دراسات التنظيم والتسيير

الأداء الوظيفي للأستاذ الجامعي ودوره في تحقيق جودة التعليم العالي من وجهة نظر الأساتذة: دراسة ميدانية بجامعة البليدة 2

د. فوزية مصبايح • د. أمال مقدم/جامعة خميس مليانة، عين الدفلى، الجزائر

Mosbaiah FouziaMokeddem Amel/ Djilali Bounaama  Universituy, Khemis Miliana, Algeria

مقال منشور   مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 74  الصفحة 131.

 

ملخص:

نهدف من خلال هذه الدراسة إلى معرفة دور الأداء الوظيفي للأستاذ الجامعي في تحقيق جودة التعليم الجامعي من وجهة نظر الأساتذة، وفيما إذا كانت توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين أساتذة التعليم الجامعي لجامعة البليدة 2 في مستوى أدائهم الوظيفي، وفي مستوى جودة تعليمهم. ولتحقيق أهداف الدراسة تم اختيار عينة عشوائية بسيطة من أساتذة التعليم الجامعي بجامعة البليدة 2 قوامها 150 أستاذا، حيث طبق عليها مقياسين الأول خاص بالأداء الوظيفي للأستاذ الجامعي، والمقياس الثاني خاص بجودة التعليم الجامعي، منتهجين في ذلك المنهج الوصفي التحليلي. وبعد جمع البيانات وتحليل النتائج توصلنا إلى أنه: للأداء الوظيفي للأستاذ الجامعي دور في تحقيق جودة التعليم الجامعي بجامعة البليدة2، وأنه توجد فروق ذات دلالة إحصائية في مستوى أدائهم الوظيفي، وكذلك في مستوى جودة تعليمهم.

الكلمات المفتاحية: الأداء الوظيفي، جودة التعليم، الأستاذ الجامعي، الجامعة.

 مقدمة:

     إن تحسين نوعية وجودة التعليم الجامعي(العالي) أصبح حاجة ملحة وتطرحها الكثير من المتغيرات الاقتصادية والتكنولوجية والتعليمية، فالجامعة كمؤسسة لا تزال منبع الفكر والإبداع الإنساني في أرفع مستوياته العلمية والأدبية والفنية، وهي المسئولة عن تنمية رأس المال البشري، وأمل تلك المجتمعات في إمدادها بالإطارات ذات الكفاءة العلمية والفنية، والجامعة كتنظيم أيضا تضم عناصر مادية كالبناءات والتجهيزات والمكتبات وعناصر بشرية كالإداريين والطلبة والأساتذة، لكن مكانة هذه الجامعة ارتبطت بمكانة أساتذتها.

     وقد صارت قوة الجامعات اليوم تقاس بارتفاع وانخفاض أداء أساتذتها وعلمائها، والتعليم الجامعي لا يمكن أن يقوم بدوره ويتطور إلا إذا وفرت الإمكانات لهذا الفاعل (الأستاذ)، والذي يعتبر العنصر الفعال في العملية التعليمية الجامعية، وهو الوحيد القادر على تعويض أي نقص أو تقصير محتمل في الإمكانات الفنية والمادية للجامعة، فهو الأساس في إنجاح العملية التعليمية حيث يتوقف نجاح الجامعة في تحقيق أهدافها على مقدار ما يبذله كل عضو في هيئة التدريس من نشاط ومقدار ما يمتلكه من تمكُّن من مادته العلمية والقدرة على إيصالها، وامتلاك كفايات تتصل بالمواد التدريسية، وكفايات تتصل بالطلبة، وممارسة علاقات إنسانية طيبة مع كل الفاعلين في الجامعة.

     فتقدم الدول أصبح اليوم يرتكز على مدى أداء المتخرجين من الجامعة، ومدى تمكنهم من توظيف معارفهم المكتسبة فيها لتحقيق الجودة في التعليم، ولهذا فإن تطوير التعليم الجامعي أضحى ضرورة حتمية والذي يعتمد على تحسين وتقويم أداء الأستاذ الجامعي المسئول على إعداد هذه الكوادر والكفاءات البشرية المستقبلية. فتحديث المؤسسة الجامعية أو تطويرها لابد أن يستهل أعضاء هيئة التدريس (الأساتذة) بالنظر في طريقة إعدادهم وكيفية تحسين أدائهم وتجديد البرامج المناسبة للتطوير، والعمل على خلق نظام يعمل على تفعيل الحوار بين الفاعلين داخل الجامعة لتحقيق الجودة التعليمية للمتخرجين، والرفع من مستوى الشهادات العلمية، وهذا ما سنسعى للتطرق إليه من خلال هاته الدراسة البحثية.

  1. إشكالية الدراسة:

     تعيش المجتمعات عصرا يتسم بالتطور والتغيير في شتى مجالات الحياة، مما يجعلها تواجه تحدياً مشتركاً حتى يتسنى لها التكيف والتأقلم مع متطلباته، فالتطورات التي أفرزتها ثورة المعلومات والانفجار التكنولوجي أوجدت مشكلات عدة منها ما هو نفسي، وتكنولوجي، واقتصادي واجتماعي، لذلك كان من المحتم على المنظمات- التي تعتبر نواة تشكل المجتمعات- أن تستجيب لهذه التطورات من خلال الرفع من مستوى أدائها، غير أن هذا لا بجدر به أن يكون مجرد حبر على ورق أو مجرد كلام تتداوله الكتب والدراسات وألسنة الباحثين، بل يجب أن يترجم إلى أفعال حقيقية وأعمال واقعية تكون نتائجها مضمونة وناجحة حتى يعترف بها عالميا.

     إن التعليم يُعد الفرد للحياة الخاصة ويزوده بالجوانب الخلقية، الدينية والاجتماعي  ة، فهو يمثل خدمة استهلاكية وحق من حقوق الفرد، وبالتالي مسؤولية على الدولة يجب أن توليها عنايتها وأن تخطط لها وتتفق عليها.

  وعلى اعتبار الجامعة منظمة خدمية تعليمية، فهي تسعى جاهدة لتوفير أفضل الخدمات التعليمية من أجل الرقي بالبحث العلمي والرفع من قيمة العلم وتحسين أداء الموارد البشرية العاملة بها والمتخرجة منها تلبية لمتطلبات المجتمع الذي هو بحاجة ماسة إليها، باعتبارها إحدى المنظمات التي تعمل في صناعة التعليم العالي لتلبية حاجات المجتمع، ولعل من أهم وظائفها تنمية الموارد البشرية وتوفير احتياجات سوق العمل من المهن والوظائف الجديدة، كما تقوم بمجموعة من الأدوار المهمة من نقل للمعرفة عن طريق النشاط التعليمي، وإنتاج المعرفة من خلال النشاط البحثي وخدمة المجتمع بصنع الكفاءات المستقبلية.

     وتعتبر جودة التعليم العالي أحد أهم الطرق التي تلح عليها الجهات الوصية من أجل تطوير نوعية التعليم العالي والرفع من مستوى أدائه في وقتنا الحاضر، لذا تسعى الجامعة لتوفير أساتذة يمتلكون الكفاءات والمهارات المتعددة والمتنوعة اللازمة في كل الميادين الإنسانية والثقافية والبحثية والتدريسية والمهنية، تؤهلهم لأن يكونوا أكفاء قادرين على تبليغ رسالتهم التي تتجلى من خلال نشاطهم التعليمي الذي يتضمن التدريس في القاعة، وما يتبعونه من إلمام بالمعلومات المقدمة، وتوضيح للأفكار والتخطيط للمحاضرات، واستخدام كفاءات تدريسية متميزة، بالإضافة إلى استخدام وسائل تعليمية إيضاحية مثل شاشات العرض، كما تتجلى في نشاطهم البحثي الذي يشمل إجراء الدراسات والأبحاث العلمية، المشاركة في الملتقيات والمؤتمرات، وكذلك قيامهم بمحاولة التأليف والترجمة حيث يؤكد الكبيسي وآخرون (2009) أن:” جزء كبير من تحقيق أهداف التعليم العالي يقع على عاتق عضو هيئة التدريس بل إن نظام التعليم العالي يقوم برمته على أكتافه، والعمل الأساسي للأستاذ الجامعي هو التدريس وما يتصل به من لقاء الطلاب في قاعات الدراسة وخارجها، وإعداد المحاضرات والاختبارات “[1].

     ولكن ما يلاحظ على أرض الواقع نجد تباين في أداء الأساتذة منهم من يجتهد في عمله ويثابر عليه باستمرار فيسعى للمشاركة في الملتقيات والمؤتمرات، ويقوم بنشر إنتاج ويطلع على أحدث طرائق التدريس، ويتمتع بروح الانتماء إلى الجامعة، في حين نجد البعض الآخر لا يبذل جهداً من أجل تطوير وتحسين أدائه، مما يؤثر على جودة تعليمه، وعلى هذا الأساس نسعى من خلال هاته الدراسة إلى الكشف عن دور الأداء الوظيفي للأستاذ في تحقيق جودة التعليم الجامعي من خلال طرح التساؤل الآتي: هل للأداء الوظيفي للأستاذ الجامعي دور في تحقيق جودة التعليم الجامعي من وجهة نظر الأساتذة؟ والذي تتفرع عنه التساؤلات الجزئية الآتية:

– هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين أساتذة التعليم الجامعي لجامعة البليدة 2 في مستوى أدائهم الوظيفي؟

– هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين أساتذة التعليم الجامعي لجامعة البليدة 2 في مستوى جودة تعليمهم؟

2 فرضيات الدراسة:

الفرضية العامة:

الأداء الوظيفي للأستاذ الجامعي له دور في تحقيق جودة التعليم الجامعي من وجهة نظر الأساتذة لجامعة البليدة .

الفرضيات الجزئية:

– توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين أساتذة التعليم الجامعي لجامعة البليدة 2 في مستوى أدائهم الوظيفي.

– توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين أساتذة التعليم الجامعي لجامعة البليدة 2 في مستوى جودة تعليمهم.

  1. 3. أهداف الدراسة:

   نهدف من خلال هذه الدراسة إلى الكشف عن أداء الأستاذ الجامعي ودوره في تحقيق جودة التعليم الجامعي، وفيما إذا كانت توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين أساتذة التعليم الجامعي لجامعة البليدة 2 في مستوى أدائهم الوظيفي ومستوى جودة تعليمهم.

  1. 4. أهمية الدراسة:

     يعتبر الأستاذ الجامعي ركيزة أساسية في المؤسسة الجامعية، لذلك فأهمية الموضوع تنبع من المتغير بحد ذاته، لما له من دور بالغ الأهمية في العملية التعليمية، وجودة مدخلاتها ومخرجاتها في نفس الوقت، فأداء الأستاذ الجامعي يساهم بدرجة كبيرة في تلبية رغبات الطلاب وأولياءهم والمجتمع، وبالتالي تحقيق أهداف الجامعة والتي بدورها تساهم في تحقيق جودة التعليم الجامعي.

  1. حدود الدراسة:

– الحدود المكانية: أجريت الدراسة بجامعة لونيسي علي البليدة 2.

– الحدود الزمانية: أجريت هذه الدراسة خلال الموسم الجامعي 2020-2021 .

– الحدود البشرية: اقتصرت هذه الدراسة على عينة من أساتذة التعليم الجامعي من مختلف التخصصات.

الإطار النظري والدراسات السابقة:

  1. تحديد المفاهيم الأساسية للدراسة:

مفهوم الأداء: مصدر للفعل أدّى، ويقال أدّى الشيء أي قام به، وتشير بعض الكتابات إلى أن الأداء هو أداء مهارة، القدرة على عمل شيء ما، أداء عمل[2].

     وعرفه اللقاني (2003)على أنه:” ما يصدر عن الفرد من سلوك لفظي أو مهاري، وهو يستند إلى خلفية معرفية ووجدانية، وهذا الأداء يكون عادة على مستوى معين يظهر منه قدرته أو عدم قدرته على أداء عمل ما “[3].

     ومن خلال هذان التعريفان يتبين لنا أن الأداء الوظيفي هو تلك النشاطات التي يستخدمها الأستاذ في وظائفه المهنية، ويقاس بالدرجة الكلية التي يتحصل عليها أفراد العينة في المقاس المعد لذلك.

  1. مفهوم الأستاذ الجامعي:

     يعرف بواب (2015) الأساتذة الجامعيين على أنهم:” مجموعة الأشخاص الناقلين للمعرفة والمسئولين على السير الحسن للعملية البيداغوجية بالجامعة، والقائمين بوظائف وواجبات مختلفة مثل: التدريس والتوجيه العلمي للطلاب وإجراء البحوث العلمية والإشراف عليها “[4].

     ويعرف صالح عبد العزيز الأستاذ الجامعي أيضا على أنه:” محور الارتكاز في منظومة التعليم الجامعي بحثا وتعليما وخدمة للمجتمع ومشاركة في التطور الشامل، وهو العمود الفقري في تقدّم الجامعة وهو مفتاح كل إصلاح وأساس كل تطوير، وعلى كفاءته وإنتاجه يتوقف نجاح الجامعة “[5].

     فالأستاذ الجامعي هو كل فرد يقدم المعرفة العلمية مهما كان نوعها في المؤسسة الجامعية، ويكون متحصل على شهادة الماجستير أو الدكتوراه مع العمل في مجال الأبحاث.

  1. مفهوم الجامعة:

     اشتق مصطلح الجامعة université من اللفظ اللاتيني univarsitas ، والذي يعني جمع الشيء عن تفرقة يجمعه جمعاً، جمعه واجمعه فاجتمع[6].

     وقد عرف شبل(2008) الجامعة على أنها:” القيادة الفكرية والعلمية في المجتمع بما يتوافر لديها من كوادر مؤهلة تأهيلا عالياً، فهي بيت الخبرة ومعقل الفكر في شتى صوره وأصنافه، ورائدة التطور والإبداع وصاحبة المسؤولية في تنمية أهم ثروة يمتلكها المجتمع وهي الثروة البشرية “[7].

     ويوضح التل(1997) بأنها:” مؤسسة تقوم بصفة رئيسية على توفير تعلم متقدم للأشخاص على درجة من النضج يتصفون بالخبرة العقلية والاستعداد النفسي على متابعة الدراسات المتخصصة في مجال أو أكثر من مجالات المعرفة “[8].

     وتعرف الجامعة بأنها الفضاء الجامع لمختلف التخصصات ويتم عن طريقها الحصول على الشهادات، وهي المكان الذي يقوم بوظيفة التدريس، وإعداد البحث العلمي، ونشر الثقافة والمعرفة، وتكوين الإطارات اللازمة لتنمية وخدمة المجتمع.

  1. مفهوم الجودة:

     حسب ما جاء في معجم لسان العرب أن الجودة:” أصلها جود من أجاد، أي أتى بالجيد من قول أو عمل وأجاد الشيء يعني صيره جيدا، والجيد نقيض الرديء، وجاد الشيء جوّده بمعنى صار جيدا “[9].

فالجودة هي مدى قدرة المنتج على تقديم الشيء الذي يريده الزبون منه، ومدى ملائمة المنتج للاستخدام.

  1. جودة التعليم:

     يقصد بها مجموعة المعايير والإجراءات والقرارات التي يهدف تنفيذها إلى تحسين البيئة التعليمية، بحيث تشمل هذه المعايير المؤسسات التعليمية بإطاراتها وأشكالها المختلفة، والهيئة التدريسية والإدارية وأحوال الموظفين الذين لهم علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالمنظومة التعليمية [10].

      فجودة التعليم هي أسلوب إداري يتمحور حول مجموعة من المبادئ والأساسيات، ويركز على تطوير معلومات وبيانات العاملين في المنظومة التربوية، ويقاس بالدرجة التي يتحصل عليها أفراد العينة على أبعاد مقياس جودة التعليم الجامعي.

  1. الدراسات السابقة:

– دراسة نوال نمور(2012) بعنوان: ” كفاءة أعضاء هيئة التدريس وأثرها على جودة التعليم العالي”[11].

     تهدف هذه الدراسة إلى معرفة مدى تأثير كفاءات هيئة التدريس على جودة التعليم العالي، وتمثلت عينتها في سنة أولى ماستر لكلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير بجامعة منتوري قسنطينة، والذي يبلغ عددهم 540 طالب واستخدمت أداة للقياس تمثلت في استبيان كفاءة أعضاء هيئة التدريس واستبيان جودة التعليم العالي لجمع البيانات وفق المنهج التاريخي والوصفي، وكان من أبرز نتائجها: قوة تأثير كفاءات هيئة التدريس على جودة العملية التعليمية، ومعرفة مختلف الجوانب المتعلقة بكفاءات وأداء هيئة التدريس بالكلية ومدى توفر هذه الكفاءات لديهم.

– دراسة نجوى حرنان (2014) بعنوان: ” مساهمة إدارة المعرفة في تحسين جودة التعليم العالي “[12].

     وتهدف هذه الدراسة إلى معرفة مدى مساهمة إدارة المعرفة في تحسين جودة التعليم العالي، وتمثلت عينتها في 187 أستاذا من ثلاثة جامعات جزائرية واستخدمت أداة للقياس تمثلت في استبانة التي قسمت إلى جزأين: الجزء الأول خاص بإدراك مفهوم إدارة المعرفة وتنظيمها واستخدامها، والجزء الثاني خاص بالجودة في مؤسسات التعليم العالي، وفق المنهج الفرضي الاستنباطي ومن أبرز نتائجها أن: أغلبية المعارف تكون مستهلكة عكس بأن تكون منتجة من قبل أعضاء هيئة التدريس، والثقافة التنظيمية غير واضحة نحو تحسين جودة التعليم العالي بسبب مركزية القرار وتهميش اقتراحات وآراء أعضاء هيئة التدريس.

– دراسة لامياء بوديل(2015) بعنوان: ” جودة أداء الأستاذ الجامعي من وجهة نظر الطلبة “[13]

     تهدف هذه الدراسة إلى معرفة مستوى أداء الأستاذ الجامعي تبعا لتقديرات الطلبة، وتمثلت عينتها في 191 طالبا من الذين يدرسون في قسم علم النفس وعلوم التربية بجامعة قاصدي مرباح ورقلة، واستخدمت أداة للقياس تمثلت في الاستبيان الذي يقيس أداء الأساتذة من خلال علاقتهم مع الطلبة وفق المنهج الوصفي التحليلي، وكان من أبرز نتائجها: أن تقدير مستوى أداء الأستاذ الجامعي كان جيدا من وجهة نظر الطلبة، ولا يوجد اختلاف في تقدير الطلبة لمؤشرات الأداء الجيد لأستاذ الجامعي تبعا لعامل الجنس، وعامل المستوى التعليمي، وعامل التخصص.

التعقيب على الدراسات السابقة:

     من حيث الأهداف: اختلفت الدراسات من حيث الأهداف منها من هدفت إلى دراسة العلاقة ومنها من هدفت إلى معرفة تأثير المتغيرات على بعضها البعض، أمّا الدراسة الحالية هدفت إلى معرفة العلاقة بين الأداء الوظيفي للأستاذ الجامعي وتحقيق جودة التعليم الجامعي.

     من حيث العينة: اختلفت العينة من حيث العدد وطريقة الاختيار، فمثلا دراسة بوديل(2015) كان حجم العينة 191 طالب جامعي، وكذلك دراسة تمور(2012) التي اشملت 540 طالب جامعي، حيث تم اختيار عينة هاتين الدراستين عن طريق المسح الشامل، أما دراسة حرنان(2014) كان حجم العينة 187 أستاذا جامعيا تم انتقاءها بطريقة عشوائية، أما دراستنا فقد بلغ عدد العينة فيها 150 أستاذا جامعيا تم اختيارها بطريقة عشوائية بسيطة.

     من حيث المنهج: في أغلب الدراسات التي تناولناها استخدمت المنهج الوصفي ماعدا دراسة حرنان(2014) فقد استعملت المنهج الفرضي الاستنباطي، وبالنسبة لدراستنا الحالية تم استخدام المنهج الوصفي التحليلي.

     كما أن الدراسات السابقة أفادت الباحثتان في بناء أدوات البحث، والتعرف على منهجية البحث المناسبة لمثل هذه الدراسات الاستكشافية، كما أفادت في معرفة الأساليب الإحصائية المناسبة والتي يمكن من خلالها الحصول على النتائج وتفسيرها.

الإجراءات المنهجية للدراسة الميدانية:

  1. منهج الدراسة:

     لتحقيق أهداف الدراسة استخدمنا المنهج الوصفي التحليلي الذي يسعى إلى الوصف المنظم للحقائق وتشخيص الجوانب المتعلقة به، وتحليلها، وتفسير نتائجها.

  1. أدوات الدراسة الأساسية:

     بغية جمع البيانات المتعلقة بموضوع الدراسة والوصول إلى نتائج موثوق بها بطريقة علمية صحيحة قمنا بتصميم مقياسين: الأول خاص بالأداء الوظيفي للأستاذ الجامعي ويضم 28 فقرة، مقسمة على ثلاثة أبعاد البعد الأول الخصائص المهنية، والبعد الثاني الخصائص الشخصية، والبعد الثالث الخصائص الإدارية.  أما المقياس الثاني خاص بجودة التعليم العالي ويضم 23 فقرة، مقسمة على أربعة أبعاد البعد الأول البنية التحتية التكنولوجية، والبعد الثاني مؤشرات التخطيط الاستراتيجي في الجامعة، والبعد الثالث جودة البرامج والمناهج التعليمية، والبعد الرابع جودة الإدارة الجامعية، ويتم تصحيحهما وفق التقدير الخماسي للكرت موافق بشدة، موافق، محايد، أعارض، وأعارض بشدة، وذلك بإتباع الخطوات الآتية:

– مراجعة البحوث والدراسات السابقة ذات الصلة بالموضوع.

– الاستناد إلى مجموعة من المصادر والكتابات العلمية التي تناولت الأداء الوظيفي وجودة التعليم العالي.

– بناء أداة الدراسة بصورتها الأولية والتحقق من مدى توفرها على الخصائص السيكومترية بعد تطبيقها على عينة الدراسة الاستطلاعية التي قوامها 30 أستاذا اختيروا بطريقة عشوائية بسيطة من كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة بخميس مليانة. وللتحقق من صدق الأداتين قمنا بعرض المقياسين على 10 أساتذة من ذوي الاختصاص لتحكيمهما من حيث ملائمة فقراتهما لأغراض الدراسة ومدى صحتهما اللغوية، وبعد الاطلاع على آراء وملاحظات الأساتذة المحكمين أسفرت نتائج التحكيم على حصول معظم الفقرات على درجة اتفاق بين المحكمين تزيد عن نسبة 95 بالمائة في كلا المقياسين، كما اعتمدنا أيضا على حساب الاتساق الداخلي لاختبار مدى تماسك مفردات المقياسين، أما بالنسبة للتأكد من ثبات المقياس استخدمنا معادلة ألفا كرونباخ، والجدول الموالي يلخص الخصائص السيكومترية لأدوات الدراسة:   

 

 

 

 

 

الجدول 1: يلخص الخصائص السيكومترية لأدوات الدراسة

أداة الدراسة الخصائص السيكومترية للمقياس أبعاد المقياس الدرجة الدلالة
    مقاس الأداء الوظيفي للأستاذ الجامعي   صدق المحكمين درجة الاتفاق حسب معادلة كوبر تزيد عن نسبة 95 % عالية
صدق الاتساق الداخلي   البعد الأول 0.797** دالة عند 0.01
البعد الثاني 0.756** دالة عند 0.01
البعد الثالث 0.763** دالة عند 0.01
ثبات المقياس عن طريق معادلة ألفا كرونباخ الدرجة الكلية 0.759** دالة عند 0.01
    مقاس جودة التعليم الجامعي   صدق المحكمين درجة الاتفاق حسب معادلة كوبر تزيد عن نسبة 95 % عالية
صدق الاتساق الداخلي   البعد الأول 0.767** دالة عند 0.01
البعد الثاني 0.726** دالة عند 0.01
البعد الثالث 0.696** دالة عند 0.01
البعد الرابع 0.741** دالة عند 0.01
ثبات المقياس عن طريق معادلة ألفا كرونباخ الدرجة الكلية 0.719** دالة عند 0.01

     ومن خلال قراءتنا للجدول1 يتضح أن كلا المقياسين يتمتعان بثبات وصدق عاليين، مما يسمح بتطبيقهما على عينة الدراسة الأساسية.

  1. عينة الدراسة الأساسية:

    لتحقيق أهداف الدراسة الأساسية تم اختيار 150 أستاذا جامعيا بجامعة لونيسي علي البليدة 2، تم اختيارهم بطريقة عشوائية بسيطة، والجدول الموالي يوضح توزيع أفراد العينة حسب الكليات:

الجدول 2: يوضح توزيع أفراد العينة حسب المؤسسات التعليمية

العدد جامعة لونيسي علي عدد أفرادها
01 كلية العلوم الإنسانية والاجتماعي  ة 65
02 كلية الحقوق والعلوم السياسية 45
03 كلية العلوم الاقتصادية والتسيير 30
04 كلية الآداب واللغات الأجنبية 10
المجموع 150

     بعد اختيار عينة الدراسة الأساسية تم تطبيق أدوات البحث والمتمثلة في: مقياس الأداء الوظيفي ومقياس جودة التعليم العالي، وذلك بإتباع الإجراءات الآتية:

– تهيئة الأساتذة للإجابة على المقياسين.

– التأكيد على أن نتائج الدراسة لن تستغل إلاّ لغرض البحث العلمي.

– شرح كيفية الإجابة وذلك بتقديم مثال.

– الإطلاع على ورقة كل أستاذ(ة­) بعد تسليمها، وذلك للتأكد من أنه(ها) أجاب(ت) عن كل فقرة.

– تقديم الشكر للأساتذة على مساعدتهم لنا في إنجاز هذا البحث.

  1. الأساليب الاحصائية المستخدمة في الدراسة:

     من أجل معالجة البيانات تمت الاستعانة ببرنامج الحزمة الإحصائية للعلوم الاجتماعي  ة(SPSS)، وذلك باستخدام الأساليب الإحصائية الآتية: معامل الارتباط، معامل ألفا كرونباخ، التكرارات، النسب المئوية، المتوسطات الحسابية والانحراف المعياري واختبار “ت” لعينة واحدة ولعينتين مستقلتين.

  1. عرض ومناقشة نتائج فرضيات الدراسة:

1.5 عرض نتائج الفرضية الجزئية الأولى ومناقشتها: تنص الفرضية الجزئية الأولى على أنه: توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين أساتذة التعليم الجامعي في مستوى أدائهم الوظيفي. وللتحقق من هذه الفرضية قمنا بحساب المتوسط الحسابي والانحراف المعياري والتكرارات والنسب المئوية لأفراد عينة الدراسة، والجدول الآتي يوضح ذلك:

الجدول 3: يبين التوزيع التكراري للأداء الوظيفي حسب المستويات

المتغير الفئات التكرارات النسبة المئوية المتوسط الحسابي الانحراف المعياري
الأداء الوظيفي مستوى منخفض (]28- 42 ) 0 0 % 70.92 4.79
مستوى متوسط (42- 70) 66 55%
مستوى مرتفع (70- 84) 54 45  %

يتضح من خلال الجدول السابق أن أعلى نسبة للأداء الوظيفي تقع في المستوى المتوسط بنسبة 55%  من مجموع أفراد العينة، تليها نسبة 45%  من الأفراد في المستوى المرتفع. وتدل النتائج السابقة على أن أفراد العينة يتميزون بمستوى متوسط من الأداء الوظيفي، كما بلغت قيمة المتوسط الحسابي 70.92 وبلغت قيمة الانحراف المعياري 4.79 وهو يمثل معدل الانحرافات حول المتوسط. كما أننا لم نكتفي بالإحصاء الوصفي بل اعتمدنا على اختبار  “ت”  لمعرفة الفرق بين المتوسطين الحسابيين الملاحظ والمتوقع لأفراد العينة، والجدول الموالي يلخص النتائج:

الجدول 4: يبين قيمة المتوسط الحسابي الملاحظ والمتوسط الحسابي المتوقع لمستويات الأداء الوظيفي

قيمة ت المتوسط الحسابي المتوقع المتوسط الحسابي الملاحظ درجة الحرية مستوى الدلالة
الأداء الوظيفي 34.07 56 70.92 119 0.01

     من خلال القيم المتحصل عليها يتضح بالنسبة لمتغير الأداء الوظيفي أن قيمة المتوسط الحسابي الملاحظ هي أكبر من قيمة المتوسط الحسابي المتوقع فالقيمة 56 هي القيمة الفاصلة بين مستوى الأداء الوظيفي المرتفع ومستوى الأداء الوظيفي المنخفض. كما بلغت قيمة اختبار ت لعينة واحدة 34.07 وقد كانت دالة عند 0.01 أي أننا متأكدون بنسبة 99 % من وجود فروق جوهرية بين المتوسطين لصالح متوسط العينة، وبالتالي فإن أفراد العينة لديهم مستوى متوسط من الأداء الوظيفي.

     ويمكن تفسير هذه النتيجة إلى أهم الوظائف التي يقوم بها الأستاذ الجامعي، والمتمثلة في عملية التدريس القائمة على التخطيط الملائم للمقرر الدراسي وتوصيل الأفكار والحقائق للطلاب بوضوح، وكذلك اكتسابه للمعرفة المتعمقة بالمادة التي يدّرسها، وكذلك لدينا البحث العلمي لأن الجامعة تعتبر مركز من مراكز البحث العلمي لأنها المؤسسة التي تحتوي بين جدرانها الباحثين والعلماء وهذا ما يؤكد أهمية دور الأستاذ الجامعي في مجال البحث العلمي الذي يعتبر أحد المعايير الأساسية للتقدم والرقي، ونظرا لأهمية هذا الدور فلابد أن يتمتع الأستاذ الجامعي بمواصفات الباحث المتميز فيتعامل مع القضايا والظواهر بكل موضوعية.

     بالإضافة إلى هذه الوظائف هناك أيضا مهارات تساهم في تحسين هذا الأداء أهمها: استخدام طرق تدريس تدعم التعلم المتمركز حول الطلاب، صياغة أهداف تعليمية واضحة، استخدام طرق تقييم تهدف إلى التحسن المستمر واستخدام معايير ملائمة في تقييم الطلاب، الإسهام في تطوير المناهج، وهذا ما بينته دراسة منظمة UNSW لخدمات تطوير الأعضاء (2005)، وكذلك تنميته للثقة بينه وبين طلابه وتشجيعهم وتحفيزهم وهذا ما يساهم في تقييم أدائه حسب  ما أكدته دراسة بوديل (2015)، واتفقت نتائج دراستنا مع نتائج دراسة مزياني لوناس(2012)، ودراسة حاتم جاسم عزيز( 2012).

2.5. عرض نتائج الفرضية الجزئية الثانية ومناقشتها: تنص الفرضية الجزئية الثانية على أنه: توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين أساتذة التعليم الجامعي في مستوى جودة تعليمهم. وللتحقق من هذه الفرضية قمنا بحساب المتوسط الحسابي والانحراف المعياري والتكرارات والنسب المئوية لأفراد عينة الدراسة، والجدول الموالي يلخص ذلك:

الجدول 5: يبين التوزيع التكراري لجودة التعليم حسب المستويات

المتغير الفئات التكرارات النسبة المئوية المتوسط الحسابي الانحراف المعياري
جودة التعليم مستوى منخفض ]23-35] 0 0 % 44.79 4.93
مستوى متوسط ] 35-57 ] 120 99.17 %
مستوى مرتفع ]57-69 ] 0 0.83 %

يتضح من خلال الجدول السابق أن أعلى نسبة لجودة التعليم تقع في المستوى المتوسط بنسبة 99.17%  من مجموع أفراد العينة، تليها نسبة 0.83%  من الأفراد في المستوى المرتفع. وتدل النتائج السابقة على أن أفراد العينة يتميزون بمستوى متوسط من جودة التعليم، كما بلغت قيمة المتوسط الحسابي 44.79، وبلغت قيمة الانحراف المعياري 4.93 وهو يمثل معدل الانحرافات حول المتوسط. كما أننا لم نكتفي بالإحصاء الوصفي بل اعتمدنا على اختبار  “ت”  لمعرفة الفرق بين المتوسطين الحسابيين الملاحظ والمتوقع لأفراد العينة، والجدول الموالي يلخص النتائج:

الجدول 6: يبين قيمة المتوسط الحسابي الملاحظ والمتوسط الحسابي المتوقع لمستويات جودة التعليم

قيمة ت المتوسط الحسابي المتوقع المتوسط الحسابي الملاحظ درجة الحرية مستوى الدلالة
جودة التعليم -2.69 46 44.79 120 0.01

     من خلال القيم المتحصل عليها يتضح بالنسبة لمتغير جودة التعليم أن قيمة المتوسط الحسابي الملاحظ هي أكبر من قيمة المتوسط الحسابي المتوقع. كما بلغت قيمة اختبار ت لعينة واحدة -2.69 وقد كانت دالة عند 0.01 أي أننا متأكدون بنسبة 99 % من وجود فروق جوهرية بين المتوسطين لصالح متوسط العينة، وبالتالي فإن أفراد العينة لديهم مستوى متوسط من جودة التعليم.

      ويمكن تفسير هذه النتيجة إلى أن للجودة عدة معايير تساهم في تحقيقها، والتي تهدف إلى تخريج طلابها بجودة عالية وفعالية متميزة في المجتمع وسوق العمل، وقدرتهم على التكيف وحل العقبات التي قد تعترض مسار حياتهم العلمية والعملية، ومن أهم هذه المعايير الطلاب الذين هم مدخلات هذه العملية التربوية، وعليه فإنه يوجد عدة عناصر لتحسين جودة العملية التعليمية من خلال انتقاء الطلبة قبل قبولهم في الجامعات، بالإضافة إلى الطلاب هناك هيئة التدريس التي تساهم في تحسين الجودة من خلال التأهيل العلمي لأعضائها الذي يساهم بشكل فعال في نقل المعرفة والمعلومة للطلبة بأفضل أسلوب، ولدينا أيضا المناهج التدريسية وذلك من خلال إعداد المنهج العلمي الذي يجمع بين أصالة الماضي وحضارة اليوم، وكيفية تنمية قدرات الطالب على تحديد المشكلات وحلها، وهذا ما أكدته دراسة أحمد الخطيب (2010) التي نصت على وضع معايير من أجل الاعتماد وضبط الجودة في الجامعات العربية.

     إضافة إلى هذه المعايير هناك معايير أخرى تحقق الجودة في التعليم وهي: جودة البنية التحتية لمكان العملية التعليمية، التحسن المستمر في كافة مجلات العملية التربوية، نتائج التحصل العلمي ومطابقة مخرجات العملية التربوية للأهداف المرجوة، جودة الإنفاق والتمويل والموارد المالية للتعليم، جودة الإدارة الجامعية، وهذا ما بينته دراسة شيراز محمد الطرابلسية (2011) والتي هدفت إلى التعرف على مدى توفر وتطبيق مجالات التقويم الذاتي ومعايير الجودة في مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي السورية.

3.5 عرض ومناقشة نتائج الفرضية الأساسية:

لاختبار صحة الفرضية الأساسية والتي تنص على أنه: الأداء الوظيفي للأستاذ الجامعي له دور في تحقيق جودة التعليم الجامعي من وجهة نظر الأساتذة لجامعة البليدة 2، لذلك تم التحقق من افتراضات معامل الارتباط بيرسون Pearson correlation لدراسة خطية العلاقة.

شكل رقم(1): لوحة الانتشار

من خلال الشكل السابق يظهر أن بيانات متغير الأداء الوظيفي وبيانات متغير جودة التعليم الجامعي لا تشكل سحابة وأن العلاقة غير مستمرة بين المتغيرين، أي أن العلاقة غير خطية.

     بما أن افتراض العلاقة الخطية بين بيانات متغير الأداء الوظيفي وبيانات متغير جودة التعليم الجامعي في الدراسة الحالية فإننا سنستخدم معامل إيتا (êta) من أجل قياس حجم العلاقة الارتباطية بين بيانات متغير الأداء الوظيفي وبيانات متغير جودة التعليم الجامعي، وجاءت النتائج كما يلي:

الجدول 7: يبين معامل الارتباط ايتا بين بيانات متغير الأداء الوظيفي وجودة التعليم

معامل ايتا مربع ايتا
جودة التعليم الجامعي 0.48 0.23
الأداء الوظيفي

     من خلال الجدول السابق يتضح أن معامل الارتباط ايتا بين درجات الأداء الوظيفي وبيانات متغير جودة التعليم الجامعي قد بلغت قيمته 0.48، وهي قيمة ضعيفة. كما أن قيمة مربع معامل ايتا التي تعد بمثابة مؤشر لحجم التأثير قدرت بـ: 0.23 وهو ما يدل على أن 23 % من التباين المشترك بين درجات الأداء الوظيفي وبيانات متغير جودة التعليم الجامعي، وهي نسبة ضعيفة حسب المعايير التي حددها كوهن (1988) Cohen للحكم على قيمة حجم التأثير بالنسبة لمربع معامل ايتا حيث نجد أن القيمة التي تتراوح بين 0.20- 0.50 هي قيمة ضعيفة.

    فالأداء الوظيفي للأستاذ الجامعي له دور في تحقيق جودة التعليم الجامعي لكن بنسبة ضعيفة لأن الأداء الوظيفي ليس العامل الوحيد الذي يؤدي إلى تحقيق الجودة بل هناك عوامل أخرى تساهم في تحقيقها، ومن بينها: كفاءة أعضاء هيئة التدريس والمتمثلة في الكفاءات المعرفية، والكفاءات الشخصية والكفاءات السلوكية، وهذا ما أكدته دراسة نمور (2012) التي هدفت إلى معرفة مدى تأثير كفاءة أعضاء هيئة التدريس على جودة التعليم الجامعي.

     إضافة إلى عامل الكفاءة هناك عوامل أخرى تلعب دور في تحقيق جودة التعليم الجامعي تتمثل في: البنية التحتية التكنولوجية، ونعني بها مدى استخدام التقنيات المتطورة والأجهزة والبرمجيات لتوفير ومعالجة المعلومات، وأيضا هناك مؤشرات التخطيط الاستراتيجي في الجامعة التي تسعى من خلالها الجامعة إلى خلق بيئة تعليمية تدعم التحسين المستمر، وأيضا لدينا عامل آخر وهو جودة البرامج والمناهج التعليمية التي يجب أن تتسم بالحداثة وفقا للتطورات العلمية الجديدة، وأخيرا لدينا جودة الإدارة الجامعية التي تهتم بتحقيق جودة التعليم من خلال حرص إدارة الجامعة على تدريب الإداريين بشكل مستمر لرفع كفايتهم المهنية وإتباع نظام اتصال جيد بينها وبين أعضاء هيئة التدريس وتهيئة الجو الملائم لهم للقيام بالبحث العلمي، وهذا ما بينته دراسة حرنان(2014) الهادفة إلى معرفة مدى مساهمة إدارة المعرفة في تحسين جودة التعليم الجامعي.

 خاتمة:

     إن الأداء الوظيفي للأستاذ الجامعي يعتبر من أهم المؤشرات التي تقيس جودة التعليم العالي في الجامعات، ويتفق الكثير من المختصين أن زيادة وتحسين فاعليته وحنكة المدرس الجامعي عامل حاسم في نجاح الجهود التي تبذل من أجل رفع مستوى العملية التدريسية في الجامعة، ومن أجل إصلاح النظم التعليمية. ويبدو واضحا الآن أن الأستاذ اليوم أصبح مطالب بتطوير أدائه بالتكوين المستمر على المهارات الأدائية والقدرة على متابعة التكوين المستمر والتكوين الذاتي، إضافة إلى القدرة على التدبير البيداغوجي لجماعة الصف للحفاظ على جودته في أداء العمليات التكوينية والتعليمية.

     وعليه فإن الأداء الوظيفي للأستاذ الجامعي مرتبط بجودة التعليم الجامعي، وجامعة اليوم منوط إليها مهمة تطوير وتعزيز قدرات هذا الفاعل بالشكل الذي يرفع من مستوى جودة ونوعية مؤسسات التعليم العالي، ومن ثمة المساهمة في تقدم ورقي ورفاهية المجتمع ككل.

وفي ضوء النتائج المتوصل إليها نقترح ما يلي:

– حسن استثمار المعلومات والمعرفة التي يمتلكها أعضاء هيئة التدريس، وجعلها ذات قيمة من خلال مشاركتهم والأخذ بآرائهم.

– الاهتمام بنوعية أعضاء هيئة التدريس والعمل على رفع قدراتهم ومهاراتهم التعليمية والمعرفية.

– العمل على وضع تصميم نظام لتقويم أداء عضو هيئة التدريس يشتمل على تقويم جودة البرامج والمناهج التعليمية وجودة التدريس والبحث العلمي مع إشراك الطلبة في تقويم الأداء.

– وضع خطة استراتيجية واضحة للبحث العلمي وزيادة الإنفاق عليه.

– توظيف التكنولوجيات الحديثة في مختلف الأقسام ووحدات الجامعة.

– دراسة احتياجات سوق العمل من المتخرجين في الاختصاصات المختلفة.

– تفعيل مؤشرات التخطيط الاستراتيجي في مجال الرؤية ورسالة الجامعة فيما يخص تقديم خدمات للطلبة والمجتمع المحلي، كما أن تسعى الجامعة لتأهيل خريجيها لسوق العمل من خلال برامج أكاديمية متطورة تعمل على مسح سوق العمل ومواكبة آخر تطوراته وهذا بتطبيق البرامج التعليمية.

 قائمة المراجع:

  1. ابن منظور، لسان العرب، الجزء الأول، دار إحياء التراث العربي، مؤسسة التاريخ العربي، بيروت، 1999.
  2. بواب رضوان، الأداء الوظيفي والاجتماعي للأستاذ الجامعي في نظام LMD، مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعي  ة، العدد21، جامعة جيجل، 2015.
  3. بوديل لامية، جودة أداء الأستاذ الجامعي من وجهة نظر الطلبة” دراسة ميدانية بقسم علم النفس وعلوم التربية، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعي ة، رسالة ماجيستير في علم النفس وعلوم التربية، جامعة قاصدي مرباح، ورقلة، 2015.
  4. التل سعيد، قواعد التدريس في الجامعة، ط1، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، عمان، 1997.
  5. حرنان نجوى، مساهمة إدارة المعرفة في تحسين جودة التعليم العالي، دراسة على عينة من الجامعات الجزائرية، رسالة دكتوراه في علوم التسيير ، جامعة محمد خيضر بسكرة، 2014.
  6. شبل بدران تجديد التعليم الجامعي والعالي، ط1، دار عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعي ة، 2008.
  7. صالح عبد العزيز، التربية وطرق التدريس، ج1، دار المعارض، مصر.
  8. عبد الواحد حميد الكبيسي وآخرون، المتطلبات التربوية للتدريس الجامعي، إصدارات مركز طرائق التدريس، جامعة الأنبار، العراق، 2009.
  9. الفاراجي هادي أبو سل، الأنشطة والمهارات التعليمية، د.ط، دار كنوز للمعرفة، عمان، 2006.
  10. كمال عبد الحميد زيتون، التدريس نماذجه ومهاراته، ط1، دار إدارة المكتبات قسم التزويد العربي، القاهرة، 2003.
  11. اللقاني أحمد حسين، معجم المصطلحات التربوية، ط3، دار المعرفة عالم الكتب، القاهرة، 2003.
  12. مأمون الدرادكة، الجودة في المنظمات الحديثة، ط1، دار الصفاء للنشر والتوزيع، عمان، 2002.
  13. نمور نوال، كفاءة أعضاء هيئة التدريس وأثرها على جودة التعليم العالي، رسالة ماجستير في العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير، جامعة منتوري قسنطينة، 2012.

[1]  عبد الواحد حميد الكبيسي، وآخرون، المتطلبات التربوية للتدريس الجامعي ، إصدارات مركز طرائق التدريس، جامعة الأنبار، العراق، 2009، ص ص 11، 12.

[2]  كمال عبد الحميد زيتون، التدريس نماذجه ومهاراته، ط1، دار إدارة المكتبات قسم التزويد العربي، القاهرة، 2003، ص 56.

[3]  اللقاني أحمد حسين، معجم المصطلحات التربوية، ط3، دار المعرفة عالم الكتب، القاهرة، 2003، ص 21 .

[4] بواب رضوان، الأداء الوظيفي والاجتماعي للأستاذ الجامعي في نظام LMD، مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية، العدد21، جامعة جيجل، 2015، ص 72.

[5] صالح عبد العزيز، التربية وطرق التدريس،جزء1، دار المعارض، مصر، د س، ص 76.

[6]  ابن منظور، لسان العرب، الجزء الأول، دار إحياء التراث العربي، مؤسسة التاريخ العربي، بيروت، 1999، ص 355.

[7]  شبل بدران، تجديد التعليم الجامعي والعالي، ط1، دار عين للدراسات والبحوث الإنسانية و الاجتماعية، 2008، ص 71.

[8]  التل سعيد، قواعد التدريس في الجامعة، ط1، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، عمان، 1997، ص 29.

[9]  الفاراجي هادي، أبو سل، الأنشطة والمهارات التعليمية، د.ط، دار كنوز للمعرفة، عمان، 2006، ص 10.

[10]  مأمون الدرادكة، الجودة في المنظمات الحديثة، ط1، دار الصفاء للنشر والتوزيع، عمان، 2002، ص 16 .

[11] نمور نوال، كفاءة أعضاء هيئة التدريس وأثرها على جودة التعليم العالي، رسالة ماجستير في العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير، جامعة منتوري قسنطينة، 2012.

[12]  حرنان نجوى، مساهمة إدارة المعرفة في تحسين جودة التعليم العالي، دراسة على عينة من الجامعات الجزائرية، رسالة دكتوراه في علوم التسيير ، جامعة محمد خيضر بسكرة، 2014.

[13]  بوديل لامية، جودة أداء الأستاذ الجامعي من وجهة نظر الطلبة” دراسة ميدانية بقسم علم النفس وعلوم التربية، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، رسالة ماجيستير في علم النفس وعلوم التربية، جامعة قاصدي مرباح، ورقلة، 2015.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى