهيار السوفيتي فقد تحول التوازن الدولي نحو الاختلال الشديد. وتحولت معادلة الأمم المتحدة تجاه الهيمنة الأمريكية التي انفردت قطباً وحيداً في العالم وأصبح من الميسور للولايات المتحدة الأمريكية أن تستصدر ما تشاء من قرارات سواء من مجلس الأمن، أو الجمعية العامة للأمم المتحدة، وعلى السبيل المثال إلغاء القرار الرقم 379 من مجلس الأمن الذي يطالب ليبيا بالإذعان لمطالب الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بتسليم المتهمين الليبيين في حادث سقوط الطائرة الأمريكية في نهاية عام 1991[1]. وتتابعت بعد ذلك العديد من القرارات المجحفة بالحقوق العربية.

       وعلى المستوى الاقتصادي، فإنه عشية انهيار الاتحاد السوفيتي، احتدم الجدل في وسائل الإعلام السوفيتية حول العلاقات الاقتصادية السوفيتية مع الدول النامية، وطالب البعض بتصفية هذه العلاقات، رغم أنها كانت عبئاً ثقيلاً على موازنة الدولة وميزان المدفوعات للاتحاد السوفيتي إلى دول المنطقة خاصة الدولة الأفريقية حيث تراجعت إلى 40%. وبعد التفكك وفي 28 يناير 1992، أعلن وزير خارجية روسيا أندريه كوزيريف ـ خلال كلمته الافتتاحية في اجتماع موسكو للمفاوضات متعددة الأطراف ـ : أن مصلحة روسيا الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط ذات طبيعة اقتصادية، وأن روسيا لم تعد تصنف دول المنطقة على أساس دول صديقة ودول معادية، ولكنها جميعاً دول متساوية، وهذا يُعدّ تغيراً جذرياً في إستراتيجية الاتحاد السوفيتي السابق عبرت عنه الإستراتيجية الروسية الجديدة، وهو ما يُعدُّ انحساراً للدور الروسي خارج الحدود.

       وقد أدى انهيار الاتحاد السوفيتي كذلك إلى إعلان روسيا استمرارها في سياسة فتح أبواب هجرة اليهود الروس إلى إسرائيل، رغم المعارضة العربية الرسمية والشعبية لهذه الهجرة والتي رآها البعض جريمة العصر ولا ينبغي تجاهل الآثار المرتبة على إضعاف النظام الشمولي وتنامي النفوذ الصهيوني، وتفاقم الأزمة الاقتصادية في روسيا، بيد أن الأهم هو تغير أولويات السياسة الروسية، وتراجع مكانة الأصدقاء العرب، وبالتالي تراجع الدعم للحقوق العربية وزيادة التشدد الإسرائيلي.

  1. الآثار الإيجابية للانهيار:

       على الرغم من التأثيرات السلبية السابقة، إلا أن هناك بعض التأثيرات الإيجابية نذكر منها.

أ.     كان لنظام الاستقطاب الدولي الثنائي آثار سلبية على القضايا العربية، فما يوافق عليه الاتحاد السوفيتي ترفضه الولايات المتحدة الأمريكية والعكس صحيح، ومن ثم أدّى التوازن الإستراتيجي السابق إلى استقطاب عدد كبير من القضايا بين الدولتين، وإلى تعطيل حل تلك القضايا.

ب.   إمكان إيجاد حل لمشكلات الصراع العربي الإسرائيلي، مع تفرد الولايات المتحدة الأمريكية في النظام العالمي وقدرتها على التحرك بحرية.

التحول في القيمة الإستراتيجية السياسية للدول العربية:

       للوقوف على طبيعة التحول الإستراتيجي في الشرق الأوسط عقب انتهاء الحرب الباردة، يقتضي في الأساس التركيز على محورين رئيسين:

أولهما رأسي: يتعلق بالتحول في قيمة الشرق الأوسط ومكانته في الإستراتيجية العالمية، ومن خلال هذا المحور تم تصنيف دول المنطقة إلى ثلاث مجموعات وفقا لمعيار الأهمية الإستراتيجية كالآتي:

  1.  دول مالكة للمواد الأولية الإستراتيجية، ولا سيما دول الخليج العربية، حيث يوفر النفط أهمية إستراتيجية لهذه الدول.
  2.  دول ذات قدرة على تقديم الخدمات الإستراتيجية، وتتمثل أساساً في كل من إسرائيل وتركيا ومصر، وتمتلك هذه الدول نفوذاً وقدرة تتيح لها التأثير في مجريات الأمور في المنطقة.
  3.  دول ذات قيمة سلبية، ويغلب على علاقاتها طابع الصراع مع الغرب.

       وإذا قوّمنا إسرائيل في هذا المحور، نجد أنه بالرغم من انهيار الاتحاد السوفيتي، وانتهاء نقطة وثوب إسرائيل تجاه الولايات المتحدة الأمريكية بالمحافظة على مصالحها بالمنطقة من خلال مواجهة التدخل السوفيتي وتحجيمه، إلا أن إسرائيل زادت من حجم علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية وتطورت بشكل كبير بما أتاح لها الحصول على التكنولوجيا المتقدمة في كافة المجالات.

ثانيها محور أفقي: ويتعلق بالتحول في موازين القوة الإقليمية القائمة في مرحلة ما بعد الحرب الباردة: فالملاحظة الرئيسة في هذا الصدد هي: أن انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي، قد عمَّقاً من الخلل في الميزان الإستراتيجي لصالح إسرائيل وتركيا وإيران، على حساب الدول العربية، ومن الممكن الوقوف على هذه النتيجة من خلال تعرف النتائج المباشرة التي ترتبت على انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي وتتمثل في:

  1.  اختفاء الحليف الإستراتيجي، وانعدام هامش المناورة الإستراتيجية أمام العديد من الدول العربية التي كانت تعدّ الاتحاد السوفيتي القديم حليفاً إستراتيجياً، وإتاحة الفرصة لامتلاك الغرب قدرة متعاظمة للتحكم في الموازين الإستراتيجية والعسكرية بالمنطقة.
  2.  الانفراد الأمريكي بالهيمنة، وفرض القيود على ضبط التسلح لدول المنطقة، والتحكم في حركة تدفق الأسلحة وفي ضبط الصراعات الإقليمية.
  3.  توطيد التعاون الإستراتيجي الأمريكي الإسرائيلي، حيث امتد إلى أنظمة التسليح الكبرى وفى مجال صناعة الفضاء والمعلومات والنظام الكوني المضاد للصواريخ الباليستية.
  4.  إطلاق حرية الحركة أمام دول الجوار الجغرافي تركيا، وإيران، حيث تسببت تداعيات انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي وحرب الخليج، إلى تعميق حالة الفراغ الإستراتيجي القائمة بمنطقة الخليج وآسيا الوسطى.

       ولا شك أن المتغيرات السابقة قد عملت على إضعاف الموقف العربي في الميزان الإستراتيجي بمنطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي أضعف من المكانة النسبية للدول العربية في منظومة التفاعلات الإقليمية بالمنطقة، وجعلها أكثر قابلية للابتزاز في تعاملها مع كل من إسرائيل وتركيا وإيران، خاصة فيما يتعلق بقضايا مهمة بالنسبة للعالم العربي مثل؛ الصراع العربي الإسرائيلي، والتعاون الإقليمي في المجالات الاقتصادية والأمنية والمائية، هذا بالإضافة إلى تزايد علاقات التعاون بين تركيا وإسرائيل في العديد من المجالات، وهو ما يُعد تهديداً للدول العربية المجاورة لتركيا العراق وسورية.

الآثار العسكرية:

       بانتهاء الحرب الباردة، واختفاء حلف وارسو، وتوحيد ألمانيا، وبدء انسحاب القوات العسكرية من دول أوروبا الشرقية، وانفصال هذه الدول عن الإستراتيجية العسكرية السوفيتية، بدأ الاتحاد السوفيتي في إعادة تقويم إستراتيجيته العسكرية وأعلن تبنيه لمفهوم عسكري جديد أطلق عليه اسم “الكفاية العسكرية المعقولة”. وفسر العسكريون السوفيت هذا المفهوم على أنه “الحالة العسكرية التي تحقق قدرات دفاعية للدولة”.

       واستناداً إلى هذا المفهوم بدأ الاتحاد السوفيتي في اتخاذ مجموعة من الإجراءات التي تؤثر في دوره العسكري خارج حدوده والتي تتمثل في:

  1.  خفض القوات العاملة بحوالي 0.5 – 0.75 مليون مقاتل، مع خفض الميزانية العسكرية وميزانية البحوث والتطوير.
  2.  إغلاق بعض المصانع العسكرية، وتحويل البعض الآخر إلى صناعات مدنية.
  3.  البدء في تحرير الاقتصاد العسكري والسماح للمصانع المنتجة للأسلحة التقليدية بعقد صفقاتها في إطار آليات السوق.

       وبانهيار الاتحاد السوفيتي وظهور روسيا الاتحادية وريثاً شرعياً له، ومع البقاء الحالي لقوات مسلحة موحدة وبقيادة واحدة، أعلنت روسيا استمرار تبنيها للمفهوم الدفاعي الكفاية العسكرية المقبولة. ومع انتهاج هذه السياسة، وخفض الإنفاق على التسلح، بدأت تتضح سياسته في إيقاف الدعم العسكري عن الدول التي كان يساعدها سابقاً[2]، وقد أدى ذلك، بطبيعة الحال، نتيجة اعتماد العديد من دول المنطقة على التسلح السوفيتي، إلى حدوث خلل إستراتيجي كبير في ميزان القوى بين العرب وإسرائيل، بل بدأت اهتماماته تتجه بعيداً عن مشكلة الصراع العربي الإسرائيلي.

       ونتيجة لما سبق، بدأت جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق (دول رابطة الكومنولث الجديد) تتخذ مجموعة من الإجراءات، التي أدت إلى التأثير المباشر في الجانب العربي ومنها على سبيل المثال:

  1. تأثر الصناعات العسكرية لبعض دول المنطقة التي استندت في الماضي إلى التكنولوجيا العسكرية السوفيتية.
  2. انخفاض الدعم العسكري بصفة عامة لدول المنطقة، خاصة الدول العربية التي كانت لها علاقات سابقة معها.
  3. لجوء بعض الدول العربية للحصول على السلاح من الولايات المتحدة الأمريكية، أو من دول أوروبا الغربية، وهذا أدى إلى وضعها في دائرة الاستقطاب، حيث فرضت الدول المصدرة للسلاح عدداً من القيود على الدول المتلقية له مثل: نوعية التكنولوجيا، وتوقيتات الإمداد، والصيانة، وقطع الغيار، وحجم الذخائر، والأسعار.. الخ.

ثانياً: انعكاسات الانهيار على إسرائيل:

الآثار السياسية:

       مع تولى ميخائيل جورباتشوف السلطة بالاتحاد السوفيتي في مارس 1985، بدأت تبرز على السطح تغييرات واضحة في السياسة الخارجية السوفيتية، ومنها إعادة النظر في طبيعة التعامل مع دول المنطقة وصراعها الإقليمي، وكيفية مواجهتها، واتخذ تطور العلاقات بين الاتحاد السوفيتي وإسرائيل مساراً جديداً اتسم في البداية بالسرية ولفترة حوالي أربع سنوات، ثم بدأ في أغسطس 1989 يأخذ الشكل العلني كالآتي:

  1.  في 11 سبتمبر 1985، قام رئيس المؤتمر الصهيوني العالمي أدجار برونجمان بزيارة سرية إلى الاتحاد السوفيتي، مطالباً فيها بإعادة العلاقة الرسمية مع الاتحاد السوفيتي ثم الدول الشرقية، مع المطالبة بفتح باب الهجرة لليهود السوفيت إلى إسرائيل، وإيقاف كافة أنواع المساندة لمنظمة التحرير الفلسطينية، كما طالب بضرورة مشاركة الاتحاد السوفيتي في أي مؤتمر دولي للسلام.
  2.  في أغسطس 1989، انعقد مؤتمر اتحاد الصهاينة، الذي تكون حديثاً بالاتحاد السوفيتي، والذي كان يعدّ أول نشاط صهيوني على أرض الاتحاد السوفيتي، حيث كان ينظر سابقاً للصهيونية على أنها حركة عنصرية، وانتهى المؤتمر باتخاذ القرارات التالية:

أ.       تأسيس حزب سياسي صهيوني في الاتحاد السوفيتي.

ب.     تشكيل جهاز دعائي إعلامي يقوم ببث أفكار الحزب الجديد داخل المجتمع السوفيتي.

ج.     إنشاء مركز دعائي سياسي ثقافي في موسكو لنشر الفكر الإيديولوجي للصهيونية العالمية.

د.      تشكيل مجموعات الدفاع اليهودية للاعتداء على المواطنين السوفيت المعادين للصهيونية والسامية.

هـ.   تأسيس وكالات للدعاية ونوادي للهجرة، وترتيب الدعوات من إسرائيل وإليها.

و.      السعي نحو إبطال قرار الأمم المتحدة الذي يساوى بين الصهيونية والعنصرية.

  1.  في30 أكتوبر 1991، وبداية انعقاد مؤتمر مدريد، صدر بيان مشترك في كل من موسكو وتل أبيب بإعادة العلاقات الدبلوماسية، وكان ذلك بداية التطور الإيجابي في حجم العلاقات السوفيتية ـ الإسرائيلية وطبيعتها في مقابل تراجع سوفيتي نحو تأييد قضية الصراع العربي ـ الإسرائيلي ودعمها. وقبيل الإعلان عن انهيار الاتحاد السوفيتي رسمياً بعدة أيام، سلم السفير السوفيتي أوراق اعتماده إلى الرئيس حاييم هيرتزوج في تل أبيب، وتحمل هذه الأوراق توقيع الزعيم السوفيتي جورباتشوف.
  2.  في ديسمبر 1992، انعقد أول مؤتمر صهيوني في موسكو والذي سمى “المؤتمر الصهيوني الروسي”، وهو أمر يؤكد التغلغل الفعلي لليهود داخل روسيا وتشكيلهم جماعات ضغط من أجل تحقيق مبادئ المؤتمر الصهيوني السابق. هذا بالإضافة إلى نجاح هذا المؤتمر في دعم علاقاته مع باقي جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة، خاصة الجمهوريات الإسلامية الست: كازاخستان، وأوزبكستان، وطاجيكستان، وتركمنستان، وأذربيجان، وقيرقيزستان.

       هذا وقد انعكست السياسات السابقة التي تبناها الاتحاد السوفيتي، منذ تولي جورباتشوف، على تغيير السياسة السوفيتية بل الروسية كذلك بعد الانهيار، تجاه إسرائيل والتي تبلورت في الآتي[3]:

  1.  تأييد كافة المبادرات السياسية لحل النزاع العربي الإسرائيلي، طالما أنها تقوم على مبدأ التفاوض المباشر.
  2.  التراجع في شروط عودة العلاقات الدبلوماسية التي كانت مرتبطة بانسحاب إسرائيل غير المشروط من الأراضي العربية وإزالة آثار العدوان، إلى ربط عودة العلاقات بقبول إسرائيل المشاركة في المؤتمر الدولي للسلام.
  3.  التمسك بنظرية توازن المصالح أساساً لحل النزاع العربي ـ الإسرائيلي، وقبول مبدأ الأرض مقابل السلام.
  4.  فتح الباب على مصراعيه أمام الهجرة اليهودية، وهو ما شكل أكبر تحدٍّ يواجه القضية الفلسطينية، حيث أدت هذه الهجرات إلى أحداث تحولات ديموجرافية هائلة في التركيبة السكانية بالأراضي المحتلة. مع منع تسرب علماء الطاقة النووية من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق إلى دول العالم الثالث وبصفة خاصة الدول العربية.

الآثار العسكرية:

       أدت المتغيرات التي حدثت بالاتحاد السوفيتي، ومن ثم انهياره بنهاية عام 1991، إلى تحقيق الآتي:

  1.  تغير السياسة السوفيتية تجاه إسرائيل برفض أي مواجهة عسكرية جديدة بين العرب وإسرائيل.
  2.  تبنى سياسة منع واردات السلاح الروسية إلى بعض الدول العربية، بما أدى إلى تأثير سلبي على هذه الدول ومنها: سورية، وليبيا، والجزائر، واليمن، والسودان، وقد جاء هذا المنع في ضوء ضغوط أمريكية وإسرائيلية على الاتحاد السوفيتي السابق وروسيا فيما بعد.
  3.  زيادة حجم التعاون في مجال الصناعة الحربية المتقدمة بين إسرائيل وروسيا، من أجل حصول الأخيرة على التكنولوجيا الغربية، وهو ما أدّى إلى زيادة دعم التعاون بين البلدين في المجالات الأخرى[4].
  4.  بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وجهت إسرائيل اهتماماتها تجاه الترسانة العسكرية للنظام السابق، كما بدأ رجال الأعمال الإسرائيليين في توجيه استثماراتهم تجاه الصناعات الحربية الروسية. كما عرض بعض تجار السلاح من دول الكومنولث على إسرائيل، شراء أحدث الأسلحة السوفيتية ومنها طائرات الميج 29 وصواريخ دفاع جوي من نوع سام 10 ونظم الرادار الحديثة.
  5.  فقد العديد من الدول العربية لحليفهم الإستراتيجي السوفيتي القديم وانعدام هامش المناورة أمامها، مع انفراد الولايات المتحدة الأمريكية بدعم حليفها الإستراتيجي إسرائيل، بما أدى إلى دعم القدرات الإسرائيلية في مجال الفضاء والمعلومات، ومن ثم انعكس ذلك على التفوق الإسرائيلي في ميزان القوى في مواجهة الجانب العربي خاصة في المستويات النوعية والتكنولوجية.
  6.  أصبحت الجبهة السورية لا تشكل خطراً كبيراً على إسرائيل، وأصبحت سورية، مضطرة إلى محاولة تجربة الحل السياسي، خاصة بعد انكماش الدعم العسكري الروسي.
  7.  بدأت إسرائيل تركز على تصدير كافة معداتها العسكرية والجوية والبحرية، مستفيدة من نتائج حرب الخليج، وحصولها على تكنولوجيا متقدمة من الولايات المتحدة الأمريكية، وانفتاحها على دول أوروبا الشرقية وجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق.

أطراف الصراع العربي ـ الإسرائيلي

مع الجمهوريات المستقلة

       لا يقتصر الأمر على هشاشة كيان رابطة الدول المستقلة وتفجر التناقضات بين أعضائها، وإنما يمكن القول كذلك: إن تلك الرابطة قد مرت بأزمات اجتماعية واقتصادية، ولعل أهم ملامح تلك الأزمات هو عدم وضوح طريق التنمية المستقبلي باستثناء تلك الشعارات العامة عن التحول نحو الاقتصاد الحر، مع عدم وجود برنامج محدد للتحرك على أساسه في المستقبل. يرتبط بذلك نقص حاد في المواد الغذائية، وارتفاع متواصل في الأسعار نتيجة هذا النقص وإلغاء الدعم، مع هبوط متواصل في سعر الروبل مقوماً بالدولار.

       كانت الأولوية الأولى للجمهوريات المستقلة هي، إعادة ترتيب البيت داخل كل جمهورية على حدة، وقد برزت هذه الأولوية في كافة السياسات والمواقف، خاصة في ظل ظروف الأزمة التي عانتها هذه الدول، وكان هناك اتجاهان؛ أولهما يقف ضد التوجه الخارجي بشكل عام، والآخر يتجه إلى دعم التعاون مع كافة القوى الدولية والإقليمية.

       أما الأولوية الثانية فقد تركزت في العمل على تسوية مشكلات العلاقات البينية بين الجمهوريات المستقلة، وذلك لأسباب وضرورات اقتصادية وأمنية واضحة، وكذلك بفعل التداخلات الحادثة في التركيب القومي ومشكلات الحدود وما إلى ذلك.

       وتتمثل الأولوية الثالثة في التوجه إلى الغرب مع نزعة الاستدارة للجنوب، وكان الانسحاب من الجنوب قد بدأ في عملية البريسترويكا، وتثير هذه الأولوية، بشكل عام، مسألة العلاقات الخارجية لرابطة الدول المستقلة، فهناك توجه نحو الغرب بصفة عامة، ونحو الولايات المتحدة الأمريكية بصفة خاصة، وينطلق هذا التوجه من أن الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك تأثيراً كبيراً في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي،علاوة على القضايا المعلقة بينهما في مجالات نزع السلاح والسيطرة على الترسانة النووية السوفيتية.

       وتأتي الأولوية الرابعة، وهي العلاقات مع دول الجوار الإقليمي تحت تأثير عوامل واضحة على كافة المستويات الثقافية والسياسية والاقتصادية، وهنا تبرز فيما يتعلق بالجمهوريات الإسلامية أولوية منطقية للعلاقات مع تركيا وإيران بالمقارنة مع الوطن العربي، بمعنى أن العلاقات مع الوطن العربي تأتي في مرتبة متأخرة في الاتحاد السوفيتي.

العلاقات العربية مع الجمهوريات المستقلة:

       إن الأوضاع الجديدة تطرح التساؤل حول السياسات التي ستتبعها كل جمهورية تجاه العالم العربي، ومدى توافقها أو تعارضها مع ما استقر من سياسة سوفيتية في الماضي، ثم الاحتمالات السياسية والاقتصادية التي ستترتب على ما حدث من متغيرات.

       ومن الواضح أنه ليست هناك اختلافات رئيسية بين الجمهوريات حول الخطوط المهمة للسياسة الخارجية التي أتبعها الاتحاد السوفيتي تجاه العالم العربي، ولكن ذلك لا يمنع من مواقف قد تكون أكثر تميزاً وخصوصية بالنسبة لجمهوريات وسط آسيا الإسلامية الست[1] وأرمينيا وجورجيا.

       وإذا كانت عضوية جمهوريات الكومنولث قد قبلت في مؤتمر التعاون والأمن الأوروبي، فإن الهدف لا يعدو أن يكون ضماناً إضافياً خاصاً بالالتزام باتفاقات الحدّ من التسلح النووي، وعدم الانتشار النووي، واحترام حدود كل جمهورية، حتى لا تبدأ حروب حدودية أخرى بين هذه الجمهوريات.

       ولكن انضمام هذه الجمهوريات إلى مؤتمر التعاون والأمن الأوروبي لن يغير من الوضع الجيوبولتيكي لجمهوريات وسط آسيا الإسلامية، بصفتها تقع في منطقة الشرق الأوسط من جهة وانضمامها إلى منظمة المؤتمر الإسلامي من جهة أخرى. وهذا الوضع الجديد وما ارتبط من نشاط سياسي واقتصادي متميز من جانب تركيا وإيران يثير المخاوف العربية حول احتمالات بناء تحالفات بين دول الجوار، وورثة الاتحاد السوفيتي على حساب المصالح العربية.

       ويمكن في مجال تحديد المخاطر الإشارة إلى ما يلي:

  1. أن تشكل هذه المجموعة تكتلاً سياسياً واقتصادياً جديداً تحت زعامة تركيا، ويتمشى مع هذا الاتجاه تشكيل مجموعة دول البحر المتوسط التي اقترحتها تركيا.
  2. تعاون هذه الجمهوريات مع إيران في المجال النووي، الذي من شأنه إعطاء دفعة قوية للبرنامج النووي الإيراني.

       إن ما نلمسه من نشاط تركي إيراني يسمح بإثارة مثل هذه المخاوف خاصة وأن الدور التركي يتوافق مع ما هو مطلوب، ويسمح بزعامة تركية إسلامية متجددة في المنطقة لصالح الإستراتيجية الغربية.

       والذي يخفف من المخاطر السابقة:

  1. أنه برغم الأواصر الثقافية والعرقية بين هذه الجمهوريات وإيران وتركيا إلا أنها ستتوافق في سياساتها مع سياسة موسكو بالنسبة للعلاقات مع العالم العربي من جهة، ثم ما لها من رغبة قوية في أن تكون لها علاقات متميزة وخاصة مع المشرق العربي بحكم الروابط الإسلامية والثقافية على مدى عدة قرون مع دوله.
  2. أن السياسة المصرية متنبهة إلى هذه المتغيرات، ولذلك اتخذت خطوات متلاحقة بالاعتراف السياسي وإقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية وإيفاد بعثة حكومية تضم عدداً من الوزراء ورجال الأعمال لإرساء أسس العلاقات مع هذه الجمهوريات بما يتمشى مع أوضاعها الجديدة.

ومن جهة أخرى تحرك الأزهر الشريف وقدّم خمسين منحة للدراسة به تجديداً للروابط بينه وبين المؤسسات الدينية الإسلامية في الجمهوريات الآسيوية ومسلمي القوقاز، ولكن مثل هذا التحرك السياسي والديني لا يكفي لبناء سياسة متكاملة تضع في حسبانها الأوضاع الجديدة في منطقة الشرق الأوسط والتي أفرزتها هذه المتغيرات.

ملامح العلاقات العربية مع الجمهوريات المستقلة

الطرف الأول ورثة الاتحاد السوفيتي:

  1. مجموعة دول البلطيق:

       وهي جمهوريات يمكن القول بأنها انفصلت عن الاتحاد السوفيتي في مرحلة سابقة على انحلال الاتحاد أو اختفائه وهذه الجمهوريات سيكون توجهها إلى الشمال أي إلى الدول النوردية[2] حيث ترجع إليها جذورها وتتشابك روابطها البشرية والتاريخية، وهناك محاولة تقودها ألمانيا لإنشاء تجمع لدول بحر البلطيق يضم هذه الجمهوريات. كما أن توجهها سيكون شمالاً وغرباً، ولن تكون هناك من المصالح التجارية أو الاقتصادية الخاصة ما يدفعها إلى التوجه جنوباً في اتجاه الدول العربية، إلا إذا استحكمت الخلافات بينها وبين روسيا الاتحادية فامتنعت عن إمدادها بالبترول والغاز وحتى في هذه الحالة، فإنها لن تلجأ إلى استيراد ذلك من الدول العربية المنتجة للبترول قبل أن تستنفذ إمكانات الاستيراد من النرويج وهي إحدى دول المجموعة النوردية.

  1. المجموعة السلافية:

       وتضم جمهوريات إعلان منسك وهي روسيا الاتحادية وأوكرانيا. وبيلاروسيا.

أ.   روسيا الاتحادية:

       أصبحت مشكلات روسيا الاقتصادية تحجب عنها أية اهتمامات أو متابعات خارجية، خاصة مع دول العالم الثالث. وقد بدا هذا واضحاً في تناولها لمشكلة الشرق الأوسط سواء قبل مؤتمر مدريد أو في مؤتمر مدريد أكتوبر 1991، وموسكو يناير عام 1992، حيث ظهر للجميع أن روسيا أصبحت تسير في ظل الولايات المتحدة الأمريكية.

ب. أوكرانيا:

       وعلى قدر الحيرة التي كان يعانيها مسئولو روسيا الاتحادية، كان وضوح الرؤية لدى المسؤولين في أوكرانيا فهم جادون في فصل سياستهم واقتصادياتهم عن الجارة الكبرى روسيا الاتحادية، كما يتميزون عليها بأنهم ليست لديهم عشرات المشكلات العرقية التي تهددهم.

       إن حوالي ربع سكان أوكرانيا من الروس، إلا أن هذه الأقلية الضخمة صوتت لصالح استقلال أوكرانيا، وإن كان يمكن تفسير ذلك بأنه كان تصويتاً لصالح إسقاط الاتحاد السوفيتي. وأوكرانيا دولة غنية زراعياً وصاحبة قاعدة صناعية عريضة وتسير توجهاتها في اتجاه الغرب، إلا أنها تتجه في الوقت نفسه تجاه العالم العربي لتسويق منتجاتها.

ج. بيلاروسيا:

       وتتجه توجهاتها ناحية الغرب والتعاون مع روسيا الاتحادية.

  1. مجموعة جمهوريات القوقاز ومولدافيا:

       وتتجه هذه الدول ناحية الشمال أي في اتجاه روسيا الاتحادية وأوكرانيا وإن كانت أرمينيا ستحاول إقامة مصالح مشتركة مع تركيا، كما ستعزز مولدافيا علاقاتها برومانيا. كما ستتجه هذه الجمهوريات لإقامة علاقات تجارية مع الدول العربية.

  1. الجمهوريات الإسلامية:

       ويمكن تلخيص أهم الملامح التي تشترك فيها هذه الجمهوريات على الوجه التالي:

أ.   أنها سعيدة بالانفصال عن المركز والدولة الأم وبإجراء اتصالات مباشرة مع العالم الخارجي.

ب.              أنه سيدور تنافس بين أوزبكستان صاحبة الأغلبية العددية من الأوزبك المنتشرين في معظم الجمهوريات الأخرى، وبين كازاخستان صاحبة الثروات الطبيعية ومقر الأسلحة الاستراتيجية والتي يتزعمها رئيس على مستوى عال من التوجه السياسي.

ج. تغيير اتجاه صادراتها ووارداتها عن الشمال الغربي حيث تقع روسيا الاتحادية، حيث إنها جمهوريات لا تطل على بحار مفتوحة وأن تكاليف توجه تجارتها نحو الجنوب باهظة، فبالنسبة لتركمانستان وأذربيجان يمكن لهما الوصول إلى الخليج العربي عبر إيران، وبالنسبة لطاجكستان وقرقيزستان وأوزبكستان وكازاخستان سيكون الوصول إلى بحر العرب عبر أفغانستان وباكستان أو ربما عبر تركمنستان وإيران.

    فمحاولة تسويق صادراتها في غير روسيا هي محاولة محفوفة بالصعاب نظراً لعدم وجود الطرق المناسبة وفداحة تكاليف إنشاء هذه الطرق وتكاليف النقل نفسه، هذا إذا وجدت أسواق أخرى لصادراتها.

د.   أنها في حاجة إلى استثمارات ضخمة للبدء في تصنيع المواد الخام التي تنتجها مثل القطن، بدلاً من إرسالها إلى روسيا لتصنيعها. كما أنها تحتاج رؤوس أموال ضخمة لتسهيل مواصلاتها واتصالاتها وإنشاء وتدعيم بنيتها التحتية.

هـ. حاجة هذه الجمهوريات، وكلها ذات مستوى تعليم مرتفع بما فيه التعليم الفني والجامعي، إلى تدريب الكوادر على فنون الإدارة الحديثة، وفي هذا تتفوق تركيا علي أية منافسة من أية دولة أخرى حيث أنها يمكنها تدريب هذه الكوادر بسبب اللغة.

و. حاجة هذه الجمهوريات إلى العودة إلى جذورها الروحية، أي إلى الدين الإسلامي واللغة العربية القريبة له، وهنا يبرز دور الأزهر.

ز. أن كل هذه الجمهوريات تحتوي على أقليات روسية كبيرة، تكاد تعادل السكان الوطنيين في كازاخستان، وهم يمثلون الخبرة الإدارية والفنية في المصانع ودور الحكومة ويستمرون في أداء دور مهم في تسيير أمور هذه الجمهوريات لوقت طويل.

    هذا ويهمنا أن نلاحظ الآتي:

(1) أن هذه الجمهوريات، عدا كازاخستان، قد وافقت على انضمامها في السادس من فبراير 1992 إلى منظمة التعاون الاقتصادي E.C.O التي تضم تركيا وإيران وباكستان.

(2) أن كل رؤساء الجمهوريات الإسلامية، فيما عدا طاجكستان، زاروا تركيا ووقعوا معها اتفاقيات تعاون، كما أن تركيا عينت سفراء لها في كل الجمهوريات الإسلامية.

       وبذلك تبرز تركيا مرة أخرى محوراً للجمهوريات الإسلامية، وان كانت إيران يمكن أن تعادل هذا التفوق بعض الشيء حيث أنها تعدّ معبراً لبعض هذه الجمهوريات إلى البحر، فضلاً عن اشتراكها في المذهب الشيعي مع أذربيجان.

الطرف الثاني الدول العربية:

       ويمكن تقسيم هذه الدول بالنسبة لعلاقاتها مع الاتحاد السوفيتي السابق كالآتي:

  1.  دول تعتمد على السلاح السوفيتي والدعم السياسي السوفيتي وهي سورية التي نجحت بسبب حرب الخليج في فتح الجسور والمعابر مع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب.
  2.  دول ذات علاقة طيبة مع الاتحاد السوفيتي وتشمل الجزائر واليمن وليبيا والسودان.
  3.  دول ذات علاقات اقتصادية واسعة مع الاتحاد السوفيتي وهي مصر التي تعتمد في تسويق كثير من صادراتها غير التقليدية على السوق السوفيتي وحده. كما تعتمد على استيراد الإنتاج الصناعي السوفيتي وبعض المواد الخام الاستراتيجية كالفحم والخشب والورق.

     ومن هنا يأتي الاهتمام بحلفاء الاتحاد السوفيتي من جمهوريات الكومنولث التي يمثل بعضها مصدراً لآلات ومعدات رخيصة وجيدة وقطع غيار لازمة للمصانع.

  1.  دول ذات علاقة عادية مع الاتحاد السوفيتي كموريتانيا والمغرب وتونس والكويت والسعودية والإمارات..الخ.

المصالح الاقتصادية العربية مع جمهوريات رابطة الدول المستقلة:

       كانت العلاقات الاقتصادية العربية مع الاتحاد السوفيتي تدور حول ثلاثة موضوعات : التجارة الخارجية، والمعونات الاقتصادية: ونقل التكنولوجيا السوفيتية إلى الصناعة والزراعة العربية. وبصفة عامة، كانت التجارة العربية مع الاتحاد السوفيتي تدور حول نسبة 1% من إجمالي التجارة الخارجية العربية، وبالذات خلال السنوات الخمس الأخيرة من عمر الاتحاد السوفيتي، ولكن تلك النسبة كانت ترتفع في حالة بعض الدول العربية. فقد زادت صادرات سورية إلى الاتحاد السوفيتي من 13.6%، إلى 45% من إجمالي صادراتها خلال عامي 1984، و1990 على التوالي. بينما بلغت وارداتها من الاتحاد السوفيتي خلال العامين المذكورين 9%، 6.5%. وخلال الفترة نفسها تغيرت صادرات وواردات مصر إلى ومن الاتحاد السوفيتي من 6.6% إلى 9%، ومن 3.5% إلى 3.1%، والسودان من 6.5% إلى 6.6 % للصادرات،0.1% إلى 0.5% للواردات، وليبيا من 2.4% إلى 1.7% للصادرات، 2.0% إلى 2.5% للواردات، والمغرب من 2.6% إلى 1.1% للصادرات، 2.7% إلى 3.7% للواردات، والعراق من 0.6% إلى 0.1% للصادرات، 10.9% إلى 0.4% للواردات، وتونس من 0.4% إلى 1.5% للصادرات، من 2.1% إلى 2.7% للواردات. وتوضح هذه الأرقام تدنى نسبة التجارة العربية مع الاتحاد السوفيتي مقارنة بإجمالي التجارة الخارجية العربية، وأن الاتحاد السوفيتي كان مستورداً للمنتجات العربية أكثر منه مصدراً للأسواق العربية، فالصادرات العربية كانت في معظم الحالات أعلى من الواردات من الاتحاد السوفيتي، كما أن سورية ومصر وليبيا والعراق والجزائر والمغرب والسودان تعدّ أهم الشركاء التجاريين العرب للاتحاد السوفيتي السابق، وهناك مصانع عربية محددة تعتمد في استمرارها على تصدير إنتاجها للسوق السوفيتية، منها 250 مصنعاً في مصر وحدها.

       كذلك، فإنه من خلال اتفاقات التعاون الاقتصادي والفني التي عقدها الاتحاد السوفيتي مع عدد من الدول العربية، ساعد في بناء وتوسيع حوالي 445 مشروعاً اقتصادياً في الدول العربية، وتشمل المساعدات السوفيتية أعمال التصميم والتنقيب والبحث العلمي، وتقديم الآلات والخبراء، والمساعدة الفنية والتدريب، وإنشاء المعاهد التعليمية والتكنولوجية، وفي هذا الإطار قدم الاتحاد السوفيتي قروضاً ميسرة طويلة الأجل مثلت حوالي 40% من إجمالي مساعداته التنموية لدول العالم الثالث.

       وقد تضاءل حجم المعونات والمساعدات التكنولوجية السوفيتية للعرب منذ أوائل الثمانينيات أي قبل وصول الرئيس السوفيتي ميخائيل جورباتشوف إلى السلطة، وتزايد هذا الاتجاه منذ عام 1985، انعكاساً لاتجاه الاتحاد السوفيتي والدول العربية إلى الاندماج في السوق الاقتصادية الرأسمالية العالمية، ولكن رغم هذا التضاؤل تظل لبعض الدول العربية، كمصر وسورية والجزائر والمغرب، مصالح اقتصادية مهمة في الجمهوريات التي ورثت الاتحاد السوفيتي.

       من استعراض الخبرة المصرية، نجد أن المصالح الاقتصادية العربية في جمهوريات الرابطة، التي تبلورت إلى شكل معين، خلال فترة حكم الرئيس السوفيتي ميخائيل جورباتشوف ليست مهددة بشكل عاجل أو مباشر.

       فحوالي 80% من التبادل التجاري المصري ـ السوفيتي كان يتم مع مؤسسات تقع في روسيا، وبالتالي فإن هذا التبادل يمكن ضمان استمراره من خلال تطوير آليات للتعاون مع دولة واحدة وهي روسيا، ويلاحظ أن الميزان التجاري المصري السوفيتي عام 1990 كان لصالح مصر بمبلغ حوالي 265 مليون جنيه مصري حيث وصلت قيمة الصادرات المصرية بنحو مليار جنيه مصري، في مقابل الصادرات السوفيتية التي وصلت إلى 773 مليون جنيه مصري.

       ومع إعلان إنشاء رابطة الدول المستقلة عقدت مصر وروسيا في 26 ديسمبر 1991 اتفاقية لتنظيم مبادلات تجارية قيمتها 200 مليون جنيه مصري مناصفة بين الدولتين، كما توجه عدد من رجال الأعمال المصريين إلى إقامة مشروعات مشتركة مع عدد من الجمهوريات المستقلة، وقد أوضحت الجولة التي قام بها الوفد الاقتصادي المصري إلى بعض الجمهوريات المستقلة في 19 يناير 1992 أن الشق الأكبر من المصالح الاقتصادية المصرية يمكن تطويره، بل من الممكن فتح أفاق أخرى لمصالح جديدة فقد اتفق الوفد مع المسئولين في حكومة روسيا على استمرار التعاقدات القديمة وتوريد المعدات المتفق عليها بنفس الشروط والأسعار مع إجراء ترتيبات مصرفية جديدة. وفي مجال الكهرباء تم الاتفاق على استمرار روسيا في توريد معدات محطات كهرباء على أن تودع قيمة هذا الجزء في بنك مصري تصرف منه المؤسسة الروسية لشراء بضائع مصرية تصدر إلى روسيا، كذلك تم الاتفاق على إقامة بنك مشترك مصري ـ روسي، وتوريد محطات توليد للكهرباء تعمل بالديزل تسدد قيمتها بالجنيه المصري في صورة سلع مصرية إلى روسيا، كذلك تم اتفاق على توريد محولات ومهمات تطوير السد العالي ومحطات المحولات على أن تسدد قيمتها مقابل بضاعة مصرية بنسبة100%.

       كذلك، اتفقت مصر وأذربيجان على إقامة بنك مشترك، ووقع وزير اقتصاد كازاخستان اتفاقية تجارية في مصر في فبراير 1992، وعبرت الجمهوريات الأخرى عن رغبتها في تطوير علاقات اقتصادية مع مصر، فقد أكدت أوكرانيا أنها ستلتزم بتنفيذ العقود التي تم وقعت عليها مصر والاتحاد السوفيتي القديم، على أن يستمر نصيب أوكرانيا فيها بالأسعار والشروط ذاتها التي كان متفقاً عليها من قبل.

       والواقع أن المصالح الاقتصادية العربية مع الجمهوريات المستقلة يمكن أن تتطور إلى أفاق أرحب إذا تمت بلورة استراتيجية عربية تجمع بين المقدرة المالية الخليجية على توفير الائتمان والقدرة الاقتصادية لدول المشرق العربي وشمال أفريقيا على توفير السلع والخدمات، لبناء علاقات اقتصادية جديدة، خاصة أن الخطر الأساسي الذي يواجه المصالح الاقتصادية العربية مع تلك الجمهوريات هو خطر دخول قوى اقتصادية كبرى لتقديم الائتمان الميسر. وعلى سبيل المثال فقد قدمت ألمانيا واليابان وتركيا تسهيلات ائتمانية لبعض الجمهوريات لاستيراد سلع وخدمات منها، كما أن كوريا الجنوبية وتايوان وهونج كونج دخلت هي الأخرى حلبة المنافسة، كما أن المصدرين العرب، اعتادوا التعامل مع سلطة مركزية سوفيتية واحدة في إطار اتفاقات حكومية للتجارة والدفاع وهو أمر لم يعد قائماً.

محددات التعاون الخليجي مع جمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية

  1. محددات العلاقات السياسية.

       في أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي، برزت العديد من الصعاب في مجالات العلاقات السياسية الخليجية مع دول آسيا الوسطى الإسلامية للآتي:

أ.   أن هذه الجمهوريات لم يتجاوز حصولها على الاستقلال سوى فترة قصيرة، وقبل ذلك كانت تتبع للاتحاد السوفيتي وما يحمله ذلك من أبعاد أيديولوجية متمثلة في الماركسية، وما تحمله من تيارات علمانية لا تولى الدين أي أهمية.

ب.              أن مجموعة الدول الخليجية ارتبطت بعد استقلالها بارتباطات اقتصادية وسياسية وأمنية بالعالم الغربي، ولم يكن ذلك إلا على حساب العلاقات مع الاتحاد السوفيتي في فترة الحرب الباردة.

ج. أن مرتكزات العلاقات بين دول الخليج والاتحاد السوفيتي السابق ارتبطت أساساً بمرتكزات اقتصادية وثقافية.

       أما عن موقف دول الخليج من استقلال الجمهوريات الإسلامية، فقد كان مؤيداً لهذا الاستقلال بل بادرت بالاعتراف بها فور استقلالها.

  1. محددات العلاقات الاقتصادية:

       يؤدي العامل الاقتصادي دوراً مهماً في مجال العلاقات السياسية بين دول الخليج وبين هذه الجمهوريات ليس فقط بالنظر إلى الحاجة الملحة لهذه الجمهوريات للمعونات والمساعدات الاقتصادية، ولكن بالنظر كذلك إلى أن هذه الجمهوريات ستكون مصدراً للعمالة الفنية المدربة، يضاف إلى هذا أن هذه الجمهوريات تعدّ سوقاً خصبة للاستثمارات المالية لدول الخليج، فهي بمثابة الأرض البكر التي يمكن استغلال كل رقعة فيها.

       هذا وقد برزت الحاجة إلى أهمية دعم العلاقات العربية بصفة عامة والخليجية بصفة خاصة مع هذه الجمهوريات، خاصة مع قيام إسرائيل بافتتاح 60 مكتباً دبلوماسياً وقنصلياً وتجارياً في جمهوريات رابطة الكومنولث، كما اتجهت كل من تركيا وإيران لدعم علاقاتها في كافة المجالات معها، وهذا ما يؤكد على أهمية تحقيق التقارب والتعاون الاقتصادي بين الدول العربية وجمهوريات آسيا الوسطي الإسلامية في المجالات التالية:

أ. المجال الصناعي والزراعي:

       فمن المعروف أن اقتصاديات بعض هذه الجمهوريات يعتمد على النفط، خاصة أذربيجان، علاوة على استخراج المواد الخام الحديد، والنحاس، وزراعة القطن، والشاي، والتبغ، والأرز، والدول الخليجية مطالبة بملء الفراغ الاقتصادي في هذه المنطقة بما تمتلك من استثمارات يمكن أن تتجه إلى استخراج النفط والصناعات الكيميائية والتعدين والسياحة.

ب. المعونات الاقتصادية:

       حيث يمكن تخصيص نسبة صغيرة من دخل البترول مساعدات اقتصادية لهذه الدول ويمكن أن يتم ذلك من خلال الاتفاقات الثنائية أو من خلال صندوق الدعم الإسلامي للتنمية.

ج. إنشاء بعثات قنصلية وتجارية:

       بما يشجع إلى زيادة حجم التجارة البينية الخليجية مع دول آسيا الوسطى، خاصة وأن هذه الجمهوريات تتمتع بنسب كبيرة في إنتاج المواد الخام خاصة الفوسفات، واليورانيوم، والنحاس، والرصاص، والقصدير، والكروم، والزئبق وغيرها، وهذا سوف يؤدي إلى فتح المجال أمام التبادل التجاري بينها.

  1. في المجال الديني:

       يؤدي العامل الديني دوراً أساسياً في إقامة العلاقات السياسية، نظراً لاعتبارات العقيدة الواحدة والثقافة الإسلامية، ويمكن أن يتم هذا التعاون في إطار اتفاقيات ثنائية أو جماعية، تتولى دول الخليج العربي بمقتضاها تقديم منح دراسية وإرسال الدعاة والمصاحف والكتب الدينية وإنشاء المساجد وإقامة المعاهد الدينية والمراكز والجامعات الإسلامية، وكذلك إيفاد أعداد كبيرة من علماء الدين ومدرسي اللغة العربية والمقرئين.

  1. التعاون في المجال التصنيع الحربي.

       تمتلك هذه الجمهوريات قاعدة كبيرة لتصنيع الأسلحة والمعدات، ومن خلال إبرام العديد من الاتفاقيات معها، يمكن إيجاد قاعدة تصنيع حربي قوية لدى العالم العربي بصفة عامة ودول الخليج بشكل خاص كما يمكن التعاون في إطار تبادل الخبرات العسكرية وفي مجال العلوم والفضاء والاستخدام النووي للأغراض السلمية بإنشاء مفاعلات نووية لهذا الغرض.

العلاقات الإسرائيلية مع الجمهوريات المستقلة

       اتجهت إسرائيل، منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، إلى زيادة حجم التعاون في كافة المجالات مع جمهوريات الكومنولث بصفة عامة، وجمهوريات آسيا الوسطى وما وراء القوقاز بشكل خاص.

       وتحاول إسرائيل، في هذا المجال، تحقيق مكاسب اقتصادية، حيث يعدّ ذلك هدفاً رئيساً للتغلغل في هذه الدول، من أجل تحقيق أهداف سياسية، علاوة على التأكيد على أنها دولة عصرية ذات تقدم تكنولوجي وحضاري على مستوي عال، وتشير إلى امتلاكها تجربة فريدة ورائدة يمكن أن تستفيد منها جمهوريات آسيا الوسطى والقوقاز، أضف إلى ذلك أنها تسعى لتنفيذ أهداف أخرى وهي تغيير سياسات هذه الجمهوريات تجاهها لتضمن استمرار فتح باب الهجرات اليهودية إليها، وزيادة التقارب معها في المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية، خاصة في مجال الفضاء ومن ثم سعت إسرائيل إلى تأكيد هذا التعاون في النواحي التالية:

  1. في المجال الاقتصادي:

       أن الطاقة الهائلة الكامنة في سوق هذه الجمهوريات والتي يبلغ عدد سكانها 40 مليون نسمة تجتذب بشدة رجال أعمال ومستثمرين ورجال صناعة من دول كبيرة. وبطبيعة الحال فقد استطاعت إسرائيل أن تجند خبرات سوفيتية من اليهود، الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا الغربية للاستفادة منهم واتخاذهم وسطاء، تتعاون معهم، وباستخدام رؤوس أموال أمريكية، من أجل تحقيق كسباً مادياً،علاوة على تغلغل رؤوس الأموال الغربية داخل هذه الجمهوريات وفتح الأسواق أمامها، فهي تسعى لأن يكون لها تواجد وركائز قوية داخل هذه الجمهوريات. وتتركز الاهتمامات الإسرائيلية في المجالات التالية:

أ. استيراد أخشاب البناء:

       حيث تعد منتجات الأخشاب في هذه الجمهوريات مناسبة لعمليات البناء والأثاث، لذا تهتم إسرائيل بالحصول على هذه الأخشاب، وفي المقابل تقدم الخبرة والاستثمارات والمواد الغذائية ومنتجات النسيج والمنتجات الزراعية.

ب. إقامة مشاريع زراعية وصناعية مشتركة:

       فقد أُقيمت في جمهوريات أزربيجان وكازاخستان وأوزبكستان وجورجيا وأرمنيا عدة مشروعات زراعية متكاملة، علاوة على تصنيع الأسمدة الكيميائية ومواد ومعدات الري ويشترك في هذه المشروعات اقتصاديون من الكيبوتزات الإسرائيلية، وقد تم الاتفاق مع بعض هذه الجمهوريات على الاستيراد من إسرائيل المواد الأساسية اللازمة للزراعة مثل أنابيب الري، والمعدات الزراعية، علاوة على توريد الخبرة في مجال زراعة المحاصيل وأسلوب الري باستخدام وسائل ومعدات وأساليب إسرائيلية حديثة، بالإضافة إلى استخدام الطاقة الشمسية في المنازل.

ج. بيع فائض المعدات:

       تتوافر لدى إسرائيل مصانع ذات كفاءة عالية في تحقيق فائض إنتاج في مجال التعبئة والتغليف سواء كانت عبوات ورقية أو من البلاستيك، وقد قامت هذه المصانع بالاتفاق مع هذه الجمهوريات على القيام بعمل مشترك، يتم من خلاله تصدير المنتجات إلى الدول الغربية، ثم يباع فائض المعدات الإسرائيلية في أسواق هذه الجمهوريات، وفي نطاق شروط صفقات الشراكة المميزة التي يستفيد منها الاقتصاد الإسرائيلي بالحصول على 50% من العائد، علاوة على الحصول في مقابل المعدات على نصف ملكية المشروع.

       وترى إسرائيل أن سوق هذه الجمهوريات يمثل مجالاً حيوياً للتوسع التجاري. وهكذا تسعى إسرائيل بكل جهودها معتمدة على خبرتها العريقة في السوق الغربية وعلى إنتاجها المتميز لمصنوعات نجحت فيها وبمعاونة رؤوس الأموال الغربية، لفتح أسواق تجارية في هذه الجمهوريات.

  1. التعاون في مجال البترول:

       ترى إسرائيل أهمية حصولها على النفط الخام من إنتاج هذه الجمهوريات وبأسعار مقبولة تغطي لها معظم احتياجاتها في مقابل تصدير الفائض من المواد الزراعية والغذائية، وقد خططت إسرائيل للتعاون مع هذه الجمهوريات في مجالات الصناعات الاستخراجية وصناعة البتروكيماويات في مقابل الحصول على نسبة من الإنتاج، والقيام بتسويق هذه المنتجات في سوق الدول الغربية وتعاونت إسرائيل مع الولايات المتحدة الأمريكية الدخول في مشروعات بترول بحر قزوين من أجل استخراج وتسويق هذا البترول ومد خط أنابيب من مصادر الإنتاج إلى البحر المتوسط، وقد خلق هذا المشروع تواجداً ضخماً لكل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في هذه المنطقة، مما أزعج إيران بشكل كبير وعدّته تهديداً لأمنها القومي.

       هذا وتدرك إسرائيل أن أمامها فرصة رحبة للتعاون الاقتصادي مع جمهوريات الكومنولث، وفرصة لإقامة اتفاقيات تعاون تجارية معها. وتعطي إسرائيل أهمية كبيرة للحصول على المواد الخام وفتح أسواق لها داخل هذه الجمهوريات.هذا وتمتلك جمهوريات آسيا الوسطى بمفردها ما يمثل النسب التالية من المواد الخام من إنتاج الاتحاد السوفيتي السابق نفط 52% ـ فوسفات 92% ـ القطن 96% ـ اليورانيوم 90% ـ النحاس 76% ـ الرصاص 86% ـ الكروم 90%.

       وتتوقع إسرائيل أن هذه المواد ستحقق لها كسباً كبيراًُ من خلال فتحها لأسواق تجارية مع هذه الجمهوريات، كما أن تجارتها الخارجية تزداد بمعدل كبير معها، خاصة وأنها تستطيع الحصول على الأموال من المؤسسات المالية العملاقة في الغرب وبخاصة المملوكة لليهود.

  1. التعاون في المجال العلمي والتقني:

أ. في مجال العلوم:

       استطاعت إسرائيل اجتذاب نحو 650 عالماً في مجالات أبحاث الفضاء والمجال النووي ومجالات أخرى، من بعض جمهوريات الكومنولث، علاوة على هجرة أكثر من 1500 عالم من روسيا الاتحادية. وأنشأت لهم مراكز علمية في كل صرفند، وبيت جان، وبئر السبع، وعتليت، ويافا. هذا وتعطي إسرائيل اهتماماً كبيراً في مجال الفضاء، حيث وقعت اتفاقاً مع جمهورية كازاخستان لإطلاق الأقمار الصناعية المشتركة، هذا بالإضافة إلى مجالات أخرى للتعاون تهدف إلى تطوير التكنولوجيا الإسرائيلية.

ب. في المجال التقني:

       تستند إسرائيل في هذا المجال على البنية التحتية في العديد من المجالات التي تتم عن طريق:

(1)      تبادل الزيارات بين الخبراء والفنيين للتدريب وتطوير علاقات التعاون في المجال التقني.

(2)      المشاركة في مؤتمرات علمية من جانب إسرائيل في هذه الجمهوريات خاصة في مجالات الهندسة التطبيقية، وميكنة الأرض، والأبحاث الجيولوجية.

(3)      التعاون في مجالات البحث العلمي والتطوير والإنتاج في مختلف المجالات، خاصة الزراعة.

(4)      إقامة المعارض الإسرائيلية في جمهوريات الكومنولث وبصفة أساسية في مجالات الزراعة والصناعة والمعدات الطبية والمعدات الإلكترونية.

(5)      إقامة مشروعات مشتركة في عدة مجالات تعتمد على البناء العلمي والتكنولوجي لإسرائيل من أجل دعم علاقاتها الاقتصادية وتصدير معداتها المتطورة.

(6)      استخدام المعونات الاقتصادية الأمريكية – المشجعة لهذا التعاون – لتقديم الخبرات الفنية من أجل دعم نفوذها داخل هذه الجمهوريات.

  1. التعاون في مجال التصنيع الحربي:

       تدرك بعض هذه الجمهوريات خاصة جمهوريات آسيا الوسطى والقوقاز، أن هذا هو عصر التكنولوجيا والانفتاح على العالم. ومن ثم ترى أهمية الاستفادة من التقدم الإسرائيلي في مجال صناعة السلاح وتطويره، خاصة أنه قد ثبت لبعضها، أهمية بناء قوات مسلحة قوية لمواجهة الصراعات التي تواجهها في الحاضر أو المستقبل، وبطبيعة الحال سيفتح ذلك لإسرائيل سوقاً لبيع أسلحتها، خاصة وأنها ذات سعر منخفض نسبياً عن السوق العالمية وتتميز بالتكنولوجيا المتقدمة، وفي المقابل ستؤدي هذه الفرصة لدعم الاقتصاد الإسرائيلي.

       منذ بداية عام 1993، سعت بعض جمهوريات آسيا الوسطى والقوقاز إلى التعاون في مجال التسليح مع إسرائيل، للحصول على التكنولوجيا الإسرائيلية. كما قامت عدة علاقات للتعاون بين بعض المصانع والشركات الإسرائيلية مع هذه الجمهوريات، خاصة ما يتعلق بالتصنيع الحربي ومنها على سبيل المثال:

أ.      تطوير بعض نظم التسليح وإدخال التحسينات والتعديلات اللازمة على البعض منها.

ب.      إنشاء شركات مشتركة تعمل في مجال تطوير نظم التسليح، مع الاستفادة من المواد الخام المتيسرة بها.

ج.      تصدير بعض النوعيات من الأسلحة الإسرائيلية الصنع مثل الأسلحة الخفيفة والقواذف الصاروخية للدبابات وبعض معدات التسليح المتوسطة والمعدات الإلكترونية والبصرية.

د.    قيام برامج مشتركة لتطوير بعض النوعيات من الطائرات، خاصة ما يتعلق منها بأجهزة التوجيه والمراقبة وتشغيل الأسلحة.

       هذا وتقوم هيئة صناعة الطائرات الإسرائيلية، بتطوير المفاعلات الروسية عن طريق تزويدها بأجهزة رادار وتكنولوجيا غربية، كما تسعى الهيئة لاجتذاب عملاء جدد من دول أوروبا الشرقية. وبهذا تستطيع إسرائيل أن تنفذ من زاوية التسليح كنقطة بداية يتبعها مجالات أخرى عديدة.

المصادر والمراجع

أولاً: المراجع العربية

ندوات:

  1.  أحمد عبدالحليم، “روسيا وتحركها تجاه آسيا”، ندوة بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، جامعة القاهرة، 1997.
  2.  طه عبدالعليم، “الدور الروسي في النظام العالمي الجديد”، ورقة مقدمة إلى ندوة، مفهوم آليات النظام العالمي الجديد، مركز البحوث والدراسات السياسية، جامعة القاهرة، ديسمبر، 1992.
  3.  طه عبدالعليم، “انهيار الاتحاد السوفيتي وتأثيراته على الوطن العربي”، ندوة مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، مؤسسة الأهرام، القاهرة، 22 ـ 23 فبراير 1992.
  4.  علي الدين هلال، “الموقف الأمريكي والسوفيتي أثناء حرب أكتوبر 1973″، الندوة الإستراتيجية، حرب أكتوبر بعد 25 عاماً، المحور السياسي، أكتوبر1998.

دراسات/ تقارير/ نشرات معلومات:

  1.  تقرير الإستراتيجي العربي 1991، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، الأهرام، القاهرة،1992.
  2.  تقرير الإستراتيجي العربي 1992، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، الأهرام، 1993.
  3.  تقرير وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون”، الجزء الخاص بالقوة العسكرية السوفيتية، واشنطن، أكتوبر 1981.
  4.  حسن أبو طالب وآخرون، “تفكك الدولة السوفيتية”، التقرير الإستراتيجي 1991، الأهرام، القاهرة، 1992.
  5.  حسن أبو طالب وآخرون، “تقنين التحول السياسي في أوروبا الشرقية”، التقرير الإستراتيجي العربي1990، الأهرام، القاهرة 1991.
  6. شعيب عبدالفتاح وآخرون، “مشكلة القوميات في الجمهوريات السوفيتية”، نشرة معلومات، الهيئة العامة للاستعلامات، وزارة الإعلام، القاهرة، 1993.
  7. عبدالرحمن الهواري، “المتغيرات العالمية والإقليمية وتأثيرها على منطقة الشرق الأوسط”، الدفاع الوطني، القاهرة 1999.
  8. لطفي الخولي، “الصراع على السلطة في روسيا الاتحادية”، دراسة قدمت لندوة انهيار الاتحاد السوفيتي وتأثيراته على الوطن العربي، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية الأهرام،22-23 فبراير 1992.
  9. مركز الدراسات الإستراتيجية، النظام العالمي الجديد، القاهرة، 1992.
  10. نعمان أحمد كمال الزوياتي، “أثر تفكك الاتحاد السوفيتي على الأمن القومي العربي”، الدفاع الوطني، القاهرة، 1992.
  11. وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، معلومات بحثية عن الجمهوريات السوفيتية، واشنطن، سبتمبر 1992.

كتــب:

  1.  أ. ج. اجانبيمان، “التقدم العلمي وتسريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية”، موسكو، دار الاقتصاد، 1985.
  2.  أحمد عبدالمجيد فؤاد، “أمريكا في الشرق الأوسط”، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة،1954.
  3.  أرنست ماندا، “الاتحاد السوفيتي إلى أين في ظل حكم جورباتشوف”، ترجمة كمبل داغر، دار الفارابى، بيروت، الطبعة الأولى، 1991.
  4.  أمال السيد فهمي وآخرون، “علاقات إسرائيل بدول الكومنولث الجديد”، وزارة الإعلام، الهيئة العامة للاستعلامات، القاهرة، نوفمبر 1992.
  5.  اللجنة الإحصائية لأسرة الدول المستقلة، “اقتصاديات أسرة الدول المستقلة في عام 1993″، كتاب إحصائي، موسكو، عام 1994.
  6.  الهيئة العامة للاستعلامات، “علاقات إسرائيل بدول الكومنولث الجديد والاتحاد السوفيتي سابقاً”، وزارة الإعلام، القاهرة، نوفمبر 1992.
  7.  باتريك سيل، “الصراع على سوريا”، دراسات للسياسة العربية بعد الحرب “1945-1958″، دار طلاس، دمشق 1964.
  8.  بيتر مونجولد، “تدخل الدول العظمى في الشرق الأوسط”، كتب مترجمة، الهيئة العامة للاستعلامات، مؤسسة دار التعاون للطبع والنشر، القاهرة، 1977.
  9.  جمال حمدان، “استراتيجية الاستعمار والتحرير”، دار الشروق، الطبعة الأولى ، 1983.
  10.  جوروج ليتروفسكي، “مصالح الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط”، كتب مترجمة، القاهرة، بدون.
  11.  حازم الببلاوي، “تقديم كتاب ميخائيل جورباتشوف حول البريتسوريكا”، دار الشروق، القاهرة،1989.
  12.  دافيد موريسون، “الاتحاد السوفيتي وأفريقيا”، لندن، 1964.
  13.  شعبة البحوث، المطبوعات والنشر، “التكتلات والأحلاف العسكرية”، القاهرة، 1964.
  14.  طه عبدالعليم طه، “التغير في الاتحاد السوفيتي وانعكاساته على الوطن العربي”، في كتاب “الوطن العربي والمتغيرات العالمية”، معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة،1991.
  15.  طه عبدالعليم، “سقوط الاتحاد السوفيتي”، في كتاب “انهيار الاتحاد السوفيتي وتأثيراته على الوطن العربي”، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، الأهرام، 1992.
  16.  عبدالوهاب الكيالي، موسوعة السياسة، الجزء الأول، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1985.
  17.  ف. أ. ياشكين، “اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية والدول النامية”، آفاق التعاون، دار العلم، موسكو، 1991.
  18.  ف. أ. ياشكين، “الصراعات الدولية المعاصرة”، دار العلم، موسكو، 1983.
  19.  فؤاد المرسي، “العلاقات المصرية السوفيتية 1943–1956″، دار الثقافة الحديثة، القاهرة، 1977.
  20.  فرج جبران، “ستالين”، المطبعة التجارية الحديثة، القاهرة، 1957.
  21.  لطفي الخولي، “الصراع على السلطة في روسيا الاتحادية”، في كتاب انهيار الاتحاد السوفيتي، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، الأهرام، القاهرة، 1992.
  22.  لطفي الخولي، “عرب ؟ نعم، وشرق أوسطيون أيضاً”، مركز الأهرام للترجمة والنشر، القاهرة، الطبعة الأولى، 1994.
  23.  محمد السيد سعيد، “فشل إدارة جورباتشوف للإصلاح”، في كتاب انهيار الاتحاد السوفيتي وتأثيراته على الوطن العربي، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، الأهرام، القاهرة، 1992.
  24.  محمد السيد سليم، “تحليل السياسة الخارجية”، دار النهضة المصرية، القاهرة، 1989.
  25.  محمد حسنين هيكل، “قصة السويس آخر المعارك في عصر العمالقة”، 1962.
  26.  محمد حسنين هيكل، “ملفات السويس ـ حرب الثلاثين عام”، مركز الأهرام للترجمة والنشر، الطبعة الأولى، القاهرة، 1986.
  27.  محمد عبدالنبي، “البريسترويكا وآثرها على التنظيمات الشيوعية”، معهد العلوم الإستراتيجية، القاهرة، أبريل، 1990.
  28.  محمد عزيز شكري، “التنظيم الدولي العالمي بين النظرية والواقع”، دار الفكر، 1973.
  29.  محمد نصر الدين مهنا، “مشكلة فلسطين والصراع الدولي، 45– 1967″، القومية للطباعة والنشر، القاهرة، 1976.
  30.  مركز البحوث الفلسطينية، “التحول الديموغرافي في فلسطين”، بيروت، 1972.
  31.  ميخائيل جورباتشوف، “البريسترويكا”، ترجمة حمدي عبدالجواد، دار الشروق، القاهرة، 1988
  32.  هيئة البحوث العسكرية، “حرب العدوان الثلاثي على مصر عام 1956″، الجزء الأول، القاهرة، 1985.
  33.  هيرلين كارير دانكوس، “السياسة السوفيتية في الشرق الأوسط 1955– 1975″، كتب مترجمة، دار الكلمة العربية، بيروت، 1983، الطبعة الثانية.
  34.  والتر لاكير، “الصراع في الشرق الأوسط”، روبلدرج وكيمان مول، لندن، 1969، كتب مترجمة، القاهرة، بدون.
  35.  وزارة الحربية المصرية، “الحرب الباردة وأصولها”، الجزء الثاني والجزء الرابع، 1969.
  36.  يوري أندربوف، “خطب ومقالات مختارة”، الطبعة العربية، دار التقدم، موسكو، 1984.

دوريات:

  1.  “مصر والكومنولث الروسي”، كراسات إستراتيجية، الأهرام، العدد 31، القاهرة، يناير 1993.
  2.  أحمد إبراهيم محمود، “العقيدة العسكرية الروسية.. التحولات والدافع”، السياسة الدولية، الأهرام، العدد 115، يناير 1994.
  3.  أحمد فخر، “الإستراتيجيات العسكرية والشرق الأوسط”، أوراق الشرق الأوسط، العدد 5، القاهرة، مارس 1992 .
  4.  إسماعيل صبري مقلد، “أمريكا والإستراتيجية الجديدة للدفاع بالصواريخ”، السياسة الدولية، ينايرـ مارس 1969.
  5.  إسماعيل صبري مقلد، “الإستراتيجية الأمريكية في العصر النووي”، السياسة الدولية، يناير ـ مارس 1966.
  6.  إسماعيل صبري مقلد، “الإستراتيجية السوفيتية في العصر النووي”، السياسة الدولية، يناير ـ مارس 1967.
  7.  إسماعيل صبري مقلد، “الإستراتيجية النووية السوفيتية”، السياسة الدولية، العدد 48، أبريل1977.
  8.  إسماعيل صبري مقلد، “الأفاق الجديدة للعلاقات الأمريكية السوفيتية”، الأهرام الاقتصادي، القاهرة، أول سبتمبر 1972.
  9.  إسماعيل صبري مقلد، “الأمن القومي الأوروبي والتعايش السلمي بين المعسكرين”، السياسة الدولية، أبريل، 1972.
  10.  إسماعيل صبري مقلد، “الجنرال ديجول وحلف شمال الأطلسي”، السياسة الدولية، يوليو – سبتمبر1966.
  11.  إسماعيل يونس، “نزع السلاح في عام، اتفاقات تفكك الجيوش”، كتاب الفرسان، مؤسسة سيرا للإعلام، باريس، 1981.
  12.  أماني محمود فهمي، “يوغسلافيا والمجموعة الأوروبية جمود أم فشل”، السياسة الدولية العدد 107، يناير1992.
  13.  أمين الساعاتي، “العالم مهدد بالفوضى النووية”، الدولية، السنة الثانية، العدد 88، 3 فبراير1992.
  14.  أنور عبدالملك، “تحركات الاتحاد السوفيتي المستقبلية والأركان والمحاور”، السياسة الدولية، عدد 94، الأهرام، القاهرة، 1988.
  15.  بدر أحمد عبدالعاطي، “أبعاد التغيرات الداخلية في المجر”، السياسة الدولية، العدد 99، يناير1990.
  16.  بطرس بطرس غالي، “الأحلاف العسكرية”، ملحق الأهرام الاقتصادي، القاهرة،
    1 نوفمبر 1995.
  17.  بطرس بطرس غالي، الأبعاد الجديدة للإستراتيجية الدولية، السياسة الدولية، يوليه ـ سبتمبر 1966.
  18.  بطرس ديب، “من روسيا القيصر إلى قيصر روسيا”، مجلة الدولية، السنة الثانية، العدد 66، 2سبتمبر1991.
  19.  بطرس غالي، “القنبلة الذرية الصينية”، السياسة الدولية، يوليه ـ سبتمبر 1965.
  20.  تامر وجيه عبدالقادر، حل الكوميكون، السياسة الدولية، العدد104 أبريل 1990، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، الأهرام.
  21.  ثناء فؤاد، “نقابة تضامن ومسيرة الإصلاح الديمقراطي في بولندا”، السياسة الدولية، العدد
    98، القاهرة، أكتوبر 1989.
  22.  جمال علي زهران، “العلاقات السوفيتية الإسرائيلية في عهد جورباتشوف”، مجلة السياسة الدولية، العدد 110، أكتوبر 1992.
  23.  حافظ إسماعيل، “الاتحاد السوفيتي إلى أين؟”، السياسة الدولية، العدد 94، الأهرام، أكتوبر 1988.
  24.  حسن آل بلال، “الأمة المفقودة”، مجلة العالم، العدد 394، 31 أغسطس 1991.
  25.  حسن قنديل، “خريطة جديدة للعلاقات العربية مع الجمهوريات المستقلة”، السياسة الدولية، العدد108، الأهرام، القاهرة، أبريل 1992.
  26.  خالد محمود الكومي، “مستقبل السياسة الروسية”، كراسات إستراتيجية، العدد 21، السنة الرابعة، القاهرة، 1994.
  27.  رولان لوم وفيليب ميشيه Roland Lomme & Philipe Mecher، “حل الدولة السوفيتية”، السياسة الدولية، العدد 104، أبريل 1991.
  28.  سوسن حسين، “القيادة السوفيتية الجديدة”، السياسة الدولية، العدد 83، الأهرام، القاهرة، 1986
  29.  صلاح بسيوني، “الاتحاد السوفيتي ومؤتمر السلام”، أوراق الشرق الأوسط، المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، عدد 4، القاهرة، نوفمبر1991.
  30.  صلاح بسيونى، “الصراع العربي الإسرائيلي”، أوراق الشرق الأوسط، المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، عدد 4، القاهرة، نوفمبر 1991.
  31.  صلاح بسيوني، “العلاقات العربية مع أولويات الجمهوريات المستقلة”، السياسة الدولية، العدد 108، الأهرام، القاهرة، أبريل 1992.
  32.  صلاح سالم، “الصراع الروسي الأوكراني حول الأسطول وشبه جزيرة القرم”، السياسة الدولية، الأهرام، العدد 118، أكتوبر 1994.
  33.  طه عبدالعليم، “أبعاد التفكك الاقتصادي في دول الكومنولث الروسي”، السياسة الدولية،
    العدد 120، أبريل 1995.
  34.  طه عبدالعليم، “أفاق العلاقات الاقتصادية العربية السوفيتية”، المستقبل العربي، العدد 110، 2أبريل 1992.
  35.  طه عبدالعليم، “الاتحاد السوفيتي والتنمية في الوطن العربي”، مجلة الفكر الإستراتيجي العربي، العدد 29، القاهرة، يوليه 1992.
  36.  طه عبدالعليم، “سياسة جورباتشوف للتغير في الاتحاد السوفيتي”، مجلة الفكرة الإستراتيجي، بيروت، العدد 20، أبريل 1987.
  37.  طه عبدالعليم، “سياسة جورباتشوف للتغيير في الاتحاد السوفيتي”، الفكر الاستراتيجي العربي، بيروت، السنة 5، العدد 20، أبريل 1987.
  38.  طه عبدالعليم، “ورثة الاتحاد السوفيتي ومصير الكومنولث”، السياسة الدولية، العدد 108، أبريل 1992.
  39.  طه عبدالعليم، الشرق الأوسط بين الاتحاد السوفيتي والكومنولث الروسي، أوراق الشرق الأوسط، المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، العدد 5، القاهرة، مارس 1992.
  40.  عبدالاله بلقزيز، “من أجل تحليل ثقافي لنكسة الاشتراكية”، الكتاب السنوي للفرسان، مؤسسة باريس للإعلام، 1991.
  41.  عبدالرحمن الهواري، “مستقبل الصراع الإسرائيلي في ضوء تفكك الاتحاد السوفيتي”، الدار العربية للدراسات والنشر والترجمة، القاهرة، العدد 57، أغسطس، 1992.
  42.  عزمي خليفة، “أبعاد التطور السياسي في كومنولث الدول المستقلة”، مركز البحوث والدراسات السياسية، جامعة القاهرة، سلسلة بحوث سياسية رقم 84، سبتمبر 1994.
  43.  فاروق نصر العسال، “الاتحاد السوفيتي في مواجهة الانهيار الاقتصادي”، السياسة الدولية، العدد104، أبريل 1991.
  44.  فرانسوازتوم، “الدولة السوفيتية واللهفة إلى التحرير”، السياسة الدولية، الأهرام، العدد 104، أبريل 1991.
  45.  محمد السيد سليم، “الاتحاد السوفيتي، والقضية الفلسطينية”، السياسة الدولية، العدد17،يوليو1969.
  46.  محمد السيد سليم، “العرب فيما بعد العصر السوفيتي”، السياسة الدولية، العدد 108، الأهرام، أبريل، 1992.
  47.  محمد سيد أحمد، “السياسة السوفيتية والمنطقة العربية”، السياسة الدولية، العدد 94، أكتوبر1988.
  48.  محمد سيد أحمد، “لماذا انهار الاتحاد السوفيتي”، السياسة الدولية، الأهرام، العدد 108،أبريل1992.
  49. محمد عبدالسلام، “مستقبل الهياكل الدفاعية لدول الكومنولث الدول المستقلة”، السياسة الدولية، الأهرام، العدد 120، أبريل 1995.
  50. محمد عبداللاه، “أزمة النظام السوفيتي”، السياسة الدولية، العدد 94، الأهرام، أكتوبر1988.
  51. محمد عزيز شكري، “الأمم المتحدة والمستقبل الدولي”، مجلة السياسة الدولية، أكتوبر – ديسمبر1973.
  52. محمد عزيز شكري، “التكتلات والأعراف الدولية في عصر الوفاق”، السياسة الدولية، القاهرة، أكتوبر- ديسمبر 1974.
  53. مراد الدسوقي، “روسيا والعقيدة العسكرية للاتحاد السوفيتي”، السياسة الدولية، الأهرام، العدد 109، القاهرة، يوليه 1992.
  54. مصطفى كامل السيد، “قراءة في الخطاب السياسي السوفيتي”، السياسة الدولية، العدد 94، القاهرة، أكتوبر 1988.
  55. معتز سلامة، “أمن الكومنولث بين الدور الروسي ومصادر التهديد”، السياسة الدولية العدد 119، الأهرام، يناير 1995.
  56. ميشيل ناتو، “الاتحاد السوفيتي في اتجاه نحو ستالينية جديدة”، السياسة الدولية، العدد83، الأهرام، القاهرة 1986.
  57. نازلي معوض أحمد، “النظرة السوفيتية الجديدة للصراع والتوازن في العالم المعاصر”، السياسة الدولية، العدد 94، أكتوبر 1988.
  58. نبيه الأصفهاني، “الأمن الأوروبي والمعاهدة السوفيتية ـ الألمانية”، السياسة الدولية، يناير1971.
  59. نيفين عبدالخالق مصطفى، “أزمة تفكك الكومنولث، انعكاسات التنافس الدولي والإقليمي”، السياسة الدولية، العدد 120، أبريل 1995.

مجلات:

  1. إسماعيل شوقي، الولايات المتحدة والعالم العربي، مجلة الدفاع، العدد 69، أبريل 1994.
  2. حسن آل بلال، “يالتا جديدة وسط الأمة المفقودة”، مجلة العالم، العدد 394، 31 أغسطس 1991
  3. سامي عمار، “الحرب الباردة تعود من جديد بين دول الكومنولث الجديد”، المصور، القاهرة، 24 يناير 1992.
  4. عبدالرحمن الهواري، “إسرائيل وجمهوريات الكومنولث”، مجلة الدفاع، العدد 98، القاهرة، سبتمبر 1994.
  5. عبدالرحمن الهواري، “مستقبل العلاقات بين الاتحاد الروسي وجمهوريات آسيا الوسطى والقوقاز”، مجلة الدفاع، العدد 104، مارس 1995.
  6. عبدالرحمن الهواري، محددات التعاون الخليجي، مع جمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية، مجلة الدفاع، العدد 68، القاهرة، مارس 1992.
  7. عبدالعظيم رمضان، “رؤية تاريخية عن الصراع الدولي”، مجلة أكتوبر، العدد 521، 21 سبتمبر 1986.
  8. عثمان كامل، “الانعكاسات الأمنية لاستقلال جمهوريات آسيا الوسطى”، مجلة الدفاع، العدد 68، مارس 1992.
  9. عثمان كامل، “النفط وأمن دول وسط آسيا”، مجلة الدفاع، العدد 142، مايو 1998.
  10. مجلة الأكونوميست، عدد فبراير 1969.
  11. مجلة الحرس الوطني السعودي، السنة 14، العدد 137، مارس 1993.
  12. محمد عزيز شكري، “الأم المتحدة في الميزان”، مجلة العلوم الاجتماعية، جامعة الكويت، أكتوبر1973.
  13. محمد محمد عطاي، “الأخوة الأعداء في رابطة الكومنولث”، مجلة الدفاع، العدد 86، سبتمبر1993.
  14. محمود خليل، “التنافس الإيراني التركي حول جمهوريات آسيا الوسطي”، مجلة الدفاع، العدد 142، مايو 1998.
  15. نجيب محمود نصر، “جمهورية أوكرانيا”، مجلة الدفاع، العدد 89، ديسمبر 1993.
  16. نجيب محمود نصر، “ناجورنو كاراباخ والصراع بين أرمينيا وأذربيجان”، مجلة الدفاع، العدد
    73، أغسطس 1992.

صحف:

  1. “تصريحات القائد العام للقوات المسلحة الإيرانية”، وكالة الأنباء الفرنسية ووكالة أنباء UPI بتاريخ 1 ديسمبر 2000.
  2. إبراهيم نافع، “العلاقات المصرية مع رابطة الكومنولث”، صحيفة الأهرام، العدد الصادر في 24يناير 1992.
  3. تصريح للسفير هنري بايرود سفير الولايات المتحدة الأمريكية بالقاهرة، جريدة الأهرام، العدد الصادر في 14 مايو 1954.
  4. صحيفة ازفستيا، العدد الصادر في 1 مارس 1990.

131 صحيفة الأهرام العددان الصادران في 22 و29 نوفمبر 1991.

  1. صحيفة الأهرام، الأعداد الصادرة في 1، 5، 7 فبراير 1992.
  2. صحيفة الأهرام، الأعداد الصادرة في 8، 11،13 فبراير 1992.
  3. صحيفة الأهرام، العدد الصادر في 10 أكتوبر 1987.
  4. صحيفة الأهرام، العدد الصادر في 20 أكتوبر 1987.
  5. صحيفة الأهرام، العدد الصادر في 20 يونيه 1988.
  6. صحيفة الأهرام، العدد الصادر في 21 أكتوبر 1994.
  7. صحيفة الاتحاد، العدد الصادر في 17 يوليه 1990.
  8. صحيفة البرافدا، العددان الصادران في 24 مايو 1967، و6 يونيه 1967.
  9. صحيفة الجمهورية، العدد الصادر في 3 فبراير 1995.
  10. صحيفة الحياة، العددان الصادران في 7 نوفمبر 1993، 3 مارس 1994.
  11. صحيفة الشرق الأوسط، الأعداد الصادرة في 30 سبتمبر 1991، 29 مايو 1994، 12 سبتمبر 1994.
  12. صحيفة الوفد، العدد الصادر في 24 فبراير 1995.
  13. صحيفة الوفد، العدد الصادر في 8 يناير 1992.
  14. صحيفة جيروزاليم بوست، العدد الصادر في 21 يوليه 1985.
  15. صحيفة حقائق وبراهين، جريدة أسبوعية روسية، العدد 39، موسكو، العدد الصادر في 15 أكتوبر 1991.
  16. صحيفة دافار، العددان الصادران في 1 و15 أغسطس 1986.
  17. صحيفة معاريف العدد الصادر في 17 أبريل 1993.
  18. صحيفة ها آرتس، العدد الصادر في 12 أغسطس 1989.
  19. صحيفة يدعوت أحرونوت، العدد الصادر في 3 أغسطس 1987.
  20. صلاح بسيوني، “انهيار الإمبراطورية السوفيتية والشرق الأوسط الجديد”، صحيفة الوفد، العدد الصادر في 16 فبراير 1992.
  21. عاطف الغمري، “الهجوم الدبلوماسي في اتجاه الجمهوريات الإسلامية”، صحيفة الوفد، العدد الصادر في 15 فبراير 1992.
  22. ميخائيل جورباتشوف، “تقرير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي”، المقدم إلى المؤتمر 27 للحزب الشيوعي السوفيتي، وكالة أبناء نوفستي، القاهرة، 1986.
  23. وكالة رويتر، بتاريخ 13 سبتمبر 1988.

ثانياً: المراجع الأجنبية

BOOKS :

  1. Adam Bromke, Poland’s in Losssening of The Communist Bloc in Eastern Europe in Transition, edited by Kurt London, Johns Hopkins Press, Blatimore, 1966.
  2. Anue M .Jonas, Changes in Soviet Conflict, Doctrine in Soviet Behavior in Wold Affairs, edited by Devere Pentony, Chandier Publishing Company, San Francisco Co., 1962.
  3. Charles Lerche and Abdul A.Said, Concepts of International Politics, Prentice Hall, New Jersey, 1970.
  4. David W.Tarr, American Strategy in the Nuclear Age, Macmillan, New York, 1967.
  5. E.H.Albert, The Brandt Doctrine of Two States in Germany, International Affairs, London, April 1970.
  6. Elain M.Holoboff, Russian, Views on Military Interventian, Benevolent Peace, Nation European Keeping, Monroe Dactrine or Imperialism? In Military Interconflicts, Edited by Lawrence Feedman, Oxford Black Well Publishers 1994.
  7. Gordon Turner and Richard Chalenger, The Influence of Modern Weapons in Strategy, National Security in the Nuclear Age, Preager, New York,1960.
  8. Henry Kissinger, The Challenge of The Nuclear Age, Nuclear Weapons and Foreign Policy, Doubleday, New York, 1957.
  9. Hosmer Wolf, Soviet Policy and Practice Toward Third World Conflicts, Lexinton Books, Massachusetts, 1983.
  10. Hurwitz J.C, Struggle For Palestine, New York, 1968.
  11. Internal Factors, Affecting SovietPower, U.S Army, War College, Tenth Edition,1990.
  12. International Monetary Fund, directions of trade Statistics, 1991, New York, I.M.F, 1991.
  13. Jerome Fank, Ideological differences and holy Wars, Sonity and Surullval Vintage Books, New York, 1967.
  14. John J.Mearsheimer, The Case For Ukrainian Nuclear,Detternt Foreign Affairs, Vol. 72, No.3, Summer 1993.
  15. John Spanier, The Beginning of the Cold War, American Foreign Policy Since World War II, Preager, New York, 1960.
  16. Leading Exporters and Importers In World Merchandise Trade, I.M.F.Survey, April 13, 1992.
  17. Leo Ylleh- Ynliu, China as a nuclear Power in World Politics, Macmillan, New York, 1972.
  18. M . Machintosh, Strategy and Tactics, Soviet Foreign Policy, Hugh Seton, Neither War Nor Peace, The Struggle of Power in the Post War World, Preager, New York, 1962.
  19. M. Heikal, The Sphinx and The Commissar, The Rise and Fall of Soviet Influences in The Middle East, New York, Happer and Row, 1978.

Magazine:

  1. Margaret Thacher, We Must Not Falter now, News Week, Sep. 2nd, 1991.
  2. Mikhail Gorbachev, Prestroika, Ne Thinking For Our Country and The World, Cornelia and Michael Bessie Book, Harper and Row Publishers, New York, 1987.
  3. Morton Kaplan and Nicholas Katzenbach, The Pattern of International Politics, The Political Foundations of International Law, Wiley, New York,1961.
  4. Nadia Diuk and Adnan Karingcky, New Nations Rising, The Fall of Soviets and The Challenge of Independence, 1993
  5. Natlie Gross, Reflections on Russia’s, New Military Doctrine, Jone’s Intelligence Review, Vol.4, No.8, August 1992.
  6. Norman Pounds, Fissures in The Eastern European Bloc, In the Annals of American Academy of Political and Social July 1967.
  7. Paul Hirst, Security .. Challenges in Post Communist Era, In Military Intervention in European Conflicts, Edited By Lowrence Freedman, Oxford, Black Well Publishers, 1994.
  8. Pavel Grachev, Drafting in New Russian Military Doctrine, Guidines For The Establishing of the Russian Armed Forces, Military Technology, Vol.XVII, Issue 2, 1993.

Periodicals :

  1. Philip Robins, Between Sentiment and Self Interest, Turkey’s Policy Toward Azerbaijan Jan and The Central Asia States, Middle East. Journal, Vol. 47, No.4, Autumn 1993.
  2. Piere Galjois, U.S Strategy and The Defence of Europe, Orbis, Summer 1963.
  3. Robert L.Pfaltzgraff. The Atlantic Community, Acoplex Imbalance, Van Norstand Company, New York .1969.
  4. Robert Strausz Hupe, W.winter, and S.Possony, Military Strategy, Power and Policy, A forward Strategy For America, Harper, New York,1961.
  5. Robert Strausz Hupe’, The Communist View Conflict, The Indirect Approach in Protracted Conflict, Harper and Row, New York, 1963.
  6. Roy Johns, Nuclear Deterrence, Routledge and Kegan Paul, London, 1963.
  7. Science Quarterly, Aaron L.Friedberg The Future Of American Power,1994.
  8. Steven E.Miller, The Case Against Nuclear detterent, Foreign Affairs, Vol.72, No.3, Summer 1993.
  9. The Economy Of The U.S.S.R, International Monetary Fund, The World Ban, Organization for Economic Cooperation and Development and European Bank For Reconstruction and Development, Washington D.C, The Word Bank, 1990.
  10. The Economy of The U.S.S.R, Summary and Recommendations, The World Bank, OECD and EBRD, Washington D.C, The World Bank,1990.
  11. The Military Balance, IISS, 1992 – 1993.
  12. Victor Chernomiyrdin, No Exits on The Road to Market, Finacial Times, Monday, May 16, 1994.
  13. Walter Clemens, The Future of the Warsaw Pact, Orbis, Winter 1968.
  14. What Realy happened in Alma – Ata ?, Time, March 2. 1987.
  15. William Kinter and Wolfgang Klaiber, Eastern Europe in Flux, Orbis, Summer 1968.
  16. World Dept Tables, 1993 – 1994, Vol. 1, Washington D.C, The World Bank,1993.
  17. World Economic Outlook, May 1992, Washington D.C, International Monetary Fund, 1992.

vote/تقييم
الصفحة السابقة 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى