مسار الاتحاد الأوروبي ومستقبله سیاسية واقتصادية” هو عنوان الموضوع يكتسب أهمية كبيرة على مستوى العلاقات الدولية، إذ يعد مصير الاتحاد، المرتبط بمساره، عاملا مهما في تحديد صورة النظام الدولي، الذي يتبلور في المرحلة الحالية، بعد تراجع الأحادية القطبية، التي سادت العالم منذ نهاية الحرب الباردة. ليس من السهل التنبؤ بمستقبل الاتحاد الأوروبي، في ظل تعدد العوامل المؤثرة فيه، لكن من الممكن على الأقل تلمس الخيارات المتاحة أمام قادته ودوله، من خلال دراسة المسار السياسي والاقتصادي للاتحاد، والبحث في مكامن الخلل في بناء المؤسسية والقانونية والثقافية، وبالتالي تكوين صورة واضحة الأسباب الأزمات التي يعيشها اليوم، ما يسمح بمناقشة تصورات قد تكون حلوة ممكنة لهذه الأزمات، إذا كان من ممكن تطبيقها في ظل الظروف الداخلية والخارجية التي تحكم القرار السياسي والاقتصادي للاتحاد. اختلاف رؤى القوى المختلفة داخل الاتحاد، بشأن الصيغة النهائية للمشروع الأوروبي، يعد سببا رئيسا العدم تطور بناه السياسية، وبالتالي ضعف آليات اتخاذ القرار داخل مؤسساته، لذلك، واجهت البني الاقتصادية رغم تقدمها الكبير قياسا لتلك السياسية، صعوبات في التعامل مع الأزمات الطارئة، ولا سيما الأزمة الاقتصادية. هذه الرؤى المختلفة اضعفت الهوية الأوروبية وجعلت الأولويات الوطنية للدول الأعضاء تطغى على قرارات السياسة الأوروبيين. أزمات الاتحاد، بنيوية كانت أم طارئة، تتطلب إصلاحات جوهرية في المؤسسات الأوروبية واليات عملها، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تعزيز الديمقراطية واعادة بعث الهوية الأوروبية الجامعة، التي بدورها تزيد من تماسك الاتحاد.