نظرية العلاقات الدولية

مستويات التحليل في دراسة العلاقات الدولية

مستوى التحليل Level of analysi
الكاتب الدكتور عادل زقاغ كلية العلوم السياسية جامعة الحاج لخضر -باتنة -الجزائر

يعتمد تحليل الظواهر المختلفة على متغيرات يسعى الباحث لإيجاد العلاقات السببية التي تربط بينها، وذلك بقياس طبيعة ومستوى التغير الذي يحدث في المتغير التابع لدى حدوث تغير في المتغير المستقل. وقد دأب باحثو العلاقات الدولية على انتقاء متغيراتهم التحليلية من أحد مستويات التحليل الثلاثة: مستوى التحليل الفردي، مستوى التحليل الوطني، ومستوى التحليل النظمي. وبحسب وولتز فإن الباحثين يوظفون متغيرات من المستويات الثلاثة إلا أنهم -ولضرورات منهجية- يميلون للتركيز على أحد هذه المستويات دون الأخرى
لقد ساهم وولتز في صقل تصور “مستوى التحليل” من خلال عمله الصادر عام 1959 بعنوان: “الإنسان، الدولة والحرب”، وفيه استعرض ما أسماه الصور الثلاثة images التي ترد ضمنها معظم التحاليل عن السياسة الدولية. وقد تم التحول عن مصطلح الصور إلى مصطلح مستويات التحليل لدى دايفيد سينقر David Singer في كتاب صدر عام 1961 بعنوان: “النظام الدولي” (حرره سيدني فيربا Sidney Verba وكلاوس كنور Klaus Knorr). وفي الفصل الأول الذي كتبه سينقر أشار إلى أن أغلبية المقاربات النظرية في العلاقات الدولية تندرج إما في المستوى النظمي أو المستوى تحت النظمي (الوطني). وفي هذا الصدد يشير إلى أن الباحث عليه دوما أن يختار بين التركيز على الكل أو على الأجزاء المشكلة له، على النظام أو على الوحدات المشكلة للنظام، على الغابة أو على الشجرة. ويشدد سينقر على أن هذا الاختيار ليس عشوائيا، بل يعتمد على الهدف من البحث ومدى فعالية الاختيار بين إحدى المستويات الثلاثة في الإجابة عن سؤال البحث، ولذلك يعمد باحثو العلاقات الدولية إلى تصميم أبحاثهم ضمن إحدى مستويات التحليل الثلاثة:

المستوى النظمي: ويتضمن متغيرات متنوعة مثل عدد القوى الكبرى في النظام وبالتالي طبيعة الاستقطاب القائم (بمعنى هل نحن إزاء أحادية قطبية أم ثنائية قطبية، …)؛ توزيع القوة الاقتصادية والعسكرية بين الدول؛ واقع التحالفات العسكرية والتكتلات الاقتصادية. ويتضح من ذلك أن المستوى النظمي يتشكل من البيئة الخارجية التي تتقاسمها كل الدول.
المستوى الوطني: ويشتمل على المتغيرات الحكومية: مثل بنية النظام السياسي وطبيعة عملية صناعة القرار أي التفاعل بين السلطات الثلاث، والبيروقراطية، والأحزاب السياسية، وجماعات المصالح، إضافة إلى العوامل المجتمعية كبنية النظام الاقتصادي، وتأثير المجموعات التي تتقاسم معتقدات مشتركة، الرأي العام، النقابات، مستويات الاستقطاب الإثني، فضلا عن الثقافة السياسية والأيديولوجية.

المستوى الفردي: يركز الباحث في هذا المستوى التحليلي على الطبيعة الإنسانية، والاستعدادات المسبقة (كالنزعة العدائية أو المسالمة)، إضافة إلى الأنظمة العقائدية للقادة السياسيين، والعمليات السيكولوجية التي ترافق مسار صناعة القرار.

****************

معلومات اضافية – منقول 

إنّ دراسة العلاقات الدولية بصورة منهجية و علمية أصبحت مطلبا مهما بعد الحرب العالمية الأولى و تزامن هذا المطلب مع رغبة توضيح السياسة . و قد كانت تدرس في البداية ضمن حقول أخرى من المعارف كالتاريخ الدبلوماسي و القانون الدولي و المنظمات بعد الحرب العالمية الأولى ، أما دراستها كمقرر مستقل فقد عرفتها الولايات المتحدة الأمريكية بصورة خاصة باعتبار أنها كانت دولة حديثة تدخل إلى المسرح الدولي ولا يستهويها ما هو تاريخي و قادم من أوربا و زادت تلك الحاجة بصورة فورية عندما وجدت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها متورطة في الحرب العالمية الثانية و خاصة عندما بدأ التفكير بوضع تصور لسياسة مرحلة ما بعد الحرب ، كل ذلك أدّى إلى تعبأة الكفاءات الدراسية و العلمية الأمريكية و رصدت الأموال من أجل البحث العلمي مما أدّى إلى ظهور العديد من مراكز البحث و المعاهد في الجامعات و في أماكن أخرى من المجتمع الأمريكي ظهرت مراكز بحثية متخصصة في دراسة المناطق الجغرافية التي كان لها هدف علمي و هو تحديد اتجاهات السياسة الأمريكية.عموما هناك عوامل كثيرة ساهمت في استقلالية هذا الحقل أهمها الزيادة الهائلة و المستمرة في حجم الاقتصاد بين الدول و على كافة المستويات من التعقد و التشابك و التداخل بين المصالح القومية للدول و الزيادة في اعتمادها على بعضها البعض فلم تعد هناك دولة تستطيع أن تعزل نفسها عن أحداث التفاعلات . و عليه فالمشكل المطروح ما هي أهم أنماط التحليل و مناهج البحث و مدى مساهمتها في دراسة العلاقات الدولية؟؟

المبحث الأول: أنماط التحليل في دراسة العلاقات الدولية

المطلب الأول: تعريف أنماط و مستويات التحليل

يعتمد تحليل الظواهر المختلفة على متغيرات يسعى الباحث لإيجاد العلاقات السببية التي تربط بينها، وذلك بقياس طبيعة ومستوى التغير الذي يحدث في المتغير التابع لدى حدوث تغير في المتغير المستقل. وقد دأب باحثو العلاقات الدولية على انتقاء متغيراتهم التحليلية من أحد مستويات التحليل الثلاثة: مستوى التحليل الفردي، مستوى التحليل الوطني، ومستوى التحليل النظمي. وبحسب وولتز فإن الباحثين يوظفون متغيرات من المستويات الثلاثة إلا أنهم –ولضرورات منهجية- يميلون للتركيز على أحد هذه المستويات دون الأخرى.

لقد ساهم وولتز في صقل تصور “مستوى التحليل” من خلال عمله الصادر عام 1959 بعنوان: “الإنسان، الدولة والحرب”، وفيه استعرض ما أسماه الصور الثلاثة images التي ترد ضمنها معظم التحاليل عن السياسة الدولية. وقد تم التحول عن مصطلح الصور إلى مصطلح مستويات التحليل لدى دايفيد سينقر David Singer في كتاب صدر عام 1961 بعنوان: “النظام الدولي” (حرره سيدني فيربا Sidney Verba وكلاوس كنور Klaus Knorr). وفي الفصل الأول الذي كتبه سينقر أشار إلى أن أغلبية المقاربات النظرية في العلاقات الدولية تندرج إما في المستوى النظمي أو المستوى تحت النظمي (الوطني). وفي هذا الصدد يشير إلى أن الباحث عليه دوما أن يختار بين التركيز على الكل أو على الأجزاء المشكلة له، على النظام أو على الوحدات المشكلة للنظام، على الغابة أو على الشجرة. ويشدد سينقر على أن هذا الاختيار ليس عشوائيا، بل يعتمد على الهدف من البحث ومدى فعالية الاختيار بين إحدى المستويات الثلاثة في الإجابة عن سؤال البحث، ولذلك يعمد باحثو العلاقات الدولية إلى تصميم أبحاثهم ضمن إحدى مستويات التحليل الثلاثة و هي: المستوى النظمي، المستوى الوطني، المستوى الفردي.

المطلب الثاني: المستوى النظمي

ويتضمن متغيرات متنوعة مثل عدد القوى الكبرى في النظام وبالتالي طبيعة الاستقطاب القائم (بمعنى هل نحن إزاء أحادية قطبية أم ثنائية قطبية، …)؛ توزيع القوة الاقتصادية والعسكرية بين الدول؛ واقع التحالفات العسكرية والتكتلات الاقتصادية. ويتضح من ذلك أن المستوى النظمي يتشكل من البيئة الخارجية التي تتقاسمها كل الدول.[1]

المطلب الثالث: المستوى الوطني

ويشتمل على المتغيرات الحكومية: مثل بنية النظام السياسي وطبيعة عملية صناعة القرار أي التفاعل بين السلطات الثلاث، والبيروقراطية، والأحزاب السياسية، وجماعات المصالح، إضافة إلى العوامل المجتمعية كبنية النظام الاقتصادي، وتأثير المجموعات التي تتقاسم معتقدات مشتركة، الرأي العام، النقابات، مستويات الاستقطاب الإثني، فضلا عن الثقافة السياسية والأيديولوجية.[2]

المطلب الرابع: المستوى الفردي

يركز الباحث في هذا المستوى التحليلي على الطبيعة الإنسانية، والاستعدادات المسبقة (كالنزعة العدائية أو المسالمة)، إضافة إلى الأنظمة العقائدية للقادة السياسيين، والعمليات السيكولوجية التي ترافق مسار صناعة القرار. [3]

المبحث الثاني: مناهج البحث في دراسة العلاقات الدولية

المطلب الأول: تعريف منهج البحث

– هو وسيلة للاستعلام و الاستقصاء المنظم و الدقيق، الذي يقوم به الباحث، بغرض اكتشاف معلومات أو علاقات جديدة، بالإضافة إلى تطوير أو تصحيح المعلومات الموجودة فعلا، على أن يتبع في هذا الفحص و الاستعلام الدقيق، خطوات المنهج العلمي.[4]

– هو فن هادف و عملية لوصف التفاعل المستمر بين النظريات و الحقائق، من أجل الحصول على حقائق ذات معنى، و على نظريات ذات قوى تنبؤية.[5]

– هو محاولة لاكتشاف المعرفة و التنقيب عنها و تنميتها، و فحصها و تحقيقها بتقص دقيق، و نقد عميق، ثم عرضها عرضا مكتملا بذكاء و لإدراك، يسير في ركب الحضارة العالمية، و يسهم فيه إسهاما إنسانيا حيا شاملا.[6]

المطلب الثاني: مجموعة المناهج التقليدية لدراسة العلاقات الدولية

– المنهج التاريخي:

و يعد المنهج التاريخي المرحلة الأولى من تطور موضوع العلاقات الدولية كحقل معرفة أكاديمية. وهو أكثر المناهج التقليدية شيوعا و يعلق أهمية كبرى على التطور التاريخي الدبلوماسي، و ذلك على أساس أن العلاقات الدولية المعاصرة جذورا و امتدادات تاريخية سابقة.

إن دعاة هدا المنهج يعتقدون بأنه يحق مزايا نوعية ، منها القدرة على تحري الأسباب التي تكمن وراء نجاح أو فشل قادة الدول في إتباع سياسات خارجية معينة في وقت ما.

كما أن استخدام هذا المنهج يؤدي إلى تفهم أكبرو أعمق للاتجاهات التي يسلكها تطور العلاقات السياسية بين الدول و انتقالها من نظام إلى آخر. كما أنه يساعد على تفهم الكيفية التي يتم بها اتخاذ بعض القرارات السياسية الخارجية و الدوافع التي تمليها و النتائج التي تتبلور عنها و ذلك في الإطار الخارجي.

إلى المدرسة الغربية لا ترى أن المنهج التاريخي غير ضروري و لكنها تقر بأنه غير واف لفهم العلاقات الدولية ، بينما الماركسية تشدد على أن المنهج التاريخي هو بحد ذاته يخضع لقوانين التطور الديالكتيكي و بالتالي فأنه منهج واف.[7]

2- المنهج القانوني:

إن هذا المنهج يعكس العلاقات الوثيقة بين الظروف التاريخية و العلمية و بين أسلوب تطوير العلاقات الدولية. و هذا المنهج لا يحلل العلاقات السياسية الدولية في إطار ديناميكيات السياسية و القومية التي تتحكم في مجرى هذه العلاقات و إبراز كيانها على نحو أو آخر عند كل مرحلة من مراحل تطورها، و إنما يحاول هذا المنهج أن يقصر التحليل على الجوانب القانونية التي تحيط بعلاقات الدول مع بعضها، و بجملة أدق أي أنه يدرس الموضوع من زاوية القانون الدولي أكثر من أي شيئ آخر.

إن الموضوعات التي يهتم هذا المنهج بدراستها و تحليلها هي المعاهدات و الاتفاقيات الدولية و تحليل عنصر الدولية في تصرفات الدول و التمييز بين ما يعد مشروعا أو غير مشروع من وجهة النظر القانونية. كما أنه يهتم بدراسة التكييف القانوني لموضوع الاعتراف بالدولة أو بنظام الحكم فيها، و الآثار المترتبة على الاعتراف أو عدمه في علاقات الدول بعضها ببعض. كما أن هذا المنهج يولي اهتماما للتكييف القانوني لموضوع الحرب و كيفية تسوية المنازعات الدولية بالطرق القانونية و الدبلوماسية.

يمكن القول إن هذا المنهج القانوني كان أكثر وضوحا و تأثيرا في مطلع القرن العشرين و ذلك لأن حل المنازعات الدولية كان يستوجب البحث عن إجراءات قانونية لتسويتها، كما أن تحقيق السلام و الأمن لا يمكن أن يكون إلا من خلال مؤسسات دولية تعتمد قوانين دولية في الحرب و الحياد و التحكم و التسوية و نزع السلاح[8]

3- المنهج الواقعي:

لقد شهد القرن العشرون و بالذات الثلاثينيات منه انعطافا حادا في نظرية تفسير العلاقات الدولية أطلق عليه المدرسة الواقعية إن هذه النظرية تعد نفسها أكثر النظريات اتصالا بالواقع الدولي و تعبيرا عن تعقيداته.

إن الدعائم التحليلية في النظرية الواقعية “لمورجانثو” هما فكرة المصلحة و فكرة القوة، و المصلحة في مفهوم هذه النظرية ( تتحد في إطار القوة التي تتحد بدورها في نطاق التأثير و السيطرة).[9]

و من هنا يبدو أن النظرية الواقعية تنظر إلى المجتمع الدولي و العلاقات الدولية على أنها صراع مستمر على زيادة قوة الدولة و استغلالها بالكيفية التي تمليها مصالحها و استراتيجياتها بغض النظر عن التأثيرات التي تتركها في مصالح الدول الأخرى.

لقد اتخذت هذه الدراسة طروحات المنهج الأخلاقي هدفا لها صوبت إليه جملة اتهامات مفاهيمية و تحليلية. حيث أنها ذهبت إلى أقصى البعد الآخر بالهجوم على الفكر المثالي، و إن هذا ليس دليلا على صواب منطلقها. إن الواقعية منهج يرى في التاريخ شواهد على صواب التشخيص و تثبيتا للقناعة بأن هناك جوهرا للسياسة الدولية نصل إليه عن طريق واحد لا بديل له و هو القوة. و هكذا يحاول ” كال هولستي” أن يكشف عن جوانب مفهوم القوة و يسخرها للأغراض النظرية[10] فأعطى القوة معنى فعلي تأثيري و معنى القدرات التي تسخر في التأثير[11]. بل و ردود الفعل المعاكسة للفعل.[12]

4- المنهج الذي يركز على فكرة المصالح القومية:

إن السعي نحو تحقيق المصلحة القومية للدولة هو الهدف النهائي و المستمر لسياستها الخارجية. و هذا هو المنطلق الرئيسي لهذا المنهج، و بمعنى أدق أن المصلحة القومية هي محور الارتكاز أو يمكن القول بأن القوة الرئيسية المحركة للسياسة الخارجية لأي دولة من الدول.

و لهذا المنهج مزايا من بينها أنه يجرد أهداف السياسات الخارجية للدول من التبريرات المفتعلة أو غير الواقعية التي تحاول أن تنسبها إلى هذه السياسات، كذلك أن هذه الفكرة أي فكرة المصالح القومية توضح جانب الاستمرار في السياسات الخارجية للدول على الرغم من التبدل الذي قد يصيب الزعامات السياسية.[13]

5 – المنهج المثالي:

إن هذا المنهج يعتمد بالأساس على جملة من المبادئ و القيم و المثل التي يعتنقها دعاة هذا المنهج. فقد حاولوا أن يقيموا وفقا لتصوراتهم نظاما دوليا مثاليا يتلاءم مع القيم و المبادئ و المثل التي دعوا إليها.

إن النظام الدولي الذي يتصوروه هذا المنهج قائم على حكم القانون و الخضوع لسلطة التنظيم الدولي في كل ما يتعلق بشؤون المجتمع الدولي. و لو نظرنا إلى ديباجة ميثاق الأمم المتحدة التي تعلن نبذها لمبدأ العنف و العدوان، و تدعوا إلى ارتقاء سلطة التنظيم الدولي و حل الخلافات الدولية بالطرق السلمية، لرأيناها مثالا واضحا يعكس جوهر هذا المنهج.

إلا أن التصورات المثالية لا يمكن أن تشكل بذاتها نظرية أو هيكلا محددا يمكن تحليله و التعرف على الجوانب المختلفة التي تحكم عمله، لكنه يقوم على استخدام مقاييس الصواب والخطأ في إطار من القيم الأدبية و الأخلاقية التي لا تعكس الأوضاع الحقيقية للمجتمع الدولي الذي لا يزال حتى وقتنا الحاضر يعلق أهمية كبيرة على القوة كأداة تخدم سياسات الدول و أهدافها القومية.[14]

المطلب الثالث: مجموعة المناهج المعاصرة لدراسة العلاقات الدولية

1- المنهج القائم على تحليل النظام السياسي الدولي:

إن هذا المنهج مقتبس بالأساس من نظرية النظم في دائرة العلوم الاجتماعية، و من الدعاة البارزين لتطبيق هذا الاتجاه في دائرة العلاقات السياسية الدولية ( مورتون كابلان).

إن الأهداف العلمية التي يهدف إليها هذا المنهج هي التوصل إلى القوانين و النماذج المتكررة في كيفية عمل هذه النظم و تحديد مصادر و مظاهر الانتظام فيها، و من أمثلة النظم السياسية الدولية أو العالمية، نظام توازن القوى و نظام القطبية الثنائية، و نظام تعدد مراكز اتخاذ القرارات في السياسة الدولية. أما عن النظم الفرعية المنبثقة من هذه النظم السياسية العالمية فهي عصبة الأمم، و الأمم المتحدة، و منظمة الدول الأمريكية، و الكومنولث البريطاني، و حلف الأطلنطي، و منظمة الوحدة الافريقية و الجامعة العربية و غيرها من النظم الدولية و الاقليمية ذات الطابع الجغرافي المحدود.[15]

2- المنهج القائم على أساس التوازن:

تعد جهود (جورج لسكا) في تيا المحاولات العديد التي تلت الحرب العالمية الثانية في البحث الجاد عن نظرية تحليلية لتفسير العلاقات الدولية في إطار ما يسمى بنظرية التوازن، و التوازن الذي تعنيه هذه النظريات ليس توازنا ستاتيكيا و لكنه توازن من نوع آخر يتميز كما يقول (جورج لسكا) بناحيتين أساسيتين في الوقت نفسه ” فهو توازن واقعي من جانب كما أنه توازن ديناميكي من جانب آخر” [16]

و يعرف هذا التوازن الواقعي الديناميكي بأنه ” حالة من الاستقرار النسبي الموقت الذي قد يختل تحت تأثير بعض العوامل ممهدا الطريق بذلك أمام ظهور توازن مؤقت جديد” [17]

3- المنهج القائم على أساس اتخاذ القرارات في السياسة الخارجية:

و هو من أكثر المناهج التي تلاقي اهتماما في دراسة العلاقات السياسية الدولية، و تهتم هذه النظرية بتحليل كل العوامل و المؤثرات التي تحيط بواضعي السياسة الخارجية عند إصدارهم قرارات معينة. و يعد ” ريتشارد سنايدر” رائد هذا المنهج في التحليل.

إن هذا المنهج يرى في اتخاذ القرارات عملية متتابعة المراحل و تشمل على عدد من الأطراف المتفاعلين في بيئة قرارية معينة، و هذه البيئة القرارية تضم الوحدات السياسية المسؤولة عن اتخاذ القرار الخارجي.

4- المنهج القائم على أساس نظرية المباريات:

إن هذه النظرية تعد من أكثر الأساليب المتطورة و المستخدمة في مجال التحليل النظري للعلاقات الدولية، و هي تقوم على تخيل وجود أزمات دولية، حقيقية أو وهمية، و إسناد أدوار محددة لعدد من الأطراف و تقوم هذه الأطراف بتحليل أبعاد الأزمة كافة، و عمل نطاق واسع من القرارات البديلة التي تصلح لحل هذه الأزمات. و إن هذه النظرية تواجه نقصا جديا يكمن في كونها لا تصلح لعمل تنبؤات بشأن سياسات الدول و إنما تقوم على افتراض مولقف معينة قد لا تحدث في الواقع، و قد تحدث و لكن الدول المشتركة فيها تتصرف بطريقة مختلفة تماما الأمر الذي بقلل إلى حد ما من قيمة هذه النظرية.

و من الجوانب التطبيقية في نظرية المباراة في السياسات الدولية مفتهيم المساومة و قضية الردع العسكري، و الهجوم المفاجئ و نزع السلاح و الحرب المحدودة.

و من خلال استعراض جميع الناهج سواء التقليدية منها أم المعاصرة فإننا نصل إلى حقيقة مفادها أن دراسة العلاقات السياسية الدولية صعبة و معقدة.[18]

و أن الصعوبة و التعقيد يكمنان في أن المجتمع الدولي يختلف عن المجتمع السياسي الداخلي، لأن الأول يمثل مجموعة غير متجانسة من النظم و القيم و الاتجاهات ما يجعل التعرف على عملية التغيرات التي تحدث فيه من الصعوبة بمكان. كما أن المشكلة الرئيسية التي تواجه التحليل التحليل النظري في مجال العلاقات السياسية الدولية هي الغموض في طبيعة المادة التي يتناولها التحليل. كما أن دارسي العلاقات الدولية يجب بأن يدركون بأن الافتراضات و الحلول و التوقعات التي يصلون إليها بشأن هذه المشكلات المعقدة، لا يمكن أن تكون حتمية أو مؤكدة و إنما هي في أحسن الأحوال ستكون تخمينات يصل إليها عن طريق الاجتهاد الخاص في تحليل القوى و الضغوط التي تؤثر في موقف معين من مواقف السياسة الخارجية.

المبحث الثالث: علاقة علم العلاقات الدولية بالعلوم الأخرى

المطلب الأول: علاقة علم العلاقات الدولية بالقانون الدولي

إن تطور العلاقات و الروابط بين الأفراد و الجماعات و الدول تاريخيا كان مصاحبا لتطور أعراف و قواعد و مبادئ كان الغرض منها تنظيم تلك العلاقات. بمعنى آخر إن علم القانون الدولي قد ظهر كأداة من أجل تنظيم العلاقات بين الدول، لذلك يعد المجتمع الدولي قد ظهر كأداة من أجل تنظيم العلاقات بين الدول، لذلك يعد المجتمع الدولي المجال الأساسي لعمل القانون الدولي، و العلاقات الدولية هنا تعد العلاقات المنظمة و التي تقوم على قاعدة القانون الدولي و أساسه.[19]

يعرف الفقيه الانجليزي ” أوبينهايم” القانون الدولي بأنه مجموعة القواعد العرفية و الاتفاقية التي تلزم الدول في علاقاتها. و يقول الفقيه الأمريكي ” هوايت مان” إن القانون الدولي هو مجموعة قواعد السلوك الدولي التي وجدت قبولا عاما من المجتمع الدول… و تستند هذه القواعد بالأساس على رضا المجتمعات المتمدنة.[20]

إن طبيعة القانون الدولي تقوم على وجود قواعد أنشئت طوعا بواسطة دول تلتزم بها أكثر من شيئ مفروض عليها من قبل سلطة عليا خارجية. و الدول طبقا لذلك لا ترغب في تطبيق قواعد قانونية تحد من حريتها و تعمل على اعطاء الأولوية لهدف تحقيق مصالحها الحيوية.

القانون الدولي يدرس القواعد التي تكون محددة فعليا و التي يجب احترامها، أي إنها علم معياري، و من هنا يظهر موقع القانون الدولي الذي يستخدم كعلم مساعد للعلاقات الدولية. فالقانون الدولي يدرس القوانين و المعاهدات و الاتفاقيات و الأحكام الدولية القائمة و التي يجب احترامها.[21]

حسب تلك القواعد تمتلك الدولة في العلاقات التي تقيمها مع بقية رعايا القانون الدولي الاختصاصات الأكثر انتشارا التي يقرها هذا القانون، و تستفيد الدولة من حق التقيد بالمعاهدات و بالأعمال المفردة، العضوية في المنظمات الدولية، استخدام القوة في إطار حق الدفاع المشروع عن النفس، تقديم المطالب الدولية ضد بعض رعايا القانون الدولي، إقامة علاقات اقتصادية مع الخارج، إقامة العلاقات الدبلوماسية و القنصلية مع الدول الأخرى.[22]

لكن القانون الدولي لا يزال يعاني من أمور عدة، إذ ليس من اليسير تحديد طبيعته أو أغراضه ،و لكي يواكب عليه أن يتخلص من عدم الدقة و الغموض بالاضافة إلى ان القانون الدولي يستند على فرضيات يصعب الأخذ بها، فهو يرى أن المجتمع الدولي مؤلف من دول و جماعات لها مصالح متناثرة و متعاضدة يمكن اخضاعها إلى مبادئ عقلانية يجسدها القانون. و أكثر من هذا، يفترض بأن هناك قناعة و رغبة مشتركة بين جميع الدول تنم عن إرادة في تنسيق العلاقات و الروابط بينها عن طريق القانون.[23]

و من الواضح أن هذه الرؤية تبالغ في التفاؤل و تشوه الصورة الحقيقية للسياسة الدولية.

جملة القول فإن التباين بين علم العلاقات الدولية و القانون الدولي يتمثل في التباين بين التحليل الموضوعي لروابط الواقع و بين التحليل الشكلي للروابط القانونية، و من ثم أن التباين ليس مقصورا على طريقة التحليل فحسب و إنما هو قائم أيضا في شأن مادة البحث، إن مادة البحث في القانون الدولي هي الروابط القانونية بينما في علم العلاقات الدولية هي روابط الواقع.[24]

هكذا يقتصر اللقاء بين القانون الدولي العام و العلاقات الدولية على مجرد أنهما يعملان في مجال واحد هو مجال العلاقات بين الدول فيما عدا ذلك فإنهما مختلفان.[25]

المطلب الثاني: علاقة علم العلاقات الدولية بالاقتصاد الدولي:

دراسة الاقتصاد الدولي تدخل ضمن إطار علم الاقتصاد. و يتناول الاقتصاد الدولي العلاقات الاقتصادية القائمة في المجتمع الدولي، و يحتل أهمية خاصة بالنسبة لعلم العلاقات الدولية، لأن العامل الاقتصادي يلعب دورا كبيرا في توضيح أسس تطور المجتمع الدولي و العلاقات الدولية في حياتنا المعاصرة.[26]

تعتبر الأنظمة الاقتصادية العامل الاقتصادي من المؤثرات الهامة الفاعلة في العلاقات الدولية.[27]

و توجد علاقات قوية بين الاقتصاد الدولي و القوة السياسية للأمم، و لكن أقل ما يقال عنها إنها عامة و غامضة. الأسواق المنظمة يتم انشاءها من خلال الاتفاقيات السياسية التي توقعها الدول، القوة السياسية الدولية هي التي تحدد العلاقات القانونية، فهي التي تنشئ أو تدمر الفرص الاقتصادية، و يتم ذلك بطرق شتى، و من ناحية أخرى نجد إن القوة السياسية و العسكرية لدولة ما تعتمدان بشكل أساسي على قوتها الاقتصادية.[28]

أصبحت السياسة الاقتصادية مستبد هذا العنصر، و الاقتصاد هو الذي يحتل المكان الذي كان يأخذه القياصرة و الباباوات.[29] فمثلا نجد أن العلم شهد في العقدين الأخيرين تحولات كبرى من ضمنها التحول من المجتمع الصناعي إلى مجتمع ما بعد الصناعة أو مجتمع المعلومات، و التحول من الاقتصاد الوطني إلى الاقتصاد العالمي.[30] و تضاعف دور الشركات المتعددة الجنسيات و هي تعكس لأول مرة في التاريخ البشري إدارات يمتد عملها عبر حواجز المكان و اللغة، و أصبح العلم كله سوقا واحدة ممتدة تديرها عقول فردية من نقاط مركزية.[31] و تناغما مع الدور الذي يلعبه الاقتصاد الدولي، فإن العلاقات الدولية كعلم يركز كثيرا على دراسة التنمية و التخلف و علاقات التبعية و الاعتماد المتبادل و مساعدات التنمية الاقتصادية و الجوع و الجفاف و الديون و قضايا اللاجئين، و كذلك المؤسسات و المنظمات الدولية التي تهم هذا الفرع من المعرفة.[32]

المطلب الثالث: علاقة علم العلاقات الدولية بالمواضيع المشابهة لها

السياسة الخارجية: يعرف “مارسيل ميرل” السياسة الخارجية بأنها :” ذلك الجزء من النشاط الحكومي الموجه نحو الخارج .”أية سياسة خارجية حينما تخرج وراء حدود الدولة فإنها تلتقي بغيرها من السياسات الخارجية للدول ، و إن التفاعل النّاجم عن ذلك يطلق عليه السياسة . إذن تشمل السياسة الخارجية التفاعلات السياسية ، غير أن التفاعلات التي تجري في المسرح الدولي هي ليست سياسية فقط و إنما هي أيضا تفاعلات تشمل الجوانب الاقتصادية و العسكرية و الاجتماعية و الثقافية و غيرها من أنواع التفاعلات الأخرى التي تكوّن في مجملها ظاهرة .

– السياسية الدولية : إن السياسية الدولية هو نشاط وتفاعل الدول في المضمار الدولي و (العلاقات الدولية) هي نظام الروابط الواقعية ما بين الدول كنتيجة لنشاطاتها وكوسيلة من البيئة المتواجدة فيها السياسية الدولية تعتبر السياسية الدولية عنصر فعال ومهم لتشكيل وتفعيل العلاقات الدولية
والعلاقات الدولية تتبدل باستمرار تحت تأثير و ضغط السياسية الدولية وتؤثر في الوقت نفسه على مضمونها وصفاتها

الخاتمة:

إنّ دراسة العلاقات الدولية بصورة منهجية و علمية أصبحت مطلبا مهما بعد الحرب العالمية الأولى و تزامن هذا المطلب مع رغبة توضيح السياسة و قد ساعدت أنماط و مستويات التحليل بالإضافة إلى مناهج البحث على دراسة و فهم و استيعاب علم العلاقات الدولية.

[1] http://www.geocities.com/adelzeggagh/level_of_analysis.html زقاغ عادل

زقاغ عادل [2] http://www.geocities.com/adelzeggagh/level_of_analysis.html

[3] http://www.geocities.com/adelzeggagh/level_of_analysis.html زقاغ عادل

[4] أحمد بدر، أصول البحث العلمي و مناهجه، الكويت، وكالة المطبوعات،1973،ص 18.

[5] محمد نجيب، مفهوم البحث العلمي، مترجما، مجلة الإدارة العامة، التي يصدرها معهد الادارة العامة بالمملكة العربية السعودية، ع 40، جانفي 1984، ص 148.

[6] ثريا عبد الفتاح ملحس، منهج البحوث العلمية للطلاب الجامعيين، بيروت، مكتبة المدرسة و دار الكتاب اللبناني، 1960، ص 24.

[7] علي عودة العقابي،العلاقات الدولية: دراسة تحليلية في الأصول و النشأة و التاريخ و النظريات.

[8] علي عودة العقابي،العلاقات الدولية: دراسة تحليلية في الأصول و النشأة و التاريخ و النظريات.

[9] اسماعيل صبري مقلد؛ العلاقات السياسية الدولية؛ منشورات ذات السلاسل، الكويت، ط5 ، 1987، ص 18.

[10] هولستي، خلفيات فكرة القوة في العلاقات الدولية، فبراير1964.و الاقتباس من كاظم هاشم نعمة، العلاقات الدولية، ج1، بغداد،1978، ص 46

[11] كاظم هاشم نعمة، العلاقات الدولية، المرجع نفسه، ص 46

[12] المرجع نفسه، ص 46-47

[13] علي عودة العقابي،العلاقات الدولية: دراسة تحليلية في الأصول و النشأة و التاريخ و النظريات.

[14] علي عودة العقابي،العلاقات الدولية: دراسة تحليلية في الأصول و النشأة و التاريخ و النظريات.

[15] اسماعيل صبري مقلد، مررجع سابق،ص 31.

[16] كاظم هاشم نعمة مرجع سابق، ص 66.

[17] كاظم هاشم نعمة، المرجع نفسه، ص 66.

[18] علي عودة العقابي،العلاقات الدولية: دراسة تحليلية في الأصول و النشأة و التاريخ و النظريات

[19] ماجد محمد شدود، العلاقات السياسية الدولية، دمشق: دار الكتاب، 1992، ص59.

[20] البخاري عبد الله الجعلي: القانون الدولي العام، الخرطوم: جامعة النيلين،1997، ص 3.

[21] ريمون حداد، العلاقات الدولية، مرجع سابق، 31

[22] إسماعيل الغزال، القانون الدولي العامّ، بيروت: المؤسسة الجامعية، 1986، ص 95-96

[23] كاضم هاشم نعمة، العلاقات الدولية، مرجع سابق،ص 10-9

[24] محمد طه بدوي، ليلى مرسي، مبادئ العلاقات الدولية، الاسكندرية: منشأة المعارف،2000، ص 414.

[25] محدمد منذر؛ مبادئ العلاقات الدولية، بيروت: المؤسسة الجامعي،2002،ص 20.

[26] ماجم محمد شدود، العلاقات السياسية الدولية، دمشق: دار الكتاب،1992، ص 60.

[27] كاظم هاشم نعمة، العلاقات الدولية،مرجع سابق، ص 129.

[28] Thomas D. Lairson,David Skidmore:International Political Economy: The

Struggle for Power and Wealth(Florida: Rinehart & Winston Inc, 1997), P.6-7

[29] عبد الهادي عبد الرحمان، الفوضى و التاريخ، القاهرة: العصور الجديدة،2000، ص 200.

[30] علي سلمي،الادارة الجديدة، القاهرة: كتاب الأهرام الاقتصادي،1995، ص 15.

[31] ابراهيم البشير عثمان، العلاقات الدولية المعاصرة، الرياض، دار العلوم، 1990، ص 200.

[32] محمد خلف، مدخل إلى علم العلاقات الدولية، عمان، دار زهران لللنشر، 1997، 128.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى